أَلَستَ تَرى ما في العُيونِ مِنَ السُقمِ
لَقَد نَحَلَ المَعنى المُدَفَّقُ مِن جِسمي
وَأَضعَفُ ما بِيَ بِالخُصورِ مِنَ الضَنا
عَلى أَنَّها مِن ظُلمِها غَصَبَت قِسمي
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ يَومَ وَداعِنا
لَقَد غَفَلَت عَينُ الرَقيبِ عَلى رُغمِ
ضَمَمتُ ضَنا جِسمي إِلى ضُعفِ خِصرِها
لِجِنسِيَّةٍ كانَت لَهُ عِلَّةَ الضَمِّ
رَبيبَةُخِدرٍ يَجرَحُ اللَحظُ خَدَّها
فَوَجنَتُها تَدمى وَأَلحاظُها تُدمي
يُكَلِّمُ لَفظي خَدَّها إِن ذَكَرتُهُ
وَيُؤلِمُهُ إِن مَرَّ مَرآهُ في وَهمي
إِذا اِبتَسَمَت وَالفاحِمُ الجَعدُ مُسبَلٌ
تُضِلُّ وَتَهدي مِن ظَلامٍ وَمِن ظَلمِ
تَغَزَّلتُ فيها بِالغَزالِ فَأَعرَضَت
وَقالَت لَعَمري هَذِهِ غايَةُ الذَمِّ
وَصَدَّت وَقَد شَبَّهتُ بِالبَدرِ وَجهَها
نِفارًا وَقالَت صِرتَ تَطمَعُ في شَتمي
وَكَم قَد بَذَلتُ النَفسَ أَخطُبُ وَصلَها
وَخاطَرتُ فيها بِالنَفيسِ عَلى عِلمِ
فَلَم تَلِدِ الدُنيا لَنا غَيرَ لَيلَةٍ
نَعِمتُ بِها ثُمَّ اِستَمَرَّت عَلى العُقمِ
فَيا مَن أَقامَتني خَطيبًا لِوَصفِها
أُرَصِّعُ فيها اللَفظَ في النَثرِ وَالنَظمِ
خُذي الدُرَّ مِن لَفظي فَإِن شِئتِ نَظمَهُ
وَأَعوَزَ سِلكٌ لِلنِظامِ فَها جِسمي
فَفيكِ هَجَرتُ الأَهلَ وَالمالَ وَالغِنى
وَرُتبَةَ دَستِ المُلكِ وَالجاهِ وَالحُكمِ
وَقُلتِ لَقَد أَصبَحتَ في الحَيِّ مُفرِدًا
صَدَقتِ فَهَلّا جازَ عَفوُكِ في ظُلمي
أَلَم تَشهَدي أَنّي أُمَثَّلُ لِلعِدى
فَتَسهَرَ خَوفًا أَن تَرانِيَ في الحُلمِ
فَكَم طَمِعوا في وِحدَتي فَرَمَيتُهُم
بِأَضيَقَ مِن سُمٍّ وَأَقتَلَ مِن سُمِّ
وَكَم أَجَّجوا نارَ الحُروبِ وَأَقبَلوا
بِجَيشٍ يَصُدُّ السيلَ عَن مَربَضِ العُصمِ
فَلَم يَسمَعوا إِلّا صَليلَ مُهَنَّدي
وَصَوتَ زَئيري بَينَ قَعقَعَةِ اللُجمِ
جَعَلتُهُمُ نَهبًا لِسَيفِيَ وَمِقوَلي
فَهُم في وَبالٍ مِن كَلامي وَمِن كَلّمي
تَوَدُّ العِدى لَو يُحدِقُ اِسمُ أَبي بِها
وَأَلّا تُفاجا في مَجالِ الوَغى بِاِسمي
تُعَدَّدُ أَفعالي وَتِلكَ مَناقِبٌ
فَتَذكُرُني بِالمَدحِ في مَعرِضِ الذَمِّ
وَلَو جَحَدوا فِعلي مَخافَةَ شامِتٍ
لَنَمَّ عَلَيهِم في جِباهِهِمُ وَسمي
فَكَيفَ وَلَم يُنسَب زَعيمٌ لِسِنبِسٍ
إِلى المَجدِ إِلّا كانَ خالِيَ أَو عَمّي
وَإِن أَشبَهَتهُم في الفَخارِ خَلائِقي
وَفِعلي فَهَذا الراحُ مِن ذَلِكَ الكَرمِ
فَقُل لِلأَعادي ما اِنثَنَيتُ لِسَبِّكُم
وَلا طاشَ في ظَنّي لِغَدرِكُمُ سَهمي
نَظَرنا خَطاياكُم فَأَغرَيتُمُ بِنا
كَذا مَن أَعانَ الظالِمينَ عَلى الظُلمِ
أَسَأتُم فَإِن أَسخَط عَلَيكُم فَبِالرِضى
وَإِن أَرضَ عَنكُم مِن حَيائي فَبِالرَغمِ
لَجَأتُ إِلى رُكنٍ شَديدٍ لِحَربِكُم
أَشُدُّ بِهِ أَزري وَأُعلي بِهِ نَجمي
وَظَلتُ كَأَنّي أَملِكُ الدَهرَ عِزَّةً
فَلا تَنزِلُ الأَيّامُ إِلّا عَلى حُكمي
بِأَروَعَ مَبنِيٍّ عَلى الفَتحِ كَفُّهُ
إِذا بُنِيَت كَفُّ اللَئيمِ عَلى الضَمِّ
مَلاذي جَلالُ الدينِ نَجلُ مَحاسِنٍ
حَليفُ العَفافِ الطَلقِ وَالنائِلِ الجَمِّ
فَتىً خُلِقَت كَفّاهُ لِلجودِ وَالسَطا
كَما العَينُ لِلإِبصارِ وَالأَنفُ لِلشَمِّ
لَهُ قَلَمٌ فيهِ المَنِيَّةُ وَالمُنى
فَديمَتُهُ تَهمي وَسَطوَتُهُ تُصمي
يَراعٌ يَروعُ الخَطبَ في حالَةِ الرِضى
وَيُضرِمُ نارَ الحَربِ في حالَةِ السِلمِ
وَعَضبٌ كَأَنَّ المَوتَ عاهَدَ حَدَّهُ
وَصالَ فَأَفنى جِرمُهُ كُلَّ ذي جِرمِ
فَيا مَن رَعانا طَرفُهُ وَهُوَ راقِدٌ
وَقَد قَلتِ النُصّارُ بِالعَزمِ وَالحَزمِ
يَدُ الدَهرِ أَلقَتنا إِلَيكَ فَإِن نُطِق
لَها مَلمَسًا أَدمى بِراجِمِها لَثمي
أَطَعتُكَ جُهدي فَاِحتَفِظ بي فَإِنَّني
لِنَصرِكَ لا يَنفَلُّ جَدّي وَلا عَزمي
فَإِن غِبتَ فَاِجعَل لي وَلِيًّا مِنَ الأَذى
وَهَيهاتَ لا يُغني الوَلِيُّ عَنِ الوَسمي
0 تعليقات