تَضوَّعَ مِسكًا بَطنُ نُعمانَ إِن مَشَت
بِهِ زينَبٌ في نِسوَةٍ عَطراتِ
فَأَصبَحَ ما بَينَ الهَماءِ فَحُزوَةً
إِلى الماءِ ماءَ الجَزعِ ذي العَشَراتِ
لَهُ أَرَجٌ مِن مَجمَرِ الهِندِ ساطِعٌ
تَطلَّعُ رَيَّاهُ مِنَ الكَفراتِ
تَهادينَ ما بَينَ المُحَصَّبِ مِن مِنىً
وَأقبَلنَ لا شُعثًا وَلا غَبِراتِ
أَعانَ الَّذي فَوقَ السَماواتِ عَرشَهُ
مَواشيَ بِالبِطحاءِ مُؤتَجَراتِ
مَرَرنَ بَفَخٍّ ثُمَّ رُحنَ عَشِيَّةً
يُلَبَّينَ لِلرَّحمنِ مُعتَمَراتِ
يُخبِّئنَ أَطرافَ البَنانِ مِنَ التُقى
وَيَقتُلنَ بِالأَلحاظِ مُقتَدَراتِ
وَلَيسَت كَأُخرى أَوسَعَت جَنبَ دِرعِها
وَأَبدَت بَنانَ الكَفِّ لِلجَمراتِ
وَغالَت بِبانِ المِسكِ وَحَفا مُرَجَّلا
عَلى مِثلِ بَدرٍ لاحَ بِالظُلُماتِ
وَقامَت تَراءى بَينَ جَمعٍ فأفَتَنَت
بِرُؤيَتِها مَن راحَ مِن عَرَفاتِ
تَقَسَّمنَ لُبِّي يَومَ نُعمانَ أَنَّني
بُليتُ بِطَرفٍ فاتِكِ اللَحظاتِ
جَلونَ وُجوهًا لَم تَلُحها سَمائِمٌ
حَرورٌ وَلَم يَسفَعنَ بِالمُسبراتِ
يُظاهِرنَ أستارًا وَدورًا كَثيرَةً
وَيَقطَعنَ دورَ اللَهوِ بِالحُجراتِ
وَلَما رَأَت رَكبَ النَميريِّ أَعرَضَت
وَكُنَّ مِن أَن يَلقينَهُ حَذِراتِ
فَأَدنينَ حَتّى جوَّزَ الرَكبُ دونَها
حِجابًا مِن القَسِّيِّ وَالحَبَراتِ
دَعَت نِسوَةٌ شَمَّ العَرانينِ كَالدمى
أَوانِسَ مَلءَ العَينِ كَالظَبياتِ
فَأَبدَينَ لَمَّا قُمنَ يَحجِبنَ زَينَبًا
بُطونًا لِطافَ الطَيِّ مَضطَّمِراتِ
فَقُلتُ يُعافيرَ الظِباءِ تَناوَلَت
نِياعَ غُصونِ الوَردِ مُهتَصِراتِ
فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ رَكبٍ رَأَيتُهُ
خَرَجنَ مِنَ التَنعيمِ مُعتَجِراتِ
وَكِدتُ اِشتِياقا نَحوَها وَصَبابَةً
تَقطَّعُ نَفسي إِثرَها حَسَراتِ
وَغادَرَتُ مِن جَدّى بِزينَبَ غَمرَةً
مِنَ الحُبِّ إنَّ الحُبَّ ذو غَمَراتِ
وَظَلَّ صِحابي يُظهَرونَ مَلامَتي
عَلى لَوعَةِ الأَشواقِ وَالزَفراتِ
فَراجَعَتُ نَفسي وَالحَفيظَة إِنَّما
بَلَلتُ رِداءَ العَصبِ بِالعَبراتِ
وَقَد كانَ في عِصيانيَ النَفسَ زاجِرٌ
لِذي عِبرَةٍ لَو كُنَّ مُعتَبِراتِ
0 تعليقات