وطن النجوم أنا هنا (وطن النجوم) لـ إيليا أبو ماضي

وَطَنَ النُّجُومِ، أَنَا هُنَا
حَدِّقْ، أَتَذْكُرُ مَنْ أَنَا؟

أَلَمَحْتَ فِي الْمَاضِي الْبَعِيـ
دِ فَتًى غَرِيرًا أَرْعَنَا؟

جَذْلَانَ يَمْرَحُ فِي حُقُو
لِكَ كَالنَّسِيمِ مُدَنْدِنَا

الْمُقْتَنَى الْمَمْلُوكُ مَلْـ
ـعَبُهُ وَغَيْرُ الْمُقْتَنَى!

يَتَسَلَّقُ الْأَشْجَارَ لَا
ضَجَرًا يُحِسُّ وَلَا وَنَى

وَيَعُودُ بِالْأَغْصَانِ يَبْـ
ـرِيهَا سُيُوفًا أَوْ قَنَا

وَيَخُوضُ فِي وَحْلِ الشِّتَا
مُتَهَلِّلًا مُتَيَمِّنَا

لَا يَتَّقِي شَرَّ الْعُيُو
نِ وَلَا يَخَافُ الْأَلْسُنَا

وَلَكَمْ تَشَيْطَنَ كَيْ يَقُو
لَ النَّاسُ عَنْهُ «تَشَيْطَنَا»

أَنَا ذَلِكَ الْوَلَدُ الَّذِي
دُنْيَاهُ كَانَتْ هَهُنَا!

أَنَا مِنْ مِيَاهِكَ قَطْرَةٌ
فَاضَتْ جَدَاوِلَ مِنْ سَنَا

أَنَا مِنْ تُرَابِكَ ذَرَّةٌ
مَاجَتْ مَوَاكِبَ مِنْ مُنَى

أَنَا مِنْ طُيُورِكَ بُلْبُلٌ
غَنَّى بِمَجْدِكَ فَاغْتَنَى

حَمَلَ الطَّلَاقَةَ وَالْبَشَا
شَةَ مِنْ رُبُوعِكَ لِلدُّنَى

كَمْ عَانَقَتْ رُوحِي رُبَا
كَ وَصَفَّقَتْ فِي الْمُنْحَنَى؟

لِلْأَرْزِ يَهْزَأُ بِالرِّيَا
حِ وَبِالدُّهُورِ وَبِالْفَنَا

لِلْبَحْرِ يَنْشُرُهُ بَنُو
كَ حَضَارَةً وَتَمَدُّنَا

لِلَّيْلِ فِيكَ مُصَلِّيًا
لِلصُّبْحِ فِيكَ مُؤَذِّنَا

لِلشَّمْسِ تُبْطِئُ فِي وَدَا
عِ ذُرَاكَ كَيْلَا تَحْزَنَا

لِلْبَدْرِ فِي نَيْسَانَ يَكْـ
ـحَلُ بِالضِّيَاءِ الْأَعْيُنَا

فَيَذُوبُ فِي حَدَقِ الْمَهَى
سِحْرًا لَطِيفًا لَيِّنَا

لِلْحَقْلِ يَرْتَجِلُ الرَّوَا
ئِعَ زَنْبَقًا أَوْ سَوْسَنَا

لِلْعُشْبِ أَثْقَلَهُ النَّدَى
لِلْغُصْنِ أَثْقَلَهُ الْجَنَى

عَاشَ الْجَمَالُ مُشَرَّدًا
فِي الْأَرْضِ يَنْشُدُ مَسْكَنَا

حَتَّى انْكَشَفْتَ لَهُ فَأَلْـ
ـقَى رَحْلَهُ وَتَوَطَّنَا

وَاسْتَعْرَضَ الْفَنُّ الْجِبَا
لَ فَكُنْتَ أَنْتَ الْأَحْسَنَا

للهِ سِرٌّ فِيكَ، يَا
لُبْنَانُ، لَمْ يُعْلَنْ لَنَا

خَلَقَ النُّجُومَ وَخَافَ أَنْ
تُغْوِي الْعُقُولَ وَتَفْتِنَا

فَأَعَارَ أَرْزَكَ مَجْدَهُ
وَجَلَالَهُ كَيْ نُؤْمِنَا

زَعَمُوا سَلَوْتُكَ، لَيْتَهُمْ
نَسَبُوا إِلَيَّ الْمُمْكِنَا

فَالْمَرْءُ قَدْ يَنْسَى الْمُسِي
ءَ الْمُفْتَرِي، وَالْمُحْسِنَا

وَالْخَمْرَ، وَالْحَسْنَاءَ، وَالْـ
ـوَتَرَ الْمُرَنَّحَ، وَالْغِنَا

وَمَرَارَةَ الْفَقْرِ الْمُذِلِّ
بَلَى، وَلَذَّاتِ الْغِنَى

لَكِنَّهُ مَهْمَا سَلَا
هَيْهَاتَ يَسْلُو الْمَوْطِنَا

إرسال تعليق

0 تعليقات