هتفتْ في الرُّبى طيورُ الأماني
باكياتٍ على النعيم الفاني
حائراتِ العيون رفَّافةَ الأجْـ
نـُحِ مطرودةً عن الأكْنان
كلما أوشكتْ تُقارب غصنًا
ذادَها حاصبٌ عن الأفنان
أو أسفَّتْ تريد نقْعَ ظَماها
حلأتها الأيدي عن الغُدران
فهي العمرَ حائماتٌ ترى الأثْـ
ـمارَ والماء نائياتٍ دواني
ولَوَ انَّ الرياض خُلْدٌ لَقَرَّتْ
نفسُها بالهبوط والسلوان
غيرَ أن الغصون ناضجة الأثْـ
ـمارِ والنهر طافحُ الفيضان
هكذا نحن في الحياة نريد الصْـ
ـصَفوَ فيها والصفوُ نائي المجاني
ونريد النعيمَ فيها ومن دو
نِ مُنا نا سَدٌّ من الحرمان
ونبثُّ البذور في الأرض والدَّهْـ
ـرُ ضنينٌ بالعارض الهتّان
ومنَ الزرع باسقٌ جفَّتِ الأَثْ
مارُ فيه وما جَنَتْها يدان
ومن الماء دافقٌ جفَّ فَوْق الـ
أرضِ ما مسَّ قَطْرَهُ شفتان
لو نظرنا إلى الحياة بعين الـ
ـحقِّ راحت بالصدِّ والهجران
غيرَ أنّا نعيش فيها بآما
لٍ تُسرِّي لواعجَ الأشجان
وإذا أخطأتْ ظنونٌ فيا رُبْـ
ـبَ ظنونٍ تريح قلبَ العاني
فلنعشْ بالمنى فكم صدَعَ البَدْ
رُ حجابَ السَّحابة المِدْخان
ولنعشْ بالمنى فكم جَرَتِ الأَقْ
دارُ بالعزِّ بعد طول الهوان
فارفعي الصوت بالغناء قليلًا
بَدَلَ النوحِ يا طيور الأماني
بَسَمَ العصرُ بالأماني رُواءً
فنعِمْنا في ظلِّها الفيْنان
وغرسنا في كل قلبٍ رجاءً
فقطفنا باكورةَ النشوان
وسرينا والليلُ سُهدٌ وجهْدٌ
فاجتلينا وجهَ الصباح الداني
ودعانا داعي الفدا فاستجبنا
واتَّحدْنا في نصرة الأوطان
وانطلقنا في شرعة الحق نَشْدو
ونغنّي أمجادَ هذا الزمان
كرَّم الله عهدَ من كرَّمَ الفنْـ
ـنَ، وأعلى مكانةَ الفنّان
وجزاه عن طِيب ما قدَّمتْ كَفْـ
ـفاه من مِنَّةٍ ومن عرفان
جمع الشملَ حوله ومضى يَنْـ
ـشُرُ من عدله ظلالَ الأمان
ثمّ مُدَّت يمينُه فكسا الفنْـ
ـنَ جلالًا وخصَّ روضَ البيان
وانتقى من بلابل الشعر سِرْبًا
يَتَناغَى في أيْكةِ المهرجان
يا بني العمِّ يا أولي الأدب الجَمْـ
ـمِ سبقتمْ بالفضل والإحسان
هزَّني الشوقُ للِّقاء فأرسلْـ
ـتُ خَيالي في مسبح الوجدان
وتصورَّتُ ما اُراهُ من العَطْـ
ـفِ، وألْقاه من ضروب الحنان
ثم ناجيتكم بشعري على البُعْـ
ـد، وأودعتُه صفيَّ جناني
وقضى الله أن أراكم وأروي
ناظِري من بهاء هذي المغاني
فإذا الدار منزلي وإذا الأهـ
ـلُ لِداتي وصفوة الإخوان
وإذا بي أنا المطلُّ على النِّيـ
ـلِ مقيمٌ على رُبَى الزَّبَداني
0 تعليقات