إلى الشاطئ المجهول لـ سيد قطب

تطيفُ بنفسي وهيَ وسنانةٌ سكرى
هواتفُ في الأعماق ساريةٌ تترى

هواتفُ قد حجّبنَ؛ يسرينَ خفية
هوامسُ لم يكشفنَ في لحظة سترًا!

ويعمُرنَ من نفسي المجاهل والدجى
ويجنبن من نفسي المعالم والجهرا

فيهنّ من يوحينَ للنفس بالرضا
وفيهن من يلهمنها السخط والنكرا

ومن بين هاتيك الهواتف ما اسمهُ
حنينٌ، ومنهنّ التشوق والذكرى

أهبن بنفسي في خفوتٍ وروعةٍ وسرنً
بهمس، وهي مأخوذة سكرى

سواحر تقفوهنّ نفسي ولا ترى
من الأمر إلا ما أردنَ لها أمرا

إلى الشاطئ المجهول والعالم الذي
حننتُ لمرآهُ؛ إلى الضفة الأخرى

إلى حيث لا تدري .. إلى حيثُ لا ترى
معالم للأزمان والكون تستقرا

إلى حيث "لا حيث" تميز حدوده!
إلى حيث تنسى الناس والكون والدهرا

وتشعر أن (الجزء) و(الكل) واحد
وتمزج في الحس البداهة والفكرا

فليس هنا (أمس) وليس هنا (غد)
ولا (اليوم) فالأزمان كالحلقة الكبرى

وليس هنا (غير) وليس هنا (أنا)
هنا الوحدة الكبرى التي احتجبت سرا

خلعتُ قيودي وانطلقتُ محلقًا
وبي نشوة الجبار يستلهم الظفرا

أهوّم في هذا الخلود وأرتقي
وأسلك في مسراهُ كالطيف إذ أسرى

وأكشف فيه عالما بعد عالم
عجائب ما زالت ممنعة بكرًا

لقد حجب العقل الذي نستشيرهُ
حقائق جلت عن حقائقنا الصغرى

هنا عالم الأرواح فلنخلع الحجا
فننعم فيه الخلد، والحب، والسحرا