عرّج على البانِ واِنُشُدْ في مَجانِيهِ
قلبًا فقد ضاعَ منّي في مَغانيهِ
وسَلْ ظِلالَ الغَضا عنه فثَمَّ لهُ
مثوىً بها فهَجيرُ الهَجْرِ يُلْجيهِ
أو لا فسَلْ منزلَ النّجوى بكاظمةٍ
عن مُهجَتي وضَماني إنّها فيهِ
واِقْرَ السلامَ عُرَيبَ الجِزع جمعَهُمُ
واِخضَعْ لهم وتلطّفْ في تأدّيهِ
وحيّ أقمارَ ذاك الحيّ عن دنَفٍ
يُميتُه الليلُ فِكرًا وهْو يُحييهِ
واِنْحُ الحِمى يا حَماكَ اللّهُ مُلتَمِسًا
فكّ القلوبِ الأسارى عندَ أهليهِ
للَّه حيٌّ إذا أقمارُهُ غربَتْ
أغنَتْكَ عنها وُجوهٌ من غَوانِيهِ
مغنىً إذا اِرْتادَ طَرْفي في ملاعِبِه
حسِبتُهُنّ عُقودًا في تَراقيهِ
جَمالُ كلِّ أسيلِ الخدِّ يجمعُه
وقلبُ كلِّ أسيرِ الوجهِ يَحْويهِ
تمشي كُنوزُ الثّنايا من عقائِلِه
مرصودةً بالأفاعي من عَواليهِ
لولا النّوى وجليُّ البَيْنِ لاِلتَبَسَتْ
عواطِلُ السِّربِ حُسنًا في حَوالِيهِ
إذا بمَجرى الظِبا تَجري ضراغِمُهُ
أثارَتِ الخيلُ نقْعًا من عَواليهِ
قد يكتفي المُجرمونَ النّاكِسونَ إذا
هبّ النّسيمُ عليهِمْ من نَواحيهِ
مذ حرّمَتْ قُضبُه مسَّ الصّعيدِ على
باغي الطّهورِ ودَمعي ماءُ وادِيهِ
سَقى الحَيا عزَّ أقوامٍ صَوارمُهُم
عن مِنّةِ الغيثِ عامَ الجدبِ تُغنيهِ
يا نازِحينَ وأوهامي تقرّبُهُم
حُوشِيتُم من لَظى قَلبي وحُوشِيهِ
عسى نسيمُ الصّبا في نشرِ تُربتِكُم
يعودُ مَرضاكُمُ يومًا فيَشْفيهِ
مَن لي به من ثَراكُم أن يحدّثني
بِما عليه ذُيولُ العَين ترويهِ
وحقِّكمْ إن رضيتُم في ضَنى جَسَدي
بحبِّكُم لوجودي في تفانِيهِ
أفري الجُيوبَ إذا غِبتُم فكيفَ إذا
بِنتُم فمِنْ أينَ لي قلبٌ فأفريهِ
بالنَفسِ دُرًّا بسَمعي كُنتُ ألفِظُه
منكم وَوَرْدًا بعَيني كُنت أجنِيهِ
اللّهَ يا ساكِني سَلعٍ بنفسِ شجٍ
على الطّلولِ أسالَتْها مآقِيهِ
عانٍ خُصورُ الغواني البيضِ تُنحِلُه
وبيضُ مَرضى الجُفونِ السودِ تَبريهِ
يَرعى السُها بعُيونٍ كلّما اِلتفتَتْ
نحو العقيقِ غدَتْ في الخدِّ تُجريهِ
يهزّهُ البانُ شوقًا حين تَفهَمُه
معنى الإشارة عنكمْ في تَثَنّيهِ
تبدو بُدورُ غوانيكُم فتوهِمُه
بأنّهنّ ثَناياكُم فتُصبيهِ
هَوى فأضحى بمَيدانِ الهَوى هدَفًا
فعينُكُم بسِهامِ الغُنْجِ تَرميهِ
يوري النّوى أيَّ نارٍ في جوانحِه
أمَا تَرَوْنَ سَناها في نَواصِيهِ
رَعْيًا لمنزلِ أُنسٍ بالعَقيقِ لنا
لا زالَ صوبُ الحيا بالدُّرِّ يوليْهِ
وحبّذا عصرُ لَذّاتٍ عرَجْتُ به
نحوَ البُدورِ ببيضٍ من لَيالِيهِ
أكرِمْ بِها من لُوَيلاتٍ لو اِنْتسَقَتْ
لكُنّ في السِلكِ أبهى من لآلِيهِ
غُرٌّ كأنّ عليَّ المجدِ خوّلَها
فزُيّنَتْ ببُدورٍ من أياديهِ
شمسٌ بها زانَ وجهَ الدّهرِ واِنكشفتْ
عن أهلِه ظُلُماتٌ من مَساويهِ
حَليفُ حزْمٍ له في كلِّ مَظلمةٍ
نُورٌ من الرأيِ نحو الفَتْحِ يَهديهِ
سيفًا لو الحِلْمُ لم يُغمِدْهُ كادَ بِه
أن تهلكَ الناسُ حين العزمُ يُنضيهِ
غيثٌ هَما وسَما في المَجْدِ فاِشترَكَتْ
في جودِه الخَلْقُ واِختصّتْ مَعالِيهِ
يُمْنُ العُلا والأماني البيض في يده الْ
يُمنى وحُمرُ المَنايا في أمانيهِ
فلو أراعَ غُرابَ البَين صارمُه
لَشابَ فَوْداهُ واِبْيَضّتْ خَوافيهِ
ولو أتَتْهُ النجومُ الشُّهْبُ يومَ ندىً
لم يرضَ بالشّمسِ دينارًا فيُعطيهِ
تهوى الأهلّةُ أن تسعى لخِدمتِه
ولو بها اِشتعلَتْ يومًا مَذاكِيهِ
وا فرحةَ الليثِ فيه لو يُسالِمُه
وغِبطةَ الغيثِ فيه أن يؤاخيهِ
مِقدارُه عن ذوي الأقدارِ يرفعُهُ
وجودُه لذَوي الحاجاتِ يُدْنيهِ
هو الأصمُّ إذا تدعوهُ فاحِشةٌ
وهو السّميعُ إذا التّقوى تُناديهِ
إن يحمِلِ الحَمدُ وردًا فهْو قاطِفُه
أو يُجتَنى منه شهدٌ فهْو جانِيهِ
هامَ الزّمانُ به حبًّا فأوشكَ أنْ
يعودَ شوقًا إلى رُؤياهُ ماضِيهِ
إذا الحُظوظُ مَحاها اليأسُ أثبتَها
رجاؤهُ بحُظوظٍ مِلء أيديهِ
دَوحُ الفَخارِ الّذي مُزنُ الإمامةِ لا
تنفكّ في رشَحاتِ البِرِّ تَسقيهِ
من حولِه نسَبٌ يَغشى بصائِرَنا
نورُ النّبوّةِ منه حينَ يُغريهِ
منَ المُلوكِ الأُلى لولا حُلومُهُمُ
تزَلْزَلَ المجدُ واِندَكّت رَواسيهِ
من كلِّ أبلَجَ مأمونٍ مناقِبُه
بجنّةِ الحَمدِ يلقى طعنَ شانِيهِ
نَشا ونفْسُ النّدى منه نشَتْ فغَدا
كلٌّ لصاحبِه الأدنى يُربّيهِ
الحيدَريُّ الّذي دانَ الزّمانُ له
حتّى اِستكانَ وخافَتْهُ دَواهِيهِ
قِرنٌ إذا ما غَديرُ الدُرِّ أغرقَهُ
خاضَ الرّدى فيكادُ البأسُ يوريهِ
بدْرُ الحُسامِ إذا في الرّوعِ أضحكَهُ
فإنّه بالدّم الجاري سيُبكيهِ
والهامُ تدري وإنْ عزّت سيلزَمُها
ذلُّ السُّجودِ إذا صلّتْ مَواضيهِ
ساسَ الأمورَ فأجْرى في أوامرِه
حُكمَ المُنى والمَنايا في مناهِيهِ
تعشّقَ المجدَ طِفلًا واِستَهامَ بهِ
فهانَ فيهِ عليه ما يُقاسِيْهِ
سلِ الحَيا حينَ يَهْمي عن أناملِه
أهُنّ أندى بَنانًا أم غَوادِيهِ
لهُ خِصالٌ بخيطِ الفَجرِ لو نُظِمَتْ
لم ينتظِمْ سبَجُ الدّاجي بثانِيهِ
شمائِلٌ لو حَواها الليلُ واِفتقدَتْ
بودِّه لَفداها في دَرارِيهِ
قِلادةُ المجدِ والعُليا صنائِعُه
وزينةُ الدّينِ والدُّنيا مَساعِيهِ
مَولىً كأنّك تَتلو في مجالِسِنا
آيَ السُّجودِ علَينا إذ تُسمّيهِ
يا ساعِدَ الجودِ بل يا نَفْسَ حاتِمه
يا نقْشَ خاتَمِه يا طوقَ هادِيهِ
لا زِلْتَ يا غَوثُ لي غَوثًا ومُنتجَعًا
ولا برِحْتُ إليكَ المَدْحَ أُهدِيهِ
لولا تملُّكُكُمْ رِقّي بأنعُمِكم
ما راقَ شِعري ولا رقّتْ مَبانِيهِ
واِستجْلِ من آيِ نَظْمي أيَّ مُعجزةٍ
تخلِّدُ الذِكرَ في الدُنيا وتُبقيهِ
مدحٌ تَسيرُ إذا ما فيكَ فُهْتُ به
سيرَ الكَواكِبِ في الدّنيا قَوافيهِ
بُيوتُ شِعْرٍ بَناها الفِكرُ من ذهَبٍ
سكّانُها حُورُ عِينٍ من مَعانيهِ
واِغْنَمْ بصومٍ عسى بالخيرِ يختُمُه
لكَ الإله وبالرُّضوانِ يجزيهِ
هِلالُ سَعدٍ تَراءى فيه منك عُلًا
فعادَ صبًّا يكادُ الشّوقُ يُخفيهِ
وليَهْنِكَ العيدُ في تجديدِ عودتِه
بل فيكَ يا بهجةَ الدُّنيا نُهنّيهِ
0 تعليقات