تسرُّ الناظرينَ فراشتانِ
بروضٍ ناعمٍ تتغازلانِ
تبرجتا بنفْضٍ من سوادٍ
عَلَى أَعطافِ حلةِ أَرجوانِ
يلوحُ عَلَى حواشيها بياضٌ
كما نصلتْ أُصولُ الزعفرانِ
إِذا ما ثارتا فشرارتانِ
وإِما قرّتا فشقيقتان
زوتْ كلتاهما قرنيْنِ دَنّا
كما يزوي لغمزٍ حاجبان
وَضمّتْ من جناحيها فكانتْ
كعرفِ الديك أو رَقمِ الثماني
وأَرختْ منهما فبدت كحليٍ
تلأْلأَ فوق لَبّاتِ الحسان
أَفانينٌ من الحركاتِ زاغتْ
لها عيني وعيّي بها بياني
فمنْ ضَمٍّ إِلى نشرٍ لوثبٍ
لرفرفةٍ إِلى حربٍ عوان
تواثبتا مثاقفةً فيا من
رأَى الديكيْن إِذْ يتساوران
ورفرفتا مهاداةً كما في
مهبِّ الريحِ رفّتْ وردتان
وَرفرفتا فخلتُ لهيبَ نارٍ
ينضنضُ بالفروعِ وباللسان
وَدوّمتا صعودًا أَو هبوطًا
كأَنهما هنالك مغزلان
فما يرتدُّ طرفُ العينِ إِلاّ
دراكًا تعلوانِ وتهويان
كما اندفعتْ مياهٌ ثمَّ عادتْ
وقد قذفتْ بها فوّارتان
تَحيَّرتا هنا وَهناك طيشًا
كما في الريحِ حارتْ ريشتان
إذا ما هبّتا لبلوغِ قصدٍ
بدا لهما فَوُجِّهتا لثان
وإِن إِحداهما انطلقتْ فجدَّتْ
بمتنِ الريح مطلقةَ العنان
ترى الأُخرى تزاحمها اعتراضًا
أَفي رحبِ الفضا تتزاحمان
كؤوسُ الزهرِ وردُ همًا فلمْ لا
بأَجوازِ الفضا تترنحان
كأَنهما عَلَى لجيِّ بحرٍ
طغى إِذْ تطفوانِ وَترسبان
هما قد دافتالي كأْس ذكرى
جرى دمعي لها وهفا جناني
تذكرتُ الصبا وَزمان كنا
كأَنا في الرياض فراشتان
مغانينا التي نأوي إِليها
مقاصف (دُمَّرٍ) و (النيربان)
إِذِ الأَغصانُ من حدْبٍ حوانٍ
وَنحنُ بظلِّها متلازمان
وَأَحداقُ الأَزاهرِ شاخصاتٌ
إِلينا حيثما مِلْنا روان
جرى (بردى) ينثُّ لنا حديثًا
أَلذَّ من المثالث والمثاني
وَصفَّقَ مستعيدًا حلو نجوى
تساقينا بها بنتَ الدنان
سقى ورعى وحيّا الله عهدًا
بلغنا فيه معسول الأَماني
وَأَلهمنا التجلّد في زمان
نعاني من أَذاه ما نعاني
0 تعليقات