حكمت سعودك أن حزبك غالب لـ حازم القرطاجني

حكمَتْ سعودُك أنَّ حزبَك غالبُ
والنصرُ عنكَ مكافحٌ ومحاربُ

وإذا امرؤٌ أضحى مُطيعًا سامعًا
لكَ لم يَضِرهُ مُكايد ومُناصِب

فيعزُّ جانبُ من أطاعَكُمُ ومَنْ
يَعْصيك لم يَعتزَّ منه جانب

أغناك عن ضربٍ وطعنٍ في العدا
سَعْدٌ يطاعِنُ عنكُم ويُضارِب

في كلِّ يومٍ تنتحيك بشائرٌ
وصنائعٌ مربوبةٌ ومواهب

وأَجلُّها صُنْعٌ حباك بفضله
واختصَّك الله الكريمُ الواهب

فَتْحٌ لك الإِقبال منه وللعدا
مَقْلوبُه حتم عليهم واجب

أعطاكَ إقليد المغارب فافتتح
سَعدٌ يؤازرُهُ حسامٌ قاضِب

فالغربُ باب فتوحِهِ متفتّحٌ
لك لم يُعِقْ عنه سعودَك حاجب

أضحى عماد عميده متعبّدًا
قد فُلَّ غرباء وجُبَّ الغارب

أنحت عليه عصابة والتْكُم
ونحته من صرفِ الزَّمانِ نوائب

لم يُشْهِرِ الصمصامَ يوم كريهةٍ
إلاّ وقابله غرابٌ ناعب

ينعَى الصليبَ وحامليه وكلّ من
والاه حتَّى نفسَهُ وهو نادِب

بالقلعة اقْتُلِعُوا وضاعف وجدَهُمْ
في وجدةٍ ليلٌ طويلٌ ناصِب

هبَّت بكانونٍ له ريحُ الرَّدى
صدرًا وصاب عليه منها حاصِب

لقد كان عاجلُ هُلْكِ كانونٍ له
فأْلًا به قد خاطبته أَخاطب

هيهات تبقى قطعةٌ من حِنْدسٍ
وصباحُ هَدْيكَ مستنيرٌ ثاقِب

أنت الإِمامُ المستبينُ لنا به
نهجُ الهداية والسَّبيلُ اللاحِب

فلئن تقدَّمك الملوك فمثلما
يتقدَّمُ الإِصباحَ فجرٌ كاذب

فَلأنتَ بحرٌ والملوكُ جداولٌ
ولأنتَ شمسٌ والملوك كواكب

تتأرَّج الدنيا بذكرك نفحةً
فكأنَّما ذكراك روضٌ عازب

رمة لك ضاق عمّا لم تضِق
ذعرًا به منها فلًا وسباسِبُ

أذكيتَ فارقها خلال عجاجة
قد ظلّلت منها البلاد سحائب

جيش محيّا النصر فيه أزهرٌ
طلقٌ ووجهُ اليوم منه شاحب

فكأنّما هو عارضٌ متألّق
ببروقه متراكم متراكب

تُردي العداةَ أراقمٌ من سمرِه
تردى بها قُبُّ البطون شوازب

فلهنّ في علق النفوس مسابحٌ
ولها على فلق الرؤوس مساحِب

تزجي إلى الأعداء كلّ غضَنفَرٍ
ما إن له غيرُ الوشيج مخالب

أسد إذا يمضي الوشيجُ تثقّف
منه بأفئدة النفاق ثعالب

غلب العداة بجدّه ويجدّه
ملك عديّ قد نماه وغالب

مضريّةٌ أعراقه عدوِيّةٌ
تُنمى إلى الفاروق منه مناسب

أبقى أبوه أبو محمد الرضا
ذكرًا به تبقى علا ومراقب

وبنى أبو حفص أبوه قبله
مجدًا دعائمُه قنًا وقواضِب

ذو الجود والباس اللذين كلاهما
قد صُدرت كتُبٌ به وكتائب

فصَل الخطابة والخطوب بمنطقٍ
عذبٍ وعضبٍ لم تخنه مضارب

يعيا لمنطقِهِ زهيرٌ وابنه
ويكلّ سحبانٌ له والصاحب

ذو هيبة ممزوجة بطلاقةٍ
فيهابه الراجي ويرجو الهائب

يخشى ويرجى سطوة وندى فما
في الأرض إلا راغب أو راهب

نسمت شمائله صبًا لعفاته
ومرت سحاب نداه فهي سواكب

فشمائلٌ ليست لهنّ شمائل
وضرائِبٌ ليست لهن ضرائب

أخليفة اللّه الذي وضحت لنا
بهداه من نهج السبيل مذاهب

دامت لك البشرى ودامت تعتلى
أبدًا لأمرِك في الصعود مراتب

إرسال تعليق

0 تعليقات