أسرفن في هجري وفي تعذيبي لـ ابن خلدون

أسرفن في هجري وفي تعذيبي
وأطلن موقف عبرتي ونحيبي

وأبين يوم البين وقفة ساعة
لوداع مشغوف الفؤاد كئيب

لله عهد الظاعنين وغادروا
قلبي رهين صبابة ووجيب

غربت ركائبهم ودمعي سافح
فشرقت بعدهم بماء غروب

يا ناقعًا بالعتب غلة شوقهم
رحماك في عذلي وفي تأنيبي

يستعذب الصب الملام وإنني
ماء الملام لدي غير شروب

ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى
لولا تذكر منزل وحبيب

أهفو إلى الأطلال كانت مطلعًا
للبدر منهم أو كناس ربيب

عبثت بها أيدي البلى وترددت
في عطفها للدهر أي خطوب

تبلى معاهدها وإن عهودها
ليجدها وصفي وحسن نسيبي

وإذا الديار تعرضت لمتيم
هزته ذكراها إلى التشبيب

إيه عن الصبر الجميل فإنه
ألوى بدين فؤادي المنهوب

لم أنسها والدهر يثني صرفه
ويغض طرفي حاسد ورقيب

والدار مونقة محاسنها بما
لبست من الأيام كل قشيب

يا سائق الأظعان يعتسف الفلا
ويواصل الأسآد بالتأويب

متهافتًا عن رحل كل مذلل
نشوان من أين ومس لغوب

تتجاذب النفحات فضل ردائه
في ملتقاها من صبًا وجنوب

إن هام من ظمإ الصبابة صحبه
نهلوا بمورد دمعه المسكوب

أو تعترض مسراهم سدف الدجى
صدعوا الدجى بغرامه المشبوب

في كل شعب منية من دونها
هجر الأماني أو لقاء شعوب

هلا عطفت صدورهن إلى التي
فيها لبانة أعين وقلوب

فتؤم من أكناف يثرب مأمنًا
يكفيك ما تخشاه من تثريب

حيث النبوة أيها مجلوة
تتلو من الآثار كل غريب

سر عجيب لم يحجبه الثرى
ما كان سر الله بالمحجوب

إني دعوتك واثقًا بإجابتي
يا خير مدعو وخير مجيب

قرت في مدحي فإن يك طيبًا
فبما لذكرك من أريج الطيب

ماذا عسى يبغي المطيل وقد حوى
في مدحك القرآن كل مطيب

يا هل تبلغني الليالي زورة
تدني إلي الفوز بالمرغوب

أمحو خطيئاتي بإخلاصي بها
وأحط أوزاري وإصر ذنوبي

في فتية هجروا المنى وتعودوا
إنضاء كل نجيبة ونجيب

يطوي صحائف ليلهم فوق الفلا
ما شئت من خبب ومن تقريب

إن رنم الحادي بذكرك رددوا
أنفاس مشتاق إليك طروب

أو غرد الركب الخلي بطيبة
حنوا لمغناها حنين النيب

ورثوا اعتساف البيد عن آبائهم
إرث الخلافة في بني يعقوب

الطاعنين الخيل وهي عوابس
يغشى مثار النقع كل سبيب

والواهبين المقربات صوافنًا
من كل خوار العنان لعوب

والمانعين الجار حتى عرضه
في منتددى الأعداء غير معيب

تخشى بوادرهم ويرجى حلمهم
والعز شيمة مرتجى ومهيب

سائل به طامي العباب وقد سرى
تزجيه ريح العزم ذات هبوب

تهديه سهب أسنة وعزائم
يصدعن ليل الحادث المرهوب

حتى انجلت ظلم الضلال بسعيه
وسطا الهدى بفريقها المغلوب

يا بن الألى شادوا الخلافة بالتقى
واستأثروك بتاجها المغصوب

جمعوا لحفظ الدين أي مناقب
كرموا بها في مشهد ومغيب

لله مجدك طارفًا أو تالدًا
فلقد شهدنا منهن كل عجيب

كم رهبة أو رغبة بك والعلى
تقتاد بالترغيب والترهيب

لا زلت مسرورًا بأشرف دولة
يبدو الهدى من أفقها المرقوب

تحيي المعالي غاديًا أو رائحًا
وحديد سعدك ضامن المطلوب

إرسال تعليق

0 تعليقات