يا أُختَ خَيرِ أَخٍ يا بِنتَ خَيرِ أَبٍ
كِنايَةً بِهِما عَن أَشرَفِ النَسَبِ
أُجِلُّ قَدرَكِ أَن تُسمى مُؤَبَّنَةً
وَمَن يَصِفكِ فَقَد سَمّاكِ لِلعَرَبِ
لا يَملِكُ الطَرِبُ المَحزونُ مَنطِقَهُ
وَدَمعَهُ وَهُما في قَبضَةِ الطَرَبِ
غَدَرتَ يا مَوتُ كَم أَفنَيتَ مِن عَدَدِ
بِمَن أَصَبتَ وَكَم أَسكَتَّ مِن لَجَبِ
وَكَم صَحِبتَ أَخاها في مُنازَلَةٍ
وَكَم سَأَلتَ فَلَم يَبخَل وَلَم تَخِبِ
طَوى الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ
فَزِعتُ فيهِ بِآمالي إِلى الكَذِبِ
حَتّى إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلًا
شَرِقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي
تَعَثَّرَت بِهِ في الأَفواهِ أَلسُنُها
وَالبُردُ في الطُرقِ وَالأَقلامُ في الكُتُبِ
كَأَنَّ فَعلَةَ لَم تَملَء مَواكِبُها
دِيارَ بَكرٍ وَلَم تَخلَع وَلَم تَهِبِ
وَلَم تَرُدَّ حَياةً بَعدَ تَولِيَةٍ
وَلَم تُغِث داعِيًا بِالوَيلِ وَالحَرَبِ
أَرى العِراقَ طَويلَ اللَيلِ مُذ نُعِيَت
فَكَيفَ لَيلُ فَتى الفِتيانِ في حَلَبِ
يَظُنُّ أَنَّ فُؤادي غَيرَ مُلتَهِبٍ
وَأَنَّ دَمعَ جُفوني غَيرُ مُنسَكِبِ
بَلى وَحُرمَةِ مَن كانَت مُراعِيَةً
لِحُرمَةِ المَجدِ وَالقُصّادِ وَالأَدَبِ
وَمَن مَضَت غَيرَ مَوروثٍ خَلائِقُها
وَإِن مَضَت يَدُها مَوروثَةَ النَشَبِ
وَهَمُّها في العُلى وَالمَجدِ ناشِئَةً
وَهَمُّ أَترابِها في اللَهوِ وَاللَعِبِ
يَعلَمنَ حينَ تُحَيّا حُسنَ مَبسِمِها
وَلَيسَ يَعلَمُ إِلّا اللَهُ بِالشَنَبِ
مَسَرَّةٌ في قُلوبِ الطيبِ مَفرِقُها
وَحَسرَةٌ في قُلوبِ البَيضِ وَاليَلَبِ
إِذا رَأى وَرَآها رَأسَ لابِسِهِ
رَأى المَقانِعَ أَعلى مِنهُ في الرُتَبِ
وَإِن تَكُن خُلِقَت أُنثى لَقَد خُلِقَت
كَريمَةً غَيرَ أُنثى العَقلِ وَالحَسَبِ
وَإِن تَكُن تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرُها
فَإِنَّ في الخَمرِ مَعنىً لَيسَ في العِنَبِ
فَلَيتَ طالِعَةَ الشَمسَينِ غائِبَةٌ
وَلَيتَ غائِبَةَ الشَمسَينِ لَم تَغِبِ
وَلَيتَ عَينَ الَّتي آبَ النَهارُ بِها
فِداءُ عَينِ الَّتي زالَت وَلَم تَؤُبِ
فَما تَقَلَّدَ بِالياقوتِ مُشبِهُها
وَلا تَقَلَّدَ بِالهِندِيَّةِ القُضُبِ
وَلا ذَكَرتُ جَميلًا مِن صَنائِعِها
إِلّا بَكَيتُ وَلا وُدٌّ بِلا سَبَبِ
قَد كانَ كُلُّ حِجابٍ دونَ رُؤيَتِها
فَما قَنِعتِ لَها يا أَرضُ بِالحُجُبِ
وَلا رَأَيتِ عُيونَ الإِنسِ تُدرِكُها
فَهَل حَسَدتِ عَلَيها أَعيُنَ الشُهُبِ
وَهَل سَمِعتِ سَلامًا لي أَلَمَّ بِها
فَقَد أَطَلتُ وَما سَلَّمتُ مِن كَثَبِ
وَكَيفَ يَبلُغُ مَوتانا الَّتي دُفِنَت
وَقَد يُقَصِّرُ عَن أَحيائِنا الغَيَبِ
يا أَحسَنَ الصَبرِ زُر أَولى القُلوبِ بِها
وَقُل لِصاحِبِهِ يا أَنفَعَ السُحُبِ
وَأَكرَمَ الناسِ لا مُستَثنِيًا أَحَدًا
مِنَ الكِرامِ سِوى آبائِكَ النُجُبِ
قَد كانَ قاسَمَكَ الشَخصَينِ دَهرُهُما
وَعاشَ دُرُّهُما المَفديُّ بِالذَهَبِ
وَعادَ في طَلَبِ المَتروكِ تارِكُهُ
إِنّا لَنَغفُلُ وَالأَيّامُ في الطَلَبِ
ماكانَ أَقصَرَ وَقتًا كانَ بَينَهُما
كَأَنَّهُ الوَقتُ بَينَ الوِردِ وَالقَرَبِ
جَزاكَ رَبُّكَ بِالأَحزانِ مَغفِرَةً
فَحُزنُ كُلِّ أَخي حُزنٍ أَخو الغَضَبِ
وَأَنتُمُ نَفَرٌ تَسخو نُفوسُكُمُ
بِما يَهَبنَ وَلا يَسخونَ بِالسَلَبِ
حَلَلتُمُ مِن مُلوكِ الناسِ كُلِّهِمِ
مَحَلَّ سُمرِ القَنا مِن سائِرِ القَصَبِ
فَلا تَنَلكَ اللَيالي إِنَّ أَيدِيَها
إِذا ضَرَبنَ كَسَرنَ النَبعَ بِالغَرَبِ
وَلا يُعِنَّ عَدُوًّا أَنتَ قاهِرُهُ
فَإِنَّهُنَّ يَصِدنَ الصَقرَ بِالخَرَبِ
وَإِن سَرَرنَ بِمَحبوبٍ فَجَعنَ بِهِ
وَقَد أَتَينَكَ في الحالَينِ بِالعَجَبِ
وَرُبَّما اِحتَسَبَ الإِنسانُ غايَتَها
وَفاجَأَتهُ بِأَمرٍ غَيرِ مُحتَسَبِ
وَما قَضى أَحَدٌ مِنها لُبانَتَهُ
وَلا اِنتَهى أَرَبٌ إِلّا إِلى أَرَبِ
تَخالَفَ الناسُ حَتّى لا اِتِّفاقَ لَهُم
إِلّا عَلى شَجَبٍ وَالخُلفُ في الشَجَبِ
فَقيلَ تَخلُصُ نَفسُ المَرءِ سالِمَةً
وَقيلَ تَشرَكُ جِسمَ المَرءِ في العَطَبِ
وَمَن تَفَكَّرَ في الدُنيا وَمُهجَتِهِ
أَقامَهُ الفِكرُ بَينَ العَجزِ وَالتَعَبِ
0 تعليقات