خَفَرَتْ بسيفِ الغُنج ذمّةَ مِغفَري
وفَرَتْ برُمح القدِّ دِرعَ تصبُّري
وجلَتْ لنا من تحت مِسكةِ خالِها
كافورَ فجرٍ شقَّ ليلَ العنْبرِ
وغدَتْ تذُبُّ عن الرُضابِ لِحاظها
فحمَتْ علينا الحورُ وِردَ الكوثرِ
ودنتْ إلى فمِها أراقِمُ فرعِها
فتكلّفتْ بحِفاظِ كَنزِ الجوهري
يا حاملَ السيفِ الصّحيح إذا رَنَتْ
إياكَ ضربةَ جفنِها المُتكسِّرِ
وتَوقَّ يا ربَّ القناةِ الطّعنَ إنْ
حملَتْ عليكَ من القَوامِ بأسْمَرِ
برزَتْ فشِمْنا البرقَ لاحَ ملثّمًا
والبدرَ بين تقَرطُقٍ وتخمُّرِ
وسعَتْ فمرّ بنا الغزالُ مطوّقًا
والغُصنُ بين موشّحٍ ومؤزّرِ
بأبي مَراشِفها الّتي قد لُثِّمتْ
فوق الأقاحي بالشّقيقِ الأحمرِ
وبمُهجَتي الروضُ المُقيمُ بمُقلةٍ
ذهبَ النُعاسُ بها ذهابَ تحيّري
تاللَّهِ ما ذُكرَ العقيقُ وأهلُه
إلّا وأجراهُ الغرامُ بمِحجَري
لولاهُ ما ذابتْ فرائدُ عَبرَتي
بعدَ الجمودِ بحرِّ نارِ تذكّري
كم قد صَحِبْتُ به منَ اِبْناءِ الظبا
سِربًا ومن أسُدِ الشّرى من معشَرِ
وضَللتُ من غسَقِ الشعورِ بغيهبٍ
وهُديتُ من تلك الوجوهِ بنيّرِ
يا لَلعشيرةِ مَنْ لمهجةِ ضَيغمٍ
كمنَتْ منيّتُه بمقلةِ جُؤذرِ
روحي الفِداءُ لظبيةِ الخِدرِ الّتي
بُنِيَ الكِناسُ لها بغابِ القَسْوَرِ
لم أنسَ زَورَتَها ووجناتُ الدُجى
تنباعُ ذِفْراها بمسكٍ أذْفرِ
أمّتْ وقد هزّ السِماكُ قناتَه
وسَطا الضياءُ على الظلامِ بخنجرِ
والقوسُ معترضٌ أراشَتْ سَهمَه
بقوادِم النَسرَينِ أيدي المُشتري
وغدَتْ تُشنّف مسمعيَّ بلُؤلؤٍ
لولاهُ ناظمُ عَبرَتي لم ينثُرِ
وتضمُّ منّي في القميص مهنّدًا
وأضمّ منها بالنصيفِ السّمهري
طورًا أرى طوقي الذراعَ وتارةً
منها أرى الكفّ الخضيبَ بمِسْوَرِ
حتّى بَدا كِسرى الصّباح وأدبرَتْ
قومُ النّجاشي عن عَساكر قيصَرِ
لمّا رأتْ روضَ البنفسجِ قد ذوى
من ليلِنا وزهَتْ رياضُ العُصفُرِ
والنجمُ غارَ على جوادٍ أدهمٍ
والفجرُ أقبل فوقَ صهوةِ أشقرِ
فزعَتْ فضرّسَتِ العقيقَ بلؤلؤٍ
سكنَتْ فرائِدُه غديرَ السُّكّرِ
وتنهّدتْ جزَعًا فأثّرَ كفُّها
في صَدرِها فنظرْتُ ما لم أنظُرِ
أقلامَ مَرجانٍ كتَبْن بعنبَرٍ
بصحيفةِ البِلّورِ خمسةَ أسطُرِ
ومضَتْ وحُمرةُ خدِّها من أدْمِها
لبسَتْ رَمادَ المِسكِ بعد تستُّرِ
للّهِ دَرُّ جَمالِها من زائرٍ
رسمَ الخيالُ مثالَها بتصوّري
لم ألقَ أطيبَ بهجةً من نَشرِها
إلّا البشارةَ في إيابِ الحَيدَري
ابنُ الهُمامِ أخو الغَمامِ أبو النّدى
بركاتُ شمس نهارنا المَولى السّري
الخاطبُ المعروف قبلَ فِطامِه
والطالبُ العلياء غيرَ مُقدّرِ
مِصباحُ أهلِ الجود والصُبحُ الّذي
ما اِنجابَ لَيلُ البُخلِ لو لمْ يُسفِرِ
قِرنٌ إذا سلَّ الحُسام حسِبتَهُ
نهرًا جرى من لُجّ خمسةِ أبحُرِ
قرَن البراعةَ بالشجاعةِ والنّدى
والرأيَ في عَفوٍ وحُسنِ تدبّرِ
آباؤهُ الغُرُّ الكِرامُ وجدّهُ
خيرُ الأنام أبو شُبيرَ وشَيْبرِ
لو أنّ موسى قد أتى فرعَونَه
في آي ذاتِ فقاره لم يَكفُرِ
أو لو دَعا إبليسَ آدمُ باِسْمهِ
عندَ السُجودِ لديه لم يستكْبِرِ
أو كان بالبَدرِ المُنير كمالُه
ما غار أو بالشمسِ لم تتكوّرِ
أو في السماء تكون قوّةُ بأسهِ
في الروعِ يومَ البعثِ لم تتفطّرِ
سمحٌ أذلَّ الدرَّ حتّى أنّه
خَشيَتْ ثُغورُ البيضِ فيها يزدري
ومَحا سَوادَ الجَورِ أبيض عدلِه
حتّى تخوّف كلُّ طَرفٍ أحوَرِ
يجدُ الظِباءَ البيضَ كالبيضِ الظُبا
وصَليلها بالكَعْمِ نغمةَ مِزْمَرِ
بعد المشقّة نال لذّاتِ العُلى
لا يستلذّ الغُمضَ مَنْ لم يَسْهَرِ
قُلْ للّذي في الجودِ يطلبُ شأوَه
أربيْتَ في الغُلواءِ ويحكَ فاِقصِرِ
بُدِئَ النّدى منه فأفعالُ السّخا
عن غيرِ مصدرِ ذاته لم تَصْدُرِ
فالناسُ من ماءٍ مَهينٍ وهوَ من
ماءٍ مَعينٍ طاهِرٍ ومُطَهِّرِ
يا مَنْ بكُنيتهِ نريدُ تيمُّنًا
وبه يُزالُ تشاؤُمُ المتطيّرِ
إنْ عُدَّ قبلَك في المكارم ماجدٌ
قد كان دونَك في قديم الأعْصُرِ
فكذلك الإبهامُ فهوَ مقدَّمٌ
عند الحِساب يُعدُّ بعد الخِنصرِ
بالفخرِ ساد أبوكَ سادات الورى
وأبوك لولاكَ ابنُه لم يفخَرِ
كالعين بالبصرِ المُنير تفضّلتْ
والعينُ لولا نَجلُها لم تُبصِرِ
قسَمًا ببارقِ مُرهفٍ قُلِّدتَهُ
وبعارِضٍ من مُزنِ جودِك مُمطِرِ
لولا إيابُك للجزيرة ما صفَتْ
منها مشارِعُ أمنِها المتكدِّرِ
أسكَنْتَ أهليها النّعيمَ وطالما
شهدوا الجحيمَ بها وهَولَ المَحْشَرِ
وكسَوْتَها حُلَلَ الأمان وإنّها
لولاك أضحتْ عَورةً لم تُسْتَرِ
بوركْتَ من شهمٍ قدِمتَ مشمّرًا
نحو العُلى إذ يُحجِم الليثُ الشّري
وقطعْتَ أنوار الفَخار بأنمُل الـ
ـفِتيان من روضِ الجديد الأخضرِ
فليَهْنِكَ المجدُ التّليد وعادكَ الْـ
ـعيدُ الجديد بنبلِ سعدٍ أكبرِ
واِلبَس قميصَ المُلكِ يا طالوتَه
واِسحبْ ذيولَ الفضل فخرًا وأجْرُرِ
واِستَجل بِكرَ ثَنا فصاحةِ لفظها
عبثَتْ بحِكمتِها بسِحرِ البُحتُري
لو يعلمُ الكوفي بها لم يزدَري
أو يشعرُ الطائي بها لم يشعرِ
لا زِلتَ تاجَ عُلىً وحِليةَ مَنصِب
وطرازَ مَكرُمةٍ وزينةَ منبَرِ
0 تعليقات