قارئة الفنجان لـ نزار قباني

جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيدًا
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..
ستُحِبُّ كثيرًا وكثيرا..
وتموتُ كثيرًا وكثيرا
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب

***
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى وورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
من يطلبُ يَدَها..
من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيرًا
لكنّي.. لم أقرأ أبدًا
فنجانًا يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبدًا يا ولدي..
أحزانًا تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ.. أن تمشي أبدًا
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيدًا كالأصداف
وتظلَّ حزينًا كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبدًا..
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ...
وترجعُ كالملكِ المخلوع..

إرسال تعليق

0 تعليقات