داويت ما نفع العليل دوائي
بل زاد سقمًا في خلال ضناء
وأيست من برء الطبيب لدائه
فاعتل قلبي للأياس بداء
أملت فيه صحة من سقمه
فحصلت في أملي بعكس رجائي
ورجوت أني قد أكون فداءه
عورضت في أملي فكان فدائي
ووددت لو كنت الدفين بقبره
عوضًا له ويكون في دنائي
حرمت طيب النوم بعد فراقه
عن ناظري فسلا عن الإغفاء
ولقد أبيت وفي فؤادي جمرة
ولهيبها متوقد بجوائي
وذبالة أضحى بقلبي لذعها
زفراته بتنفس الصعداء
من فقد شبل عاجلته منية
ما كان فيها مهلة لبقاء
ما كان أسرع ما أتاه حمامه
ورحيله عني إلى الصحراء
ما عاش إلا سبعة من عمره
ونأى إلى دار البلى لبلاء
ثم امتطى ثبج المنايا طالبًا
جدثًا يناط بصخرة صماء
يأوي إلى لحد ووحشة منزل
وجنادل صم وصلد وصفاء
واختار سكناه القرافة ذاهلًا
عن عيشة ليست بداء بقاء
إني على إسماعيل لا أعطى عزى
بل قد عدمت تجلدي وعزائي
وأوحشني لفراقه وبعاده
وأفجعني بمصيبة غبراء
قد كنت أذخره لكل ملمة
وأقيه في البأساء والضراء
فاغتالني فيه الحمام ففوقت
قوس المنايا سهمها بحشائي
تركت فؤادي مثخنًا بجراحه
متضرجًا بمدامعي ودمائي
أجري المياه على فؤادي طمعة
في أن يبرد غلتي وظمائي
فتهيج لي نار إذا بردتها
فعجبت من نار تهيج بماء
قلقًا أبيت على فراشي ساهرًا
فكأنني ملقى على الرمضاء
متلهفًا أبكي إلى من مر بي
وإذا أرى ولدًا يثور بلائي
إني لأعجب من حياتي بعده
وتلذذي عنه بشرب الماء
أو أن أرى مبتسمًا متنسمًا
من بعد رحلته نسيم هواء
أو أن تغيب همومه عن خاطري
وخياله متمثل بإزائي
لو عاش كان منطقًا وموفقًا
ومنزهًا عن صبوة الأبناء
كانت فراسته تدل عقولنا
أن سوف يخرج أنجب النجباء
لكنه ما كل ما قد رامه
ذو فطنة فيناله بذكاء
والبرق يشهد والرواعد أنها
عنوان كل سحابة وطفاء
والفجر يشهد أن ساطع نوره
أبدًا يدل على ضياء ذُكاء
ومضارب السيف المهند لم تزل
تنبيك عن حد له ومضاء
أملت ساعة سعيهم بسريره
أن لا أقيم بزمرة الأحياء
وبقيت مكتئبًا أكابد لوعة
في حالة أسوأ من الأسواء
جار الزمان علي في أحكامه
فبليت منه بعيشة غلماء
قد كان قوة ناظري بل خاطري
فبقيت صاحب مقلة عمياء
فالميت ليس له صديق أو أب
صافاه بعد وفاته بوفاء
لا يغررن الحي طول بقائه
فمصيره من بعده لفناء
ويطول مكث المرء ثاو في الثرى
حتى يرى أثرًا من الزيزاء
0 تعليقات