أترى اللّوى نشرتْ عليَّ لواءها
سُحُب تشقُّ بها البروقُ مُلاءها
وتجود ساحتَهُ بكلِّ مقلّدٍ
أَزهارها وممطِّل جرباءها
فتنوبُ عن عيني وتُغْني عَيْنُها
في سَقْي أطلال الحبيبِ عَماءها
منْ كلِّ بكرٍ حرَّةٍ ما فارَقت
إطراقَها وبكاءها وحياءها
يبدو احمرارُ البرق في صفحاتها
خَجَلًا إذا رفعَ النسيمُ رداءها
تبدو الرُّبى خُضْرًا وكانت قَبلها
عُفرًا إذا سَفَحَتْ بها أنواءها
وإذا تمرُّ بروضةٍ معتلَّة
ضَمِن انْبِراءُ بروقها إبراءها
ومتى تَزُرْ عَفراءَ أرضٍ تَبْكِها
كبكاءِ عُرْوة عُذْرَةٍ عَفْرَاءها
تَسْقي مغانيَ لم تفارقْ وحشةً
أطلالَها مذ فارقتْ أطلاءها
وبمهجتي من ذلك السّرب الذي
حلَّ الجوانحَ وارْتمى أَفناءها
ثُعَليَّةُ الألحاظِ لما إن رَنتْ
أَصْمَتْ فؤادًا لم يُطِقْ إصماءها
أذكى الحياءُ بوجنتيها نارَهُ
حيث الشبيبةُ قد أسالتْ ماءها
خجِلتْ وأدْنَت كفّها من خدّها
فحسبتُها مخضوبةً حناءها
وتكلَّلتْ وَتنطَّقَتْ وتَقرَّطتْ
فحكى تَلألؤُ آلها لألاءها
تتطلَّع الجوزاءُ في إكليلها
ونِظامِها والشّعْريانِ إزاءها
أتْبَعْتُها إذ وَدَّعتْ بتحيَّةٍ
مثلَ التحيَّة تقتفي جوزاءها
حكتِ الغزالةَ والغزالَ بلحظِها
وَبجِيدها وبإلفِها بيداءها
شيْمُ البوارقِ شيمةٌ من أهلها
فإذا رأوها يَمَّمُوا أنحاءها
عُرْبٌ بدينِ الشُّهْب دانوا في الهُدى
وعَلَوْا بأُفقِ المَعْلواتِ علاءها
من كلِّ معتاض البدا من دارِهِ
دارا إذا ما الدَّارُ ملَّ ثَواءها
يرتادُ أبكارَ الرِّياضِ بقومه
وبقولِهِ مُتَخَيِّرًا أكلاءها
كم بيتِ شَعرٍ قد ثَناهُ مقوضًا
وبيوتِ شعرٍ قد أقامَ بناءها
يَرْضَوْنَ إقْواءَ البيوتِ وإنْ هُمُ
نظموا البُيُوتَ تجَنَّبوا إقْوَاءها
بانُوا بكلِّ قضيب بانٍ ناضِرٍ
سَقتِ النواظرُ زهرَهُ أَنواءها
قُضْبٌ منعّمة ممتّعة الجنى
قد ظللتها قُضْبُهُمْ أَفياءها
تجني نواظرُها على من يجتني
أَنوارَها أو يَجْتلي أضواءها
كانت ظلالُ وصالها تندى فقد
أَحْمَتْ هواجرُ هجْرِها رمضاءها
قد كانت الأيَّام تسمحُ بالمنى
وتُنيل قبلَ سُؤالِها أنواءها
حتَّى اقتضتْ شِيَمُ التنقُّلِ أن ترى
مسترجعاتٍ رِفْدَها وحِباءها
وتَعاقُبُ الأضدادِ يقضي أنَّها
سَتُديلُ من ضَرَّائها سَرَّاءها
والدَّهر نقلته وإن هي كدَّرت
شُرْبَ النفوسِ فقد تُتيحُ صفاءها
فيسوءها طورًا بما قد سرَّها
ويسرّها طورًا بما قد ساءها
فترجَّ من عَطْفِ اللَّيالي كرّةً
فلكم جَلتْ بسرورها غَمَّاءها
كيف السَّبيلُ إلى وِصال بخيلةٍ
منعتْ لقاءَ خيالها ولقاءها
ضَنَّتْ فأعيت في الضنانة بالذي
سُئلتْ وأعْيا طيفُها إعْياءها
لَوْ قدْرَ ما بَخلَتْ تَجُود حكتْ ندى
كفّ الأمير محمدٍ وسخاءها
مَلِكٌ كسا الإِسلامَ ثَوْبَ نضارةٍ
بظبا أطاحَتْ كفُّه أعداءها
ومضت عزائِمُهُ إلى أعدائِهِ
صُدُقًا فأمضى المرهفاتِ مضاءها
كم ذلَّلتْ عُربًا وعُجمًا خَيْلُهُ
إذ ظلَّلتْ بِعجاجِها صحراءها
تذرُ الجماجمَ إن عَصَتْ مثل اسمها
وتُديرُ في أرجائهم أرحاءها
جابتْ إلى الأعداءِ كلَّ تَنوفةٍ
وطوَتْ إلى أعدائها عُدَواءها
لو يمَّمَتْ حُجرًا عدا عن أن ترى
تلك الكتائبَ نَقْعُها زرقاءها
ليحت فلاحت كالأهِلَّةِ رِقَّةً
سلب التقهقرُ والمُحاق ضِياءها
أو كالقسيّ العُوج أحْكم عَطْفَها
صَنَعٌ تَخَيَّرَ نَبْعَها وسَرَاءها
تَرْدي بكلِّ مُشَمِّرٍ يُردي العِدا
طعنًا ويفري سَيْفُهُ أعضاءها
سفحوا دماءَ عُداتهم بصفائحٍ
وليَ الجِلادُ صِقالَها وجلاءها
لم تُمْضِها يَدُ صَيْقَلٍ مُنذُ اغْتَدى
وَصْلُ الضِرابِ مواصلًا إمضاءها
صُقِلتْ بِضَرْبٍ قد أبى أن تكتسي
أَغمادَها أو تكتسي أصداءها
طالتْ هوادي خيلهم فكأنَّها
نخلٌ غدا أسلُ القنا سُلاءها
مَلَؤوا صدورَ عُدَاتِهم خوفًا بها
إذ خالطوا بصدورها أحشاءها
كانت بألسنة الصوارم عُجْمَةٌ
فاسْتَنْطَقَتْ أيديهُمُ عَجْماءها
خَطُّوا حروفًا في وجوه عداتِهمْ
وَليَتْ حروفُ المرهفات سَحَاءها
جعلوا القنا أقلامَهم وطروسَهُم
مُهَجَ العدا ومدادهنَّ دماءها
لم تقرأ الكتاب أحرفها التي
قد أصبحت كُتَّابُها قرَّاءها
وأظنّ أنَّ الأقدمين لذا رَأوْا
أن يَجْعلوا خطيةً أسماءها
جيشٌ تُعَضِّلُ منه كلُّ مفازةٍ
ويُغِصُّ بالجُرْد العِتاقِ فضاءها
سالت رعان الذعرِ منها عندما
هالتْ سنابكُ خيلها صَفواءها
وقضتْ بفرقة فِرْقَةٍ عَصَتِ النُّهى
في أمرها إذ طاوعت أهواءها
خمدوا بوقدة جمرة الحرب التي
هاجتْ شرارةُ شَرِّهمْ هيجاءها
ما واجهوا بشبا الوشيجِ وجوهها
حتَّى اقتفوا بسيوفهم أقفاءها
صبَّحتهم بسوابحٍ كسوائح
أضحى مُراقُ دم العدا دأماءها
أطفأت بالهنديّ شعلة فِتنةٍ
أضحى حُسامكَ حاسمًا أَدْوَاءها
لم تُصْدرِ الأرماح إلاّ بعد ما
أرْيتَ من قُلُبِ القلوب ظماءها
وكتائب أصليتَ نيران الظبا
وشبا القنا إذ أدْبرَتْ أصلاءها
وتجلَّلت بالنبل أدرعُ خيلها
مثل السيولِ الحاملاتِ غشاءها
من كلِّ سابغة الذيول حصينة
جَدلاء أحكمَ قينُها إنشاءها
بلغَ النهاية في التكاثف سردُها
فأَتتْ كما وشَّى الرِّياحُ نِهاءها
يهدي هواديها إلى أرض العدا
مَلكٌ لِصَيْدِهمُ أعدَّ عداءها
خيل غنين بصيد آساد الشرى
عن أن تصيد بها المها وظِباءها
يصل الجهادَ بها ويُبْصِرُ راحةً
للنفسِ فيها جُهدَها وعناءها
كم ردَّ أرض عِداه بحرًا من دَمٍ
وأَصارَ أرضًا بالعجاج سماءها
أذكى لِعَيْنِ الخلقِ عينَ كلاءةٍ
ساوى سهادًا صُبْحُها إمساءها
عين قد اكتَحَلَتْ بنور الحقِّ لم
تؤثر على يَقَظاتِها إغفاءها
تُغضِي عن الجاني فيحسب أنَّها
ليست بيقظى من يَرَى إغضاءها
فإذا رأته أساءَ سهوًا وارعوى
أبقتْ عليه فأحسَنَتْ إبقاءها
ليست تسيء إلى المسيء وطالما
قد أحسنتْ للمحسنينَ جزاءها
فعلى كلا الحالين شيمة فَضْلِهِ
تُسْدي وتَمْنَحَ دائمًا نعماءها
أنسى حِجاهُ وعلمُهُ وعطاؤه
حلمَ الملوك وعلمَها وعطاءها
نجلُ الهمام المرتضى يحيى الذي
لبَّى العلا إذْ أَسمعته نداءها
سِبطُ الهُمام أبي محمدٍ الذي
أفنى العداة معاوِدًا إفناءها
نجل الرضى الهادي أبي حفص الذي
نَصَرَ الهِداية قاهِرًا أعداءها
زَخَرَت براحَتِه بِحارُ سماحةٍ
ما أحْوَجت لِوَسيلةٍ مَنْ جاءها
فإذا رأتْ هِيمُ الأماني نوءها
غَنِيتْ به عن أن تمُدَّ رِشاءها
كفٌّ تكفُّ أذى العدوّ وكفُّهُ
قبضًا وتبسطُ للعُفاةِ رجاءها
بِكمُ أتمَّ الله أَنوارَ الهدى
إذ حاولتْ أيدي العدا إطفاءها
إنَّ الإِمامة غيرُ عادمةٍ بكم
إعلانَ دعوتها ولا إعلاءها
سيكونُ في أخرى الليالي خَتْمُها
بكمُ كما قد كنْتُمُ إبداءها
فلأنتَ أكرمُ مجتبًى من صَفْوةٍ
شادتْ على أسر العدا علياءها
أوصت لها آباؤها بمكارمٍ
وفضائلٍ أوصت بها أَبناءها
هم إخوةُ الهادي لأمَّته التي
بالغَرْبِ قد سمَّاهمُ غرباءها
قاموا بأمر هداية قد طابقت
قولَ النّبيّ ووصفَهُ أنباءها
نهضوا بدعوتها التي حملوا على
أيدي الغَناء وأيَّدوا أعباءها
فأَنرْتَ ما أَسْدَوهُ من أثوابها
وأنرتَ من أضوائِها ظلماءها
فإذا رأت مَن أمّهم خَلفًا ولا
أعني سواك تذكّرتْ خُلَفَاءها
أعلى الإِله بكم معالم دينِهِ
وأزانَ بهْجَتَها بكم وبهاءها
وأراك في الدُّنيا مُرادَكَ كلَّهُ
حتَّى يُطَبّقَ أمرُكم أرجاءها
وأدام دعوتَكَ السعيدة ناصرًا
راياتِها ومسدِّدًا آراءها
واللهُ يُبقي باتصالِ بقائكمْ
ودوامِ نصركَ نصْرَها وبقاءها
0 تعليقات