صَبٌّ لِلقياكَ بالأَشواق معمودُ
فَقيدُ صَبرٍ عَن الأَحباب مَفقودُ
ناءٍ عَن الأَهلِ والأَوطان مُغتَرِبٌ
وَواجِدٌ ما لَهُ في الصَبر مَوجودُ
مُتَيّمٌ قَد بَكى بَعدَ الدُموع دَمًا
كَأَنَّما هوَ في عينيه مَقصودُ
النارُ ذاتُ وَقودٍ في جَوانِحِهِ
شَوقًا وَفي خَدِّهِ لِلدمع أخدودُ
يا مُخجلَ الشمسِ بالإِشراق إِنَّ فَتىً
طلعتَ في داره يَومًا لمسعودُ
أَسرتَ قَلبي وَقَد حُجِّبتَ عَن بَصري
تيهًا فَكانَ لَهُ بِالقُرب تَبعيدُ
وبِنتَ عنّي فَطَرفي في مجاهدة
مَع الدموع وَقَلبي منك مَجهودُ
وَقَد تَطابق حالُ الصبّ مِن حزَنٍ
فَدَمعُهُ مُطلَقٌ وَالقَلب مصفودُ
وَالطَيفُ ما زارَ إِذ بابُ الزِيارة من
فرطِ السهاد بِفَتحِ الجفن مَسدودُ
أَبيتُ أَرعى النُجومَ الزُهرَ أحسبه
فيها إِلى أَن حلا لي فيهِ تَسهيدُ
وَكَم أَعدّدُ حُزنًا إِذ أعدُّ لَهُ
أَيّامَ هجر فَدَهري فيهِ تَعديدُ
أَحبابَنا عبِثَت أَيدي السقام بِنا
مِن بعدكم فَبماضي ودّنا عودوا
إِن لَم يجد رَوضُ ذاكَ الوَجه لي بِجَنىً
فَلَيتَ لي أَنَّ ماء الثغر مورودُ
أَو كانَ صَبري عَن قَلبي لِبُعدكُمُ
مخرَّجًا ليت أَنَّ النوم مَردودُ
أَو كانَ دهريَ مَذمومًا لفرقتكم
فَإِنّ قَصدي لإِسماعيلَ مَحمودُ
الأَشرَفِ الملكِ بنِ الأَفضَلِ بِن عَلي
يِ بنِ المؤيِّدِ حامي المُلكِ داودُ
المانِحُ الفَضلَ صَفوًا فَيضُ راحتِهِ
وَالغَيثُ إِن جادَ تَعبانٌ وَمكدودُ
وَالمانِعُ السرحَ حيث الأَرضُ من دم من
عاداهُ في خَدِّها المغَبرّ تَوريدُ
وَالنَقعُ ثار دُخانا وَالظُبا شَرَرٌ
وَما سوى حطبِ الأَجسام مَوقودُ
نام الرَعايا وَقَلبُ البَرق يَخفق من
رعب بِه وبطرف النجم تسهيدُ
وأمّنَتهم مِنَ الآفات طلعة من
أَضحى وطالعه بِالنصر مسعودُ
وَقالَ داعي الندى في الناس حيّ عَلى
خَير الصِلات فَإِنّ الوقت مَشهودُ
وَقَد ناعي العدا في الحال مبتدرًا
يَقول في الفقر يا أَعداءَه بيدوا
سُلَّت رؤوسهم بالرعب مِن أَمَدٍ
وَطرفُ مُرهَفِهِ في الجفن مَغمودُ
وَمظلمُ النَقعِ مِن إِشراق طلعته
منوِّر وَلَهُ في الأُفق تَصعيدُ
إِن قال صِدنا الثنا في السلم من كرمٍ
فَما يقال لنا في الحَرب قل صيدوا
أَو قال سُدنا الوَرى بيضَ الوجوه فَما
أَلوانُ أَوجهِ أَعدانا فَقل سودوا
عَلى التقى وَالنَدى والحلم مقتصرٌ
فأعجب لمقصور شيءٍ وَهوَ مَمدودُ
وَفَصلِ حُكمٍ وَصِدقٍ في الوعودِ فَهَل
عَلِمتم أَنَّ إِسمعيل داودُ
بعُظم عزّته الدنيا تَعِزُّ فَيا
زبيد مِنه هَناكِ العدل وَالجودُ
إِن يَجهل القاصِدُ المَعروفَ مِن ملكٍ
سواه فالعُرفُ مِن نُعماه مَعهودُ
مَخايلُ الجودِ لاحَت يَومَ مولده
في وَجهه قبل ما تقضى المَواليدُ
اِستَسقِ يمناه يا من قَلَّ ناصرُهُ
فأَنتَ مِن جود تِلكَ الكَفِّ منجودُ
وَاِطرُد همومك إِن يُحلِلكَ ناديَه
بِالسعد فَالعَكسُ في ناديه مَطرودُ
قَد أمّن الكون مِن خَوف ونوّره
أَبناؤهُ الغرّ أَو آباؤُهُ الصيدُ
وَقَد تعلّى عَلى بهرامَ منزلة
وَفاقَ ملكًا فَما كسرى وإفريدُ
وَقلَّدَتنا أَياديه حلىً فَشدا
بِالمَدحِ مِنّا لَهُ عِلمٌ وَتَقليدُ
وَفسَّرَت لأمانينا مَكارِمه
وَلاِبن عَبّاسَ في التَفسير تَجويدُ
يا مالِكًا مُلكُهُ العالي بِسؤدده
موطأٌ وَلَهُ بِالعَدل تَمهيدُ
يا من تطوَّل جودًا ها بَضائِعُنا
عرضَ المدائح وَالتَقصير مَوجودُ
إِلى علاك قطعتُ البحر في سفرٍ
يُواصِل القَلب دأبًا فيهِ تَنكيدُ
حُرِمتُ لذّةَ عَيشي إِذ حللت بِهِ
وَبان عَنّي مَحبوب وَمودودُ
وَأَسكَرَتني كؤوسُ الهمّ فيهِ ومن
أَمواجِهِ الرَقصُ فينا وَالعَرابيدُ
وَفُطِّرَ القَلب مَمّا صام عَن فرح
فيهِ وَيَومَ أَرى ناديك لي عيدُ
نظرتَ نَحوي بعين العطف من كرمٍ
فَاِسمع مَديحًا لَهُ في الصدق تَوكيدُ
إِن كُنتُ بِالحُسنِ لَم أُطلِق قَوافيَهُ
فَبالكلال لِذِهني اليوم تَقييدُ
وَفكرتي عَقِمَت مِمّا لَقيتُ فَلَم
يُنتَج لَها مِثلَ ما أَرضاهُ تَوليدُ
ولطفُ خيرك لِلعافي الغَريب لَهُ
في الأَرضِ سَيرٌ وَفي الآفاق تَخليدُ
طَوِّق بِحلي النَدى عُنقي يَكُن لَكَ مِن
نظمي وَسَجعي عَلى الأَوراقِ تَغريدُ
وَدم مَليكًا عَلى الجدّ ترتع في
رَبيع عدلك شاةُ القَوم وَالسّيدُ
0 تعليقات