هب للذكر وصف القدما لـ خليل مردم بك

هبَّ للذكر وَصفَّ القدما
ثم وَلّى وَجهه شطر السما
باتَ في حيرتِه مستسلما

وَله دمعٌ عَلَى النحرِ يفيضْ
لا يغيضْ

طالما قلَّبَ وجهًا في السماءِ
وَسوادُ الليلِ منشورُ اللواءِ
وَأَجالَ الطرفَ في ذاكَ الفضاءِ

حائرَ الخطوِ شمالًا وَيمينْ
ذا أَنينْ

كلّما الليلُ تمطَّى وَاعتكرْ
أَدرك الأَسرارَ سِرًّا بعد سرْ
ليس بدعًا إِنما نورُ البصر

في سوادٍ وَكذا نور الفؤادْ
في سوادْ

إيه ما أَبلغَ هدآت الظلامِ
ربما نابَ سكوتٌ عن كلامِ
وَلكم أَفصحَ صمتٌ عن مرامِ

فاستمعْ لليلِ يدعو بالسكوتْ
للقنوتْ

أَيها النائمُ عن ليليَ قمْ
تَرَ أَنَّ الليلَ كالبحرِ الخضمْ
وَسواري السحبِ موجٌ يلتطمْ

قمْ وَشاهدْ مظهرًا من ذي الجلالِ
في الليالي

فسوادُ الليلِ سرُّ الجبروتِ
وَاضطرابُ النجمِ سرٌّ كالغيوبِ
فاستجرْ بالله رب الملكوت

وَتدبرْ آيةَ الليلِ الرهيبْ
إِذ يهيبْ

قرعةُ الناقوسِ مع صوتِ الأَذانِ
أين من شجوهما صوتُ المثاني
فلقد والله وَهْنًا أَبكياني

لَحَنَ الأَولُ والثاني جهرْ
الله أَكبرْ

طأْطأ الصفافُ رأْسَ الخاضعِ
رَفَعَ الكرمُ أَكفَّ الضارعِ
أَغمضَ النرجسُ عينَ الخاشعِ

إذ تلا القمْريُّ وِرْدَ السحرِ
في الشجرِ

وفراخٍ عرزمتْ إِذْ سجعا
كثقاةٍ أَمَّنتْ بعد الدعا
فاكشفِ اللهم عنها الفزعا

وَقِها يا ربُّ شرَّ الحابلِ
وَالنابلِ

رَبّ بابُ القولِ دوني مرتجُ
أَيَّ نهجٍ في صلاتي أَنهج
فتقبلْ نفسًا يختلجُ

بأنينِ صدري ولهاتي
في صلاتي

من ظلام الريبِ ريبُ الملحدينْ
قدْ تنورت سنا الحقِ المبينْ
من لظى الشكِ إلى برد اليقين

رحلةٌ نلتُ بها حلو المنى
بعد العنا

هبْ ليَ اللّهم في كل أُموري
ثقةً بالنفسي من غيرِ غرور
وتكفلْ صدقَ حدْسي وشعوري

واجعلِ اللّهم للحقِ جناني
وَلساني

أشعرِ اللّهم نفسي أنْ تعفْ
وَفؤادي بغرامي أنْ يرفّْ
وإذا ما ناءَ يوما فوقفْ

فلتكنْ نفسيَ مثلافًا لحبي
عند ربي

رحمةُ الرحمنِ للمستضعفِ
فهو للأرزاءِ مثل الهدفِ
سامه الأقوى ولم يستعففِ

غارة الليثِ وغدر الأطلسِ
في الغلس

أَدمعُ العطفِ ولهفاتُ الحنانِ
ودواعي الرفقِ في كل جنانِ
نِعَمٌ أكبرُ من شكرِ اللسانِ

رب أوزعنيَ أنْ أشكرَ لكْ
نِعمَكْ

كلُّ شيءٍ في السماوات العُلى
وَعَلى الأرض وما بينهما
جلَّ أَو دقَّ وما تحت الثرى

شاهد الله باللطف الجلي
وَالخفي

كل ما في الكونِ من حسنِ الأَثرْ
هو من قوةِ خلاّقِ البشرْ
قدرةُ الله لخيرٍ لا لِشر

وإذا ما قدَّرَ المرءُ ظلمْ
وَاحتكمْ

هزَّه الشوقُ وهاجَ الشجنا
مثلما هزَّتْ رياحٌ فننا
فدعا من بعد سِرٍّ علنا

ثم ناجى ربه عزّ وجلّْ
وَابتهلْ

قال رب أرني أنظرْ إليكْ
حنّتِ النفسُ إلى الزلفى لديكْ
وهواها لم يزلْ وقفًا عليكْ

مذ تجلّيتَ عليها من علِ
في الأَزلِ

فعلا من حضرةِ القدس النداءْ
في سكونِ الليل أنْ حانَ الوفاءْ
حينما لاح له نورُ اللقاءْ

خشع الناظرُ والجلدُ اقشعرْ
ثم خرّْ

خرّ مغشيًا عليه للجبينْ
مثل شِلْوِ الطير أصماه الكمينْ
صار والجسم سوى دمعٍ سخين

هادثًا إِلاّ فؤادًا يضطربْ
وَيشبّْ

إرسال تعليق

0 تعليقات