ساجعٌ حَنَّ إلى ذاتِ جَناحِ
والدُجى في الأُفْقِ كالسِتْرِ المُزاحِ
صَفَّقا بِشْرًا وَطارا فرحًا
بسنا الفجر وَريعان الصباحِ
لمعتْ في الشمسِ من طوقيهما
دررٌ تزري بأطواقِ الملاحِ
لم تجدْ عينيَ أحلى غَزَلا
لا وَلا أَلطف من ذاك المراح
ما بدتْ غنّى لها مغتبطًا
فإِنِ استخفتْ شجاها بالنواح
لو ترى منقارَه يعبثُ في
جيدِها طلْقًا برفْقٍ وَسراحِ
خلته ثغرَ محبٍّ دغدغتْ
شفتاه نحرَ غيداءَ رداح
طالما طافَ بها يدعو وَكمْ
مَلَكَ السبلَ عليها والنواحي
يسحبُ الذَيْلَ وَيُرخي طرفًا
من جناحيه مُدِلاًّ كالوشاحِ
هادرًا يخفِقُ بالرأْسِ كمنْ
يقرأُ الآيَ بتقوى وَصلاح
خلتُه لمّا ربا حيزومُه
زامرًا ينفخُ زِقًّا في سماح
مشرفٌ طوْرًا وَطورًا مقمحٌ
يتنزّى هانجًا صعب الجماح
خافضٌ آنًا جناحًا لترى
أَنه ألقى إليها بالسلاح
لم يزلْ يفتلُ حتى استسلمتْ
فإذا زيّافةٌ تعطو لشاح
رفرفا والتحما واختلجا
ربَّ رقصٍ كان في زيِّ كفاح
كلّما قبّلها من فمِها
قبلةً أودعها تحت الجناح
ظامئٌ لا ترتوي غلّتُه
لابَ كالهميان من فرطِ التياح
يتهادى مستزيدًا وَله
حولها ضوضاءُ عربيد وَقاح
أَتراه علَّ من ريقتِها
أَم تراه عبَّ في خمرٍ صُراح
حينما همَّ وَهمَّتْ خضعتْ
فحبا ذا نَزَوانٍ وَطماح
وَجناحاه عليها نشرا
كِلَّةً تخفقُ من هوج الرياح
سَحَبَتْ ذيلًا عَلَى ما خطَّه
برثنٌ فوق الثرى سحبةَ ماح
أَترى عفَّتْ عَلَى الآثار من
حذر الكاشحِ أَم خوف افتضاح
وَتلاها تابعًا لا ينتهي
حيث طارتْ بغدوٍّ وَرواح
هيّجا تذكارَ أَيامِ الصِبا
وَيْحَ قلبِ الصبِ من نكِ الجراح
ليس من ساغتْ له خمرُ اللمى
مثل من يشرقُ بالماءِ القراح
لا أَرُوعُ الطيرُ في أَوكارها
قد بلوتُ المرَّ من كيد اللواحي
0 تعليقات