نشيد لـ محمود درويش

1
لأجمل ضفة أمشي
فلا تحزن على قدمي
من الأشواك
إن خطايَ مثل الشمس
لا تقوى بدون دمي!
لأجمل ضفة أمشي
فلا تحزن على قلبي
من القرصان..
إن فؤادي المعجون كالأرضِ
نسيم في يد الحبّ
وبارود على البغضِ!
لأجمل ضفة أمشي
فإمّا يهتريء نعلي
أضع رمشي
نعم.. رمشي!
ولا أقفُ
ولا أهفوإلى نوم وأرتجف
لأن سرير من ناموا
بمنتصف الطريق..
كخشبة النعشِ!
تعالوا يا رفاق القيد والأحزان
كي نمشي
لأجمل ضفة نمشي
فلن نقهرْ
ولن نخسر
سوى النعشِ!

2
إلى الأعلى
حناجرُنا
إلى الأعلى
محاجرنا
إلى الأعلى
أمانينا
إلى الأعلى
أغانينا
سنصنع من مشانقنا
ومن صلبان حاصرنا وماضينا
سلالم للغد الموعود
ثم نصيح يا رضوان!
افتح بابك الموصود!
سنطلقُ من حناجرنا
ومن شكوى مراثينا
قصائد. كالنبيذ الحلو
تكرع في ملاهينا
وتنشد في الشوارع
في المصانع
في المحاجر
في المزارع
في نوادينا!
سننصب من محاجرنا
مراصد، تكشف الأبعد والأعمق والأروعْ
فلا نقشعْ
سوى الفجرِ
ولا نسمع
سوى النصرِ
فكل تمرد في الأرضْ
يزلزلنا
وكل جميلة في الأرض
تقبّلُنا
وكل حديقة في الأرض
نأكل حبه منها
وكل قصيدة في الأرض
إذا رقصت نحاصرها
وكل يتيمة في الأرض
إذا نادت نناصرها
سنخرج من معسكرنا
ومنفانا
سنخرج من مخابينا
ويشتمنا أعادينا :
"هلا.. همج همُ.. عرب "
نعم!عربُ
ولا نخجلْ
ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل
وكيف يقاوم الأعزل
ونعرف كيف نبني المصنع العصريِّ
والمنزل..
ومستشفى
ومدرسة
وقنبلة
وصاروخًا
وموسيقى
ونكتب أجمل الأشعار..
وماذا بعد؟
سمعنا صوتك المدهون بالفسفور
سمعناه.. سمعناهُ
فكيف ستجعل الكلماتُ
أكواخ الدجى.. بلّور!
ودربك كله ديجور
وشعبك..
دمعة تبكي زمان النور
وأرضك..
نقش سجادة
على الطرقات مرميِّه
وأنت.. بدون زوّاده
وماذا بعد؟ وماذا بعد؟
جميل صوتك المحمول بالريح الشماليّة
ولكنا سئمناهُ!
صوت :
ذليلٌ أنت كالإسفلتْ
ذليل أنت
يا من يحتمي بستارة الضجرِ
غبيّ أنت.. كالقمرِ
ومصلوب على حجرِ
فدعني أكمل الإنشاد
دعني أحمل الريح الشماليّة
ودعني أحبس الأعصار في كمي
ودعني أخزن الديناميت في دمي
ذليل أنت كالإسفلت
وكالقمر..
غبيّ أنت!
نشيد بنات طروادة
وداعًا يا ليالي الطهر
يا أسوار طروادة
خرجنا من مخابينا
إلى أعراس غازينا
لنرقص فوق موت رجال طروادة
سبايا نحن، نعطيهم بكارتنا
وما شاؤُوا
لأنهم أشداءُ
ونرقد في مضاجع قاتلي أبطال طروادة
وداعًا يا ليالي الطهر والأحلام
يا ذكرى أحبتنا
سبايا نحن منذ اليوم
من آثار طرواده
تعليق على النشيد
بلى، أصغيتُ للنغمِ
فلا تخضع لجناز الردى
قيثارك المشدود..
من قاع المحيط لجبهة القممِ!
لئلا تجهض الأزهار والكبريت
فوق فمِ
سيزهر مرة طلعًا وقنديلًا
وشعرا يصهر الفولاذ..
يرصف شارع النغمِ
لئلاّ تحقن الأجساد
أفيونًا من الألمِ
نعم، أصغيت للنغمِ
ولكني، تحرَّيت السنا في الدمع
لا ديمونة الظلمِ
لنحرق ريشة الماضي
ونعرف لحننا الرائد!
فمن عزمي
ومن عزمك
ومن لحمي
ومن لحمك
نعِّبد شارع المستقبل الصاعد
صوت :
وماذا بعد؟ ماذا بعدْ!
وشعبك..
دمعة ترثي زمان المجد
ولحن القيد
يجنِّزنا
ويحفر للذين يقامون اللحد!
مع المسيح
ألو..
أريد يسوع
نعم! من أنت!
أنا أحكي من" إسرائيل"
وفي قدمي مسامير.. وإكليل
من الأشواك أحمله
فأي سبيل
أختار يا ابن الله.. أي سبيل
أأكفر بالخلاص الحلو
أم أمشي؟
أم أمشيوأحتضرُ؟
أقول لكم أماما أيّها البشرُ!
مع محمّد
ألو..
أريد محمّد!العربِ
نعم! من أنت؟
سجين في بلادي
بلا أرض
بلا علم
بلا بيتِ
رموا أهلي إلى المنفى
وجاؤوا يشترون النار من صوتى
لأخرج من ظلام السجن..
ما أفعلْ؟
تحدّ السجن والسجّان
فإن حلاوة الإيمان
تذيب مرارة الحنظلْ!
مع حبقوق
ألو..هالوا
أموجود هنا حبقوق؟
نعم من أنت؟
أنا يا سيدي عربي
وكانت لي يدٌ تزرع
ترابًا سمَّدته يدا وعين أبي
وكانت لي خطى وعباءة..
وعمامة ودفوف
وكانت لي..
كفي يا ابني!
على قلبي حكايتكم
على قلبي سكاكينُ
بقية النشيد
دعوني أُكمل الإنشاد
فإن هدية الأجداد للأحفاد:
"زرعنا.. فاحصدوا!"
والصوت يأتينا سمادًا
يغرق الصحراء بالمطرِ
ويُخصب عاقر الشحرِ!
دعوني أكمل الإنشاد

إرسال تعليق

0 تعليقات