ما مِنكَ يا مَوتُ لا واقٍ وَلا فادي
الحُكمُ حُكمُكَ في القاري وَفي البادي
قَدّم أُناسًا وَأَخّر آخَرينَ فَلا
عَلَيكَ يا مَورِدَ الحادي عَلى الهادي
يا نائِمَ الفِكرِ في لَيلِ الشَبابِ أَفِق
فَصُبحُ شَيبِكَ في أُفُقِ النّهى بادي
سَلني عَنِ الدَهرِ تَسأَل غَيرَ إِمَّعَةٍ
فَأَلقِ سَمعَكَ وَاستَجمِع لِإيرادي
نَعَم هُوَ الدَهرُ ما أَبقَت غَوائِلُهُ
عَلى جديسٍ وَلا طسمٍ وَلا عادِ
أَلقَت عَصاها بِنادي مَأرِبٍ وَرَمَت
بِآلِ مامَةَ مِن بَيضاءَ سِندادِ
وَأَسلَمَت لِلمَنايا آلَ مَسلَمَةٍ
وَعَبَّدَت لِلرَزايا آلَ عَبّادِ
ما لِلَّيالي أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا
مِنها تُصَرِّعُ أَضدادًا بِأَضدادِ
فَلَّت قَنا سَمهَرٍ شُلَّت أَنامِلُها
بِعودِ طَلحٍ وَأَسيافًا بِأَغمادِ
فَعَوَّضت مِن حُسَينِ الخَيرِ أَو حَسَنٍ
بِالأَرقَطِ ابنِ أَبيهِ أَو بِعَبّادِ
بُعدًا لِيَومِكَ يا نورَ العَلاءِ وَلا
شَجا بِمَوتٍ وَلا سَلّى بِميلادِ
لَهفي عَلَيكَ خَبا فيهِ سَناكَ وَما
خَبا وَلَكِنَّها شَكوى عَلى العادي
لا شَمس قَبلَكَ زادَت بِالغُروبِ سَنا
وَاستَأنَفَت نَشرَ أَنوارٍ وَأَورادِ
أَطلَعت ذِكرَكَ لما غِبتَ وَابنكَ في
أُفقِ العُلا نَيِّرَي هَديٍ وَإِرشادِ
لَمّا مَلَأتَ دلاءَ المَأثراتِ إِلى
أَكرابِها وَاحتَبى في حِلمِكَ النادي
وَطَبَّقَت بِكَ آفاقَ العُلا هِمَمٌ
زانَت مَطالِعَ آباءٍ وَأَجدادِ
غَضَّت عَنانَكَ أَيدي الدَهر ناسِخَةً
عِلمًا بِجَهلٍ وَإِصلاحًا بِإِفسادِ
لا دَرَّ دَرُّ لَيالٍ غَوَّرَتكَ وَلا
سَقى صَداها غَريضُ الرائِحِ الغادي
فَما سَمِعنا بِبَحرٍ غاضَ في جَدَثٍ
وَكانَ مِلءَ الرُبى يَرمي بِأَزبادِ
وَلا بِطَودٍ رَسا تَحتَ الثَرى وَسَما
عَلى السُها حَمَلوهُ فَوقَ أعوادِ
أُعجوبَةٌ قَصَّرَت من خَطوِ كُلِّ حجىً
فَلَم يَكُن في قِوىً مِنها وَلا آدِ
لَقَد هَوَت مِنكَ خانَتها قَوادِمُها
بِكَوكَب في سماءِ المَجدِ وَقّادِ
وَمُقرَمٍ كانَ يَحمي شَولَ قُرطُبَةٍ
أَستَغفِرُ اللَهَ لا بَل شَولَ بَغدادِ
مَن لِلعُلومِ إِذا ما ضَلَّ ناشِدُها
في ظُلمَةِ الشَكِّ بَعدَ النَيِّرِ الهادي
مَن لِلحَديثِ إِذا ما ضاقَ حامِلُهُ
ذَرعًا بِمَتن وَإيضاحٍ وَإِسنادِ
مَن لِلتِلاوَةِ أَو مَن لِلرِوايَةِ أَو
مَن لِلبَلاغَةِ بَعدَ العادِ وَالبادي
شَقَّ العُلومَ نظامًا وَالعُلا زَهَرًا
ثَبين ما بَينَ رُوّادٍ وَوُرّادِ
مَضى فَلِلَّهِ ما أَبقَت وَما أَخَذَت
أَيدي اللَيالي مِنَ المَفديِّ وَالفادي
0 تعليقات