ما حُرِّكَتْ سَكَناتُ الأعيُنِ النُجُلِ
إلّا وقد رشقَتها أسهمُ الأجَلِ
رَنَتْ إلينا عُيونُ العِينِ من مُضَرٍ
فاِستهدَفَتنا رُماةُ النَّبْلِ من ثُعَلِ
وهزّتِ الخُرَّدُ الهيفُ الحِسانُ لَنا
قاماتهِنّ فخِفنا دولةَ الأسَلِ
بمُهجتي رَبْرَب السّربِ المُخيّم في
قلبي هِلالَ نُجومِ الحيّ من ذُهلِ
تاللَّهِ لم أنسَ بالزّوراءِ زَورتَه
والليلُ خامرَ عينَ الشمس بالكَحَلِ
أمَا وزَنْجِ لَيالينا الّتي سلَفتْ
والسادةِ الغُرِّ من أيّامنا الأُوَلِ
لولا هوى ثغرِه الدُرّيّ ما اِنتشرتْ
تلك اليواقيتُ من عيني على طلَلِ
ولا شجانِيَ برقٌ في تبسُّمه
ولا جَنَيْتُ بسمعي شهدَةَ الغزَلِ
إنّا لَقومٌ تقُدُّ البيضَ أنصُلُنا
وما لَنا في لقاءِ البيضِ من قِبَلِ
نَغشى النِصال من الأجْفانِ إن برزَتْ
ونَختَشيها إذا اِنسلّت من المُقَلِ
ويَصدرُ النّبْلُ عنّا ليس يَنفذُنا
إلّا إذا كان مطبوعًا من الكحَلِ
وشَمسِ خِدرٍ بأوجِ الحُسنِ مَطلِعُها
في دارةِ الأسدِ الضّرغامِ لا الحَمَلِ
شمسٍ من الذهب الروميّ قد حُرِست
بأنجُمٍ من حَديد الهِندِ لم تَحُلِ
مخمورةَ الجَفنِ لا تنفكّ مُقلَتُها
يردّدُ الغُنجُ فيها حيرةَ الثَمِلِ
تَحولُ من دونِها لجُّ النِصال فلو
رامَ الوصولَ إليها الطّرْفُ لم يصِلِ
خَرَقْتُ سَجْفَ الضِيا عنها وجُزتُ إلى
كِناسِها فوقَ هاماتِ القَنا الذُبُلِ
حتّى إذا ما لَثَمتُ الوردَ واِنفتحَتْ
من مُقلتَيْها جُفونُ النرجسِ الكَسَلِ
قامتْ فعانَقَني ظبيٌ فقبّلَني
برقٌ ومال عليّ الغُصنُ في الحُلَلِ
واِستقبلَتني ببِشرٍ وهيَ قائلةٌ
والذُعرُ يصبُغُ منها وردةَ الخجَلِ
أمَا خشيتَ المنايا من مَناصلِها
فقلتُ والقلبُ لا يُطوى على وَجلِ
لو أتّقي الرّجْمَ من شُهبِ النِصالِ لَما
في الليلِ نلتُ عِناقَ الشمسِ في الكُلَلِ
لا يُدرك الأملَ الأسنى سوى رجلٍ
يشقُّ بحرَ الرّدى عن جوهرِ الأملِ
ولا ينالُ المعالي الغُرَّ غيرُ فتًى
يدوسُ شوكَ العَوالي غيرَ مُنتعِلِ
يولي النُضارَ إذا ضنّ الحيا كرَمًا
ويعصِمُ الرأيَ أن يُفضي إلى الزّلَلِ
متوَّجُ السُمْر عالي البيضِ مجتمعٌ
مفرَّقُ الطّعمِ بين الصّابِ والعسلِ
قِرنٌ إذا ما اِكفهرّ الخطبُ سلَّ له
رأيًا كمُنصُلِ منصورِ اللّوا البطلِ
قاني الصّوارمِ مُسودُّ الملاحمِ مُبْ
يَضُّ المَكارمِ مخضَرُّ الندى الخَضلِ
قُطبُ الفَخارِ شِهابُ الرّجم يوم وَغىً
بدرُ الممالك شمسُ الأرضِ والحللِ
الخائضُ الغَمراتِ السودِ حيثُ به
فَوقَ النواصي المواضي البيضُ كالظُّلَلِ
عِقدٌ تقلّدَ جيدُ الدّهرِ جوهرَهُ
فأصبحَ الدّهرُ فيه حاليَ العَطَلِ
قرّتْ به مُقَلُ الأيّامِ واِبتَسمتْ
به الثّغورُ وزانت أوجُهَ الدولِ
هو الجوابُ الّذي ردّ السؤالَ به
لسائلٍ مَن كعبدِ اللَّهِ أو كعَلي
معرَّفُ البأسِ لا ينفكّ يبرزُ في
ضميرِ جَفنٍ بقلبِ القِرن متّصلِ
يا مَنْ يشبَّهُ بالأمطار نائِلُهُ
أقصِرْ فما لُججُ الأبحارِ كالوَشَلِ
اِنظُرْ إليه ترى ليثًا وشمسَ عُلًا
وبحرَ جودٍ بَراها اللَّهُ في رجلِ
هيهاتَ يَلقى العُلا قِرنًا يماثلُه
إلّا إذا غضَّ عينيهِ على حوَلِ
إذا أعدَّ قِسيُّ الجودِ يومَ ندىً
رمى بسهمِ العطايا مهجةَ البُخُلِ
منَ الألى المُكرِمي الجارِ الملمِّ بهمْ
والمُنزليهِ هِضابَ العزِّ والجَذَلِ
أمَا وبارقِ هنديٍّ وطلعتهِ
بعارِضٍ من نجيع القومِ منهمِلِ
لولاك حلّتْ بأرض الحَوزِ زلزلةٌ
ترمي دعائمَ دينِ اللّهِ بالخذَلِ
أتيتَها بعد أن كادتْ تَميدُ بنا
وكاد يُقرعُ سنُّ الأمرِ بالخبَلِ
قرّتْ بحُكمكَ حتّى قال قائلُها
قُدِّسْتَ يا عرَفات المجدِ من جبَلِ
ثقّفْتَ ميلَ قناةِ المُلكِ فاِعتدلتْ
قسرًا وقوّمْتَ ما بالحقِّ من مَيَلِ
كم قد رمى إِذ نفى الأعرابُ مجدَك في
قوسِ الخِلاف سِهامَ الغيّ والجدَلِ
فلم تُصِبْكَ وما أشوَتْ سهامُهُمُ
بل أثخنَتهُمْ جِراحُ الخِزْيِ والفشَلِ
سلّوا من البغي سيفًا فانتضَيْتَ لهم
حِلمًا أعادَ حُسامَ البغي في الخلَلِ
ألقيتَ فيهم عصا الرّأي المُسَدَّد إذ
ألقَوْا إليكَ حِبالَ المَكرِ والحِيَلِ
تاللّهِ لو لم يُردّوا عن ضَلالَتِهم
لأصبحَ الجيشُ فيهم أوّلَ السَّفَلِ
فاِصْلِحْ بتَدبيركَ السامي فسادَهمُ
واِسْدُدْ برأيكَ ما تَلقى من الخَلَلِ
أنت الرّجاءُ لرفعِ النازلاتِ بنا
إذ يَكشِرُ الدهرُ عن أنيابه العُضَلِ
قد خصّنا اللَّهُ من تقديس ذاتِك في
سَمحٍ يجلُّ عنِ الأندادِ والمثَلِ
مولايَ لا برِحتْ يُمناكَ هاميةً
على المُوالينَ في غَيثِ الندى الهَطِلِ
أمطرْتَنا خِلَعًا حتّى ظننْتُ بِها
قد أمطرَتْنا عُيونُ الوَبْلِ بالبَدَلِ
شُكرًا لِصُنعِكَ من غَيثٍ هَمى فَبدا
روضُ الحرير على الأجسامِ والمُقَلِ
لقد كفى العِيدَ فخرًا أن يُقال به
هُنّيتَ يا سيّدَ الأيّامِ والأزَلِ
العيدُ في العامِ يومٌ عُمْرُ عودتِه
وأنت عيدٌ مدى الأيّام لم تزَلِ
إن كان يُدعى بعيدِ الفِطرِ تسميةً
فأنتَ تُدعى بعيدِ الجود والخَوَلِ
فلتَهْنَ غرّتُهُ من بِشرِ وجهكَ في
هِلال تِمٍّ بنورِ الفضل مكتَملِ
واِستَجْلِها حرّة الألفاظِ واحدةً
بالحُسن تَسمو جمال السّبعةِ الأُوَلِ
فلا بَرحْتَ بأوج العزّ مرتَفِعًا
تجرّ ذيلَ المعالي من على زُحَلِ
0 تعليقات