اعكفْ عَلَى جدثٍ في عدوةِ الوادي
(بميسلون) سقاه الرائحُ الغادي
وطأْطىءِ الرأسَ إجلالًا لمرقدِ مَنْ
قضى له اللهُ تخليدًا بإمجاد
واجعلْ تحيَّتَه عند الطوافِ به
ريحانةَ النفسِ لا ريحانة الوادي
تحيةُ القبر لَو عدنا بسنَّتِها
للجاهليَّةِ آبائي وأجدادي
أَجللتُ مرقدَه عن عقْرِ راحلةٍ
واخترتُ عقْرًا له نفسي وأولادي
بنا علَى يوسف إذْ حمَّ مصرعُه
أَحزانُ (يعقوب) من خافٍ ومن باد
هوى وحلَّتُه حمراءُ من دمِه
كالشمس حين هَوَتْ في ثوبها الجادي
صديان لم يرو حتى عبَّ من دمِه
والهفَ نفسي له ربّان أو صادي
في فتيةٍ نفروا للموتِ حين بدا
جريدةً من زرافاتٍ وآجاد
صلّى الإله عليهم من مجندلةٍ
أشلاؤُهم بَيْنَ أغوارٍ وانجاد
فَدى العروبةَ بالنفسِ التي كرمتْ
يا رحمةَ اللهِ للمفديِّ والفادي
وعاشَ ما عاشَ يحمينها ويحرسُها
ومَاتَ يدفعُ عن حوزاتها العادي
قد كان قائدها حَيًّا وجامعها
مَيْتًا فبورِك في الحالين من هاد
لا كالذين تولوا كبرَ نكبتِنا
وطوَّقونا بِأغلالِ وأصفاد
بالأمسِ كانت إلى قحطانِ نسبتُهم
واليوم يستنكرون النطقَ بالضاد
هم يدَّعون بأنَّ العقلَ رائدُهم
وما دعوا لسوى غيٍّ وإفساد
أفي التّعقلِ أَنْ نبقى وموطنُنا
سبيَّةٌ يصطفيها كلُّ مرتاد
أَعزبْ بعقلِك ليس العقلُ من أربي
إن كان يقضي إلى ذلٍّ بإخلاد
يا دينَ قلبيَ من يومٍ ورى كبدي
وَطَالَ همي لذكراه وتسهادي
في ميسلون من الأشجان سلسلةٌ
نيطتْ بأطرافِها أرجاءُ أرواد
هل في سبيلٍ إلى الإنصافِ من زمنٍ
جَلَّتْ رزاياه عن حصرٍ وَتعداد
في مسمعِ الدهرِ وقرٌ عن شكايتِنا
فهلْ يصيح إلى نوحي وَإنشادي
ليهنَ (تموز) من فازوا به فلقدْ
كان الشقاء لنا فيه بمرصاد
قد خصّنا بجواري النحسِ حين جرتْ
عَلَى سوانا جواريه بإسعاد
وَربما عثرة ترجى إقالتها
وَخذلة أضمرتْ نصرًا لميعاد
0 تعليقات