أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
من خيام الزمان البعيد، ومن لمعان السلاسل
أنت كل النساء اللواتي
مات أزواجهن، و كل الثواكل
أنت
أنت العيون التي فرّ منها الصباح
حين صارت أغاني البلابل
ورقا يابسا في مهب الرياح!
أنا آت إلى ظلّ عينيك.. آت
من جلود تحاك السجاجيد منها.. ومن حدقات
علقت فوق جيد الأميرة عقدا. أنت بيتي ومنفاي.. أنت
أنت أرضي التي دمّرتني
أنت أرضي التي حوّلتني سماء..
وأنت
كل ما قيل عنك ارتجال وكذبة
لست سمراء،
لست غزالا،
ولست الندى والنبيذ،
ولست
كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمة
عندما ارتجّ صوت المغنين.. كنت
لغة الدم حين تصير الشوارع غابة
وتصير العيون زجاجا
ويصير الحنين جريمة
لا تموتي على شرفات الكآبه
كلّ لون على شفتيك احتفال
بالليالي التي انصرمت.. بالنهار الذي سوف يأتي
إجعلي رقبتي عتبات التحول،
أول سطر بسفر الجبال
الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي!
والسيط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك
سوف تبقى سؤال
أين سمسار كل المنابر؟
أين الذي كان.. كان يلوك حجارة قبري وقبرك
ما الذي يجعل الكلمات عرايا؟
ما الذي يجعل الريح شوكا، وفحم الليالي مرايا؟
ما الذي ينزع الجلد عني، ويثقب عظمي؟
ما الذي يجعل القلب مثل القذيفه؟
وضلوع المغنين سارية للبيارق؟
ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة؟
ما الذي يجعل يجعل الشفتين صواعق؟
غير حزن المصفد حين يرى
أخته.. أمه.. حبه
لعبة بين أيدي الجنود
وبين سماسرة الخطب الحامية
فيعض القيود. ويأتي
إلى الموت.. يأتي
إلى ظل عينيك.. يأتي!
أنا آت إلى ظل عينيك آت
من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعاده
أكلت فرسي، في الطريق، جراده
مزّقت جبهتي، في الطريق، سحابه
صلبتني على الطريق ذبابة!
فاغفري لي..
كل هذا الهوان،اغفري لي
انتمائي إلى هامش يحترق!
واغفري لي قرابه
ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق
واجعليني شهيد الدفاع
عن العشب
والحب
والسخرية
عن غبار الشوارع أو غبار الشجر
عن عيون النساء جميع النساء
وعن حركات الحجر.
واجعليني أحب الصليب الذي لا يحب
واجعليني بريقا ضغيرا بعينيك
حين ينام اللهب
أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
مثل نسر يبيعون ريش جناحه
ويبيعون نار جراحه
بقناع. وباعوا الوطن
بعصا يكسرون بها كلمات المغني
وقالوا: اذبحوا واذبحوا..
ثم قالوا هي الحرب كر وفر
ثم فروا..
وفروا
وفروا..
وتباهوا.. تباهوا..
أوسعوهم هجاء وشتما، وأودوا بكل الوطن!
حين كانت يداي السياج، وكنت حديقة
لعبوا النرد تحت ظلال النعاس
حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي
شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي!..
حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا
ساومونا على بيت شعر، وقالوا:
ألهبوا الخيل. كل السبايا
أقبلت أقبلت من خيام المنافي
كذبوا لم يكن جرحنا غير منبر
للذي باعة.. باع حطين.. باع السيوف ليبني منبر
نحو مجد الكراسي!
أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
من غبار الأكاذيب.. آت
من قشور الأساطير آت
أنت لي.. أنت حزني وأنت الفرح
أنت جرحي وقوس قزح
أنت قيدي وحريتي
أنت طيني و أسطورتي
أنت لي.. أنت لي بجراحك
كل جرح حديقة!
أنت لي.. أنت لي.. بنواحك
كل صوت حقيقه
أنت شمسي التي تنطفيء
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي، وأنت حياتي
وسآتي إلى ظل عينيك.. آت
وردة أزهرت في شفاه الصواعق
قبلة أينعت في دخان الحرائق
فاذكريني..إذا ما رسمت القمر
فوق وجهي،و فوق جذوع الشجر
مثلما تذكرين المطر
وكما تذكرين الحصى والحديقة
واذكريني،
كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء
أنا صادقّت أحذية الصبية الضعفاء
أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء
لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم
لم أذق خبز نائم
لم أساوم
لم أدق الطبول لعرس الجماجم
وأنا ضائع فيك بين المراثي وبين الملاحم
بين شمسي وبين الدم المستباح
جئت عينيك حين تجمد ظلي
والأغاني اشتهت قائليها!