كافور لـ بدوي الجبل

كافور قد جنّ الزّمان وإليك آل الصولجان
خجل السّرير من الدّعيّ وكاد يبكي الأرجوان
أين الأهلّة والكواكب والشوامح والرّعان؟
الهاشميّون انطووا وأميّة كانوا فبانوا
كافور جمّع حول عرشك كلّ من حقدوا وهانوا
مجد البغيّ تعاف بهرجه المخدّرة الرزان
حرّك دماك فإن أردت قسوا وإن آثرت لانوا
الخاضعون لما تشاء وما دروه وما استبانوا
النّاعمون على اليهود على رعيّتك الخشان
للعفّ تخوين بدولتهم وللصّ ائتمان

***
أشبعت بالخطب الجياع فكل هادرة خوان
حفل السماط ومن فرائدك الموائد والجفان
خطب الرئيس هي الكرامة و العلى، وهي الضمان
هي للجياع الطيبات وللعراة الطيلسان
هي للعفاة النازحين لبانة وهوى وحان
خطب مصبّغة و تعرف من مباذلها القيان
من كلّ عاهرة وتحلف أنّها الخود الحصان
الحن وكرّر ما تشاء فإنّها الخطب الحسان
وإذا رطنت فإنّها عرباء خالصة هجان
كافور قد عنت الوجوه فكيف لا يعنو البيان؟

***
الفكر من صرعى هواك ومن ضحاياك الحنان
يغني الشام عن الكرامة والنعيم المهرجان
حشدت لطلعتك الجموع فهوّن الخبر العيان
هتفوا فبين شفاههم وقلوبهم حرب عوان
غرثى ويتخم من لحوم الأبرياء الخيزران
عضّت ظهورهم السياط فكلّ سوط أفعوان
الرّاكعون، السّاجدون عنوا لك والمناهل والجنان
القاطفون كرومهم ولك السلافة والدنان
الحاضنون شقاءهم ولك المتارف واللّيان
الظامئون ويومهم شرس الهواجر إضحيان
المالكون قبورهم لمّا عصفت بهم فحانوا
لك عذرة العرس الحزين فما تعز ولا تصان
ولك الظلال فبعض جودك أن يفيّئهم مكان
ودماؤهم لك والبنون فما الأباطح والرّعان
و لك العبادة لا لغيرك والتشهّد والأذان
كافور أنت خلقتهم كونوا - هتفت بهم - فكانوا
كافور من بعض الإماء زبيدة ... والخيزران
مروان عبد من عبيدك لا يزان ولا ... يشان
للسّوط جبهته إذا استعلى وللقيد البنان
يا مكرم الغرباء والعربي محتقر ... مهان
تاريخ قومي في يديك يدان حسبك ما يدان
زوّرته وسطا على الأقداس أرعن ألعبان
ما عفّ في الموتى هواه ولا الضمير ولا اللّسان
يا عبقري الظّلم فيه لك ابتداع وافتنان

***
نحن العبيد فلا تحرّكنا الضغينة واللعان
لا الفقر يلهب في جوانحنا الإباء ولا الهوان
فاسجن وعذّب واستبح حرماتنا ولك الأمان
همدت حميّتنا على الجلىّ ومات العنفوان
من رقّ فتحك حازنا سيف وأحرزنا سنان
والذلّ أطياب العبيد فما البخور وما اللّبان
والظلم من طبع الجبان وكلّ طاغية جبان

***
يا أيّها الصنم المدلّ فما مناه وما المدان
إن الّهوك فربّما فضح الألوهة ثعلبان

***
بأبي السّهول جمالها كرم ونعمتها اختزان
المذهبات كما تموّج في الضّياء الزعفران
عهدي بها أخت الرّبيع و للمهور بها إران
تلك المروج شذا وافياء وساجعة وبان
وسنابل للطّير ينقذها فينفرط الجمان
وثغاء ماشية ويصهل في مراعيها ... حصان
لا خصبها غبّ ولا سقيا غمامتها ... دهان
زهراء تجذب كلّ أرض وهي مخصبة عوان
وشي الغمام فما الطنافس والحرير وأصفهان
سلمت جباتك، قطننا عاف وحنطتنا والهيلمان
سلمت جباتك لا الخماص من الشياه ولا السمان
أغلى من الفرس الجواد - ولا شمات به - العنان
لا الزرع يضحك في المروج ولا يضوع الأقحوان
خرس البلابل والجداول دلّه الشكوى حزان

***
الضارعات إلى السماء ولا تجاب ولا تعان
كالأمهات الثّاكلات فعزّ شم ... واحتضان
وأد الهجير بناتهنّ فكل روض صحصحان
بين السماء وبينها ثدي الأمومة واللبان
نسيت أمومتها السماء فما يلمّ بها حنان

***
أممزّقّ الأرحام لا يبني على الحقد الكيان
غرّب وشرّق في هواك وخن فمثلهم يخان
واغز الكواكب بالغرور فأنت منصور معان
بالخطبة العصماء تقتحم المعاقل والقنان
والشتم من آلات نصرك لا الضراب ولا الطّعان
ولك الفتوح المعلمات ومن بشائرها عمان
كافور طاغية وفي بعض المشاهد بهلوان
من أنت في الحلبات تقحمها إذا احتدم الرّهان
فضح الهجين بشوطه لؤم المنابت والحران
من أنت؟ لا المجد الأصيل ولا شمائله اللّدان
لا العبقرية فيك مشرقة ولا الخلق الحسان
لا الفكر مؤتنف العطور ولا البيان ولا الجنان
لا السرّ عندك أريحي المكرمات ولا العلان
من أنت؟ .. إن ذكر العظام ورنّح الدّنيا افتنان
من أنت؟ .. لولا صوبة الطّغيان، أنت إذن فلان

***
كافور عرشك للفناء وربّما آن الأوان
الخالدان - ولا أعد الشمس - شعري والزّمان

إرسال تعليق

0 تعليقات