يا صاحِ ما لكَ لا ترُدُّ
أصَدَدتَ أم أعياكَ بُعدُ
نفسي الأسيرةُ في الحضيض
اليك أيديَها تَمُدُّ
هلا أجَبتَ أليسَ ما
بيني وبينَك صاحِ عَهدُ
أم أنتَ في كونٍ سَحيق
لا صدىً منه يُرَدُّ
أم قصَّرت نفسي ودون
مداكِ أبعادٌ وجُهدُ
هَب أنَّهُ حالت بموتِكَ
دوننا حُجُبٌ وسُدُّ
أفتَعجِزُ الأرواحُ عن
خَرقِ الحَواجزِ لو تَوَدُّ
يا صاحِ ليلي طالَ
والظُلُماتُ فيه لا تُحَدُّ
ليلُ الأسى ما مِن عسى
فيه ولا قبلٌ وبعدُ
أفلا بَصِيصٌ أو صدىً
أو آيةٌ في الليلِ تَبدو
تلقى بها نفسي الجَوابَ
ومن رجائِك تَستمِدُّ
أولا تعلِّلُني بوعدٍ
باللِقاء فأستعِدُ
وتصونُ إيماني فقد
أودى به شكّ وجحدُ
هلا أجبتَ وقلتَ إني
سامعٌ فأعودَ أشدو
وأقولَ ليسَ أخي فقيدي
بل رفيقي حيثُ أغدو
ويَبِينُ لي فجرُ الرجاء
ونُورُه أملٌ ووعدُ
يا صاحِ يا ابنَ أبي وأمي
ما كوجدي اليومَ وَجدُ
روحٌ تخاطِبُ شَطرَها
والشَّطرُ يُعرِضُ لا يَرُدُّ
ورِتاجُ صَرحِ الموتِ دونهما
وسورٌ لا يُهَدُّ
أفتخرَسُ الأرواحُ إذ
تنأى وتنسى مَن تَوَدُّ
أم تضمَحِلُّ فما لها
عَودٌ ولا أملٌ وخُلدُ
نفسي على بحرِ الأسى
ينتابُها جَزرٌ ومَدُّ
فالقلبُ يَدفَعُها إلى
حيثُ الهلاكَ لها مُعَدُّ
فَتُطِيعُ ذاهلةً وحادي
عيسها لليأسِ يَحدو
تُصغي إلى الأمواجِ تَلطِمُ
طَوفَها لطمًا يَهُدُّ
وشِراعُها أمَلٌ تمزَّقَ
والرِياحُ عليه تَعدو
والعقلُ يَقذِفُها إلى
شَطِّ السُّلوَّ ولا تَوَدُّ
تأبى سوى الذِكرى وفي
وفي الذكرى لها ألَمٌ وسُهدُ
آهًا من الذِكرى ففي
أكوابها سُمّ وشَهدُ
يا صاحِ يا ابن أبي وأمي
أين كنتَ وأين تغدو
أكذا مصِيرُكَ للضَريحِ
ولا اعتراضٌ منكَ يبدو
أكذا النهاية يا لَعُقبى
ما لها في الخَلقِ بُدُّ
جسمٌ تضيقُ بهمِّهِ
الدُنيا على نعشٍ يُمَدُّ
أين المطامحُ والعواطفُ
والأماني وهي حُشدُ
والفكرُ خَلَّاقُ الغرائبِ
هل له في اللحدِ حَدُّ
وبناتُ صدرِك هل لها
تحت الثرى خِدرٌ ومهدُ
هيهات ما ضمَّ الضريحُ
سوى قليلٍ لا يُعَدُّ
يَطوِ جوهرَكَ الثَرى
فالروحُ لا يَطوِه لَحدُ
قد ضمَّ قبرُكَ ما يُحَدُّ
وإن نفسكَ لا تُحَدُّ
أرجَعتَ عاريةَ الثرى
وخلعتَ ثوبًا لا يُجَدُّ
وكسَرتَ قَيدكَ ظافرًا
ما أنتَ بعد اليوم عَبدُ
وسَموتَ نحو مطالِعِ الأنوارِ
حيثُ الصُبحُ يبدو
فإلى اللقاء أخي فإني
سوف أغدو حيثُ تغدو
جارَيتني فسبقتني
ان السبوق هو الأشدُّ
ما العيشُ آمالٌ وأموالٌ
ولذاتٌ ورَغدُ
العيشُ أرواحٌ تُعذَّبُ ثمَّ
أرماسٌ تُخَدُّ
ليست تُعيدُ لنا الصَدى
وعلى التحيَّةِ لا تَرُدُّ
0 تعليقات