ألهتكم الدنيا عن الآخرة (في الزهد) لـ محمود سامي البارودي

أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
وَهْيَ مِنَ الْجَهْلِ بِكُمْ سَاخِرَهْ

وَغَرَّكُمْ مِنْهَا وَأَنْتُمْ بِكُمْ
جُوعٌ إِلَيْهَا قِدْرُهَا الْبَاخِرَهْ

يَمْشِي الْفَتَى تِيهًا وَفِي ثَوْبِهِ
مِنْ مَعْطِفَيْهِ جِيفَةٌ جَاخِرَهْ

كَأَنَّهُ فِي كِبْرِهِ سَادِرٌ
سَفِينَةٌ فِي لُجَّةٍ مَاخِرَهْ

كَمْ أَنْفُسٍ عَزَّتْ بِسُلْطَانِهَا
فِي ما مَضَى وَهْيَ إِذَنْ دَاخِرَهْ

وَعُصْبَةٍ كَانَتْ لأَمْوَالِهَا
مَظنَّةَ الْفَقْرِ بِهَا ذَاخِرَهْ

فَأَصْبَحَتْ يَرْحَمُهَا مَنْ يَرَى
وَقَدْ غَنَتْ فِي نِعْمَةٍ فَاخِرَهْ

فَلا جَوَادٌ صَاهِلٌ عَزَّهُمْ
يَومًا وَلا خَيْفَانَةٌ شَاخِرَهْ

بَلْ عَمَّ دُنْيَاهُمْ صُرُوفٌ لَهَا
مِنَ الرَّدَى أَوْدِيَةٌ زَاخِرَهْ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ
وَاخْشَوْا عَذَابَ اللهِ وَالآخِرَهْ

أَنْتُمْ قُعُودٌ وَالرَّدَى قَائِمٌ
يُسْقِيكُمُ بِالْكُوبِ وَالصَّاخِرَهْ

فَانْتَبِهُوا مِنْ غَفَلاتِ الْهَوَى
وَاعْتَبِرُوا بِالأَعْظُمِ النَّاخِرَهْ