يكاد عاذلنا في الحب يغرينا لـ البحتري

يَكادُ عاذِلُنا في الحُبِّ يُغرينا
فَما لَجاجُكَ في لَومِ المُحِبّينا

نُلحى عَلى الوَجدِ مِن ظُلمٍ فَدَيدَنُنا
وَجدٌ نُعانيهِ أَو لاحٍ يُعَنّينا

إِذا زَرودُ دَنَت مِنّا صَرائِمُها
فَلا مَحالَةَ مِن زَورٍ يُواقينا

بِتنا جُنوحًا عَلى كُثبِ اللِوى فَأَبى
خَيالُ ظَمياءَ إِلّا أَن يُحَيِّينا

وَفي زَرودَ تَبيعٌ لَيسَ يُمهِلُنا
تَقاضِيًا وَغَريمٌ لَيسَ يَقضينا

مَنازِلٌ لَم يُذَمَّم عَهدُ مُغرَمِنا
فيها وَلا ذُمَّ يَومًا عَهدُها فينا

تَجَرَّمَت عِندَهُ أَيّامُنا حِجَجًا
مَعدودَةً وَخَلَت فيها لَيالينا

إِنَّ الغَواني غَداةَ الجِزعِ مِن إِضَمٍ
تَيَّمنَ قَلبًا مُعَنّى اللُبِّ مَحزونا

إِذا قَسَت غِلظَةً أَكبادُها جَعَلَت
تَزدادُ أَعطافُها مِن نِعمَةٍ لينا

يَلومُنا في الهَوى مَن لَيسَ يَعذِرُنا
فيهِ وَيُسخِطُنا مَن لَيسَ يُرضينا

وَما ظَنَنتُ هَوى ظَمياءِ مَنزِلُنا
إِلى مُواتاةِ خِلٍّ لا يُواتينا

لَقَد بَعَثتُ عِتاقَ الخَيلِ سارِيَةً
مِثلَ القَطا الجونِ يَتبَعنَ القَطا الجونا

يُكثِرنَ عَن دَيرِ مُرّانَ السُؤالَ وَقَد
عارَضنَ أَبنِيَةً في دَيرِ مارونا

يَنشُدنَ في إِرَمٍ وَالنُجحُ في إِرَمٍ
غِنىً عَلى سَيِّدِ الساداتِ مَضمونا

يُلفى النَدى مِنهُ مَلموسًا وَمُدَّرَكًا
وَكانَ يُعهَدُ مَوهومًا وَمَظنونا

بادٍ بِأَنعُمِهِ العافينَ يُزلِفُهُم
عَلى الأَشِقّاءِ فيها وَالقَرابينا

نَيلٌ يُحَكَّمُ فيهِ المُجتَدونَ إِذا
شِئنا أَخَذنا اِحتِكامًا فيهِ ماشينا

وَمُملِقينَ مِنَ الأَحسابِ يَفجَؤُهُم
ساهينَ عَن كَرَمِ الأَفعالِ لاهينا

إِن لَم يَكُن في جَداهُم نَزرُ عارِفَةٍ
تَكُفُّنا كانَ غُزرٌ مِنهُ يَكفينا

وَغابِنٍ إِن شَرى حَمدًا بِمَرغَبَةٍ
رَآهُ فيها بَخيلُ القَومِ مَغبونا

مُظَفَّرٌ لَم نَزَل نَلقى بِطَلعَتِهِ
كَواكِبَ السَعدِ وَالطَيرَ المَيامينا

يُمسي قَريبًا مِنَ الأَعداءِ لَو وَقَعوا
بِالصينِ في بُعدِها ما اِستَبعَدَ الصينا

تَشميرَ يَقظانَ ما اِنفَكَّت عَزيمَتُهُ
تَزيدُ أَعداءَهُ ذُلًّا وَتَوهينا

إِنّي رَأَيتُ جُيوشَ النَصرِ مُنزَلَةً
عَلى جُيوشِ أَبي الجَيشِ بنِ طولونا

يَومَ الثَنِيَّةِ إِذ يَثني بِكَرَّتِهِ
في الرَوعِ خَمسينَ أَلفًا أَو يَزيدونا

وَالحَربُ مُشعَلَةٌ تَغلي مَراجِلُها
حينًا وَيَضرَمُ ذاكي جَمرِها حينا

يَغدو الوَرى وَهُمُ غاشو سُرادِقِهِ
صِنفَينِ مِن مُضمِري خَوفٍ وَراجينا

وَالناسُ بَينَ أَخي سَبقٍ يَبينُ بِهِ
وَفاتِرينَ مِنَ الغاياتِ وانينا

كَما رَأَيتُ الثَلاثاءاتِ واطِئَةً
مِنَ التَخَلُّفِ أَعقابَ الأَثانينا

عَمَّرَكَ اللَهُ لِلعَلياءِ تَعمُرُها
وَزادَكَ اللَهُ إِعزازًا وَتَمكينا

ما اِنفَكَّتِ الرومُ مِن هَمٍّ يُحَيِّرُها
مُذ جاوَرَت عِندَكَ العَزّاءَ وَاللينا

تَدنو إِذا بَعُدوا عِندَ اِشتِطاطِهُمُ
كَيدًا وَتَبعُدُ إِن كانوا قَريبينا

حَتّى تَرَكتَ لَهُم يَومًا نَسَختَ بِهِ
ما يَأثُرُ الناسُ مِن أَخبارِ صِفّينا

مَصارِعٌ كُتِبَت في بَطنِ لُؤلُؤَةٍ
مِن ظَهرِ أَنقَرَةِ القُصوى وَطِمّينا

فَاِسلَم لِتَجهَدَهُم غَزوًا وَتُغزِيَهُم
جَيشًا وَتُتبِعَهُ المَأمولَ هارونا

أَمّا الحُسَينُ فَما آلاكَ مُجتَهِدًا
وَلَيسَ تَألوهُ تَفخيمًا وَتَزيِينا

تَرضى بِهِ حينَ لا يُرضيكَ مُدبِرُهُم
مُبارَكًا صادِقَ الإِقبالِ مَيمونا

أَدّى الأَمانَةَ في مالِ الشَآمِ فَما
تَلقاهُ إِلّا أَمينَ الغَيبِ مَأمونا

تَسمو إِلى الرُتبَةِ العُليا مَحاسِنُهُ
فَما تَرى وَسَطًا مِنها وَلا دونا

إرسال تعليق

0 تعليقات