سما لك شوق بعدما كان أقصر لـ امرئ القيس بن حجر

سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَر
وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا

كِنانِيَّةٌ بانَت وَفي الصَدرِ وُدُّه
مُجاوِرَةٌ غَسّانَ وَالحَيُّ يَعمُرا

بِعَينَيَّ ظَعنُ الحَيِّ لَمّا تَحَمَّلو
لَدى جانِبِ الأَفلاجِ مِن جَنبِ تَيمَرى

فَشَبَّهتَهُم في الآلِ لَمّا تَكَمَّشو
حَدائِقَ دومِ أَو سَفينًا مُقَيَّرا

أَوِ المُكرَعاتِ مِن نَخيلِ اِبنِ يامِنٍ
دُوَينَ الصَفا اللائي يَلينَ المُشَقَّرا

سَوامِقَ جَبّارَ أَثيثٍ فُروعَهُ
وَعالَينَ قُنوانًا مِنَ البُسرِ أَحمَرا

حَمَتهُ بَنو الرَبداءِ مِن آلِ يامِنٍ
بِأَسيافِهِم حَتّى أَقَرَّ وَأَوقَرا

وَأَرضى بَني الرَبداءِ وَاِعتَمَّ زَهوُهُ
وَأَكمامُهُ حَتّى إِذا ما تَهَصَّرا

أَطافَت بِهِ جَيلانَ عِندَ قِطاعِهِ
تُرَدِّدُ فيهِ العَينَ حَتّى تَحَيَّرا

كَأَنَّ دُمى شَغفٍ عَلى ظَهرِ مَرمَرٍ
كَسا مُزبِدَ الساجومِ وَشيًا مُصَوَّرا

غَرائِرُ في كَنٍّ وَصَونٍ وَنِعمَةٌ
يُحَلَّينَ ياقوتًا وَشَذرًا مُفَقَّرا

وَريحَ سَنًا في حُقَّةٍ حِميَرِيَّةٍ
تُخَصُّ بِمَفروكٍ مِنَ المِسكِ أَذفَرا

وَبانًا وَأُلوِيًّا مِنَ الهِندِ داكِي
وَرَندًا وَلُبنىً وَالكِباءَ المُقَتَّرا

غَلِقنَ بِرَهنٍ مِن حَبيبٍ بِهِ اِدَّعَت
سُلَيمى فَأَمسى حَبلُها قَد تَبَتَّرا

وَكانَ لَها في سالِفِ الدَهرِ خُلَّةٌ
يُسارِقُ بِالطَرفِ الخِباءَ المُسَتَّرا

إِذا نالَ مِنها نَظرَةً ريعَ قَلبُهُ
كَما ذُعِرَت كَأسُ الصَبوحِ المُخَمَّرا

نَزيفٌ إِذا قامَت لِوَجهٍ تَمايَلَت
تُراشي الفُؤادَ الرَخصَ أَلّا تَخَتَّرا

أَأَسماءُ أَمسى وُدُّها قَد تَغَيَّر
سَنُبدِلُ إِن أَبدَلتِ بِالوُدِّ آخَرا

تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ وَقَد أَتَت
عَلى خَمَلى خوصُ الرِكابِ وَأَوجَرا

فَلَمّا بَدا حَورانُ وَالآلُ دونَهُ
نَظَرتَ فَلَم تَنظُر بِعَينَيكَ مَنظَرا

تَقَطَّعُ أَسبابُ اللُبانَةِ وَالهَوى
عَشِيَّةَ جاوَزنا حَماةَ وَشَيزَرا

بِسَيرٍ يَضُجُّ العَودُ مِنهُ يَمُنُّهُ
أَخو الجَهدِ لا يُلوي عَلى مَن تَعَذَّرا

وَلَم يُنسِني ما قَد لَقيتُ ظَعائِن
وَخَملًا لَها كَالقَرِّ يَومًا مُخَدَّرا

كَأَثلٍ مِنَ الأَعراضِ مِن دونِ بَيشَةٍ
وَدونَ الغُمَيرِ عامِداتٍ لِغَضوَرا

فَدَع ذا وَسَل لا هُمَّ عَنكَ بِجِسرَةٍ
ذُمولٍ إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا

تُقَطِّعُ غيطانًا كَأَنَّ مُتونَه
إِذا أَظهَرَت تُكسي مُلاءً مُنَشَّرا

بَعيدَةُ بَينَ المَنكِبَينِ كَأَنَّم
تَرى عِندَ مَجرى الضَفرِ هِرًّا مُشَجَّرا

تُطايِرُ ظِرّانَ الحَصى بِمَناسِمٍ
صِلابِ العُجى مَلثومُها غَيرُ أَمعَرا

كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِها وَأَمامِه
إِذا نَجَلَتهُ رِجلُها خَذفُ أَعسَرا

كَأَنَّ صَليلَ المَروِ حينَ تُشِذُّهُ
صَليلِ زُيوفٍ يُنتَقَدنَ بِعَبقَرا

عَلَيها فَتىً لَم تَحمِلِ الأَرضُ مِثلَهُ
أَبَرَّ بِميثاقٍ وَأَوفى وَأَصبَرا

هُوَ المُنزِلُ الآلافَ مِن جَوِّ ناعِطٍ
بَني أَسَدٍ حَزنًا مِنَ الأَرضِ أَوعَرا

وَلَو شاءَ كانَ الغَزوُ مِن أَرضِ حِميَرٍ
وَلَكِنَّهُ عَمدًا إِلى الرومِ أَنفَرا

بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَهُ
وَأَيقَنَ أَنّا لاحِقانِ بِقَيصَرا

فَقُلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينُكَ إِنَّم
نُحاوِلُ مُلكًا أَو نَموتَ فَنُعذَرا

وَإِنّي زَعيمٌ إِن رَجِعتُ مُمَلَّك
بِسَيرٍ تَرى مِنهُ الفُرانِقَ أَزوَرا

عَلى لاحِبٍ لا يَهتَدي بِمَنارِهِ
إِذا سافَهُ العَودُ النُباطِيُّ جَرجَرا

عَلى كُلِّ مَقصوصِ الذُنابى مُعاوِدٍ
بَريدَ السَرى بِاللَيلِ مِن خَيلِ بَربَرا

أَقَبَّ كَسَرحانِ الغَضى مُتَمَطِّرٍ
تَرى الماءَ مِن أَعطافِهِ قَد تَحَدَّرا

إِذا زُعتُهُ مِن جانِبَيهِ كِلَيهِم
مَشى الهَيدَبى في دَفِّهِ ثُمَّ فَرفَرا

إِذا قُلتُ رَوَّحنا أَرَنَّ فُرانِقٌ
عَلى جَلعَدٍ واهي الأَباجِلِ أَبتَرا

لَقَد أَنكَرَتني بَعلَبَكُّ وَأَهلُه
وَلَاِبنُ جُرَيجٍ في قُرى حِمصَ أَنكَرا

نَشيمُ بَروقَ المُزنِ أَينَ مُصابُهُ
وَلا شَيءَ يُشفي مِنكِ يا اِبنَةَ عَفزَرا

مِنَ القاصِراتِ الطَرفِ لَو دَبَّ مُحوِلٍ
مِنَ الذَرِّ فَوقَ الإِتبِ مِنها لَأَثَّرا

لَهُ الوَيلُ إِن أَمسى وَلا أُمُّ هاشِمٍ
قَريبٌ وَلا البَسباسَةُ اِبنَةَ يَشكُرا

أَرى أُمَّ عَمروٍ دَمعُها قَد تَحَدَّر
بُكاءً عَلى عَمروٍ وَما كانَ أَصبَرا

إِذا نَحنُ سِرنا خَمسَ عَشرَةَ لَيلَةٍ
وَراءَ الحِساءِ مِن مَدافِعِ قَيصَرا

إِذا قُلتُ هَذا صاحِبٌ قَد رَضيتُهُ
وَقَرَّت بِهِ العَينانِ بُدِّلتُ آخَرا

كَذَلِكَ جَدّي ما أُصاحِبُ صاحِب
مِنَ الناسِ إِلّا خانَني وَتَغَيَّرا

وَكُنّا أُناسًا قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ
وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا

وَما جَبُنَت خَيلي وَلَكِن تَذَكَّرَت
مَرابِطَها في بَربَعيصَ وَمَيسَرا

أَلا رُبَّ يَومٍ صالِحٍ قَد شَهِدتُهُ
بِتاذِفَ ذاتِ التَلِّ مِن فَوقِ طَرطَرا

وَلا مِثلَ يَومٍ في قُدارانَ ظِلتُهُ
كَأَنّي وَأَصحابي عَلى قَرنِ أَعفَرا

وَنَشرَبُ حَتّى نَحسِبَ الخَيلَ حَولَن
نِقادًا وَحَتّى نَحسِبَ الجَونَ أَشقَرا