هوى الكوكبُ الدُرّيّ من أفُقِ المجدِ
فتبًّا لقلبٍ لا يذوبُ من الوجدِ
وتَعْسًا لعَينٍ لا تَفيضُ دموعُها
فقد غاضَ بحرٌ من مُلوك بَني المَهدي
تداركَهُ كسْفُ الرّدى بعد تمِّه
فحالَ وحالَتْ دونَه ظُلمَةُ اللّحْدِ
مضى فالنُّهى من بعدِه واجِدُ الحَشا
وصدرُ العُلى من بعدِه فاقِدُ الخَلْدِ
برَتْهُ المَنايا وهْوَ عُضْوٌ من النّدى
فأصبحَ كفّ المَكرُماتِ بلا زَنْدِ
ألا فاِندُبوا يا وافِدونَ اِبنَ مُحسنٍ
فقد هُدّ رُكْنُ الجودِ من كعبةِ الوفدِ
وعزّوا بني السّاداتِ فيهِ فإنّما
بهِ رُفِعَتْ من ذِكرِهم سورةُ الحَمدِ
تَوارَى فأورى في القُلوبِ صَبابةً
فحيًّا ومَيْتًا لم يزَلْ واريَ الزَّنْدِ
هو اِبنُ رسولِ اللّهِ والجوهرُ الّذي
تكوّن من نورِ النّبوّةِ والرُّشْدِ
لقد وهَبَ الدّنيا لأكرَمِ والِدٍ
وآثرَ في طوبى القُدوم على الجَدِّ
تنازعُ فيه الحورُ حُبًّا وغيرةً
وتَغبِطُهُ الوُلدانُ في جنّةِ الخُلْدِ
لوَ اِنّ بناتِ النّعْشِ في سَمْكِ نعشِه
لَصارَتْ لبَدْر التّمِّ من أكرَمِ الوُلْدِ
فحقًّا لمَلْكِ الحوْزِ يَشكو فِراقَهُ
فعَنْ غابه قد غابَ خيرُ بني الأُسْدِ
وحقًّا لِعَيْنِ الحربِ تبكي له دَمًا
فقد فقدَتْ في فَقْدِه سَيفَها الهِنْدي
وحقُّ العُلى أن تنبُشَ الأرضَ بعدَهُ
فقد ضيّعَتْ في التُّرْبِ واسطةَ العِقْدِ
سرى طيبُه في الأرض حتّى كأنّما
تبدّلَ منها الطيبُ بالعَنبَرِ الوَردي
فحسبُكِ يا أكفانَهُ فيهِ مَفْخَرًا
فإنّكِ من نصلِ العُلا موضعُ الغِمدِ
ويا نَعشَهُ باللّهِ كيفَ حملْتَهُ
ويا لحدَهُ كيف اِنطوَيْتَ على أحْدِ
جَوادٌ على آثارِ آبائِه جرى
وأجدادِه الغُرِّ الغطارِفةِ اللُّدِّ
ولو لم تعُقْهُ الحادثاتُ عن المَدى
لأدركَ من غاياتِهم غايةَ القَصْدِ
ولو أنّ شقَّ الجيبِ قد ردّ فائِتًا
لقلّ وإنّي قد شقَقْتُ لهُم كِبْدي
ولو قبِلَ الموتُ الفِداءَ فديتُه
ولكنّهُ لن يُعطيَ الحُرَّ بالعَبْدِ
بَنو المجدِ لا أصمَتْكُمُ أسهُمُ الرّدى
ولا شلّتِ الأيامُ منكُم يَدَ الرِّفدِ
ولا اِمتحَنَتْ بالبَينِ يومًا عُيونكُم
ولا أحرقَتْ أحشاءَكُم لوعةُ البُعدِ
ولا برِحَتْ آراءُكم وأكفُّكُم
مصابيحُها تَهدي وراحاتُها تُجدي
0 تعليقات