حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ
مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ

أنَّى وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها
فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ

وَأتَت شُهُودُ الوَصلِ تَشهَدُ أنه
حَقًّا جَرَى في مَجلسِ الإِحسانِ

فتأكَّدَ الحُكمُ العزيزُ فَلَم تَجِد
فَسخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَلأجلِ ذَا حُكمُ العَذُولِ تَدَاعت ال
أركانُ مِنهُ فَخَرَّ للأذقَانِ

وأتى الوُشاةُ فَصَادَفُوا الحُكمَ الذِي
حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطلانِ

ما صَادَفَ الحُكمُ المَحَلَّ وَلا هُوَ اس
تَوفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطلاَن

فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسنِ أَثبَتَ مَحضَرًا
بِفسَادِ حُكمِ الهَجرِ والسُّلوانِ

وَحكَى لَكَ الحُكمَ المُحالَ وَنَقضَهُ
فاسمع إذًا يا مَن لَهُ أُذُنَانِ

حُكمُ الوُشَاةِ بِغيرِ مَا بُرهَانِ
إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ

وَاللهِ ما هذَا بِحُكمٍ مُقسِطٍ
أينَ الغَرامُ وصَدُّ ذِي هِجرَان

شتَّان بين الحالتَينِ فَإِن تُرِد
جَمعًا فما الضِّدَّانِ يَجتَمعَانِ

يَا وَالِهًا هَانَت عَلَيهِ نَفسُهُ
إذ بَاعَهَا غَبنًا بِكُلِّ هَوَان

أتَبِيعُ مَن تَهواهُ نَفسُك طِائِعًا
بالصَّدِّ والتَّعذيبِ والهِجرَانِ

أجَهِلتَ أوصَافَ المبِيعِ وقَدرَهُ
أم كُنتَ ذا جَهلٍ بِذِي الأثمَانِ

وَاهًا لِقَلبٍ لا يُفَارِقُ طَيرُه ال
أغصَانَ قَائِمةً عَلى الكُثبَان

وَيَظَلُّ يَسجَعُ فوقَهَا وَلِغَيرِهِ
مِنهَا الثِّمَارُ وكُلُّ قِطفٍ دَانِ

ويبيتُ يَبكِي والمواصِل ضَاحِكٌ
وَيَظَلُّ يشكُو وهو ذُو هجرانِ

هَذا وَلَو أنَّ الجَمَالَ مَعلَّقٌ
بالنَّجمِ هَمَّ إليهِ بالطَّيرانِ

لِلَّهِ زائِرَةٌ بِلَيلٍ لَم تَخَف
عَسَسَ الاميرِ وَمَرصَدَ السَّجَانِ

قَطَعَت بِلادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَت
مِن أرضِ طَيبَةَ مَطلعَ الإِيمان

وأتَت على وادي العَقيقِ فجاوزت
مِيقَاتَهُ حِلاًّ بِلا نُكرانِ

وَأتَت على وَادِي الأرَاكِ وَلَم يَكُن
قَصدًا لَها فألًا بِأن سَتَرانِي

وأتَت عَلى عَرفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ
وَمِنًى فَكَم نَحَرَته من قُربَانِ

وأتَت عَلى الجَمَراتِ ثُمَّ تَيمَّمَت
ذاتَ السُّتُورِ وَرَبةَ الأركَانِ

هَذَا وما طَافَت ولا استَلمت ولا
رَمَتِ الجمارَ ولا سَعت لِقِرَانِ

وَرَقَت على أعلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَت
دَارًا هنالِكَ لِلمُحِبِّ العَانِي

أتَرَى الدَّلِيلَ أعَارَهَا أثوَابَهُ
والرِّيحَ أعطَتها مِنَ الخَفَقَانِ

واللهِ لَو أنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَها
ما كانَ ذلِك مِنهُ في امكَانِ

هذا وَلو سَارَت مِسِيرَ الريحِ مَا
وصَلَت بِه لَيلًا إلى نُعمَانِ

سَارَت وَكان دَليلُها في سَيرِها
سَعدَ السُّعُودِ وَلَيسَ بِالدَّبَرَانِ

وَرَدَت جِفَارَ الدَّمعِ وَهي غَزِيرَةٌ
فَلِذَاك ما احتَاجَت وُرُودَ الضَّانِ

وَعَلت عَلى مَتنِ الهَوَى وتزودَت
ذِكرَ الحبيبِ وَوَصلَهُ المَتدَانِ

وَعَدَت بِزَورَتِها فَأوفَت بِالذي
وعَدَت وَكَانَ بمُلتَقَى الأجفَانِ

لَم يَفجَأِ المُشتَاقَ إلا وَهي دا
خِلةُ السُّتُورِ بِغَيرِ مَا استئِذَانِ

قَالَت وَقَد كَشَفَت نِقابَ الحُسن ما
بالصَّبرِ لي عَن أن أرَاكَ يَدانِ

وَتَحدَّثَت عِندِي حَديثًا خِلتُه
صِدقًا وَقَد كَذَبَت بِه العينانِ

فَعجِبتُ مِنهُ وقُلتُ من فَرحِي بِه
طَمَعًا ولكنَّ المَنَامَ دَهَانِي

إن كًنتِ كَاذبَةَ الذي حَدَّثتِني
فَعلَيكَ إثمُ الكَاذِبِ الفَتَّانِ

جَهمِ بنِ صفوانٍ وشِيعَتِهِ الأُلَى
جَحَدُوا صِفضاتِ الخالِقِ الديَّانِ

بل عَطَّلوا مِنهُ السَّمواتِ العُلَى
والعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرحمن

ونَفَوا كَلامَ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَقَضَوا لَهُ بالخَلقِ والحِدثَانِ

قالوا وليس لِرَبِّنَا سَمعٌ وَلاَ
بَصَرٌ وَلاَ وَجهٌ فَكَيفَ يدان

وكذاك لَيسَ لربّنَا مِن قُدرةٍ
وَإرَادَةٍ أو رحمَةٍ وَحَنَانٍ

كلاَّ ولا وَصفٌ يقومُ به سِوَى
ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيرِ مَعَأن

وحياتهُ هي نفسُه وكَلاَمُه
هوَ غيرُه فاعجَب لِذَا البُهتَانِ

وكَذاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِن خَلقِه
أحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفسَانِ

وخَليلُهُ المُحتَاجُ عِندهُمُ وفي
ذَا الوصفِ يدخُلُ عابدُو الأوثانِ

فَالكُلُّ مفتقرٌ إليه لذاتِه
في أسرِ قَبضتِهِ ذَليلٌ عَانِ

وَلأجلِ ذَا ضَحَّى بجعدٍ خالدُ ال
قَسرِيُّ يَومَ ذَبائِحِ القُربَانِ

إذ قَالَ إبرَاهِيمُ ليسَ خِليلَهُ
كلا ولا مُوسى الكليمَ الداني

شكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صاحِبِ سُنَّةٍ
للهِ درُّكَ مِن أخِي قُربَانِ

وَالعبدُ عندهُمُ فَليسَ بِفَاعلٍ
بَل فعلُهُ كَتَحرُّكِ الرَّجفَانِ

وهَبُوبِ ريحٍ أو تحرُّكِ نائمٍ
وتحرُّكِ الأشجَارِ للمَيَلاَنِ

واللهُ يُصليهِ على مَا لَيس مِن
أفعالِهِ حَرَّ الحَمِيمِ الآنِ

لَكِن يُعاقِبُهُ على أفعَالِهِ
فيهِ تعالَى اللهُ ذُو الإِحسَانِ

والظُّلمُ عِندَهُمُ المحالُ لذاتِهِ
أنيَّ ينزَّه عَنهُ ذُو السُّلَطانِ

ويكونُ مَدحًا ذَلِكَ التنزيهُ ما
هَذا بِمَعقولٍ لِذِي الأذهَانِ

وَكَذاكَ قالُوا مَا لَهُ مِن حِكمَةٍ
هي غَايَةٌ للأمرِ والإتقَانِ

ما ثَمَّ غيرُ مَشِيئةٍ قد رَجَّحَت
مِثلًا على مِثلِ بِلاَ رُجحَانِ

هَذا وَمَا تِلكَ المَشِيئةُ وَصفَهُ
بَل ذَاتُه أو فِعلُهُ قَولاَنِ

وكلامُهُ مُذ كَانَ غَيرًا كَانَ مَخ
لُوقًا لَهُ مِن جُملَةِ الأكوَانِ

قَالُوا وإقرَارُ العِبَادِ بِأنَّه
خلاَّقُهُم هُوَ مُنتهَى الإيمَانِ

والناسُ في الإِيمانِ شيءٌ واحدٌ
كالمِشطِ عِندَ تَماثُلِ الأسنَانِ

فاسأل أبا جَهلٍ وشيعتَهُ وَمَن
وَالأهُمُ مِن عَابِدِي الأوثَانِ

وسَلِ اليهُودَ وكُلَّ أقلَفَ مُشرِكٍ
عَبدَ المَسيحَ مُقَبِّلَ الصُّلبَانِ

وَاسأل ثَمُودَ وعادَ بل سَل قَبلَهُم
أعدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ

واسأل أبَا الجنِّ اللعينَ أتعرفُ ال
خَلاَّقَ م أصبَحتَ ذَا نُكرَانِ

وَاسأل شِرارَ الخلقِ أعني أُمَّةً
لُوطِيَّةً همُ ناكِحُو الذُّكرَانِ

وَاسأل كَذَاكَ إمَامَ كُلِّ مُعطَّلٍ
فِرعَونَ مَع قَارُونَ مَع هَامَانِ

هل كانَ فيهِم مُنكرٌ للخالِقِ الرَّ
بِّ العظيمِ مكوِّن الأكوانِ

فليَبشِرُوا ما فيهِمُ مِن كافِرٍ
هُم عندَ جَهمٍ كَامِلو الإِيمانِ

وَقَضَى بِأنَّ اللهَ كَانَ مُعطَّلًا
والفِعلُ مُمتنِعٌ بلا امكَانِ

ثُمَّ استَحَالَ وَصَارَ مَقدُورًا لَهُ
مِن غَيرِ أمرٍ قَامَ بالدَّيَّانِ

بَل حَالُهُ سُبحَانَه في ذَاتِه
قَبلَ الحُدوثِ وَبَعدَهُ سِيَّانِ

وَقَضَى بِأنَّ النَّارَ لَم تُخلَق وَلاَ
جَنَّاتُ عَدنٍ بَل هُمَا عَدَمَانِ

فَإذَا هُمَا خُلِقَا ليومِ مَعَادِنَا
فَهُمَا عَلى الأوقَاتِ فَانِيَتَانِ

وَتلَطَّفَ العَلاّفُ مِن أتبَاعِه
فَأتى بِضِحكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ

قالَ الفَنَاءُ يكونُ في الحركَاتِ لا
في الذَّاتِ وَاعجَبًا لِذَا الهذَيانِ

أيَصيرُ أهلُ الخُلدِ في جَنَّاتهم
وجَحِيمِهِم كحِجَارَةِ البُنيَانِ

ما حَالُ مَن قَد كَانَ يَغشَى أهلَه
عِندَ انقضاءِ تحرُّكِ الحَيَوانِ

وكذاكَ مَا حَالُ الذي رَفَعَت يدَا
هُ أكلَةً مِن صَفحَةِ وخِوَانِ

فَتَنَاهَتِ الحركَاتُ قَبلَ وصُولِها
لِلفَمِّ عِندَ تفتُّح الأسنَانِ

وكذاكَ مَا حَالُ الذِي امتدَّت يَدٌ
مِنهُ إلى قِنوٍ مِن القِنوانِ

فَتنَاهَتِ الحَرَكاتُ قَبلَ الأخذِ هَل
يَبقَى كَذلِكَ سَائِرَ الأزمَانِ

تَبًّا لهَاتِيكَ العُقُولِ فَإنها
واللهِ قَد مُسِخَت على الأبدَانِ

تَبًّا لمِن أضحَى يُقَدِّمُهَا على ال
آثارِ والأخبَارِ والقُرآنِ

وَقَضَى بِأنَّ اللهَ يَجعَلُ خَلقَهُ
عَدَمًا ويقلِبُهُ وُجُودًا ثَانش

العَرشُ والكُرسِيُّ والأرواحُ وال
أملاكُ والأفلاكُ والقَمَرَانِ

والأرضُ والبَحرُ المحيطُ وسائِرُ ال
أكوَانِ مِن عَرَضٍ وَمِن جُثمَانِ

كُلٌّ سَيُفنِيهِ الفنَاءَ المَحضَ لا
يَبقَى لَهُ أثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ

ويُعِيدُ ذَا المَعدُومَ أيضًا ثانيًا
مَحضَ الوجودِ إعَادَةً بِزَمَانِ

هذا المعادُ وَذلِكَ المَبدَا لَدَى
جَهمٍ وقد نَسَبُوه للقرآنِ

هَذا الذِي قَأدَ ابنَ سينَا والألَى
قَالُوا مَقَالَتَه إلى الكُفرَانِ

لَم تَقبَلِ الأذهانُ ذَا وتَوهَّمُوا
أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالإِيمانِ

هَذا كِتابُ اللهِ أنَّى قَالَ ذَا
أو عَبدُهُ المبعُوث بالبُرهَان

أو صَحبُه مِن بعدِهِ أو تَابِعٌ
لَهمُ عَلى الإِيمانِ والإِحسَانِ

بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ
حقًّا عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ

بَل صَحبُه من بعدِه أو تَابشعٌ
لَهُم عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ

بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ
حقًّا مُغَيِّرُ هَذه الأكوَانِ

فَيَبَدِّلُ اللهُ السَّمواتِ العُلَى
والأرضَ أيضًا ذَاتَ تَبديلانِ

وهمَا كَتَبديلِ الجُلودِ لِسَاكِني النِّ
يرانِ عِندَ النُّضجِ مِن نِيرَانِ

وَكَذَاكَ يَقبِضُ أرضَهُ وَسَمَاءَهُ
بِيدَيهِ مَا العَدَمَانِ مقبُوضَانِ

وتُحدِّثُ الأرضُ التي كُنَّا بِهَا
أخبَارَها في الحَشرِ للرَّحمنِ

وتَظَلُّ تَشهَدُ وَهيَ عَدلٌ بِالذِي
مِن فَوقِهَا قَد أحدَثَ الثَّقَلاَنِ

أفيِشهَدُ العَدَمُ الذِي هُوَ كاسمِهِ
لا شيءَ هذا لَيسَ في الإِمكَانِ

لَكِن تُسَوَّى ثُمَّ تُبسَطُ ثُمَّ تَش
هَدُ ثم تُبدَل وَهِي ذَاتُ كِيانِ

وتُمدُّ أيضا مِثلَ مَدِّأدِيمِنَا
مِن غيرِ أودِيَةٍ ولا كُثبَانِ

وَتقيءُ يَومَ العَرضِ مِن أكبَادِهَا
كَالأُسطُوَانِ نَفائِسَ الأثمَانِ

كُلُّ يَرَاهُ بِعَينِهِ وعِيَانِهِ
مَا لاِمرىءٍ بِالأخذِ مِنه يَدَانِ

وَكَذا الجبالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحكَمًا
فَتَعُودُ مِثلَ الرَّملِ ذِي الكُثبَانِ

وتَكُونُ كالعِهنِ الَّذِي ألوَانُه
وصِبَاغُهُ مِن سائِرِ الألوَانِ

وَتُبَسُّ بَسًّا مِثلَ ذَاكَ فَتنثَنِي
مِثلَ الهَبَاءِ لِنَاظِر الإنسَانِ

وَكَذا البِحَارُ فَإِنَّهَا مسجورَةٌ
قَد فُجِّرَت تَفجِيرَ ذِي سُلطَانِ

وكذَلِك القَمَرَانِ يَأذَنُ رَبُّنَا
لَهُمَا فيجتَمِعَانِ يَلتَقِيَانِ

هَذِي مُكوَّرَةٌ وَهَذا خَاسِفٌ
وكِلاَهُمَا في النَّارِ مَطروحَانِ

وَكَوَاكِبُ الأفلاَكِ تُنثَرُ كُلَّهَا
كلآلِىءٍ نُثِرَت عَلَى مَيدَانِ

وَكَذا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِرًا
وَتَمورُ أيضًا أيَّمَا مَوَرَانِ

وتصيرُ بَعدَ الانشِقَاقِ كَمِثلِ هَ
ذَا المُهلِ أو تَكُ وردةً كَدِهَانِ

والعَرشُ وَالكُرسيُّ لا يُفنِيهمَا
أيضًا وَإنَّهُمَا لَمخلُوقَانِ

والحورُ لا تَفنَى كَذلِكَ جَنَّةُ ال
مأوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الوِلدَانِ

ولأجلِ هَذَا قالَ جَهمٌ إنَّهَا
عدَمٌ وَلَم تُخلَق إلَى ذَا الآنِ

والأنبِياءُ فَإنَّهُم تَحتَ الثَّرَى
أجسَامُهُم حُفِظَت مِن الدِّيدَانِ

ما للبَلى بِلُحُومِهِم وجُسومِهِم
أبَدًا وَهُم تَحتَ التُّرَابِ يَدَانِ

وَكذاكَ عَجبُ الظَّهرِ لاَ يبلَى بَلَى
مِنهُ تُرَكَّبُ خِلقَةُ الإنسَانِ

وَكَذلِكَ الأروَاحُ لاَ تَبلَى كَمَا
تَبلَى الجُسُومُ وَلاَ بِلَى اللَّحمَانِ

وَلأجلِ ذَلِكَ لم يُقِرَّ الجَهمُ بال
أروَاحِ خَارِجَةً عَنِ الأبدَانِ

لَكِنَّهَا مِن بَعضِ أعرَاضٍ بِهَا
قَامَت وَذَا في غَايَةِ البُطلاَنِ

فالشَّأنُ للأرواحِ بَعدَ فراقِهَا
أبدَانَها وَاللهِ أعظَمُ شَانِ

إمَّا عذَابٌ أو نَعِيمٌ دَائِمٌ
قَد نُعِّمت بِالرَّوحِ والرَّيحَانِ

وتصيرُ طيرًا سَارِحًا مَع شكلِهَا
تجني الثِّمارَ بِجَنَّةِ الحَيَوانِ

وَتَظَلُّ وَاردَةً لأنهَارٍ بِها
حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الجثمَانِ

لَكِنَّ أرواحَ الذينَ استُشهِدُوا
فِي جَوفِ طَيرٍ أخضَرٍ رَيَّانِ

فلهُم بذَاكَ مزيَّةٌ في عَيشِهِم
ونَعِيمِهِم لِلرُّوحِ والأبدَانِ

بَذَلُوا الجُسُومَ لربِّهِم فأعَاضَهُم
أجسَامَ تلكَ الطَّيرِ بالإحسَانِ

وَلَهَا قَنَادِيلٌ إليهَا تَنتَهِي
مَأوَى لَهَا كَمَسَاكِنِ الإِنسَانِ

فالرُّوحُ بَعدَ الموتِ أكمَلُ حَالَةٍ
منهَا بِهَذِي الدَّارِ في جُثمَانِ

وَعذَابُ أشقَاهَا أشدُّ مِنَ الذِي
قد عَاينَت أبصَارُهَا بِعِيَانِ

والقَائِلُونَ بِأنَّهَا عَرَضٌ أبَوا
ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكرانِ

وإذَا أرَادَ اللهُ إخرَاجَ الوَرَى
بَعدَ المَمَاتِ إِلى المَعَادِ الثَّانِي

ألقَى عَلَى الأرضِ التي هُم تحتها
واللهُ مُقتَدِرٌ وذُو سُلطَانِ

مَطَرًا غَليظًا أبيضًا مُتَتَابِعًا
عَشرًا وَعَشرًا بَعدَهَا عَشرَانِ

فَتَظَلُّ تَنبُتُ منهُ أجسَامُ الوَرَى
وَلُحُومُهُم كَمَنَابِتِ الرَّيحَانِ

حَتَّى إذَا ما الأمُّ حَانَ وِلاَدُهَا
وتمخَّضَت فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ

أوحَى لَهَا ربُّ السَّما فتَشقَّقَت
فَبَدَا الجَنِينُ كَأكمَلِ الشُّبَّانِ

وتخلَّتِ الأمُّ الوَلُودُ وأخرَجَت
أثقَالَها أنثَى ومِن ذُكرَانِ

واللهُ يُنشِىءُ خَلقَهُ في نَشأةٍ
أُخرَى كَمَا قَد قَالَ في القرآنِ

هَذا الَّذِي جَاءَ الكتابُ وسنةُ ال
هَادِي بهِ فاحرِص عَلَى الإِيمَانِ

ما قَالَ إنَّ اللهَ يُعدِمُ خَلقَهُ
طُرًّا كقولِ الجاهلِ الحَيرَانِ

وَقَضَى بِأنَّ الله لَيسَ بفاعِلٍ
فِعلًا يَقومُ بِه بِلاَ بُرهَانِ

بَل فِعلُه المَفعُولُ خَارِجُ ذَاتِهِ
كَالوَصفِ غَير الذَّاتِ في الحُسبانِ

والجبرُ مَذهبُهُ الذِي قرَّت بهِ
عَينُ العُصَاةِ وشِيعةُ الشَّيطانِ

كانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ العِصيانِ إذ
هُوَ فِعلهُم والذَّنبُ للإِنسَانِ

واللَّومُ لا يعدُوه إذ هُوَ فَاعِلٌ
بإرَادةٍ وَبِقَدرَةِ الحَيوَانِ

فَأراحَهُم جَهمٌ وَشِيعتُهُ مِنَ الل
ومِ العَنِيفِ وَما قَضوا بِأمَانِ

لكنَّهم حَمَلوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى
ربِّ العِبَادِ بِعِزَّةٍ وأمَانِ

وتبرَّؤوا مِنهَا وقالُوا إنَّهَا
أفعالُهُ مَا حِيلَةُ الإنسَانِ

مَا كَلَّفَ الجبَّارُ نَفسًا وُسعَها
أنَّى وقَد جُبِرَت عَلَى العِصيَانِ

وَكَذا عَلَى الطَّاعَاتِ أيضًا قَد غَدَت
مَجبُورةً فَلَهَا إذًا جَبرَانِ

وَالعَبدُ في التَّحقيقِ شِبهُ نَعَامَةٍ
قَد كُلِّفَت بِالحَملِ وَالطَّيرانِ

إذ كَانَ صُورَتَها تَدُلُّ عَلَيهِمَا
هَذَا ولَيسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَان

فلِذَاكَ قَالَ بِأنَّ طَاعَاتِ الوَرَى
وكذَاكَ ما فَعلُوهُ مِن عِصيَانِ

هِيَ عَينُ فِعلِ الرَّبِّ لا أفعَالُهُم
فَيَصِحُّ عَنهُم عِندَ ذَا نَفيَانِ

نَفيٌ لِقُدرتِهِم عَلَيهَا أوَّلًا
وصُدورِهَا مِنهُم بِنَفيٍ ثَانِ

فَيُقَالُ ما صَامُوا ولاَ صَلَّوا وَلاَ
زَكَّوا ولا ذَبَحُوا مِنَ القُربَانِ

وكَذاكَ مَا شَرِبُوا وما قَتَلُوا ومَا
سَرَقُوا ولا فِيهِم غَوِيٌّ زانِ

وَكذاكَ لَم يأتُوا اختيَارًا مِنهُمُ
بالكُفر والإِسلاَم والإِيمَانِ

إلاَّ عَلَى وَجهِ المَجَازِ لأنَّهَا
قَامَت بِهِم كالطَّعمِ والألوَانِ

جُبِرُوا عَلَى ما شَاءَهُ خَلاَّقُهم
مَا ثَمَّ ذُو عَونٍ وَغَيرُ مُعانِ

والكُلُّ مَجبُورٌ وغَيرُ مُيَسَّرٍ
كَالمَيتش أُدرِجَ دَاخِلَ الأكفَانِ

وكذَاكَ أفعالُ المُهَيمنِ لَم تَقُم
أيضًا بِهِ خَوفًا مِنَ الحَدَثَانِ

فَإِذا جَمَعتَ مَقَالَتَيهِ أنتَجَا
كَذِبًا وزُورًا واضِحَ البُهتَانِ

إذ لَيسَتِ الأفعَالُ فِعلَ إلَهِنَا
والرَّبُّ لَيسَ بِفَاعِلِ العِصيَانِ

فَإذَا انتَفَت صِفَةُ الإِلهِ وَفِعلُهُ
وَكَلاَمُهُ وَفَعائِل الإِنسَانِ

فهُنَاكَ لا خَلقٌ وَلا أمرٌ وَلاَ
وَحيٌ ولاَ تَكلِيفُ عَبدٍ فَانِ

وَقَضَى عَلى أسمائِهِ بِحُدُوثِهَا
وبِخَلقهَا مِن جُملَةِ الأكوانِ

فانظُر إلى تَعطيلِهِ الأوصَافَ وال
أفعَالَ والأسمَاءَ للرَّحمنِ

مَاذَا الذِي في ضِمن ذَا التعطِيلِ مِن
نَفيٍ وَمِن جَحدٍ وَمِن كُفرَانِ

لَكِنَّه أبدَى المَقَالَةَ هَكَذَا
في قَالَبِ التنزيهِ للرَّحمَنِ

وأتى إلى الكُفرِ العَظِيمِ فَصَاغَهُ
عِجلًا لِيَفتِنَ أمَّةَ الثِّيرَانِ

وَكَسَاهُ أنوَاعَ الجواهِرِ والحُلَى
مِن لُؤلُؤٍ صَافٍ وَمِن عِقيَانِ

فَرَآه ثيرانُ الوَرَى فَأصَابَهُم
كَمُصَابِ إخوَتِهِم قَدِيمَ زَمَانِ

عِجلاَنِ قَد فَتَنا العِبَادَ بصوتِهِ
إحدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي

وَالنَّاسُ أكثرُهُم فَأهلُ ظَوَاهِرٍ
تَبدُو لَهُم ليسُوا بِأهلِ مَعَانِ

فَهُمُ القشُورُ وَبالقُشُورِ قِوَامُهُم
وَاللُّبُّ حَظُّ خُلاَصَةِ الإِنسَانِ

وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَوائِفُ قَولَهُ
وتوارَثُوه إرثَ ذِي السُّهمَانِ

لَم يَنجُ مِن أقوَالِه طُرًّا سِوَى
أهلِ الحَدِيثِ وَشِيعَةِ القرآنِ

فَتَبَرؤوا منهَا بَراءةَ حَيدَرٍ
وَبراءَةَ المولُودِ مِن عِمرَانِ

مِن كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصفُهُ
وَصفُ اليهُودِ مُحَلِّلِي الحِيتَانِ

يا أيُّهَا الرَّجُلُ المرِيدُ نَجَاتَهُ
إسمَع مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعوَانِ

كُن في أمُورِكَ كُلِّها مُتمسِّكًا
بالوحيِ لا بزخارِفِ الهذَيَانِ

ٍوانصُر كتَابَ اللهِ والسُّنَن الَّتي
جَاءَت عَنِ المبعُوثِ بالفُرقَانِ

واضرِب بِسَيفِ الوحي كُلَّ مُعَطِّلٍ
ضَربَ المجاهِدِ فَوقَ كُلِّ بَنَانِ

واحمِل بعزمِ الصِّدق حَملَةَ مُخُلِصٍ
مُتَجَرِّدٍ للَّهِ غَيرِ جَبَانِ

واثبُت بِصَبرِكَ تَحتَ ألوِيةِ الهُدَى
فَإذَا أصِبتَ فَفِي رِضَا الرَّحمنِ

واجعَل كِتَابَ اللهِ والسُّنَنَ الَّتِي
ثَبَتَت سِلاَحَكَ ثُمَّ صِح بِجَنَانِ

مَن ذَا يُبَارِز فليقدِّم نَفسَهُ
أو مَن يسَابِق يَبدُ في الميدَانِ

وَاصدَع بِمَا قَالَ الرَّسُولُ ولا تَخَف
مِن قِلَّةِ الأنصَارِ والأعوَانِ

فَاللهُ نَاصِرُ دِينِهِ وكتَابِهِ
وَاللهُ كَافٍ عَبدَهُ بأمَانِ

لا تَخشَ مِن كَيدِ العدُوِّ وَمكرِهِم
فَقتَالُهُم بالكِذبِ والبُهتَانِ

فجُنودُ أتبَاعِ الرَّسُولِ مَلاَئِكٌ
وَجُنُودُهُم فَعَسَاكِرُ الشَّيطانِ

شَتَّانَ بينَ العَسكَرين فَمَن يَكن
مُتَحَيِّزًا فلينظُر الفئَتانِ

واثبُت وقاتِل تَحتَ راياتِ الهُدى
وَاصبِر فَنَصرُ اللهِ رَبِّكَ دَانِ

واذكُر مَقَاتلَهُم لفُرسَانِ الهُدَى
لِلَّهِ درُّ مَقَاتِلِ الفُرسَانِ

وادرَأ بِلَفظِ النَّصِّ في نَحرِ العِدى
وَارجُمهُم بِثَواقِبِ الشُّهبَانِ

لا تَخشَ كثرتَهُم فَهُم هَمَجُ الوَرَى
وَذُبَابُهُ أتَخَافُ مِن ذِبَّانِ

وَاشغَلهُم عِندَ الجِدَالِ بِبَعضِهِم
بَعضًا فَذَاكَ الحَزمُ للفُرسَانِ

وَإذا هُمُ حَمَلُوا عَلَيكَ فلا تَكُن
فَزِعًا لِحَملَتِهِم ولا بِجَبَانِ

واثبُت ولا تَحمِل بِلا جُندٍ فَمَا
هَذا بِمَحمودٍ لَدَى الشُّجعَانِ

فإذَا رَأيتَ عِصَابَةَ الإِسلاَمِ قَد
وَافَت عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلطَانِ

فَهُنَاكَ فَاختَرِقِ الصُّفُوفَ ولا تَكُن
بِالعَاجِزِ الوَانِي وَلاَ الفَزعَانِ

وَتَعَرَّ مِن ثوبَينِ مَن يَلبَسهما
يَلقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوانِ

ثوبٌ مِنَ الجَهلِ المُرَكَّبِ فَوقَهُ
ثَوبُ التّعَصُّبِ بِئسَتِ الثَّوبَانِ

وتَحلَّ بالإنصَافِ أفخَرَ حُلَّةٍ
زِينَت بهَا الأعطافُ والكَتِفَانِ

واجعَل شِعَارَك خَشيَةَ الرّحمَنِ مَع
نُصح الرّسُولِ فَحَبَّذَا الأمرانِ

وَتَمسَّكَنَّ بحبلِهِ وَبوَحيِهِ
وَتَوَكَّلَنَّ حَقيقَةَ التُّكلاَنِ

فالحَقُّ وَصفُ الرّبِّ وَهوَ صِراطُهُ ال
هَادِي إليهِ لصَاحِبِ الإيمَانِ

وهُو الصِّراطُ عَلَيهِ رَبُّ العَرشِ أي
يضًا وَذَا قَد جَاءَ في القرآنِ

والحَقُّ مَنصُورٌ ومُمتَحَنٌ فَلاَ
تَعجَب فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحمَنِ

وبِذَاكَ يَظهَرُ حِزبُه مِن حَربِهِ
ولأجلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ

ولأجلِ ذَاكَ الحَربُ بَينَ الرُّسلِ وال
كُفَّارِ مُذ قَامَ الوَرَى سِجلاَنِ

لَكِنَّمَا العُقبَى لأهلِ الحَقِّ إن
فَاتَت هُنَا كانَت لَدَى الدَّيَّانِ

واجعَل لقلبِكَ هِجرتَينِ وَلاَ تَنَم
فهُمَا عَلَى كُلِّ امرِىءِ فَرضَانِ

فالهِجرةُ الأولَى إِلى الرَّحَمنِ بال
إخلاصِ في سٍِّ وفي إعلانِ

فالقصدُ وَجهُ الله بالأقوَالِ وال
أعمالِ والطَّاعَاتِ والشُّكرَانِ

فَبِذَاكَ يَنجُو العبدُ مِن إشراكِهِ
وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحمنِ

وَالهِجرةُ الأخرَى إلى المبعوثِ بال
حَقِّ المُبِين وَوَاضِحِ البرهَانِ

فَيَدُورُ مَع قَولِ الرّسُول وَفِعلِهِ
نَفيًا وإثبَاتًا بِلاَ رَوَغانِ

وُيحكِّمُ الوَحيَ المُبينَ عَلى الذِي
قَالَ الشُّيوخُ فَعِندَهُ حَكَمَانِ

لاَ يَحكُمانِ بِبَاطِلٍ أبَدًا وكُلُّ
العَدلِ قَد جَاءَت بِه الحَكمَانِ

وَهُما كتابُ اللهِ أعدَلَ حاكِمٍ
فِيه الشِّفا وهِدايةُ الحيرانِ

والحَاكِمُ الثَّاني كَلامُ رَسُولِهِ
مَا ثَمَّ غيرُهُمَا لِذِي إيمانِ

فَإذَا دَعوكَ لغَيرِ حُكمِهمَا فَلا
سَمعًا لِدَاعِي الكُفرِ والعِصيانِ

قُل لاَ كَرَامةَ لاَ ولاَ نُعمَا وَلا
طَوعًا لِمَن يَدعُو إلى طُغيَانِ

وإذا دُعِيتَ إلى الرَّسُولِ فقل لَهُم
سَمعًا وَطَوعًا لستُ ذَا عِصيانِ

وإذا تَكاثَرَتِ الخصُومُ وَصيَّحُوا
فَأثبُت فَصَيحَتُهُم كَمِثلِ دُخَانِ

يَرقَى إلى الأوجِ الرَّفِيعِ وَبَعدَه
يَهوِي إلى قَعرِ الحَضِيضِ الدَّاني

هَذا وإنَّ قِتَالَ حِزبِ اللهِ بال
أعمالِ لا بِكَتَائِبِ الشُّجعَانِ

واللهِ مَا فَتَحوا البلادَ بكَثرَةٍ
أنَّى وأعدَاهُم بِلاَ حُسبَانِ

وَكَذَاكَ ما فتَحُوا القُلُوبَ بهذِهِ ال
آراءِ بل بالعِلمِ والإِيمَانِ

وَشَجَاعَةُ الحُكَّامِ والعلماءِ زه
دٌ في الثَّنَا مِن كلِّ ذِي بُطلاَنِ

فَإِذَا هُمَا اجتَمَعَا لِقَلبٍ صَادِقٍ
شُدَّت رَكَائبُهُ إل الرَّحمنِ

وَاقصِد إلى الأقرَانِ لاَ أطرَافِهَا
فالعِزُّ تَحتَ مَقَاتِلِ الأقرَانِ

وَاسمع نصيحَةَ من لهُ خُبرٌ بمَا
عندَ الوَرَى مِن كَثرةِ الجَولاَنِ

مَا عِندَهُم وَاللهِ خَيرٌ غَيرَما
أخذُوهُ عَمَّن جَاءَ بالقرآنِ

والكُلُّ بَعدُ فَبِدعةٌ أو فِريَةٌ
أو بَحثُ تَشكِيكٍ وَرأيُ فَلانِ

فاصدَع بِأمرِ اللهِ لا تَخشَ الوَرَى
فِي اللهِ وَاخشَاهُ تَفُز بأمَان

وَاهجُر وَلَو كُلَّ الوَرَى في ذاتِهِ
لاَ في هَوَاك وَنَخوةِ الشَّيطَانِ

وَاصبِر بِغَيرِ تَسَخُّ وشِكَايةٍ
وَاصفَح بِغَيرِ عِتَابِ مَن هُوَ جَانِ

واهجُرهُمُ الهَجرَ الجَمِيلَ بِلا أذًى
إن لَم يَكن بُدٌّ مِنَ الهِجرَانِ

وانظُر إلى الأقدَارِ جَارِيَةً بِمَا
قَد شَاءَ مِن غَيٍّ وَمِن إيمَانِ

واجعَل لِقَلبِكَ مُقلَتينِ كِلاَهُمَا
بالحَقِّ في ذَا الخَلقِ نَاظِرَتَانِ

فانظُر بِعَينِ الحُكمِ وَارحَمهمُ بِهَا
إذ لا تُرَدُّ مَشِيئةُ الدَّيَّانِ

وانظُر بِعَينِ الأمرِ واحملهُم عَلَى
أحكَامِهِ فَهُمَا إذًا نَظَرانِ

واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما
مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ

لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضًا مِثلَهُم
فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ

واحذَر كَمَائِنَ نَفسِكَ اللاَّتي مَتَى
خَرَجَت عَلَيكَ كُسِرت كَسرَ مُهَانِ

وَإِذا انتصَرت لَهَا فَأنتَ كَمَن بَغَى
طَفيَ الدُّخَانِ بِمَوقِدِ النِّيرَانِ

والله أخبَرَ وَهُوَ أصدَقُ قَائِلٍ
أن سَوفَ يَنصُر عَبدَهُ بأمَانِ

مَن يَعمَلِ السُّوآى سَيُجزَى مِثلَهَا
أو يَعمَلِ الحُسنَى يَفُز بِجِنَانِ

هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفسِهِ
وَصَّى وَبَعدُ سَائِرُ الإخوَانِ

فاجلِس إذًا في مَجلِسِ الحَكَمَينِ للرَّ
حمَنِ لا للنَّفسِ والشَّيطَانِ

الأولُ النقلُ الصحيحُ وبعدَهُ ال
عَقلُ الصَّريحُ وفِطرةُ الرَّحَمنِ

واحكُم إذَا فِي رُفقَةٍ قَد سَافَرُوا
يَبغُونَ فاطِرَ هَذِهِ الأكوَانِ

فترافَقُوا في سَيرِهم وَتَفَارَقُوا
عِندَ افتراقِ الطُّرقِ بالحَيرانِ

فأتَى فَرِيقٌ ثم قَالَ وَجَدتُهُ
هَذَا الوجودَ بِعَينِه وَعِيَانِ

ما ثَمَّ موجودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا
غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ موجُودَانِ

فهوَ السَّماءُ بعينِهَا ونجُومِهَا
وكذَلِكَ الأفلاَكُ والقَمَرَانِ

وهو الغَمَامُ بعينِهِ والثَّلجُ وال
أمطَارِ مَعَ بَرَدٍ وَمَع حُسبانِ

وهو الهَواءُ بِعَينِهِ وَالمَاءُ وَال
تُّربِ الثَّقِيلُ وَنَفسُ ذِي النِّيرانِ

هَذِي بسائِطُهُ ومنه تركَّبت
هَذِي المظاهِرُ مَا هُنَا شَيئَانِ

وهو الفقيرُ لَها لأجلِ ظهُورِهِ
فِيهَا كفقرِ الرُّوحِ للأبدَانِ

وهي التي افتَقَرَت إليه لأنه
هو ذاتُهَا ووجودُهَا الحقَّانِ

وَتَظَلُّ تَلبسُه وتخلَعُه وذَا ال
إيجادُ والإِعدامُ كُلَّ أوَانِ

وَيظلُّ يَلبَسُهَا وَيَخلَعُهَا وَذَا
حُكمُ المَظَاهِر كَي يُرَى بِعِيَانِ

وَتَكثُّر الموجودِ كالأعضَاءِ في ال
محسُوس من بَشَرٍ وَمِن حَيَوَانِ

أو كالقُوَى فِي النَّفسِ ذَلِكَ واحدٌ
مُتَكَثِّرٌ قَامت بِهِ الأمرَانِ

فَيَكُونُ كُلاُّ هَذِهِ أجَزَاؤه
هذِي مقالَةُ مُدَّعِي العِرفَانِ

أو أنها كَتَكَثُّرِ الأنواعِ فِي
جِنسٍ كَمَا عقالَ الفريقُ الثَّانِي

فَيَكُونُ كُلِّيًّا وجُزئِيَّاتهُ
هَذَا الوجودُ فهذِهِ قَولاَنِ

إحداهُمَا نَصُّ الفُصُوصِ وَبَعدَهُ
قولُ ابنُ سَبعِينٍ ومَا القَولاَنِ

عِندَ العفيفِ التِّلمِسَانِيِّ الذي
هوَ غايةٌ فِي الكُفرِ والبُهتَانِ

إلاَّ مِنَ الأغلاَطِ في حِسٍّ وَفِي
وَهمٍ وتلكَ طَبيعَةُ الإِنسَانِ

وَالكُلُّ شَيءٌ واحِدٌ فِي نَفسِهِ
مَا لِلتَعَدُّدِ فِيهِ مِن سُلطَانِ

فَالضَّيفُ والمأكُولُ شَيءٌ وَاحِدٌ
والوَهمُ يَحسِبُ هَاهُنَا شَيئَانِ

وَكَذَلِكَ الموطُوءُ عَينُ الوَطءِ وال
الوَهمُ البعيدُ يقُول ذَان اثنَانِ

وَلَرُبَّمَا قَالاَ مَقَالَتَهُ كَمَا
قَد قَالَ قَولَهُمَا بِلاَ فُرقَانِ

وَأبَى سِوَاهُم هَذَا وقالَ مَظَاهِرٌ
تَجلُوهُ ذَاتُ توحُّدٍ ومَثَانِ

فالظَّاهِرُ المجلوُّ شيءٌ وَاحِدٌ
لَكِن مَظَاهِرُهُ بِلاَ حُسبَانِ

هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُم مَضمُونُهَا
مَا ثَمَّ قَطُّ فِي الأعيَانِ

فَالقَومُ مَا صُانُوهُ عَن إنسٍ وَلاَ
جِنٍّ ولاَ شَجَرٍ وَلاَ حَيَوَانِ

كَلاَّ وَلاَ عُلوٍ وَلاَ سُفلٍ وَلاَ
وَادٍ وَلا جَبَلٍ وَلاَ كُثبَانِ

كَلاَّ وَلا طَعمٍ وَلاَ رِيحٍ وَلاَ
صَوتٍ وَلاَ لَونٍ مِن الألوَانِ

لَكِنَّهُ المطعُومُ والمَلبُوسُ وال
مَشمُومُ والمسمُوعُ بالآذانِ

وكذَاكَ قَالُوا إنَّهُ المنكُوحُ وال
مَذبوحُ بَل عَينُ الغَوِيِّ الزَّانِي

والكُفرُ عِندَهُمُ هُدًى وَلَو أنَّهُ
دِينُ المجُوسِ وعَابِدِي الأوثَانِ

قًالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وإنَّمَا
ضَلُّوا بِمَا خَصُّوا مِنَ الأعيَانِ

وَلَوَ أنَّهُم عَمُّوا وقالُوا كلُّهَا
معبُودَةٌ مَا كَانَ مِن كُفرَانِ

فالكُفرُ سَترُ حَقِيقَةِ المعبودِ بِالتَّ
خصِيصِ عِندَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي

قَالُوا وَلَم يَكُ كافِرًا فِي قَولِهِ
أنَا رَبُّكُم فِرعَونُ ذُو الطُّغيَانِ

بَل كَانَ حَقًّا قَولُه إذ كَانَ عَي
نَ الحَقِّ مُضطَلِعًا بهذَا الشَّانِ

وَلذَا غَدَا تَغرِيقُهُ في البَحر تَط
هِيرًا مِنَ الأوهَامِ والحُسبَانِ

قَالُوا وَلَم يَكُ مُنكِرًا مُوسَى لِمَا
عَبَدُوهُ مِن عِجلٍ لِذِي الخَوَرانِ

إلاَّ عَلَى مَن كَانَ لَيسَ بعابِدٍ
مَعهُم وأصبَحَ ضَيِّقَ الأعطَانِ

وَلذَاكَ جَرَّ بِلحيَةِ الأخِ حَيثُ لَم
يَكُ وَاسِعًا فِي قَومِهِ لِبِطَانِ

بَل فَرَّقَ الإِنكَارُ منهُ بينَهُم
لَمَّا سَرَى فِي وَهمِهِ غَيرَانِ

وَلَقَد رَأى إبليسَ عارِفُهُم فَأهب
السُّجُودِ هُوِيَّ ذِي خَضعَانِ

قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعتَ فَقَالَ هَل
غَيرُ الإِلَهِ وأنتُمَا عِميَانِ

مَا ثَمَّ غَيرٌ فاسجُدُوا إن شِئتُمُ
للشَّمسِ والأصنَامِ والشَّيطَانِ

فَالكُلُّ عينُ اللهِ عِندَ مُحَقِّقٍ
وَالكُلُّ مَعبُودٌ لِذي عِرفَانِ

هَذَا هُوَ المعبُودُ عِندَهُم فقُل
سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ ذا السُّبحَانِ

يَا أمَّةً مَعبُودُهَا مَوطُءُهَا
أينَ الإِلَهُ وثُغرَةُ الطَّعَّانِ

يَا أمَّةً قََد صَارَ مِن كُفرَانِهَا
جُزءٌ يَسيرٌ جُملَةَ الكُفرَانِ

وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قالَ وَجَدتُهُ
بالذَّاتِ مَوجُودًا بِكُلِّ مَكَانِ

هُو كالهَواءِ بعينِهِ لا عينُهُ
مَلأ الخُلُوَّ ولا يُرَى بِعِيَانِ

والقَومُ ما صَانُوهُ عن بِئرٍ ولاَ
قَبرٍ ولاَ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ

بَل مِنهُمُ مَن قَد رَأى تَشبِيهَهُ
بالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ

مَا فِيهُمُ مَن قَالَ لَيسَ بِدَاخِلٍ
أو خَارِجٍ عن جُملةِ الأكوَانِ

لَكِنَّهُم حَامُوا عَلَى هَذا وَلَم
يَتَجَاسَرُوا مِن عَسكَرِ الإِيمَانِ

وَعَليهِمُ رَدَّ الأئِمةُ أحمَدٌ
وَصِحَابُهُ مِن كُلِّ ذِي عِرفَانِ

فهُمُ الخُصُوم لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ
وهُم الخصُومُ لِمُنزِلِ القُرآنِ

وَلَهُم مقَالاَتٌ ذَكَرتُ أصولَهَا
لَمَّا ذَكَرتُ الجَهمَ فِي الأوزَانِ

وأتى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ
هَذَا وَلَكِن جَدَّ في الكُفرَانِ

فأسَرَّ قَولَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ
في قَالَبِ التَّنزيهِ للرَّحمَنِ

إذ قَالَ لَيسَ بداخِلٍ فِينَا وَلاَ
هُوَ خَارِجٌ عَن جُملَةِ الأكوَانِ

بل قَالَ لَيسَ ببائِنٍ عَنهَا وَلاَ
فِيهَا ولا هُوَ عَينُهَا بِبَيَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى
والعَرشِ مِن رَبٍّ وَلاَ رَحمَنِ

والعَرشُ لَيسَ عَلَيهِ معبُودٌ سِوَى ال
عَدَمِ الذي لاَ شَيءَ في الأعيَانِ

بَل حَظُّهُ مِن رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى
مِنهُ وحَظُّ قَوَاعِدِ البُنيَانِ

لَو كَانَ فَوقَ العَرشِ كَانَ كَهذِهِ ال
أجسَامِ سُبحَانَ العظِيمِ الشَّانِ

وَلَقَد وَجَدتُ لفاضِلٍ مِنهُم مَقَا
مًا قَامَهُ في النَّاسِ مُنذُ زَمَانِ

قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ إنَّ نَبِيَّكُم
قَد قَالَ قَولًا وَاضِحَ البُرهَانِ

لاَ تَحكُمُوا بالفَضلِ لي أصلًا عَلى
ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الغَضبَانِ

هَذَا يَرُدُّ عَلَى المُجَسِّمِ قَولَهُ
اللهُ فَوقَ العَرشِ والأكوانِ

وَيَدُلُّ أنَّ إلَهَنَا سُبحَانَهُ
وبِحَمدِهِ يُلقَى بِكُلِّ مَكَانِ

قَالُوا لَهُ بَيِّن لَنَا هَذَا فَلَم
يَفعَل فأعطَوهُ مِنَ الأثمَانِ

ألفًا مِنَ الذَّهَبِ العَتيقِ فَقَالَ في
تِبيَانِهِ فاسمَع لِذَا التِّبيَانِ

قَد كَانَ يُونُسُ في قَرَارِ البَحرِ تَح
تَ المَاءِ في قُبرِ مِنَ الحِيتَانِ

ومحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّ
بعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ

وَكِلاَهُمَا في قُربِهِ مِن رَبِّهِ
سُبحَانَهُ إذ ذَاكَ مُستَوِيَانِ

فَالعُلوُ والسُّفلُ اللَذانِ كِلاَهُمَا
في بُعدِهِ مِن ضِدِّهِ طَرَفَانِ

إن يُنسَبَا لِلَّهِ نُزِّه عَنهُمَا
بالإِختِصَاصِ بَلَى سِيَّانِ

فِي قُربِ مَن أضحَى مُقِيمًا فِيهمَا
مِن رَبِّهِ فَكِلاَهُمَا مِثلاَنِ

فَلأجلِ هَذَا خَصَّ يُونُسَ دُونَهُم
بالذِّكرِ تَحقِيقًا لهَذَا الشَّانِ

فأتَى النِّثَارُ عَلَيهِ مِن أصحَابِهِ
مِن كُلِّ نَاحِيةٍ بِلاَ حُسبَانِ

فاحمَد إلهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إذ
عَافَاكَ مِن تَحرِيفِ ذِي بُهتَانِ

والله مَا يَرضَى بِهَذَا خَائِفٌ
مِن رَبِّهِ أمسَى عَلَى الإِيمَانِ

هَذَا هُوَ الإلحَادُ حَقًّا بَل هُوَ التَّ
حرِيفُ مُحضًا أبرَدُ الهَذَيَانِ

واللهِ ما بُليَ المُجَسِّمُ قطُّ ذِي ال
بَلوَى وَلاَ أمسَى بِذِي الخُذلاَنِ

أمثَالُ ذَا التَّأويلِ أفسَدَ هَذِهِ ال
أديَانِ حِينَ سَرَى إلَى الأديَانِ

وَاللهِ لولاَ اللهُ حَافِظُ دِينِهِ
لتهدَّمت منهُ قُوَى الأركَانِ

وأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ
هَذَا وَزَادَ عَلَيهِ في الميزَانِ

قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ لا تُلهِيكُمُ
هَذِي الأمَانِي هُنَّ شَرُّ أمَانِي

أتعبتُ رَاحلَتي وَكَلَّت مُهجَتِي
وَبَذَلتُ مَجهُودِي وَقَد أعيَانِي

فَتَّشتُ فوقَ وَتحتَ ثُمَّ أمَامَنَأ
وَوَرَاءَ ثُمَّ يَسَارِ مَع أيمَانِ

مَا دلَّنِي أحَدٌ علَيهِ هُنَاكُمُ
كَلاَّ وَلاَ بَشَرٌ إليهِ هَدَانِي

إلاَّ طَوائِفُ بِالحَدِيثِ تَمَسَّكَت
تُعزَى مَذاهِبُهَا إِلَى القُرآنِ

قَالُوا الَّذِي تَبغِيهِ فَوقَ عِبَادِهِ
فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وهو الَّذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى
لَكِنَّهُ استَولَى عَلَى الأكوانِ

وإلَيهِ يَصعَدُ كُلُّ قَولٍ طَيِّبٍ
وَإلَيهِ يُرفَعُ سَعيُ ذِي الشُّكرَانَِ

والروحُ والأملاَكُ مِنهُ تَنَزلَت
وإلَيهِ تَعرُجُ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وإليه أيدِي السَّائِلينَ تَوجَّهَت
نَحوَ العُلُوِّ بِفِطرَةِ الرَّحمَنِ

وإليهِ قَد عَرجَ الرسُولُ فقُدِّرَت
مِن قُربِه مِن رَبِّه قَوسَانِ

وإلَيهِ قَد رُفِعَ المسِيحُ حَقِيقَةً
ولسَوفَ يَنزِلُ كَي يُرَى بِعِيَانِ

وإليه تصعَدُ رُوحُ كلِّ مُصَدِّقٍ
عِندَ المَمَاتِ فَتَنثَنِي بأمانِ

وإليهِ آمالُ العِبَادِ توجَّهَت
نَحوَ العُلُوِّ بِلاَ تَواصٍ ثَانِ

بَل فِطرةُ اللهِ التَي لَم يُفطرُوا
إلاَّ عَليهَا الخلقُ والثَّقَلاَنِ

وَنَظِيرُ هَذَا أنَّهُم فُطِرُوا عَلَى
إقرَارِهِم لاَ شَكَّ بالدَّيَّانِ

لَكِن أولُو التعطيلِ مِنهُم أصبَحُوا
مَرضَى بدَاءِ الجَهلِ والخُذلاَنِ

فَسألَتُ عَنهم رِفقَتي وأحبتي
أصحَاب جَهمٍ حِزبَ جِنكسخَانِ

مَن هؤلاءِ وَمن يُقالُ لهُم فقَد
جَاؤُوا بِأمرٍ مَالِىءٍ الآذَانِ

وَلَهُم عَلينَا صَولَةٌ مَا صَالَهَا
ذُو بَاطِلٍ بَل صَاحِبُ البُرهَانِ

أوَ مَا سَمعتُم قَولَهُم وَكَلاَمَهُم
مِثلَ الصواعِقِ لَيسَ ذَا لِجَبَانِ

جاؤوكُم من فَوقكُم وَأتَيتُم
من تَحتِهِم مَا أنتُم سِيَّانِ

جَاؤُوكُمُ بالوَحي لَكِن جِئتمُ
بِنُحَاتَهِ الأفكَارِ والأذهَانِ

قَالُوا مُشَبِّهَةٌ مَجَسِّمَةٌ فَلاَ
تَسمَع مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ

والعَنهُمُ لَعنًا كَبيرًا واغزُهُم
بِعَسَاكِرِ التَّعطِيلِ غَيرَ جَبَانِ

وَاحكُم بسَفكِ دِمَائِهِم وَبِحَبسِهِم
أو لاَ فشَرِّدهُم عَنِ الأوطَانِ

حَذِّر صِحَابَكَ مِنهُمُ فَهُمُ أضَلُّ
مِنَ اليَهُودِ وعَابِدِي الصُّلبَانِ

وَاحذَر تُجَادِلَهُم بقَالَ اللهُ أو
قَالَ الرسُولُ فَتَنثَني بِهَوَانِ

أنَّى وَهُم أولًى بِهِ قَد أنفَذُوا
فِيهِ قُوَى الأذهَانِ والأبدَانِ

فإذا ابتُلِيتَ بِهم فَغَالِطهُم عَلَى التَّ
أويلِ للأخبَارِ وَالقُرآنِ

وكذَاكَ غَالِطهُم عَلَى التكذِيبِ لل
آحَادِ ذَانِ لِصحبِنَا أصلاَنِ

أوصَى بِهَا أشيَاخَنا أشيَاخُهُم
فَاحفَظهُمَا بِيَدَيكَ والأسنَانِ

وإذا اجتَمعتَ وهم بمشهَدِ مَجلِسٍ
فَابدَر بإيرَادٍ وشُغلِ زَمَانِ

لا يَملِكُوهُ عَلَيكَ بالآثَارِ وال
أخبَارِ والتفسِيرِ للفُرقَانِ

فَتَصِيرَ إن وَافَقتَ مِثلَهُمُ وإن
عَارَضتَ زِندِيقًا أخَا كُفرَانِ

وإذا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ
فَابدَر ولو بِالفَشرِ والهذَيَانِ

هَذَا الَّذِي أوصَى بِهِ أشيَاخُنَا
في سَالِفِ الأوقَاتِ والأزمَانِ

فرجعتُ مِن سَفَرِي وقلتُ لصَاحِبي
وَمَطِيَّتِي قَد آذنت بِحِرَانِ

عَطِّل رِكَابَكَ وَاسترِح مِن سَيرِهَا
ما ثَمَّ غيرُ هذي الأكوَانِ

لَو كَانَ للأكوَانِ ربٌّ خَالِقٌ
كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ البُرهَانِ

أو كَان رَبٌّ بائنٌ عَن ذِي الوَرَى
كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ الإِيمَانِ

وَلَكَانَ عِندَ النَّاسِ أولَى الخَلقِ بال
إسلاَمِ والإِيمَانِ والإِحسَانِ

وَلَكَانَ هَذَا الحِزبُ فَوقَ رؤوسِهِم
لَم يَختَلِف مِنهُم عَلَيهِ اثنَانِ

فَدَع التَّكالِيفَ الَّتِي حُمِّلتَهَا
وَاخلَع عِذَارَكَ وَارمِ بالأرسَانِ

مَا ثَمَّ فَوقَ العرشِ مِن رَبٍّ وَلَم
يَتَكَلّمِ الرَّحمَنُ بالقُرآنِ

لَو كَانَ فَوقَ العرشِ رَبٌّ نَاظِرٌ
لزِمَ التحيُّزُ وافتقارُ مَكَانِ

لو كَانَ القُرآنُ عَينَ كََلاَمِهِ
حَرفًا وَصَوتًا كَانَ ذَا جُثمَانِ

فإذَا انتَفَى هَذَا وَهَذا مَا الَّذِي
يَبقَى عَلَى ذَا النَّفيِ مِن إيمَانِ

فَدَع الحَلاَلَ مَعَ الحرَامِ لأهلِهِ
فهُمَا السِّيَاجُ لَهُم عَلَى البُستَانِ

فاخرَقهُ ثمَّ ادخُل تَرَى فِي ضِمنِهِ
قَد هُيِّئَت لَكَ سَائِرُ الألوَانِ

وتَرَى بِهَا ما لاَ يَرَاهُ مُحَجَّبٌ
مِن كُلِّ ما تَهوَى بِهِ زَوجَانِ

واقطَع عَلاَئِقَكَ الَّتِي قَد قَيَّدَت
هَذَا الوَرَى مِن سَالِفِ الأزمَانِ

لِتَصِيرَ حُرًّا لَستَ تَحتَ أوَامِرٍ
كَلاَّ وَلاَ نَهيٍ وَلاَ فُرقَانِ

لَكِن جَعَلتَ حِجَابَ نَفسِكَ إذ تَرَى
فَوقَ السَّمَا للنَّاسِ مِن دَيَّانِ

لَو قُلتَ مَا فَوقَ السَّمَاءِ مُدَبِّرٌ
وَالعَرشَ تُخلِيهِ مِنَ الرَّحمَنِ

واللهُ ليسَ مُكَلِّمًا لِعبَادِهِ
كَلاَّ وَلاَ مُتَكَلِّمًا بِقُرَآنِ

مَا قَالَ قَطُّ ولا يقولُ ولاَ لَهُ
قَولٌ بَدَا مِنهُ إِلَى إنسَانِ

لَحَلَلتَ طَلسَمَهُ وَفُزتَ بكَنزِه
وعَلِمتَ أنَّ النَّاسَ في هَذَيَانِ

لَكِن زَعَمتَ بأنَّ ربَّكَ بَائِنٌ
مِن خَلقِهِ إذ قُلتَ مَوجُودَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله فَوقَ العرشِ وال
كُرسِيُّ حَقًّا فَوقَهُ القَدَمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَسمَعُ خَلقَهُ
وَيَرَاهُمُ مِن فَوقِ سَبعِ ثَمانِ

وَزَعَمتَ أنَّ كلاَمَهُ مِنهُ بَدَا
وإلَيهِ يَرجِعُ آخرَ الأزمَانِ

ووصَفتَهُ بالسَّمعِ والبَصَرِ الذِي
لا يَنبَغِي إلا لِذِي الجُثمَانِ

ووصَفتَهُ بِإرَادَةٍ وَبِقُدرَةٍ
وكَرَاهَةٍ ومحبَّةٍ وَحَنَانِ

وزَعَمتَ أنَّ الله يعلَمُ كُلَّ مَا
في الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلانِ

والعِلمُ وصفٌ زائِدٌ عَن ذَاتِهِ
عَرَضٌ يَقُومُ بغَيرِ ذِي جُثمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله كلَّمَ عَبدَهُ
موسَى فَاسمَعَهُ نِدَا الرَّحمَنِ

أفتسمَعُ الآذانُ غيرَ الحرفِ وَالصَّ
وتِ الَّذِي خُصَّت بهِ الأذُنَانِ

وكَذَا النِّدَاءُ فَإنَّهُ صَوتق بِإج
مَاعِ النُّحَاةِ وَأهلِ كُلِّ لِسَانِ

لَكِنَّهُ صَوتٌ رَفِيعٌ وَهُوَ ضِدٌ
لِلنِّجَاءِ كَلاَهُمَا صَوتَانِ

فَزَعَمتَ أنَّ الله نَادَاه وَنَا
جَاهُ وَفِي ذَا الزَّعمِ مَحذُورَانِ

قُربُ المَكَانِ وَبُعدُهُ والصَّوتُ بَل
نَوعَاهُ مَحذُورَانِ مُمتَنِعَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّدًا أسرَى بِهِ
لَيلًا إلَيهِ فَهوَ مِنهُ دَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّدًا يَومَ اللِّقَا
يُدنِيهِ رَبُّ العَرشِ بالرِّضوَانِ

حَتَّى يُرَى المُختَارُ حَقًّا قَاعِدًا
مَعَهُ عَلَى العَرشِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

وَزَعَمتَ أنَّ لعرشِهِ أطًا بِه
كالرَّحلِ أطَّ بِراكِبٍ عَجلاَنِ

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ أبدَى بَعضُهُ
للطُّورِ حتَّى عَادَ كَألكُثبَانِ

لَمَّا تَجلَّى يَومَ تَكلِيمِ الرِّضَى
موسَى الكلِيمِ مُكلَّمِ الرَّحمنِ

وَزَعَمتَ للمعبُودِ وَجهًا بَاقِيًا
وَلَهُ يَمِينٌ بَل زَعَمتَ يَدَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ يَدَيهِ للسَّبعِ العُلَى
والأرضِ يَومَ الحشرِ قَابِضَتَانِ

وزَعَمتَ أنَّ يمينَهُ مَلأى مِنَ ال
خَيرَاتِ مَا غَاضَت عَلَى الأزمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ العدلَ في الأخرَى بِهَا
رَفعٌ وَخَفضٌ وَهوَ بِالميزَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الخَلقَ طُرًّا عِندَهُ
يَهتَزُّ فَوقَ أصَابِعِ الرَّحمنِ

وَزَعَمتَ أيضًا أنَّ قَلبَ العبدِ مَا
بَينَ اثنَتَينِ مِن الأصَابعِ عَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ يَضحَكُ عِندَمَا
يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ يَقتتِلاَنِ

مِن عَبده يَأتي فَيُبدِي نَحرَهُ
لِعَدُوِّهِ طَلَبًا لِنَيلِ جِنَانِ

وَكَذَاكَ يضحَكُ عِندَمَا يَثِبُ الفَتَى
مِن فُرشِهِ لتِلاوَةِ القُرآنِ

وَكَذَاكَ يَضحَكُ مِن قُنُوطِ عِبَادِهِ
إذ أجدَبُوا وَالغَيثُ مِنهُم دَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَرضَى عَن أُولي ال
حُسنَى ويغضَبُ مِن أولي العِصيَانِي

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ يَسمعُ صَوتَهُ
يَومَ المَعَأدِ بَعِيدُهُم والدَّاني

لَمَّا يَنادِيهِم أنَا الدَّيَانُ لاَ
ظُلمٌ لَدَيَّ فَيَسمَعُ الثَّقَلاَنِ

وَزَعمتَ أنَّ الله يُشرِقُ نُورُهُ
في الأرضِ يومَ الفصلِ والميزانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَكشِفُ سَاقَهُ
فَيَخِرُّ ذَاكَ الجمعُ للأذقَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَبسُطُ كَفَّهُ
لِمُسِيئِنَا لِيَتُوبَ مِن عِصيَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ يَمِينَهُ تَطوِي السَّمَا
طَيِّ السِّجِلِّ عَلَى كِتَابش بَيَانِ

وَزَعمتَ أنَّ اللهَ يَنزِلُ في الدُّجَى
في ثُلثِ لَيلٍ آخِرٍأو ثانِ

فَيقُولُ هَل مِن سَائِلٍ فَأُجِيبَهُ
فَأَنَا القرِيبُ أجِيبُ مَن نَادَاني

وَزَعمتَ أنَّ لَهُ نُزُولًا ثَانِيًا
يَومَ القِيَامَةِ لِلقَضَاءِ الثَّانِي

وَزَعمتَ أنَّ اللهَ يَبدُو جَهرَةً
لِعِبَادِهِ حَتَّى يُرَى بِعِيانِ

بَل يَسمَعُونَ كَلاَمَهُ وَيَرَونَهُ
فَالمُقلَتَانِ إليهِ نَاظِرَتَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ لربِّنَا قَدَمًا وَأنَّ
اللهَ وَاضِعُهَا عَلَى النِّيرَانِ

فَهُنَاكَ يَدنُو بَعضُهَا مِن بَعضِهَا
وَتَقُولُ قَط قَط حَاجَتي وَكَفَانِي

وَزَعَمتَ أن النَّاس يَومَ مَزيدِهِم
كُلٌّ يُحَاضِرُ رَبَّهُ ويُدَانِي

بالحَاءِ مَع ضَادٍ وَجَامِعِ صَادِهَا
وَجهَانِ في ذَا اللَّفظِ مَحفُوظَانِ

في التِّرمِذِيِّ وَمُسنَدٍ وَسِوَاهُمَا
مِن كُتبِ تَجسِيمٍ بِلاَ كِتمَانِ

وَوَصَفتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ
بالإختِيَار وذَانِكَ الأصلاَنِ

أصلُ التَّفَرُّقِ بَينَ هَذَا الخَلقِ فِي ال
بَارِي فَكُن فِي النَّفي غَيرَ جَبَانِ

أو لاَ فَلاَ تَلعَب بِدِينِكَ نَاقِضًا
نَفيًا بإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

فَالنَّاسُ بَينَ مُعَطِّلٍ أو مُثبتٍ
أو ثَالِثٍ مُتنَاقِضٍ صَنعَانِ

وَاللهِ لَستَ بِرَابعٍ لَهُمُ بَلَى
إمَّا حِمَارًا أو مِنَ الثِّيرَانِ

فَاسمَح بإنكَار الجَمِيعِ وَلاَ تَكُن
مُتَنَاقِضًا رَجُلاَ لَهُ وَجهَانِ

أو لاَ فَفرِّق بَينَ مَا أثبتَّهُ
وَنَفَيتَهُ بِالنَّصِّ والبُرهَانِ

فَالبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ في النَّفي وال
إثبَاتِ في عَقلٍ وَفي مِيزَانِ

فَمَتَى أقرَّ بِبعضِ ذَلِكَ مثبِتٌ
لَزِمَ الجَمِيعَ أو ائتِ بالفُرقَانِ

وَمَتَى نَفَى شَيئًا واثبتَ مِثلَهُ
فمجسِّمٌ مُتَنَاقِضٌ دَيصَانِ

فذَرُوا المِرَاءَ وَصَرِّحُوا بمذَاهِبِ ال
قُدَمَاءِ وانسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ

أو قَاتِلُوا مَع إيمَّةِ التَّجسِيمِ والتَّ
شَبِيهِ تحتَ لِوَاءِ ذِي القرآنِ

أو لاَ فَلاَ تَتَلاَعَبُوا بِعُقُولِكُم
وَكِتَابِكُم وَبِسَائِرِ الأديَانِ

فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بِصِفَاتِهِ
وَكَلاَمِهِ وعُلُوِّهِ بِبَيَانِ

وَالنَّاسُ بَينَ مصَدِّقٍ أو جَاحِدٍ
أو بَينض ذَلِكَ أو شَبِيهُ أتَانِ

فَاصنَع مِنَ التَّنزِيه تُرسًا مُحكَمًا
وَانفِ الجَمِيعَ بِصَنعَةٍ وَبَيَانِ

وَكَذَاكَ لَقِّب مَذهَبَ الإِثبَاتِ بِالتَّ
جسِيمِ ثُمَّ احمِل عَلَى الأقرَانِ

فَمَتَى سَمَحتَ لَهُم بِوَصفٍ وَاحِدٍ
حَمَلُوا عَلَيكَ بِحَملَةِ الفُرسَانِ

فَصُرِعت صِرعَةَ مَن غَدَا متلَبِّطًا
وَسَطَ العَرِينِ مُمزَّقَ اللُّحمَانِ

فَلِذَاك أنكَرنَا الجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّ
جسِيمِ إن ضِرنَا إلى القُرآنِ

وَلِذَا خَلَعنَا رِبقَةَ الأديَانِ مِن
أعنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأزمَانِ

وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسلَ الألَى
جَاؤُوا بإثبَاتِ الصِّفَاتِ كَمَانِ

في آلِ فِرعَونٍ وَقَارُونَ وَهَا
مَان ونُمرُودٍ وَجِنكِسخَانِ

وَلَنَا الأئمَّةُ كالفَلاَسِفَةِ الألَى
لَم يَعبَؤُوا أصلًا بِذِي الأديَانِ

مِنهُم أرسطُوا ثُمَّ شِيعَتُهُ إلَى
هَذَا الأوَانِ وعِندَ كُلِّ أوَانِ

مَا فِيهُمُ مَن قَالَ إنَّ الله فَو
قَ العرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

كلاَّ وَلاَ قَالُوا بِأنَّ إلهَنَا
مُتَكَلِّمٌ بالوَحيِ والقُرآنِ

وَلأجلِ هَذَا رَدَّ فِرعَون عَلَى
مُوسَى وَلَم يقدِر عَلَى الإِيمَانِ

إذ قالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ
فَوقَ السَّمَاءِ وَإنَّهُ نَادَانَي

وَكَذَا ابنُ سِينَا لَم يَكُن مِنكُم وَلاَ
أتبَاعُهُ بَل صَانَعُوا بِدِهَانِ

وَكَذَلِكَ الطُّوسِيُّ لَمَّا أن غَدَا
ذَا قُدرَةٍ لَم يَخشَ مِن سُلطَانِ

قَتلَ الخَليفَةَ والقُضَاةَ وحَامِلي ال
قُرآنِ والفُقَهَاء في البُلدَانِ

إذ هُم مشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ وَمَا
دَانُوا بِدِينش أكَابِرِ اليُونَانِ

وَلَنَا الملاَحِدَةُ الفُحُولُ أئِمَّةُ التَّ
عطِيلِ وَالتَّشبِيهِ آلُ سِنَانِ

وَلَنَا تَصَانِيفٌ بِهَا غَالبتُمُ
مِثلَ الشِّفَا وَرَسَائِلِ الإِخوَانِ

وَكَذَا الإشَارَاتُ التي هِيَ عِندكُم
قد ضُمِّنَت لِقَوَاطِعِ البُرهَانِ

قَد صَرَّحَت بالضِّدِّ مِمَّا جَاءَ فِي التَّ
وراةِ والإنجِيلِ والفُرقَانِ

هِيَ عِندَكُم مِثلُ النُّصُوصِ وَفَوقَهَا
في حُجَّةٍ قَطعِيَّةٍ وَبَيَانٍ

وَإِذَا تَحَاكَمنَا فَإنَّ إلَيهِمُ
يَقَعُ التَّحَاكُمُ لاَ إِلَى القُرآنِ

إذ قَد تَسَاعَدنَا بأنَّ نَصوصَهُ
لَفظِيَّةٌ عُزِلَت عَنِ الإيقَانِ

فَلِذَاك حَكَّمنَا عَلَيهِ وأنتُم
قَوفَ المعَلِّمِ أولًا والثَّانِي

يا وَيحَ جَهمٍ وابنِ دِرهَمَ والألَى
قَالُوا بِقَولِهِمَا مِنَ الخَوَرَانِ

بَقيَت مِنَ التَّشبِيهِ فِيهِ بَقيَّةٌ
نَقَضَت قَوَاعِدَهُ مِنَ الأركَانِ

يَنفِي الصِّفَاتِ مَخَافَةَ التَّجسِيمِ لاَ
يَلوِي عَلَى خَبرٍ وَلاَ قُرآنِ

ويقُولُ إنَّ اللهَ يَسمَعُ أو يَرَى
وكذَاكَ يَعلَمُ سِرَّ كُلِّ جَنَانِ

ويقُولُ إنَّ اللهَ قَد شَاءَ الَّذِي
هُوَ كَائِنٌ مِن هََذِهِ بالأكوَانِ

وَيقُولُ إنَّ الفِعلَ مقدُورٌ لَهُ
وَالكَونَ يَنسِبُهُ إِلَى الحِدثَانِ

وبِنَفيهِ التَّجسِيمَ يَصرخُ في الوَرَى
واللهِ مَا هَذَانِ مُتَّفِقانِ

لَكِنَّنَا قُلنا مُحَالٌ كُلُّ ذَا
حَذَرًا مِنَ التَّشبِيهِ وَالإمكَانِ

وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ ألاَ اسمَعُوا
قَد جئتُكُم مِن مَطلَعِ الإِيمَانِ

مِن أرضِ طَيبَةَ مِن مُهَاجَرِ أحمَدٍ
بالحقِّ والبُرهَانِ والتِّبيَانِ

سافرتُ في طَلَبِ الإِلَهِ فَدَلَّني ال
الهَادِي عَلَيهِ ومُحكَمُ القُرآنِ

مَع فِطرَةِ الرَّحمَنِ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَصَرِيحِ عَقلي فَاعتَلَى بِبَيَانِ

فَتَوَافَقَ الوَحيُ الصَّرِيحُ وَفِطرَةُ الرَّ
حمنِ والمعقُولُ في إيمَانِ

شَهِدُوا بأنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ
مُتَفَرِّدٌ بِالمُلكِ والسُّلطَانِ

وَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ لاَ مَعبُودَ إلاَّ
وَجهُهُ الأعلَى العَظِيمُ الشَّانِ

بَل كُلُّ مَعبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ
مِن عَرشِهِ حَتَّى الحَضِيض الدَّاني

وَعِبَادَةُ الرِّحمنِ غَايَةُ حُبِّهِ
مَع ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطبَانِ

وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ
مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطبَانِ

ومَدَارُهُ بالأمرِ أمرِ رسُولِهِ
لاَ بِالهَوَى والنَّفسِ والشَّيطَانِ

فَقِيَامُ دِينِ اللهِ بالإخلاَصِ وَال
إحسَانِ إنَّهُمَا لَهُ أصلاَنِ

لَم يَنجُ مِن غَضَبِ الإِلَهِ وَنَارِهِ
إلاَّ الَّذِي قَامَت بِهِ الأصلاَنِ

وَالنَّاسُ بَعدُ فَمُشرِكٌ بإلهِهِ
أو ذُو ابتِدَاعِ أو لَهُ الوَصفَانِ

واللهُ لا يَرضَى بِكَثرَةِ فِعلِنَا
لَكِن بِأحسَنِهِ مَعَ الإِيمَانِ

فالعَارِفُون مُرادُهُم إحسَانُهُ
والجَاهِلُونَ عَمُوا عَنِ الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد شَهِدُوا بأنَّ اللهَ ذُو
سَمعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ

وَهُوَ العلَيُّ يَرَى وَيسمَعُ خَلقَهُ
مِن فَوقِ عَرشٍ فَوقَ سِتِّ ثَمَانِ

فَيَرى دَبِيبَ النَّملِ في غَسَقِ الدُّجَى
وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ

وَضَجَيجُ أصوَاتِ العِبَادِ بِسَمعِهِ
وَلَدَيهِ لاَ تَتشَابَهُ الصَّوتَانِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يُوَسوِسُ عَبدُهُ
فِي نَفسِهِ مِن غَيرِ نُطقِ لِسَانِ

بَل يَستَوِي في عِلمِه الدَّانِي مَعَ ال
قَاضِي وَذُو الإِسرَارِ والإِعلاَنِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَدًا وَمَا
قَد كَانَ وَالمعلُومُ فِي ذَا الآنِ

وَبِكُلِّ شَيءٍ لَم يَكُن لَو كَان كَيفَ
يَكُونُ موجُودًا لذِي الأعيَانِ

وَهُوَ القدِيرُ فَكُلُّ شَيءٍ فَهوَ مَق
دُورٌ لَهُ طَوعًا بِلاَ عِصيَانِ

وَعُمُومُ قُدرَتِهِ تَدُلُّ بِأنَّهُ
هُوَ خَالِقُ الأفعَالِ للحَيَوَانِ

هِيَ خَلقُهُ حَقًّا وأفعَالٌ لَهُم
حَقًّا وَلاَ يَتنَاقَضُ الأمرَانِ

لَكنَّ أهلَ الجَبرِ والتَّكذِيبِ بِال
أَقدَارِ مَا انفَتَحَت لهُم عَينَانِ

نَظَرُوا بِعَينَي أعوَرٍ إذ فَاتَهُم
نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَينَانِ

فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى
في شَأنِهِ هوَ قُدرَةُ الرَّحمنِ

واستَحسَنَ ابنُ عَقِيل ذَا مِن أحمدٍ
لمَّا حَكَاهُ عَنِ الرِّضَى الرَّبَّانِي

قَالَ الإِمَامُ شَفَا القُلُوبَ بلَفظَةٍ
ذَاتِ اختِصَارٍ وَهيَ ذَاتُ بَيَانٍ

وَلَهُ الحَيَاةُ كَمَالُهَا فلأجلِ ذَا
مَا للمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذلِكَ القَيُّومُ مِن أوصَافِهِ
مَا لِلمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذَلِكَ أوصَافُ الكَمَالِ جَمِيعُهَا
ثبتَت لَهُ ومَدَارُهَا الوَصفَانِ

فَمُصَحّحُ الأوصَافِ وَالأفعَالِ وَال
أسمَاءِ حَقًّا ذَانِكَ الوَصفَان

وَلأجلِ ذَا جَاءَ الحَدِيثُ بِأنَّهُ
في آيَةِ الكُرسِي وَذِي عِمرَانِ

اسمُ الإلَهِ الأعظَمُ اشتَمَلاَ عَلَى اس
مِ الحَيِّ والقَيُومِ مُقتَرِنَانِ

فالكُلُّ مرجِعُهَا إِلَى الإِسمَين يَد
رِي عذاكَ ذُو بَصَرٍ بِهَذَا الشَّانِ

وَلَهُ الإِرَادَةُ وَالكَرَاهَةُ والرِّضَى
وَلَهُ المَحَبَّةُ وهوَ ذُو الإحسانِ

وَلَهُ الكَمَالُ المُطلَقُ العَارِي عَنِ التَّ
شبِيهِ والتَّمثِيلِ بالإنسَانِ

وَكَمَالُ مَن أعطَى الكَمَالَ بِنَفسِهِ
أولَى وَأقدَمُ وهوَ أعظَمُ شَانِ

أيكُونُ مَن أعطَى الكَمَالَ بِنَفسِهِ
ذَاكَ الكَمَالُ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

أيَكُونُ إنسَانٌ سَمِيعًا مُبصِرًا
مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

وَلَهُ الحَيَاةُ وَقُدرَةٌ وإرَادَةٌ
والعِلمُ بِالكُلِّيِّ والأعيَانِ

واللهُ قَد أعطَاهُ ذَاكَ وَلَيسَ هَ
ذَا وَصفَهُ فاعجَب مِنَ البُهتَانِ

بِخِلاَفِ نَومِ العَبد ثًُمَّ جِمَاعِهِ
والأكلِ مِنهُ وَحَاجَةِ الأبدَانِ

إذ تِلكَ مَلزُومَاتُ كَونِ العَبدِ مُح
تَاجًا وَتِلكَ لَوازِمُ النُّقصَانِ

وَكَذَا لَوَازِمُ كَونِهِ جَسَدًا نَعَم
وَلَوَازِم الإحدَاثِ والإِمكَانِ

يتقدَّسُ الرَّحمنُ جَلَّ جَلاَلُهُ
عَنهَا وَعَن أعضَاءِ ذِي جُثمَانِ

واللهُ رَبيِّ لَم يَزَل متكلِّمًا
وَكَلاَمُهُ المَسمُوعُ بالآذَانِ

صِدقًا وعَدلًا أحكمَت كَلِمَاتُهُ
طَلَبًا وإخبَارًا بِلاَ نُقصَانِ

وَرَسُولهُ قَد عَاذَ بالكلَِمَاتِ مِن
لَدغٍ وَمِن عَينٍ ومِن شَيطَانِ

أيُعَاذُ بالمخلُوقِ حَاشَاهُ مِنَ الإِش
رَاكِ وَهُوَ مُعَلِّمُ الإِيمَانِ

بَل عَاذَ بالكَلِمَاتِ وَهيَ صِفَاتُهُ
سُبحَانُهُ لَيسَت مِنَ الأكوانِ

وَكَذَلِكَ القرآنُ عَينُ كَلاَمِهِ المَس
مُوعِ مِنهُ حقِيقَةً بِبَيَانِ

هُوَ قُولُ رَبِّي كُلُّهُ لاَ بَعضُهُ
لَفظًا وَمَعنًى مَا هُمَا خَلقَانِ

تَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَقولُهُ
اللَّفظُ والمعنَى بِلاَ رَوَغَانِ

لَكِنَّ أصوَاتَ العِبَادِ وَفِعلَهُم
كَمِدَادِهِم والرَّقِّ مَخلوقَانِ

فالصَّوتُ للقَارِى وَلَكِنَّ الكَلاَ
مِ كَلاَمُ رَبِّ العرشِ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ وَسَاطَةٌ
كَقِرَاءَةِ المخلُوقِ لِلقُرآنِ

فإذَا انتفَت تِلكَ الوَسَاطَةُ مِثلَمَا
قَد كلَّمَ المولُودَ مِن عِمرَانِ

فَهُنالِكَ المخلُوقُ نَفسُ السَّمع لاَ
شَيءٌ مِنَ المسمُوعِ فَافهَم ذَانِ

هَذِي مَقَالَةُ أحمدٍ ومُحَمَّدٍ
وخُصُومُهُم مِن بَعدُ طَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا زَعَمَت بِأنَّ كَلاَمَهُ
خَلقٌ لَهُ الفَاظُهُ ومَعَانِ

والآخَرُونَ أبَوا وَقَالُوا شَطرُهُ
خَلقٌ وَشَطرٌ قَامِ بالرَّحمنِ

زَعَمُوا القُرآنَ عِبَارَةٌ وَحِكَايَةٌ
قُلنَا كَمَا زَعَمُوهُ قُرآنَانِ

هَذَا الَّذِي نَتلُوه مخلُوقٌ كَمَا
قَالَ الوَلِيدُ وَبَعدَهُ الفِئَتَانِ

والآخَرُ المعنَى القَدَيمُ فقَائِمٌ
بالنَّفسِ لَم يُسمَع مِنَ الدَّيَّانِ

والأمرُ عَينُ النَّهيِ واستِفهَامُهُ
هُو عَينُ إخبَارٍ وَذُو وِحدَانِ

وَهُوَ الزَّبُورُ وَعَينُ تَورَاةٍ وإن
جِيلٍ وَعَينُ الذِّكرِ والفُرقَانِ

الكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ في نَفسِهِ
لاَ يَقبَلُ التبعِيضَ في الأذهَانِ

مَا إن لَهُ كُلُّ ولاَ بَعضٌ وَلا
حَرفٌ وَلاَ عَرَبِي وَلاَ عِبرَانِي

وَدَلِيلُهُم في ذَاكَ بَيتٌ قَالَهُ
فِيمَا يُقَالُ الأخطَلُ النَّصرَانِيُّ

يَا قَومُ قَد غَلِطَ النَّصَارَى قَبلُ في
مَعنَى الكَلاَمِ ومَا اهتدَوا لِبَيَانِ

وَلأجلِ ذَا جَعَلُوا المَسِيحَ إلَهَهُم
إذ قِيلَ كِلمَةُ خَالِقٍ رَحمنِ

ولأجلِ ذَا جَعَلُوهُ نَاسُوتًا وَلاَ
هُوتًا قَدِيمًا بَعدُ مُتَّحِدَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا مَن يَقُولُ كَلاَمُهُ
مَعنًى قَديمٌ غَيرُ ذِي حِدثَانِ

والشَّطرُ مَخلُوقٌ وَتِلكَ حُرُوفُهُ
نَاسُوتُهُ لَكِن هُمَا غَيرَانِ

فَانظُر إِلَى ذَا الإِتِّفَاقِ فَإِنَّهُ
عَجَبٌ وَطَالِع سُنَّةَ الرَّحمنِ

وتَكَايَسَت أخرَى وقَالَت إنَّ ذَا
قَولٌ مُحَالٌ وَهوَ خَمسُ مَعَانِ

تِلكَ التي ذُكِرَت ومَعنى جَامِعٌ
لِجَمِيعِهَا كالأسِّ للبُنيَانِ

فَيَكُونُ أنواعًا وعِندَ نَظِيرِهِم
أوصَافُهُ وهُمَا فمُتَّفِقَانِ

إنَّ الذِي جَاءَ الرسُولُ بِهِ لَمَخ
لُوقٌ وَلَم يُسمَع مِنَ الدَّيانِ

والخُلفُ بَينَهُمُ فقيل مُحَمَّدٌ
أنشَاهُ تَعبِيرًا عَنِ القُرآنِ

والآخرُونَ أبَوا وَقَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ أنشَاهُ عَنِ المنَّانِ

وتكَايَسَت أخرَى وَقَالَت إنَّهُ
نَقلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

فاللَّوحُ مَبدَؤهُ وربُّ اللَّوحِ قَد
أنشَاهُ خَلقًا فِيه ذَا حِدثَانِ

هَذِي مقَالاَتٌ لُهُم فانظر تَرَى
فِي كُتبِهِم يَا مَن لَهُ عَينَانِ

لَكِنَّ أهلََ الحَقِّ قَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ بلَّغَهُ عَنِ الرَّحمَنِ

ألقَاهُ مَسمُوعًا لَهُ مِن رَبِّهِ
للصَّادِقِ المَصدُوقِ بالبُرهَانِ

وَإِذَا أرَدتَ مَجَامِعَ الطُّرقِ الَّتِي
فِيهَا افتِرَاقُ النَّاسِ فِي القُرآنِ

فمَدارُهَا أصلاَنِ قَامَ عَلَيهِمَا
هَذَا الخِلافُ هُمَا رُكنَانِ

هَل قولُهُ بمشِيئَةٍ أم لاَ وَهَل
في ذَاتِهِ أم خَارِجٌ هَذَانِ

أصلُ اختِلاَفِ جَمِيعِ أهلِ الأرضِ في ال
قُرآنِ فَاطلُب مُقتضَى البُرهَانِ

ثُمَّ الألَى قَالُوا بِغيرِ مَشِيئَةٍ
وَإِرَادَةٍ مِنهُ فَطَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَعنًى قَائِمًا
بالنَّفسِ أو قَالُوا بِخَمسِ مَعَانِ

وَاللهُ أحدَثَ هَذِهِ الألفَاظَ كَي
تُبدِيهِ مَعقُولًا إِلَى الأذهَانِ

وَكَذَاكَ قَالُوا إنَّهَا لَيسَت هيَ ال
قُرآنَ بَل مَخلُوقَةٌ دَلَّت عَلى القرآنِ

ولربَّما سُمِّى بِهَا القُرآنُ تَس
مِيَةَ المَجَازِ وذَاكَ وَضعٌ ثَانِ

وَكَذلِكَ اختَلَفُوا فقِيلَ حِكَايَةٌ
عَنهُ وقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ

إذ كَانَ مَا يُحكَى كَمَحكِّيٍّ وَهَ
ذَا اللَّفظُ والمعنَى فمختَلِفَانِ

ولذَا يُقَالُ حَكَى الحَدِيثَ بعَينِهِ
إذ كَانَ أولُهُ نَظِيرَ الثَّاني

فَلِذَاكَ قَالُوا لاَ نَقُولُ حِكَايَةٌ
وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الفُرقَانِ

والآخَرُونَ يَرَونَ هَذَا البَحثَ لَف
ظِيًّا ومَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ

وَالفِرقَةُ الأخرَى فَقَالَت إنَّهُ
لَفظٌ وَمَعنًى لَيسَ ينفَصِلاَنِ

واللَّفظُ كالمعنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ
بالنَّفسِ لَيسَ بقَابِلِ الحِدثَانِ

فَالسِّينُ عِندَ البَاءِ لا مَسبُوقَةٌ
لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ

والقَائِلُون بِذَا يقُولُوا إنَّمَا
تَرتِيبُهَا بالسَّمعِ الآذَانِ

وَلَهَا اقتِرَانٌ ثَابِتٌ لذَوَاتِهَا
فاعجَب لِذَا التَّخلِيطِ والهَذَيَانِ

لَكِنَّ زَاغُونِيَّهُم قَد قَالَ إنَّ
ذَوَاتَهَا وَوُجُودَهَا غَيرَانِ

فَتَرَبَّتَت بِوُجُودِهَا لاَ ذَاتِهَا
يَا لَلَعُقُولِ وَزَيغَةِ الأذهَانَ

لَيسَ الوُجُودُ سِوى حَقِيقَتَهَا لِذِي ال
أذهَانِ بَل في هَذهِ الأعيَانِ

لَكِن إذَا أخَذَ الحقيقَةَ خَارجًا
وَوُجُودَهَا ذِهنًا فمُختَلِفَانِ

وَالعَكسُ أيضًا مِثلُ ذَا فإذَا هُمَا
اتَّحَدَا اعتبَارًا لَم يَكُن شَيئَانِ

وَبِذَا يَزُولُ جَمِيعُ إشكَالاَتِهِم
في ذَاتِهِ وَوُجُودِهِ الرَّحمنِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ بِمَشِيئَةٍ
وَإرَادَةٍ أيضًا فَهُم صِنفَانِ

إحدَاهمَا جَعَلَتهُ خَارِجَ ذَاتِهِ
كَمَشِيئَةٍ لِلخَلقِ والأكوَانِ

قَالوا وَصَارَ كَلامهُ بإضَافَةِ التَّ
شرِيفِ مِثلَ البيتِ ذِي الأركَانِ

مَا قَالَ عندَهُمُ ولا هُوَ قَائِلٌ
والقَولُ لَم يُسمَع مِنَ الدَّيَّانِ

فالقَولُ مَفعُولٌ لَدَيهِم قَائِمٌ
بِالغَيرِ كالأعرَاضِ والأكوَانِ

هَذِي مَقَالَةُ كُلِّ جَهميٍّ وهُم
فِيهَا الشُّيُوخُ مُعَلِّمو الصِّبيَانِ

لَكِنَّ أهلَ الإعتِزَالِ قَدِيمَهُم
لَم يذهَبُوا ذَا المَذهَبِ الشَّيطانِي

وَهُم الألَى اعتزَلُوا عَنِ الحسَنِ الرِّ
ضَى البَصرِيِّ ذَاكَ العالِمِ الربَّاني

وَكَذَاكَ أتبَاعٌ عَلَى مِنهَاجِهِم
مِن قَبلِ جَهمٍ صَاحِبِ الحِدثَانِ

لَكِنَّمَا متأخِّرُوهم بَعدَ ذَا
لَكَ وافَقُوا جَهمًا عَلَى الكُفرانِ

فَهُمُ بذَا جَهمِيَّةٌ أهلُ اعتِزَا
لٍ ثَوبُهُم أضحَى لَه عَلَمَانِ

وَلَقَد تَقَلَّدَ كُفرَهُم خَمسُونَ في
عَشرٍ مِنَ العُلَمَاءِ في البُلدَانِ

وَاللاَّلَكَائِيُّ الإمامُ حَكَاهُ عَن
هُم هُم حَكَاهُ قَبلَهُ الطَّبَرَانِي

وَالقَائِلونَ بِأنَّهُ بمشِيئَةٍ
في ذَاتِهِ أيضًا فَهُم نَوعَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَبدُوءًا بِهِ
نَوعًا حِذَارَ تسلسُلِ الأعيَانِ

فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيهمُ في زَعمِهِم
إثبَاتَ خَالِقِ هَذِهِ الأكوَانِ

فَلِذَاكَ قَالُوا إنَّهُ ذُو أوَّلٍ
مَا للِفَنَاءِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَلاَمُهُ كَفِعَالِهِ وَكِلاَهُمَا
ذُو مَبدءٍ بَل لَيسَ يَنتَهِيَانِ

قَالُوا وَلَم يُنصِف خُصُومٌ جَعجَعُوا
وَأتَوا بتَشنِيعٍ بِلاَ بُرهَانِ

قُلنَا كَمَا قَالُوهُ في أفعَالِهِ
بَل بَينَنَا بَونٌ مِنَ الفُرقَانِ

بَل نَحنُ أسعَدُ مِنهُمُ بِالحقِّ إذ
قُلنَا هُمَا باللهِ قَائِمَتَانِ

وَهُمُ فَقَالُوا لَم يَقُم باللهِ لاَ
فِعلٌ وَلاَ قَولٌ فَتَعطِيلاَنِ

لفِعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وأب
طَلُ مِن حُلُولِ حَوَادِثِ بِبَيانِ

تَعطِيلُهُ عَن فِعلِهِ وَكَلاَمِهِ
شَرٌّ مِنَ التشنِيعِ بِالهَذَيَانِ

هَذِي مَقَالاتُ ابنِ كرَّامٍ وَمَا
رَدُّوا عَلَيهِ قَطُّ بالبرهَانِ

أنَّى وَمَا قَد قَالَ أقرَبُ مِنهُمُ
لِلعَقلِ وَالآثَارِ والقُرآنِ

لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُُ بِجَعَاجِعٍ
وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ

وَالآخَرُونَ أولُوا الحَدِيثِ كأحمَدٍ
ومُحَمَّدٍ وأئمةِ الإِيمَانِ

قَالُوا بِأنَّ اللهَ حَقًّا لَم يَزَل
مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

إنَّ الكَلاَمَ هُوَ الكَمَالُ فَكَيفَ يَخ
لُو عَنهُ فِي أزلٍ بِلاَ إمكَانِ

وَيَصِيرُ فِيمَا لَم يَزَل مُتَكَلِّمًا
مَاذَا اقتَضَاهُ لَهُ مِنَ الإِمكَانِ

وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ
لِلذَّاتِ مِثلَ تَعَاقُبِ الأزمَانِ

واللهُ رَبُّ العرشِ قَالَ حَقِيقَةً
حضم مَع طَهَ بِغَيرِ قِرَانِ

بَل أحرُفٌ مترتِّبَاتٌ مِثلَمَا
قَد رُتِّبت في مَسمَعِ الإِنسَانِ

وَقتَانِ في وَقتٍ مُحَالٌ هَكَذَا
حَرفَانِ أيضًا يُوجَدَا في آنِ

مِن وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَل يُوجَدَا
بالرَّسمِ أو بَتَكَلُّمِ الرجُلاَنِ

هذَا هُوَ المعقُولُ أمَّا الإِقترَا
نُ فَلَيسَ مَعقُولًا لِذِي الأذهَانِ

وَكَذَا كَلاَمٌ مِن سِوَى مُتَكَلِّمٍ
أيضًا مُحَالٌ لَيسَ في إمكَانِ

إلاَّ لِمَن قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَذَا
كَ كَلاَمُهُ المعقُولُ فِي الأذهَانِ

أيكونُ حَيًّا سَامِعًا أو مُبصِرًا
مِن غَيرِ مَا سَمعٍ وَغَيرِ عِيَانِ

وَالسَّمعُ والإِبصَارُ قَامَ بِغَيرِهِ
هَذَا المُحَالُ وَوَاضِحُ البُهتَانِ

وَكَذا مُريدٌ وَالإِرَادَةُ لَم تَكُن
وَصفًا لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ

وَكَذَا قَدِيرٌ مَالَهُ مِن قَدرَةٍ
قَامَت بِهِ أوضَحِ البُطلاَنِ

واللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ
بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ والبُرهَانِ

قَد أجمعَت رُسلُ الإِلَهِ عَلَيهِ لَم
يُنكِرهُ مِن أتبَاعِهِم رَجُلاَنِ

فَكَلاَمُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وإلاَّ
لَم يَكُن مُتَكَلِّمًا بِقُرآنِ

واللهُ قَالَ وَقَائلٌ وَكَذَا يَقُو
لُ الحَقَّ لَيسَ كَلاَمُهُ بِالفَاني

وَيُكَلِّمُ الثقلَينِ يَومَ مَعَادِهِم
حَقًّا فَيَسمَعُ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ

وَكَذَا يكلِّمُ حِزبَهُ في جَنَّةِ ال
حَيَوَانِ بِالتَّسلِيمِ والرِّضوَانِ

وَكَذَا يُكَلِّمُ رُسلَهُ يَومَ اللِّقَا
حَقًّا فَيَسالُهُم عَنِ التِّبيَانِ

وَيُراجِعُ التَّكلِيمَ جَلَّ جَلاَلُه
وَقتَ الجِدَالِ لَهُ مِنَ الإِنسَانِ

وَيُكَلِّمُ الكُفَّارَ في العَرَصَاتِ تَو
بِيخًا وَتَقرِيعًا بِلاَ غُفرَانِ

ويُكَلِّمُ الكُفَّارَ أيضًا فِي ال
جَحِيمِ أن أخسَؤُوا فِيهَا بِكُلِّ هَوَانِ

واللهُ قَد نَادَى الكَلِيمَ وَقَبلَهُ
سَمِعَ النِّدَا في الجَنَّةِ الأبَوَانِ

وأتى النِّدَا فِي تِسعِ آياتٍ لَهُ
وَصفًا فرَاجِعهَا مِنَ القُرآنِ

وَكَذَا يكلِّمُ جَبرَئِيلَ بأمرِهِ
حَتَّى يُنَفِّذَهُ بِكُلِّ مَكَانِ

واذكر حَدِيثًا فِي صَحيحِ مُحَمَّدٍ
ذَاكَ البُخَارِيُّ العظيمُ الشَّانِ

فِيهِ نِدَا اللهِ يَومَ مَعَادِنَا
بالصَّوتِ يَبلُغُ قَاصِيًا والدَّاني

هَب أنَّ هَذَا اللَّفظَ لَيسَ بِثَابتٍ
بَل ذِكرُهُ مَع حَذفِهِ سِيَّانِ

وَرَواهُ عِندَكُمُ البُخَارِيُّ المُجَسِّ
مُ بَل رَوَاهُ مُجسِّمٌ فَوقَانِ

أيصِحُّ فِي عَقلٍ وَفِي نَقلٍ نِدَا
ءٌ لَيسَ مَسمُوعًا لَنَا بأذَانِ

أم أجمَعَ العلمَاءُ والعُقَلاءُ مِن
أهلِ اللِّسَانِ وأهلِ كُلٍّ لِسَانِ

أنَّ النِّدَا الصَّوتُ الرَّفِيعُ وَضِدُّهُ
فَهوَ النِّجَاءُ كِلاَهُمَا صَوتَانِ

واللهُ مَوصُوفٌ بِذَاكَ حَقِيقَةً
هَذَا الحَدِيثُ ومُحكمُ القُرآنِ

وَاذكُر حَدِيثًا لابنِ مسعودٍ صَرِي
حًا أنَّهُ ذُو أحرُفٍ بِبَيَانِ

الحَرفُ مِنهُ في الجَزَا عَشرٌ مِنَ ال
حَسَنَاتِ مَا فِيهنَّ مِن نُقصَانِ

وانظُر إِلَى السُّورِ الَّتِي افتُتِحَت بأح
رُفِهَا تَرَى سِرًّا عَظِيمَ الشَّانِ

لَم يأتِ قَطُّ بسُورَةٍ إِلاَّ أتَى
في إثرِهَا خَبَرٌ عَنِ القُرآنِ

إذ كَانَ إخبَارًا بِهِ عَنهَا وَفي
هَذَا الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإِيمَانِ

وَيَدُلُّ أن كَلاَمَهُ هُوَ نَفسُهَا
لاَ غيرُهَا والحَقُّ ذُو تِبيَانِ

فانظُر إلى مَبدَأ الكِتَابِ وَبَعدَها ال
أعرَافُ ثُمَّ كَذَا إِلى لُقمَانِ

مَع تِلوِهَا أيضًا وَمَع حَم مَع
يَس وافهَم مُقتَضَى الفُرقَانِ

واللهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوصٍ آمِرٌ
نَاهٍ مُثيبٍ مُرسِلٌ لِبَيَانِ

وَمُخَاطِبٌ ومُحَاسِبٌ ومُنَبِّىءٌ
وَمُحَدِّثٌ ومُخَبِّرٌ بالشَّانِ

ومُكَلِّمٌ مُتَكَلِّمٌ بَل قَائِلٌ
وَمُحذِّرٌ ومُبَشِّرٌ بأمَانِ

هَادٍ يقوُلُ الحقَّ يُرشِدُ خَلقَهُ
بِكَلاَمِهِ لِلحَقِّ والإِيمَانِ

فَإذَا انتفَت صِفَةُ الكَلاَمِ فَكُلُّ هَ
ذَا مُنتَفٍ مُتَحَقِّقُ البُطلاَنِ

وإذَا انتفَت صِفَةُ الكَلاَمِ كَذَلِكَ ال
إرسَالُ مَنفِيٌّ بِلاَ فُرقَانِ

فَرِسَالَةُ المَبعُوثِ تَبلِيغُ كَلاَ
مِ المُرسِلِ الدَّاعِي بِلاَ نُقصَانِ

وَحقِيقَةُ الإرسَالِ نَفسُ خِطَابِهِ
لِلمُرسَلِينَ وإنَّهُ نَوعَانِ

نَوعٌ بِغَيرِ وَسَاطَةٍ كََلاَمِهِ
مُوسَى وَجِبرِيلَ القريبِ الدَّانيِ

مِنهُ إليهِ مِن وَرَاءِ حِجَابِهِ
إذ لاَ تَرَاهُ هَا هُنَا العَينَانِ

وَالآخَرُ التَّكلِيمُ مِنهُ بالوَسَا
طَةِ وَهوَ أيضًا عِندَهُ ضَربَانِ

وَحيٌ وإرسَالٌ إلَيهِ وَذَاكَ فشي الشُّ
ورَى أتَى فِي أحسَنِ التِّبيَانِ

فَإِذَا انتَفَت صِفَةُ الكَلاَمِ فَضِدُّهَا
خَرَسٌ وَذَلِكَ غَايَةُ النُّقصَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِك في الذِي
هُو قَابِلٌ مِن أمَّةِ الحَيَوَانِ

والرَّبُّ ليسَ بقابِلٍ صِفةَ الكَلاَ
مِ فَنفيُهَا مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

إذ أخرَسُ الإِنسَانِ أكمَلُ حَالَةً
مِن ذَا الجَمَادِ بأوضَحِ البُرهَانِ

فَجَحَدتَ أوصَافَ الكَمَالِ مَخَافَةً التَّ
جسِيمِ والتَّشبِيهِ بالإِنسانِ

ووقَعتَ فِي تَشبِيهِ بِالجَامِدا
تِ الناقِصَاتِ وذَا مِنَ الخُذلاَنِ

اللهُ أَكبَرُ هُتِّكَت أستَارُكُم
حَتَّى غَدَوتُم ضُحكَةَ الصِّبيَانِ

أوَليسَ قَد قَامَ الدَّليلُ بأنَّ أف
عَالَ العِبادِ خَليقَةُ الرَّحمنِ

مِن ألفِ وَجهٍ أو قِرِيبِ الألفِ يُح
صِيهَا الذِي يُعنَي بهَذَا الشَّانِ

فيكُونُ كلُّ كَلاَمِ هَذَا الخَلقِ عَي
نَ كَلاَمِهِ سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ

إذ كَانَ مَنسُوبًا إليهِ كَلاَمُهُ
خَلقًا كبَيتِ اللهِ ذِي الأركَانِ

هَذَا ولاَزِمُ قَولِكُم قَد قَالَه
ذُو الإِتحادِ مُصَرِّحًا بِبَيَانِ

حَذَرَ التَّنَاقُضِ إذ تَنَاقَصتُم وَلَ
كِن طَردُهُ فِي غَايَةِ الكُفرَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ تَخصِيصَ القُرا
تِ كَبيتِهِ وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

فَيُقَالُ ذَا التَّخصِيصُ لا يَنفِي العُمُو
مَ ولا الخصوصَ كربِّ ذِي الأكوَانِ

ويُقَالُ رَبُّ العَرشِ أيضًا هَكَذَا
تَخصِيصُهُ لإِضَافَةِ القُرآنِ

لاَ يَمنَعُ التَّعمِيمَ فِي البَاقِي وذَا
فِي غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبيَانِ

ولَقد أتَى الفُرقَانُ بَينَ الخَلقِ وال
الصَّريحِ وذَاكَ فِي الفُرقَانِ

وَكِلاَهُمَا عِندَ المُنَازِعِ وَاحِدٌ
والكُلُّ خَلقٌ مَا هُنَا شَيئَان

والعَطفُ عندَهُمُ كعَطفِ الفَردِ مِن
نَوعٍ عَلَيهِ وَذَاكَ فِي القُرآنِ

فَيُقَالُ هَذَا ذُنو امتناعٍ ظَاهِرٍ
فِي آيةٍ التَّفريقِ ذُو تَبيانِ

فالله بَعدَ الخَلقِ أخبَرَ أنهَا
قَد سُخِّرَت بالأمرِ للجَرَيَانِ

وأبَانَ عَن تَسخِيرِهَا سُبحَانَهُ
بالأمرِ بَعدَ الخَلقِ بالتِّبيَانِ

والأمرُ إمَّا مَصدَرٌ أو كَانَ مَف
عُولًا هُمَا فِي ذَاكَ مُستويَانِ

مَأمُورهُ هُوَ قَابِلٌ للأمرِ كال
مَصنُوعِ قَابِلُ صَنَعةِ الرَّحمَن

فإذا انتفَى الأمرُ انتفَى المأمُورُ كال
مَخلُوقِ يُنفَى لانتِفَا الحِدثَانِ

وانظُر إلى نَظمِ السِّياقِ تَجِد بِهِ
سِراًّ عَجِيبًا وَاضِحَ البُرهَانِ

ذَكَرَ الخُصُوصَ وَبَعدَهُ مُتَقَدِّمًا
والوصفَ والتعمِيمَ في ذَا الثَّانِي

فأتى بِنَوعَي خَلقِه وَبِأمرِهِ
فِعلًا وَوصفًا مُوجِزًا بِبَيَانِ

فَتَدَبَّرِ القُرآنَ إن رُمتَ الهُدَى
فَالعِلمُ تَحتَ تَدَبُّر القُرآنِ

وَالله أخبَرَ فِي الكِتَابِ بأنَّهُ
مِنه وَمجرورٌ بِمِن نَوعَانِ

عَينٌ وَوَصفٌ قَائمٌ بالعَينِ فَال
أعيَانُ خَلقُ الخَالِقِ الرَّحمَنِ

والوَصفُ بالمجرُورِ قَامَ لأنَّه
أولَى بِهِ فشي عُرفِ كُُلِّ لِسَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أيضًا سَوَاءً مَا يضَا
فُ إليهِ مِن صِفَةٍ وَمِن أعيَانِ

فَإضَافَةُ الأوصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَن
قَامَت بِهِ كإرادَةِ الرَّحمنِ

وإضافَةُ الاعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ
مُلكًا وخَلقًا مَا هُمَا سِيَّانِ

فانظُر إلَى بَيتِ الإِلهِ وعِلمِهِ
لَمَّا أُضِيفَا كَيفَ يَفتَرِقَانِ

وَكَلاَمُهُ كَحَيَاتِهِ وكَعِلمِهِ
فِي هذي الإِضافَةِ إذ هُمَا وَصفَانِ

لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيتَ إلهِنَا
فكعَبدِهِ أيضًا هُمَا ذَاتَانِ

فَانظُر إِلَى الجَهمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ ال
حَقُّ المُبِينُ وَوَاضِحُ الفُرقَانِ

كَانَ الجَمِيعُ لدَيه بَابًا واحِدًا
والصُّبحُ لاَحَ لِمَن لَهُ عَينَانِ

وأتَى ابنُ حزمٍ بَعدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا
لِلنَّاسِ قُرآنٌ وَلاَ إثنَانِ

بَل أربَعٌ كًلٌّ يُسمَّى بِالقُرآ
نِ وذَاكَ قَولٌ بَيِّنُ البُطلاَنِ

هَذَا الذِي يُتلَى وآخرُ ثَابِتٌ
فِي الرَّسمِ يُدعَى المُصحَفَ العُثمَانِي

والثَّالِثُ المحفوظُ بَينَ صُدُورنَا
هَذِي الثَّلاَثُ خَلِيقَةُ الرَّحمَنِ

والرَّابِعُ المعنَى القَدِيمُ كعِلمِهِ
كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنهُ بِالقُرآنِ

وأظنُّهُ قَد رَامَ شَيئًا لَم يَجِد
عَنهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ

إنَّ المُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أربَعٍ
عُقِلت فَلاَ تَخفَى عَلَى إنسَانِ

فِي العينِ ثمَّ الذِّهنِ ثُمَّ اللَّفظِ ثُ
مَّ الرَّسمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ

وَعَلَى الجمِيعِ الإِسمُ يُطلَقُ لَكِنِ ال
أولَى بِهِ الموجُودُ فِي الأعيَانِ

بِخِلاَفِ قَولِ ابنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ
قَد قَالَ إنَّ الوَضعَ لِلأذهَانِ

فَالشَّيءُ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أربَعٌ
فَدَهَى ابنَ حَزمٍ قِلَّةُ العِرفَانِ

والله أخبَرَ أنَّهُ سُبحَانَهُ
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ والفُرقَانِ

وَكَذاكَ أخبَرَنَا بِأنَّ كَلاَمَهُ
بِصُدُورِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

وكذَاكَ أخبَرَ أنهُ المكتُوبُ فِي
صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الرَّحمنِ

وكَذَاكَ أخبَرَ أنهُ المتلُوُّ وال
مَقروءُ عِندَ تِلاَوةِ الإِنسَانِ

والكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أنَّهُ
هُوَ أربَعٌ وَثَلاَثَةٌ واثنَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآنِ أفعَالٌ لَنَا
وَكَذَا الكِتَابَةُ فَهيَ خَطُّ بَنَانِ

لَكِنَّمَا المتلُوُّ والمكتُوبُ وال
مَحفُوظُ قَولُ الواحِدِ الرَّحمنِ

والعبدُ يقرَؤهُ بصَوتٍ طَيِّبٍ
وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ

أصوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وأدَاتُنا
والرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ القُرآنِ

ولَقَد أتَى فِي نَظمِهِ مَن قَالَ قَو
لَ الحَقِّ فيه وَهوَ غَيرَ جَبَانِ

إنَّ الذِي هُوَ فِي المَصَاحِفِ مُثبَتٌ
بأنَامِلِ الأشيَاخِ والشُّبَّانِ

هُوَ قَولُ رَبِّي آيُهُ وحُرُوفُهُ
وَمِدَادُنَا والرَّقُّ مَخلُوقَانِ

فَشَفَى وَفَرَّقَ بَينَ مَتلُوٍّ وَمَص
نُوعٍ وَذَاك حَقِيقَةُ العِرفَانِ

الكُلُّ مَخلُوقٌ وَلَيسَ كَلاَمَهُ ال
مَتلُؤُّ مَخلُوقًا هُمَا شَيئَانِ

فعلَيكَ بالتَّفصِيلِ والتَّمييزِ فال
إطلاقُ والإِجمَالُ دُونَ بَيَانِ

قَد أفسَدَا هَذَا الوُجُودَ وَخَبَّطَا ال
أذهَانَ والآراءَ كُلَّ زَمَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآن فِي تَعرِيفِهَا
باللِّمِ قَد يُعنَى بِهَا شَيئَانِ

يُعنَى بِهَا المتلُوُّ فَهُو كَلاَمُهُ
هُوض غَيرُ مَخلُوقٍ كذِي الأكوَانِ

وَيُرادُ أفعَالُ العِبَادِ كصَوتِهِم
وأدَائِهِم وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

هَذَا الذِي نَصَّت عَلَيهِ أئمَّةُ ال
إسلاَمِ أهلُ العِلمِ والعِرفَانِ

وَهُوَ الذِي قَصَد البُخَارِيُّ الرِّضَى
لَكِن تَقَاصَرَ قَاصِرُ الأذهَانِ

عَن فَهمِهِ كَتَقَاصُرِ الأفهَامِ عَن
قَولِ الإِمَامِ الأعظَمِ الشَّيبَانِي

في اللَّفظِ لَمَّا أن نَفَى الضِّدَّينِ عَن
هُ واهتَدَى للنَّفيِ ذُو عِرفَانِ

فاللَّفظُ يًَصلُحُ مَصدَرًا هُوَ فِعلُنَا
كَتَلَفُّظٍ بِتِلاَوَةِ القُرآنِ

وَكَذَاكَ يَصلُحُ نَفسَ مَلفوظٍ بِهِ
وَهُوَ القُرآنُ فَذَانِ مُحتَمِلاَنِ

فَلِذَاكَ أنكَرَ أحمَدُ الإِطلاَقَ فِي
نَفيٍ وإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

وأتَى ابنُ سِينَا القُرمطِيُّ مُصَانِعًا
للمُسلِمِينَ بإفكِ ذِي بُهتَانِ

فَرَآهُ فَيضًا فَاضَ مِن عَقلٍ هُوَ ال
فَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكوَانِ

حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ
حَسَنُ التَّخيُلِ جَيِّدُ التِّبيَانِ

فأتَى بِهِ للعَالَمِينَ خَطَابَةً
وَمَوَاعِظًا عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

مَا صَرَّحَت أخبَارُهُ بالحَقِّ بَل
رَمزَت إلَيهِ إشَارَةً لِمَعَانِ

وخِطَابُ هَذَا الخَلقِ والجُمهُورِ بال
حَقِّ الصَّريحِ فَغَيرُ ذِي إمَكانِ

لاَ يَقبَلُونَ حَقَائِقَ المعُقُولِ إلاَّ
فِي مِثَالِ الحِسِّ والأعيَانِ

وَمَشَارِبُ العُقَلاَءِ لاَ يَرِدُونَهَا
إلاَّ إذَا وُضِعَت لَهُم بأوَانِ

مِن جِنسِ مَا ألِفَت طِبَاعُهُمُ مِنَ ال
مَحسُوسِ فِي ذَا العَالَمِ الجُثمَانِ

فأتَوا بِتَشبِيهٍ وتَمثِيلٍ وتَج
سِيمٍ وتخييلٍ إلَى الأذهَانِ

ولِذَاكَ يَحرُمُ عِندَهُم تأوِيلُهُ
لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي العِرفَانِ

فَإِذَا تَأوَّلنَاهُ كَانَ جِنَايَةً
مِنَّا وَخَرقَ سِيَاجِ ذَا البُستَانِ

لَكِن حَقِيقَةُ قَولِهِ أن قَد أتَوا
بِالكِذبِ عِندَ مَصَالِحِ الإِنسانِ

وَالفَيلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيهِمُ
مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدلاَنِ

أمَّا الرَّسُولُ فَفَيلَسُوفُ عَوَامِّهِم
وَالفَيلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي البُرهَانِ

والحَقُّ عِندَهُم فَفِيمَا قَالَهُ
أتبَاعُ صَاحِبِ مَنطِقِ اليُونَانِ

وَمَضَى عَلَى هَذِي المَقَالَةِ أمَّةٌ
خَلفَ ابنِ سينَا فاغتَذُوا بِلِبَانِ

مِنهُم نَصِيرُ الكُفرِ فِي أصحَابِهِ
النَّاصِرينَ لِملَّةِ الشَّيطَانِ

فاسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُمُ
أعدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي

واسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُم
أعدَاء رُسلِ الله والقُرآنِ

صُوفِيُّهُم عَبَد الوُجُودَ المطلَقَ ال
مَعدُومَ عِندَ العَقلِ فِي الأعيَانِ

أو مُلحِدٌ بِالإتحَادِ يَدِينُ لاَ التَّ
وحِيدِ مُنسَلخٌ مِنَ الأديَانِ

مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ فِيهِ يَرَى
وَصفَ الجَمَالِ وَمَظهَرَ الإحسَانِ

الله أكبَرُ كَم عَلى ذَا المذهَبِ ال
مَلعُونِ بَينَ النَّاسِ مِن شِيخَانِ

يَبغُونَ مِنهُم دَعوَةً ويقَبِّلُو
نَ أيَادِيًا مِنهُم رَجَا الغُفرَانِ

وَلَو أنَّهُم عَرَفُوا حقِيقَةَ أمرِهِم
رَجَمُوهُمُ لاَ شَكَّ بالصَّوَّانِ

فابذُر لَهُم إن كُنتَ تَبغِي كَشفَهُم
وَافرِش عَلَيهِم كَفًّا مِنَ الأتبَانِ

وَاظهَر بمَظهَرِ قَابِلٍ مِنهُم ولاَ
تَظهَر بِمَظهَرِ صَاحِبِ النُّكرَانِ

وَانظُر إِلَى أنهَأرِ كًفرٍ فُجِّرَت
وَتَهِمُّ لَولا السَّيفُ بِالجَرَيَانِ

وَأتَت طَوَائِفُ الاتِّحادِ بِمِلَّةٍ
طَمَّت عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ

قَالُوا كَلاَمُ الله كُلُّ هَ
ذا خَلقِ مِن جِنٍّ وَمِن إنسَانِ

نَظَمًا وَنَثرًا زُورُهُ وَصَحِيحُهُ
صِدقًا وَكِذبًا وَاضِحَ البُطلاَنِ

فالسَّبُّ والشَّتمُ القَبِيحُ وَقَذفُهُم
لِلمُحصَنَاتِ وَكُلٌّ نَوعِ أغَانِ

وَالنَّوحُ والتَّعزِيمُ والسِّحرُ المُبِي
نُ وَسَائِرُ البُهتَانِ والهَذَيَانِ

هُوَ عَينُ قَولِ الله جَلَّ جَلاَلُهُ
وَكَلاَمُهُ حَقًّا بلاَ نُكرَانِ

هَذَا الذِي أدَّى إليهِ أصلُهُم
وَعَلَيهِ قَامَ مُكَسَّحُ البُنيَانِ

إذ أصلُهُم أنَّ الإِلهَ حَقِيقَةً
عَينُ الوُجُودِ وَعَينُ ذِي الأكوَانِ

فَكَلاَمُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَولُهُ
وَصِفَاتُهُ مَا هَا هُنَا قَولاَنِ

وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ الموصُوفُ بالضِّ
دَّينِ مِن قُبحٍ وَمِن إحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد وَصفُوهُ ايضًا بالكَمَا
لِ وَضِدِّهِ مِن سَائِرِ النُّقصَانِ

هَذِي مَقَالاَتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا
حُمِلَت إليكَ رَخِيصَةَ الأثمَانِ

وأظُنُّ لَو فَتَّشتَ كُتبَ النَّاسِ مَا
ألفَيتَهَا أبدًا بِذَا التِّبيَانِ

زُفَّت إِلَيكَ فإن يَكُن لَكَ نَاظِرٌ
أبصَرتَ ذَات الحُسنِ والإِحسَانِ

فَاعطِف عَلَى الجَهمِيَّةِ المغلِ الألى
خَرَقُوا سِيَاجَ العَقلِ والقُرآنِ

شَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم واكسِرهُمُ
بَل نَادِ فِي نَادِيهُمُ بأذَانِ

أفسَدتُمُ المنقُولَ وَالمعقُولَ وال
مَسمُوعَ مِن لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ

أيَصِحُّ وَصفُ الشَّيءِ بالمشتَقِّ لل
مَسلُوبِ مَعنَاهُ لِذِي الأذهَانِ

أيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلاَ صَبرٌ لَهُ
وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بلاَ شُكرَانِ

وَيَصِحُّ عَلاَّمٌ وَلاَ عِلمٌ لَهُ
وَيَصَحُّ غَفَّارٌ بِلا غُفرانِ

وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أو مُبصِرٌ
وَالسَّمعُ والإِبصَارُ مَفقُودَانِ

هَذا مُحالٌ في العقول وفي النُّقو
لِ وَفِي اللُّغَاتِ وَغيرُ ذِي إمكَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ مُتَكَلِمٌ
لَكِن بِقُولٍ قَامَ بِالإنسَانِ

أو غَيرِه فَيُقالُ هَذَا باطِلٌ
وَعَلَيكُمُ فِي ذَاكَ مَحذُورَانِ

نَفيُ اشتِقَاقِ اللَّفظِ للموجُودِ مَع
نَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ للثَّانِي

أعنِي الَّذِي مَا قَامَ مَعنَاهُ بِهِ
قَلبُ الحَقَائِقِ أقبَحُ البُهتَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أخَوَانِ هَذَا مُبصِرٌ
وَأخُوهُ مَعدَودٌ مِنَ العُميَانِ

سَمَّيتُمُ الأعمَى بَصِيرًا إذ أخُو
هُ مُبصِرٌ وَبِعكسِهِ فِي الثَّانِي

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ
فِي فِعلِهِ كَالخَلقِ لِلأكوَانِ

وَالفِعلُ لَيسَ بِقَائِمٍ بِإِلهِنَا
إذ لاَ يَكُونُ مَحَلُ ذِي حِدثَانِ

وَيَصِحُ أن يَشتَقُ مِنهُ خَالِقٌ
فَكَذَلِكض المُتَكَلِّمُ الوَحدَانِ

هُوَ فَاعِلٌ لِكَلاَمِهِ وَكِتَابِهِ
لَيسَ الكَلاَمُ لَهُ بِوَصفِ مَعَانِ

وَمُخَالِفُ المَعقُولِ وَالمَنقُولِ وَال
فِطرَاتِ وَا والمَسمُوعِ لِلإِنسَانِ

مَن قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
وَصفٌ قَديمٌ أحرُفٌ ومَعَانِ

وَالسِّينُ عَد البَاءِ لَيسَت بَعدَهَا
لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ

أو قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
مَعنَى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحمَنِ

مَا إن لَهُ كُل ولاَ بَعضُ وَلاَ ال
عَرَبِيُّ حَقِيقَتُهُ وَلاَ العِبرَانِي

وَالأمرُ عَينُ النَّهيِ وَاستِفهَامُهُ
هُوَ عَينُ إخبَارٍ بِلاَ فُرقَانِ

وَكَلاَمَهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَق
دُورًا لَهُ بَل لاَزِم الرَّحمَنِ

هذََا الذِي قَد خَالَفَ المَعقُولَ وَال
مَنقُولِ والفِطرَاتِ للإِنسَانِ

أمَّا الذِي قَد قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ
ذُو أحرُفٍ قَد رُتِبَت بَبيَانِ

وَكَلاَمَهُ بِمَشِِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ
كَالفِعلِ مِنهُ كِلاَهُمَا سِيَّانِ

فَهوَ الذِي قَد قَالَ قَولًا يَعلَمُ ال
عُقَلاَءُ صِحَّتَهُ بِلاَ نُكرَانِ

فَلاَيِّ شَيءٍ كَانَ مَا قَد قُلتُم
أولَى وأَقرَبَ مِنهُ لِلبُرهَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ دَائمًا كَفَرتُم
أصحَابَ هَذَا القَولِ بِالعُدوَانِ

فَدَعُوا الدَّعَاوِي وَابحَثُوا مَعَنا بِتَح
قِيقٍ وَإنصَافٍ بِلاَ عُدوَانِ

وَارفَوا مَذَاهِبَكُم وَسُدُّوا خَرقَهَا
إن كَانَ ذَاكَ الرَّفوُ فِي الإِمكَانِ

فَاحكُم هَدَاكَ الله بَينَهُم فَقَد
أدلُوا إلَيكَ بِحُجَّةِ وَبَيَانِ

لاَ تَنصُرَنَّ سِوَى الحَدِيثِ وَأهلِهِ
هُم عَسكَرُ القُرآنِ وَالإِيمَانِ

وَتَحيزَنَّ إلَيهِم لاَ غَيرهم
لَتَكُونَ مَنصُورًا لَدَى الرَّحمَنِ

فَتَقُولُ هَذَا القَدَرُ قَد أعيَا عَلَى
أهلِ الكَلاَمِ وَقَادَهُ أصلاَنِ

إحدَاهُمَا هَل فِعلُهُ مَفعُولُهُ
أو غَيره فَهُمَا لَهُم قَولاَنِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ هُوَ عَينُهُ
فَرُّوا مِنَ الأوصَافِ بَالحِدثَانِ

لَكِن حَقِيقَةَ قَولِهِم وَصَرِيحَهُ
تَعطِيلُ خَالِقِ هَذَا الأكوَانِ

عَن فِعلِهِ إذ فَعَلُهُ مَفعُولُهُ
لَكِنَّهُ مَا قَامَ بِالرَّحمَنِ

فَعَلَى الحَقِيقَةِ مَا لَهُ فِعلٌ إذ ال
مَفعُولُ مُنفَصِلٌ عَنِ الدَّيَّانِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ غَير لَهُ
مُتَنَازِعُونَ وَهُم فَطَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا قَالَت قَدِيمٌ قَائِمٌ
بِالذَّاتِ وَهوَ كَقُدرَةِ المَنَّانِ

سَمُّوهُ تَكوِينًا قَدِيمًا قَالَهُ
أتبَاعُ شَيخُ العَالَمِ النُّعمَانٍِ

وَخُصُومُهُم لَم يُنصِفُوا فِي رَدِّهِ
بَل كَابَرُوهُم مَا أتَوا بِبَيَانِ

وَالآخَرُونَ رَأوهُ أمرًا حَادِثًا
بِالذَّاتِ قَامِ وَأنَّهُم نَوعَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مُفتَتِحًا بِهِ
حَذَرَ التَسَلسُلِ لَيسَ ذَا إمكَانِ

هَذَا الذِِي قَالَتهُ كَرَامِيَةُ
فَفِعَالَهُ وَكَلاَمَهُ سِيَانِ

وَالآخَرُونَ أولُوا الحَديثَ كَأحمَدٍ
ذَاكَ ابنُ حَنبَل الرِضَى الشَّيبَانِي

قَد قالَ إنَّ حَقَّا لَم يَزَل
مُتَكَلِّمًا إن شَاءَ ذُو إحسَانِ

جَعَلَ الكَلاَمَ صِفَات فِعلٍ قَائِمٍ
بِالذَّاتِ لَم يُفقَد مِنَ الرَّحمَنِ

وَكَذَاكَ نَصَّ عَلَى دَوَامِ الفِعلِ بَال
إحسَانِ أيضًا فِي مَكَانِ ثَانِ

وَكَذَا ابنَ عَبَّاسٍ فَرَاجِع قَولَهُ
لَمَّا أجَابَ مَسَائِلَ القُرآنِ

وَكَذَاكَ جَعفَرُ الإِمَامُ الصَّادِقُ ال
مَقُبولُ عِندَ الخَلقِ ذِي العِرفَانِ

قَد قَالَ لَم يَزَل المُهَيمِنُ مُحسِنًا
بَرًّا جَوَادًا عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا الإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فَإنَّهُ
قَد قالَ مَا فِيه هُدَى الحَيرَانِ

قَالَ الحَيَاةُ مَعَ الفَعَّالِ كِلاَهُمَا
مُتَلاَزِمَانِ فَلَيسَ يَفتَرقَانِ

صَدَقَ الإِمَامُ فَكُلُّ حَيٍّ فَهوَ فَعَّا
لٌ وَذَا فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

إلاَّ إذَا مَا كَانَ ثُمَّ مَوَانِعَ
مِن آفَةٍ أو قَاسِرِ الحَيَوَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ لِفِعلِهِ مِن مَانِعٍ
مَا شَاءَ كَانَ بِقُدرَةِ الدَّيَّانِ

وَمَشِيئَة الرَّحمَنِ لاَزِمَةٌ لَهُ
وَكَذَاكَ قُدرَةُ رَبِّنا الرَّحمَنِ

هَذَا وَقد فَطَرَ الإِلَهُ عِبَادَهُ
أن المُهَيمِن دَائِمُ الإِحسَانِ

أوَلَستَ تَسمَعُ قَولَ كُلِّ مُوَحِّدٍ
يَا دَائِم المَعرُوفِ وَالسُّلطَانِ

وَقَدِيمَ الإِحسَانِ الكَثِيرِ وَدَائِمَ ال
جُودِ العَظِيمِ وَصَاحِب الغُفرَانِ

مِن غَيرِ إنكَارٍ عَلَيهِم فِطرَةٌ
فُطِروا عليها لاَ تَوغاص ثَانِي

أوَ لَيسَ فِعلُ الرَّبِّ تَابَع وَصفِه
وَكَمَالِهِ أفَذَاكَ ذُو حِدثَانِ

وَكَمَالِهِ سَبَبُ الفِعَالِ وَخَلقِهِ
أفعَالَهُم سَبَبُ الكَمَالِ الثَّانِي

أو مَا فِعَالُ الرَّبِّ عَينُ كَمَالِهِ
أفَذَاكَ مُمتَنِعٌ عَلَى المَنَّانِ

أزَلًا إِلَى أن صَارَ فِيمَا لَم يَزَل
مُتَمَكِّنًا وَالفِعلُ ذُو إمكَانِ

تَالله قَد ضَلَّت عُقُولُ القَومِ إذ
قَالُوا بِهَذَا القَولِ ذِي البُطلاَنِ

مَاذَا الذِي أضحَى لَهُ مُتَجَدِّدًا
حَتَّى تَمَكَّنَ فَانطِقُوا بِبَيَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ مُعَطَّلًا عَن فِعلِهِ
بَل كُل يَومٍ رَبُّنَا فِي شَانِ

وَالأمرُ والتَّكوِينُ وَصفُ كَمَالِهِ
مَا فَقدُ ذَا ووجُودُهُ سِيَّانِ

وَتَخَلفَ التَّأثِيرُ بَعدَ تَمَامِ مُو
جِبِهِ مُحَالٌ لَيس فِي الإمكَانِ

وَاللهُ رَبِي لَم يَزَل ذَا قُدرَةٍ
وَمَشِيئَةٍ وَيَلِيهُمَا وَصفَانِ

العِلمُ مَعَ وَصفِ الحَيَاةِ وَهَذِهِ
أوصَافُ ذَاتِ الخَالِقِ المّنَّانِ

وَبِهَا تَمَامُ الفِعلِ لَيسَ بِدُونِهَا
فِعلٌ يَتِمُ بِوَاضِحِ البُرهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ قَد تَأَخَّرَ فِعلُهُ
مَعَ مُوجِبٍ قَد تَمَّ بِالأركَانِ

مَا كَانَ مُمتَنِعًا عَلَيهِ الفِعلُ بَل
مَا زَالَ فِعلُ الله ذَا إمكَانِ

وَاللهُ عَابَ المُشرِكِينَ بِأنَّهُم
عَبَدُوا الحِجَارَةَ فِي رِضَى الشَّيطَانِ

وَنَعَى عَلَيهِم كَونَهَا لَيسَت بِخَا
لِقَةٍ وَلَيسَت ذَاتَ نُطقِ بَيَانِ

فَأَبَانَ أنَّ الفِعلَ وَالتَّكلِيمَ مِنَ
أوثَانِهِم لاَ شَكَّ مَفقُودَانِ

فَإِذَا هُمَا فُقِدَا فَمَا مَسلُوبُهَا
بِإلَه حَقٍّ وَهُوَ ذُو بُطلاَنِ

وَاللهُ فَهوَ إِلَه حَقٌّ دَائِمًا
أفَعَنهُ ذَا الوَصفَانِ مَسلُوبَانِ

أزلاَ وَلَيسَ لِفَقدِهَا مِن غَايَةٍ
هَذَا المُحَالُ وَأعظَمُ البُطلاَنِ

إن كَانَ رَبُّ العَرشِ حَقًّا لَم يَزَل
أبَدًا إلَهُ الحَقِّ ذَا سُلطَانِ

فَكَذَاكَ أيضًا لَم يَزَل مُتَكَلِّمًا
بَل فَاعِلًا مَا شَاءَ ذَا إحسَانِ

وَاللهِ مَا فِي العَقلِ مَا يَقضِي لِذَا
بِالرَّدِّ وَالإِبطَالِ وَالنُّكرَانِ

بَل لَيسَ فِي المَعقُولِ غَيرُ ثُبُوتِهِ
لِلخَالِقِ الأزَلِيِّ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا وَمَا دُونَ المُهَيمِنُ حَادِثٌ
لَيسَ القَدِيمُ سِوَاهُ فَي الأكوَانِ

وَاللهُ سَابِقُ كُلِّ شَيءٌ غَيرُهُ
مَا رَبُّنَا وَالخَلقُ مُقتَرِنَانِ

وَاللهُ كَانَ وَليسَ شَيءٌ غَيرُهُ
سُبحَانَهُ جَلَّ العَظِيمُ الشَّانِ

لَسنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ المُلحِدُ الزَّ
ندِيقُ صَاحِبُ مَنطِقِ اليُونَانِ

بِدَوَامِ هَذَا العَالَمُ المَشهُودِ وَال
أروَاحِ فِي أزَلٍ وَلَيسَ بِفَانِ

هَذي مَقَالاتُ المَلاحِدَةٍ الألى
كَفَرُوا بِخَالِقَ هَذه الأكوانِ

وأتَى ابنُ سِينَا بَعدَ ذَاكَ مصَانعًا
لِلمُسلِمينَ فَقَالَ بالإِمكَانِ

لَكِنَّهُ الأزليُّ ليسَ بِمُحدَثٍ
ما كَانَ معدُومًا ولا هُوَ فَانِ

وأتى بِصُلحٍ بَين طَائِفَتَينِ بَي
نَهُمَا الحروبُ وما هُمَا سِلمَانِ

أنَّى يكون المسلمون وشيعةُ ال
يونان صُلحًا قَطُّ في الإِيمانِ

والسيفُ بين الأنبياءِ وَبَينَهُم
والحَربُ بينَهُمَا فَحربُ عَوَانِ

وَكَذَا أتى الطُّوسِيُّ بالحَربِ الصَّري
ح بِصَارِمٍ منهُ وَسَلِّ لِسَانِ

وَأتَى إِلَى الإِسلاَمِ هَدمَ أصلِهِ
مِن أسِّهِ وَقَوَاعِدِ البُنيَانِ

عُمرِ المَدَارِسَ لَلفَلاسِفَة الأُلَى
كَفَرُوا بِدِينِ الله وَالقُرآنِ

وَأتَى إِلَى أوقَافِ أهلِ الدِّينِ يَن
قُلُهَا إلَيهِم فَعَلَ ذِي أضغَانِ

وَأرَادَ تَحوِيلَ الإِشَارَاتِ التَي
هِيَ لابنِ سِينَا مَوضِعَ الفُرقَانِ

وَأرَادَ تَحوِيلَ الشَّرِيعَةَ بِالنَّوَا
مِيسِ التِي كَانَت لِذِي اليُونَانِ

لَكِنَّهُ عَلِمَ اللَّعِينُ بِأنَّ هَا
ذَا لَيسَ فِي المَقدُورِ وَالإِمكَانِ

إلاَّ إِذ قَتَلَ الخَلِيفَةَ وَالقَضَا
ةَ وَسَائِرَ الفُقَهَاءِ فِي البُلدَانِ

فَسَعَى لِذَاكَ وَسَاعَدَ المَقدُورِ بِال
أمرِ الذِي هُوَ حِكمَةُ الرَّحمَنِ

فَأشَارَ أنَّ يَضَعَ التَتَارُ سُيُوفَهُم
فِي عَسكَرِ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

لَكِنَّهُم يَبقُونَ أهلَ صَنَائِعِ الدُّ
نيَا لأجلِ مَصَالِحِ الأبدَانِ

فَغَدَا عَلَى سَيفِ التَّتَارِ الألف فِي
مِثلِ لَهَا مَضرُوبَةً بِوزَان

وَكَذَا ثَمَانِ مِئِينِهَا فِي ألفِهَ
مَضرُوبَةً بِالعَدِّ وَالحُسبَانِ

حَتَّى بَكَى الإِسلاَم أعدَاهُ اليَهُو
دُ كَذَا المَجُوسُ وَعَابِدُ الصُّلبَانِ

فَشَفَى اللَّعِينُ النَّفسَ مِنَ حَزبِ الرَّسُو
لِ وَعَسكَرُ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

وَبِوِدِّهِ لَو كَانَ فِي أحُدٍ وَقَد
شَهِدَ الوَقِيعَةَ مَعَ أبِي سُفيَانِ

لأقَرَّ أعيُنَهُم وَأوفَى نَذرَهُ
أو أن يَرَى مُتَمَزقَ اللُّحمَانِ

وَشَوَاهِدُ الأحدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى
ذَا العَالِمِ المَخلُوقِ بِالبُرهَانِ

وَأدِلَّةُ التَّوحِيدِ تَشهَدُ كُلُّهَا
بِحُدُوثِ كُلَّ مَا سِوَى الرَّحمَنِ

لَو كَانَ غَيرُ الله جَلَّ جَلاَلُهُ
مَعَهُ قَدِيمًا كَانَ رَبًّا ثَانِي

إذ كَانَ عَن رَبِّ العُلَى مُستغنِيًا
فَيكُونَ حِينَئِذٍ لَنَا رَبَّانِ

وَالرَّبُّ بِاستِقلاَلِهِ مُتَوَحِّدٌ
أفَمُمكِنٌ أن يَستقِلَّ اثنَانِ

لَو كَان ذَاك تَنَافِيًا وَتَسَاقُطًا
فإِذَا هُمَا عَدَمَانِ مُمتَنِعَانِ

وَالقَهرُ والتَّوحِيدُ يَشهَدُ مِنهُمَا
كُلٌّ لِصَاحِبِهِ هُمَا عِدلاَنِ

وَلِذَلِكَ اقتَرَنَا جَمِيعًا فِي صِفَا
تِ الله فَانظُر ذَاكَ فِي القُرآنِ

فَالوَاحِدُ القَهَّارُ حَقًّا لَيسَ فِي ال
إمكَانِ أن تَحظَى بِهِ ذَاتَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أن ذَاكَ تَسَلسُل
قُلنَا صَدَقتُم وَهوَ ذُو إمكَانِ

كَتَسَلسُلِ التَّأثِيرِ فِي مُستَقبَلٍ
هَل بَينَ ذَينِكَ قَطُّ مِن قُرقَانِ

وَالله مَا افتَرَقَا لِذَي عَقلِ وَلاَ
نَقلٍ وَلاَ نَظَرٍ وَلاَ بُرهَانِ

فِي سلب إمكانِ ولا في ضِدِّه
هَذِي العُقولُ ونحن ذُو أذهَانِ

فليَأتِ بالفُرقانِ من هو فارقٌ
فرقا يُبَينُ لصالحِ الأذهانِ

وكذَاكَ سِوَى الجهمُ بينَهَا كَذَا ال
علاَف فِي الإِنكارِ وَالبُطلانِ

ولأجلِ ذَا حَكَمَا بِحكمِ باطِلٍ
قَطَعَا عَلَى الجَنَّاتِ والنيرَانِ

فَالجَهمُ أفنَى الذَّاتَ والعلاف لِل
حَركَاتِ أفنَى قالهُ الثورَانِ

وأبُو علِي وابنُهُ والأشعَرِي
وبَعدَهُ ابنُ الطيبِ الرَّبَّانِي

وجَميعُ أربَابِ الكَلاَمِ البَاطِلِ ال
مَذمُومِ عِندَ أئِمةِ الإِيمَانِ

فَرَّقُوا وقَالُوا ذَاكَ فِيمَا لَم يَزَل
حَقٌّ وَفِي أزَلٍ بِلاَ إمكَانِ

لَكِن دَوَامُ الفِعلِ فِي مُستقبلٍ
مَا فِيهِ محذُورٌ مِنَ النُّكرَانِ

فَانظُر إِلَى التَّلبِيسِ فِي ذَاتِ الفَرقِ تَر
وِيجًا عَلَى العُورَانِ وَالعُميَانِ

مَا قَالَ ذُو عَقلٍ بِأن الفَردَ ذُو
أزَلٍ لِذِي ذِهنٍ وَلاَ أعيَانِ

بَل كُل فَرد فَهوَ مَسبُوقِ بِفَر
دٍ قَبلَهُ أبدًا بِلاَ حُسبَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا كل فَردٍ فَهوَ مَل
حُوقٌ بِفَرد بَعدَه حُكمَانِ

النَّوعُ والآحَادُ مَسبُوق وَمَل
حُوقٌ وَكُلٌّ فَهوَ مِنهَا فَانِ

وَالنَّوعُ لاَ يَفنَى أخِيرًا فَهوَ لاَ
يَفنَى كَذَلِكَ أولا بِبَيَانِ

وَتَعَاقُبِ الآنَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ
فِي الذِّهنِ وَهوَ كَذَاكَ فِي الأعيَانِ

فَإِذَا أبَيتُم ذَا وَقُلتُم أوَّلَ ال
آنَاتِ مُفتَتِحٌ بِلاَ نُكرَانِ

مَا كَانَ ذَاكَ الآنَ مَسبُوقًا يَرَى
إلاَّ بِسَلبِ وُجُودِهِ الحَقَّانِ

فَيُقَالُ مَا تعنُون بالآنَاتِ هَل
تَعنُونَ مُدةَ هذِهِ الأزمَانِ

مِن حِينِ إحدَاثِ السَّمَواتِ العُلَى
وَالأرضِ وَالأفلاَكِ وَالقمَرَانِ

وَنَظُنُّكُم تَعنُونَ ذَاكَ وَلَم يَكن
مِن قَبلِهَا شَيء مِنَ الأكوَانِ

هَل جَاءَكُم فِي ذَاكَ مِن أثَر وَمِن
نَص وَمِن نَظَرٍ وَمِن بُرهَانِ

هَذَا الكِتَابُ وَهَذِهِ الآثَارِ وَال
مَعقُولِ فِي الفطرَاتِ وَالأذهَانِ

إنَّا نُحَاكِمُكُم إِلَى مَا شِئتُمُ
مِنهَا فَحُكمُ الحَقَّ فِي تِبيَانِ

أو لَيسَ خَلقَ الكونِ فِي الأيَّامِ كَا
نَ وَذَاكَ مَأخُوذٌ مِنَ القُرآنُ

أو ليسَ خَلقَ الكونِ فِي الأيَّامِ كَا
نَ وَذَاكَ مَأخوذٌ مِنَ القُرآنُ

أوَ لَيسَ ذَالِكُم الزَّمَانِ بِمُدَّة
لِحُدُوثِ شَيءٍ وَهوَ عَينُ زَمَانِ

فَحَقِيقَةُ الأزمَانِ نِسبَةُ حَادِثٍ
لِسِوَاهُ تِلكَ حَقِيقَةُ الأزمَانِ

وَاذكُر حَدِيثَ السَّبقِ للتَّقدِيرِ وَالتَ
وقِيتِ قَبلَ جَمِيعِ ذِي الأعيَانَ

خَمسِينَ ألفًا مِن سِنِينَ عَدَّهَا ال
مُختَارُ سَابِقَةً لِذِي الأكوَانِ

هَذَا وَعَرشُ الرَّبِّ فَوقَ المَاءِ مِن
قَبلِ السِّنِينَ بِمُدَّة وَزَمَانِ

وَالنَّاسُ مُختلفُون فِي القَلَمِ الذِي
كُتِبَ القَضَاءُ بِهِ مَنَ الدَّيَّانِ

هل كَانَ قبل العرشِ أو هُو بعدَه
قولاَن عِند أبِي العَلاَ الهَمذَانِي

والحقُّ أنَ العرشَ قبلُ لأنَّه
قَبلَ الكِتَابَةِ كَانَ ذَا أركَانِ

وَكِتابةُ القَلمِ الشَّريفِ تَعَقَّبَت
إيجَادَهُ مِن غَير فَصلِ زَمَانِ

لمَّا برَاهُ الله قَالَ اكتب كَذا
فَغدا بِأمرِ الله ذَا جَرَيَانِ

فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِن أبَدًا إِلى
يَومِ المعَادِ بِقُدرَةِ الرَّحمَنِ

أفَكَان ربُّ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُه
مِن قَبلُ ذَا عَجزِ وذَا نُقصَانِ

أم لَم يَزَل ذَا قُدرةٍ والفِعلُ مَق
دُورٌ لَهُ أبدًا وذُو إمكانِ

فَلَئِن سَألتَ وَقُلتَ مَا هَذَا الذِي
أداهُمُ لخِلاَفِ ذَا التِّبيَانِ

وَلأَيِّ شَيءٍ لَم يَقُولُوا إنَّهُ
سُبحَانَهُ هُوَ دَائِمُ الإِحسَانِ

فاعلَم بأنَّ القومَ لمَّا أسسُوا
أصلَ الكَلاَمِ عَمُوا عَنِ القرآنِ

وَعَنِ الحَدِيثِ وَمُقتَضَى المَعقُولِ بَل
عَن فِطرة الرَّحمن والبرهَانِ

وبَنَوا قَواعِدَهُم عليهِ فَقَادَهُم
قسرًا إلَى التعطيلِ وَالبُطلاَنِ

نَفي القِيامِ لكُل أمر حَادثٍ
بِالرَّبِّ خَوفَ تسلسُلِ الأعيَانِ

فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيهِم فِي زَعمِهِم
إثبَاتُ صَانِعِ هَذِه الأكوَانِ

إذ أثبَتُوهُ بِكَونِ ذِي الأجسَادِ حَا
دِثَةً فلاَ تَنفَكُّ عَن حِدَثَانِ

فإذا تسَلسَلت الحَوادِثُ لَم يَكن
لِحُدُوثِها إذ ذَاك مِن بُرهَانِ

فلأجلِ ذَا قَالوا التسلسُلَ بَاطِلٌ
والجِسمُ لا يخلو عَن الحِدثَانِ

فَيَصِحُّ حِينَئِذ حُدُوثُ الجِسمِ مِن
هَذَا الدَّليل بِواضحِ البُرهَانِ

هَذِي نِهَايَات لأقدَامِ الوَرَى
فِي ذَا المَقَام الضَّيِّقِ الأعطَانِ

فَمَنِ الذِي يأتِي بِفَتح بين
يُنجِي الوَرَى مِن غَمرَةِ الحَيرَانِ

فَالله يُجزِيهِ الذِي هُو أهلُهُ
مِن جَنَّة المَأوَى مَعَ الرَّضوَانِ

فَاسمَع إذًا وافهَم فَذَاكَ مُعَطِّلٌ
وَمُشَبِّهٌ وَهَدَاكَ ذُو الغفرَانِ

هذا الدَّليلُ هو الذِي أرداهُمُ
بل هَدَّ كُلَّ قَوَاعِدِ القرآنِ

وَهُوَ الدَّلِيلُ الباطِلُ المردودُ عِن
دَ أئمَّةِ التحقيقِ وَالعِرفانِ

مَا زَالَ أمرُ النَّاسِ مُعتَدِلًا إلى
أن دَارَ في الأورَاقِ والأذهَانِ

وَتَمَكَّنَت أجزَاؤهُ بقُلُوبِهم
فَأتَت لَواَزِمُهُ إلى الإِيمَانِ

رَفَعَت قَواعِدَهُ وَنَحَّت أسَّهُ
فَهوَى البِنَاءُ وخَرَّ للأركَانِ

وَجَنوا عَلَى الإسلاَمِ كُلَّ جِنَايَةٍ
إذ سَلَّطُوا الأعدَاءَ بالعُدوَانِ

حَمَلُوا بأسلِحَةِ المَحَالِ فَخَانَهُم
ذَاك السِّلاحُ فما اشتَفَوا بِطِعَانِ

وأتَى العَدُوُّ إِلى سِلاَحِهمُ فقَا
تَلَهُم بِه فِي غَيبَةِ الفُرسَانِ

يا مِحنَةَ الإسلاَمِ والقرآنِ مِن
جَهلِ الصَّدِيقِ وبَغيِ ذِي طُغيَانِ

واللهِ لَولاَ اللهُ نَاصِرُ دِينِهِ
وَكِتَابِهِ بالحقِّ والبُرهَانِ

لَتَخَطَّفَت أعدَاؤه أروَاحَنَا
وَلَقُطِّعَت مِنَّا عُرَى الإِيمَانِ

أيكونُ حقًّا ذا الدليلُ وما اهتدَى
خَيرُ القُرونِ لَهُ مُحالٌ ذَانِ

وُفِّقتُمُ للحَقِّ إذ حُرِمُوهُ فِي
أصلِ اليَقِينِ ومقعَدِ العرفَانِ

وَهَديتُمونَا للَّذِي لَم يَهتَدُوا
أبَدًا بهِ وَاشِدَّةً الحِرمَانِ

ودخلتُمُ للحقِّ مِن بَابٍ وَمَا
دَخَلُوه وَاعَجَبًا لِذَا الخُذلانِ

وسلكتُمُ طُرقَ الهُدى والعلمِ دُو
نَ القَومِ وَاعَجَبًا لِذَا البُهتَانِ

وعرفتُمُ الرحمنَ بالأجسَامِ وَال
أعرَاضِ والحَركاتِ والألوانِ

وَهُمُ فَمَا عَرَفُوهُ مِنهَأ بَل مِنَ ال
آياتِ وهيَ فغيرُ ذِي بُرهَانِ

الله أكبَرُ أنتُمُ أو هُم عَلَى
حَقٍّ وفِي غَيٍّ وفي خُسرانِ

دَع ذَا أليسَ الله قد أبدَى لَنَا
حقَّ الأدلةِ وَهي فِي القُرآنِ

متنوِّعاتٌ صُرِّفَت وتظَاهَرت
في كُلِّ وجهٍ فَهيَ ذُو أفنَانِ

مَعلومَةٌ للعَقلِ أو مشهودَةٌ
للحسِّ أو في فِطرَة الرحمنِ

أسَمِعتُمُ لِدَلِيلكُم فِي بَعضِهَا
خَبَرًا أو احسَستُم لَهُ بِبَيَانِ

أيكونُ أصلُ الدينِ ماتمَّ الهدَى
إلاَّ بِهِ وبهِ قُوَى الإِيمَانِ

وسَوَاهُ ليسَ بموجبٍ من لم يُحِط
عِلمًا بِهِ لم ينجُ من كفرانِ

واللهُ ثُمَّ رَسُولُهُ قَد بَيَّنَا
طُرُقَ الهُدَى فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

فَلايِّ شَيءٍ أعرَضَا عَنهُ ولم
تَسمَعهُ فِي أثَرِ وَلاَ قُرآنِ

لَكِن أتَانَا بَعدَ خَيرَ قُرُونِنَا
فَظُهُورِ أحدَاث مِن الشَّيطانِ

وعَلَى لِسانِ الجهمِ جَاءُوا حِزبَهُ
مِن كُلِّ صَاحِبِ بِدعَةٍ حَيرَانِ

وَلِذَلِكَ اشتدَّ النَّكِيرُ عَلَيهِم
مِن سَائِرِ العُلَمَاءِ فِي البُلدَانِ

صَاحُوا بِهِم مِن كُل قطر بَل رَموا
فِي إثرِهِم بِثَوَقِبِ الشهبَانِ

عَرَفُوا الذِي يُفضِي إِليه قَولُهُم
وَدَلِيلُهُم بِحَقِيقَة العِرفانِ

وَأخُو الجَهَالَة فِي خَفَارة جَهلِهِ
وَالجَهلُ قَد يُنجي من الكُفرَان

وَالله كَانَ وَلَيسَ شَيءٌ غَيرُهُ
وَبَرَى البرِية وَهيَ ذُو حَدثَانِ

فَسَل المُعَطل هَل يَرَاهَا خَارِجا
عَن ذَاتِه أم فِيه حَلَّت ذَان

لاَبُد مِن إحدَاهُما أو أنَّها
هِيَ عَينُهُ مَا ثم مَوجُودَانِ

مَا ثَم مَخلُوق وَخَالِقُه وَمَا
شَيءٌ مُغَايِرُ هَذِهِ الأعيَانِ

لاَبُد مِن إحدَى ثَلاث مَالَهَا
مِن رَابِع خَلّوا عَنِ الرَّوغَانِ

وَلِذَاكَ قَالَ مُحَققُ القَومِ الذِي
رَفَعَ القَواعِدَ مُدعِي العِرفَانِ

هُوَ عَينُ هَذَا الكَونِ لَيسَ بِغَيرهِ
أنَّى وَلَيسَ مُبَايِنَ الأكوَانِ

كَلاَّ وَلَيسَ مُجَانِبًا أيضًا لَهَا
فَهوَ الوُجُود بِعَينِهِ وَعيَانِ

إن لَم يَكُن فوقَ الخلاَئِقِ رَبُّهَا
فَالقَولُ هَذَا القَولُ فِي المِيزَانِ

إذ لَيسَ يُعقلُ بَعد إلا أنَّهُ
قَد حَلَّ فِيهَا وَهيَ كَالأبدَانِ

وَالرُّوحُ ذَاتُ الحَقِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
حَلَّت بِهَا كَمَقَالَةِ النَّصرَانِي

فَاحكُم عَلَى مَن قَالَ لَيسَ بِخَارِجٍ
عَنهَا وَلاَ فِيهَا بِحُكم بَيَانِ

بِخِلاَفِهِ الوَحيينِ وَالإِجمَاعَ وَال
عَقلَ الصَّرِيحَ وَفِطرَةَ الرَّحمَانِ

فَعَلَيهِ أوقَعَ حَد مَعدُوم بلى
حَدُّ المُحَالِ بِغَيرِ مَا فُرقَانِ

يَا لِلعُقُولِ إذَا نَفَيتُم مُخبِرا
وَنَقِيضَهُ هَل ذَاكَ فِي إمكَانِ

إن كَانَ نَفي دُخُوله وَخُرُوجه
لاَ يَصدُقَانِ مَعا لِذِي الإمكانِ

إلاَّ عَلَى عَدَمِ صَرِيحِ نَفيِهِ
مُتَحَقِّقٌ بِبَداهَةِ الإِنسَان

أيَصِحُّ فِي المَعقُولِ يَا أهلَ النُهَى
ذَاتَانِ لاَ بِالغَيرِ قَائِمَتَانِ

لَيسَت تَباين مِنهُمَا ذَاتٌ لأخ
رَى أو تَحَايِثُها فَيَجتَمِعضانِ

إن كَانَ فِي الدُّنيَا مُحَالٌ فَهوَ ذَا
فَارجَع إِلَى المَعقُول وَالبُرهَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ فِي الذِي
هُوَ قَابِل مِن جِسمٍ أو جُثمَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ كَذَا فَنَفي دُخُولِهِ
وَخُرُوجِهِ مَا فِيهِ مِن بُطلانِ

فَيُقَالُ هَذَا أولا مِن قَولِكُم
دَعوَى مُجَرَّدةٌ بِلاَ بُرهَانِ

ذَاكَ اصطِلاَحُ مِن فَرِيق فَارقُوا ال
وَحيَ المُبِينَ بِحِكمَة اليُونَانِ

وَالشَّيءُ يَصدُقُ نَفيُه عَن قَابِل
وَسِوَاهُ فِي مَعهُود كُل لِسَانِ

أنَسِيت نَفي الظُلمِ عَنهُ وَقَولُكَ الظُ
لمُ المُحالُ وَليسَ ذَا إمكَانِ

وَنَسِيتَ نَفيُ النَّومِ وَالسِّنَةِ التِي
لَيسَت لِرَب العَرشِ فِي الإِمكَانِ

وَنَسِيت نَفيَ الطعم عَنه وَليسَ ذَا
مَقبُولَةٌ وَالنفيُ فِي القُرآنِ

وَنَسِيتَ نَفيَ وِلاَدَة أو زَوجَة
وَهُمَا عَلَى الرَّحمَنِ مُمتَنِعَانِ

وَالله قَد وَصَفَ الجَمَاد بِأنَّهُ
مَيتٌ أصَمُّ وَمَا لَهُ عَينَانِ

وَكَذَا نَفَى عَنهُ الشعورَ وَنُطقَهُ
وَالخَلقَ نَفيًا وَاضحَ التِّبيَانِ

هَذَا وَليسَ لَهَا قُبُول لِلذِي
يُنفَى وَلاَ مِن جُملَةِ الحَيَوانِ

وَيُقَالُ أيضًا ثَانِيًا لَو صَحَّ هَ
ذَا الشَّرطُ كَانَ لَمَّا هُمَا ضِدَّانِ

لاَ فِي النَّقِيضَينِ اللَّذينِ كِلاَهُمَا
لاَ يَثبُتَانِ وَلَيسَ يَرتَفِعَانش

وَيُقَالُ أيضًا نَفيُكُم لِقُبُولِهِ
لَهُمَا يزيلُ حَقِيقَةَ الإِمكَانِ

بَل ذَا كَنَفي قِيَامِهِ بِالنَّفسِ أو
بالغَيرِ فِي الفِطرَاتِ وَالأذهَانِ

فَإذَا المُعَطلُ قَالَ إن قِيَامَهُ
بالنَّفسِ أو بِالغَيرِ ذُو بُطلاَنِ

إذ لَيسَ يقبَلُ وَاحِدًا مِن ذَينِكَ ال
أمرَينِ إلاَّ وَهوَ ذُو إمكَانِ

جِسمٌ يَقُومُ بِنَفسِهِ أيضًا كَذَا
عَرَضٌ يَقُومُ بغَيرِهِ أخَوَانِ

فِي حُكمِ إمكَان وَلَيسَ بِوَاجِبٍ
مَا كَانَ فِيهِ حَقِيقَةُ الإِمكَانِ

فَكِلاَكُمَا يَنفِي الإِلَهَ حَقِيقَةً
وَكِلاَكُمَا فِي نَفيهِ سِيَّانِ

ماذَا يُردُّ عَلَيهِ من هُوَ مِثلُه
فِي النَّفيِ صِرفًا إذ هُمَا عِدلاَنِ

وَالفَرقُ لَيسَ بِمُمكَن لَكَ بعدَمَا
ضَاهَيتَ هَذا النَّفيَ فِي البُطلاَنِ

فَوزان هَذَا النَّفيُ مَا قَد قُلتُهُ
حَرفا بِحَرفٍ أنتُمَا صِنوَانِ

وَالخَصمُ يَزعَمُ أن مَا هُوَ قَابِلٌ
لِكِلَيهِمَا فَكَقَابِل لمَكَانِ

فَافرُق لَنا فَرقا يُبِين مَوَاقِعَ ال
إثبَاتِ والتَّعطِيلِ بِالبُرهَانِ

أو لاَ فَأعطِ القَوسَ بَارِيهَا وَخلِّ
الفَشرَ عَنكَ وَكَثرَةَ الهَذَيانِ

وَسَل المُعطل عَن مَسَائِلَ خَمسَةٍ
تُردي قَوَاعِدَهُ مِنَ الأركَانِ

قُل لِلمُعطل هَل تَقُول إلَهُنَا ال
مَعبُودُ حَقًّا خَارِجَ الأذهَانِ

فَإذَا نَفَى هَذَا فَذَاكَ مُعَطِّلٌ
لِلربِّ حَقًّا بَالِغَ الكُفرَانِ

وَإِذَا أقَرَّ بِهِ فَسَلهُ ثانِيًا
أتَرَاهُ غَيرَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

فَإذَا نَفَى هَذَا وَقَالَ بِأنَّهُ
هُوَ عَينُها مَا هَاهُنا غَيرَانِ

فَقَدِ ارتَدَى بِالاتحَادِ مُصَرحا
بِالكُفرِ جَاحِد رَبه الرَّحمن

حَاشَا النَّصارَى أن يَكُونُوا مِثلَهُ
وَهُم الحَمِير وَعَابِدُوا الصُّلبَانِ

هُم خَصَّصُوهُ بِالمَسِيحِ وَأمِّهِ
وَأولاَءِ مَا صَانُوهُ عَن حَيَوَانِ

وَإذَا أقَرَّ بِأنَّهُ غَيرُ الوَرَى
عَبدٌ وَمعبُودٌ هُمَا شَيئَانِ

فَسأَلهُ هَل هَذَا الوَرَى فِي ذَاتِهِ
أم ذَاتُهُ فِيهِ هُنَا أمرَانِ

فَإذَا أقَرَّ بِوَاحِد مِن ذَينِكَ ال
أمرَينِ قَبَّلَ خَدَّهُ النَّصرَانِي

وَيَقُولُ أهلاَ بِالذِي هُوَ مِثلُنَا
خَشدَاشُنَا وَحَبِيبُنَا الحَقَّانِ

وَإِذَا نَفَى الأمرَينِ فَاسألهُ إذًَا
هَل ذَاتُهُ استَغنَت عَن الأكوَانِ

فَلِذَاكَ قَامَ بِنَفسِهِ أم قَامَ بَال
أعيَانِ كَالأعرَاضِ وَالألوَانِ

فَإِذَا أقَرَّ وَقَالَ بَل هُو قَائِمٌ
بِالنَّفسِ فَاسألهُ وَقُل ذَاتَانِ

بِالنَّفسِ قَائِمتَانِ أخبِرنِي هُمَا
مِثلاَنِ أو ضِدَّانِ أو غَيرَانِ

وعَلَى التَّقَادِير الثَّلاَثِ فَإنَّهُ
لَولاَ التبَايُنُ لَم يَكُن شَيئَانِ

ضِدَّينِ أو مِثلَينِ أو غَيرَينِ كَا
نَا بَل هُمَا لاَ شَك مُتَّحِدَانِ

فَلِذَاكَ قُلنَا إنَّكُم بَاب لِمَن
بِالإِتِّحَادِ يَقُولُ بَل بَابَانِ

نَقَّطتُمُ لَهُم وَهُم خَطَّوا عَلَى
نُقَط لَكُم كَمُعَلِّمِ الصِّبيَانِ

وَلَقَد أتَانَا عَشرُ أنوَاعٍ مِنَ ال
مَنقُولِ فِي فَوقِية الرَّحمَنِ

مَعَ مِثلِهَا أيضًا تَزيدُ بِوَاحِدٍ
هَا نَحنُ نَسرُدُهَا بِلاَ كِتمَانِ

مِنهَا استِوَاءُ الرَّبِّ فَوق العَرشِ فِي
سَبعِ أتَت فِي مُحكَمِ القُرآنِ

وَكَذَلِكَ اطَّردَت بِلاَ لاَم وَلَو
كَانَت بِمَعنَى اللاَّم فِي الأذهَانِ

لأتَت بهَا فِي مَوضِع كَي يَحمِل ال
بَاقِي عَلَيهَا بِالبَيَانِ الثَّانِي

وَنَظِير ذَا إضمَارُهُم فِي مَوضِعِ
حَملًا عَلَى المَذكُورِ فِي التِّبيَانِ

لاَ يُضمِرُونَ مَعَ اطِّرَاد دُونَ ذِك
رِ المُضمِرِ المَحذُوفِ دُونَ بَيَانِ

بَل فِي مَحل الحَذفِ يَكثُرُ ذِكرُهُ
فإذَا هُم ألِفُوهُ إلفَ لِسَانِ

حَذَفُوهُ تَخفِيفًا وَإيجَازًا فَلاَ
يَخفَى المُرَادُ بهِ عَلَى الإِنسَانِ

هَذَا وَمِن عِشرِينَ وَجهًا يَبطُلُ التَّ
فسِيرُ بِاستَولَى لِذِي العِرفَانِ

قَد أُفرِدَت بِمُصَنَّفٍ لإِمَامِ هَ
ذَا الشَّأنُ بَحرِ العَالَمِ الحرَّانِي

هَذَا وَثَانِيهَا صَريحُ عُلُوِّهِ
وَلَهُ بِحُكمِ صَرِيحِهِ لَفظَانِ

لَفظُ العَلِيِّ وَلَفظةُ الأعلَى مُعَرَّ
فَة أتَتكَ هُنا لِقَصدِ بَيَانِ

إنَّ العُلُوَّ بِمُطلَقِه عَلَى التَّ
عمِيم وَالإطلاَقِ بالبُرهَانِ

وَلَهُ العُلُوُّ مِن الوُجوهِ جَمِيعَها
ذَاتًا وَقَهرًا مَعَ عُلُوِّ الشَّانِ

لَكِن نُفَاةُ عُلُوهِ سَلبُوهُ إك
مَالَ العُلُوِّ فَصَارَ ذَا نُقصَانِ

حَاشَاهُ مِن إفكِ النُّفَاةِ وَسَلبِهِم
فَلَهُ الكَمَالُ المُطلَقُ الرَّبَّانِي

وَعُلُوُّهُ فَوقَ الخَليقَة كُلِّهَا
فُطِرَت عَلَيهِ الخَلقُ وَالثَّقَلاَنِ

لاَ يَستَطِيعُ مُعَطِّلٌ تَبدِيلَهَا
أبدًا وَذَلِكَ سُنَّةُ الرَّحمنِ

كُلٌّ إذَا مَا نَابَهُ أمرٌ يُرَى
مُتَوجِّهًا بِضَرُورَةِ الإنسَانِ

نَحوَ العُلُوِّ فَلَيسَ يَطلُبُ خَلفَهُ
وَأمَامَهُ أو جَانِبَ الإِنسَانِ

وَنِهَايَةُ الشُّبُهَات تَشكِيك وَتخ
مِيش وَتَغبِيرٌ عَلَى الإِيمَانِ

لاَ يستَطِيعُ تَعَارض المَعلُومِ وَال
مَعقُولِ عِندَ بدَائِه الأذهَانِ

فَمِن المُحَالِ القَدحُ فِي المَعلُومِ
بِالشُّبُهَاتِ هَذَا بَيِّنُ البُطَلاَنِ

وَإِذَا البدَائِهُ قابَلتهَا هَذِهِ الشُّ
بُهَاتِ لَم تَحتَجِإلَى بُطلانِ

شَتَّان بَينَ مَقالَة أوصَى بِهَا
بَعضٌ لِبَعضٍ أولٌ للثَّانِي

وَمَقَالَةٍ فَطَرَ الإِلهُ عَبَادَهُ
حَقّا عَلَيهَا مَا هُمَا عِدلاَنِ

هَذَا وَثَالِثُهَا صَرِيحُ الفَوقِ مَص
حُوبًا بِمِن وَبِدُونِهَا نَوعَانِ

إحدَاهُمَا هُوَ قَابِل التأويل وَال
أصلُ الحَقِيقَةُ وَحدهَا بِبَيَانِ

فَإِذَا ادَّعَى تَأوِيلَ ذَلِكَ مُدَّعٍ
وَلَم تُقبَلِ الدَّعوَى بِلاَ بُرهَانِ

لَكِنمَا المَجرُورُ لَيسَ بِقَابل التَّ
أوِيل فِي لُغة وَعُرفِ لِسَانِ

وَأصِخ لِفَائدةٍ جَلِيلٍ قَدرُهَا
تُهدِيكَ للتَّحقِيقِ وَالعِرفَانِ

إنَّ الكَلاَمَ إذَا أتَى بِسِيَاقِهِ
يُبدِي المُرَادَ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

أضحَى كَنَصٍ قَاطع لاَ يَقبَل التَّ
أوِيلَ يَعرِفُ ذَا أولُوا الأذهَانِ

فَسِيَاقُهُ الألفَاظِ مِثلُ شَوَاهِدِ ال
أحوَالِ إنَّهُمَا لَنَا صِنوَانِ

إحدَاهُمَا لِلعَينِ مَشهُودٌ بِهَا
لَكِن ذَاكَ لِمَسمَعِ الإِنسانِ

فَإذَا أتَى التَّأوِيلُ بَعد سِيَاقَةٍ
تُبدِي المُرَادَ أتَى عَلَى استِهجَانِ

وَإذَا أتَى الكِتمَانُ بَعدَ شَوَاهِدِ ال
أحوَالِ كَانَ كَأقبَحِ الكِتمَانِ

فَتأمَّلِ الألفَاظَ وَانظُر مَا الذِي
سِيقَت لَهُ إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَالفَوقُ وَصفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِن
كُلِّ الوُجُوهِ لِفَاطِرِ الأكوَانِ

لَكِن نُفَاةَ الفَوقِ مَا وَافُوا بِهِ
جَحَدُوا كَمَال الفَوقِ لِلدَّيَّانِ

بَل فَسَّرُوهُ بِأن قَدرَ الله أع
لَى لاَ بِفَوق الذَّات لِلرَّحمَنِ

قَالُوا وَهَذَا مِثل قَولِ النَّاسِ فِي
ذَهَبٍ يُرَى مِن خَالِص العِقيَانِ

هُو فَوقَ جِنسِ الفِضةِ البَيضَاء لاَ
بِالذَّاتِ بَل فِي مُقتَضَى الأثمَانِ

وَالفَوقُ أنوَاع ثَلاث كُلُّهَا
للَّهِ ثَابِتةٌ بِلاَ نُكرَانِ

هَذَا الذِي قَالُوا وَفَوقُ القَهرِ وَال
فَوقِيةُ العُليَا عَلَى الأكوَانِ

هَذَا وَرَابِعُهَا عرُوجُ الرُّوحِ وَال
أملاَكِ صَاعِدَةً إِلَى الرَّحمَنِ

وَلَقَد أتَى فِي سُورَتَينِ لِكِلاَهُمَا اش
تَمَلاَ عَلَى التَّقدِيرِ بالأزمَانِ

فِي سُورَة فِيهِ المَعارِجُ قُدِّرَت
خَمسِينَ ألفًا كَامِلَ الحُسبَانِ

وَبِسَجدَة التَّنزِيل ألفًا قُدِّرَت
فَلأجلِ ذَا قَالُوا هُمَا يَومَانِ

يَومُ المَعَادِ بِذِي المَعَارِجِ ذِكرُهُ
وَاليَومُ فِي تَنزِيل فِي ذَا الآنِ

وَكِلاَهُمَا عِندِي فَيَومٌ وَاحِدٌ
وَعُرُوجُهُم فِيهِ إِلَى الدَّيَّانِ

فَالألفُ فِيهِ مَسَافَةٌ لِنُزُولِهِم
وَصُعُودِهِم نَحوَ الرَّفِيعِ الدَّانِي

هَذِي السَّمِاء فَإنَّهَا قَد قُدِّرَت
خَمسِينَ فِي عَشر وَذَا ضِعفَانِ

لَكِنمَا الخَمسُون ألفَ مَسَافَةُ السَّ
بعِ الطِّبَاقِ وَبَعدُ ذِي الأكوَانِ

مِن عَرشِ رَبِّ العَالَمِينَ إِلَى الثَّرَى
عِندَ الحَضِيضِ الأسفَل التَّحتَحانِي

وَاختَارَ هَذَا القَولَ فِي تَفسِيرِهِ ال
بَغَوِي ذَاكَ العَالِمُ الرَّبَّانِي

وَمُجَاهِدٌ قَد قَالَ هَذَا القَولَ لَ
كِنَّ ابنَ إسحَاقَ الجَلِيلَ الشَّانِ

قَالَ المَسَافَة بَينَنَا وَالعَرشِ ذَا ال
مِقدَارُ فِي سَيرٍ مِنَ الإِنسَانِ

وَالقَولُ الأوَّلُ قَولً عِكرِمَةٍ وَقَو
لُ قَتَادَةٍ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ

وَاختَارَه الحَسَنُ الرَّضِى وَرَوَاهُ عَن
بَحرِ العُلُومِ مُفَسِّرِ القُرآنِ

وَيُرَجِّحُ القَولَ الذِي قَد قَالَهُ
سَادَاتُنَا فِي فَرقِهِم أمرَانِ

إحدَاهُمَا مَا فِي الصَّحِيحُ لِمَانِعٍ
لِزَكَاتِهِ مِن هَذِه الأعيَانِ

يُكوَى بِهَا يَومَ القِيَامَةِ ظَهرُهُ
وَجَبِينهُ وَكذَلِكَ الجَنبَانِ

خَمسُونَ ألفًا قَدرُ ذَاكَ اليَومِ فِي
هَذَا الحَدِيثُ وَذَاكَ تِبيَانِ

فَالظَّاهِرُ اليَومَانِ فِي الوَجهَينِ يَو
مٌ وَاحِدٌ مَا إن هُمَا يَومَانِ

قَالُوا وَإيرَادُ السِّيَاقِ يُبَيِّن ال
مَضمُونَ مِنهُ بِأوضَحِ التِّبيَانِ

فَانظُر إِلَى الإِضمارِ ضِمنض يَرَونَهُ
ونَرَاهُ مَا تَفسِيرُهُ بِبَيَانِ

فَاليَومُ بِالتَّفسِيرِ أولَى مِن عَذَا
بٍ وَاقِعٍ لِلقُربِ وَالجِيرَانِ

وَيَكُونُ ذِكرُ عُرُوجِهِم فِي هَذِهِ الدُّ
نيَا وَيَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

فَنُزُولهُم أيضًا هُنَالِكَ ثَابِتٌ
كَنُزُولِهِم أيضًا هُنَا لِلشَّانِ

وَعُرُوجُهُم بَعدَ القَضَا كَعُرُوجِهِم
أيضًا هُنَا فَلَهُم إذًا شَأنَانِ

وَيُزُولُ هَذَا السَّقفُ يَومَ مَعَادِنَا
فَعُرُوجُهُم لِلعَرشِ وَالرَّحمَنِ

هَذَا وَمَا نَضِجَت لَدي وَعِلمُهَا ال
مَوكُولُ بَعد لِمُنزِلِ القُرآنِ

وَأعُوذُُ بِالرَّحمَنِ مِن جَزمٍ بِلاَ
عِلمٍ وَهَذَا غَايَةُ الإمكَانِ

وَاللهُ أعلَمُ بِالمُرَادِ بِقَولِهِ
وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالفُرقَانِ

هَذَا وَخَامِسُهَا صعُودُ كَلاَمِنَا
بِالطِّيِّبَاتِ إلَيهِ وَالإحسَانِ

وَكَذَا صُعُودُ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَا
تُ مِن أعمَالِ ذِي الإِيمَانِ

وكَذَا صُعُودُ تَصَدُّقٍ مِن طَيبٍ
أيضا إلَيهِ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا عُرُوجُ مَلاَئِكٍ قَد وُكِّلُوا
مِنَّا بِأعمَالٍ وَهُم بَدَلاَنِ

فَإِلَيهِ تَعرُجُ بُكرَةً وَعَشِيةً
وَالصُّبحُ يَجمَعُهُم عَلَى القُرآنِ

كَي يَشهَدُونَ وَيَعرُوجُونَ إِلَيهِ بِال
أعمَالِ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ

وَكَذَاكَ سَعيُ اللَّيل تَرفَعُهُ إِلَى الرَّ
حمَنِ مِن قَبلِ النَّهَارِ الثَّانِي

وَكذَاكَ سَعيُ اليَومِ يَرفَعُه لَهُ
مِن قَبلِ لَيلٍ حَافِظُ الإِنسَانِ

وَكَذَاكَ مِعرَاجُ الرَّسُولِ إِلَيهِ حَقٌّ
ثَابِتٌ مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

بَل جَاوَزَ السَّبعَ الطِّبَاقَ وَقَد دَنَا
مِنهُ إِلَى أن قُدِّرَت قَوسَانِ

بَل عَادَ مِن مُوسَى إلَيهِ صَاعِدًا
خَِمسًا عِدَادَ الفَرضِ فِي الحُسبَانِ

وَكَذَاكَ رَفعُ الرُّوحِ عِيسَى المُرتَضَى
حَقًّا إلَيهِ جَاءَ فِي القُرآنِ

وَكَذَاكَ تَصعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٌ
لَمَّا تَفُوزُ بِفُرقَةِ الأبدَانِ

حِقًّا إلَيهِ كَي تَفوزُ بِقُربِهِ
وَتَعُودَ يَومَ العَرضِ لِلجُثمَانِ

وَكَذَا دُعَا المُضطَرِّ أيضًا صَاعِدٌ
أبَدًا إلَيهِ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا دُعَا المَظلُومِ أيضًا صَاعِدٌ
حَقًّا إلَيهِ قَاطِعَ الأكوَانِ

هَذَا وَسَادِسُهَا وَسَابِعُهَا النُّزُو
لُ كَذَِلِكَ التَّنزِيلُ لِلقُرآنِ

وَالله أخبَرَنَا بِأنَّ كِتَابَهُ
تَنزِيلُهُ بِالحَقِّ وَألبُرهَانِ

أيَكُونُ تَنزِيلًا وَلَيسَ كَلاَم مَن
فَوقَ العِبَادِ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

أيَكُونُ تَنزِيلًا مِنَ الرَّحمَنِ وَالرَّ
حمضنش لَيسَ مُبَاينَ الأكوَانِ

وَكَذَا نُزُولِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
فِي النِّصفِ مِن لَيل وذَاكَ الثَّانِي

فَيَقُولُ لَستُ بِسَائِلٍ غَيرِي بِأح
وَالِ العِبَادِ أنَا العَظِيمُ الشَّانِ

من ذَاكَ يَسألُنِي فَيُعطِي سُؤلَهُ
مَن ذَا يَتُوبُ إليَّ مِن عِصيَانِ

مَن ذَا يُرِيدُ شِفَاءَهُ مِن سُقمِهِ
فَأَنَا القَرِيبُ مُجِيبُ مَن نَادَانِي

ذَا شَأنُهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ
حَتَّى يَكُونَ الفَجرُ فَجرًا ثَانِ

يَا قَومُ لَيس نُزُولُهُ وَعُلُّوهُ
حَقًّا لَدَيكُم بَل هُمَا عَدَمَانِ

وَكَذَاكَ يَقُولُ لَيسَ شَيئًا عِندَكُم
لاَ ذَا وَلاَ قَولًا سِوَاهُ ثَانِ

كُلٌّ مَجَازٌ لاَ حَقِيقَةَ تَحتَهُ
أوِّل وَزِد وَانقُص بِلاَ بُرهَانِ

هَذَا وَثَامِنُهَا بِسُورَةِ غَافِرٍ
هُوَ رِفعَةُ الدَّرَجَاتِ لِلرَّحمَنِ

دَرَجَاتُهُ مَرفُوعَةٌ كَمَعَارِجَ
أيضًا لَهُ وَكِلاَهُمَا رَفعَانِ

وَفَعِيل فِيهَا لَيسَ مَعنَى فَاعِلٍ
وَسِيَاقُهَا يَأبَاهُ ذُو التِّبيَانُ

لَكِنَّهَا مَرفُوعَةٌ دَرَجَاتُهُ
لِكَمَالِ رِفعَتِهِ عَلَى الأكوَانِ

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَلا تَحِد
عَنهُ وَخُذ مَعنَاهُ فِي القُرآنِ

فَنظِيرُهَا المُبدِي لَنَا تَفسِيرَهَا
فِي ذِي المَعَارِجِ لَيس يَفتَرقَانِ

وَالرُّوحُ والأملاَكُ تَصعدُ فِي مَعَا
رِجِهِ إلَيهِ جَلَّ ذُو السُّلطَانِ

ذَا رِفعَةُ الدَّرَجَاتِ حَقًّا مَا هُمَا
إِلاَّ سَواءً أو هُمَا شِبهَانِ

فَخُذِ الكِتَابَ بِبعَضِهِ بَعضًا كَذَا
تَفسِيرُ أهلُ العِلمِ لِلقُرآنِ

هَذَا وَتَاسِعُهَا النُّصوص بأنَّه
فَوقَ السَّمَاءِ وَذَا بِلاَ حُسبَانِ

فَاستَحضِرِ الوَحيَينِ وَانظُر ذَاكَ تَل
قَاهُ مُبَينًا وَاضِحَ التِّبيَانِ

وَلَسَوفَ نَذكُر بَعضَ ذَلِكَ عَن قَرِي
بٍ كَي تَقُومَ شَواهِدُ الإِيمَانِ

وَإِذَا أتَتكَ فَلاَ تَكُن مُستَوحِشًا
مِنهَا وَلا تَكُ عِندَهَا بِجَبَانِ

لَيسَت تَدُلُّ عَلَى انحِصَارِ إِلهِنَا
عَقلًا وَلاَ عُرفًا وَلاَ بِلِسَانِ

إذ أجمَعَ السَّلَفُ الكِرَامُ بأنَّ مَع
نَاهَا كَمَعنَى فَوقِ بالبُرهَانِ

أو أنَّ لَفظَ سَمَائِهِ يُعنَى بِهِ
نَفسُ العُلُوِّ المُطلَقِ الحَقَّانِ

والرَّبُّ فِيهِ ولَيسَ يَحصُرُهُ مِن ال
مَخلُوقِ شَيءٌ عَزَّ ذُو السُّلطَانِ

كُلُّ الجِهَاتِ بأسرِهَا عَدَمِيَّةٌ
فِي حَقِّهِ هُوَ فَوقَهَا ببيَانِ

قَد بَانَ عنهَا كُلِّهَا فَهوَ المُحِي
طُ وَلاَ يُحَاطُ بخَالِقِ الأكوَانِ

مَا ذَاكَ يَنقِمُ بَعدُ ذُو التعطِيلِ مِن
وَصفِ العُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحمنِ

أيَرُدُّ ذُو عقلٍ سَليمٍ قَطُّ ذَا
بَعدَ التَّصَوُّرِ يَا أولِي الأذهَانِ

واللهِ مَا رَدَّ امرُؤ هَذَا بِغَي
رِ الجَهلِ أو بِحَميَّةِ الشَّيطَانِ

هَذَا وَعَاشِرُهَا اختِصَاصُ البَعضِ مِن
أملاَكِهِ بالعِندِ للرَّحمنِ

وَكَذَا اختِصَاصُ كِتَابِ رَحمَتِهِ بِعن
دَ الله فَوقَ العَرشِ ذُو تِبيَانِ

لَو لَم يَكُن سُبحَانَه فَوقَ الوَرَى
كَانُوا جَمِيعًا عِندَ ذِي السُّلطَانِ

وَيَكُونُ عِندَ اللهِ إبليسٌ وَجِب
رِيلٌ هُمَا في العِند مُستوِيَانِ

وَتَمَامُ ذَاكَ القَولِ أنَّ مَحَبَّةَ الرَّ
حمنِ غَيرُ إرَادَة الأكوَانِ

وَكِلاَهُمَا مَحبُوبُهُ وَمُرَادُهُ
وَكِلاهُمَا هُوَ عِندَهُ سِيَّانِ

إن قُلتُم عِنديةُ التَّكوِينِ فالذَّ
اتَانِ عِندَ اللهِ مَخلُوقَانِ

أو قُلتُمُ عِندِيةُ التَّقرِيبِ تَق
رِيبِ الحَبِيبِ وَمَا هُمَا عِدلانِ

فَالحُبُّ عِندَكُم المشِيئَةُ نَفسُهَا
وَكِلاَهُمَا فِي حُكمِهَا مِثلاَنِ

لَكِن مُنَازِعُكُم يَقُولُ بِأنَّهَا
عِندِيَّةٌ حَقُّا بِلاَ رَوغَانِ

جَمَعَت لَهُ حُبَّ الإِلهِ وَقُربَهُ
مِن ذَاتِهِ وَكَرَامَةَ الإِحسَانِ

وَالحُبُّ وَصفٌ وَهوَ غَيرُ مَشِيئَةٍ
وَالعِندُ قُربٌ ظَاهِرُ التِّبيَانِ

هَذَا وَحَادِي عَشرَهُنَّ إشَارَةٌ
نَحوَ العُلُوِّ بإصبعٍ وَبَنَانِ

للَّهِ جَلَّ جَلالُهُ لاَ غَيرِهِ
إذ ذَاكَ إشرَاكٌ مِنَ الإِنسَانِ

وَلَقَد أشَارَ رَسُولُهُ فِي مَجمَعِ ال
حَجِّ العَظِيمِ بِمَوقِفِ الغُفرَانِ

نَحوَ السَّمَاءِ بأصبُعٍ قَد كُرِّمَت
مُستَشهِدًا للوَاحِدِ الرَّحمنِ

يا رَبُّ فاشهَد أنَّنِي بَلَّغتُهُم
وَيُشِيرُ نَحوَهُم لِقَصد بَيَانِ

فَغَدَا البَنَانُ مُرَفَّعًا وَمُصَوَّبًا
صَلَّى عَلَيكَ الله ذُو الغُفرَانِ

أدَّيتَ ثُمَّ نَصَحتَ إذ بَلَّغتَنَا
حَقَّ البَلاغِ الوَأجِبِ الشُّكرَانِ

هَذَا وَثَانِي عَشرِهَا وَصفُ الظُّهُو
رِ لَهُ كَمَأ قد قالَ ذُو البُرهَانِ

والظَّاهرُ العَالِي الَّذِي مَا فَوقَهُ
شيءٌ كمَا قَد قَالَ ذُو البُرهَانِ

حَقًّا رَسُولُ الله ذَا تَفسِيرُهُ
وَلَقَد رَوَاهُ مُسلَِمٌ بِضَمَانِ

فَاقبَلهُ لاَ تَقبَل سِوَاهُ مِنَ التَّفَا
سِيرِ التِي قِيلَت بِلاَ بُرهَانِ

والشَّيءُ حِينَ يَتِمُّ مِنه عُلُوُّهُ
فَظُهورُهُ فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

أوَ مَا تَرَى هَذِي السَّمَا وَعُلُوَّهَأ
وَظُهُورَهَا وَكَذَلِكَ القَمَرَانِ

وَالعَكسُ أيضا ثابِتٌ فَسُفُولهُُ
وَخَفَاؤهُ إذ ذَاكَ مُصطَحِبَانِ

فَانظُر خَفَاءَ المركَزِ الأدنَى وَوَص
فَ السُّفلِ فِيهِ وَكَونَهُ تَحتَانِي

وَظُهُورُهُ سُبحَانَهُ بالذات مِث
لُ عُلُوِّهِ فَهُمَا لَهُ صِفَتَانِ

لاَ تَجحَدَنَّهُمَا جُحودَ الجَهمِ أو
صَافَ الكَمَالِ تَكُونُ ذَا بُهتَانِ

وَظُهُورُهُ هُوَ مُقتَض لِعُلُوِّهِ
وَعُلُوُّهُ لِظُهورِهِ بِبَيَانِ

وَكذَاكَ قَد دَخَلَت هُنَاكَ الفاءُ للت
سبِيبِ مُؤذِنَةً بِهَذَا الشَّانِ

فَتَأمَلَن تَفسِيرَ أعلَمِ خَلقِهِ
بِصِفَاتِهِ مَن جَاء بالقُرآنِ

إذ قَالَ أنتَ كَذا فَليسَ لِضدِّنهِ
أبَدًا إلَيكَ تَطَرُّقَ الإتيَانِ

هَذَا وَثَالِثُ عَشرِهَا إخبَارُهُ
أنَّا نَرَاهُ بِجَنَّةِ الحَيَوَانِ

فَسَلِ المُعَطِّلَ هَل يُرى مِن تَحتَنَا
أم عَن شَمَائِلِنَا وَعَن أيمَانِ

أم خَلفَنَا وأمَامَنَا سُبحَانَهُ
أم هَل يُرَى مِن فَوقِنَا بِبَيَانِ

يَا قَومُ مَا فِي الأمرِ شَيءٌ غَيرَ ذَا
أنو أنَّ رُؤيَتَهُ بِلاَ إمكَانِ

إذ رُؤيَةٌ لاَ فِي مُقَابَلَةٍ مِنَ الرَّ
ائِى مُحَالٌ لَيسَ فِي الإمكَانِ

وَمَنِ ادَّعَى شَيئًا سِوَى ذَا كَانَ دَع
وَاهُ مُكَابَرَةً عَلَى الأذهَانِ

وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقٌ مِنكُم لأه
لِ الإِعتِزَالِ مَقَالَةً بأمَانِ

مَا بَينَنَا خُلفٌ وَبَينَكُمُ لِذِي التَّ
حقِيقِ فِي مَعنَى فَيَا إخَوَانِي

شُدُّوا بأجمَعِنَا لَنَحمِل حَملَةً
تَذَرُ المجَسِّمَ فِي أذَلِّ هَوَانِ

إذ قَالَ إنَّ إلهَنَا حَقًّا يُرَى
يَومَ المَعَادِ كَمَا يُرَى القَمرَانِ

وَتَصِيرُ أبصَارُ العِبَادِ نَوَاظِرًا
حَقًّا إلَيهِ رُؤيَةً بِعِيَانِ

لاَ رَيبَ أنَّهُمُ إذَا قَالُوا بِذَا
لَزِمَ العُلُوُّ لَفَاطِرِ الأكوَانِ

وَيَكُونُ فَوقَ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُهُ
فَلِذَاكَ نَحنُ وَحِزبُهُم خَصمَانِ

لَكِنَّنَا سِلمٌ وأنتُمُ إذ تَسَا
عَدنَا عَلَى نَفيِ العُلَوِّ لِرَبِّنَا الرَّحمنِ

فَعُلُوُّهُ عَينُ المَحَالِ وَلَيسَ فَو
قَ العَرشِ مِن رَبٍّ وَلاَ دَيَّانِ

لاَ تَنصُبُوا مَعَنَا الخِلاَفَ فَمَا لَهُ
طَعمٌ فَنَحنُ وأنتُمُ سِلمَانِ

هَذا الَّذِي والله مُودَعُ كُتبِهِم
فانظُر تَرَى يَا مَن لَهُ عَينَانِ

هَذَا وَرَابِعُ عَشرِهَا إقرَارُ سَا
ئِلِهِ بِلَفظِ الأينَ للرَّحمنِ

وَلقَد رَوَاهُ أبُو رَزِينٍ بَعدَمَا
سَألَ الرَّسُولَ بِلَفظِهِ بوِزَانِ

وَرَوَاهُ تَبلِيغًا لَهُ ومُقرِّرًا
لَمَّا أقَرَّ بِهِ بِلاَ نُكرَانِ

هَذَا وَمَا كَانَ الجَوَابُ جَوَابَ مَن
لَكِن جَوَابُ اللَّفظِ بِالمِيزَانِ

كَلاَّ وَلَيسَ لِمَن دُخُولٌ قَطُّ فِي
هَذَا السِّيَاقِ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

دَع ذَا فَقَد قَالَ الرَّسُولُ بِنَفسِهِ
أينَ الإِلَهُ لِعَالِمٍ بِلِسَانِ

والله مَأ قَصَدَ المُخَاطِبُ غَيرَهُ مَع
نَاهَا الذِي وُضِعَت لَهُ الحقَّانِ

واللهِ مَا فَهِمَ المخَاطَبُ غَيرَهُ
واللَّفظُ موضُوعٌ لِقَصدِ بَيَانِ

يَا قَومُ لَفظُ الأينَ مَمتَنِعٌ عَلَى الرَّ
حمنِ عِندَكُمُ وذُو بُطلاَنِ

وَيَكَادُ قَائِلُكُم يُكَفِّرُنَا بِهِ
بَل قَد وَهَذَا غَايَةُ العُدوَانِ

لَفظٌ صَرِيحٌ جَاءَ عَن خَيرِ الوَرَى
قَولًا وإقرَارًا هُمَا نَوعَانِ

وَاللهِ مَا كَانَ الرَّسُولنُ بِعَاجِزٍ
عَن لَفظِ مَن مَع أنَّهَا حَرفَانِ

وَالأينُ أحرُفُهَا ثَلاثٌ وَهيَ ذُو
لَبسٍ ومَن فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

وَاللهِ مَا الملَكَانِ أفصَحُ مِنهُ إذ
فِي القَبرِ مَن رَبُّ السَّمَا يَسَلاَنِ

وَيَقُولُ أينَ الله يَعنِي مَن فَلاَ
والله مَا اللَّفظَانِ مُتَّجِدَانِ

كَلاّ وَلاَ مَعنَاهُمَا أيضا لِذِي
لُغَةٍ وَلاَ شَرعٍ وَلاَ إنسَانِ

هَذَا وَخَامِسُ عَشرِهَا الإِجمَاعُ مِن
رُسُل الإِلهِ الواحِدِ المنَّانِ

فَالمُرسَلُونَ جَمِيعُهُم مَع كُتبِهِم
قَد حَلَّ فِيهَا وَهيَ كَالأبدَانِ

وَحَكَى لَنَا إجمَاعَهُم شَيخُ الوَرَى
والدِّينِ عَبدُ القَادِرِ الجِيلاَنِي

وأبو الوَليدِ المالِكِي أيضًا حَكَى
إجمَاعَهُم أعنِي ابنَ رُشدِ الثَّانِي

وَكَذَا أبُو العباسِ أيضًا قَد حَكَى
إجمَاعَهُم عَلَمُ الهُدَى الحَرَّانِي

ولَهُ اطِّلاَعٌ لَم يَكُن مِن قَبلِهِ
لِسِوَاهُ مِن مُتَكَلِّمٍ بِلِسَانِ

هَذَا وَنَقطَعُ نَحنُ أيضًا أنَّهُ
إجمَاعُهُم قَطعًا عَلَى البُرهَانِ

وَكَذَاكَ نَقطعُ أنَّهُم جَاؤوا بإث
بَاتِ الصِّفَاتِ لِخَالِقِ الأكوَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنهُم جَاؤوا بإث
بَأتِ الكَلاَمِ لرَبِّنَا الرحمنِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤوا بإث
بَاتِ المَعَادِ لهَذِهِ الأبدَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤوا بِتَو
حِيدِ الإلهِ وَمَا لَهُ مِن ثَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جاؤوا بإث
بَاتِ القَضَاءِ وَمَا لَهُم قَولاَنِ

فَالرُّسلُ مُتَّفِقُونَ قَطعًا فِي أصُو
لِ الدِّينِ دُونَ شَرَائِعِ الإِيمَانِ

كُلٌّ لَهُ شَرعٌ وَمِنهَاجٌ وَذَا
في الأمرِ لاَ التَّوحِيدِ فافهَم ذَانِ

فالدِّينُ فِي التَّوحِيدِ دِينٌ وَاحِدٌ
لَم يَختَلِف مِنهُم عَلَيهِ اثنَانِ

دِينُ الإلهِ اختَارَهُ لِعبادِهِ
وَلِنفسه هُوَ قَيِّمُ الاديَانِ

فَمِنَ المُحَالِ بأن يَكُونَ لِرُسلِهِ
فِي وَصفِهِ خَبرَانِ مُختَلِفَانِ

وَكَذاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤُوا بِعَد
لِ الله بَينِ طَوَائِفِ الإنسَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنهُم أيضًا دَعَوا
للخَمسِ وهيَ قَواعِدُ الإِيمَانِ

إيمَانُنَا بالله ثُمَّ برُسلِهِ
وَبِكُتبِهِ وَقِيَامَةش الأبدَانِ

وَبِجُندِهِ وَهُم الملاَئِكَةُ الأولَى
هُم رُسلُهُ لمصَالِحِ الأكوَانِ

هَذِي أصُولُ الدِّين حَقًّا لاَ أصُو
لُ الخَمسِ للقَاضِي هوَ الهَمَذَانِي

تِلكَ الأصولُ للإعتِزَالِ وَكَم لَهَا
فَرعٌ فَمِنهُ الخَلقُ لِلقُرآنِ

وَجُحُودُ أوصَافِ الإِلهِ وَنَفيُهُم
لِعُلُوِّهِ وَالفَوقِ للرَّحمنِ

وَكذَاكَ نَفيُهُمُ لرؤيَتِنَا لَهُ
يَومَ اللّقَاءِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

وَنَفَوا قَضَاءَ الرَّبِّ والقَدَرَ الَّذِي
سَبَقَ الكِتَابُ بِهِ هُمَا حَتمَانِ

مِن أجلِ هَاتِيكَ الأصُولِ وخَلَّدُوا
أهلَ الكَبَائِرِ فِي لَظَى النِّيرَانِ

وَلأجلِهَا نَفَوا الشَّفَاعَةَ فِيهُمُ
وَرَمَوا رُوَاةَ حَدِيثهَا بِطِعَانِ

وَلأجلِهَا قَالُوا بأنَّ اللهَ لَم
يقدِر عَلى إصلاَحِ ذِي العِصيانِ

ولأجلِهَا قَالُوا بأنَّ اللهَ لَم
يَقدِر عَلَى إيمَانِ ذِي الكُفرانِ

ولأجلِهَا حَكَمُوا عَلَى الرَّحمن بالشَّ
رعِ المحَالِ شريعَةِ البُهتَانِ

ولأجلِها هُم يُوجِبُونَ رِعَايةً
للأصلَحِ الموجُودِ فِي الإِمكَانِ

حَقًّا عَلَى رَبِّ الوَرَى بِعُقُولِهم
سُبحَانَك اللَّهم ذَا السُّبحَانِ

هَذَا وَسَادِسُ عَشرِهَا إجمَاعُ أه
لِ العِلمِ أعنِي حُجَّةَ الأزمَانِ

مِن كُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ شَهَدَت لَهُ
أهلُ الحَدِيثِ وَعَسكَرُ القُرآنِ

لاَ عِبرَةً بِمُخَالِفٍ لَهُم وَلَو
كَانُوا عَدِيدَ الشَّاءِ والبُعرَانِ

أنَّ الذِي فَوقَ السَّمَواتِ العُلَى
والعَرشِ وَهوَ مُبَاينُ الأكوَانِ

هُوَ رَبُّنَا سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ
حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى الرَّحمنِ

فاسمَع إذًا أقوَالَهُم وَأشهَد عَلَي
هِم بَعدَهَا بِالكُفرِ والإِيمَانِ

واقرأ تَفَاسِيرَ الأئمَّةِ ذَاكِرِي ال
إسنَادِ فَهيَ هِدَايةُ الحَيرَانِ

وانظُر إِلَى قَولِ ابنِ عَبَّاسٍ بِتَف
سِيرِ استَوَى إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَانظُر إِلَى أصحَابِهِ مِن بَعدِهِ
كمُجَاهِدٍ ومُقَاتِلٍ حَبرَانِ

وانظُر إِلَى الكَلبِي أيضًا والذِي
قَد قَالَهُ مِن غَيرِ مَا نُكرَانِ

وَكَذَا رُفَيعُ التَّابِعِيُّ أجَلُّهُم
ذَاكَ الرِّياحِيُّ العَظِيمُ الشَّأنِ

كَم صَاحِبٍ ألقَى إِلَيهِ عِلمَهُ
فَلِذَاكَ مَا اختَلَفَا عَلَيهِ اثنَانِ

فَلَيهنَ مَن قَد سَبَّهُ إذ لَم يُوَا
فِق قَولَهُ تَحرِيفَ ذِي البُهتَان

فَلَهُم عِبَارَاتٌ عَلَيهَا أربَعٌ
قَد حُصِّلَت للفَارِسِ الطَّعَّانِ

وَهيَ استَقَرَّ وَقَد عَلاَ وَكَذَلِكَ ار
تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

وَكَذَاكَ قَد صَعِدَ الَّذِي هُوَ رَابعٌ
وَأبُو عُبَيدَةَ صَاحِبُ الشَّيبَانِي

يَختَارُ هَذَا القَولَ فِي تَفسِيرِهِ
أدرَى مِنَ الجَهمِيِّ بالقُرآنِ

والأشعَريُّ يقُولُ تَفسِيرُ استَوَى
بحَقِيقَةِ استَولَى مِنَ البُهتَانِ

هُوَ قَولُ أهلِ الاعتِزَالِ وَقَولُ أت
بَاعٍ لجَهمٍ وَهوَ ذُو بُطلانِ

فِي كُتبِهِ قَد قَالَه مِن مُوجَزٍ
وإبَانَةٍ وَمَقَالَةٍ بِبَيَانِ

وَكَذَلِكَ البَغَوِيُّ أيضًا قَد حَكَا
هُ عَنهُمُ بِمَعَالِمِ القُرآنِ

وانظُر كَلاَمَ إمامِنَا هُوَ مَالِكٌ
قَد صَحَّ عَنهُ قَولُ ذِي إتقَانِ

فِي الاستِواءِ بأنَّهُ المعلُومُ لَ
كن كَيفُهُ خافٍ عَلَى الأذهَانِ

وَرَوى ابنُ نَافِعٍ الصَّدُوقُ سَمَاعُهُ
مِنهُ عَلَى التَّحقِيقِ والإتقَانِ

اللهُ حَقًّا فِي السَّمَاءِ وَعِلمُهُ
سُبحَانَهُ حَقًّا بِكُلِّ مَكَانِ

فانظُر إِلَى التفرِيقِ بَينَ الذَّاتِ وال
معلُومِ مِن ذَا العَالِمِ الربَّانِي

فالذَّاتُ خُصَّت بالسَّمَاءِ وإنَّمَا ال
مَعلُومُ عَمَّ ذِي الأكوَانِ

ذَا ثَابتٌ عَن مَالِكٍ مَن رَدَّهُ
فَلَسَوفَ يَلقَى مَالِكًا بِهَوَانِ

وَكَذاكَ قَالَ التِّرمِذِيُّ بِجَامِعٍ
عَن بَعضِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

الله فَوقَ العرشِ لَكِن عِلمُهُ
مَع خَلقِهِ تَفسِيرَ ذِي إِيمَانِ

وَكَذَاكَ أوزَاعِيُّهُم أيضًا حَكَآ
عَن سَائِرِ العُلَمَاءِ فِي البُلدَانِ

مِن قَرنِه والتَّابِعِينَ جَمِيعِهِم
مُتَوافِرِينَ وَهُم أولُو العِرفَانِ

إيمانُهُم بعُلُوِّهِ سُبحَانَهُ
فَوقَ العِبَادِ وَفَوقَ ذِي الأكوَانِ

وَكَذَاكَ قَالَ الشَّافِعِي حكَاه عَن
هُ البيهَقِيُّ وشيخُهُ الرَّبَّانِي

حَقًّا قَضَى الله الخِلاَفَةَ رَبُّنَا
فَوقَ السَّمَاءِ لأصدَقِ العُبدَانِ

حِبُّ الرَّسُولِ وقَائِمٌ مِن بَعدِهِ
بالحَقِّ لاَ فَشِلٌ وَلاَ مُتَوَانِ

فانظُر إِلى المقضِيِّ فِي ذِي الأرضِ لَ
كِن فِي السَّمَاءِ قَضَاءُ ذِي السُّلطَانِ

وَقَضَاؤهُ وَصفٌ لَهُ لَم يَنفَصِل
عَنه وَهَذا وَاضِحُ البُرهَانِ

وَكَذَلِكَ النُّعمَانُ قَالَ وَبَعدَهُ
يَعُقُوبُ والألفَاظُ للنُّعمَانِ

مَن لَم يُقِرَّ بِعَرشِهِ سُبحَانَهُ
فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَيُقرّ أنَّ اللهَ فوقَ العرشِ لاَ
يَخفَى عَلَيهِ هَواجسُ الاِذهَانِ

فَهوَ الَّذِي لاَ شَكَّ فِي تَكفِيرِه
لله دَرُّكَ مِن إمَامِ زَمَانِ

هَذَا الذي فِي الفِقهِ الأكبَرِ عِندَهُم
وَلَهُ شُرُوحٌ عِدَّةٌ لِبَيَانِ

وانظُر مَقَالاَتِ أحمَدٍ وَنُصُوصَهُ
فِي ذَاكَ تَلقَاهَا بِلاَ حُسبَانِ

فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بعُلُوِّهِ
وَبِالاستِوَا والفَوقِ للرَّحمنِ

ولَهُ نُصُوصٌ وَارِدَاتٌ لَم تَقَع
لِسِوَاهُ مِن فُرسَانِ هَذَا الشَّانِ

إذ كَانَ مُمتَحَنًا بِأعدَاءِ الحَدي
ثِ وَشِيعَةِ التَّعطِيلِ والكُفرَانِ

وإذا أردتََ نُصُوصَهُ فانظُر إِلَى
مَا قَد حَكَى الخَلاَّلُ ذُو الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ إسحَاقُ الإِمَامُ فَإنَّهُ
قَد قَالَ مَا فِيهِ هُدَى الحيرَانِ

وابنُ المبَاركِ قَالَ قَولًا شَافِيًا
إنكَارُهُ عَلَمٌ عَلَى البُهتَانِ

قَالُوا لَهُ مَا ذَاكَ نَعرِفُ رَبَّنَا
حَقًّا بِهِ لنَكُونَ ذَا إيمَانِ

فأجَابَ نَعرفُهُ بوَصفِ عُلُوِّهِ
فَوقَ السَّمَاءِ مُبَايِنَ الأكوَانِ

وَبِأنَّهُ سُبحَانَهُ حَقًّا عَلَى ال
عَرشِ الرَّفِيعِ فَجَلَّ ذُو السُّلطَانِ

وَهُوَ الَّذِي قَد شَجَّعَ ابنَ خُزِيمَةٍ
إذ سَلَّ الحَقَّ وَالعِرفَانِ

وَقَضَى بِقَتلِ المنكِرِينَ عُلُوَّهُ
بَعدَ استِتَابَتِهِم مِن الكُفرَانِ

وَبِأنَّهُم يُلقَونَ بَعدَ القَتلِ فَو
قَ مَزَابِلِ المَيتَاتِ والأنتَانِ

فَشَفَى الإِمَامُ العَالِمُ الحًبرُ الَّذِي
يُدعَى إمَامَ أئِمَّةِ الأزمَانِ

وَلَقَد حَكَاهُ الحَاكِمُ العَدلُ الرِّضَى
فِي كُتبهِ عَنهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَحَكَى ابنُ عَبدِ البِرِّ فِي تَمهِيدِهِ
وَكِتَابِ الاستِذكَارِ غَيرَ جَبَانِ

إجمَاعَ أهلِ العِلمِ أنَّ الله فَو
قَ العَرشِ لَم يُنكِرهُ ذُو إيمَانِ

وأتَى هُنَاك بِمَا شَفَى أهلَ الهُدَى
لَكِنَّهُ مَرَضٌ عَلَى العُميَانِ

وَكَذَا عَلِيُّ الأشعَرِيُّ فإنَّهُ
فِي كُتبِهِ قَد جَاءَ بالتِّبيَانِ

مِن مُوجَزٍ وَإبانَةٍ وَمَقَالَةٍ
وَرَسَائِلٍ للثَّغرِ ذَاتِ بَيَانِ

وأتَى بِتَقرِيرِ استَواءِ الرَّبِّ فَو
قَ العرشِ بالإيضَاحِ والبُرهَانِ

وأتَى بِتقرِيرِ العُلوِّ بأحسَنِ التَّ
قرِيرِ فانظُر كُتبَهُ بِعِيَانِ

واللهِ مَا قَالَ المجَسِّمُ مِثلَ مَا
قَد قَالَهُ ذَا العَالِمُ الرَّبَّاني

فارمُوهُ ويحكُمُ بِمَا تَرمُوا بِهِ
هَذَا المُجَسِّمَ يَا أولِي العُدوَانِ

أو لاَ فَقُولُوا أنَّ ثَمَّ حَزَازَةً
وَتَنَفُّسَ الصُّعَدَاءِ مِن حَرَّانِ

فَسَلُوا الإِلهَ شِفَاءَ ذَا الدَّاءِ العُضَا
لِ مُجَانِبِ الإسلاَمِ والإِيمَانِ

وانظُر إِلَى حَربٍ وإجمَاعٍ حَكَى
لله دَرُّكَ مِن فَتًى كَرمَانِ

وانظُر إِلَى قَول ابنِ وَهبٍ أوحدِ ال
عُلَمَاءِ مِثلَ الشَّمسِ فِي الميزَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَ عَبدُاللهِ في
تِلكَ الرِّسَالَةِ مُفصِحًا بِبَيَانِ

مِن أنَّهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ
بالذَّاتِ فَوقَ العَرشِ والأكوَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ الكرجِيُّ فِي
شَرحٍ لِتَصنِيفِ امرِىءٍ رَبَّانِي

وَانظُر إِلَى الأصلِ الذِي هُوَ شَرحُهُ
فَهُمَا الهُدَى لِمُلَدَّدٍ حَيرَانِ

وَانظُر إِلَى تَفسِيرِ عَبدٍ مَا الَّذِي
فِيهِ مِنَ الآثارِ فِي ذَا الشَّانِ

وَانظُر إِلَى تَفسِيرِ ذَاكَ الفاضِلِ الثَّ
بتِ الرِّضى المتَضَلِّعِ الرَّبَّانِي

ذَاكَ الإمَامُ ابنُ الإِمَامِ وَشَيخُهُ
وَأبُوهُ سُفيَانٌ فَرَازيَّانِ

وَانظُر إِلَى النِّسَائِي فِي تَفسِيرِهِ
هُوَ عِندَنَا سِفرٌ جَلِيلُ مَعَانِ

واقرَأ كِتَابَ العَرشِ للعَبسِيِّ وَه
وَ مُحَمَّدُ المولُودُ مِن عُثمَانِ

واقرَأ لمُسنَدِ عَمِّهِ وَمُصَنَّفٍ
أترَاهُمَا نَجمَينِ بَل شَمسَانِ

واقرَأ كِتَابَ الاستِقَامَةِ للرِّضَى
ذَاكَ ابنُ أصرَمَ حَافِظٌ رَبَّانِي

واقرَأ كِتَابَ الحَافِظِ الثِّقَة الرِّضَى
فِي السُّنَّةِ العُليَا فَتَى الشَّيبَانِي

ذَاكَ ابنُ أحمَدَ أوحَدُ الحُفَّاظِ قَد
شَهِدَت لَهُ الحُفَّاظُ بالإِتقَانِ

واقرَأ كِتَابَ الأثرمِ العَدلِ الرِّضَى
فِي السُّنَّةِ الأولَى إمَامَ زَمَانِ

وَكَذَا الإِمَامُ ابنُ الإِمَامِ المرتَضَى
حقَّا أبِي دَاوُدَ ذِي العِرفانِ

تَصنِيفُهُ نَظمًا وَنَثرًا وَاضِحٌ
فِي السُّنَّةِ المُثلَى هُمَا نَجمَانِ

واقرَأ كِتَابَ السُّنة الأولَى الذي
أبدَاهُ مُضطَلِعٌ مِنَ الإِيمَانِ

ذَاكَ النَّبِيلُ ابنُ النَّبِيل كِتَابُهُ
أيضًا نَبِيلٌ وَاضِحُ البُرهَانِ

وانظُر إِلَى قَولِ ابن أسباطَ الرِّضَى
وَانظُر إِلَى قَولِ الرِّضَى سُفيَانِ

وَانظُر إِلَى قَولِ ابنِ زَيد ذَاكَ حَمَّ
دٌ وحَمَّادُ الإِمَامُ الثَّانِي

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى
عُثمَانُ ذَاكَ الدَّارِمي الرَّبَّانِي

فِي نَقضِهِ وَالرَّدِّ يَالَهُمَا كِتَا
بَا سُنَّةٍ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ

هَدَمَت قَوَاعِدَ فِرقَةٍ جَهمِيَّةٍ
خَرَّت سُقُوفُهُمُ عَلَى الحِيطَانِ

وانظُر إِلَى مَا فِي صَحِيحِ مُحَمَّدٍ
ذَاكَ البُخَارِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ

مِن رَدِّهِ مَا قَالَهُ الجَهمِيُّ بِالن
قلِ الصَّحِيحِ الواضِحِ البُرهَانِ

وانظُر إِلَى تِلكَ التَّرَاجِمِ مَا الذِي
فِي ضِمنهَا إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَانظُر مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي الشَّ
رحِ الذِي هُوَ عِندَكُم سِفرَانِ

أعنِي الفقِيهَ الشَّافِعِيَّ اللاَّلكا
ئِيَّ المسدَّدَ نَأصِرَ الإِيمَانِ

وانظُر إلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى التَّ
يمِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَبَيَانِ

ذَاكَ الذِي هُوَ صَاحِبُ الترغيب والتَّر
هِيبِ ممدُوحٌ بِكلِّ لِسَانِ

وانظر إلَى مَا قَالهُ فِي السُّنَةِ ال
كُبرَى سُلَيمَانٌ هَوَ الطَّبرانِي

وانظُر إلى مَا قَالَهُ شَيخُ الهُدَى
يُدعَى بِطَلمَنكِيهُمُ ذُو شَانِ

وانظُر إلَى قَولِ الطَّحَاوِيِّ الرِّضَى
وَأجرهُ مِن تحرِيف ذِي بُهتَانِ

وَكَذَلِكَ القَاضِي أبُوبَكرٍ هو اب
نُ البَاقِلاَنِي قَائِدُ الفُرسَانِ

قَد قَالَ فِي تَمهِيدِهِ وَرَسَائِلٍ
وَالشَّرحِ مَا فِيهِ جَلِيُّ بَيَانِ

فِي بَعضِهَا حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى
لَكِنَّهُ استَولَى عَلَى الأكوانِ

وأتَى بِتَقرِيرِ العُلُوِّ وأبطَلَ ال
لاَّمَ الَّتِي زِيدَت عَلَى القُرآنِ

مِن أوجُهٍ شَتَّى وَذَا فِي كُتبِه
بَادٍ لِمَن كانَت لَهُ عَينَانِ

وَانظُر إلَى قَولِ ابنِ كَلاَّبِ وَمَا
يَقضِي بِهِ لمعَطِّلِ الرَّحمَنِ

أخرِج مِنَ النَّقلِ الصَّحِيحِ وَعَقلِهِ
مَن قَالَ قَولَ الزُّورِ والبُهتَانِ

لَيسَ الإِلَهُ بِدَاخِلٍ فِي خَلقِهِ
أو خَارِجٍ عن جُملةِ الأكوَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّ
فسِيرِ والتَّهذِيبِ قَولَ مَعَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ فِي سُورَةِ ال
أعرَافِ مَع طَهَ وَمَع سُبحَانِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ البَغَوِيُّ فِي
تَفسِيرِهِ والشَّرحِ بِالإحسَانِ

فِي سُورَةِ الأعرَافِ عِندَ الإستِوَى
فِيهَا وَفِي الأولَى مِنَ القُرآنِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ ذُو سُنَّةٍ
وَقِراءَةٍ ذَاكَ الإِمَامُ الدَّانِي

وَكَذَاكَ سُنَّةُ الأصبَهَانِي أبِي الشَّ
يخِ الرِّضَى المستَهلِّ مِن حَيَّانِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ ابنُ سُريجٍ ذَاكَ ال
بَحرُ الخِضَمُّ الشَّافِعِيُّ الثَّانِي

وانظٌر إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى
أعنِي أبَا الخَيرِ الرِّضَى النُّعمَانِ

وَكِتَابُهُ فِي الفِقهِ وَهوَ بَيَانُهُ
يُبدِي مَكَانَتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

وانظُر إِلَى السُّنَنِ الَّتِي قد صَنَّ
فَ العُلَمَاءُ بالآثَارِ والقُرآنِ

زَادَت عَلَى المائَتَينِ مِنهَا مُفرَدًا
أو فَى مِن الخَمسِينَ فِي الحُسبَانِ

مِنهَا لأحمَدَ عِدَّةٌ مَوجُودَةٌ
فِينَا رَسَائِلُهُ إِلَى الإِخوَانِ

واللاَّءِ فِي ضِمنِ التَّصَانِيفِ التِي
شُهِرَت فَلَم تَحتَج إِلى حُسبَانِ

فَكَثِيرَةٌ جِدًّا فَمَن يَكُ رَاغِبًا
فِيهَا يَجِد فِيها هُدَى الحَيرَانِ

أصحَابُهُا هُم حَافِظُوا الإِسلاَمِ لا
أصحَابُ جَهمٍ حَافِظُو الكُفرَانِ

وهُمُ النُّجُومُ لِكُلِّ عَبدٍ سَائِرٍ
يَبغِي الإِلَهَ وَجَنَّةَ الحَيَوَانِ

وَسِوَاهُمُ وَاللهِ قُطَّاعُ الطَّرِي
قِ أئِمَّةٌ تَدعُو إِلَى النِّيرَانِ

مَا فِي الذِينَ حَكَيتُ عَنهُم آنِفًا
مِن حَنبَلِيٍّ وَاحِدٍ بِضَمَانِ

بَل كُلهُم وَاللهِ شِيعَةُ أحمَدٍ
فَأصُولُهُ وأصُولُهُم سِيَّانِ

وَبِذَاكَ فِي كُتبٍ لَهُم قَد صَرَّحُوا
وَأخُو العِمَايَةِ مَا لَهُ عَينَانِ

أتظُنُّهُم لَفظِيَّةً جَهلِيَّةً
مِثلَ الحَمِيرِ تُقَادُ بالأرسَانِ

حَاشَاهُمُ مِن ذَاكَ بَل واللهِ هُم
أهلُ العُقُولِ وَصِحَّةِ الأذهَانِ

فَانظُر إِلَى تَقرِيرِهِم لِعُلُوِّهِ
بِالنَّقلِ وَالمعقُولِ والبُرهَانِ

عَقلاَنِ عَقلٌ بِالنُّصُوصِ مُؤيِّدٌ
وَمُؤيَّدٌ بِالمنطِقِ اليُونَانِ

وَاللهِ مَا استَوَيَا وَلَن يَتَلاَقَيَا
حَتَّى تَشِيبَ مَفَارِقُ الغِربَانِ

أفَتَقذِفُونَ أولاَءِ بَل أضعَافَهُم
مِن سَادَةِ العُلَمَاءِ كُلَّ زَمَانِ

بِالجَهلِ والتَّشِبيهِ وَالتَّجسِيمِ والتَّ
بدِيعِ وَالتَّضلِيلِ وَالبُهتَانِ

يَا قَومَنَا اللهِ فِي إسلاَمِكُم
لاَ تُفسِدُوهُ بِنَخوَةِ الشَّيطَانِ

يا قَومَنَا اعتَبَرُوا بِمَصرَعِ مَن خَلاَ
مِن قَبلِكُم فِي هَذِهِ الأزمَانِ

لَم يُغنِ عَنهُم كِذبُهُم ومِحَالُهُم
وَقِتَالُهُم بِالزُّورِ وَالبُهتَانِ

كلاَّ وَلاَ التَّدلِيسُ وَالتَّلبِيس عِن
دَ النَّاسِ وَالحُكَّامِ وَالسُّلطَانِ

وَبَدَا لَهُم عِندَ انكِشَافِ غِطَائِهِم
مَا لَم يَكُن لِلقَومِ في حُسبَانِ

وبَدَا لَهُم عِندَ انكِشَافِ حَقَائِقِ ال
إيمَانِ أنَّهُمُ عَلَى البُطلاَنِ

مَا عِندَهُم واللهِ غَيرُ شِكَايَةٍ
فَأتُوا بِعِلمٍ وانطِقُوا بِبَيَانِ

مَا يَشتَكِي إِلاَّ الذِي هُوَ عَاجِزٌ
فَاشكُوا لِنَعذركُم إِلَى القُرآنِ

ثُمَّ اسمَعُوا مَا ذَا الذِي يَقضِي لَكُم
وَعَليكُمُ فَالحقُّ فِي الفُرقَانِ

لَبَّستُمُ مَعنَى النُّصُوصِ وَقَولنَا
فَغَدَا لَكُم للِحَقِّ فِي الفُرقَانِ

مَن حَرَّفَ النَّصَّ الصَّريحَ فكَيفَ لاَ
يأتِي بِتَحرِيفٍ عَلَى الإِنسَانِ

يَا قَومُ واللهِ العَظِيمِ أسَأتُمُ
بأئِمَّةش الإِسلاَمِ ظَنَّ الشَّانِ

مَا ذَنبُهُم وَنَبِيُّهُم قَد قَالَ مَا
قَالُوا كَذَلِكَ مُنزِلُ الفُرقَانِ

مَا الذَّنبُ إلا للنصوصِ لَدَيكمُ
إذ جَسَّمَت بَل شَبَّهَت صِنفَانِ

مَا ذنبُ مَن قَد قَالَ مَا نَطَقَت بِهِ
مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلاَ عُدوَانِ

هَذَا كَمَا قَالَ الخَبِيثُ لِصَحبِهِ
كَلبُ الروافِضِ أخبَتثِ الحَيَوَانِ

لَمَّا أفاضُوا فِي حديث الرَّفضِ عِن
دَ القَبرِ لا تَخشَونَ مِن إنسَانِ

يا قَومُ أصلُ بلائِكُم ومُصَابِكُم
مِن صَاحِبِ القَبرِ الذِي تَرَيَانِ

كَم قَدَّم ابنُ أبِي قُحَافَةَ بَل غَدَا
يُثنِي عَلَيهِ ثَناءَ ذِي شُكرَانِ

وَيقُولُ فِي مَرَضِ الوفاءِ يَؤمُّكُم
عَنِّي أبُو بكرٍ بلاَ رَوغَانِ

وَيَظَلُّ يمنَعُ مِن إمَامَةِ غَيرِهِ
حَتَّى يُرَى فِي صَورَةٍ الغضبَانِ

ويقولُ لَو كُنتُ الخليلَ لِوَاحدٍ
فِي النَّاسِ كَانَ هو الخَلِيلَ الدَّانِي

لَكنَّه الأخ والرفيقُ وصَاحِبِي
ولَه عَلَينَا مِنَّةُ الإحسَانِ

وَيقُولُ للصِّدِّيق يَومَ الغَارِ لا
تَحزَن فَنحنُ ثَلاثَةٌ لاَ اثنَانِ

اللهُ ثَالِثُنَا وتِلكَ فَضِيلةٌ
مَا حَازَهَا إلاَّ فَتَى عُثمَانِ

يَا قومُ مَ ذنبُ النَّواصِبِ بَعدض ذَا
لَم يَدهَكُم إلاَّ كَبِيرُ الشَّانِ

فَتَفَرَّقَت تِلكَ الرَّوَافِضُ كلُّهُم
قَد أطبقَت أسنَانَهُ الشَّفتَانِ

وَكَذلِكَ الجَهمِيُّ ذَاكض رَضِيعُهُم
فَهُمَا رَضِيعَا كُفرِهِم بِلبَانِ

ثَوبَانِ قَد نُسِجَا عَلَى المِنوَالِ يَا
عُريَانُ لاَ تَلبَس فَمَا ثَوبَانِ

والله شرٌّ مِنهُمَا فَهُمَا عَلَى
أهلِ الضَّلاَلَةِ والشَّقَا عَلَمَانِ

هَذَا وَسَابِعُ عَشرِهَا إخبَارُه
سُبحَانَهُ فِي حُكَمِ القُرآنِ

عَن عَبدِهِ مُوسَى الكَلِيمِ وَحَربِهِ
فِرعَونَ ذِي التكذِيبِ والطُّغيَانش

تَكذِيبُه مُوسَى الكَلِيمِ بِقَولِهِ
الله رَبِّي فِي السَّمَا نَبَّاني

وَمِنَ المَصَائِبِ قَولُهُم إنَّ اعتِقَا
دَ الفوقِ مِن فِرعَونَ ذِي الكُفرانِ

فَإذَا اعتقَدتُم هَذَا فاشيَاعٌ لَهُ
أنتُم وَذَا مِن أعظَمِ البُهتَانِ

فاسمَع إذَا مَن ذَا الذِي أولَى بِفِر
عَونَ المعطِّلِ جَاحِدِ الرَّحمنِ

وَانظُر إِلَى مَا جَاءَ فِي القَصَصِ التِي
تَحكِي مَقَالَ إمَامِهِم بِبَيَانِ

واللهُ قَد جَعَل الضَّلاَلَةَ قُدوةً
بِأئِمَّةٍ تَدعُو إِلَى النِّيرَانِ

فإمَامُ كًلِّ مُعَطَّلٍ فِي نَفيهِ
فِرعَونُ مَع نَمرُودَ مَع هَامَانِ

طَلَبَ الصُّعُودَ إلَى السَّمَاءِ مُكَذِّبًا
مُوسَى وَرَامَ الصَّرحَ بالبُنيَانِ

بَل قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ فِي زَعمِهِ
فَوقَ السَّمَاءِ الرَّبُّ ذُو السُّلطَانِ

فَابنُوا لِيَ الصَّرحَ الرَّفِيعَ لَعَلَّنِي
أرقَى إليهِ بِحِيلَةِ الإِنسَانِ

وأظنُّ مُوسَى كَاذِبًا فِي قَولِهِ
اللهُ فَوقَ العَرشِ ذُو السُّلطَانِ

وَكذَاك كذَّبَهُ بأنَّ إلهَهُ
نَادَاهُ بالتَّكليمِ دُونَ عِيَانِ

هُوَ أنكَرَ التَّكلِيمَ وَالفَوقِيَّةَ ال
عُليَا كَقولش الجَهمِ ذِي صَفوَانِ

فَمنِ الذِي أولَى بِفِرعَونٍ إذًَا
مِنَّا ومِنكُم بَعدَ ذَا التِّبيَانِ

يَا قَومَنَا وَاللهِ إنَّ لِقَولِنَا
ألفٌ تَدُلُّ عَلَيهِ بَل ألفَانِ

عَقلًا وَنَقلًا مَع صَرِيحِ الفِطرَةِ ال
أولَى وَذَوقِ حَلاَوَةِ الإِيمَانِ

كُلٌّ يَدُلُّ بأنَّهُ سُبحَانَهُ
فَوقَ السَّمَاءِ مُبَاينُ الأكوَانِ

أتُرَونَ أنَّا تَارِكُوا ذَا كُلِّهِ
لِجَعَاجِعِ التَّعطِيلِ والهَذَيَانِ

يَا قَوم مَا أنتُم عَلَى شَيءٍ إِلَى
أن تَرجِعُوا للوحي بالإذعَانِ

وتُحَكِّمُوهُ فِي الجَلِيلِ وَدِقِّهِ
تَحكِيمَ تَسلِيمٍ مَعَ الرضوَانِ

قَد أقسَمَ اللهُ العَظِيمُ بِنَفسِهِ
قَسَمًا يُبِينُ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ

أن لَيسَ يؤمِنُ مَن يَكُونُ مُحَكِّمًا
غَيرَ الرَّسُولِ الوَاضِحِ البُرهَانِ

بَل لَيسَ يؤمِنُ غَيرُ مَن قَد حَكَّمَ ال
وَحيَينِ حَسبُ فَذَاكَ ذُو إيمَانِ

هَذَا وَمَا ذَاكَ المُحَكِّمُ مُؤمِنًا
إن كَانَ ذَا حَرَجٍ وَضِيقِ بِطَانِ

هَذَا وَلَيسَ بمؤمنٍ حَتَّى يُسَلِّ
مَ للذِي يَقضِي بِهِ الوَحيَانِ

يَا قَومِ باللهِ العَظِيمِ نَشَدتُكُم
وَبِحُرمَةِ الإِيمَانِ والقُرآنِ

هَل حَدَّثَتكُم قَطّ أنفُسُكُم بِذَا
فَسَلُوا نُفُوسَكمُ عَنِ الإِيمَانِ

لَكِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ وجُندَهُ
وَرَسُولَهُ المبعُوثَ بِالقُرآنِ

هُم يَشهَدُونَ بأنكُم أعدَاءُ مَن
ذَا شَأنُهُ أبَدًا بِكُلِّ زَمَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ كَانَ أحمَدُ خصمُكُم
أعنِي ابنَ حَنبَلٍ الرِّضَى الشَّيبَانِي

وَلأَيِّ شَيءٍ كَانَ بَعدُ خُصُومُكُم
أهلَ الحَدِيثِ وَعَسكَرِ القُرآنِ

ولأيِّ شَيءٍ كَانَ أيضًا خَصمُكُم
شَيخ الوجودِ العالمُ الحرَّانِي

أعنِي أبَا العبَّاسِ نَاصِرَ ال
مُختَارِ قَامِعَ سُنَّةِ الشَّيطَانِ

وَاللهِ لَم يَكُ ذَنبُهُ شَيئًا سِوَى
تَجرِيدُهُ للوَحيِ عَن بُهتَانِ

فَتَجَرَّدَ المقصُودُ عَن قَصدٍ لَهُ
فَلِذَاكَ لَم يَنضَف إِلَى إنسَانِ

مَا مِنهُمُ أحدٌ دَعَا لِمَقَالَةٍ
غَيرش الحَدِيثِ ومُقتَضَى الفُرقَانِ

فَالقَومُ لم يدعُوا إِلَى غَيرِ الهُدَى
وَدَعوتُمُ أنتُم لِرأي فَلاَنِ

شَتَّانَ بَينَ الدَّعوَتَينِ فَحَسبُكُم
يَا قَوم مَا بِكُمُ مِنَ الخُذلاَنِ

قَالُوا لنَا لمَّا دَعَونَاهُم إِلَى
هَذَا مَقَالَةُ ذِي هَوى مَلآنِ

ذَهَبَت مَقَادِيرُ الشُّيُوخِ وَحُرمَةُ ال
عُلَمَاءِ بَل عَبَرتهُمُ العَينَانِ

وَتَرَكتُمُ أقوَالَهُم هَدَرًَا وَمَا
أصغَتَ إلَيهَا مِنكُمُ أذُنَانَِ

لَكِن حَفِظنَا نَحنُ حُرمَتَهُم وَلَم
نَعدُ الذِي قَالُوهُ قَدرَ بَنَانِ

يَا قََومِ واللهِ العَظِيمِ كَذَبتُمُ
وَأتَيتُم بِالزُّورِ والبُهتَانِ

وَنَسَبتُمُ العُلَمَاءَ للأمرِ الذِي
هُم مِنهُ أهلُ بَرَاءَةٍ وَأمَانِ

وَاللهِ مَا أوصَوكُمُ أن تَتركُوا
قَولَ الرسُولِ لِقَولِهِم بِلِسَانِ

كَلاَّ وَلاَ فِي كُتبِهِم هَذَا بَلَى
بِالعَكسِ أوصَوكُم بِلاَ كِتمَانِ

إذ قَد أحَاطَ العِلمُ مِنهُم أنَّهُم
لَيسُوا بمعصُومِينَ بالبُرهَانِ

كَلاَّ وَمَا مِنهُم أحَاطَ بِكُلِّ مَا
قَد قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

فَلِذَاكَ أو صَوكُم بأن لاَ تَجعَلُوا
أقوَالَهُم كَالنَّصِّ فِي المِيزَانِ

لَكِن زِنُوهَا بِالنُّصُوصِ فَإن تُوَا
فِقهَأ فَتِلكَ صَحِيحَةُ الأوزَانِ

لَكِنَّكُم قَدَّمتُمُ أقوَالَهُم
أبدًا عَلَى النَّصِّ العَظِيمِ الشَّانِ

واللهِ لاَ لِوَصِيَّةِ العُلَمَاءِ نَفَّ
ذتُم وَلاَ لِوَصِيَّةِ الرَّحمَنِ

وَرَكِبتُمُ الجَهلَينِ ثُمَّ تَركتُم النَّ
صَّينِ مَع ظُلمٍ وَمَع عُدوَانِ

قَلنَا لَكُم فَتَعَلَّمُوا قُلتُم أمَا
نَحنُ الأئمَّةُ فَاضِلُو الأزمَانِ

مَن أينَ وَالعُلَمَاءُ أنتُم فاستَحُوا
أينَ النُّجُومُ مِنَ الثَّرى التَّحتَانِي

لَم يُشبِهِ العُلَمَاءَ إلاَّ أنتُمُ
أشبَهتُمُ العُلَمَاءَ فِي الأذقَانِ

وَاللهُ لاَ علمٌ ولاَ دِينٌ وَلاَ
عَقلٌ وَلاَ بِمُرُوءَةِ الإِنسانِ

عَأمَلتُمُ العُلَمَاءَ حِينَ دَعَوكُمُ
لِلحَقِّ بَل بِالبَغيِ وَالعُدوَانِ

إن أنتُمُ إِلاَّ الذُّبَابُ إِذَا رَأى
طُعمًا فَيَا لِمَسَاقِطِ الذِّبَّانِ

وَإِذَا رَأى فَزَعًا تَطَايَرَ قَلبُهُ
مِثلَ البُغَاثِ يُسَاقُ بِالعِقبَانِ

وَإِذَا دَعَونَاكُم إِلَى البُرهَانِ كَا
نَ جَوَابُكُم جَهلًا بِلاَ بُرهَانِ

نَحنُ المُقَلِّدَةُ الألَى ألفَوا كَذَا
آباءَهُم فِي سَالِفِ الأزمَانِ

قُلنَا فَكَيفَ تُكَفِّرُونَ وَمَا لَكٌم
عِلمٌ بِتَكفِيرٍ وَلاَ إِيمَانِ

إذ أجمَعَ العُلَمَاءُ أنَّ مُقَلِّدًا
للنَّاسِ كَالأعمَى هُمَا أخَوَانِ

وَالعِلمُ مَعرِفَةُ الهُدَى بِدَلِيلِه
مَا ذَاكَ والتَّقلِيدُ مُستَوِيَانِ

حِرنَا بِكُم وَاللهِ لاَ أنتُم معَ ال
عُلَمَاءِ تَنقَادُونَ للبُرهَانِ

كلاَّ وَلاَ مُتَعَلِّمُونَ فَمَن تُرَى
تُدعَونَ نَحسِبُكُم مِنَ الثِّيرَانِ

لَكِنَّهَا وَالله أنفَعُ مِنكُمُ ال
مَعهُودَ مِن بَغيٍ وَمِن عُدوَانِ

نَالَت بِهِم خَيرًا وَنَالَت خَيرٌ وأنفَعُ لِلوَرَى
أنتُم أمِ الثِّيرَانُ بِالبُرهَانِ

فَمِنِ الذِي خَيرٌ وأنفَعُ لِلوَرَى
انتُم أمِ الثِّيرَانُ بِالبُرهَانِ

هَذَا وَثَامِنُ عَشرِهَا تَنزِيهُهُ
سُبحَانَهُ عَن مُوجِبِ النُّقصَانِ

وَعَنِ العُيُوبِ وَمُوجِبِ التمثِيلِ وَالتَّ
شبِيهِ جَلَّ اللهُ ذُو السُّلطَانِ

وَلِذَاكَ نَزَّهَ نَفسَهُ سُبحَانَهُ
عَن أن يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ ثَانِ

أو أن يَكُونَ لَهُ ظَهِيرٌ فِي الوَرَى
سُبحَانَهُ عَن إفكِ ذِي بُهتَانِ

أو أن يُوَلِّي خَلقَهُ سُبحَانَهُ
مِن حَاجَةٍ أو ذِلَّةٍ وَهَوَانِ

أو أن يَكُونَ لَديهِ أصلًا شَافِعٌ
إلاَّ بإذنِ الوَاحِدِ المنَّانِ

وَكَذَاكَ نَزَّهَ نَفسَهُ عَن وَالِدٍ
وَكَذَاكَ عَن وَلَدٍ هُمَا نَسَبَانِ

وَكَذَاك نَزَّهَ نَفسَهُ عَن زَوجَةٍ
وَكَذَاكَ عَن كُفءٍ يكُون مُدَانِ

وَلَقَد أتَى التَّنزِيهُ عَمَّا لَم يُقَل
كَي لاَ يَدُورَ بِخَاطِرِ الإنسَانِ

فانظُر إِلَى التَّنزِيهِ عن طَعمٍ وَلَم
يُنسَب إلَيهِ قَطُّ مِن إنسَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنزِيهُ عَن مَوتٍ وَعَن
نَومٍ وَعَن سِنَةٍ وَعَن غِشيَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنزِيهُ عَن نِسيَانِهِ
وَالرَّبُّ لَم يُنسَب إِلَى نِسيَانِ

وَكَذَلِك التَّنزِيهُ عَن ظُلمٍ وَفِي ال
أفعَالِ عَن عَبَثٍ وَعَن بُطلاَنِ

وَكَذَلكَ التَّنزِيهُ عَن تَعَبٍ وَعَن
عَجزٍ يُنَافِي قُدرَةَ الرَّحمنِ

وَلَقََد حَكَى الرَّحمَنُ قَولًا قَالَه
فِنحَاصُ ذُو البُهتَان وَالكُفرَانِ

إنَّ الإِلهَ هُوَ الفَقِيرُ وَنَحنُ أص
حَابُ الغِنَى ذُو الوُجدِ وَالإِمكَانِ

وَلِذَاكَ أضحَى رَبَّنَا مُستَقرِضًا
أموَالَنَا سُبحَانَ ذِي الإِحسَانِ

وَحَكَى مَقالَةَ قَائِلٍ مِن قَومِهِ
أنَّ العُزَيرَ ابنٌ مِنَ الرَّحمنِ

هَذَا وَمَا القَولاَنِ قَطُّ مَقَالَةٌ
مَنصُورَةٌ فِي مَوضِعٍ وَزَمَانِ

لَكِن مَقَالَةُ كَونِهِ فَوقَ الوَرَى
وَالعَرشِ وَهُوَ مُبَايِنُ الأكوَانِ

قَد طَبَقَت شَرقَ البِلاَدِ وَغَربهَا
وَغَدَت مُقَرَّرَةً لَِذِي الأذهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ لَم يُنَزِّه نَفسَهُ
سُبحَانَهُ فِي مُحكَمِ القُرآنِ

عَن ذِي المَقَالَةِ مَع تَفَاقُمِ أمرِهَا
وَظُهُورِهَا فِي سَائِرِ الأديَانِ

بَل دَائِمًا يُبدِي لَنَا إثبَاتَهَا
وَيُعِيدُهُ بِأدِلَّةِ التِّبيَانِ

لاَ سيَّمَا تِلكَ المقَالَةِ عِندَكُم
مَقرُونَةٌ بِعِبَادَةِ الأوثَانِ

أو أنَّهَا كَمَقَالَةٍ لِمُثَلِّثٍ
عَبدِ الصَّلِيبِ المشرِكِ النَّصرَانِي

إذ كَانَ جسمًا كُلُّ مَوصُوفٍ بِهَا
لَيسَ الإلَهُ مُنَزِّلَ الفُرقَانِ

فَالعَابِدُونَ لِمَن عَلَى العَرشِ استَوى
بالذَّاتِ لَيسُوا عَأبِدِي الدَّيَّانِ

لَكِنَّهُم عُبَّادُ أوثَانٍ لَدَى
هَذَا المعطَّلِ جَاحِِدِ الرَّحمنِ

وَلِذَاكَ قَد جَعَلَ المُعَطِّلُ كُفرَهُم
هُوَ مُقتَضَى المَعقُولِ وَالبُرهَانِ

هَذَا رَأينَاهُ بِكتبِكُمُ وَلَم
نَكذِب عَلَيكُم فِعلَ ذِي البُهتَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ علم يُحذِّر خَلقَهُ
عَنهَا وَهَذَا شَأنُهَا بِبَيَانِ

هَذَا وَلَيسَ فَسَادُهَا بِمُبَيِّنٍ
حَتَّى يُحَالَ لَنَا عَلَى الأذهَانِ

وَلِذَاكَ قَد شَهِدَت أفَاضِلُكمُ لَهَا
بِظُهُورِهَا لِلوَهمِ في الإِنسَانِ

وَخَفَاءُ مَا قَالُوهُ مِن نَفيٍ عَلَى ال
أذهَانِ بَل تَحتَاجُ لِلبُرهَانِ

هَذَا وَتَاسِعُ عَشرِهَا إلزَامُ ذِي التَّ
عطِيلِ أفسَدَ لاَزمٍ بِبَيَانِ

وَفَسَادُ لاَزِمِ قَولِهِ هُوَ مُقتضٍ
لِفَسَادِ ذَاك القَولِ بِالبُرهَانِ

فَسَلِ المعطِّلَ عَن ثَلاَثِ مَسَائِلٍ
تَقضِي عَلَى التعطِيلِ بِالبُطلاَنِ

مَاذَا تقُولُ أكَانَ يَعرِفُ رَبَّهُ
هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العِرفَانِ

أم لاَ وَهَل كَانَت نَصِيحَتُهُ لَنَا
كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيسَ بالخَوَّانِ

أم لاَ وَهَل حَازَ البلاغَةَ كُلَّهَا
فَاللَّفظُ وَالمعنَى لَهُ طَوعَانِ

فَإِذَا انتَهَت هَذِي الثلاثَةُ فِيهِ كَا
مِلَةً مُبَرَّأةً مِنَ النُّقصَانِ

فَلأِيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتِمًا
لِلنَفي وَالتعطِيلِ فِي الأزمَانِ

بَل مُفصِحًا بِالضِّدِّ مِنهُ حَقِيقَةَ ال
إفصَاحِ مُوضَّحَةً بكلِّ بَيَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ لَم يُصَرِّح بِالذِي
صَرَّحتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحمَنِ

ألِعَجزِهِ عَن ذَاكَ أم تَصِيرِهِ
فِي النُّصحِ أم لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ

حَاشَاهُ بَل ذَا وَصفُكُم يَا أمَّةَ التَّ
عطِيلِ لاَ المبعُوثِ بالقُرآنِ

وَلأيِّ شَيءٍ كَانَ يَذكُر ضِدَّ ذَا
فِي كُلِّ مُجتَمَعٍ وكُلِّ زَمَانِ

أتَرَاهُ أصبَحَ عَاجِزًا عَن قَولِهِ اس
تَولَى وَيَنزِلُ أمرُهُ وَفُلاَنِ

وَيَقُولُ أينَ الله يَعنِي مَن بِلَف
ظِ الأينِ هَل هَذَا مِنَ التِّبيَانِ

وَاللهِ مَا قَالَ الأئِمَّةُ كُلَّ مَا
قَد قَالَهُ مِن غَير مَا كِتمَان

وَغَدَت بَصَائِرُهُم كَخُفَّاشٍ أتَى
ضَوءُ النهَأرِ فَكَفَّ عَن طَيَرَانِ

حَتَّى إِذَا مَا اللَّيلُ جَاءَ ظَلاَمُهُ
أبصَرتَهُ يَسعَى بِكُلِّ مَكَانِ

وَكَذَا عُقُولُكُمُ لَو استَشعَرتُمُ
يَا قَومُ كالحَشَرَاتِ والفِيرَانِ

أنِسَت بإيحَاشِ الظَّلاَمِ وَمَا لَهَا
بِمَطَالِعِ الأنوَارِ قَطُّ يَدَانِ

لَو كَانَ حَقًّا مَا يَقُولُ معَطِّلٌ
لِعُلُوِّهِ وَصِفَاتِهِ الرَّحمنِ

لَزِمَتكُمُ شُنَعٌ ثَلاَثٌ فَارتَؤُوا
أو خَلَّةٌ مِنهُنَّ أو ثِنتَانِ

تَقدِيمُهُم فِي العِلمِ أو فِي نُصحِهِم
أو فِي البَيَانِ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

إن كَانَ مَا قَد قلتُمُ حقًّا فَقَد
ضَلَّ الوَرَى بالوَحي والقُرآنِ

إذ فِيهِمَا ضِدُّ الذِيي قُلتُمُ وَمَا
ضِدَّانِ فِي المعقُولِ يَجتَمِعَان

بَل كَانَ أولَى أن يُعَطَّلَ مِنهُمَا
ويُحَالَ فِي عِلمٍ وفِي عرفَانِ

إمَّا عَلَى جَهمٍ وَجَعدٍ أو عَلى النَّ
ظَّامِ أو ذِي المذهَبِ اليُونَانِ

وَكَذَاكَ أتبَاعٌ لَهُم فَقعُ الفَلاَ
صُمٌّ وَبكمٌ تَابعو العُميَانِ

وَكَذَاكَ أفراخُ القَرامِطَةِ الألَى
قَد جَاهَرُوا بِعَداوَةِ الرَّحمنِ

كَالحَاكمِيَّةِ والألَى وَالوهُمُ
كَأبِي سَعِيدٍ ثُمَّ آلِ سِنَانِ

وَكَذَا ابنُ سِينَا والنَّصيرُ نصيرُ أه
لِ الشِّركِ وَالتكذِيبِ والكُفرَانِ

وَكَذَاكَ أفراخُ المجُوسِ وشِبهُهُم
وَالصَّابِئينِ وَكُلِّ ذِي بُهتَانِ

إخوَانُ إبلِيسَ اللعِينِ وجُندُهُ
لاَ مَرحَبًا بِعَسَاكِرِ الشَّيطَانِ

أفَمَن حَوَالَتُهُ عَلَى التنزِيل وال
وَحي المبينِ ومُحكمِ القُرآنِ

كَمُحَيَّرٍ أضحَت حَوَالَتُهُ عَلَى
أمثَالِهِ أم كَيفَ يَستَوِيَانِ

أم كَيفَ يشعُرُ تَائِهٌ بمُصَابِهِ
وَالقَلبُ قَد جُعِلَت لَهُ قُفلاَنِ

قُفلٌ مِنَ الجَهلِ المُرَكَّبِ فَوقَهُ
قُفلُ التَعصُّبِ كَيفَ يَنفَتِحضانِ

وَمَفََاتحُ الأقفَالِ فِي يَدِ مَن لَه الت
صرِيفُ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّأنِ

فَاسألهُ فَتحَ القُفلِ مجتهدًا عَلى ال
أسنَانِ إنَّ الفَتحَ بالأسنَانِ

هَذَا وَخَاتِمُ هذه العِشرينَ وَجهًا
وَهوَ أقرَبُهَا إلَى الأذهَانِ

سَردُ النُّصُوصِ فإنَّهَا قَد نَوَّعَت
طُرقَ الأدِلَّةِ فِي أتَمِّ بَيَانِ

وَالنَّظمُ يَمنَعُنِي مِنَ استِيفَائِهَا
وَسَياقَةُ الألفَاظِ بالميزَانِ

فأشِيرُ بَعضَ إشَارَةٍ لِمَوَاضِعٍ
مِنهَا وَأينَ البَحرُ مِن خِلجَانِ

فاذكُر نُصُوصَ الإِستِوَاءِ فإنَّهَا
فِي سَبعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ

واذكر نُصُوصَ الفوقِ أيضًا فِي ثَلاَ
ثٍ قَد غَدَت مَعلُومَةَ التِّبيَانِ

واذكُر نُصُوصَ عُلُوِّهِ فِي خَمسَةٍ
مَعلُومةٍ بَرِئَت مِنَ النُّقصَانِ

واذكُر نُصُوصًا فِي الكِتَابِ تَضَمَّنت
تَنزِيلَهُ مِن رَبِّنَا الرَّحمنِ

فَتضَمَّنَت أصلَين قَامَ علَيهِمَا ال
إسلاَمُ والإِيمَان كالبُنيَانِ

كَونَ الكِتَابِ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
وَعُلُوَّهُ مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ

وَعِدَادُهَا سَبعُونَ حِينَ تُعَدُّ أو
زادَت عَلَى السَّبعِينَ فِي الحُسبَانِ

واذكُر نُصُوصًا ضُمِّنَت رَفعًا وَمِع
رَاجًا وَإصعَادًا إلَى الدَّيَّانِ

هِيَ خَمسَةٌ مَعلُومَةٌ بِالعَدِّ وَال
حُسبَانِ فاطلُبهَا مِنَ القُرآنِ

وَلَقَد أتَى فِي سُورَةِ المُلكِ التِي
تُنجِي لِقَارِئِهَا مِنَ النِّيرَانِ

نَصَّانِ أنَّ الله فَوقَ سَمَائِهِ
عِندَ المُحرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ

وَلَقَد أتَى التَّخصِيصُ بالعِندِ الذِي
قُلنَا بِسَبعٍ بَل أتَى بِثَمَانِ

مِنهَا صَرٍيحٌ مَوضِعَانِ بِسُورَةِ ال
أعرَافِ ثُمَّ الانبِياءِ الثَّانِي

فَتَدَبَّرِ النَّصينِ وانظُر مَا الذِي
لِسَواهُ ليسَت تَقتَضِي النَّصَّانِ

وَبِسُورَةِ التحرِيمِ أيضًا ثَالِثٌ
بَادِي الظُّهورِ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

ولَدَيهِ فِي مُزَّمِّلٍ قَد بَيَّنَت
نَفسَ المُرَادِ وَقُيِّدَت بِبَيَانِ

لاَ تَنقُضِ البَاقِي فَمَا لمعَطِّلٍ
مِن رَاحَةٍ فِيهَا وَلاَ تِبيَانِ

وَبِسُورَةِ الشُّورَى وَفِي مُزَّمِّلٍ
سِرٌّ عَظيمٌ شَأنُهُ ذُو شَانِ

فِي ذِكرِ تَفطِيرِ السَّمَاءِ فَمَن يُرِد
عِلمًا بِهِ فَهُوَ القَرِيبُ الدَّانِي

لَم يَسمَعِ المتَأخِّرُونَ بِنَقلِهِ
جُبنًا وَضُعفًا عَنهُ فِي الإِيمَانِ

بَل قَالَهُ المُتقدِّمُونَ فَوارِصُ ال
إسلامِ هُم أمَراءُ هَذَا الشَّانِ

وَمحَمَّدُ بنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ فِي
تَفسِيرِهِ حُكِيَت بِهِ القَولاَنِ

هَذَا وَحَادِيهَا وَعِشرِينَ الذِي
قَد جَاء فِي الأخبَارِ وَالقُرآن

إتيانُ ربِّ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَمَجِيئُهُ لِلفَصلِ بِالمِيزَانِ

فانظُر إلَى التقسِيمِ وَالتَّنوِيع فِي ال
قُرآنِ تُلفِيهِ صَرِيحَ بَيَانِ

إنَّ المَجيءَ لِذَاتِهِ لاَ أمرِهِ
كَلاَّ وَلاَ مَلِكٍ عَظِيمِ الشَّانِ

إذ ذانِك الأمرَانِ قَد ذُكِرا وَبَي
نَهُمَا مَجِيءُ الرَّبِّ ذِي الغُفرَانِ

والله مَا احتملَ المجِيءُ سِوَى مَجِي
ءِ الذَّاتِ بَعدَ تَبَيُّنِ البُرهَانِ

مِن أينَ يأتِي يا أولِي المعقُولِ إن
كُنتُم ذَوِي عَقلٍ مَعَ العِرفَانِ

مِن فوقِنَا أو تَحتِنَا وأمَامِنَا
أو عَن شَمائِلنَا وَعَن أيمَانِ

واللهِ لاَ يَأتِيهُمُ مِن تَحتِهِم
أبَدًا تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

كَلاَّ وَلاَ مِن خَلفِهِم وَأمَامِهِم
وَعَنِ الشَّمَائِلِ أو عَنِ الأيمَانِ

واللهِ لاَ يَأتِيهُم إلاَّ مِنَ ال
عُلو الذِي فَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَاذكُر حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ تَضَمَّنَت
كَلِمَاتُهُ تَكذِيبَ ذِي البُهتَانِ

لَمَّا قَضَى الله الخَلِيقَةَ ربُّنَا
كَتَبت يَدَاهُ كِتَابَ ذِي الإِحسَانِ

وَكِتَابُهُ هَوَ عِندَهُ وَضعٌ عَلى ال
عَرشِ المجِيدِ الثَّابِتِ الأركَانِ

إنِّي أنَا الرَّحمنُ تَسبِقُ رَحمَتِي
غَضَبِي وَذَاكَ لرأفتِي وَحَنَاني

وَلَقَد أشَارَ نَبِيُّنَا فِي خُطبَةٍ
نَحوَ السَّمَاءِ بِأصبُعِ وَبَنَانِ

مُستَشهِدًا رَبَّ السَّمَواتِ العُلَى
لِيَرَى وَيَسمَعَ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ

أتُرَاهُ أمسَى للسَّمَا مُستَشهِدًا
أم للذِي هُو ذِي الأكوَانِ

وَلَقَد أتَى فِي رُقيَةِ المَرضَى عَنِ ال
هَادِي المُبِينِ أتمُّ مَا تِبيَانِ

نَصٌّ بِأنَّ اللهَ فَوقَ سَمَائِهِ
فَاسمَعهُ إن سَمَحَت لَكَ الأُذُنَانِ

وَلَقَد أتَى خَبَرٌ رَوَاهُ عَمُّه ال
عَبَّاسُ صِنوُ أبيهِ ذُو الإِحسَانِ

أن السَّمَواتِ العُلَى مِن فَوقِهَا ال
كرسِي عَلَيهِ العَرشُ للرَّحمَنِ

والله فَوقَ العَرشِ يُبصِرُ خَلقَهُ
فَانظُرهُ إن سَمَحَت لَكَ العَينَانِ

واذكُر حَدِيثَ حُصَينٍ بنِ المنذر الثِّ
قَةِ الرِّضَى أعنِي أبَا عِمرَانِ

إذ قَالَ رَبِّي فِي السَّمَاءِ لِرَغبَتِي
وَلِرَهبَتِي أدعُوه كُلَّ أوَانِ

فأقَرَّهُ الهَادِي البشيرُ وَلَم يَقُل
أنتَ المُجَسِّمُ قَائِلٌ بِمَكَانِ

حَيَّزتَ بَل جَهَّيتَ بَل شَبَّهتَ بَل
جَسَّمتَ لَستَ بعَارِفِ الرَّحمنِ

هَذي مَقَالَتُهُم لِمَن قَد قَالَ مَا
قَد قَالَهُ حَقًّا أبُو عمرَانِ

فَاللهُ ياخُذُ حَقَّهُ مِنهُم وَمِن
أتبَاعِهِم فَالحَقُّ للرَّحمنِ

وَاذكر شَهَادَتَهُ لِمَن قَد قَال رَب
ي فِي السَّمَا بحَقِيقَةِ الإِيمَانِ

وَشَهَادَةَ العَدلِ المعَطِّلِ للذِي
قَد قَالَ ذَا بِحَقِيقَةِ الكُفرَانِ

وَاحكُم بأيِّهِمَا تَشَاءُ وَإنَّنِي
لأراكَ تَقبَلُ شَاهِدَ البُطلاَنِ

إن كُنتَ مِن أتبَاعِ جَهمٍ صَاحِب التَّ
عطِيلِ وَالبُهتَانِ وَالعُدوَانِ

واذكُر حَدِيثًا لابن إسحَاقَ الرضَى
ذَاكَ الصَّدُوقُ الحَافِظُ الرَّبَّانِي

فِي قِصِّةَ استِسقَائِهِم يَستَشفِعُو
نَ إِلَى الرَّسُولش بربِّهِ المنَّانِ

فاستعظَمَ المُختَارُ ذَاكَ وقَالَ شَأ
نُ الله رَبِّ العَرشِ أعظَمُ شَانِ

اللهُ فَوقَ العَرشِ فَوقَ سَمَائِهِ
سُبحَانَ ذِي المَلَكُوتِ والسُّلطَانِ

وَلِعَرشِهِ مِنه أطِيطٌ مِنلَ مَا
قَد أطَّ رَحلُ الراكِبِ العَجلاَنِ

للَّهِ مَا لَقِي ابن اسحَاق مِنَ ال
جَهمِييِّ إذ يَرميهِ بالعُدوَانِ

وَيظَلُ يَمدَحُهُ إذَا كَانَ الذِي
يَروِي يُوَافِقُ مَذهَبَ الطَّعَّانِ

كم قَد رَأينَا مِنهمُ أمثَالَ ذَا
فَالحُكم للَّهِ العَلِيِّ الشَّانِ

هَذَا هُو التطفِيفُ لا التَّطفِيفُ فِي
ذَرعٍ وَلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

واذكر حَدِيثَ نُزُولِهِ نِصفَ الدُّجَى
فِي ثُلثِ لَيلٍ آخرٍ أو ثَانِ

فَنُزُولُ رَبٍّ لَيسَ فَوقَ سَمَائِهِ
فِي العَقلِ مُمتَنِعٌ وَفِي القُرآنِ

واذكُر حَدِيثَ الصَّادِقِ ابنِ رَوَاحَةٍ
فِي شأنِ جَاريةٍ لَدَى الغِشيَانِ

فِيهِ الشَّهَادَةُ أنَّ عرشَ الله فَو
قَ الماءِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

وَاللهُ فَوقَ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُه
سُبحَانَهُ عَن نَفي ذِي البُهتَانِ

ذَكَرَ ابنُ عَبدِ البَرِّ فِي استِيعَابِه
هَذَا وَصَحَّحَهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَحَديثُ مِعراَجِ الرَّسُولِ فَثَابِتٌ
وَهُوَ الصَّرِيحُ بِغَايَةِ التِّبيَانِ

وإلَى إلهِ العَرشِ كَانَ عُروجُهُ
لَم يَختَلِف مِن صَحبِهِ رَجَلاَنِ

وَاذكُر بقصَّةِ خَندِقٍ حُكمًا جَرَى
لِقُرَيظَةٍ مِن سَعدٍ الرَّبَّانِي

شَهِدَ الرَّسُولُ بأنَّ حُكمَ إلهَنا
مِن فَوقِ سَبعٍ وِفقُهُ بِوزَانِ

وَاذكُر حَدِيثًا للبَرَاءِ رَوَاهُ أص
حَابُ المَسانِدِ مِنهُمُ الشَّيبَانِي

وأبُو عَوَانَةَ ثُمَّ حَاكِمُنَا الرِّضَى
وَأبُو نُعَيمِ الحَافِظُ الرَّبَّانِي

قَد صَحَّحُوهُ وَفِيهِ نصٌّ ظَاهِرٌ
مَا لَم يُحرِّفهُ أولُو العُدوَانِ

فِي شأنِ رُوحِ العَبدِ عِندَ وَدَاعِهَا
وَفِرَاقِهَا لِمَسَاكِنِ الأبدَانِ

فَتَظَلُّ تَصعَدُ فِي سَمَاءِ فَوقَهَا
أخرَى إلَى خَلاَّقِهَا الرَّحمنِ

حَتَّى تَصِيرَ إِلَى سَمَاءٍ رَبُّهَا
فِيهَا وَهَذَا نَصُّهُ بأمَانِ

واذكُر حَدِيثًا فِي الصَّحِيح وفيه تَح
ذِيرٌ لِذَاتِ البَعلِ من هِجرَانِ

مِن سُخطِ رَبٍّ فِي السَّمَاءِ عَلَى التِي
هَجَرَت بِلاَ ذَنبٍ وَلاَ عُدوَانِ

واذكُر حَدِيثًا قَد رَواهُ جَابِرٌ
فِيهِ الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإِيمَانِ

في شأن أهلِ الجَنَّةِ العُليَا وَمَا
يَلقَونَ مِن فَضلِ وَمِن إحسَانِ

بَينَاهُمُ فِي عَيشِهِم وَنَعِيمِهِم
وَإذَا بِنُورٍ سَاطِعِ الغِشيَانِ

لَكِنهُم رَفَعُوا إليهِ رُؤوسَهُم
فَإذَا هُوَ الرَّحمنُ ذُو الغُفرَانِ

فيُسلِّمُ الجَبَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ
حَقًّا عَلَيهِم وَهوَ ذُو الإِحسَانِ

وَاذكُر حَدِيثًا قَد رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
طَريقُهُ فيهِ أبُو اليَقظَانِ

فِي فَضلِ يَومِ الجُمعَةِ اليَومِ الذِي
بِالفَضلِ قَد شَهِدَت لَهُ النَّصَّانِ

يَومُ استِوَاءِ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُه
حقًّا عَلَى العَرشِ العَظيمِ الشَّانِ

وَاذكُر مَقَالَتَهُ ألَستُ أمِينَ مَن
فَوقَ السَّمَاءِ الوَاحِدِ المَنَّانِ

واذكُر حَدِيثَ أبِي رَزِينٍ ثُمَّ سُق
هُ بِطُولِهِ كَم فِيهِ مِن عِرفَانِ

وَاللهِ مَا لمعطِّلٍ بِسَمَاعِهِ
أبَدًا قُوًى إِلاَّ عَلَى النُّكرَانِ

فأصُولُ دِينِ نبينَا فِيه أتَت
فِي غَايَةِ الإِيضاحِ والتبيَانِ

وبطُولِهِ قَد سَاقَهُ ابنُ إمَامِنَا
فِي سُنَّةٍ والحَافِظُ الطَّبَرَانِي

وَكَذَا أبُوبَكرٍ بِتَارِيخٍ لَهُ
وَأبُوه ذَاكَ زَهَيرٌ الرَّبَّانِي

واذكُر كَلامَ مُجَاهِدٍ فِي قَولِهِ
أقِمِ الصَّلاَةِ وَتِلكَ فِي سُبحَانِ

فِي ذِكرِ تَفسِيرِ المَقَامِ لأحمَدٍ
مَا قِيلَ ذَا بِالرَّأي وَالحُسبَانِ

إن كَانَ تَجسِيمًا فَإنَّ مُجَاهِدًا
هُوَ شَيخُهُم بَل شَيخُهُ الفَوقَانِي

وَلَقَد أتَى ذِكرُ الجُلُوسِ بِهِ وَفِي
أثَرٍ رَوَاهُ جَعفَرُ الرَّبَّانِي

أعنِي ابنَ عَمِّ نَبِيِّنَا وَبِغَيرِهِ
أيضًا أتَى وَالحَقُّ ذُو بَيَانِ

وَالدارَ قُطنِييُّ الإِمَامُ يَثَبِّتُ ال
آثَارَ فِي ذَا البَابِ غَيرَ جَبَانِ

وَلَهُ قَصِيدٌ ضُمِّنَت هَذَا وَفِي
هَا لَستُ لِلمَروِيِّ ذَا نُكرَانِ

وَجَرَت لِذَلِكَ فِتنَةٌ فِي وَقتِهِ
مِن فِرقَةِ التعطِيلِ والعُدوَانِ

والله نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ
وَرسُولِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

لَكِن بِمِحنَةِ حِزبِهِ مِن حَربِهِ
ذَا حِكمَةٌ مُذ كَانَتِ الفِئَتَانِ

وَقَد اقتَصَرتُ عَلَى يَسيرٍ مِن كثِي
رٍ فَائِتٍ لِلعَدِّ وَالحُسبَانِ

مَا كُلُّ هَذَا قَابِلُ التأويلِ بالت
حرِيفِ فَاستَحيُوا مِنَ الرَّحمَنِ

هَذَا وَأصلُ بَلِيَّةِ الإسلامِ مِن
تَأوِيلِ ذِ التَّحرِيفِ وَالبُطلاَنِ

وَهُوَ الَّذِي قَد فَرَّقَ السَّبعِينَ بَل
زَادَت ثَلاَثًا قَولَ ذِي البُرهَانِ

وَهُو الَّذِي قَتَل الخَليفَةَ جَامَعَ ال
قُرآنِ ذَا النُّورَينِ وَالإِحسَانِ

وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الخَلِيفَةَ بَعدَهُ
أعنِي عَلِيًّا قَاتِلَ الأقرَانِ

وَهُوَ الذِي قَتَلَ الحُسَينَ وَأهلَهُ
فَغَدَوا عَلَيهِ مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

وَهُوَ الذِي فِي يَومِ حَرَّتِهم أبَا
حَ حِمَى المَدِينَةِ مَعقِلَ الإِيمَانِ

حَتَّى جَرَت تِلكَ الدِّمَاءُ كَأنَّهَا
فِي يَومِ عِيدٍ سُنَّةُ القُربَانِ

وَغَدَا لَهُ الحَجَّاجُ يَسفِكُهَا وَيَق
تُلُ صَاحِبَ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

وَجَرى بمَكَّةَ مَا جَرَى مِن أجلِهِ
مِن عَسكَرِ الحَجَّاجِ ذِي العُدوَانِ

وَهُوَ الَّذِي أنشَا الخَوَارِجَ مِثلَمَا
أنشَا الرَّوَافِضَ أخبَثَ الحَيَوَانِ

ولأجلِهِ شَتَمُوا خِيَارَ الخَلقِ بَع
دَ الرُّسلِ بالعُدوَانِ والبُهتَانِ

ولأجلِهِ سَلَّ البُغَاةُ سُيُوفَهُم
ظَنًّا بِأنَّهُم ذَوُو إحسَانِ

وَلأجلِهِ قَد قَالَ أهلُ الإِعتِزَا
لِ مَقَالَةً هَدَّت قُوَى الإيمَانِ

وَلأجلِهِ قَالُوا بأنَّ كَلاَمَهُ
سُبحَانَهُ خَلقٌ مِنَ الأكوَانِ

وَلأجلِ قَد كَذَّبَت بِقَضَائِهِ
شِبهُ المَجُوسِ العَابِدِي النِّيرانِ

وَلأجلِهِ قَد خَلَّدُوا أهلَ الكَبَا
ئِرِ فِي الجَحِيمِ كَعَابِدِي الأوثَانِ

وَلأجلِهِ قَد أنكَرُوا لِشَفَاعَةِ ال
مُختَارِ فِيهِم غَايَة النُّكرَانِ

وَلأجلِهِ ضُرِبَ الإمَامُ بِسَوطِهِم
صِدِّيقُ أهلِ السُّنَّةِ الشَّيبَانِي

وَلأجلِهِ قَد قَال جَهمٌ لَيسَ رَبُّ
العَرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى
والعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمنِ

مَا فَوقَهَا رَبٌّ يُطَاعُ جِبَاهُنَا
تَهوِي لَهُ بِسُجُودِ ذِي خُضعَانِ

وَلأجلِهِ جُحِدَت صِفَاتُ كَمَالِهِ
وَالعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمَنِ

وَلأجلِهِ أفنَى الجَحِيمَ وَجَنَّةَ ال
مأوَى مَقَالَةَ كَاذِبٍ فَنَّانِ

وَلأجلِهِ قَالُوا الإلهُ مُعَطَّلٌ
أزَلًا بِغَيرِ نِهَايَةٍ وَزَمَانِ

وَلأجلِهِ قَد قَالَ لَيسَ لِفِعلِهِ
مِن غَايةٍ هِيَ حِكمَةُ الدَّيَّانِ

وَلأجلِهِ قَد كَذَّبُوا بِنُزُولِهِ
نَحوَ السَّماءِ بِنِصفِ لَيلٍ ثَانِ

وَلأجلِهِ زَعَمُوا الكِتَابَ عِبَارَةً
وحِكَايةً عَن ذَلِكَ القُرآنِ

مَا عِندَنَا شَيءٌ سِوَى المخلُوقِ وَال
قُرآنِ لَم يُسمَع مِنَ الرَّحمَنِ

مَاذَا كَلاَمَ الله قَطُّ حَقِيقَةً
لَكِن مَجَازٌ وَيحَ ذَا البُهتَانِ

وَلأجلِهِ قُتِلَ ابنُ نَصرٍ أحمَدٌ
ذَاكَ الخُزَاعِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ

إذ قَالَ ذَا القُرآنُ نَفسُ كَلاَمِهِ
مَا ذَاكَ مَخلُوقٌ مِنَ الأكوَانِ

وَهُوَ الذِي جَرَّ ابنَ سِينَا والألَى
قَالُوا مَقَالَتهُ على الكُفرَانِ

فتَأوَّلُوا خَلقَ السَّمَوَاتِ العُلَى
وحُدُوثُها بِحَقِيقَةِ الإِمكَانِ

وَتَأوَّلُوا عِلمَ الإِلَهِ وَقَولَهُ
وَصِفَاتِهِ بِالسَّلبِ والبُطلاَنِ

وتَأوَّلُوا البَعثَ الَّذِي جَاءَت بِهِ
رُسُلُ الإِلَهِ بِهَذِهِ الأبدَانِ

بِفرَاقِها لِعَنَاصِرٍ قَد رُكِّبَت
حَتَّى تَعُود بَسِيطَةَ الأركَانِ

وَهُوَ الذِي جَرَّ القَرَامِطَةَ الألَى
يَتَأوَّلُونَ شَرَائِعَ الإِيمَانِ

فَتَأوَّلُوا العَملِيَّ مِثلَ تأوُّلِ ال
عِلمِ عِندكُمُ بِلاَ فُرقَانِ

وَهُو الذِي جَرَّ النَّصِيرَ وَحِزبَهُ
حَتَّى أتَوا بِعَسَاكِرِ الكُفرَانِ

فَجَرَى عَلَى الإِسلاَمِ أعظَمُ مِحنَةٍ
وَخُمَارُهَا فِينَا إلى ذَا الآنِ

وَجَمِيعُ مَا فِي الكَونِ مِن بدَعَ وَأح
دَاثٍ تُخَالِفُ مُوجِبَ القُرآنِ

فأسَاسُهَا التأوِيلُ ذُو البُطلاَنِ لاَ
تأوِيلُ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

إذ قَالَ تَفسِيرُ المُرَانِ وَكَشفُهُ
وَبَيَانُ مَعنَاهُ إلى الأذهَانِ

قَد كَانَ أَعلَمُ خَلقِهِ بِكَلاَمِهِ
صَلَّى عَلَيهِ اللهُ كُلَّ أوَانِ

يَتَأولُ القُرآنِ عِندَ رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ تأوِيلَ ذِي بُرهَانِ

هَذا الذِي قَالَتهُ أمُّ المُؤمني
نَ حِكَايَةً عَنهُ لَهَا بِلِسَانِ

فَانظُر إِلَى التأوِيلِ مَا تَعنِي بِهِ
خَيرُ النِّسَاء وَأفقَهُ النَّسوَانِ

أتَظُّنُّهَا تَعنِي بِهِ صَرفًا عَنِ ال
مَعنَى القَوِيِّ ذِي الرُّجحَانِ

وَانظُر إِلَى التَّأوِيلِ حِينَ يقولُ عَلِّمهُ
لِعَبدِ اللهِ فِي القُرآنِ

مَاذَا أرَادَ بِهِ سِوَى تَفسِيرهِ
وَظُهور معنَاه لهُ بِبَيَانِ

قَولُ ابنِ عَبَّاسٍ هُوَ التَّأوِيلُ لاَ
تأوِيلُ جَهمِيٍّ أخِي بُهتَانِ

وَحَقِيقَةُ التَّأوِيلِ مَعنَاهُ الرُّجُو
عُ إِلَى الحَقِيقَةِ لاَ إِلَى البُطلاَنِ

وَكَذَاكَ تأوِيلُ المَنَامِ حَقِيقَةُ ال
مَرئِي لاَ التَّحرِيفُ بِالبُهتَانِ

وَكَذَاكَ تَأويلُ الذِي قَد أخبَرَت
رُسلُ الإِلَهِ بِهِ مِنَ الإِيمَانِ

نَفسُ الحَقِيقَةِ إذ تُشَاهِدُهَا لَدَى
يَومِ المَعَادِ بِرُؤيَةٍ وَعِيَانِ

لاَ خُلفَ بَينَ أئِمَّةِ التَّفسِير فِي
هَذَا وَذلِكَ وَاضِحُ البُرهَانِ

هَذَا كَلاَمُ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ
وَأئِمةِ التَّفسِيرِ للقُرآنِ

تَأوِيلُهُ هُوَ عِندَهُم تَفسِيرُه
بِالظَّاهِرِ المَفهُومِ للأذهانِ

مَا قَالَ مِنهُم قَطُّ شَخصٌ وَاحِدٌ
تَأوِيلُهُ صَرفٌ عَنِ الرُّجحَانِ

كَلاَّ وَلاَ نَفيُ الحَقِيقَة لاَ وَلاَ
عَزلُ النُّصُوصِ عَنِ اليقينِ فَذَانِ

تَأوِيلُ أهلِ البَاطِلِ المردُود عِن
دَ أئِمةِ العِرفَانِ وَالإِيمَانِ

وَهُوَ الذِي لا شَكَّ فِي بُطلاَنِهِ
وَالله يَقضِي فِيهِ بالبُطلاَنِ

فَجَعَلتُمُ بِلَّفظِ مَعنًى غَيرَ مَع
نَاهُ لَدَيهِم بِاصطِلاَحٍ ثَانِ

وَحَمَلتُمُ لَفظَ الكِتَابِ عَلَيهِ حَتَّ
ى جَاءَكُم مِن ذَاكَ مَحذُورَانش

كَذِبٌ عَلَى الألفَاظِ مَع كَذِبِ علَى
مَن قَالَهَا كَذِبَانٍ مَقبُوحَانِ

وَتَلاَهُمَا أمرَانِ أقبَحُ مِنهَمَا
جَحدُ الهُدَى وَشَهَادةُ البُهتَانِ

إذ يَشهَدُونَ الزُّورَ أنَّ مُرَادَهُ
غَيرُ الحَقِيقَةِ وَهيَ ذُو بُطلاَنش

وَعَلَيكُمُ فِي ذَا وَظَائِفُ أربَعٌ
وَالله لَيسَ لَكُم بِهِنَّ يَدَانِ

مِنهَا دَلِيلٌ صَارِفٌ لِلَّفظِ عَن
مَوضُوعِهِ الأصلِيِّ بِالبُرهَانِ

إذ مُدَّعِي نَفسِ الحَقِيقَةِ مُدَّعٍ
للأصلِ لَم يَحتَج إِلَى بُرهَانِ

فَإِذَا استقَامَ لَكُم دَلِيلُ الصَّرفِ يَا
هَيهَاتَ طُولِبتُم بِأمرٍ ثَانِ

وَهُوَ احتِمَالُ اللَّفظِ لِلمَعنَى الذِي
قُلتُم هُوَ المقصُودُ بِالتِّبيَانِ

فَغِذَا أتيتُم ذَاكَ طُولِبتُم بِأم
رٍ ثَالِثٍ مِن بَعدِ هَذَا الثَّانِي

إذ قُلتُمُ إنَّ المُرَادَ كَذَا فمَا
ذَا دَلَّكُم أتَخَرُّصُ الكُهَّانِ

هَب أنهُ لَم يَقصُدِ الموضُوعَ لَ
كِن قد يكُونُ القَصدُ مَعنًى ثَانِ

غَيرَ الذِي عَيَّنتُمُوهُ وَقَد يَكُو
نُ اللَّفظُ مَقصُوندًا بدُونِ مَعَانِ

كَتَعَبُّدٍ وَتِلاَوَةٍ وَيَكُونُ ذَا
كَ القَصدُ أنفَعَ وَهوَ ذُو إمكَانِ

مِن قَصدِ تَحرِيفٍ لَهَا يُسمَى بِتأ
وِيلٍ مَعَ الأتعَابِ للأذهَانِ

وَاللهِ مَا القَصدَانِ فِي حَدِّ سَوَا
فِي حِكمَةِ المُتَكَلِّمِ المنَّانِ

بَل حِكمَةُ الرَّحمنِ تُبطِلُ قَصدَهُ التَّ
حرِيفَ حَاشَا حِكمَةُ الرَّحمنِ

وَكَذَاكَ تُبطِلُ قصدَهُ إنزَالَهَا
مِن غَير مَعنًى وَاضِحِ التِّبيَانِ

وَهُمَا طَريقَا فِرقَتَين كِلاَهُمَا
عَن مَقصَدِ القرآن مُنحَرِفَانِ

وَأتَى ابنُ سِينا بَعدَ ذَا بِطَرِيقَةٍ
أخرَى وَلَم يأنَف مِنَ الكُفرَانِ

قَالَ المرادُ حَقَائِقُ الألفَاظِ تَخيي
لًا وَتَقرِيبًا إِلَى الأذهَانِ

عَجِزَت عَن الإِدراكِ للمَعقُولِ إلاَّ
فِي مِثَالِ الحِسِّ كَالصِّبيَانِ

كَي يُبرِزَ المعقُولَ فِي صُورٍ مِنَ ال
مَحسُوسِ مَقبُولًا لِذِي الأذهَانِ

فَتَسَلُّطُ التَّأوِيلِ إبطَالٌ لِهَذَا ال
قَصدِ وَهُوَ جِنَايَةٌ مِن جَانِ

هذَا الذِي قَد قَالَهُ مَع نَفيهِ
لِحَقَائِقِ الألفَاظِ فِي الأذهَانِ

وَطَرِيقَةُ التَّأوِيلِ أيضًا قَد غَدَت
مُشتَقَّةً مِن هَذِهش الخِلجَانِ

وَكِلاَهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أن الحَفِي
قَةَ مُنتَفٍ مَضمُونُهَا بِبَيَانِ

لَكِن قَدِ اختَلَفَا فَعِندَ فَرِيقِكُم
مَا إن أُرِيدَت قَطُّ بِالتِّبيَانِ

لَكِنَّ عِندَهُمُ أريدَ ثُبُوتُهَا
فِي الذِّهنِ إذ عُدِمَت مِنَ الإِحسَانِ

إذ ذَاكَ مَصلَحَةُ المخَاطِبِ عِندَهُم
وَطريقَةُ البُرهَانِ أمرٌ ثَانِ

فَكِلاَهُمَا ارتَكَبَا أشَدَّ جِنَايَةٍ
جُنِيَت عَلَى القُرآنِ والإِيمَانِ

جَعَلُوا النُّصُوصَ لأجلِهَا غَرَضًا لَهُم
قَد خَرَّقُوهُ بأسهُمِ الهَذَيَانِ

وَتَسَلَّطَ الأوغَادُ والأوقَاحُ وال
أرذالُ بالتَّحرِيفِ وَالبُهتَانِ

كُلٌ إذَا قَابَلتَهُ بِالنَّصِّ قَا
بَلَهُ بِتَأوِيلٍ بِلاَ بُرهَانِ

وَيقُولُ تَأوِيلِي كَتأوِيلِ الذِي
نَ تَأوَّلُوا فَوقيَّةَ الرَّحمنِ

بَل دونَهُ فَظُهُورُهَا فِي الوَحي بِالنَّ
صَّينِ مِثلُ الشَّمسِ فِي التِّبيَانِ

أيَسُوغُ تَأوِيلُ العُلُوِّ لَكُم وَلاَ
تَتَأوَّلُوا البَاقِي بِلاَ فُرقَانِ

وَكَذَاكَ تَأوِيلُ الصِّفَاتِ مَع أنَّهَا
مِلءُ الحَديثِ وَمِلءُ ذِي القُرآنِ

واللهِ تَأوِيلُ العُلُوِّ أشَدُّ مِن
تَأوِيلِنَا لِقِيَامَةِ الأبدَانِ

وَأشَدُّ مِن تأوِيلِنَا بِحَيَاتِه
وَلِعِلمِهِ وَمَشِيئَةِ الأكوَانِ

وأشدُّ مِن تَأوِيلِنا لِحُدُوثِ هَ
هذَا العَالَم المحسُوسِ بِالإِمكَانِ

وأشَدُّ مِن تَأوِيلِنَا بَعضَ الشَّرَا
ئِعِ عِندَ ذِي الإنصَافِ وَالمِيزَانِ

وأشَدُّ مِن تأوِيلِنَا لِكَلاَمِهِ
بِالفَيضِ مِن فَعَّالِ ذِي الأكوَانِ

وَأشدُّ مِن تأوِيلِ أهلِ الرَّفضِ أخ
بَارَ الفَضَائِلِ حَازَهَا الشَّيخَانِ

وَأشَدُّ مِن تَأوِيلِ كُلِّ مُؤَولٍ
نَصًّا بِأن مُرَادَهُ الوَحيَانِ

إذ صَرَّحَ الوَحيَانِ مَع كُتُبِ الإِلَ
هِ جَميعِهَا بِالفَوقِ للرَّحمَنِ

فَلأيِّ شَيءٍ نَحنُ كُفَّارٌ بِذَا الت
أوِيلِ بَل أنتُم عَلَى الإيمَانِ

إنَّا تَأوَّلنَا وَأنتُم قَد تَأوَّ
لتُم فَهَاتُوا وَاضِحَ الفُرقَانِ

ألَكُم عَلَى تَأوِيلِكُم أجرَانِ حَي
ثُ لَنَا عَلَى تَأويلِنَا وِزرَانِ

هَذِي مَقَالَتُهُم لَكُم فِي كُتبِهِم
مِنهَا نَقَلنَاها بِلاَ عُدوَانِ

رُدُّوا عَلِيهِم إن قَدَرتُم أو فنَحُّ
وا عَن طَريقِ عَسَاكِرِ الإِيمَانِ

لاَ تَحطَمنَّكُم جُنُودهُم كَحَط
م السَّيلِ عما لاَقَى مِنَ الدِّيدَانِ

وَكَذَا نُطَالِبُكُم بِأمرٍ رَابِعٍ
وَاللهِ لَيسَ لَكُم بِذَا إمكَانِ

هُوَ الجَوابُ عَن المُعَارِضِ إذ به الدَّ
عوَى تَتِمُّ سَلِيمَةَ الأركَانِ

لَكِنَّ ذَا عَينُ المَحالِ وَلَو يُسَا
عِدُكم عَلَيهِ رَبُّ كُلِّ لِسَانِ

فَأدِلَّةُ الإِثبَاتِ حَقًّا لاَ يَقُو
مُ لَهَا الجِبَالُ وَسَائِرُ الأكوَانِ

تَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَوَحيُهُ
مَع فِطرَةِ الرَّحمنِ وَالبُرهَانِ

أنَّى يُعَارضُهَا كِنَاسَةُ هَذِهِ ال
أذهَانِ بالشُّبُهَاتِ وَالهَذَيَانِ

وَجَعَاجِعٌ وَفَرَاقِعٌ مَا تَحتَهَا
إلاَّ السَّرابُ لوَارِدٍ ظَمآنِ

فَلتَهنِكُم هَذي العُلُومُ اللاءِ قد
ذُخِرَت لَكُم عَن تَابِعِ الإِحسَانِ

بَل عَن مَشَايِخِهِم جَمِيعًا ثُمَّ وفق
تم لَهَا مِن بَعدِ طُولِ زَمَانِ

واللهِ مَا ذُخِرَت لَكُم لِفَضِيلَةٍ
لَكُمُ عَلَيهِمِ يَا أولِي النُّقصَانِ

لَكِن عُقُولُ القَومِ كَانَت فَوقَ ذَا
قَدرًا وَشَأنُهُم فَأعظَمُ شَانِ

وَهمُ أجَلُّ وَعِلمُهُم أعلَى وَأش
رَفُ أن يُشَابَ بِزُخرُفِ الهَذَيَانِ

فَلِذَاكَ صَانَهُم الإِلَهُ عنِ الَّذِي
فِيهِ وَقَعتُم صَونَ ذِي إحسَانِ

سَمَّيتُمُ التَّحرِيفَ تَأوِيلًا كَذَا التَّ
عطِيلَ تَنزِيهًا هُمَا لَقَبَانِ

وَأضَفتُم أمرًا إلَى ذَا ثَالِثًا
شَراًّ وَأقبَحَ مِنهُ ذَا بُهتَانِ

فَجَعَلتُم الإِثبَاتَ تَجسِيمًا وَتَش
بيهًا وَذَا مِن أقبَحِ العُدوَانِ

فَقَلَبتُمُ تِلكَ الحَقَائِقَ مِثلَ مَا
قُلِبَت قُلُوبُكُمُ عَنِ الإِيمَانِ

وَجَعَلتُمُ الممدُوحَ مَذمُومًا كَذَا
بِالعكسِ حَتَّى استَكمَلَ اللَّبسَانِ

وَأرَدتُمُ أن تُحمَدُوا بِالإِتِّبَا
عِ نَعَم لَكِن لِمَن يَا فِرقَةَ البُهتَانِ

وَبَغَيتُمُ أن تَنسِبُوا للابتِدَا
عِ عَسَاكِرَ الآثارِ والقُرآنِ

وَجَعَلتُم الوَحيَينِ غَيرَ مُفِيدَةٍ
للِعِلمِ وَالتَّحقِيقِ وَالبُهتَانِ

لَكِن عُقُولُ النَّاكِبِينَ عَن الهُدَى
لَهُمَا تُفِيدُ وَمَنطِقُ اليُونَانِ

وَجَعَلتُم الإِيمَانِ كُفرًا وَالهُدَى
عَينَ الضَّلاَلِ وَذَا مِنَ الطُّغيَانِ

ثُمَّ استَخَفَّيتُم عُقُولًا مَا أرَا
دَ الله أن تَزكُو عَلى القُرآنِ

حَتَّى استَجَابُوا مُهطِينَ لدعوة التَّ
عطِيلِ قَد هَرَبُوا مِنَ الإِيمَانِ

يَا وَيحَهُم لَو يَشعُرُونَ بِمَن دَعَا
وَلِمَا دَعا قَعَدُوا قُعُودَ جَبَانِ

هذَا وَثَمَّ بَلِيةٌ مَستُورَةٌ
فِيهِم سَأبدِيهَا لَكُم بِبَيَانِ

وَرِثَ المُحرِّفُ مِن يَهُودَ وَهُم أولو التَّ
حرِيفِ وَالتَّبدِيلِ وَالكِتمَانِ

فَأرَادَ مِيرَاثَ الثَّلاَثَةِ مِنهُم
فَعَصَت عَلَيهِ غَايَةَ العِصيَانِ

إذ كَان لَفظُ النَّص مَحفُوظًا فمَا التَّ
بدِيلُ والكِتمَانُ فِي الإِمكَانِ

فَأرَادَ تَبدِيلَ المعَانِي إذ هِيَ ال
مَقصُودُ مِن تَعبِيرِ كُلِّ لِسَانِ

فَأتَى إليهَا وَهيَ بَارِزَةٌ مِنَ ال
ألفَاظِ ظَاهِرةٌ بِلاَ كِتمَانِ

فَنَفَى حَقَائِقَهَا وَأعطَى لَفظَهَا
مَعنًى سِوَى مَوضُوعِهِ الحَقَّانِ

فَجَنَى عَلَى المعنَى جِنَايَةَ جَاحِدٍ
وَجنَى عَلَى الألفَاظِ بِالعُدوَانِ

وَأتَى إِلَى حِزبِ الهُدَى أعطَاهُمُ
شِبهَ اليَهُودِ وَذَا مِنَ البُهتَانِ

إذ قَالَ أنَّهُمُ مُشَبِّهَةٌ وَأن
تُمُ مِثلُهُم فَمَنِ الَّذِي يَلحَانِي

فِي هَتكِ أستَارِ اليَهُودِ وَشبهِهِم
مِن فِرقَةِ التَّحرِيفِ لِلقُرآنِ

يَا مسلِمينَ بِحَقِّ رَبِّكُمُ اسمَعُوا
قَولِي وَعُوهُ وَعيَ ذِي عِرفَانِ

ثُمَّ احكُمُوا مِن بَعُد مَن هَذا الذِي
أولَى بِهَذَا الشَّبهِ بِالبُرهَانِ

أُمِرَ اليَهُودُ بأن يَقُولُوا حِطَّةٌ
فَأبَوا وَقَالُوا حِنطَةٌ لِهَوانِ

وَكَذَلِكَ الجهمِيُّ قِيلَ لَهُ استَوَى
فَابَى وَزَادَ الحَرفَ لِلنُّقصَانِ

قَالَ استَوى استولَى وَذَا مِن جَهلِهِ
لُغَةً وَعَقلاَ مَا هُمَا سِيَّانِ

عِشرُونَ وَجهًا تُبطِلُ التَّأوِيلَ بِاس
تولى فَلا تَخرُج عَنِ القُرآنِ

قَد أُفرِدَت بِمُصَنَّفٍ هُوَ عِندَنَا
تَصنِيفُ حَبرٍ عَالِمٍ رَبَّانِي

وَلَقَد ذَكَرنَا أربَعِينَ طِرِيقَةً
قَد أبطَلَت هَذَا بِحُسنِ بَيَانِ

هِيَ فِي الصَّوَاعِقِ إن تُرد تَحقِيقَهَا
لا تَختفَِي إلاَّ عَلَى العُميَانِ

نُونُ اليَهُودِ وَلاَمُ جَهمِيٍّ هُمَا
فِي وَحي رَبِّ العرش زَائِدَتَانِ

وَكَذَلِكَ الجَهمِيُّ عَطَّلَ وَصفَهُ
وَيَهُودُ قَد وَصَفُوهُ بِالنُّقصَانِ

فَهُما إذًا فِي نَفيهِم لِصفَاتِهِ ال
عُليَا كَمَا بَيَّنتُهُ أخَوَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم فِرعَونُ مَذ
هَبُهُ العُلُوُّ وَذَاكَ فِي القُرآنِ

وَلِذَاكَ قَد طَلَبَ الصُّعُودَ إلَيهِ
بِالصَّرحِ الذِي قَد رَامَ مِن هَامَانِ

هَذَا رَأينَاهِ بِكُتبِهِمُ وَمِن
أفوَاهِهِم سَمعًا إِلَى الآذانِ

فَاسمَع إذًا مَن ذَا الذِي أولَى بِفر
عَونَ المُعَطِّلِ جَاحِدِ الرَّحمَنِ

وَانظُر إلَى مَن قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ
حِينَ ادَّعَى فَوقِيةَ الرَّحمنِ

فَمِنَ المصَائِبِ أنَّ فِرعَونِيَّكُم
أضحَى يُكَفِّرُ صَاحِبَ الإِيمَانِ

وَيَقُولُ ذَاكَ مُبَدِّلٌ للدِّينِ سَا
عٍ بِالفَسَادِ وَذا مِن البُهتَانِ

إنَّ المورِّثَ ذَا لَهُم فِرعَونُ حِي
نَ رمَى بِهِ المُولُودَ مِن عِمرانِ

فَهوَ الإِمامُ لَهُم وَهَادِيهِم بِمَت
بُوعٍ يَقُودُهُمُ إِلَى النِّيرَانِ

هُوَ أنكَرَ الوَصفَينِ وَصفَ الفَوقِ وَالتَّ
كلِيمِ إنكَارًا عَلَى البُهتَانِ

إذ قَصدُهُ إنكَارُ ذَاتِ الرَّب فالتَّ
عطِيلُ مَرقَاةٌ لِذَا النُّكرَانِ

وَسوَاهُ جَاءَ بِسُلَّمٍ وَبِآلَةٍ
وَأتَى بِقَانُونٍ عَلَى بُنيَانِ

وَأتَى بِذَاكَ مُفَكِّرًا وَمُقَدِّرًا
وِرثَ الوَلِيدَ العَابِدَ الأوثَانِ

وَأتَى إِلَى التَّعطِيلِ مِن أبوَابِه
لاَ مِن ظُهُورِ الدَّارِ وَالجُدرَانِ

وأتَى به فِي قَالَبِ التَّنزِيهِ وَالتَّ
عظِيمِ تَلبِيسًا عَلَى العُميَانِ

وَأتَى إلَى وَصفِ العُلُوِّ فَقَالَ ذَا التَّ
جّسِيمُ لَيسَ يَلِيقُ بِالرَّحمَنِ

فَاللَّفظُ قَد أنشَاهُ مِن تِلقَائِهِ
وكَسَاهُ وَصفَ الوَاحِدِ المنَّانِ

وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ صَبِيُّ العَقلِ لَم
يَبلُغ وَلَو كانُوا مِنَ الشِّيخَانِ

إلاَّ أنَاسًا سَلَّمُوا لِلوَحيِ هُم
أهلُ البُلُوغِ وَأعقَلُ الإِنسَانِ

فأتَى إلَى الصِّبيَانِ فَانقَادُوا لَهُ
كَالشَّاءِ إذ تَنقَادُ للجَوبَانِ

فَانظُر إلَى عَقلٍ صَغِيرٍ فِي يَدَي
شَيطَانَ مَا يَلقَى مِنَ الشِّيطَانِ

قَالُوا إذَا قَالَ المجَسِّمُ رَبُّنَا
حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى بِلِسَانِ

فَسَلُوهُ كَم لِلعَرشِ مَعنًى وَاستَوَى
أيضًا لَهُ فِي الوَضعِ خَمسُ مَعَانِ

وَعلى فَكَم مَعنًى لَهَا أيضًا لَدَى
عَمرٍو فذَاكَ إمَامُ هَذَا الشَّانِ

بَيِّن لَنَا تِلكَ المَعَانِي وَالذِي
مِنهَا أرِيدَ بِوَاضِحِ التِّبيَانِ

فاسمَع فَذَاك مُعَطِّلٌ هَذِي الجَعَا
جعُ مَا الَّذِي فِيهَا مِنَ الهَذَيَانِ

قُل لِلمُجَعجِعِ وَيحَكَ اعقَل ما الذِي
قَد قُلتهُ إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

العَرشُ عَرشُ الربِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَاللاَّمُ لِلمَعهُودِ فِي الأذهَانِ

مَا فِيه إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُوهِمٌ
نَقلَ المَجَازِ وَلاَ لَهُ وَضعَانِ

وَمُحَمَّدٌ وَالأنبياءُ جَمِيعُهُم
شَهِدُوا بِهِ للخَالِقِ الرَّحمَنِ

مِنهُم عَرَفنَاهُ وَهُم عَرَفُوهُ مِن
رَبٍّ عَلَيهِ قَدِ استَوَى دَيَّانِ

لَم تَفهَم الأذهَانُ مِنهُ سَريرَ بَل
قِيسٍ وَلاَ بَيتًا عَلَى الأركَانِ

كَلاَّ وَلاَ عَرشًا عَلى بحرٍ وَلا
عَرشًا لِجبريلَ بِلا بُنيَانِ

كَلاَّ وَلاَ العرشَ الذِي إن ثُلَّ مِن
عَبدٍ هَوَى تَحتَ الحضِيضِ الدَّانِي

كَلاَّ وَلاَ عَرشَ الكُرومِ وهذه ال
أعنَابِ فِي حَرثٍ وَفِي بُستَانِ

لَكنَّهَا فَهِمَت بِحمدالله عَر
شَ الرَّبِّ فَوقَ جِمِيعِ ذي الأكوَانِ

وَعَلَيهِ رَبُّ العالمِينَ قَدِ استَوَى
حَقًّا كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَكَذَا استَوَى الموصُولُ بالحرفِ الذِي
ظَهَرَ المُرادُ بهِ ظُهورَ بَيَانِ

لاَ فِيهِ إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُفهِمٌ
للإشتِرَاكِ وَلاَ مَجَازٍ ثَانِ

تَركِيبُهُ مَع حَرفِ الاستِعلاَءِ نَصٌّ
فِي العُلُوِّ بوضعِ كُلِّ لِسَانِ

فَإذَا تَركَّبَ مَع إلى فَالقَصدُ مَع
مَعنَى العُلُوِّ لِوضعِهِ بِبَيَانِ

وَإلَى السَّمَاءِ قَدِ استَوَى فَمُقَيَّدٌ
بِتَمَامِ صَنعتِهَا مَعَ الإتقَانِ

لَكِن عَلَى العَرشِ استَوَى هُو مُطَلقٌ
مِن بَعدِهَا قَد تَمَّ بِالأركَان

لَكِنَّمَا الجَهمِيُّ يَقصُرُ فَهمُهُ
عَن ذَا فَتِلكَ مَوَاهِبُ المنَّانِ

فإذَا اقتَضَى وَاوَ المعِيَّة كَانَ مَع
نَاهُ استَوَى مُقَدَّمٌ وَالثَّانِي

فَإذَا أتَى مِن غَيرِ حَرفٍ كَانَ مَع
نَاهُ الكَمَالَ فَلَيسَ ذَا نُقصَانِ

لاَ تَلبُسوا بِالبَاطِلِ الحقَّ الذِي
قَد بَيَّن الرَّحمَنُ فِي الفُرقَانِ

وَعَلَى للاستِعلاَءِ فَهيَ حَقيقَةٌ
فِيهِ لَدَى أربَابِ هَذَا الشَّانِ

وَكَذلِكَ الرَّحمَنُ جَلَّ جَلاَلُهُ
لَم يَحتَمِل مَعنًى سِوَى الرَّحمَنِ

يَا وَيحَهُ بِعَمَاهُ لَو وَجَدَ اسمَهُ الرَّ
حمَنَ مُحتَمِلًا لِخَمسِ مَعَانِ

لَقَضَى بأنَّ اللَّفظَ لاَ مَعنًى لَهُ
إلاَّ التَّلاَوَةُ عِندَنَا بِلِسَانِ

فَلِذَاكَ قَالَ أئِمةُ الإِسلاَمِ فِي
مَعنَاهُ مَا قَد سَاءَكُم بِبَيَانِ

وَلَقَد أحَلنَاكُم عَلَى كُتُبٍ لَهُم
هِي عَندَنَا وَاللهِ بالكِيمَانِ

وَاللَّفظُ مِنهُ مُفرَدٌ ومَركَّبٌ
فِي الاعتِبَارِ فَمَا هُمَا سِيانِ

واللَّفظُ فِي التَّركيبِ نَصٌّ فِي الذِي
قَصَدَ المُخَاطِبُ مِنهُ فِي التِّبيَانِ

أو ظَاهرٌ فِيه وَذَا مِن حيثُ نِس
بَتُهُ إلَى الأفهَامِ وَالأذهَانِ

فَيكُونُ نصًّا عِندَ طَائِفَةٍ وَعِن
دَ سِوَاهُمُ هُوَ ظَاهرُ التبيَانِ

وَلَدَى سِوَاهُم مُجمَلٌ لَم يَتَّضِح
لَهُم المُرَادُ بِهِ اتضَاحَ بَيَانِ

فَالأولُون لإلفِهِم ذَاكَ الخِطَا
بِ وإلفِهِم مَعنَاهُ طُولَ زَمَانِ

طَالَ المِرَاسُ لَهُم لمعنَاهُ كَمَا اش
تَدَّت عِنَايَتُهُم بِذَاكَ الشَّانِ

وَالعِلمُ مِنهُم بِالمُخَاطِبِ إذ هُمُ
أولَى بِهِ مِن سَائِرِ الإِنسَانِ

وَلَهُم أتمُّ عِنَايَةٍ بِكَلاَمِهِ
وَقُصُودِهِ مَع صِحَّةِ العِرفَانِ

فَخِطَابُه نَصٌ لَدَيهم قَاطِعٌ
فِيمَا أُريدَ بِهِ مِنَ التِّبيَانِ

لَكِنَّ مَن هُوَ دُونَهُم فِي ذَاكَ لَم
يَقطَع بِقَطعِهِم عَلَى البُرهَانش

وَيقُولُ يَظهَرُ ذَا وَليسَ بِقَاطِعٍ
فِي ذِهنِهِ لا سَائشرِ الأذهَانِ

وَلإلفِهِ بِكَلاَمِ مَن هُوَ مُقتَدٍ
بِكَلاَمِهِ مِن عَالِمِ الأزمَانِ

هُو قَاطِعٌ بِمُرَادِهِ وَكَلاَمُهُ
نَصٌّ لَدَيهِ وَاضِحُ التِّبيَانِ

وَالفتنَةُ العُظمَى مِنَ المتَسَلِّقِ المَ
خُدُوعِ ذِي الدَّعوَى أخِي الهَذَيَانِ

لَم يَعرِفِ العِلمَ الذِي فِيهِ الكَلاَ
مُ وَلاَ لهُ إلفٌ بِهَذَا الشَّانِ

لَكِنهُ مِنهُ غَرِيبٌ لَيسَ مِن
سُكَّانِهِ كَلاَّ وَلاَ الجِيرَانِ

فَهوَ الزَّنيمُ دَعِيُّ قَومٍ لَم يَكُن
مِنهُم وَلَم يَصحَبهُمُ بِمَكَانِ

وَكَلاَمُهُم أبدًا لَدَيهِ مُجمَلٌ
وَبمعزَلٍ عَن إمرةِ الإِيقَانِ

شَدَّ التِّجَارَةَ بالزيُوفِ يَخَالُهَا
نَقدًا صَحِيحًا وَهُوَ ذُو بُطلاَنِ

حَتَّى إذَا رُدَّت إلَيهِ نَالَهُ
مِن رَدِّهَا خِزيٌ وَسُوءُ هَوَانِ

فأرَادَ تَصحِيحًا لَهَا إذ لَم يَكُن
نَقدُ الزيُوفِ يَرُوجُ فِي الأثمَانِ

وَرَأى استِحَالَة ذَا بِدُونِ الطَّعنِ فِي
بَاقِي النُّقُودِ فَجَاءَ بِالعُدوَانِ

واستَعرضَ الثَّمَنَ الصَّحِيحَ بجَهلِهِ
وَبِظُلمِهِ يَبغِيهِ بِالبُهتَانِ

عِوَجًا لِيَسلَمَ نَقدُهُ بَينَ الوَرَى
وَيَرُوجَ فِيهِم كَامِلَ الأوزَانِ

وَالنَّاسُ لَيسُوا أهلَ نَقدٍ للذِي
قَد قِيلَ إلا الفردَ فِي الأزمَانِ

وَالزَّيفُ بَينَهُمُ هُوَ النَّقدُ الذِي
قَد رَاجَ فِي الأسفَارِ وَالبُلدَانِ

إذ هُم قَدِ اصطَلحُوا عَلَيهِ وارتَضَوا
بِجَوَازِهِ جَهرًا بِلاَ كِتمَانِ

فَإذَا أتَاهُم غَيرُهُ وَلَو أنَّهُ
ذَهبٌ مُصفَّى خَالِصُ العِقيَانِ

رَدُوه واعتَذَرُوا بأنَّ نُقُودَهُم
مِن غَيرِهِ بِمَرَاسِمِ السُّلطَانِ

فَإِذَا تَعَامَلنَا بِنَقدٍ غَيرِهِ
قَطِعَت جَوَامِكُنَا مِنَ الدِّيوَانِ

وَاللهِ مِنهُم قَد سَمِعنَا ذا وَلَم
نَكذِب عَلَيهِم وَيحَ ذِي البُهتَانِ

يَا مَن يُريدُ تِجَارَةً تُنجِيهِ مِن
غَضَبِ الإِلهِ وَمُوقَدِ النِّيرَانِ

وَتُفِيدُهُ الأربَاحَ بِالجَنَّاتِ وَال
حُورِ الحِسَانِ ورُؤيَةِ الرَّحمَنِ

فِي جَنَّةٍ طَابَت وَدَامَ نَعِيمُهَا
مَا للفَنَاءِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

هَيىء لَهَا ثَمَنًَا تُبَاعُ بِمِثلِهِ
لاَ تُشتَرَى بِالزَّيفِ مِن أثمَانِ

نَقدًا عَلَيهِ سِكةٌ نَبَوِيةٌ
ضَربَ المَدِينَة أشرَفِ البُلدَانِ

أظَنَنتَ يَا مَغرُورُ بَائِعَهَا الذِي
يَرضَى بِنَقدٍ ضَربِ جِنكسخَانِ

مَنَّتكَ وَاللهِ المُحَالَ النَّفسُ إن
طَمِعَت بِذَا وَخُدعتَ بِالشَّيطَانِ

فَاسمَع إذًا سَبَبَ الضلاَلِ وَمَنشَأ التَّ
خليطِ إذ يَتَنَاظرُ الخَصمَانِ

يَحتَجُّ بِاللَّفظِ المرَكَّبِ عَارِفٌ
مَضمُونَهُ بِسِيَاقِهِ لِبَيَانِ

وَاللَّفظُ حِينَ يُسَاقُ بِالتركِيبِ مَح
فُوفٌ بِهِ للفَهمِ وَالتِّبيَانِ

جُندٌ يُنَادَى بالبَيَانِ عَلَيهِ مِث
لَ نِدَائِنَا بِإقَامَةٍ وَأذَانِ

كَي يَحصُلَ الإِعلاَمُ بِالمَقصُودِ مِن
إيرَادِهِ وَيَصِير فِي الأذهَانِ

فَيَفُكَّ تَركِيبَ الكَلاَمِ مُعَانِدٌ
حَتَّى يُقَلقِلَهُ مِنَ الأركَانِ

وَيرُومُ مِنهُ لَفظَةً قَد حُمِّلَت
مَعنَى سِوَاه فِي كَلاَمٍ ثَانِ

فَيَكُونُ دَبُّوسَ الشِّقَاقِ وَعُدَّةً
للدَّفعِ فِعلَ الجَاهِلِ الفتَّانِ

فَيقُولُ هَذَا مُجمَلٌ وَاللَّفظ مُح
تَمَلٌ وَذَا مِن أعظَمِ البُهتَانِ

وَبذَاكَ يَفسُدُ كُلُّ عِلمٍ فِي الوَرَى
وَالفَهمُ مِن خَبَرٍ وَمِن قُرآنِ

إذ أكثرُ الألفَاظِ تَقبَلُ ذَاكَ فِي ال
إفرَادِ قَبلَ العَقدِ وَالتِّبيَانِ

لَكِن إذَا مَا رُكِّبَت زَالَ الَّذِي
قَد كَانَ مُحتَمَلًا لَدَى الوِحدَانِ

فَإذَا تَجَرَّدَ كَانَ مُحتمَلًا لِغَي
رِ مُرَادِهِ أو فِي كَلاَمٍ ثَانِ

لَكِنَّ ذَا التَّجرِيدَ مُمتَنِعٌ فَإن
يُفرَض يَكُن لاَ شَكَّ فِي الأذهَانِ

وَالمُفرَدَاتُ بِغَيرِ تَركِيبٍ كَمِث
لِ الصَّوتِ تَنعَقُهُ بِتِلكَ الضَّانِ

وَهُنَالِكَ الإِجمَالُ وَالتَّشكِيكُ وَالتَّ
جهِيلُ وَالتَّحرِيفُ وَالإتيَانُ بِالبُطلاَنِ

فَإذَا هُمُ فَعَلُوهُ رَامُوا نَقلَهُ
لِمُرَكَّبٍ قَد حُفَّ بِالتِّبيَانِ

وَقَضَوا عَلَى التَّركِيبِ بِالحُكمِ الَّذِي
حَكَمُوا بِهِ لِلمُفرَدِ الوحدَانِ

جَهلًا وَتَجهِيلًا وَتَدلِيسًا وَتَل
بيسًا وَتَرويجًا عَلَى العُميَانِ

هَذَا هَدَاكَ اللهُ مِن إضلاَلِهِم
وَضَلاَلِهِم فِي المَنطِقِ اليوناني

كَمجرَّدَاتٍ فِي الخَيَالِ وَقَد بَنَى
قَومٌ عَلَيهَا أوهَنَ البُنيَانِ

ظَنُّوا بِأنَّ لَهَا وَجُودًا خَارِجًا
وَوُجُودُهَا لَو صَحَّ فِي الأذهَانِ

أنَّى وَتِلكَ مُشَخَّصَاتٌ حُصِّلَت
فِي صُورَةٍ جُزئِيَّةٍ بِعِيَانِ

لَكِنَّهَا كُلِّيةٌ إن طَابَقَت
أفرَادَهَا كاللَّفظِ فِي الميزَانِ

يَدعُونَهُ الكُلِّيَّ وَهوَ مَعيَّنٌ
فَردٌ كَذَا المعنَى هُمَا سِيَّانِ

تجَريدُ ذَا في الذِّهنِ أو فِي خَارِجٍ
عَن كُلِّ قَيدٍ لَيسَ فِي الإِمكَانِ

لاَ الذهنُ يَعقِلُهُ وَلاَ هُوَ خَارِجٌ
هُوَ كَالخَيَالِ لِطَيفِهِ السَّكرَانِ

لَكِن تَجرُّدُهَا المُقَيَّدِ ثَابِتٌ
وَسِوَاهُ مُمتَنِعٌ بِلاَ إمكَانِ

فَتَجَرُّدُ الأعيَانِ عَن وَصفٍ وَعَن
وَضعٍ وَعَن وَقتٍ لَهَا وَمَكَانِ

فَرضٌ مِنَ الأذهَانِ يَفرضُهُ كَفَر
ضِ المُستَحِيلِ هُمَا لَهَا فَرضَانِ

الله أكبرُ كَم دَهَى مِن فَاضِلٍ
هَذَا التَّجَرُّدُ مِن قَدِيمِ زَمَانِ

تَجرِيدُ ذِي الألفَاظِ عَن تَركِيبِهَا
وَكَذَاكَ تَجرِيدُ المَعَانِي الثَّانِي

وَالحَقُ أنَّ كلَيهمَا فِي الذهنِ مَف
رُوض فَلاَ تَحكُم عَلَيهِ وَهُوَ فِي الأذهَانِ

فيقُودُكَ الخَصمُ المُعَانِدُ بِالذِي
سَلَّمتَهُ للحُكمِ فِي الأعيَانِ

فَعَلَيكَ بِالتَّفصِيلِ إن هُم أطلَقُوا
أو أجمَلُوا فَعَلَيكَ بِالتِّبيَانِ

وَتَمَسَّكُوا بِظَوَاهِرِ المنقُولِ عَن
أشيَاخِهِم كَتَمَسُّكِ العُميانِ

وَأبَوا بأن يَتَمَسَّكُوا بِظَوَاهِر النَّ
صَّينِ وَاعجَبًا مِنَ الخُذلاَنِ

قَولُ الشُّيُوخِ مُحَرَّمٌ تأوِيلُهُ
إذ قَصدُهُم للشَّرحِ وَالتِّبيَانِ

فَإذَا تَأوَّلنَا عَلَيهِم كَانَ إب
طَالًا لِمَا رَامُوا بِلاَ بُرهَانِ

فَعَلَى ظَوَاهِرِهَا تُمَرُّ نُصُوصُهُم
وَعَلَى الحَقِيقَةِ حَملُهَا لِبَيَانِ

يَا لَيتَهُم أجرَوا نُصُوصَ الوَحي وَال
مُجرَى مِنَ الآثَارِ وَالقُرآنِ

بَل عِندَهُم تِلكَ النُّصُوصُ ظَوَاهرٌ
لَفظِيَّةٌ عُزِلَت عَنِ الإِيقَانِ

لَم تُغنِ شَيئًا طَالِبَ الحقِّ الذِي
يَبغِي الدَّلِيلَ وَمُقتَضَى البُرهَانِ

وَسَطَوا عَلَى الوَحيَينِ بِالتَّحريفِ إذ
سَمَّوهُ تَأوِيلًا بوَضعٍ ثَانِ

فَانظُر إِلَى الأعرَافِ ثُمَّ لِيُوسُفٍ
وَالكَهفُ وَافهَم مُتَضَى القُرآنِ

فَإذَا مَرَرتَ بآلِ عِمرَانٍ فَهِم
تَ القَصدَ فَهمَ مُوَفَّقٍ رَبَّانِي

وَعِلمتَ أنَّ حَقِيقَةَ التأوِيل تَب
يينُ الحَقِيقَةِ لاَ المَجَازُ الثَّانِي

وَرَأيتَ تأوِيلَ النُّفَاةِ مُخَالِفًا
لِجَمِيعِ هَذَا لَيسَ يَجتَمِعَانِ

اللَّفظُ هُم أنشَوا لَهُ مَعنًى بِذَا
كَ الإصطِلاَحِ وَذَاكَ أمرٌ دَانِ

وَأتَوا إِلَى الإِلحَادِ فِي الأسمَاءِ وَالتَّ
حرِيفِ للألفَاظِ بِالبُهتَانِ

فَكَسَوهُ هَذَا اللَّفظَ تَلبِيسًا وَتَد
لِيسًا عَلَى العُميَانِ وَالعُورَانِ

فَاستَنَّ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُكَذِّبٍ
مِن بَاطِنِيٍّ قُرمُطِييٍّ جَانِي

فِي ذَا بِسُنَّتِهِم وَسَمَّى جَحدَهُ
لِلحَقِّ تَأوِيلًا بِلاَ فُرقَانِ

وَأتَى بِتَأوِيلٍ كَتَأوِيلاَتِهِم
شِبرًا بِشِبرٍ صَارِخًا بِأذَانِ

إنَّا تَأوَّلنَا كَمَا أوَّلتُمُ
فَأتُوا نُحَاكِمكُم إلَى الوَزَّانِ

فِي الكِفَّتَينِ نَحُطُّ تَأوِيلاَتِنَا
وَكَذَاكَ تَأوِيلاَتِكُم بِوِزَانِ

هَذَا وَقَد أقرَرتُم أنَّا بِأي
دِينَا صَريحُ العَدلِ وَالمِيزَانِ

وَغَدَوتُمُ فِيهِ تَلاَمِيذًا لَنَأ
أوَ لَيسَ ذَلِكَ مَنطِقَ اليُونَانِ

مِنَّا تَعَلَّمتُم وَنَحنُ شُيُوخُكُم
لاَ تَجحَدُونَا مِنَّةَ الإِحسَانِ

فَسَلُوا مَبَاحِثَكُمُ سُؤالَ تَفَهُّمٍ
وَسَلُوا القَوَاعِدَ رَبَّةَ الأركَانِ

مِن أينَ جَاءَتكُم وَأينَ أصُولُهَا
وَعَلَى يَدَي مَن يَا أولِي النُّكرَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ نَحنُ كُفَّارٌ وَأن
تُم مُؤمِنُونَ وَنَحنُ مُتَّفِقَانِ

أنَّ النُّصُوصَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ
لَم تُفضِ قَطُّ بِنَا إلَى إيقَانِ

فَلِذَاكَ حَكَّمنَا العُقُولَ وَأنتُم
أيضًا كَذَاكَ فَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ قَد رَميتُم بَينَنَا
حَربَ الحُرُوبِ وَنَحنُ كَالأخَوَانِ

الأصلُ مَعقُولٌ وَلَفظُ الوَحي مَع
زُولٌ وَنَحنُ وأنتُمُ صِنوَانِ

لاَ بِالنُّصُوصِ نَقُولُ نَحنُ وَأنتُمُ
أيضًا كَذَاكَ فَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَذَرُوا عَداوَتَنَا فَإنَّ وَرَاءَنَا
ذَاكَ العَدُوُّ الثِّقلُ ذُو الأضغَانِ

فَهُم عَدُوُّكُم وَهُم أعدَاؤنَا
فجَمِيعُنَا فِي حَربِهِم سِيَّانِ

تِلكَ المُجَسِّمَةُ الألَى قَالُوا بأنَّ
الله فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

وَإلَيهِ يَصعَدُ قَولُنَا وَفِعَالُنَا
وَإلَيهِ تَرقَى رُوحُ ذِي الإِيمَانِ

وَإلَيهِ قَد عَرَجَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً
وَكَذَا ابنُ مَريَمَ مَصعَدَ الأبدَانِ

وَكَذاكَ قَالُوا إنه بالذَّاتِ فَو
قَ العَرشِ قُدرتُهُ بِكُلِّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ يَنزلُ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ
نَحوَ السَّمَاءِ فَهَاهُنَا جِهَتَانِ

للإِبتدَاءِ وَالإنتِهَاءِ وَذَانِ لِل
أجسَامِ أينَ الله مِنَ هَذَانِ

وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ مُتَكَلِّمٌ
قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَيَا إخوَانِ

أيَكُونُ ذَاكَ بِغيرِ حرفٍ أم بِلاَ
صَوتٍ فَهَذَا لَيسَ فِي الإمكَانِ

وَكَذَاكَ قُالوا مَا حَكَينَا عَنهُمُ
مِن قَبلُ قَولَ مُشَبِّهِ الرَّحمَنِ

فَذَرُوا الحِرَابَ لَنَا وشُدُّوا كُلُّنَا
جَمعًَا عَلَيهِم حَملَةَ الفُرسَانِ

حَتَّى نَسُوقَهُمُ بِأجمَعِنَا إلَى
وَسطِ العَرِينِ مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

فَلقَد كَوَونَا بِالنُصُوصِ وَمَا لَنَا
بِلِقَائِهَا أبَدَ الزَّمَانِ يَدَانِ

كَمَ ذَا يُقَالُ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ
مِن فَوقِ أعنَاق لَنَا وَبنَانِ

إذ نَحنُ قُلنَا قَالَ آرِسطُوا المُعَلِّ
مُ أولًا أو قَالَ ذَاكَ الثَّانِي

وَكَذَاكَ إن قُلنَا ابنُ سِينَا قَالَ ذَا
أو قَالَهُ الرَّازِيُّ ذُو التِّبيانِ

قَالُوا لَنَا قَالَ الرَّسُولُ وَقَالَ فِي
القُرآنِ كَيفَ الدَّفعُ لِلقُرآنِ

وَكَذَاكَ أنتُم مِنهُمُ أيضًا بِهَ
ذَا المَنزِلِ مِن أثَرٍ وَمِن قُرآنِ

إن جِئتمُنوهُم بِالعُقُولِ أتَوكُمُ
بِالنَّصِّ الضَّنكِ الَّذِي تَرَيَانِ

فَتَحَالَفُوا إنَّا عَلَيهِم كُلُّنَا
حِزبٌ وَنَحنُ وَأنتُم سِلمَانِ

فَإذا فَرَغنا مِنهُمُ فَخِلاَفُنَا
سَهلٌ وَنَحنُ وَأنتُمُ أخَوَانِ

فَالعَرشُ عِندَ فَرِيقِنَا وَفَرِيقِكُم
مَا فَوقَهُ أحدٌ بِلاَ كِتمَانِ

مَا فَوقَهُ شَيءٌ سَوَى العَدَمِ الذِي
لاَ شَيءَ فِي الأعيَانِ والأذهَانِ

مَا الله مَوجُودٌ هُنَاكَ وإنَّمَا ال
عَدَمُ المُحَقَّقُ فَوقَ ذِي الأكوَانِ

وَالله مَعدُومٌ هُنَاكَ حَقِيقَةً
بِالذَّاتِ عَكسُ مَقَالَةِ الدِّيصَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِنَا
وَفَريقِكُم وَحَقِيقَةُ العِرفَانِ

وَكَذَا جَمَاعَتُنَا عَلَى التَّحقِيقِ فِي التَّ
ورَاةِ وَالإنجِيلِ وَالفُرقَانِ

لَيسَت كَلاَمَ الله بَل فَيضٌ مِنَ ال
فَعَّالِ أو خَلقٌ مِنَ الأكوَانِ

فالأرضُ مَا فِيهَا لَهُ قَولٌ وَلا
فَوقَ السَّمَا لِلخَلقِ مِن دَيَّانِ

بَشَرٌ أتَى بِالوَحي وَهوَ كَلاَمُهُ
فِي ذَاكَ نَحنُ وَأنتُمُ مِثلاَنِ

وَلِذَاكَ قُلنَا أنَّ رُؤيَتَنَا لَهُ
عَينُ المُحَالِ وَلَيسَ فِي الإِمكَانِ

وَزَعَمتُمُ أنَّا نَرَاهُ رُؤيَةَ ال
مَعدُومِ لاَ المَوجُودِ فِي الأعيَانِ

إذ كُلُّ مَرئِيٍّ يَقُومُ بِنَفسِهِ
أو غَيرِهِ لاَ بُدَّ فِي البُرهَانِ

مِن أن يُقَابِلَ مَن يرَاهُ حَقِيقَةً
مِن غَيرِ بُعدٍ مُفرِطٍ وَتَدَانِ

وَلَقَد تَسَاعَدنَا عَلَى إبطَالِ ذَا
أنتُم وَنَحنُ فَمَا هُنَا قَولاَنِ

أمَّا البَلِيَّةُ فَهيَ قَولُ مُجَسِّمٍ
قَالَ القُرآنُ بَدَا مِنَ الرَّحمَنِ

هُوَ قَولُهُ وَكَلاَمُهُ مِنهُ بَدَا
لَفظًا وَمَعنًى لَيسَ يَفتَرقَان

سَمِعَ الأمِينُ كَلاَمَهُ مِنهُ وَأدَّ
اهُ إلَى المُختَارِ مِن إنسَانِ

فَلَهُ الأدَاءُ كَمَا الأدَا لِرَسُولِهِ
وَالقَولُ قَولُ الله ذِي السُّلطَانِ

هَذَا الَّذِي قُلنَا وَأنتُم أنَّهُ
عَينُ المُحَالِ وَذَاكَ ذُو بُطلاَنِ

فَإذَا تَسَاعَدنَا جَمِيعًا أنَّهُ
مَا بَينَنَا للهِ مِن قُرآنِ

إلاَّ كَبَيت الله تلك إضافَةُ ال
مَخلُوقِ لاَ الأوصَافِ لِلدَّيَانِ

فَعَلاَمَ هَذَا الحَربُ فِيمَا بَينَنَا
مَع ذَا الوِفَاقِ وَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَإذَا أبَيتُم سِلمَنَا فَتَحَيَّزُوا
لِمَقَالَةِ التَّجسِيمِ بِالإِذعَانِ

عُودُوا مُجَسِّمَةً وَقُولُوا دِينُنَا ال
إثبَاتُ دِينُ مُشَبِّهِ الدَّيَانِ

أو لاَ فَلاَ مِنَّا وَلاَ مِنهُم وَذَا
شَأنُ المنَافِقِ إذ لَهُ وَجهَانِ

هَذَا يَقُولُ مُجَسِّمٌ وَخُصُومُهُ
تَرمِيهِ بِالتَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

هُوَ قَائِمٌ هُوَ قَاعِدٌ هُوَ جَاحِدٌ
هُوَ مُثبِتٌ تَلقَاهُ ذَا ألوَانِ

يَومًا بِتَأوِيلٍ يَقُولُ وَتَارَةً
يَسطُو عَلَى التَّأوِيلِ بِالنُّكرَانش

فَنَقُولُ فَرِّق بَينَ مَا أوَّلتَهُ
وَمَنَعتَهُ تَفرِيقَ ذِي بُرهَانش

فَيقُولُ مَا يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ أوَّ
لنَاهُ مِن خَبَرٍ وَمِن قُرآنِ

كَالاستِوَاءِ مَعَ التَّكَلُّمِ هَكَذَا
لَفظُ النُّزُولِ كَذَاكَ لَفظُ يَدَانِ

إذ هَذِهِ أوصَافُ جِسمٍ مُحدَثٍ
لاَ يَنبَغِي لِلوَاحِدِ المنَّانِ

فَنَقُولُ أنتَ وَصَفتَهُ أيضًا بِمَا
يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ والحِدثَانِ

فَوصَفتَهُ بِالسَّمعِ وَالإبصَارِ مَع
نَفسِ الحَيَاةِ وَعِلمِ ذِي الأكوَانِ

وَوَصَفتَهُ بِمَشِيئَةٍ مَعَ قُدرَةٍ
وَكَلاَمِهِ النَّفسِيِّ وَهوَ مَعَانِ

أو وَاحِدٌ والجَِسمُ حَامِلُ هَذِهِ ال
أوصَافِ حقًّا فأتِ بِالفُرقَانِ

بينَ الَّذِي يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ أو
لاَ يَقتَضِيهِ بِوَاضِحِ البُرهَانِ

وَالله لَو نُشِرت شُيُوحُكَ كُلُّهُم
لَم يَقدِرُوا أبدًا على الفُرقَانِ

فَلِذَاكَ قَال زَعِيمُهُم فِي نَفسِهِ
فَرقًا سِوَى هَذَا الَّذِِي تَريَانِ

هَذِي الصِّفَاتُ عُقُولُنَا دَلَّت عَلَى
إثبَاتِهَا مَع ظَاهرِ القُرآنِ

فَلِذَاكَ صُنَّاهَا عَنِ التَّأوِيلِ فاع
جَب يَا أخَا التَّحِقيقِ وَالعِرفَانِ

كَيفَ اعتِرَافُ القَومِ أن عُقُولَهُم
دَلَّت عَلَى التَّجسِيمِ بالبُرهَانِ

فَيُقَالُ هَل فِي العقلِ تَجسِيمٌ أم ال
مَعقُولُ يَنفِيهِ كَذَا النُّقصَانِ

إن قُلتُم يَنفِيه فَانفُوا هَذِهِ ال
أوصَاف وَانسَلِخُوا مِنَ القُرآنِ

أو قُلتُمُ يَقضِي بإثبَاتٍ لَهُ
فَفِرَارُكُم مِنهَا لأيِّ مَعَانِ

أو قُلتُمُ يَنفِيهِ فِي وَصفٍ وَلاَ
يَنفِيهِ فِي وَصفٍ بِلاَ بُرهَانِ

فَيُقَالُ مَا الفُرقَانُ بَينَهمَا وَمَا ال
بُرهَانُ فأتُوا الآن بِالفُرقَانِ

وَيُقالُ قَد شَهِدَ العِيَانُ بأنَّهُ
ذُو حِكمَةٍ وَعِنَايَةٍ وَحَنَانِ

مَع رأفَةٍ وَمَحَبَّةٍ لِعِبَادِهِ
أهلِ الوَفَاءِ وَتَابِعِي القُرآنِ

وَلِذَاكَ خُصُّوا بِالكَرَامَة دُونَ أع
داءِ الإلهِ وَشِيعَةِ الكُفرَانِ

وَهُوَ الدَّلِيلُ لَنَا عَلَى غَضَبٍ وَبُغ
ضٍ مِنه مَع مَقتٍ لِذِي العِصيَانِ

وَالنَّصُّ جَاءَ بِهَذِهِ الأوصَافِ مَع
مثلِ الصِّفاتِ السَّبعِ فِي القُرآنِ

وَيُقَالُ سَلَّمنَا بأنَّ العَقلَ لاَ
يَقضِي إلَيهَا فَهيَ فِي الفُرقَانِ

أفَنَفيُ آحَادِ الدَّلِيلِ يكُونُ لل
مَدلُولِ نفيًا يَا أولِي العِرفَانِ

أو نَفي مُطلِقهِ يَدُلُّ عَلَى انتِفَا ال
مَدلُولِ فِي عَقلٍ وَفِي قُرآنِ

أفبعدَ ذَا الإِنصافِ وَيحكمُوا سِوَى
مَحضِ العِنادِ وَنخوةِ الشَّيطانِ

وتَحَيُّزٍ مِنكُم إليهم لا إلى ال
قرُآنِ والآثارِ والإِيمَانِ

وَاعلَم بأنَّ طَريقَهُم عَكسُ الطَّرِ
يقِ المُستَقِيم لِمن لَهُ عَينَانِ

جَعَلُوا كَلاَمَ شُيُوخِهِم نَصًّا لَهُ ال
إحكَامُ مَوزُونًا بِهِ النَّصَّانِ

وَكَلاَمَ رَبِّ العَالَمِينَ وَعَبدِهُ
مُتَشَابهًا مُحَمِّلًا لِمَعَانِ

فَتولَّدَت مِن ذَينِكَ الأصلَينِ أو
لادٌ أتَت لِلغَيِّ وَالبُهتَانِ

إذ مِن سِفَاحٍ لا نِكَاحٍ كَونُهَا
بِئسَ الوَلِيدُ وَبئسَتِ الأبوَانِ

عَرَضُوا النُّصُوصَ عَلَى كَلاَمِ شُيُوخِهُم
فَكَأنَّهَا جَيشٌ لِذِي سُلطَانِ

وَالعزلُ وَالإبقاءُ مَرجِعُهُ إلَى السُّ
لطَانِ دُونَ رَعِيَّةِ السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ أقوَالُ الشُّيوخِ فَإنَّهَا
المِيزَانُ دُونَ النصِّ وَالقُرآنِ

إن وَافقَا قَولَ الشُّيُوخِ فَمَرحَبًا
أو خَالَفَت فَالدَّفعُ بِالإحسَانِ

إمَّا بِتاوِيلٍ فإن أعيَا فَتَف
وِيضٌ وَنَترُكهَا لِقُولِ فُلاَنِ

إذ قَولُهُ نَصٌّ لَدَينَا مُحكَمٌ
فَظَواهِرُ المَنقُولش ذَاتُ مَعَانِ

وَالنَّصُّ فَهوَ بِهِ عَلِيمٌ دُونَنَا
وَبِحَالِهِ مَا حِيلَةُ العُميَانِ

إلاَّ تَمَسُّكُم بأيدِي مُبصِرٍ
حَتَّى يَقُودَهُم كذِي الأرسَانِ

فَاعجَب لِعُميَانِ البَصَائِرِ أبصَرُوا
كَونَ المُقَلَّدِ صَاحِبَ البُرهَانِ

وَرَأوهُ بالتَّقليد أولَى مِن سِوَا
هُ بِغَيرِ مَا هدِي وَلا بُرهَانِ

وَعَمُوا عَنِ الوَحيَينِ إذ لَم يَفهَمُوا
مَعنَاهُمَا عَجبًا لِذِي الحِرمَانِ

قَولُ الشُّيُوخِ أتَمُّ تِبيَانًا من ال
وَحيَينِ لاَ وَالوَاحِدِ الرَّحمَنِ

النَّقلُ نَقلٌ صَادِقٌ وَالقَولُ مِن
ذِي عِصمَةٍ في غَايَةِ التِّبيَانِ

وَسِوَاهُ إمَّا كَاذِبٌ أو صَحَّ لَم
يَكُ قَولَ مَعصُومٍ وَذِي تِبيَانِ

أفَيَستَوِي النَّقلاَنِ يَا أهلَ النُّهَى
وَالله لاَ يَتَمَاثَلُ النَّقلاَنِ

هَذَا الَّذِي ألقَى العَدَاوَةَ بَينَنَا
فِي الله نَحنُ لأجلِهِ خَصمَانِ

نَصَرُوا الضَّلاَلَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِم
لَكِن نَصَرنَا مُوجبَ القرآنِ

وَلَنَا سُلُوكٌ ضِدَّ مَسلَكِهِم فَمَا
رَجُلاَنِ مِنَّا قَطُّ يَلتَقِيَانِ

إنَّا أبَينَا أن نَدِينَ بِمَا بِهِ
دَانُوا مِنَ الآرَاءِ وَالبُهتَانِ

إنَّا عَزلنَاهَا وَلَم نَعبَأ بِهَا
يَكفِي الرَّسُولُ وَمُحكَمُ الفُرقَانِ

مَن لَم يَكُن يَكفِيهِ ذانِ فَلاَ كَفا
هُ اللهُ شَرَّ حَوَادِثِ الأزمَانِ

مَن لَم يَكُن يَشفِيهِ ذَانِ فَلاَ شَفَا
هُ اللهُ فِي قَلبٍ وَلاَ أبدَانِ

مَن لَم يكُن يُغنِيهِ ذَانِ رَمَاهُ رَبُّ
العَرشِ بِالإِعدَامِ وَالحِرمَانِ

مَن لَم يَكُن يَهدِيهِ ذَانِ فَلاَ هَدَا
هُ الله سُبلَ الحَقِّ وَالإِيمَانِ

إنَّ الكَلاَمَ مَعَ الكِبَارِ وَلَيسَ مَع
تِلكَ الأراذِلِ سِفلَةِ الحَيَوَانِ

أوسَاخِ هَذَا الخَلقِ بَل أنتَانِهِ
جِيَفِ الوُجُودِ وَأخبَثِ الأنتَانش

الطَّالِبِينَ دِمَاءَ أهلِ العِلمِ لل
كُفرَانِ والعُدوَانِ وَالبُهتَانِ

الشَّاتِمِي أهلَ الحَديثِ عَداوَةً
لِلسُّنَّةِ العُليَا مَعَ القُرآنِ

جَعَلُوا مَسَبَّتَهُم طَعَامَ حُلُوقِهِم
فالله يَقطَعُهَا مِنَ الأذقَانِ

كِبرًا وَإعجَابًا وَتِيهًَا زَائِدًا
وَتَجَاوُزًا لِمَراتِبِ الإِنسَانِ

لَو كَان هَذَا مِن وَرَاءِ كِفَايَةٍ
كُنَّا حَمَلنَا رَايةَ الشُّكرَانِ

لَكِنَّهُ مِن خَلفِ كُلِّ مُخَلَّفٍ
عَن رُتبَةِ الإِيمَانِ والإحسَانِ

مَن لِي بِشِبهِ خَوَارجٍ قَد كَفَّرُوا
بِالذَّنبِ تَأوِيلًا بِلاَ إحسَانِ

وَلَهُم نُصُوصٌ قَصَّرُوا فِي فَهمِهَا
فاتُوا مِنَ التقصيرِ فِي العِرفَانِ

وَخُصُومُنَا قَد كَفَّرُونَا بِالذِي
هُوَ غَايَةُ التَّوحِيدِ وَالإِيمَانِ

وَمِنَ العَجَائبِ أنَّهُم قَالُوا لِمَن
قَد دَانَ بِالآثَارِ وَالقُرآنِ

أنتُم بِذَا مِثلُ الخَوَارِجِ إنَّهُم
أخَذُوا الظَّوَاهِرَ مَا اهتَدَوا لِمَعَانِ

فَانظُر إلَى ذَا البُهتِ هَذَا وَصفُهُم
نَسَبُوا إلَيهِ شِيعَةََ الإِيمَانِ

سَلُّوا عَلَى سُنَنِ الرَّسُولِ وَحِزبِهِ
سَيفَينِ سَيفَ يَدٍ وَسَيفَ لِسَانِ

خَرَجُوا عَلَيهِم مِثلَ مَا خَرَجَ الألَى
مِن قبلِهِم بِالبَغي وَالعُدوَانِ

وَاللهِ مَا كَانَ الخَوَارِجُ هَكَذَا
وَهُم البُغَاةُ أَئِمَّة الطُّغيَانِ

كَفَّرتُم أصحَابَ سُنَّتِهِ وَهُم
فُسَّاقَ مِلَّتِهِ فَمَن يلحَانِي

إن قُلتُ هُم خَيرٌ وأهدَى مِنكُمُ
وَاللهِ مَا الفِئَتَانِ مُستَوِيَانِ

شَتَّان بَينَ مُكَفِّرٍ بِالسُّنَّةِ ال
عُليَا وَبَينَ مُكَفِّرِ العِصيَانِ

قُلتُم تَأوَّلنَا كَذَاكَ تَأوَّلُوا
وَكِلاكُمَا فِئتَانِ بَاغِيَتَانِ

وَلَكُم عَلَيهِم مِيزَةُ التَعطِيل والتَّ
حرِيفِ والتبدِيلِ والبُهتَانِ

وَلَهُم عَلَيكُم مِيزَةُ الإِثبَاتِ والتَّ
صدِيقِ مع خَوفٍ مِنَ الرَّحمَنِ

ألَكُم عَلى تأويلكم أجرَانِ إذ
لَهُمُ عَلَى تأوِيلهِم وِزرَانِ

حَاشَا رَسُولَ اللهِ مِن ذَا الحُكمِ بَل
أنتُم وَهُم فِي حُكمِه سِيَّانِ

وَكِلاَكُمَا للنِّصِّ فَهوَ مُخَالِفٌ
هَذَا وَبَينَكُمَا مِنَ الفُرقَانِ

هُم خَالَفُوا نَصًّا لِنَصٍّ مِثلِهِ
لَم يَفهَموا التَّوفِيقَ بِالإحسَانِ

لَكِنَّكُم خَالَفتُمُ المَنصُوصَ للش
بَهِ التِي هِيَ فِكرَةُ الأذهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ أنتُمُ خَيرٌ وَأق
رَبُ مِنهُمُ لِلحَقِّ وَالإِيمَانِ

هُم قَدَّمُوا المفهُومَ مِن لَفظِ الكِتَا
بِ عَلَى الحَدِيثِ المُوجِبِ التبيَانِ

لَكِنَّكُم قَدَّمتُمُ رَأيَ الرِّجَا
لِ عَلَيهِمَا أفأنتُم عِدلاَنِ

أم هُم إلَى الإِسلاَمِ أقرَبُ مِنكُمُ
لاَحَ الصَّبَاحُ لِمَن لَهُ عَينَانِ

وَالله يَحكُمُ بَينَكُم يَومَ الجَزَا
بِالعَدلِ وَالإِنصَافِ وَالميزَانِ

هَذَا وَنَحنُ فَمِنهُم بَل مِنكُمُ
بُرَاء إلاَّ مِن هُدًى وَبَيَانِ

فَاسمَع إذا قَولَ الخَوَارِجِ ثُمَّ قَو
لَ خُصُومِنَا واحكُم بِلاَ مَيَلاَنِ

مَن ذا الذِي مِنَّا إذًا أشبَاهُهُم
إن كُنتَ ذَا عِلمٍ وَذَا عِرفَانِ

قَالَ الخَوَارِجُ للرَّسُولِ اعدِل فَلَم
تَعدِل وَمَا ذِي قِسمَةُ الدَّيَّانِ

وَكَذَلِكَ الجَهمِيُّ قَالَ نَظِيرَ ذَا
لَكِنَّهُ قَد زَادَ فِي الطُّغيانِ

قَالَ الصَّوَابُ بانَّه استَولَى فَلِم
قُلتَ استَوَى وَعَدلتَ عَن تِبيَانِ

وَكَذَاكَ يَنزِلُ أمرُهُ سُبحَانَهُ
لِمَ قُلتَ يَنزِلُ صَاحِبُ الغُفرَانِ

مَاذَا بِعَدلٍ فِي العِبَارَةِ وَهيَ مُو
هِمةُ التَّحرُّكِ وانتِقَالِ مَكَان

وَكَذاكَ قُلتَ بأنَّ رَبَّكَ فِي السَّمَا
أوهَمتَ حَيِّزَ خَالِقِ الأكوَانِ

كَانَ الصَّوَابُ بِأن يُقَالَ بأنَّهُ
فَوقَ السَّمَا سُلطَانُ ذِي السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ قُلتَ إلَيهِ يُعرَجُ وَالصَّوَا
بُ إلَى كَرَامَةِ رَبِّنَا المَنَّانِ

وَكَذَاكَ قُلتَ بأنَّ مِنهُ يَنزِلُ ال
قُرآنُ تَنزِيلًا مِنَ الرَّحمَنِ

كَانَ الصَّوَابُ بأن يُقَالَ نُزُولُهُ
مِن لَوحِهِ أو مِن مَحَلٍّ ثَانِ

وَتَقُولُ أينَ الله والأينُ مم
تَنِعٌ عَلَيهِ وَليسَ فِي الإمكانِ

لَو قُلتَ مَن كَانَ الصَّوَابَ كَمَا تَرَى
فِي القَبرِ يَسألُ ذَلِكَ المَلَكَانِ

وَتُقُولُ اللَّهُمَّ أنتَ الشَّاهِدُ ال
أعلَى تُشِيرُ بِأصبُعٍ وَبَنَانِ

نَحوَ السَّمَاءِ وَمَا إشَارَتُنَا لَهُ
حِسِّيَّةٌ بَل تِلكَ فِي الأذهَانِ

وَاللهِ مَا نَدرِي الذِي نُبدِيهِ فِي
هَذَا مَنَ التَّأوِيل للإِخوَانِ

قُلنَا لَهُم إنَّ السَّمَا هِي قِبلَةُ الدَّ
اعِي كَبَيتِ الله ذِي الأركَانِ

قَالُوا لنَا هَذا دَليلٌ أنَّهُ
فَوقَ السَّمَاءَِ بِأوضَحِ البُرهَانِ

فَالنَّاسُ طُرًّا إنمَا يَدعُونَه
مِن فَوقُ هذِي فِطرَةُ الرَّحمَنِ

لا يَسألُونَ القِبلَةَ العُليَا وَلَ
كِن يَسألُونَ الربَّ ذَا الإِحسَانِ

قَالُوا وَمَا كَانَت إشَارَتُهُ إلَى
غَيرِ الشَّهِيدِ مُنَزِّلِ الفُرقَانِ

أتُرَاهُ أمسَى لِلسَّمَا مُستشهِدًا
حَاشَاهُ مِن تَحرِيفِ ذِي البُهتَانِ

وَكَذَاكَ قُلتُ بأنَّهُ مُتَكَلِّمٌ
وكَلاَمُهُ المَسمُوعُ بِالآذَانِ

نَادَى الكَلِيمَ بِنَفسِهِ وَكَذَاكَ قَد
سَمِعَ النِّدَا فِي الجَنَّةِ الأبَوَانِ

وَكَذَا يُنادِي الخَلقَ يَومَ مَعَادِهِم
بِالصَّوتِ يَسمَعُ صَوتَهُ الثِّقلاَنِ

إنَّي أنَا الدَّيَّانُ آخُذُ حقَّ مَظ
لُومٍ مِنَ العَبدِ الظَّلُومِ الجَانِي

وَتَقُولُ إنَّ اللهَ قَالَ وَقَائِلٌ
وَكَذَا يَقُولُ وَلَيسَ فِي الإِمكَانِ

قَولٌ بِلاَ حَرفٍ وَلاَ صَوتٍ يُرَى
مِن غَيرِ مَا شَفَةٍ وَغَيرِ لِسَانِ

أوقَعتَ فِي التَّشبِيهِ وَالتَّجسِيمِ مَن
لَم يَنفِ مَا قَد قُلتَ فِي الرَّحمَنِ

لَو لَم تَقُل فَوقَ السَّمَاءِ وَلَم تُشِر
بِإشَارَةٍ حِسِّيَّةٍ بِبَيَانِ

وسَكَتَّ عن تِلكَ الأحَادِيثِ التِي
قَد صَرَّحَت بِالفَوقِ لِلدَّيَّانِ

وَذَكَرتَ أنَّ اللهَ لَيسَ بِدَاخِلٍ
فِينَا وَلاَ هُوَ خَارِجَ الأكوَانِ

كُنَّا انتَصَفنَا مِن أولِي التَّجسِيمِ بَل
كَانُوا لَنَا أسرَى عَبِيدَ هَوَانِ

لَكِن مَنَحتَهُم سِلاَحًا كلمَا
شَاؤوا لَنَا مِنهُم أشَدَّ طِعَانِ

وَغَدَوا بِأسهُمِكَ التِي أعطيتَهُم
يرمُونَنَا غَرَضًا بِكُلِّ مَكَانِ

لَو كُنتَ تَعدِلُ فِي العَبارةِ بَينَنَا
مَا كَانَ يُوجَدُ بَينَنَا رَجفَانِ

هَذَا لِسَانُ الحَالِ مِنهُم وَهوَ فِي
ذَاتِ الصُّدُورِ يُغَلُّ بِالكِتمَانِ

يَبدُوا عَلَى فَلَتَاتِ ألسُنِهِم وَفِي
صَفحَاتِ أوجُهِهِم يُرَى بِعِيَانِ

سِيمَا إذا قُرِىء الحَدِيثُ عَليهِمُ
وَتَلَوتَ شَاهِدَهُ مِنَ القُرآنِ

فَهنَاكَ بَينَ النَّازِعَاتِ وَكُوِّرَت
تِلكَ الوُجُوهُ كَثِيرَةُ الألوَانِ

وَيَكَادُ قَائِلُهُم يُصَرِّحُ لَو يَرَى
مِن قَابِلٍ فَترَاهُ ذَا كِتَمانِ

يَا قَومُ شَاهَدنَا رُؤوسَكُم عَلَى
هَذَا وَلَم نَشهَدهُ مِن إنسَانِ

إلا وَحَشَو فُؤَادِهِ غِلٌّ عَلَى
سُنَنش الرَّسُولِ وَشِيعَةِ القُرآنِ

وَهُوَ الذِي فِي كُتبِهِم لكن بِلُط
فِ عبَارَةٍ مِنهُم وَحُسنِ بَيَانِ

وَأخُو الجَهَالَة نِسبَةٌ للفظ وال
مَعنَى فَنَسبُ العَالشمِ الرَّبَّانِي

يَامَن يَظُنُّ بِأنَّنَا حِفنَا عَلَي
هِم كُتبُهُم تُنبِيكَ عن ذَا الشَّانِ

فَانظُر تَرَى لَكِن نَرَى لَكَ تَركَهَا
حَذَرًا عَليكَ مَصَائِدَ الشَّيطَانِ

فَشِبَاكُهَا والله لَم يَعلَق بِهَا
مِن ذِي جَنضاحٍ قَاصِرِ الطَّيرَانش

إلا رَأيتَ الطَّيرَ فِي قَفَصِ الرَّدى
يَبكِي لَهُ نَوحٌ عَلَى الأغصَانِ

وَيَظَلُّ يَخبِطُ طَالِبًا لِخَلاَصِهِ
فَيَضِيقُ عَنهُ فُرجَةُ العِيدَانِ

وَالذَّنبُ ذَنبُ الطَّيرِ خلَى أطيَبَ الثَّ
مَرَاتِ فِي عَالٍ مِنَ الأفنَانِ

وَأتَى إِلَى تِلكَ المَزَابِلِ يَبتَغِي ال
فَضَلاَتِ كالحَشَرَاتِ وَالدِّيدَانِ

يَا قَومُ وَالله العَظِيمِ نَصِيحةٌ
مِن مُشفِقٍ وَأخٍ لَكُم مِعَوَانِ

جَرَّبتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعت فِي
تِلكَ الشِّبًَاكِ وَكُنتُ ذَا طَيَرَانِ

حَتَّى أتاحَ لِيَ الإِلهُ بِفَضلِهِ
مَن لَيسَ تَجزِيهِ يَدِي وَلِسَانِي

حَبرٌ أتَى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا
أهلًا بِمَن قَد جَاءَ مِن حَرَّانِ

فَالله يَجزِيهِ الذِي أهلُه
مِن جَنَّةِ الماوَى مَعَ الرِّضوَانِ

أخَذَت يَدَاهُ يَدِي وَسَارَ فَلَم يَرم
حَتَّى أرَانِي مَطلَعَ الإِيمَانِ

وَرَأيتُ أعلاَمَ المدِينَةِ حَولَهَا
نُزُلُ الهُدَى وَعَسَاكِرُ القُرآنِ

وَرَأيتُ آثارًا عَظِيمًا شَأنُهَا
مَحجُوبَةً عَن زُمرَةِ العُميَانِ

وَورَدتُ رَأسَ الماءِ أبيَضَ صَافِيًا
حَصبَاؤهُ كلآلىء التِّيجَانِ

وَرَأيتُ أكوَابًا هُناكَ كَثِيرةً
مِثلَ النُّجُومِ لوَارِدٍ ظَمآنِ

وَرَأيتُ حَوضَ الكَوثَرِ الصَّافِي الذِي
لاَ زَالَ يَشخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ

مِيزابُ سُنَّتِهِ وَقَولُ إلهِهِ
وَهُمَا مَدَى الأيَّامِ لاَ يَنيَانِ

وَالنَّاسُ لاَ يَردُونَهُ إلاَّ مِنَ ال
آلافِ أفرَادًا ذَوو إيمَانِ

وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلٍ أكرِم بِهَا
وَوَردتُم أنتُم عَذَابَ هَوَانِ

فَبِحقِّ مَن أعطَاكُمُ ذَا العَدلَ وَال
إنصَافَ والتَّخصِيصَ بالعِرفَانِ

مَن ذَا عَلَى دِين الخَوَارِجِ بَعدَ ذَا
أنتُم أمِ الحَشَوِيُّ مَا تَرَيَانِ

والله مَا أنتُم لَدَى الحَشَوِي أه
لًا أن يُقَدِّمَكُم عَلَى عُثمَانِ

فَضلًا عَنِ الفَارُوقِ وَالصديقِ فَض
لًا عَن رَسُولِ الله وَالقُرآنِ

والله لَوأبصَرتُمُ لَرَأيتُمُ ال
حَشوِيَّ حَامِلَ رَايَةِ الإِيمَانِ

وَكَلاَمُ رَبِّ العَالَمِينَ وَعَبدِهُ
فِي قَلبهِ أعلَى وَأكبَرُ شَانِ

مِن أن يُحَرَّفَ عَن مَوَاضِعِهِ وَأن
يُقضَى لَهُ بِالعَزلِ عَن إيقَانِ

وَيَرَى الوِلايَة لابنِ سِينَا أو أبي
نَصرٍ أوِ المَولُودِ مِن صَفوَانِ

أو مَن يُتَابِعُهُم عَلَى كُفرانِهم
أو مَن يُقَلِّدهُم مِنَ العُميَانِ

يَا قَومَنَا بالله قُومُوا وَانظُرُوا
وَتَفَكَّرُوا فِي السِّرِّ وَالإِعلانِ

نَظَرًا وإن شِئتُم مُنَاظرةً فَمِن
مَثنَى عَلَى هَذَا وَمِن وُحدَانِ

أيُّ الطَّوَائِفِ بَعد ذَا أدنَى إلَى
قَولِ الرَّسُولِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

فَإذَا تَبَيَّنَ ذَا فَإِمَّا تَتبَعُوا
أو تَعذُرُا أو تُؤذِنُوا بِطِعَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم لِمًَن أقتَدَى
بِالوَحي مِن أثرٍ وَمِن قُرآنِ

حَشوِيةٌ يَعنُونَ حَشوًا فِي الوُجُو
دِ وَفَضلَةً فِي أمَّةِ الإِنسَانِ

وَيَظُنُّ جَاهِلُهُم بِأنَّهُمُ حَشَوا
رَبَّ العِبَادِ بِدَاخِلِ الأكوَانِ

إذ قَولُهُم فَوقَ العِبَادِ وَفِي السَّمَا
ءِ الرَّبُّ ذُو المَلَكُوتِ وَالسُّلطَانِ

ظَنَّ الحَمِيرُ بِأنَّ فِي لِلظَّرفِ وَالرَّ
حمَنُ مَحوِيٌّ بِظَرفِ مَكَانِ

وَالله لَم يَسمَع نِدًا مِن فِرقَةٍ
قَالَتهُ فِي زَمَنٍ مِنَ الأزمَانِ

لاَ تَبهَتُوا أهلَ الحَدِيثِ بِهِ فَمَا
ذَا قَولَهُم تََبًّا لِذِي البُهتَانِ

بَل قَولُهُم إنَّ السَّمَوَاتِ العُلَى
فِي كَفِّ خَالِقِ هَذِهِ الأكوَانِ

حَقًّا كَخَردَلَةٍ تُرَى فِي كَفِّ مم
سِكِهَا تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

أتَرَونَهُ المَحصُورَ بَعدُ أمِ السَّمَا
يَا قَومَنَا ارتَدعُوا عَنِ العُدوَانِ

كَم ذَا مُشِّبِهَةٌ وَكَم حَشوِيَّةٌ
فَالبَهتُ لاَ يَخفَى عَلَى الرَّحمَنِ

يَا قَومُ إن كَانَ الكِتَابُ وَسُنَّةُ ال
مُختَارِ حَشوًا فَاشهَدُوا بِبَيَانِ

أنَّا بِحَمدِ إلهنَا حَشوِيةٌ
صِرفٌ بِلاَ جَحدٍ وَلاَ كِتمَانِ

تَدرُونَ مَن سَمَّت شُيُوخُكُمُ بِهَ
ذَا الإِسمِ فِي المَاضِي مِنَ الأزمَانِ

سَمَّى بِهِ ابنُ عُبَيدِ عَبدَاللهِ ذَا
كَ ابنُ الخَلِيفَةِ طَارِدِ الشَّيطَانِ

فَوَرِثتُمُ عَمرًا كَمَا وَرِثُوا لِعَب
دِ الله أنَّى يَستَوِي الإرثَانِ

تَدرُونَ مَن أولَى بِهَذَا وَهُ
وَ مُنَاسِبٌ أحوَالَهُ بِوِزَانِ

مَن قَد حَشَا الأورَاقَ وَالأذهَانَ مِن
بِدَعٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ القُرآنِ

هَذَا هُوَ الحَشوِيُّ لاَ أهلُ الحَدِي
ثِ أئِمَّةُ الإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ

وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلِ السُّنَنِ التِي
لَيسَت زُبَالَةَ هَذِهِ الأذهَانِ

وَوَرَدتُمُ القَلُّوطَ مَجرَى كُلِّ ذِي ال
أوسَاخِ وَالأقذَارِ وَالأنتَانِ

وَكَسِلتُمُ أن تَصعَدُوا لِلوِردِ مِن
رَأسِ الشرِيعَةِ خَيبَةَ الكَسلاَنِ

كَم ذَا مُشبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ نَوَا
بِتَةٌ مَسَبَّةُ جَاهِلٍ فَتَّانِ

أسمَاءُ سَميتُم بِهَا أهلَ الحَدِي
ثِ وَنَاصِرِي القُرآنِ والإِيمَانِ

سَمَّيتُمُوهُم أنتُمُ وَشُيُوخُكُم
بَهتًا بِهَا مِن غَيرِ مَا سُلطَانِ

وَجَعَلتُمُوهَا سُبَّةً لِتُنَفِّرُوا
عَنهُم كَفِعلِ السَّاحِرِ الشَّيطَانِ

مَا ذَنبُهُم وَالله إلاَّ أنَّهُم
أخَذُوا بِوَحيِ اللهِ وَالفُرقَانِ

وَأبَوا بأن يَتَحَيَّزُوا لِمَقَالَةٍ
غَيرِ الحَدِيثِ وَمُقتَضَى القُرآنِ

وَأبَوا يَدِينُوا بِالذِي دِنتُم بِهِ
مِن هَذِهِ الآرَاءِ وَالهَذَيَانِ

وَصَفُوهُ بِالأوصَافِ فِي النَّصَّينِ مِن
خَبَرٍ صَحِيحٍ ثُمَّ مِن قُرآنِ

إن كَانَ ذَا التَّجسِيمَ عِندكُمُ فَيَا
أهلًا بِهِ مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

إنَّا مُجَسِّمَةٌ بِحَمدِاللهِ لَم
نَجحَد صِفَات الخَالِقِ الرَّحمَنِ

وَالله مَا قَالَ امرُؤ مِنَّا بِأنَّ
اللهَ جِسمٌ يَا أولِي البُهتَانِ

وَالله يَعلَم أنَّنَا فِي وَصفِهِ
لَم نَعدُ مَا قَد فِي القُرآنِ

أو قَالَهُ أيضًا رَسُولُ اللهِ فَه
وَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ بِالبُرهَانِ

أو قَالَهُ أصحَابُهُ مِن بَعدِهِ
فَهُمُ النُّجُومُ مَطالِعُ الإِيمَانِ

سَمُّوهُ تَجسِيمًا وَتَشبِيهًا فَلَس
نَا جَاحِدِيهِ لِذَلِكَ الهَذَيَانِ

بَل بَينَنَا فَرقٌ لَطِيفٌ بل هُو ال
فَرقُ العَظِيمُ لِمَن لَهُ عَينَانِ

إنَّ الحَقِيقَةَ عِندَنَا مَقصُودَةٌ
بِالنَّصِّ وَهوَ مُرَادهُ التِّبيَانِ

لَكِن لَدَيكُم فَهيَ غضيرُ مُرَادَةٍ
أنَّى يُرَادُ مُحَقَّقُ البُطلاَنِ

فَكَلاَمُهُ فِيمَا لَدَيكُم لا حقِي
قَةَ تَحتَهُ تَبدُو إلَى الأذهَانِ

فِي ذِكرِ آيَاتِ العُلُوِّ وَسَائِرِ ال
أوصَافِ وَهيَ القَلبُ للقُرآنِ

بَل قَولُ رَبِّ النَّاسِ لَيسَ حَقِيقَة
فِيمَا لَدَيكُم يَا أولِي العِرفَانِ

وَإذَا جَعَلتُم ذَا مَجَازًا صَحَّ أن
يُنفَى عَلَى الإِطلاَقِ وَالإمكَانِ

وَحَقَائِقُ الألفَاظِ بِالعَقلِ انتَفَت
فِيمَا زَعَمتُم فَاستَوَى النَّفيَانِ

نَفيُ الحَقِيقَةِ وانتِفَاءُ اللَّفظِ إن
دَلَّت عَلَيهِ فَحَظُّكُم نَفيَانِ

وَنَصِيبُنَا إثبَاتُ ذَاكَ جَمِيعِهِ
لَفظًا وَمَعنًى ذاكَ إثبَاتَانِ

فَمَنِ المعَطِّلُ فِي الحَقِيقَةِ غَيرُكُم
لَقَبٌ بِلاَ كَذِبٍ وَلاَ عُدوَانِ

وَإذَا سَبَبتُم بالمُحَالِ فَسَبُّنَا
بِأدِلَّة وَحِجَاج ذِي بُرهَانِ

تُبدِي فَضَائِحَكُم وَتَهتِكُ سِتركُم
وَتُبِينُ جَهلَكُكُ مَعَ العُدوَانِ

يَا بُعدَ مَا بَينَ السِّبَابَ بِذَاكُمُ
وَسِبَابُكُم بِالكِذبِ وَالطُّغيَانِ

مَن سَبَّ بِالبُرهَانِ لَيسَ بِظَالِمٍ
وَالظُّلمُ سَبُّ العَبدِ بالبُهتَانِ

فَحَقِيقَةُ التَّجسِيمِ إن يَكُ عِندكُم
وَصفُ الإِلهش الخَالِقِ الدَّيَّانِ

بِصِفَاتِهِ العُليَا التَي شَهِدَت بِهَا
آيَاتُهُ وَرَسُولُهُ العَدلانِ

فَتَحَمَّلُوا عَنَّا الشَّهَادَةَ وَاشهَدُوا
فِي كُلِّ مُجتَمَعٍ وَكُلِّ مَكَانِ

أنَّا مُجَسِّمَةٌ بِفَضلِ اللهِ وَل
يَشهَد بِذَلِكَ مَعكُمُ الثَّقَلاَنِ

اللهُ أكبَرُ كَشَّرت عَن نَابِهَا ال
حَربُ العَوَانُ وَصِيحَ بالأقرَانِ

وَتَقَابَلَ الصَّفَّانِ وَانقَسَمَ الوَرى
قِسمَينِ وَاتَّضَحَت لَنَا القِسمَانِ

يَا وَارِدَ القَلُّوطِ وَيحَكَ لَو تَرَى
مَاذَا عَلَى شَفَتَيكَ وَالأسنَانِ

أو مَا تَرَى آثَارَهَا فِي القَلبِ وَالنِّ
يَّاتِ وَالأعمَالِ وَالأركَانِ

لَو طَابَ مِنكَ الوردُ طَابَت كُلُّهَا
أنَّى تَطِيبُ مَوَاردُ الأنتَانِ

يَاوَاردَ القَلُّوطِ طَهِّر فَاكَ مِن
خَبَثٍ بِهِ واغسِلهُ مِن أنتَانِ

ثُمَّ اشتُمِ الحَشوِيَّ حَشوَ الدينِ وال
قُرآنِ وَالآثَارِ وَالإِيمَانِ

أهلاَ بِهم حَشوَ الهُدَى وَسِوَاهم
حَشوُ الضَّلاَلِ فَمَا هُمَا سِيَّانِ

أهلًا بِهِم حَشوَ اليَقِينِ وَغَيرُهُم
حَشَوُ الشُّكُوكِ فَمَا هُمَا صِنوَانِ

أهلًا بِهِم حَشوَ المَسَاجِد وَالسِّوَى
حَشوُ الكَنِيفِ فَمَا هُمَا عِدلاَنِ

أهلاَ بِهِم حَشوَ الجِنَانِ وَغَيرُهُم
حَشوُ الجَحِيمِ أيَستَوِي الحَشوَانِ

يَا وَاردَ القَلُّوطِ وَيحَكَ لَو تَرَى ال
حَشوِيَّ وَارِدَ مَنهَلش القُرآنِ

وَتَرَاهُ مِن رأسِ الشَّرِيعَةِ شَارِبًا
مِن كَفِّ مَن قَد جَاءَ بِالفُرقَانِ

وَتَرَاهُ يَسقِي النَّاسَ فَضلَةَ كَأسِهِ
وَخِتَامُهَا مِسكٌ عَلَى رَيحَانِ

لِعَذَرتَهُ إن بَالَ فِي القَلُّوطِ لَم
يَشرَب بِهِ مَع جُملَةِ العُميَانِ

يَا وَارِدَ القَلُّوطِ لاَ تَكسَل فَرأ
سُ المَاءِ فَاقصِدهُ قَرِيبٌ دَانِ

هُوَ مَنهَلٌ سَهلٌ قَرِيبٌ وَاسِعٌ
كَافٍ إذَا نَزَلت بِهِ الثَّقَلاَنِ

وَاللهِ لَيسَ بِأصعَبِ الوِردَين بَل
هُوَ أسهَلُ الوِردَينِ لِلظَّمآنِ

يَاقَومُ وَاللهِ انظُرُوا وَتَفَكَّرُوا
فِي هَذِهِ الأخبَارِ وَالقُرآنِ

مِثلَ التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ لِلَّذِي
قَد قَالَهُ ذُو الرَّايِ وَالحُسبَانِ

فَأقَلُّ شَيءٍ أن يَكُونَا عِندَكُم
حَدًّا يَا أولِي العُدوَانِ

وَاللهِ مَا استَوَيَا لَدَى زُعَمَائِكُم
فِي العِلم وَالتَّحقِيقِ وَالعِرفَانِ

عَزَلُوهُمَا بَل صَرَّحُوا بِالعزلِ عَن
نَيلِ اليَقِينِ وَرُتبَةِ البُرهَانِ

قَالُوا وَتِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ
لَسنَا نُحَكِّمُهَا عَلَى الإِيقَانِ

مَا أنزِلَت لِيُنَالَ مِنهَا العِلمُ بال
إثبَاتِ للأوصَافِ للرَّحمَنِ

بَل بِالعُقُولِ يُنَالُ ذَاكَ وَهَذِهِ
عَنهُ بِمَعزَلِ غَيرُ ذِي سُلطَانِ

فَبِجُهدِنَا تَأوِيلُهَا وَالدَّفعُ فِي
أكنَافِهَا دَفعًا لِذِي الصَّوَلاَنِ

كَكَبير قَومٍ جَاءَ يَشهَدُ عِندَ ذِي
حُكمٍ يُريدُ دِفَاعَهُ بِلِيَانِ

فَيَقُولُ قَدرُكَ فَوقَ ذَا وَشَهَادَةٌ
لِسَواكَ تَصلُحُ فَاذهَبَن بِأمَانِ

وَبِوُدِّهِ لَو كَانَ شَيءٌ غَيرَ ذَا
لَكِن مَخَافَةَ صَاحِب السُّلطَانِ

فَلَقَد أتَانَا عَن كَبِيرٍ فِيهِمُ
وَهُوَ الحَقِيرُ مَقَالَةُ الكُفرَانِ

لَو كَانَ يُمكِنُنِي وَلَيسَ بِمُمكِنٍ
لَحَكَكَتُ مِن ذَا المِصحَفِ العُثمَانِي

ذِكرَ استَوَاءِ الرَّبِّ فَوق العَرشِ لَ
كِن ذَاكَ مُمتَنِعٌ عَلَى الإِنسَانِ

وَألله لَولاَ هَيبَةُ الإِسلاَمِ وَال
قرآنِ وَالأمرَاءِ وَألسُّلطَانِ

لأتَوا بكُلِّ مُصِيبَةٍ وَلَد كدَكوا ال
إسلاَمَ فَوقَ قَواعِدِ الأركَانِ

فَلَقَد رَأيتُم مَا جَرَى لأئِمَّةِ ال
إسلاَمِ مِن مِحَنٍ عَلَى الأزمَانِ

لاَ سِيَّمَا لَمَّا استَمَالُوا جَاهِلًا
ذَا قُدرَةٍ فِي النَّاسِ مَع سُلطَانِ

وَسَعَوا إلَيهِ بِكُلِّ إفكٍ بَيِّنٍ
بَل قَاسَمُوهُ بِأغلَظِ الأيمَانِ

أنَّ النَّصِيحَةَ قَصدُهُم كَنَصِيحَةِ الشَّ
يطَانِ حِينَ خَلاَ بِهِ الأبَوَانِ

فَيَرَى عَمَائِمَ ذَاتَ أذنَابٍ عَلَى
تِلكَ القُشُورِ طَويلَةِ الأردَانِ

وَيَرَى هَيُولَى لاَ تَهُولُ لِمبصِرٍ
وَتَهُولُ أعمَى فِي ثِيَابش جَبَانِ

فَإذَا أصَاخَ بِسَمعِهِ مَلَؤوهُ مِن
كَذِبٍ وَتَلبِيسٍ وَمِن بُهتَانِ

فَيَرَى وَيَسمَعُ فَشرَهُم وَفُشَارَهُم
يَا مِحنَةَ العَينَينِ وَالأذُنَانِ

فَتَحُوا جِرَابَ الجَهلِ مَع كَذِبٍ فَخُذ
وَاحمِل بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

وَأتَوا إِلَى قَلبِ المُطَاعِ فَفتَّشُوا
عَمَّا هُنَاكَ لِيَدخُلُوا بِأمَانِ

فَإِذَا بَدَا غَرَضٌ لَهُم دَخَلُوا بِهِ
مِنهُ إلَيهِ كَحِيلَةِ الشَّيطَانِ

فَإِذَا رَأوهُ هَشَّ نَحو حَدِيثِهِم
ظَفِرُوا وَقَالُوا وَيحَ آلِ فُلاَنِ

هُوَ فِي الطَّرِيقِ يَعُوقُ مَولاَنَا عَن ال
مَقصُودِ وَهوَ عَدُوُّ هَذَا الشَّانِ

فَإذَا هُمُ غَرَسُوا العَدَاوَة وَاظَبُوا
سَقيَ الغِرَاسِ كَفِعلِ ذِي البُستَانِ

حَتَّى إذاَ مَا أثمَرت وَدَنَ لَهُم
وَقتُ الجَذّاذِ وَصَارَ ذَا إمكَانِ

رَكِبُوا عَلَى جُردٍ لَهُم وَحَمِيَّةٍ
وَاستَنجَدُوا بِعَسَاكِرِ الشَّيطَانِ

فَهُنَالِكَ ابتُلِيَت جُنُودُ الله مِن
جُندِ اللعِينِ بِسَائِرِ الألوَانِ

ضَربًا وَحَبسًا ثُمَّ تَكفِيرًا وَتَب
دِيعًا وَشَتمًا ظَاهِرَ البُهتَانِ

فَلَقَد رَأينَا مِن فَريِقٍ مِنهُمُ
أمرًا تُهَدُّ لَهُ قُوَى الإِيمَانِ

مِن سَبِّهُم أهلَ الحَدِيثِ وَدِينُهُم
أخذُ الحَدِيث وَتَركُ قَولِ فَلاَنش

يَا أمَّةً غَضِبَ الإلَهُ عَلَيهِمُ
ألأجلِ هَذَا تَشتُمُوا بِهَوَانِ

تَبًّا لَكُم إذ تَشتُمُونَ زَوَامِلَ ال
إسلاَمِ حِزبَ الله وَالقُرآنِ

وَسَبَبتُمُوهُم ثُمَّ لَستُم كُفؤهُم
فََرَأوا مَسَبَّتَكُم مِنَ النُّقصَانِ

هَذَا وَهُم قَبِلُوا وَصِيَّةً رَبِّهِم
فِي تَركِهِم لِمَسَبَّةِ الأوثَانِ

حَذَرَ المُقَابَلَةَ القَبِيحَةَ مِنهُمُ
بِمَسَبَّةِ القُرآنِ وَالرَّحمَنِ

وَكَذَاكَ أصحَابُ الحَدِيثِ فَإنَّهُم
ضُرِبَت لَهُم وَلَكُم بِذَا مَثَلاَنِ

سَبُّوكُمُ جُهَّالُهُم فَسَبَبتُمُ
سُنَنَ الرَّسُولِ وَعَسكَرَ الإِيمَانِ

وَصَدَدتُمُ سُفَهَاءَكُم عَنهُم وَعَن
قَولِ الرَّسُولِ وَذَا مِنَ الطُّغيَانِ

وَدَعَوتُمُوهُم لِلَّذِي قَالَتهُ أش
يَاخٌ لَكم بِالخَرصِ وَالحُسبَانِ

فَأبَوا إجَابَتَكُم وَلَم يَتَحَيَّزُوا
إلاَّ إلَى الآثارِ وَالقُرآنِ

وَإلَى أولِي العِرفَانِ مِن أهلِ الحَدِي
ثِ خُلاَصَةِ الإِنسَانِ وَالأكوَانِ

قَومٌ أقَامَهُمُ الإلَهُ لِحِفظِ هَ
ذَا الدِّينِ مِن ذِي بِدعَةٍ شَيطَانِ

وَأقَامَهُم حَرَسًا مِنَ التَّبدِيلِ وَالتَّ
حرِيفِ وَالتتمِيمِ وَالنُّقصَانِ

يُزكٌ عَلَى الإسلامِ بَل حِصنٌ لَهُ
يَأوِي إلَيهِ عَسَاكِرُ الفُرقَانِ

فَهُمُ المَحَكُّ فَمَن يُرَى مُتَنَقصًا
لَهُم فَزِندِيقٌ خَبِيثُ جَنَانِ

إن تَتَّهِمهُ فَقَبلَكَ السَّلَفُ عَلَى الهُدى
وَالعِلمِ والآثارِ والقُرآنِ

وَهُوَ الحَقِيقُ بِذَاكَ إذ عَادَى رُوَا
ةَ الدِّينِ وَهيَ عَدَاوَةُ الدَّيَّانِ

فَإِذَا ذَكَرتَ النَّاصِحينَ لِرَبِّهِم
وَكَتَابِهِ وَرَسُولِهِ بِلِسَانِ

فَاغسِلهُ وَيلَكَ مِنَ دَم التَّعطِيل وَالتَّ
كذِيبِ وَالكُفرَانِ وَالبُهتَانِ

أتَسُبُّهُم عَدوًا وَلَستَ بِكُفئِهِم
فَالله يَفدِي حَِزبَهُ بِالجَانِي

قَومٌ هُمُ بِاللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ
أولَى وَأقرَبُ مِنكَ لِلإِيمَانِ

شَتَّانَ بَينَ التَّارِكينَ نُصُوصَهُ
حَقًّا لأجلِ زَبَالَةِ الأذهَانِ

وَالتَّارِكِينَ لأجلِهَا آراءَ مَن
آرَائُهُم ضَربٌ مِنَ الهَذَيَانِ

لَمَّا فَسَا الشَّيطَانُ فِي آذَانِهِم
ثُقُلَت رُؤوسُهُمُ عَنِ القُرآنِ

فَلذَاكَ نَامُوا عَنه حَتَّى أصبَحُوا
يَتَلاعَبُوَنَ تَلاَعُبَ الصِّبيَانِ

وَالرَّكبُ قَد وَصَلُوا العُلَى وَتَيَمَّمُوا
مِن أرضِ طَيبَةَ مَطلَع الإِيمَانِ

وَأتَوا إلَى رَوضَاتِهَا وَتَيمَّمُوا
مِن أرضِ مَكَّة مَطلَع القُرآنِ

قَومٌ إذَا مَا نَاجِذُ النَّصِّ بَدَا
طَارُوا لَهُ بِالجَمعِ وَالوُحدَانِ

وَإذَا بَدَا عَلَمُ الهُدَى استَبَقُوا لَهُ
كَتَسَابُقِ الفُرسانِ يَومَ رِهَانِ

وَإِذَا هُمُ سَمِعُوا بِمُبتَدعٍ هَذَى
صَاحُوا بِهِ طُرًّا بِكُلِّ مَكَانِ

وَرِثُوا رَسُولَ اللهِ لِكِن غَيرُهُم
قَد رَاحَ بِالنُّقصَانِ وَالحِرمَانِ

وَإذَا استَهَانَ سِوَاهُمُ بِالنِّصِّ لَم
يَرفَع بِهِ رَأسا مِنَ الخُسرَانِ

عَضُّوا عَلَيهِ بِالنوَاجِذِ رَغبَةً
فِيهِ وَلَيسَ لَدَيهِمُ بِمُهَانِ

لَيسُوا كَمَن نَبَذَ الكِتَابَ حَقِيقَةً
وَتِلاَوَةً قَصدًا بِتَركِ فُلاَنِ

عَزَلُوهُ فِي المَعنَى وَوَلُّوا غَيرَهُ
كَأبِي الرَّبِيعِ خَلِيفَةِ السُّلطَانِ

ذَكَرُوهُ فَوقَ مَنَابِرٍ وَبِسِكَّةٍ
رَقَمُوا اسمَهُ فِي ظَاهِرِ الأثمَانِ

وَالأمرُ وَالنَّهيُ المُطَاعُ لِغَيرِهِ
وَلِمُهتَدٍ ضُرِبَت بِذَا مَثَلاَنِ

يَا لِلعُقولِ أيَستَوِي مَن قَالَ بِال
قُرآنِ وَالآثارِ وَالبُرهَانِ

وَمُخَالِفٌ هَذَا وَفِطرَةَ رَبِّهِ
الله أكبَرُ كَيفَ يَستَوِيَانِ

بَل فِطرَةُ اللهِ التَي فُطِرُوا عَلَى
مَضمُونِهَا وَالعَقلُ مَقبُولاَنِ

وَالوَحيُ جَاءَ مُصدِّقًا لَهُمَا فَلاَ
تُلقِ العَدَاوَةَ مَا هُمَا حَربَانِ

سِلمَانِ عِندَ مُوَفَّقٍ وَمُصَدِّقٍ
وَالله يَشهَدُ إنَّهُمَا سِلمَانِ

فإذَا تَعَارَضَ نَصُّ لَفظٍ وَارِدٍ
وَالعَقلُ حَتَّىَلَيسَ يِلتَقِيَانِ

فَالعَقلُ إمَّا فَاسِدٌ وَيَظُنُّهُ الرَّا
ئِي صَحِيحًَا وَهوَ ذُو بُطلاَنِ

أو أنَّ ذَاكَ النصَّ لَيسَ بِثَابِتٍ
مَا قَالَهُ المَعصُومُ بِالبُرهَانِ

وَنُصُوصُهُ لَيسَت تُعَارِضُ بَعضُهَا
بَعضًا فَسَل عَنهَا عَلِيمَ زَمَانِ

وَإذَا ظَنَنتَ تَعَارُضًا فِيهَا فَذَا
مِن آفَةِ الأفهَامِ وَالأذهَانِ

أو أن يَكُونَ البَعضُ لَيسَ بِثَابِتٍ
مَا قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

لَكِنَّ قَولَ مُحَمَّدٍ وَالجَهمِ فِي
قَلبِ المُوَحِّدِ لَيسَ يَجتَمِعَانِ

إلا وَيطرُدُ كُلُّ قَولٍ ضِدَّهُ
فَإِذَا هُمَا اجتَمَعَا فَمُقتَتِلاَنِ

وَالنَّاسُ بَعدُ عَلَى ثَلاثٍ حِزبِهِ
أو حَربِهِ أو فَارِغٍ مُتَوَانِ

فَاختَر لِنَفسِكَ أينَ تَجعَلُهَا فَلاَ
وَالله لَستَ بِرَابِعِ الاعيَانِ

مَن قَالَ بِالتَّعطِيلِ فَهوَ مكَذِّبٌ
بِجَمِيعِ رُسلِ الله والفُرقَانِ

إنَّ المُعَطِّلَ لاَ إلَه لهُ سِوَى ال
مَنحُوتِ بِالأفكَارِ فِي الأذهَانِ

وَكَذَا إلَهُ المشرِكِينَ نُحَيتَهُ ال
أيدِي هُمَا فِي نَحتِهِم سِيَّانِ

لَكِن إلَهُ المُرسَلِينَ هُوَ الذِي
فَوقَ السَّمَاءِ مُكونُ الأكوَانِ

تاللَّهِ قَد نَسَبَ المعَطِّلُ كُلَّ مَن
بِالبيِّنَاتِ أتَى إلَى الكِتمَانِ

وَاللهِ مَا فِي المُرسَلِينَ مُعَطِّلٌ
نَافَى صِفَاتِ الوَاحِد الرَّحمنِ

كَلاَّ وَلاَ فِي المُرسَلِينَ مُشَبِّهٌ
حَاشَاهُمُ مِن إفكِ هذي بُهتَانِ

فَخُذِ الهُدَى مِن عبدِهِ وَكِتَابِهِ
فَهُمَا إلَى سُبُلِ الهُدَى سَبَبَانِ

وَاحذَر مَقَالاَتِ الذِينض تَفَرَّقُوا
شِيَعًا وَكَانُوا شِيعَةَ الشَّيطَانِ

وَأسأل خَبِيرًا عَنهُم يُنبِيكَ عَن
أسرَارِهِم بِنَصِيحَةٍ وَبَيَانِ

قَالُوا الهُدَى لاَ يُستَفَادُ بِسُنَّةٍ
كَلاَّ وَلاَ أثَرٍ وَلاَ قُرآنِ

إذ كُلُّ ذَاكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ
لَم تُبدِ عَن عِلمٍ وَلاَ إيقَانِ

فِيهَا اشتِرَاكٌ ثُمَّ إجمَالٌ يُرَى
وَتَجَوُّزٌ بِالزَّيدِ وَالنُقصَانِ

وَكَذَلِكَ الإِضمَارُ وَالتَّخصِيصُ وَال
حَذفُ الذِي لَم يُبدِ عَن تِبيَانِ

وَالنَّقلُ آحادٌ فََموقُوفٌ عَلَى
صِدقِ الرُّوَاةِ وَلَيسَ ذَا بُرهَانِ

إذ بَعضُهُم فِي البَعضِ يَقدَحُ دَائِمًا
وَالقَدحُ فِيهِم فَهوَ ذُو إمكَانِ

وَتَوَاتُرٌ وَهوَ القَلِيلُ وَنَادِرٌ
جِدًّا فَأينَ القَطعُ بِالبُرهَانِ

هَذَا وَيَحتَاجُ السَّلاَمَةَ بَعدُ مِن
ذَاكَ المُعَارِضِ صَاحِبِ السُّلطَانِ

وَهُوَ الذِي بِالعقلِ يُعرَفُ صِدقُهُ
وَالنَّفيُ مَظنُونٌ لَدَى الإِنسَانِ

فَلأجلِ هَذَا قَد عَزَلنَاهَا وَوَلَّي
نَا العُقُولَ وَمَنطِقَ اليُونَانِ

فانظُر إِلَى الإِسلامِ كَيفَ بَقُاؤهُ
مِن بَعدِ هَذَا القَولِ ذِي البُطلاَنِ

وَانظُر إلَى القُرآنِ مَعزَولًا لَدَي
هِم عضن نُفُوذِ وَلاَيَةِ الإِيقَانِ

وَانظًر إِلَى قَولِ الرَّسُولِ كذَلكَ مَع
زُولًا لَدَيهِم لَيسَ ذَا سُلطَانِ

وَاللهِ مَا عَزَلُوهُ تَعظِيمًا لَهُ
أيَظُنُّ ذَلِكَ قَطُّ ذُو عِرفَانِ

يَا لَيتَهُم إذ يَحكُمُونَ بِعَزلِهِ
لَم يَرفعُوا رَايَاتِ جَنكِسخَانِ

يَا وَيلُهُم وَلُّوا نَتَاِجَ فِكرِهِم
وَقَضَوا بِهَا قَطعًا عَلَى القُرآنِ

وَرِذَالُهُم وَلُّوا إشَارَاتِ ابنِ سِي
نَا حِينَ وَلُّوا مَنطِقَ اليُونَانِ

وَانظُر إلَى نَصِّ الكِتَابِ مُجَدَّلًا
وَسَطَ العَرِينش مُمزَّقَ اللُّحمَانِ

بِالطَّعنِ بِالإِجمَالِ وَالإٍضمَارِ وَالتَّ
خصِيصِ وَالتَّأوِيلِ بِالبُهتَانِ

وَالإِشتِرَاكُ وَبِالمَجَازِ وَحَذفِ مَا
شَاؤُوا بِدَعوَاهُم بِلاَ بُرهَانش

وَانظُر إلَيهِ لَيسَ يَنفُذُ حُكمُهُ
بَينَ الخُصُومِ وَمَا لَهُ مِن شَانِ

وَانظُر إلَيهِ لَيسَ يُقبَلُ قولُهُ
فِي العِلمِ بِالأوصَافِ للرَّحمَنِ

لَكِنَّمَا المَقبُولُ حُكمُ العَقلِ لاَ
أحكَامُهُ لاَ يَستَوِي الحُكمَانِ

يَبكِي عَليهِ أهلُهُ وَجُودُهُ
بِدمَائِهِم وَمَدَامِعِ الأجفَانِ

عَهدُوهُ قِدمًا لَيسَ يَحكُمُ غَيرُهُ
وَسوَاهُ مَعزُولٌ عَنِ السُّلطَانِ

إن غَابَ نَابَت عَنهُ أقوَالُ الرَّسُو
لِ هُمَا لَهُم دُونَ الوَرَى حَكَمَانِ

فَأتَاهُمُ مَا لَم يَكُن فِي ظَنِّهِم
فِي حُكمِ جَنكِسخَانِ ذِي الطُّغيَانِ

بِجُنُودِ تَعطِيلٍ وَكُفرَانٍ مِن ال
مَغُولِ ثُمَّ اللاَّصِ وَالعَلاَّنِ

فَعَلُوا بِمِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ كَمَا
فَعَلُوا بِأمَّتِهش مِنَ العُدوَانِ

وَاللهِ مَا انقَادُوا لِجَنكِسخَانَ حَتَّ
ى أعرَضُوا عَن مُحكَمِ القُرآنِ

وَاللهِ مَا وَلُّوه إلاَّ بَعدَ عَز
لِ الوَحيِ عَن عِلمٍ وَعَن إيقَانِ

عَزَلُوهُ عَن سُلطَانِهِ وَهُوَ اليَقِي
نُ المستَفَادُ لَنا مِنَ السُّلطَانِ

هَذَا وَلَم يَكفِ الذِي فَعَلُوهُ حَتَّ
ى تَمَّمُوا الكُفرَانَ بِالبُهتَانِ

جَعَلُوا القُرآنِ عِضِينَ إذ عَضَّوهُ أن
وَاعًا مُعَدَّدةً مِنَ النُّقصَانش

مِنهَا انتِفَاءُ خُرُوجِهِ مِن رَبِّنَا
لَم يَبدُ مِن رَبٍّ وَلاَ رَحمَنِ

لَكِنَّهُ خَلقٌ مِنَ اللَّوحِ ابتَدَا
أو جَبرَئِيلَ أوِ الرَّسُولِ الثَّانِي

مَا قَالَهُ رَبُّ السَّمَوَات العُلَى
لَيسَ الكَلامُ بِوَصفِ ذِي الغُفرَانِ

تَبًّا لَهُم سَلبُوهُ أكمَلَ وَصفِهِ
عَضَهُوهُ عَضهَ الرَّيبش وَالكُفرَانِ

هَل يَستَوِي باللهِ نِسبَتُهُ إلَى
بَشَرٍ وَنِسبَتُهُ إلَى الرَّحمنَ

مِن أينَ للمَخلُوقِ عَينُ صِفَاتِهِ
اللهُ أكبَرُ لَيسَ يَستَوِيَانِ

بَينَ الصِّفَاتِ وَبَينَ مَخلُوقٍ كَمَا
بَينَ الإِلَهِ وَهَذِهِ الأكوَانِ

هَذَا وَقَد عَضهُوهُ أنَّ نُصُوَصَهُ
مَعزُولَةٌ عَن إمرَةش الإِيقانِ

لَكِنَّ غَايَتَهَا الظُّنُونُ وَلَيتَهُ
ظَنًّا يَكُونُ مُطَابِقًا بِبَيَانِ

لَكِن ظَوَاهِرُ مَا يُطَابِقُ ظَنَّهَا
مَا فِي الحَقِيقَةِ عِندَنَا بِوِزَانِ

إلاَّ إِذَا مَا أوِّلَت فَمَجَازُهَا
بِزِيَادَةٍ فِيهَا أوِ النُّقصَانِ

أو بِالكِنَايَةِ وَاستِعَارَاتٍ وَتَش
بِيهٍ وَأنوَاعِ المَجَازِ الثَّانِي

فَالقَطعُ لَيسَ يُفِيدُهُ وَالظَّن مَن
فِيٌّ كَذَلِكَ فانتَفَآ الأمرَانِ

فَلِمَ المَلاَمَةُ إذ عَزَلنَاهَا وَوَلَّ
ينَا العُقُولَ وَفِكرَةَ الأذهَانِ

فَاللهُ يُعظِمُ فِي النُّصُوصِ أجُورَكُم
يَا أمَّةَ الآثَارِ والقُرآنِ

مَاتَت لَدَى الأقوَامِ لاَ يُحيُونَهَا
أبدًا وَلاَ تُحييهُمُ لِهَوَانِ

هَذَا وَقَولُهُم خِلاَفُ الحِسِّ وَال
مَعقُولِ وَالمَنقُولِ وَالبُرهَانِ

مَعَ كَونِهِ أيضًا خِلاَفَ الفِطرَةش ال
أولَى وَسُنَّةِ رَبِّنَا الرَّحمَنِ

فَاللهُ قَد فَطَرَ العِبَادَ عَلَى التَّفَا
هُمِ بِالخِطَابِ لِمَقصَدِ التِّبيَانِ

كُلٌّ يَدُلُّ عَلَى الذِي فِي نَفسِهِ
بِكَلامِهِ مِن أهلِ كُلِّ لِسَانِ

فَتَرَى المُخَاطِبَ قَاطِعًا بِمُرَادِهِ
هَذَا مَعُ التَّقصِير فِي الإِنسَانِ

إذ كُلُّ لَفظٍ غَيرِ لَفظِ نَبِيِّنَا
هُوَ دُونَهُ فِي ذَا بِلاَ نُكرَانِ

حَاشَا كَلاَمَ اللهِ فَهوَ الغَايَةُ ال
قُصوَى لَهُ أعلَى ذُرَى التِّبيَانِ

لَم يَفهَمِ الثَّقَلاَنِ مِن لَفظٍ كَمَا
فَهِمُوا مِنَ الاخبَارِ وَالقُرآنِ

فَهُوَ الذِي استَولَى عَلَى التبيان كاس
تِيلاَئِه حَقًّا عَلَى الإِحسَانِ

مَا بَعدَ تِبيَانِ الرَّسُولِ لنَاظِرٍ
إلاَّ العَمَى وَالعيبُ فِي العُميَانِ

فَانظُر إلَى قَولِ الرَّسُولِ لِسَائِلٍ
مِن صَحبِهِ عَن رُؤيةِ الرَّحمَنِ

حَقًّا تَرَون إلَهَكُم يَومَ اللِّقَا
رُؤيَا العِيَانِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

كَالبَدرِ لَيلَ تَمامِهِ وَالشَّمسِ فِي
نَحرِ الظَّهِيرَةِ مَا هُمَا مِثلاَنِ

بَل قَصدُه تَحقِيقُ رُؤيَتِنَا لَهُ
فَأتَى بأظهَرِ مَا يُرَى بِعِيَانِ

وَنَفَى السَّحَابَ وَذَاكَ أمرٌ مَانِعٌ
مِن رُؤيةِ القَمَرَينِ فِي ذَا الآنِ

فَإذَا أتَى بالمُقتَضِي وَنَفَى المَوَا
نِعَ خَشيَةَ التقصيرِ فِي التِّبيَانِ

صَلَّى عَلَيه الله مَا هَذَا الذِي
يَأتشي بِهِ مِن بَعدِ ذَا التِّبيَانِ

مَاذَا يَقُولُ القَاصِدُ التبيَانَ يَا
أهلَ العَمَى مِن بَعدِ ذَا التِّبيَانِ

فَبِأيِّ لَفظٍ جَاءَكُم قُلتُم لَهُ
ذَا اللَّفظِ مَعزُولٌ عَن الإِيقَانِ

وَضَربتُم فِي وَجهِهش بِعَسَاكِرِ التَّ
أوِيلِ دَفعًا مِنكُم بِلِيَانِ

لَو أنَّكُم وَاللهِ عَامَلتُم بِذَا
أهلَ العُلُومِ وَكُتبَهُم بِوِزَانِ

فَسَدَت تَصانِيفُ الُوجُودِ بأسرِهَا
وَغَدَت عُلُومُ النَّاسِ ذَاتَ هَوَانِ

هَذَا وَليسُوا فِي بَيَانِ عُلُومِهِم
مِثلَ الرَّسُولِ وَمنزِلِ القُرآنِ

وَالله لَو صحَّ الذِي قَد قُلتُمُ
قُطِعَت سَبِيلُ العِلمِ والإِيمَانِ

فَالعقلُ لا يَهدِي إلَى تَفصِيلِهَا
لَكِنَّ مَا جَاءَت بِهِ الوَحيَانِ

فإذَا غَدَا التفصِيلُ لَفظِيًّا وَمَع
زُولًا عَنِ الإِيقَانِ والرُّجحَانِ

فَهُنَاكَ لاَ عِلمًا أفَادت لاَ وَلاَ
ظَنًّا وَهَذا غَايَةُ الحِرمَانِ

لَو صَحَّ ذَاكَ القَولُ لَم يَحصُل لَنَا
قَطعٌ بِقُولٍ قَطُّ مِن إنسَانِ

وَغَدَا التَّخَاطُبُ فَاسسدًا وفَسَادُهُ
أصلُ الفَسَادِ لنَوعِ ذَا الإِنسَانِ

مَا كَانَ يَحصُلُ عِلمُنَا بِشَهَادَةٍ
وَوَصِيَّةٍ كَلاَّ وَلاَ أيمَانِ

وَكَذَلِكَ الإقرَارُ يُصبحُ فَاسِدًا
إذ كَانض مُحتَمِلًا لِسَبعِ مَعَانِ

وَكَذَا عُقُودُ العَالَمِينَ بِأسرِهَا
بِاللَّفظِ إذ يَتَخَاطَبُ الرَّجُلاَنِ

أيَسُوغُ للشُّهَدَا شَهَادَتَهُم بِهَا
مِن غَيرِ عِلمٍ مِنهُمُ بِبَيَانِ

إذ تِلكُمُ الألفَاظُ غَيرُ مُفِيدَةٍ
لِلِعِلمِ بَل لِلظَّنِّ ذِي الرُّجحَانِ

بَل لاَ يَسُوغُ لِشَاهِدٍ أبَدًا شَهَا
دتُهُ عَلَى مَدلُولِ نُطِقِ لِسَانِ

بَل لاَ يُرَاقُ دَمٌ بِلَفظِ الكُفرِ مِن
مُتَكَلِّمٍ بِالظِّنِّ وَالحُسبَانِ

بَل لاَ يُبَاحُ الفَرجُ بِالإِذنِ الذِي
هُوَ شَرطُ صِحَّتِهِ مِنَ النِّسوَانِ

أيَسُوغُ للشُّهَدَاءِ جَزمُهُم بِأن
رَضِيَت بَلَفظٍ قَابِلٍ لِمَعَانِ

هَذَا وَجُملَةُ مَا يُقَالُ بِأنَّهُ
فِي ذَا فَسَادُ العَقلِ وَالأديَانِ

هَذَا وَمِن بُهتَانِهِم أنَّ اللُّغَا
تِ أتَت بِنَقلِ الفَردِ وَالوحدَانِ

فَانظُر إلَى الألفَاظِ فِي جَرَيَانِهَا
فِي هَذِهِ الأخبَارِ وَالقُرآنِ

أتَظُنُّهَا تَحتَاجُ نَقلًا مُسنَدًا
مُتَوَاتِرًا أو نَقلُ ذِي وِحدَانِ

أم قَد جَرَت مَجرَى الضُّرُورِيَّاتِ لاَ
تَحتَاجُ نَقلًا وَهيَ ذَاتُ بَيَانِ

إلاَّ الاقَلُ فَإنَّهُ يَحتَاجُ للنَّ
قلِ الصَّحِيحِ وَذَاكَ ذُو تِبيَانِ

وَمِنَ المَصَائِبِ قَولُ قَائِلِهِم بِأنَّ
اللهَ أظهَرُ لَفظَةٍ بِلِسَانِ

وَخِلاَفُهُم فِيهِ كَثيرٌ ظَاهِرٌ
عَربِيُّ وَضع ذَاك أم سِريانِي

وَكذَا اختِلاَفُهُم أمشتَقًّا يُرَى
أم جَامِدًا قَولاَنِ مَشهُورَانِ

وَالأصلُ مَاذَا فِيهِ خُلفٌ ثَابِتٌ
عِندَ النُّحَاةِ وَذَاكَ ذُو ألوَانِ

هَذَا وَلفظُ اللهِ أظهرُ لَفظٍ
نَطَقَ اللِّسَانُ بِهَا مَدَى الأزمَانِ

فانظُر بِحَقِّ اللهِ مَاذا فِي الَّذِي
قُالُوهُ مِن لَبسٍ وَمِن بُهتَانِ

هَل خَالَفَ العُقَلاَءُ أنَّ الله رّبُّ
العَالَمِينَ مُدَبِّرُ الأكوَانِ

مَا فِيهِ إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُوهِمٌ
نَقلَ المَجازِ وَلاَ لَهُ وَضعَانِ

وَالخَلفُ فِي أحوَالِ ذَاكَ اللَّفظِ لاَ
فِي وَضعِهِ لَم يَختِلِف رَجلاَنِ

وَإذا هُمُ اختَلَفُوا بِلَفظَةِ مَكَّةٍ
فِيهِ لَهُم قَولاَنِ مَعرُوفَانِ

أفَبَينَهُم خُلفٌ بِأنَّ مُرَادَهُم
حَرَمُ الإِلَهِ وَقِبلَةُ البُلدَانِ

وَإذَا هُمُ اختَلَفوا بِلَفظَةِ أحمَدٍ
فِيهِ لَهُم قَولاَنِ مَذكُورَانِ

أفَبَينَهُم خُلفٌ بِأنَّ مُرَادَهُم
مِنهُ رَسُولُ اللهِ ذُو البُرهَانِ

وَنظِيرُ هَذَا لَيسَ يُحصَرُ كَثرَةً
يَا قَومُ فَاستحيُوا مِنَ الرَّحمَنِ

أبِمِثلِ ذَا الهَذَيَانِ قَد عُزِلَت نُصُو
صُ الوَحيِ عَن عِلمٍ وَعَن إيقَانِ

فَالحَمدُ للهِ المُعَافِي عَبدَهُ
مِمَّا بَلاَكُم يَا ذَوِي العِرفَانِ

فَلأجلِ ذَاكَ نَبَذُوا الكِتَابَ وَرَاءهُم
وَمَضَوا عَلى آثارِ كُلِّ مُهَانِ

وَلأجلِ ذَاكَ غَدَوا عَلَى السُّنَنِ الَّتِي
جَاءت وأهلِيهَا ذوِي أضغَانِ

يَرمُونَهُم كَذِبًا بِكُلِّ عَظِيمَةٍ
حَاشَاهُم مِن إفكِ ذِي بُهتَانِ

فَرَمَوهُمُ بَغيًا بِمَا الرَّامِي بِهِ
أولَى لِيدفَعَ عَنهُ فِعلَ الجَانِي

يَرمِي البَرِيءَ بِمَا جَنَاهُ مُبَاهِتًا
وَلِذَاكَ عِندَ الغِرِّ يَشتَبِهَانش

سَمُّوهُمُ حَشويَّةً وَنَوَابتًا
وَمُجَسِّمِينَ وَعَابِدِي أوثَانِ

وَكَذاكَ أعدَاءُ الرَّسُولِ وَصَحبِهِ
وَهُمُ الرَّوَافِضُ أخبَثُ الحَيَوَانِ

نَصَبُوا العَداوَةَ للصَّحابَةِ ثُمَّ سَمَّ
وا بِالنَّوَاصِبِ شِيعَةَ الرَّحمَنِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ شَبَّهَ الرَّحمَنَ بِال
مَعدُومِ فاجتَمَعَت لَهُ الوَصفَانِ

وَكَذَاكَ شَبَّهَ قَولَهُ بِكَلاَمِنَا
حَتَّى نَفَاهُ وَذَانِ تشبِيهَانِ

وأتَى إلَى وَصفِ الرَّسُولِ لِرَبِّهِ
سَمَّاهُ تَشبِيهًا فَيَا إخوَانش

بِاللهِ مَن أولَى بهذَا الإِسمِ مِن
هَذَا الخَبِيثِ المُخبِثِ الشَّيطانِ

إن كَانَ تَشبِيهًاً ثُبُوتُ صِفَاتِهِ
سُبحَانَهُ فَبِأَكمَلش ذِي شَانِ

لَكِنَّ نَفيَ صِفَاتِهِ تَشبِيهُهُ
بِالجَامَدَاتِ وَكُلِّ ذِي نُقصَانِ

بَل بِالذِي هُوَ غَيرُ شَيءٍ وَهُوَ مَع
دُومٌ وَإن يُفرَض فَفِي الأذهَانِ

فَمِنِ المُشَبِّهُ بِالحَقَيقَةِ أنتُمُ
أم مُثبِتُ الاوصَافِ للرِّحمَنِ

هَذَا وَثَمَّ لَطِيفَةٌ عَجَبٌ سَأب
دِيهَا لَكُم يَا مَعشَرَ الإِخوَانِ

فَاسمَع فَذَاكَ مُعَطِّلٌ وَمُشَبِّهٌ
وَاعقِل فَذَاك حَقِيقَةُ الإِنسَانِ

لاَ بُدَّ أن يَرِثَ الرَّسُولَ وَضِدَّهُ
فِي النَّاسِ طَائِفَتَانش مُختَلِفَانِ

فَالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى مِنهَاجِهِ
والوَارثُونَ لِضِدِّهِ فِئتَانِ

إحدَاهُمَا حَربٌ لَهُ ولِحِزبِهِ
مَا عِندَهُم فِي ذَاكَ مِن كِتمَانش

فَرَمَوهُ مِن ألقَابِهِم بِعَظَائِمٍ
هُم أهلُهَا لاَ خِيرَةُ الرَّحمَنش

فَأتَى الألَى وَرِثُوهُمُ فَرَمَوا بِهَا
وُرَّاثَهُ بِالبَغيِ وَالعُدوَانِ

هَذَا يُحَقِّقُ إِرثَ كُلٍّ مِنهُمَا
فَاسمَع وَعِه يَا مَن لَهُ أذُنَانِ

وَالآخَرُونَ أولُو النِّفَاقَ فَأضمَرُوا
شَيئًا وَقَالُوا غَيرَهُ بِلِسَانِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ مُضمِرٌ تَعطِيلَهُ
قَد أظهَرَ التَّنزِيهَ للرَحمَنِ

هَذِي مَوارِيثُ العِبَادِ تَقَسَّمَت
بَينَ الطَّوَائِفِ قِسمَةَ المَنَّانِ

هَذَا وَثَمَّ لَطِيفَةٌ أخرَى بِهَا
سُلوَانُ مَن قَد سُبَّ بِالبُهتَانِ

تَجِدُ المُعَطِّلَ لاَعِنًا لِمُجَسِّمٍ
وَمُشَبِّهٍ لله بالإِنسَانِ

وَالله يَصرِفُ ذَاك عَن أهلِ الهُدَى
كَمُحَمَّدٍ وَمُذَمَّمٍ إسمَانِ

هُم يَشتُمُونَ مُذَمَّمًا وَمُحَمَّدٌ
عَن شَتمِهِم فِي مَعزِلٍ وَصِيَانِ

صَانَ الإِلَهُ مُحَمَّدًا عَن شَتمِهِم
فِي اللَّفظِ وَالمعنَى همَا صِنوَانِ

كَصِيَانَةٍ الأتبَاعِ عَن شتمِ المُعَطِّ
لِ للمُشَبِّهِ هَكَذَا الإرثَانِ

وَالسَّبُّ مَرجِعُهُ إلَيهِم إذ هُمُ
أهلٌ لِكُلِّ مَذَمَّةٍ وَهَوَانِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ يَلعُنُ اسمَ مُشَبِّهٍ
وَاسمُ المُوَحِّدِ فِي حِمَى الرَّحمَنِ

هَذِي حِسَانُ عَرَائِسٍ زُفَّت لَكُم
وَلَدَى المُعطِّلِ هُنَّ غَيرُ حِسَانِ

وَالعِلمُ يَدخُلُ قَلبَ كُلِّ مُوَفَّقٍ
مِن غَيرِ بَوَّابٍ وَلاَ استئِذَانِ

وَيَرُدُّهُ المَحرُومُ مِن خُذلاَنِهِ
لاَ تُشقِنَا اللَّهُمَّ بالحِرمَانِ

يَا فِرقَةً نَفَتِ الإِلَهَ وَقَولَهُ
وَعُلُوَّهُ بِالجَحدِ وَالكُفرَانِ

مُوتُوا بِغَيظِكُمُ فَرَبِّي عَالِمٌ
بِسَرَائِرٍ مِنكُم وَخُبثِ جَنَانِ

فَالله نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ
وَرَسُولِهِ بِالعِلمِ وَالسّلطَانِ

وَالحَقُّ رُكنٌ لاَ يَقُومُ لِهَدِّهِ
أحَدٌ وَلَو جُمِعَت لَهُ الثَّقَلاَنِ

تُوبُوا إلَى الرَّحمَنِ مِن تَعطِيلكُم
فَالرَّبُّ يَقبَلُ تَوبَةَ النَّدمَانِ

مَن تَابَ مِنكُم فَالجِنَانُ مَصِيرُهُ
أو مَاتَ جَهمِيًّا فَفِي النِّيرَانِ

وَاسمَع وَعِه سِراًّ عَجِيبًا كَانَ مَك
تُومًا مِنَ الأقوَامش مُنذُ زَمَانِ

فَأذَعتُهُ بَعدَ اللُتَيَّا وَالتِي
نُصحًا وَخَوفَ مَعَرَّةِ الكِتَمَانِ

جِيمٌ وَجِيمٌ ثُمَّ جِيمٌ مَعهُمَا
مَقرُونَةً مَع أحرُفٍ بِوِزَانِ

فِيهَا لَدَى الأقوَامِ طِلَّسمٌ مَتَى
تَحلُلهُ تَحلُل ذِروَةَ العِرفَانِ

فَإذَا رَأيتَ الثَّورَ فِيهِ تَقَارَنَ ال
جِيمَاتُ بِالتَّثلِيثِ شَرَّ قِرَانِ

دَلَّت عَلَى أنَّ النُّحُوسَ جَمِيعَهَا
سَهمُ الَّذِي قَد فَازَ بِالخُذلاَنِ

جَبرٌ وَإرجَاءٌ ثُمَّ جِيمُ تَجَهُّمٍ
فَتَأمَّل المَجمُوعَ فِي المِيزَانِ

فَاحكُم بِطَالِعِهَا لِمَن حَصَلَت لَهُ
بِخَلاَصِهِ مِن رِبقَةِ الإِيمَانِ

فَاحمِل عَلَى الأقدَارِ ذَنبُكَ كُلَّهُ
حَملَ الجُذُوعِ عَلَى قُوَى الجُدرَانِ

وَافتَح لِنَفسِكَ بَابَ عُذرِكَ إذ تَرى ال
أفعَالَ فِعلَ الخَالِقِ الدَّيَّانِ

فَالجَبرُ يُشهِدُكَ الذُّنُوبَ جَمِيعَهَا
مِثلَ ارتِعَاشِ الشَّيخِ ذِي الرَّجَفَانِ

لاَ فَاعِلٌ أبَدًا وَلاَ هُوَ قَادِرٌ
كَالمَيتِ أُدرِجَ دَاخِلَ الأكفَانِ

وَالأمرُ والنَّهيِ اللَّذَانِ تَوَجَّهَا
فَهُمَا كَأمرِ العَبدِ بِالطَّيَرَانِ

وَكَأمرِهِ الأعمَى بِنَقطِ مَصَاحِفٍ
أو شَكلِهَا حَذَرًا مِنَ الألحَانِ

وَذَا ارتَفَعتَ دُرَيجَةً أخرَى رَأي
تَ الكُلَّ طَاعَاتٍ بِلاَ عِصيَانِ

إن قِيلَ قَد خَالفَت أمرَ الشَّرعِ قُل
لَكِن أطَعتُ إرَادَةَ الرَّحمَنِ

وَمُطِيعُ أمرِ اللهِ مِثلُ مُطِيعِ مَا
يَقضِي بِهِ وَكِلاَهُمَا عَبدانِ

عَبدُ الأوَامِرِ مِثلُ عَبدِ مَشِيئَةٍ
عِندَ المُحَقِّقِ لَيسَ يَفتَرِقَانش

فَانظُر إلَى مَا قَادَتِ الجِيمُ الَّذِي
لِلجَبرِ مِن كُفرٍ وَمِن بُهتَانِ

وَكَذَلكَ الإِرجَاءُ حِينَ تُقِرُّ بِال
مَعبُودِ تُصبِحُ كَامِلَ الإِيمَانِ

فَارمِ المَصَاحِفَ فِي الحُشُوشِ وَخَرب
البَيتَ العَتِيقَ وَجِدَّ فِي العِصيَانِ

وَاقتُل إذَا مَا اسطَعتَ كُلَّ مُوَحِّدٍ
وَتَمَسَّحَن بِالقِسِّ وَالصُّلبَانِ

وَاشتُم جَمِيعَ المُرسَلِينَ وَمَن أتَوا
مِن عِندِهِ جَهرًا بِلاَ كِتمَانِ

وَإِذَا رَأيت حِجَارَةً فَاسجُد لَهَا
بَل خُرَّ لِلأصنَامِ وَالأوثَانِ

وَأقِرَّ أنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ
هُوَ وَحدَهُ البَارِي لِذِي الأكوَانِ

وَأقِرَّ أنَّ رَسُولَهُ حَقًّا أتَى
مِن عِندِهِ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

فَتَكُونَ حَقًّا مُؤمِنًا وَجَمِيعُ ذَا
وِزرٌ عَلَيكَ وَلَيسَ بِالكُفرَانِ

هَذَا هُوَ الإِرجَاءُ عِندَ غُلاَتِهِم
مِن كُلِّ جَهمِيٍّ أخِي الشَّيطَانِ

فَأضِف إلَى الجِيمَين جِيمَ تَجَهُّمٍ
وَانفِ الصِّفَاتِ وَألقِ بِالأرسَانِ

قُل لَيسَ فَوقَ العَرشِ رَبٌّ عَالِمٌ
بِسَرَائِرٍ مِنَّا وَلاَ إعلاَنِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ ذُو سَمعٍ وَلاَ
بَصَرٍ وَلاَ عَدلٍ وَلاَ إحسَانِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ مَعبُودٌ سِوَى ال
عَدَمِ الَّذِي لاَ شَيءَ فِي الأعيَانِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ مِن مُتَكَلِّمٍ
بِأوَامِرٍ وَزَوَاجِرٍ وَقُرَانِ

كَلاَّ وَلاَ كَلِمٌ إلَيهِ صَاعِدٌ
أبَدًا وَلاَ عَمَلٌ لِذِي شُكرَانِ

أنَّى وَحَظُّ العَرشِ مِنهُ كَحَظِّ مَا
تَحَتَ الثَّرَى عِندَ الحَضِيضِ الدَّانِي

بَل نِسبَةُ الرَّحمَنِ عِندَ فَرِيقِهِم
لِلعَرشِ نِسبَتُهُ إلى البُنيَانِ

فَعَلَيهِمَا استَولَى جَمِيعًا قُدرَةً
وَكِلاَهُمَا مِن ذَاتِهِ خِلوَانِ

هَذَا الَّذِي أعطَتهُ جِيمُ تَجَهُّمٍ
حَشوًا بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

تَاللهِ مَا استَجمَعنَ عِندَ مُعَطِّلٍ
جِيمَاتُهَا وَلَدَيهِ مِن إيمَانِ

وَالجَهمُ أصَّلَهَا جَمِيعًا فَاغتَدَت
مَقسُومَةً فِي النَّاسِ بِالمِيزَانِ

وَالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى التَّحقِيقِ هُم
أصحَابُهَا لاَ شِيعَةُ الإِيمَانِ

لَكِن تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَولَهُ
ذُو السَّهمِ وَالسَّهمَينِ وَالسُّهمَانِ

لَكِن نَجَا أهلُ الحَدِيثِ المَحضِ أت
بَاعُ الرَّسُولِ وَتَابِعُو القُرآنِ

عَرَفُوا الَّذِي قَد قَالَ مَع عِلمٍ بِمَا
قَالَ الرَّسُولُ فَهُم أولُوا العِرفَانِ

وَسِوَاهُمُ فِي الجَهلِ وَالدَّعوَى مَعَ ال
كِبرِ العَظِيمِ وَكثرَةش الهَذَيَانِ

مَدُّوا يَدًا نَحوَ العُلَى بِتكَلُّفٍ
وَتَخَلُّفٍ وَتَكَبُّرٍ وَتَوَانِ

أتُرَى يَنَالُوهَا وَهَذَا شَانُهُم
حَاشَا العُلَى مِن ذَا الزَّبُونِ الفَانِي

وَسَلِ المُعَطِّلَ مَا تَقُولُ إذَا أتَى
فِئَتَانِ عِندَ الله يَختَصِمَانِ

إحدَاهُمَا حَكَمَت عَلَى مَعبُودِهَا
بِعُقَولِها وَبِفَكرَةِ الأذهَانِ

سَمَّتهُ مَعقُولًا وَقَالَت إنَّهُ
أولَى مِنَ المَنصُوصِ بِالبُرهَانِ

وَالنَّصُّ قَطعًا لاَ يُفِيدُ فَنَحنُ أوَّ
لنَا وَفَوَّضنَا لَنَا قَولاَنِ

قَالَت وَقُلنَا فِيكَ لَستَ بِدَاخِلٍ
فِينَا وَلَستَ بِخَارِجِ الأكوَانِ

وَالعَرشَ أخلَينَاهُ مِنكَ فَلَستَ فَو
قَ العَرشِ لَستَ بِقَابِلٍ لِمَكَانِ

وَكَذَاكَ لَستَ بِقَائِلِ القُرآنِ بَل
قَد قَالَهُ بَشَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ

وَنَسَبتَهُ حَقَّا إلَيكَ بِنِسبَةِ التَّ
شرِيفِ تَعظِيمًا لِذِي القُرآنِ

وَكَذَاكَ قُلُنَا لَستَ تَنزِلُ فِي الدُّجَى
إنَّ النُّزُولَ صِفَاتُ ذِي الجُثمَانِ

وَكَذَاكَ قُلُنَا لَست ذَا وَجهٍ وَلاَ
سَمعٍ وَلاَ بَصَرٍ فَكَيفَ يَدَانِ

وَكَذَاكَ قُلنَا لاَ تُرَى فِي هَذهِ الدُّ
نيَا وَلاَ يَومَ المَعَادِ الثَّانِي

وَكَذَاكَ قُلنَا مَا لِفِعلِكَ حِكمَةٌ
مِن أجلِهَا خَصَّصتَهُ بِزَمَانِ

مَا ثَمَّ غَيرُ مَشِيئَةٍ قَد رَجَّحَت
مِثلًا عَلَى مِثلٍ بِلاَ رُجحَانِ

لَكِنَّ مِنَّا مَن يَقُولُ بِحكمَةٍ
لَيسَت بِوَصفٍ قَامَ بالرَّحمَنِ

هَذَا وَقُلنَا مَا اقتَضَتهُ عُقَولُنَا
وَعُقُولُ أشيَاخٍ ذَوِي عِرفَانِ

قَالُوا لَنَا لاَ تَأخُذوا بِظََوَاهِرِ ال
وَحيَينِ تَنسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ

بَل فَكِّرُوا بِعُقُولِكُم إن شِئتُمُ
أو فَاقبَلُوا آراءَ عَقلِ فَلاَنِ

فَلأجلِ هَذَا لَم نُحَكِّم إن شِئتُم
أو فَاقبَلُوا آراءَ عَقلِ فَلاَنِ

إذ كُلُّ تِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ
مَعزُولَةٌ عن مُقتَضَى البُرهَانِ

وَالآخَرُونَ أتَوا بِمَا قَد قَالَهُ
مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلا كِتمَانِ

قَالُوا تَلَقَّينَا عَقِيدَتَنَا عنِ ال
وَحيَينِ بِالأخبَارِ وَالقُرآنِ

فَالحُكمُ مَا حَكَمَا بِهِ لاَ رَأيُ أه
لِ الإِختِلاَفِ وَظَنُّ ذِي الحُسبَانِ

آراؤهُم أحدَاثُ هَذَا الدِّينِ نَا
قِضَةٌ لأصلِ طَهَارَةِ الإِيمَانِ

آراؤهُم رِيحُ المَقَاعِدِ أينَ تِل
كَ الرِّيحُ مِن رَوحٍ وَمِن رَيحَانِ

قَالوا وأنتَ رَقِيبُنَا وَشَهِيدُنَا
مِن فَوقِ عَرشِكَ يَا عظِيمَ الشَّانِ

إنَّا أبَينَا أن نَدِينَ بِبِدعَةٍ
وَضَلاَلَةٍ أو إفكِ ذِي بُهتَانش

لَكِن بِمَا قَد قُلتَهُ أو قَالَهُ
مَن قَد أتَانَا عَنكَ بِالفُرقَانِ

وَكَذَاكَ فَارقنَاهُمُ حِينَ احتِيَا
جِ النَّاسِ لِلأنصَارِ وَالأعوَانِ

كَيلاَ نَصِيرَ مَصِيرَهُم فِي يَومِنَا
هَذَا وَنَطمَعُ مِنكَ بِالغفرَانِ

فَمَنِ الَّذِي مِنَّا أحَقُّ بِأمنِهِ
فَاختَر لِنفَسِكَ يَا أخَأ العِرفَانِ

لاَ بُدَّ أن نَلقَاهُ نَحنُ وَأنتمُ
فِي مَوقِفِ العَرضِ العَظِيمِ الشَّانِ

وَهُنَاكَ يَسألُنَا جَمِيعًا رَبُّنَا
وَلدَيهِ قَطعًا نَحنُ مُختَصِمَان

فَنَقُولُ قُلتَ كَذَا وَقَالَ نَبِيُّنَا
أيضًا كَذَا فَإمَامُنَا الوَحيَانِ

فَافعل بِنَا مَا أنتَ أهلٌ بَعدَ ذَا
نَحنُ العَبِيدُ وَأنتَ ذُو الإِحسَانِ

أفَتَقدِرُونَ عَلَى جَوَابٍ مِثلَ ذَا
أم تَعدِلُونَ إلَى جَوابٍ ثَانِ

مَا فِيهِ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ
بَل فِيهِ قُلنَا مِثلَ قَولِ فَلاَنِ

وَهُوَ الَّذِي أدَّت إلَيهِ عُقُولَنَا
لَمَّا وَزَنَّا الوَحيَ بِالمِيزَانِ

إن كَان ذَلِكُمُ الجَوَابُ مُخَلِّصًا
فَامضُوا عَلَيهِ يَا ذَوشي العِرفَانِ

تَالله مَا بَعدَ البَيَانِ لِمُنصِفٍ
إلاَّ العِنَادُ وَمَركَبُ الخُذلاَنِ

يَا أيُّهَا البَاغِي عَلَى أتبَاعِهِ
بِالظُّلمِ وَالبُهتَانِ وَالعُدوَانِ

قَد حَمَّلُوك شَهادَةً فَاشهَد بِهَا
إن كُنتَ مَقبُولًا لَدَى الرَّحمَنِ

وَاشهَد عَلَيهِم إن سُئِلتَ بأنَّهُم
قَالُوا إلَهُ العَرشِ وَالأكوَانِ

فَوقَ السَّمَوَاتِ العُلَى حَقًّا عَلَى ال
عَرشِ استَوَى سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ

والأمرُ يَنزِلُ مِنهُ ثُمَّ يَسِيرُ فِي ال
أقطَارِ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ

وَإلَيهِ يَصعَدُ مَا يَشَاءُ بأمرِهِ
مِن طَيِّبَاتِ القَولِ وِالشُّكرَانِ

وَإلَيهِ قَد صَعِدَ الرَّسُولُ وَقَبلَهُ
عِيسَى ابنُ مَريَمُ كَاسِرُ الصُّلبَانِ

وَكَذلِكَ الأملاَكُ تَصعَدُ دَائِمًا
مِن هَا هُنَا حَقًّا إلى الدَّيَّانِ

وَكَذَلِكَ رُوحُ العَبدِ بَعدَ مَمَاتِهَا
تَرقَى إلَيهِ وَهوَ ذُو إيمَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُ سُبحَانَهُ
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحَيِ وَالقُرآنِ

سَمِعَ الأمِينُ كَلاَمَهُ مِنهُ وَأدَّا
هُ إلَى المَبعُوثِ بِالفُرقَانِ

هُوَ قَولُ رَبِّ العَالَمِينَ حَقِيقَةً
لَفظًا وَمَعنًى لَيسَ يَفتَرقَان

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّه سُبحَانَهُ
قَد كَلَّمَ المَولُودَ مِن عِمرَانِ

سَمِعَ ابنُ عِمرَانَ الرَّسُولُ كَلاَمَهُ
مِنهُ إلَيهِ مَسمَعَ الآذانِ

واشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَالُوا بِأنَّ
الله نَادَاهُ بِلاَ كِتمَانِ

واشهَد عَلَيهم أنهُم قَالُوا بِأنَّ
الله نَادَى قَبلَهُ الأبَوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنهُم قَالُوا بأنَّ
الله يَسمَعُ صَوتَهُ الثَّقَلاَنِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ لرَسُولِهِ
إنِّي أنَا الله العَظِيمُ الشَّانِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ لرَسُولِهِ
اذهَب إلَى فِرعَونَ ذِي الطُّغيَانِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ حَمَ مَع
طَهَ وَمَع يَس قَولَ بَيَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم وَصَفُوا الإِل
هَ بِكُلِّ مَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَبِكُلِّ مَا قَالَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً
مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلاَ عُدوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ قَولَ نَبِيِّهِم
وَكَلاَمَ رَبِّ العَرشِ ذَا التِّبيَانِ

نَصٌّ يُفِيدُ لَدَيهِم عِلمَ اليَقِي
نِ إفَادَةَ المَعلُومِ بِالبُرهَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَد قَابَلُوا التَّ
عطِيلَ وَالتَّمثِيلَ بِالنُّكرَانِ

إنَّ المُعَطِّلَ وَالممثِّلَ مَا هُمَا
مُتَيَقِّنِينَ عِبَادَةَ الرَّحمَنِ

ذَا عَابِدُ المعدُومِ لاَ سُبحَانَهُ
أبدًا وَهَذَا عَابِدُ الأوثَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَد أثبَتُوا ال
أسمَاءَ وَالأوصَافَ للدَّيَّانِ

وَكَذِلِكَ الأحكَامُ أحكَامُ الصِّفَا
تِ وَهَذِهِ الأركَان للإِيمَانِ

قَالُوا عَلِيمٌ وَهوَ ذُو عِلمٍ وَيُع
لَمُ غَايَةَ الإِسرَارِ وَالإعلاَنِ

وَكَذَا بَصِيرٌ وَهوَ ذُو بَصَر وَيُب
صِرُ كُلَّ مَرئِيٍّ و‍َذِي الأكوَانِ

مُتَكَلِّمٌ وَلَهُ كَلاَمٌ وَصفُهُ
وَيُكَلِّمُ المَخصُوصَ بِالرِّضوَانِ

وَهُوَ القَوِيُّ بِقُوَّةٍ هِيَ وَصفُهُ
وَمَلِيكُ يَقدِرُ يَا أخَا السُّلطَانِ

وَهُوَ المُرِيدُ لَهُ الإِرَادَةُ هَكَذَا
أبَدًا يُرِيدُ صَنَائعَ الإحسَانِ

وَالوَصفُ مَعنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَال
أسمَاءُ أعلاَمٌ لَهُ بِوزَانِ

أسمَاؤهُ دَلَّت عَلَى أوصَافِهِ
مُشتَقَّةً مِنهَا اشتِقَاقَ مَعَانِ

وَصِفَاتُهُ دَلَّت عَلَى أسمَائِهِ
وَالِفعِلُ مُرتَبٍطٌ بِهِ الأمرَانِ

وَالحُكمُ نِسبَتُهَا إلَى مُتَعَلِّقَا
تٍ تَقضِي آثَارَهَا بِبَيَانِ

وَلَرُبَّمَا يُعنَى بِهِ الإِخبَارُ عَن
آثارِهَا يُعنَى بِهِ أمرَانِ

وَالفِعلُ إعطَاءُ الإِرادَةِ حُكمَهَا
مَعَ قُدرَةِ الفَعَّالِ وَالإمكَانِ

فَإِذَا انتَفَت أوصَافُهُ سُبحَانَهُ
فَجِمِيعُ هَذَا بَيِّنُ البُطلاَنِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم قَالُوا بِهَ
ذَا كُلِّهِ جَهراَ بِلاَ كِتمَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم بُرَآءُ مِن
تَأويلِ كُلِّ مُحَرِّفٍ شَيطَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم يَتَأوَّلُو
نَ حَقِيقَةَ التَّأوِيلِ فِي القُرآنِ

هُم فِي الحَقِيقَةِ أهلُ تَأوِيلِ الَّذِي
يُعنَى بِهِ لاَ قَائِلُ الهَذَيَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّ تَأوِيلاَتِهم
صَرفٌ عَنِ المَرجُوحِ للرُّجحَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم حَمَلُوا النُّصُو
صَ عَلَى الحَقِيقَةِ لاَ المَجَازِ الثَّانِي

إلاَّ مَا اضطَرَّهُم لِمَجَازِهَا ال
مُضطَرُّ مِن حِسٍّ وَمِن بُرهَانِ

فَهُنَاكَ عِصمَتُهَا إبَاحَتُهُ بِغَي
رِ تَجَانفٍ للإثمِ وَالعُدوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم لا يَكفِرُوا
نَكُمُ بِمَا قُلتُم مِنَ الكُفرَانِ

إذ أنتُم أهلُ الجَهَالَةِ عِندَهُم
لَستُم أولِي كُفرٍ وَلاَ إيمَانِ

لاَ تَعرِفُونَ حَقِيقَةَ الكُفرَانِ بَل
لاَ تَعرِفُونَ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ

إلاَّ إذَا عَانَدتُمُ وَرَددتُمُ
قَولَ الرَّسُولِ لأجلِ قَولِ فُلاَنِ

فَهُنَاكَ أنتُم أكفَرُ الثَّقَلَينِ مِن
إنسٍ وَجِنٍّ سَاكِنِي النِّيرَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم قَد أثبَتُوا ال
أقدارَ وَارِدَةً مِنَ الرَّحمَنِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ حُجَّةَ رَبِّهِم
قَامَت عَلَيهِم وَهُوَ ذُو غُفرَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم هُم فَاعلُو
نَ حَقِيقَة الطَّاعَاتِ وَالعِصيَانِ

وَالجَبرُ عِندَهُم مُحَالٌ هَكَذَا
نَفيُ القَضَاءِ فبِئسَتِ الرَّأيَانِ

وَاشهَ عَلَيهِم أنَّ إِيمَانَ الوَرَى
قَولٌ وفِعلٌ ثُمَّ عَقدُ جَنَانِ

وَيزِيدُ بالطَّاعَاتِ قَطعًا هَكَذَا
بِالضِّدِّ يُمسِي وَهوَ ذُو نُقصَانِ

وَاللهُ مَا إيمَانُ عَاصِينَا كاي
مَانِ الأمِينِ مُنَزِّلِ القُرآنِ

كَلاَّ وَلاَ إيمَانُ مُؤمِنِنَا كاي
مَانِ الرَّسُولِ مُعَلِّمِ الإِيمَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم لَم يُخلِدُوا
أهلَ الكَبَائِرِ فِي حَمِيمٍ آنِ

بَل يَخُرُجُونَ بِإذنِهِ بِشَفَاعَةٍ
وَبِدُونِهَا لِمَسَاكِنٍ بِجِنَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ رَبَّهُمُ يُرَى
يَومَ المَعَادِ كَمَا يُرَى القَمرَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ أصحَابَ الرَّسُو
لِ خِيَارُ خَلقِ الله مِن إنسَانِ

حَاشَا النَّبِيِّينَ الكِرَامَ فإنَّهُم
خَيرُ البَريَّةِ خِيرةُ الرَّحمَنِ

وَخِيَارُهُم خُلفَاؤهُ مِن بَعدِهِ
وَخِيَارُهُم حَقًّا هُمَا العُمَرانِ

وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ أحَقُّ بِالتَّ
قدِيمِ مِنَّ بَعدَهُم بِبَيَانِ

كُلٌّ بِحَسبِ السَّبقِ أفضَلُ رُتبَةً
مِن لاَحِقٍ وَالفَضلُ لِلمنَّانِ

يَا نَاصِرَ الإِسلاَمِ وَالسُّنَنِ الَّتِي
جَاءَت عَنِ المَبعُوثِ بالفُرقَان

يَا مَن هُوَ الحَقُّ المُبينُ وَقَولُهُ
وَلِقَاؤهُ وَرَسُولُهُ بِبَيَانِ

اشرَح لِدِينِكَ صَدرَ كُلِّ مُوَحِّدٍ
شَرحًا يَنَالُ بِهِ ذُرَى الإِيمَانِ

وَاجعَلهُ مؤتَمًّا بِوَحيِكَ لاَ بِمَا
قَد قَالَهُ ذُو الإِفكِ وَالبُهتَانِ

وَانصُر بِهِ حِزبَ الهُدَى وَاكبِت بِهِ
حِزبَ الضَّلاَلِ وَشَيعَةَ الشَّيطَانِ

وَانعِش بِهِ مَن قَصدُهُ إحيَاؤهُ
وَاعصِمهُ مَن كَيدِ امرىءٍ فَتَّانِ

وَاضرِب بحَقِّكَ عُنُقَ أهل الزيع والتَّ
بدِيلِ وَالتكذِيبِ وَالطُّغيَانِ

فَوَحَقِّ نِعمَتِكَ التَي أولَيتَنِي
وَجَعَلتَ قَلبِي وَاعِيَ القُرآنِ

وَكَتَبتَ فِي قَلبِي مُتَابَعَةَ الهُدَى
فَقَرَاتُ فِيهِ أسطُرَ الإِيمَانِ

وَنَشَلتَنِي مِن حُبِّ أصحَابِ الهَوَى
بِحَبَائِلٍ مِن مُحكَمِ الفُرقَانِ

وَجَعلتَ شُربِي المنهَلَ العَذبَ الذِي
هُوَ رأسُ مَاءِ الوَارِدِ الظَّمآنِ

وَعَصَمتَنَي مِن شُربِ سِفلِ المَاءِ تَح
تَ نَجَاسَةِ الآراءِ وَالأذهَانِ

وَحَفِظتَنِي مِمَّا ابتلَيتَ بِهِ الألَى
حَكَمُوا عَلَيكَ بِشِرعَةِ البُهتَانِ

نَبَذُوا كِتَابَكَ مِن وَرَاءِ ظُهورِهِم
وَتَمَسَّكُوا بِزَخَارِفِ الهَذَيَانِ

وَأرَيتَنِي البِدَعَ المُضِلَّةَ كيفَ يُل
قِيهَا مُزخرَفَةً إلَى الإِنسَانِ

شَيطَانُهُ فَيَظَلُّ يَنقُشُهَا لَهُ
نَقشَ المُشَبِّهِ صُورَةً بِدِهَانِ

فَيَظُنُّهَا المغرُورُ حَقًّا وَهيَ فِي التَّ
حقِيقِ مِثلُ اللاَّلِ فِي القِيعَانِ

لأجَاهِدَنَّ عِدَاكَ مَا أبقَيتَنِي
ولأجعلَنَّ قِتَالَهُم دَيدَانِي

وَلأفضَحَنَّهُمُ عَلَى رُوسِ المَلا
وَلأفرِيَنَّ أدِيمَهُم بِلِسَانِ

وَلأكشِفَنَّ سَرَائِرًا خَفِيت عَلَى
ضُعَفَاءِ خَلقِكَ مِنهُمُ بِبَيَانِ

وَلأتبَعَنَّهُمُ إلَى حَيثُ انتَهَوا
حَتَّى يُقَالَ أبَعدَ عَبَّادَان

وَلأرجُمَنَّهُمُ بِأعلاَمِ الهُدَى
رَجمَ المزيدِ بِثَاقِبٍ الشُّهبِانِ

وَلأقعُدَنَّ لَهُم مَرَاصِدَ كَيدِهِم
وَلأحصُرَنَّهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ

وَلأجعَلَنَّ لُحُومَهُم وَدِمَاءَهُم
فِي يَومِ نَصرِكَ أعظَمَ القُربَانِ

وَلأحمِلَنَّ عَليهِمُ بعَسَاكِرٍ
لَيسَت تََفِرُّ إذَا التَقَى الزَّحفَانِ

بِعَسَاكِرِ الوَحيَينِوالفِطَرَات وال
مَعقُولِ وَالمَنقُولِ بِالإحسَانِ

حَتَّى يَبِينَ لِمَن لَهُ عَقلٌ مِنَ ال
أولَى بِحُكمِ العَقلِ وَألبُرهَانِ

وَلأنصَحَنَّ اللهَ ثُمَّ رَسُولَهُ
وَكِتَابَهُ وَشَرَائعَ الإِيمَانِ

إن شَاءَ رَبِّي ذَا يَكُونُ بِحَولِهِ
أو لَم يَشَأ فَالأمرُ للرَّحمَنِ

إنَّا تَحَمَّلنَا الشَّهَادةَ بِالذِي
قُلتُم نُؤدِيهَا لَدَى الرَّحمَنِ

مَا عِندَكُم فِي الأرضِ قُرآنٌ كَلاَ
مُ الله حَقًّا يَا أولِي العُدوَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمَوَاتِ العُلَى
رَبٌّ يُطَاعُ بِوَاجِبِ الشُّكرَانِ

كَلاَّ وَلاَ فِي القَبرِ أيضًا عِندَكُم
مِن مُرسَلٍ وَالله عِندَ لِسَانِ

هَاتِيكَ عَورَاتٌ ثَلاَثٌ قَد بَدَت
مِنكُم فَغَطُّوهَا بِلاَ رَوَغَانِ

فَالرُّوحُ عِندَكُمُ مِنَ الأعرَاضِ قَا
ئِمَةٌ بِجِسمِ الحَيِّ كَالألوَانِ

وَكَذَا صِفَاتُ الحَيِّ قَائِمَةٌ بهِ
مَشرُوطَةٌ بِحَيَاةش ذِي الجُثمَانِ

فَإذَا انتَفَت تِلك الحَيَاةُ فَيَنتَفِي
مَشرُوطُهَا بِالعَقلِ وَالبُرهَانِ

وَرِسَالَةُ المَبعُوثِ مَشرُوطٌ بِهَا
كَصِفَاتِهِ بِالعِلمِ وَالإِيمَانِ

فَإِذَا انتَفَت تِلكَ الحَيَاةُ فَكُلُّ مَش
رُوطٍ بِهَا عَدَمٌ لِذِي الأذهَانِ

وَلأجلِ هَذَا رَامَ نَاصِرُ قَولِكُم
تَرقيعَهُ يَا كَثرَةَ الخُلقَانِ

قَالَ الرَّسُولُ بِقَبرِهِ حيٌّ كَمَا
قَد كَانَ فَوقَ الأرضِ وَالرَّجمَانِ

مِن فَوقِهِ أطبَاقُ ذَاكَ التُّرب وَاللَّ
بِنَاتُ قَد عُرِضَت عَلَى الجُدُرَانِ

لَو كَانَ حَيًّا فِي الضَّرِيحِ حَيَاتَهُ
قَبلَ المَمَاتِ بِغَيرِ مَا فُرقَانِ

مَا كَانَ تَحتَ الأرضِ بَل مِن فَوقِهَا
وَالله هَذِي سُنَّةُ الرَّحمَنِ

أتُرَاهُ تَحتَ الأرضِ حَيًّا ثُمَّ لاَ
يُفتِيهُمُ بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ

وَيُرِيحُ أمَّتَهُ مِنَ الآرَاءِ وَال
خُلفِ العَظِيمِ وَسَائِرِ البُهتَانِ

أم كَانَ حَيًّا عَاجِزًا عَن نُطقِه
وَعَن الجَوَابِ لِسَائِلٍ لَهفَانِ

وَعَن الحِرَاكِ فَمَا الحَيَاةُ اللاَّتِ قَد
أثبَتُّمُوهَا أوضِحُوا بِبَيَانِ

هَذَا وَلِم لاَ جَاءَهُ أصحَابُهُ
يَشكُونَ بَأسَ الفَاجِرِ الفَتَّانِ

إذ كَانَ ذَلِكَ دَأبُهُم وَنَبِيُّهُم
حَيٌّ يُشَاهِدُهُم شُهُودَ عِيَانِ

هَل جَاءَكُم أثرٌ بِأنَّ صَحَابَهُ
سَالُوهُ فُتيَا وَهوَ فِي الأكفَانِ

فَأجَابَهُم بِجَوَابِ حَيٍّ نَاطِقٍ
فَأتُوا إذًا بِالحَقِّ وَالبُرهَانِ

هَلاَّ أجَابَهُمُ جَوَابًا شَافِيًا
إن كَانَ حَيًّا نَأطِقًا بِلِسَانِ

هَذَا وَمَا شُدَّت رَكَائِبُهُ عَنِ ال
حُجُرَاتِ لِلقَاصِي مِنَ البُلدَانِ

مَع شِدَّةِ الحِرصَِ العَظِيمِ لَهُ عَلَى
إرشَادِهِم بِطَرَائِقِ التِّبيَانِ

أتُرَاهُ يِشهَدُ رأيَهُم وَخِلاَفَهُم
وَيَكُونُ لِلتِّبيَانِ ذَا كِتمَانِ

إن قُلتُمُ سَبَقَ البَيَانُ صَدَقتُم
قَد كَانَ بِالتِّكرَارِ ذَا إحسَانِ

هَذَا وَكَم مِن أمرٍ اشكِلَ بَعدَهُ
أعنِي عَلَى عُلَمَاءِ كُلِّ زَمَانِ

أوَ مَا تَرَى الفَارُوقَ وَدَّ بِأنَّهُ
قَد كَانَ مِنهُ العَهدُ ذَا تِبيَانِ

بِالجَدِّ فِي مِيرَاثِهِ وَكَلاَلَةٍ
وَبِبَعضِ أبوَابِ الرِّبَا الفَتَّانِ

قَد قَصَّرَ الفَارُوقُ عِندَ فَرِيقكُم
إذ لَم يَسَلهُ وَهُوَ فِي الأكفَانِ

أتَرَاهُمُ يَأتُونَ حَولَ ضَرِيحهِ
لِسُؤالِ أمِّهِمُ أعزِّ حَصَانِ

وَنَبِيُّهُم حَيٌّ يُشَاهِدُهُم وَيَس
معُهُم وَلاَ يَأتِي لَهُم بِبَيَانِ

أفكَانَ يَعجِزُ أن يُجِيبَ بِقَولِهِ
إن كَانَ حَيًّا دَاخِلَ البُنيَانِ

يَا قَومنَا استَحيُوا مِنَ العُقَلاَءِ وَال
مَبعُوثِ بِالقُرآنِ وَالرَّحمَنِ

وَالله لاَ قَدرَ الرَّسُولِ عَرَفتُمُ
كَلاَّ وَلاَ لِلنَّفسِ والإِنسَانِ

مَن كَانَ هَذَا القَدرُ مَبلَغَ عِلمِهِ
فَليَستَتِر بِالصَّمتِ وَالكِتمَانِ

وَلَقَد أبَانَ الله أنَّ رَسُولَهُ
مَيتٌ كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

أفجَاءَ أنَّ الله بَاعِثُهُ لَنَا
فِي القَبرِ قَبلَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

أثَلاَثُ مَوتَاتٍ تَكُونُ لِرُسلِهِ
وَلِغَيرِهِم مِن خَلقِهِ مَوتَانِ

إذ عِندَ نَفخِ الصُّورِ لاَ يَبقَى امرُؤٌ
فِي الأرضِ حَيًّا قَطُّ بِالبُرهَانِ

أفَهَل يَمُوتُ الرُّسلُ أم يَبقَوا إذَا
مَاتَ الوَرَى أم هَل لَكُم قَولاَنِ

فَتَكَلَّمُوا بِالعِلمِ لاَ الدَّعوَى وَجِي
ؤُوا بِالدَّلِيل فَنَحنُ ذُو أذهَانِ

أوَ لَم يَقُل مِن قَبلِكُم للرَّافِعِي ال
أصوَاتِ حَولَ القَبرِ بِالنُّكرَانِ

لاَ تَرفَعُوا الأصوَاتَ حُرمَةُ عَبدِهِ
مَيتًا كَحُرمَتِه لَدَى الحَيَوانِ

قَد كَانَ يُمكِنُهُم يَقُولُوا إنَّهُ
حَيٌّ فَغُضُّوا الصَّوتَ بِالإحسَانِ

لَكِنَّهُم بِالله أعلَمُ مُنكُمُ
وَرَسُولِهِ وَحَقَائِق الإِيمَانِ

وَلَقَد أتَوا يَومًا إلَى العَبَّاسِ يَس
تَسقُونَ مِن قَحطٍ وَجَدبِ زَمَانِ

هَذَا وَبَينَهُمُ وَبَينَ نَبِيِّهِم
عَرضُ الجِدَارِ وَحُجرَةُ النِّسوَانِ

فَنبِيُّهُم حَيٌّ وَيَستَسقُونَ غَي
رَ نَبِيِّهِم حَاشَا أولِي الإِيمَانِ

فَإن احتَجَجتُم بِالشَّهِيدِ بِأنَّهُ
حَيٌّ كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَالرُّسلُ أكمَلُ حَالَةً مِنهُ بِلاَ
شَكٍّ وَهَذَا ظَاهِرُ التَّبيَانِ

فَلِذَاكَ كَانُوا بِالحَيَاةِ أحَقَّ مِن
شُهَدَائِنَا بِالعَقلِ وَالبُرهَانِ

وَبِأنَّ عَقدَ نِكَاحِهِ لَم يَنفَسِخ
فَنِسَاؤهُ فِي عِصمَةٍ وَصِيَانِ

وَلأجلِ هَذَا لَم يَحِلَّ لِغَيرِهِ
مِنهُنَّ وَاحِدَةٌ مَدَى الأزمَانِ

أفَلَيسَ فِي هَذَا دَلِيلُ أنَّهُ
حَيٌّ لِمَن كَانَت لَهُ أذُنَانِ

أوَ لَم يَرَ المُختَارُ مُوسَى قَائِمًا
فِي قَبرِهِ لِصَلاةِ ذِي القُربَانِ

أفَمَيِّتٌ يَأتِي الصَّلاَةَ وَإنَّ ذَا
عَينُ المُحَالِ وَوَاضِحُ البُطلاَنِ

أوَ لَم يَقُل إنِّي أرُدُّ عَلَى الذِي
يَأتِي بِتَسلِيمٍ مَعَ الإِحسَانِ

أيَرُدُّ مَيِّتٌ السَّلاَمَ عَلَى الذِي
يأتِي بِهِ مِنَ البُهتَانِ

هَذَا وَقَد جَاءَ الحَدِيثُ بِأنَّهُم
أحيَاءُ فِي الأجدَاثِ ذَا تِبيَانِ

وَبِأنَّ أعمَالَ العِبَادِ عَلَيهِ
تُعرَضُ دَائمًا فِي جُمعَةٍ يَومَانِ

يَومَ الخمِيسِ وَيَومَ الإِثنَينِ الَّذِي
قَد خُصَّ بِالفَضلِ العَظِيمِ الشَّانِ

فَيُقَالُ أصلُ دَلِيلِكُم فِي ذَاكَ حُجَّ
تُنَا عَلَيكُم وَهيَ ذَاتُ بَيَانِ

إنَّ الشَّهِيدَ حَيَاتُهُ مَنصُوصَةٌ
لاَ بِالقِيَاسِ القَائِمِ الأركَانِ

هَذَا مَعَ النَّهيِ المؤكَّدِ أنَّنَا
نَدعُوهُ مَيتًا ذَاك فِي القُرآنِ

وَنِسَاؤهُ حِلٌّ لَنَا مِن بَعدِهِ
وَالمَالُ مَقسُومٌ عَلَى السَّهمَانِ

هَذَا وَأنَّ الأرضَ تَأكُلُ لَحمَهُ
وَسِبَاعُهَا مَع أمَّةِ الدِّيدَانِ

لَكِنَّهُ مَعَ ذَاكَ حَيٌّ فَارِحٌ
مُستَبشِرٌ بِكَرَامَةِ الرَّحمَنِ

فَالرًّسلُ أولَى بِالحَيَاةِ لَدَيهِ مَع
مَوتِ الجُسُومِ وَهَذِهِ الأبدَانِ

وَهِيَ الطَّرِيَّةُ فِي التُّرَابِ وَأكلُهَا
فَهوَ الحَرَامُ عَلَيهِ بِالبُرهَانِ

وَلِبَعضِ أتبَاعِ الرِّسُولِ يَكُونُ ذَا
أيضًا وَقَد وَجَدُوهُ رَأيَ عِيَانِ

فَانظُر إلَى قَلبِ الدَّلِيلِ عَلَيهِمُ
حَرفًا بحَرفٍ ظَاهرِ التِّبيَانِ

لَكِن رَسُولُ اللهِ خُصَّ نِسَاؤهُ
بِخَصِيصَةٍ عَن سَائِرِ النِّسوَانِ

خُيِّرنَ بَينَ رَسُولِهِ وَسِوَاهُ فَاخ
تَرنَ الرَّسُولَ لِصِحَّةِ الإِيمَانِ

شَكَرَ الإِلَهُ لَهُنَّ ذَاكَ وَرُبُّنَا
سُبحَانَهُ لِلعَبدِ ذُو شُكرَانِ

قَصرُ الرَّسُولِ عَلَى أولَئِكَ رَحمَةً
مِنهُ بِهِنَّ وَشُكرَ ذِي الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ أيضًا قَصرُهُنَّ عَلَيهِ مَع
لُومٌ بِلاَ شَكٍّ وَلاَ حُسبَانِ

زَوجَاتُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا وَفِي ال
أخرَى يَقِينًا وَاضِحَ البُرهَان

فِلِذَا حَرُمنَ عَلَى سِوَاهُ بَعدَهُ
إذ ذَاكَ صَونٌ عَن فِرَاشٍ ثَانِ

لَكِن أتَينَ بِعشدَّةٍ شَرعِيَّةٍ
فِيهَا الحِدَادُ وَمَلزَمُ الأوطَانِ

هَذَا وَرُؤيَتُهُ الكَلِيمَ مُصَلِّيًا
فِي قَبرِهِ أثَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ

فِي القَلبِ مِنهُ حَسِيكةٌ هَل قَالَهُ
فَالحَقُّ مَا قَد قَالَه ذُو البُرهَانِ

وَلِذَاكَ أعرَضَ فِي الصَّحِيحِ مُحَمَّدٌ
عَنهُ عَلَى عَمدٍ بِلاَ نِسيَانِ

وَالدَّارَقُطنِيُّ الإِمَامُ أعَلَّهُ
بِرِوَايَةٍ مَعلَومَةِ التِّبيَانِ

أنَسٌ يَقُولُ رَأيُ الكَلِيمَ مُصَلِّيًا
فِي قَبرِهِ فَاعجَب لِذَا الفُرقَانِ

فَرَوَاهُ مَوقُوفًا عَلَيهِ وَلَيسَ بِال
مَرفُوعِ وَاشوقًا إلى العِرفَانِ

بَينَ السِّيَاقِ إلَى السِّيَاقِ تَفَاوُتٌ
لاَ تَطرَحَنهُ فَمَا هُمَا سِيَّانِ

لَكِن تُقَلِّدُ مُسلِمًا وَسَوَاهُ مِمَّ
ن صَحَّ هَذَا عِندَهُ بِبَيَانِ

فَرُوَاتُهُ الأثبَاتُ أعلاَمُ الهُدَى
حُفَّاظُ هَذَا الدِّينِ فِي الأزمَانِ

لَكِنَّ هَذَا لَيسَ مُختَصًّا بِهِ
وَالله ذُو فَضلٍ وَذُو إحسَانِ

فَرَوَى ابنُ حِبَّانَ الصَّدُوُقُ وَغَيرُهُ
خَبَرًا صَحِيحًا عِندَهُ ذَا شَانِ

فِيهِ صَلاَةُ العَصرِ فِي قَبرِ الَّذِي
قَد مَاتَ وَهُوَ مُحَقِّقُ الإيمَانِ

فَتُمثِّلُ الشَّمسُ الَّذِي قَد كَانَ يَر
عَاهَا لأجلِ صَلاَةِ ذِي القُربَانِ

عِندَ الغُرُوبِ يَخَافُ فَوتَ صَلاَتِهِ
فَيَقُولُ للمَلَكَينِ هَل تَدَعَانِ

حَتَّى أصلِّي العَصرَ قَبلَ فَوَاتِها
قَالاَ سَتَفعَلُ ذَاكَ بَعدَ الآنِ

هَذَا مَعَ المَوتِ المُحَقَّقِ لاَ الذِي
حُكِيَت لَنَا بِثُبُوتِهش القَولاَنِ

هَذَا وَثَابِتُ البُنَانِيُّ قَد دَعَا ال
رَّحمَنَ دَعوَةَ صَادِقِ الإِيقَانِ

أن لاَ يَزَالُ مُصَلِّيًا فِي قَبرِهِ
إن كَانَ أعطِيَ ذَاكَ مِن إنسَانِ

لَكِنَّ رُؤيَتَهُ لِمُوسَى لَيلَة ال
مِعرَاجِ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

يَروِيهِ أصحَابُ الصِّحَاحِ جَمِيعُهُم
وَالقَطعُ مُوجَبُهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَلِذَاك ظُنَّ مَعَارِضًا لِصَلاَتِهِ
فِي قَبرِهِ إذ لَيسَ يَجتَمِعَانِ

وَأُجِيبَ عَنهُ بِأنَّهُ أسرِى بِهِ
لِيَرَاهُ ثَمَّ مُشَاهِدًا بِعَيَانِ

فَرَآهُ ثَمَّ وَفِي الضَّرِيحِ وَلَيسَ ذَأ
بِتَنَاقُضٍ إذ أمكَنَ الوَقتَانِ

هَذَا وَرَدُّ نَبِيِّنَا التَّسلِيمَ مَن
يَأتِي بِتَسلِيمٍ مَعَ الإِحسَانِ

مَا ذَاكَ مُختَصًّا بِهِ أيضًا كَمَا
قَد قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

مَن زَارَ قَبرَ أخٍ لَهُ فَأتَى بِتَس
لِيمٍ عَليهِ وَهُوَ ذُو إيمَانِ

رَدَّ الإِلهُ عَلَيهِ حَقًّا رُوحَهُ
حَتَّى يَرُدَّ عَلَيهِ رَدَّ بَيَانِ

وَحَدِيثُ ذِكرِ حَيَاتِهِم بِقُبِورِهِم
لَمَّا يَصِحَّ وَظَاهِرُ النُّكرَانِ

فَانظُر إلَى الإِسنَادِ تَعرِف حَالَهُ
إن كُنتَ ذَا عِلمٍ بِهَذَا الشَّانِ

هَذَا وَنَحنُ نَقُولُ هُم أحيَاءُ لَ
كِن عِندَنَا كَحَيَاةِ ذِي الأبدَانِ

وَالتُّربُ تَحتَهُمُ وَفَوقَ رُؤوسِهِم
وَعَنِ الشَّمَائِلِ ثُمَّ عَن أيمَانِ

مِثلَ الَّذِي قَد قُلتُمُوهُ مَعَاذُنَا
بِالله مِن أفكِ وَمِن بُهتَانِ

بَل عِندَ رَبِّهِمُ تَعَالَى مِثلَ مَا
قَد قالَ فِي الشُّهَدَاءِ فِي القُرآنِ

لَكِن حَيَاتُهُم أجَلُّ وَحَالُهُم
أعلَى وَأكمَلُ عِندَ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا وَأمَّا عَرضُ أعمَالِ العِبَا
دِ عَلَيهِ فَهوَ نالحَقُّ ذُو إمكَانِ

وَأتَى بِهِ أثَرٌ فَإن صَح الحَدِي
ثُ بِهِ فَحَقٌّ لَيسَ ذَا نُكرَانِ

لَكِنَّ هَذَا لَيسَ مُختصًّا بِهِ
أيضًا بِآثَارٍ رُوِينَ حِسَانِ

فَعَلَى أبِي الإِنسَانِ يُعرِضُ سَعيُهُ
وَعَلَى أقَارِبِهِ مَعَ الإِخوَانِ

إن كَانَ سَعيًا صَالِحًا فَرِحُوا بِهِ
وَاستَبشَرُوا يَا لَذَّةَ الفَرحَانِ

أو كَانَ سَعيًا سَيئًا حَزِنُوا وَقَا
لُوا رَبِّ رَاجِعهُ إلَى الإِحسَانِ

وَلِذَا استَعَاذَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَن رَوَى
هَذَا الحَدِيثَ عَقِيبَهُ بِلِسَانِ

يَا رَب إنِّي عَائِذٌ مِن خِزيَةٍ
أخزَى بِهَا عِندَ القَرِيب الدَّانِي

ذَاكَ الشَّهِيدُ المًرتَضَى ابنُ رَوَاحَةَ ال
مَحبُوُّ بِالغُفرَانِ وَالرِّضوَانِ

لَكِنَّ هَذَا ذُو اختِصَاصٍ وَالَّذِي
لِلمُصطَفَى مَا يَعمَلُ الثَّقَلاَنِ

هَذِي نِهَايَاتٌ لأقدَامِ الوَرَى
فِي ذَا المَقَامِ الضَّنكِ صَعبِ الشَّانِ

وَالحَقُّ فِيهِ لَيسَ تَحمِلُهُ عُقُو
لُ بَنِي الزَّمَانِ لِغِلظَةِ الأذهَانِ

وَلِجَهلِهِم بِالرُّوحِ مَع أحكَامِهَا
وَصِفَاتِهَا للإلفِ بالأبدانِ

فَارضَ الَّذِي رَضِيَ الإِلَهُ لَهٌُم به
أتُرِيدُ تَنقُضُ حِكمَةَ الدَّيَّانِ

هَل فِي عُقُولِهِمُ بأنَّ الرُّوحَ فِي
أعلَى الرَّفِيقِ مُقِيمَةٌ بِجِنَانِ

وَتَرُدُّ أوقَاتَ السَّلاَمِ عَلَيهِ مِن
أتبَاعِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

وَكَذَاكَ إن زُرتَ القُبُورَ مُسَلِّمًا
رُدَّت لَهُم أروَاحُهُم للآنِ

فَهُمُ يَرُدُّونَ السَّلاَم عَلَيكَ لَ
كِن لَستَ تَسمَعُهُ بذِي الأُذُنَانِ

هَذَا وَأجوَافُ الطُّيُورِ الخُضرِ مَس
كَنُهَا لَدَى الجَنَّاتِ وَالرِّضوَانِ

مَن لَيسَ يَحمِلُ عَقلُهُ هَذَا فَلاَ
تَظلِمهُ شَأنُ الرُّوحِ أعجَبُ شَانِ

لِلرُّوحِ شَأنٌ غَير ذِي الأجسَامِ لاَ
تُهمِلهُ شَأنُ الرُّوحِ أعجَبُ شَانِ

وَهُوَ الَّذِي حَارَب الوَرَى فِيهِ فَلم
يَعرِفهُ غَيرُ الفَردِ فِي الأزمَانِ

هَذَا وَأمرٌ فَوقَ ذَا لَو قُلتُهُ
بَادرتَ بِالإنكَارِ والعُدوَانِ

فلِذَاكَ أمسَكتُ العِنَانَ وَلَو أرَى
ذَاك الرَّفِيقَ جَرَيتُ فِي المَيدَانِ

هَذَا وَقَولِي أنَّهَا مَخلُوقَةٌ
وَحُدُوثُهَا المَعلُومُ بِالبُرهَانش

هَذَا وَقَولِي أنَّهَا لَيسَت كَمَا
قَد قَالَ أهلُ الإِفكِ وَالُبُهتَانِ

لاَ دَاخِلٌ فِينَا وَلاَ هِيَ خَارِجٌ
عَنَّا كَمَا قَالُوهُ فِي الدَّيَّانِ

وَاللهِ لاَ الرَّحمَنِ أثبَتُّم وَلاَ
أروَاحَكُم يَا مُدَّعِي العِرفَانِ

عَطَّلتُمُ الأبدَانَ مِن أروَاحِهَا
وَالعرشَ عَطَّلتُم مِنَ الرَّحمَنِ

لاَ يُفزِعَنكَ قَعَاقِعٌ وَفَرَاقِعٌ
وَجَعَاجِعٌ عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

مَا عِندَهُم شَيءٌ يَهُولُكَ غَيرَ ذَا
كَ المَنجَنِيقِ مُقَطَّعَ الأركَانِ

وَهُوَ الَّذِِي يَدعُونَهُ التركِيبَ مَن
صُوبًا عَلَى الإِثبَاتِ مُنذُ زَمَانِ

أَرَأيتَ هَذَان المنجَنِيقَ فَإنَّهُم
نَصَبُوهُ تَحتَ مَعَاقِلِ الإِيمَانِ

بَلَغَت حِجَارَتُهُ الحُصُونَ فَهَدَّتِ الشُّ
رُفَاتِ واستَولَت عَىَ الجُدرَانِ

للَّهِ كَم حِصنٍ عَلَيهِ استَولَتِ ال
كُفَّارُ مِن ذَا المنجَنِيقِ الجَانِي

وَاللهَ مَا نَصَبُوهُ حَتَّى عَبَّرُوا
قَصدًا عَلَى الحِصنِ العَظيمِ الشَّانِ

وَمِنَ البَلِيَّةِ أنَّ قَومًا بَينَ أه
لِ الحِصنِ وَاطُوهُم عَلَى العُدوَانِ

وَرَمَوا بِهِ مَعهُم وَكَانَ مُصَابُ أهل
لِ الحِصنِ مِنهُم فَوقَ ذِي الكُفرَانِ

فَتَرَكَّبَت مِن كُفرِهِم وَوِفَاقِ مَن
فِي الحِصنِ أنوَاع مِنَ الطُّغيَانِ

وَجَرَت عَلَى الإِسلاَمِ أعظَمُ مِحنَةٍ
مِن ذَينِ تَقدِيرًا مِنَ الرَّحمَنِ

وَاللهِ لَولاَ أن تَدَارَكَ دِينَهُ الرَّ
حمَنُ كَانَ كَسَائِرِ الأديَانِ

لَكِن أقَامَ لَهُ الإلَهُ بِفَضلِهِ
يَزَكًا مِنَ الأنصَارِ وَالأعوَانِ

فَرَمَوا عَلَى ذَا المَنجَنِيقِ صَوَاعِقًا
وَحِجَارَةً هَدَّتهُ لِلأركَانِ

فَاسألهُم مَاذَا الَّذِي يَعنُونَ بِالتَّ
ركِيبِ فَالتَّركِيبُ سِتُّ مَعَانِ

إحدَى مَعَانِيهِ هُوَ التَّركِيبُ مِن
مُتَبَأيِنٍ كَتَرَكُّبِ الحَيَوانِ

مِن هَذِهِ الأعضَا كَذَا أعضَاؤهُ
قَد رُكِّبَت مِن أربَعِ الأركَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا لِلصِّفَاتِ لِرَبِّنَا
وَعُلُوَّهُ مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ

وَلَعَلَّ جَاهِلَكُم يَقُولُ مُبَاهِتًا
ذَا لاَزِمُ الإِثبَاتِ بِالبُرهَانِ

فَالبُهتُ عِندَكُمُ رَخِيصٌ سِعرُهُ
حَثوًا بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

هَذَا وَثَانِيهَا فَتركِيبُ الجِوَا
رِ وَذَاكَ بَينَ اثنَينِ يَفتَرِقَانِ

كالجِسرِ وَالبَابِ الذِي تركيبُهُ
بجِوَارِهِ لِمَحَلَّةٍ مِن بَانِ

والأولُ المدعُوُّ تركِيبُ امتِزَا
جٍ وَاختِلاَطٍ وَهوَ ذُو تِبيَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا مِن ثُبُوتِ صِفَاتِهِ
أيضًا تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

وَالثَّالِثُ التَّركِيبُ مِن مُتَمَاثِلٍ
يُدعَى الجَوَاهِرَ فَردَةَ الأكوَانِ

وَالرَّابِعُ الجِسمُ المُرَكَّبُ مِن هَيُو
لاَهُ وَصُورَتُهُ لِذِي اليُونَانِ

وَالجِسمُ فَهوَ مُرَكَّبٌ مِن ذَينِ عِن
دَ الفَيلَسُوفِ وَذَاكَ ذُو بُطلاَنِ

وَمِنَ الجَوَاهِرِ عِندَ أربَابِ الكَلاَ
مِ وَذَاكَ أيضًا وَاضِحُ البُطلاَنِ

فَالمثبِتُونَ الجَوهَرَ الفَردَ الَّذِي
زَعَمُوهُ أصلَ الدِّينِ وَالإِيمَانِ

قَالُوا بِأنَّ الجِسمَ مِنهُ مَرَكَّبٌ
وَلَهُم خِلاَفٌ وَهوَ ذُو ألوَانِ

هَل يُمكِنُ التَّركِيبُ مِن جُزأينِ أو
مِن أربَعٍ أو سِتَّةٍ وَثَمَانِ

أو سِتَّ عَشرَةَ قَد حَكَاهُ الأشعَرِيُّ
لِذِي مَقَالاَتٍ عَلَى التِّبيَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا مِن ثُبُوتِ صِفَاتِهِ
وَعُلُوِّهِ سُبحَانَ ذِي السُّبحَانِ

وَالحَقُّ أنَّ الجِسمَ لَيسَ مُرَكَّبًا
مِن وَلاَ هَذَا هُما عَدَمَانِ

وَالجَوهَرُ الفَردُ الَّذِي قَد أثبَتُو
هُ لَيسَ ذَا إمكَانِ

لَو كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لَزِمَ المَحَا
لُ لِوَاضِحِ البُطلاَنِ وَالبُهتَانِ

مِن أوجُهٍ شَتَّى وَيَعسُرُ نَظمُهَا
جِدًّا لأجلِ صُعُوبَةِ الأوزَانِ

أتَكُونُ خَردَلَةٌ تُسَاوِي الطَّودَ فِي ال
أجزَاء فِي شَيءٍ مِنَ الأذهَانِ

إذ كَانَ كُلٌّ مِنهُمَا أجزَاؤهُ
لاَ تَنتَهِي بِالعَدِّ وَالحُسبَانش

وَإذَا وَضعتَ الجَوهَرَينِ وَثَالِثًا
فِي الوَسطِ وَهوَ الحَاجِزُ الوسطَانِ

فَلأجلِهِ افتَرَقَا فَلاَ يَتَلاَقَيَا
حَتَّى يَزُولَ إذًا فَيَلتَقِيانِ

مَا مَسَّهُ إحداهُمَا مِنهُ هُوَ ال
مَمسُوسُ لِلثَّانِي بِلاَ فُرقَانِ

هَذَا مُحَالٌ أو تَقُولُوا غَيرَهُ
فَهُوَ انقِسَامٌ وَاضحُ التِّبيَانِ

وَالخَامِسُ التَّركِيبُ مِن ذَاتٍ مَعَ
الأوصَافِ هَذَا بِاصطِلاَحٍ ثَانِ

سَمَّوهُ تَركِيبًا وَذَلِكَ وَضعُهُم
مَا ذَاكَ فِي عُرفٍ وَلاَ قُرآنِ

لَسنَا نُقِرُّ بلَفظَةٍ مَوضُوعَةٍ
بِالاصطِلاَحِ لِشِيعَةِ اليُونَانِ

أو مَن تَلَقَّى عَنهُمُ مِن فِرقةٍ
جَهمِيَّةٍ لَيسَت بِذِي عِرفَانِ

مِن وَصفِهِ سُبحَانَهُ بِصِفَاتِهِ ال
عُليَا وَيُترَكُ مُقتَضَى القُرآنِ

وَالعَقلِ والفِطرَاتِ أيضًا كُلِّهَا
قَبلَ الفَسَادِ وَمُقتَضَى البُرهَانِ

سَمُّوهُ مَا شِئتُم فَلَيسَ الشَّأنُ فِي ال
أسمَاءِ بِالألقَابِ ذَاتِ الشَّانِ

هَل مِن دَلِيلٍ يَقتَبضِي إبطَالَ ذَا التَّ
ركِيبِ مِن عَقلٍ وَمِن فُرقَانِ

وَالله لَو نُشِرَت شُيُوخُكُمُ لَمَا
قَدِرُوا عَلَيهِ لَو أتَى الثَّقَلاَنِ

وَالسَّادِسُ التَّركِيبُ مِن مَاهِيَّةٍ
وَوُجُودِهَأ مَا هَا هُنَا شَيئَانِ

إلاَّ إذَا اختَلَفَ اعتِبَارُهُمَا فَذَا
فِي الذِّهنِ وَالثَّانِي فَفِي الأعيَانِ

فَهُنَاكَ يُعقَلُ كَونُ ذَا غَيرًا لِذَا
فَعَلَى اعتِبَارِهِمَا هُمَا غَيرَانِ

أمَّا إذَا اتَّحَدَا اعتِبَارًا كَانَ نَف
س وُجُودِهَا هُوَ ذَاتُهَا لا ثَانِ

مَن قَالَ شَيئًا غَيرَ ذَا كَانَ الَّذِي
قَد قَالَهُ ضَربٌ مِنَ الفُعلاَنِ

هَذَا وَكَم خَبطٍ هُنَا قَد زَالَ بِالتَّ
فصِيلِ وَهُوَ الأصلُ فِي العِرفَانِ

وابنُ الخَطِيبِ وَحِزبُهُ مِن بَعدِهِ
لَم يَهتَدُوا لِمَواقِعِ الفُرقَانِ

بَل خَبَّطُوا نَقلًا وَبَحثًا أوجَبَا
شَكًّا لِكُلِّ مُلَدَّدٍ حَيرَانِ

هَل ذَاتُ رَبِّ العَالَمِينَ وُجُودُهُ
أم غَيرُهُ فَهُمَا إذًا شَيئَانِ

فَيَكُونَ تَركِيبًا مُحَالًا ذَاكَ إن
قُلنَا بِهِ فَيَصِيرُ ذَا إمكَانِ

وإذَا نَفَينَا ذَاكَ صَارَ وُجُودُهُ
كَالمُطلَقِ الموجُودِ فِي الأذهَانِ

وَحَكَوا أقَاوِيلًا ثَلاَثًا ذَينِكَ ال
قَولَينِ إطلاَقًا بلاَ فُرقَانِ

وَالثَّالِثُ التَّفرِيقُ بَينَ الوَاجِبِ ال
أعلَى وَبَينَ وُجُودِ ذِي الإِمكَانِ

وَسَطُوا عَلَيهَا كُلِّهَا بِالنَّقضِ وَال
إبطَالِ وَالتَّشكِيكِ بالإِنسَانِ

حَتَّى أتَى مِن أرضِ آمدَ آخرًا
ثَورٌ كَبِيرٌ بَل حَقِيرٌ الشَّانِ

قَالَ الصَّوَابُ الوَقفُ فِي ذَا كُلِّهِ
وَالشَّكُّ فِيهِ ظَاهِرُ التِّبيَانِ

هَذَا قُصَارَى بَحثِهِ وَعُلُومِهِ
أن شَكَّ فِي الله العَظِيمِ الشَّانِ

فَالأوَّلاَنِ حَقِيقَةُ التَّركِيبش لاَ
تَعدُوهُمَا فِي اللَّفظِ والأذهَانِ

وَكَذَلكَ الأعيَانُ أيضًا أنَّمَا التَّ
ركيبُ فِيهَا ذَانَك النَّوعَانِ

وَالأوسَطَانِ هُمَا اللَّذَانِ تَنَازَعَا ال
عُقَلاَءَ فِي تَركِيبِ ذي الجُثمَانِ

وَلَهُم أقَاوِيلٌ ثَلاَثٌ قَد حَكَي
نَاهَا وَبَيَّنَّا أتمَّ بَيَانِ

والآخِرَانِ هُمَا اللَّذَانِ عَلَيهِمَا
دَارَت رَحَى الحَربِ الَّتِي تَرَيَانِ

أنتُم جَعَلتُم وَصفَهُ سُبحَانَهُ
بِعُلُوِّهِ مِن فَوقِ ذِي الأكوَانِ

وَصِفَاتِهِ العُليَا التِي ثَبَتَت لَهُ
بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ ذِي البُرهَانِ

مِن جُملَةِ التَّركِيبِ ثُمَّ نَفَيتُمُ
مَضمُونَهَا مِن غَيرِ مَا بُرهَانِ

فَجَعَلتُمُ المِرقَاةَ للتَّعطِيل هَ
ذَا الاصطِلاَحَ وَذَا مِنَ العُدوَانِ

لَكِن إذَا قِيلَ اصطِلاَحٌ حَادِثٌ
لاَ حَجرَ فِي هَذَا عَلَى إنسَانِ

فَنَقُولُ نَفيُكُم بِهَذَا الاصطِلاَ
حِ صِفَاتِهِ هُو أبطَلُ البُطلاَنِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُمُ بِهِ لِعُلُوِّهِ
فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلَّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُمُ بِهِ لِكَلاَمِهِ
بِالوَحيِ كَالتَّورَاةِ وَالقُرآنِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُم لِرؤيَتِنَا لَهُ
يَومَ المَعادِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

وَكَذَاكَ نَفيكُمُ لِسَائِرِ مَا أتَى
فِي النَّقلِ مِن وَصفٍ بِغَيرِ مَعَانِ

كَالوَجهِ وَاليَدِ والأصَابِعِ وَالَّذِي
أبدًا يَسُوؤكُمُ بِلاَ كِتمَانِ

وَبِوِدِّكُم لَو لَم يَقُلهُ رَبنَا
وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالبُرهَانِ

وَبِوِدِّكُم وَاللهِ لَمَّا قَالَهُ
أن لَيسَ يَدخُلُ مَسمَعَ الإِنسَانِ

قَامَ الدَّلِيلُ علَى استِنَادِ الكَونِ أجَ
مَعِهِ إلَى خَلاَّقِهِ الرَّحمَنِ

مَا قَامَ قَطُّ عَلَى انتفَاءِ صِفَاتِهِ
وَعُلُوِّهِ مِن فَوقِ ذِي الأكوَانِ

هُو وَاحِدٌ فِي وَصفِهِ وَعُلُوهِ
مَا لِلوَرَى رَبٌّ سِوَاهُ ثَانِ

فَلأيِّ مَعنًى يَجحَدُونَ عُلُوَّهُ
وَصِفَاتِهِ بِالفَشرِ وَالهَذَيَانِ

هَذَا وَمَا المحذُورُ إلاَّ أن يَقَا
لَ مَعَ الإِلهِ لَنَا إلهٌ ثَانِ

أو أن يُعَطَّلَ عَن صِفاتِ كَمَالِهِ
هَذَانِ مَحذُورَانِ مَحظُورَانِ

أمَّا إذَأ مَا قِيلَ رَبٌّ وَاحِدٌ
أوصَافُهُ أربَت عَلَى الحُسبَانِ

وَهُوَ القَدِيمُ فَلَم يَزَل بِصِفَاتِهِ
مُتوَحِّدًا بَل دَائمَ الإِحسَانِ

فَبِأيِّ بُرهَانٍ نَفَيتُمُ ذَا وَقُل
تُم لَيسَ هَذَا قَطُّ فِي الإِمكَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ نَقصٌ فَذَا
بهتٌ فَمَا فِي ذَاكَ مِن نُقصَانِ

النَّقصُ فِي أمرَينِ سَلبُ كَمَالِهِ
أو شِركَةٌ بِالوَاحِدِ الرَّحمَنِ

أتَكُونُ أوصَافُ الكَمَالِ نَقِيصَةً
فِي أيِّ عَقلٍ ذَاكَ أم قُرآنِ

إنَّ الكَمَالَ بِكَثرَةِ الأوصَافِ لاَ
فِي سَلبِهَا ذَا وَاضِحُ البُرهَانِ

النَّقصُ غَيرُ السَّلبِ حَسبُ وَكُلُّ نَق
صٍ أصلُهُ سَلبٌ وَهَذَا وَاضِحُ التِّبيَانِ

فَالجَهلُ سَلبُ العِلمِ وَهُوَ نَقِيصَةٌ
وَالظُّلمُ سَلبُ العَدلِ وَالإحسَانِ

مُتَنَقِّصُ الرَّحمَنِ سَالِبُ وَصفِهِ
حَقًّا تَعَالَى الله عَن نُقصَانِ

وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَيهِ ذِكرُ صِفَاتِهِ
وَالحَمدُ وَالتَّمجِيدُ كُلَّ أوَانِ

وَلِذَاكَ أعلَمُ خَلقَِهِ أدرَاهُمُ
بِصِفَاتِهِ مَن جَاءَ بِالقُرآنِ

وَلَهُ صِفَاتٌ لَيسَ يُحصِيهَا سِوَا
هُ مِن مَلاَئِكَةٍ وَلاَ إنسَانِ

وَلِذَاكَ يُثنِي فِي القِيَامَةِ سَاجِدًا
لَمَّا يَرَاهُ المُصطَفَى بِعِيَانِ

بِثََنَاءِ حَمدٍ لَم يَكُن فِي هَذِهِ الدُّ
نيَا لِيُحصِيَهُ مَدَى الأزمَانِ

وَثَنَاؤُهُ بِصِفَاتِهِ لاَ بِالسُّلُو
بِ كَمَا يَقُولُ العَادِمُ العِرفَانِ

وَالعَقلُ دَلَّ عَلَى انتِهَاءِ الكَونِ أج
مَعِهِ إلَى رَبٍّ عَظِيمِ الشَّانِ

وَثُبُوتِ أوصَافِ الكَمَالِ لِذَاتِهِ
لاَ يَقتَضِي إبطالَ ذَا البُرهَانِ

وَالكَونُ يَشهَدُ أنَّ خَالِقَهُ تَعَا
لَى ذُو الكَمَالِ وَدَائِمُ السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ
فَوقَ الوُجُودِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ ال
مَعبُودُ لاَ شَيءٌ مِنَ الأكوَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ
ذُو حِكمَةٍ فِي غَايَةش الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ ذُو قُدرَةٍ
حَيُّ عَلِيمٌ دَائِمُ الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ الفَعَّالُ حَ
قًّا كُلَّ يَومٍ رَبُّنَا فِي شَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ المُختَارُ فِي
أفعَالِهِ حَقًّا بِلاَ نُكرَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ الحَيُّ الذِي
مَا لِلمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ القَيُّومُ قَا
مَ بِنَفسِهِ وَمُقِيمُ ذِي الأكوَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ ذُو رَحمَةٍ
وَإرَادَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَحَنَانِ

وَكَذَاك يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

وَكَذَاك يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَه ال
خَلاَّقُ بَاعِثُ هَذِهِ الأبدَانِ

لاَ تَجعَلُوهُ شَاهِدًا بِالزُّورِ وَالتَّ
عطِيلِ تِلكَ شَهَادَةُ البُطلاَنِ

وَإذَا تَأمَّلتَ الوُجُودَ رَأيتَهُ
إن لم تكن مِن زُمرةَ العُميَانِ

بِشَهَادَةِ الإِثبَاتِ حَقًّا قَائِمًا
لله لاَ بِشَهَادَةِ النُّكرَانِ

وَكَذَاكَ رُسلُ الله شَاهِدَةٌ بِهِ
أيضًا فسَل عَنهُم عَلِيمَ زَمَانِ

وَكَذَاك كُتبُ اللهِ شاهَدَةٌ بِهِ
أيضًا فهذا مُحكَمُ القُرآن

وَكَذَلِكَ الفِطَرُ الَّتِي مَا غيِّرَت
عَن أصلِ خِلقَتِهَا بِأمرٍ ثَانِ

وَكَذَا العُقُولُ المستَنِيرَاتُ التِي
فِيها مَصَابِيحُ الهُدَى الرَّبَّانِي

أتَرَونَ أنَّا تَارِكُو ذَا كُلِّهِ
لِشَهَادَةِ الجَهمِيِّ وَاليُونَانِ

هَذِي الشُّهُودُ فَإن طَلَبتُم شَاهِدًا
مِن غَيرِهَا سَيَقُومُ بعدَ زَمَانِ

إذ يَنجَلِي هَذَا الغَبَارُ فَيظهَرُ ال
حَقُّ المبِينُ مُشَاهَدًا بِعِيَانِ

فَإذَا نَفَيتُم ذَا وَقُلتُم إنَّهُ
مَلزُومُ تَركِيبٍ فَمَن يَلحَانِي

إن قُلتُ لاَ عَقلٌ وَلاَ سَمعٌ لَكُم
وَصَرَختُ فِيمَا بَينَكُ بِأذَانِ

هَل يُجعَلُ المَلزُومُ عَينَ اللاَّزِمِ ال
مَنفِيِّ هَذَا بَيِّنُ البُطلاَنِ

فَالشَّيءُ لَيسَ لِنَفسِهِ يَنفِي لَدَى
عَقلٍ سَلِيمٍ يَا ذَوِي العِرفَانِ

قُلتُم نَفَينَا وَصفَهُ وَعُلُوَّهُ
مِن خَشيَة التَّركيبِ وَالإِمكَانِ

لَو كَانَ مَوصُوفًا لَكَانَ مُرَكَّبًا
فَالوَصفُ وَالتَّركِيبُ مُتَّحِدَانِ

أو كَانَ فَوقَ العَرشِ كَانَ مُرَكَّبًا
فَالفَوقُ وَالتَّركِيبُ مُتَّفِقَانِ

فنفيتُمُ التَّركِيبَ بِالتَّركِيبِ مَع
تَغيِيرِ إحدَى اللَّفظَتَينِ بِثَانِ

بَل صُورَةُ البُرهَانِ أصبَحَ شَكلُهَا
شَكلًا عَقِيمًا لَيسَ ذَا بُرهَانِ

لَو كَانَ مَوصُوفًا لَكَان كَذَاكَ مَو
صُوفًا وَهَذَا حَاصِلُ البُرهَانِ

فَإذَا جَعَلتُم لَفظَةَ التَّركِيبِ بال
مَعنَى الصَّحِيحِ أمَارَةَ البُطلاَنِ

جِئنَا إلَى المَعنَى فَخَلَّصنَاهُ مِن
هَا واطَّرحنَاهَا اطِّرَاحَ مُهَانِ

هِيَ لَفَظَةٌ مَقبُوحَةٌ بِدعِيَّةٌ
مَذمُومَةٌ مِنَّا بِكُلِّ لِسَانِ

وَاللَّفظُ بِالتَّوحِيدِ نَجعَلُهُ مَكَا
نَ اللَّفظِ بِالتَّركِيبِ فِي التِّبيَانِ

وَاللَّفظُ بِالتَّوحِيدِ أولَى بِالصِّفَا
تِ وَبالعُلُوِّ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ الرُّسلِ لاَ
أصحَابِ جَهمٍ شِيعَةِ الكُفرَانِ

فَاسمَع إذَا أنوَاعَهُ هِيَ خَمسَةٌ
قَد حُصِلَت أقسَامُهَا بِبَيَانِ

تَوحِيدُ أتبَاعِ ابن سِينَا وَهُوَ مَن
سُوبٌ لآرسطُو مِنَ اليُونَانِ

مَا للإلَهِ لَدَيهِمُ مَاهِيَّةٌ
غَيرُ الوُجُودِ المُطلَقِ الوِحدَانِ

مَسلُوبُ أوصَافِ الكَمَالِ جَمِيعهَا
لَكِن وُجُودٌ حَسبُ لَيسَ بِفَانِ

مَا إن لَهُ ذَاتٌ سِوَى نَفسِ الوُجُو
دِ المطلَقِ المَسلُوبِ كُلِّ مَعَانِ

فَلِذَاكَ لاَ سَمعٌ وَلاَ بَصَرٌ وَلا
عِلمٌ وَلاَ قَولٌ مِنَ الرَّحمَنِ

وَلِذَاكَ قَالُوا لَيسَ ثَمَّ مَشِيئَةٌ
وَإِرَادَةٌ لِوُجُودِ ذِي الأكوَانِ

بَل تِلكَ لاَزِمَةٌ لَهُ بِالذَّاتِ لَم
تَنفَكَّ عَنهُ قَطُّ فِي الأزمَانِ

مَا اختَارَ شَيئًا قَطُّ يَفعَلُهُ وَلاَ
هَذَا لَهُ أبدًا بِذِي إمكَانِ

وَبَنَوا عَلَى هَذَا استحَالَةَ خَرقِ ذَا ال
أفلاَكِ يَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

وَلِذَاكَ قَالُوا لَيسَ يَعلَمُ قَطُّ شَيئًا
مَا مِنَ المَوجُودِ فِي الأعيَانِ

لاَ يَعلَمُ الأفلاَكَ كَم أعدَادُهَا
وَكَذَا النُّجُومُ وَذَانِكَ القَمَرَانِ

بَل لَيس يَسمَعُ صَوتَ كلِّ مُصوِّتٍ
كَلاَّ وَلَيسَ يَرَاهُ رَأيَ عِيَانِ

بَل لَيسَ يَعلَمُ حَالَةَ الإِنسَانِ تَف
صِيلًا مِنَ الطَّاعَاتِ وَالعِصيَانِ

كَلاَّ وَلاَ عِلمٌ لَهُ بِتَسَاقُطِ ال
أورَاقِ أو بِمَنَابِتِ الأغصَانِ

عِلمًا عَلَى التَّفصِيلِ هَذَا عِندَهُم
عَينُ المُحَالِ وَلازِمُ الإِمكَانِ

بَل نَفسُ آدَمَ عِندَهُم عَينُ المُحَا
لِ وَلَم يَكُن فِي سِالِفِ الأزمَانِ

مَا زَالَ نَوعُ النَّاسِ مَوجُودًا وَلاَ
يَفنَى كَذَاكَ الدَّهرُ والملَوَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم
مِثلَ ابنِ سِينَا وَالنَّصِيرِ الثَّانِي

قَالُوا وألجأنَا إلَى ذَا خَشيَةُ التَّ
ركِيبِ وَالتَّجسِيمِ ذِي البُطلاَنِ

وَلِذَاكَ قُلنَا مَالَهُ سَمعٌ وَلاَ
بَصَرٌ وَلاَ عِلمٌ فكَيفَ يَدَانِ

وَكَذَاكَ قُلنَا لَيسَ فَوقَ العَرشِ إلاَّ
المُستَحِيلُ وَلَيسض ذَا إمكَانِ

جِسمٌ عَلَى جِسمٍ كِلاَ الجِسمَينِ مَح
دُودٌ يَكُونُ كِلاَهُمَا صِنوَانِ

فَبِذَاكَ حَقًّا صَرَّحُوا فِي كُتبِهِم
وَهُمُ الفُحُولُ أئِمَّةُ الكُفرَانِ

لَيسُوا مَخَانِيثَ الوُجُودِ فَلا إلَى ال
كُفرَانِ يَنحَازُوا وَلاَ الإِيمَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم ثُبُوتُ الذَّاتِ وَال
أوصَافِ إذ يَبقَى هُنَاكَ إثنَانِ

غَيرُ الوُجُودِ فَصَارَ ثَمَّ ثَلاَثَةٌ
فَلِذَا نَفَينَا اثنَينِ بِالبُرهَانِ

نَفيُ الوُجُودِ فَلاَ يُضَافُ إلَيهِ شَي
ء غَيرَهُ فَيَصِيرَ ذَا إمكَانِ

هَذَا وَثَانِيهَا فَتَوحِيدُ ابنِ سَب
عِينٍ وَشِيعَتِهِ أُولِى البُهتَانِ

كُلِّ اتِّحَادِيٍّ خَبِيثٍ عِندَهُ
مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ الحَقَّانِ

تَوحِيدُهُم أنَّ الإِلَهَ هُوَ الوُجُو
دُ المُطلَقُ المَبثُوثُ فِي الأعيَانِ

هُوَ عَينُهَا لاَ غَيرُهَا مَا هَا هُنَا
رَبٌّ وَعبدٌ كَيفَ يَفتَرِقَانِ

لَكِنَّ وَهمَ العَبدِ ثُمَّ خَيَالُهُ
فِي ذِي المَظَاهِرِ دَائِمًا يَلِجَانِ

فَلِذَاكَ حُكمُهُمَا عَلَيهِ نَافِذٌ
ابنُ الطَّبِيعَةِ ظَاهِرُ النُّقصَانِ

فَإذَا تَجَرَّدَ عِلمُهُ عَن حِسِّهِ
وَخَيَالِهِ بَل ثمَّ تَجرِيدَانِ

تَجرِيدُهُ عَن عَقلِهِ أيضًا فَإنَّ
العَقلَ لاَ يُدنِيهِ مِن ذَا الشَّانِ

بَل يَخرِقُ الحُجُب الكَثِيفَةَ كُلَّها
وَهمًا وَحِسًّا ثُمَّ عَقلٌ وَانِ

فَالوَهمُ مِنهُ وحِسُّهُ وَخَيَالُهُ
وَالعِلمُ وَالمعقُولُ فِي الأذهَانِ

حُجبٌ عَلَى ذَا الشَّانِ فَاخرِقهَا وَإِلاَّ
كُنتَ مَحجُوبًا عَنِ العِرفَانش

هَذَا وَأكثَفُهَا حِجَابُ الحِسِّ وَال
مَعقُولُ ذَانِكَ صَاحِبُ الفُرقَانِ

فَهُنَاكَ صِرتَ مُوحِّدًا حَقًّا تَرَى
هَذَا الوُوجُودَ حَقِيقَةَ الدَّيَّانِ

وَالشِّركُ عِندَهُمُ فَتَنوِيعُ الوُجُو
دِ وَقَولُنَا إنَّ الوُجُودَ اثنَانِ

وَاحتَجَّ يَومًا بِالكِتَابِ عَلَيهِمُ
شَخصٌ فَقالُوا الشِّركُ فِي القُرآنِ

لَكِنَّمَا التوحِيدُ عِندَ القَائِلِي
نَ بالاتَّحَادِ فَهُم أولُوا العِرفَانِ

رَبٌّ وَعَبدٌ كَيفَ ذَاكَ وَإنَّمَا ال
مَوجُودُ فَردٌ مَالَهُ مِن ثَانِ

هَذَا وَثَالِثُهَا هُوَ التَّوحِيدُ عِن
دَ الجَهمِ تَعطِيلٌ بِلاَ إيمَانِ

نَفيُ الصِّفَاتِ مَعَ العُلُوِّ كَذَاكَ نَف
يُ كَلاَمِهِ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

فَالعَرشُ لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ بَتَّةً
لَكِنَّهُ خِلوٌ مِنَ الرَّحمَنِ

مَا فَوقَهُ رَبٌّ يُطَاعُ وَلاَ عَلَي
هِ للوَرَى مِن خَالِقٍ رَحمَنِ

بَل حَظُّ عَرشِ الرَّبِّ عِندَ فَرِيقَهِم
مِنهُ كَحظِّ الأسفَلِ التَّحتَانِي

فَهُوَ المعَطِّلُ عَن نُعُوتِ كَمَالِهِ
وَعِنِ الكَلاَمِ وَعَن جَمِيعِ مَعَانِ

وَانظُر إلَى مَا قَد حَكَينَا عَنهُ فِي
مَبدا القَصِيد حِكَايةَ التِّبيَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم
تِلوَ الفُحُولِ مُقَدِّمِي البُهتَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم فَإثبَاتُ الصِّفَا
تِ لِرَبِّنَا وَنِهَايَةُ الكُفرَانِ

إن كَانَ شِركٌ ذَا وَكُلُّ الرُّسلِ قَد
جَاؤوا بِهِ خَيبَةَ الإِنسَانِ

هَذَا وَرَابِعَهَا فَتَوحِيدٌ لَدَى
جَبرِيِّهِم هُوَ غَايَةُ العِرفَانِ

العَبدُ مَيتٌ مَا لَهُ فِعلٌ وَلَ
كِن هُوَ فِعلُ ذِي السُّلطَانِ

وَالله فَاعِلُ فِعلِنَا مِن طَاعَةٍ
وَمِنَ الفُسُوقِ وَسَائِرَِ العِصيَانِ

هِيَ فِعلُ رَبِّ العَالَمِينَ حَقِيقَةً
لَيسَت بِفِعلٍ قَطُّ لِلإنسَانِ

فَالعَبدُ مَيتٌ وَهوَ مَجبُورٌ عَلَى
أفعَالِهِ كَالمَيتِ فِي الأكفَانِ

وَهُوَ المَلُومُ عَلَى فِعَالِ إلَهِهِ
فِيهِ وَدَاخِلُ جَاحِمِ النِّيرَانِ

يَا وَيحَهُ المِسكِينُ مَظلُومٌ يُرَى
فِي صُورَةِ العَبدِ الظلومِ الجَانِي

لَكِن نُقُولُ بأنَّهُ هُوَ ظَالِمٌ
فِي نَفسِهِ أدَبًا مَعَ الرَّحمَنِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم
مِن كُلِّ جَبرِيٍّ خَبِيثِ جَنَانِ

وَالكُلُّ عِندَ غُلاَتِهِم طَاعَاتُنَا
مَا ثَمَّ فِي التَّحقِيقِ مِن عِصيَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم اعتِقَادُكَ فَاعِلًا
غَيرَ الإلهِ المَالِكِ الدَّيَّانِ

فَانظُر إلَى التَّوحِيدِ عِندَ القَومِ مَا
فِيهِ مِنَ الإِشرَاكِ وَالكُفرَانِ

مَا عِندَهُم وَاللهِ شَيءٌ غَيرُهُ
هَاتِيكَ كُتبُهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ

أترَى أبَا جَهلٍ وَشِيعَتَهُ رَؤوا
مِن خَالِقٍ ثَانٍ لِذِي الأكوَانِ

أم كُلُّهُم جَمعًا أقَرُّوا أنَّهُ
هُوَ وَحدهُ الخَلاَّقُ لِلإنسَانِ

فَإذَا ادَّعَيتُم أنَّ هَذَا غَايَةُ التَّ
وحِيدِ صَارَ الشِّركُ ذَا بُطلاَنِ

فَالنَّاسُ كُلُّهُمُ أقَرُّوا أنَّهُ
هُوَ وَحدَهُ الخَلاَّقُ لَيسَ اثنَانِ

إلاَّ المَجُوسَ فَإنَّهُم قَالُوا بِأنَّ
الشَّرَّ خَالِقُهُ إلَهٌ ثَانِ

فَاسمَع إذًا تَوحِيدَ رُسلِ الله ثُمَّ
اجعَلهُ دَاخِلَ كِفَّهِ المِيزَانِ

مَعَ هَذِهِ الأنوَاعِ وَانظُر أيُّهَا
أولَى لَدَى المِيزَانِ بِالرُّجحَانِ

تَوحِيدُهُم نَوعَانِ قَولِيٌّ وَفِع
لِيٌّ كِلاَ نَوعَيهِ ذُو بُرهَانِ

إحدَاهُمَا سَلبٌ وَذَا نَوعَانِ أي
ضًا فِي كِتَابِ الله مَذَكُورَانِ

سَلبُ النَّقَاِئصِ جَمِيعِهَا
عَنهُ هُمَا نَوعَانِ مَعقُولاَنِ

سَلبٌ لِمُتَّصِلٍ وَمنفَصِلٍ هُمَا
نَوعَانِ مَعرُوفَانِ أمَّا الثَّاني

سَلبُ الشَّريكِ مَعَ الظَّهِيرِ مَعَ الشَّ
فِيعِ بِدُونِ إذنِ المَالِكِ الدَّيَّانِ

وَكذَاكَ نَفيُ الكُفءِ أيضًا وَالوِليِّ
لَنَا سِوَى الرَّحمنِ ذِي الغفرَانِ

وَالأوَّلُ التَّنزِيهُ لِلرَّحمَنِ عَن
وَصفِ العُيُوبِ وَكُلِّ ذِي نُقصَانِ

كَالمَوتِ وَالإِعيَاءِ وَالتَّعَبِ الذِي
يَنفِي اقتِدَارَ الخَالِقِ المَنَّانِ

وَالنَّومِ وَالسِّنَةِ التَي هِيَ أصلُهُ
وَعُزُوبِ شَيءٍ عَنهُ فِي الأكوَانِ

وَكَذَلِكَ العَبَثُ الَّذِي تَنفِيهِ حِك
مَتُهُ وَحَمدِ الله ذِي الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ تَركُ الخَلقِ إهمَالًا سُدًى
لاَ يُبعَثُونَ إلَى مَعَادٍ ثَانِ

كَلاَّ وَلاَ أمرٌ وَلاَ نَهيٌ عَلَي
هِم مِن إلَهٍ قَادِر دَيَّانِ

وَكَذَاكَ ظُلمُ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ
فَمَا لَهُ والظُّلمَ للإِنسَانِ

وَكَذَاك غَفلَتُهُ تَعَالَى وَهوَ عَلاَّ
مُ الغُيُوبِ فَظَاهِرُ البُطلاَنِ

وَكَذَلِكَ النِّسيَانُ جَلَّ إلَهُنَا
لاَ يَعتَرِيهِ قَطُّ مِن نِسيَانِ

وَكَذَاكَ حَاجَتُهُ إلَى طَعمٍ وَرِز
قٍ وَهوَ رَزَّاقٌ بِلاَ حُسبَانِ

هَذَا وَثَانِي نَوعَي السَّلبِ الَّذِي
هُوَ أوَّلُ الأنوَاعِ فِي الأوزَانِ

تَنزِيهُ أوصَافِ الكَمَالِ لَهُ عَن التَّ
شبِيهِ وَالتَّمثِيلِ وَالنُّكرَانِ

لَسنَا نُشَبِّهُ وَصفَهُ بِصِفَاتِنَا
إنَّ المشَبَّهَ عَابِدُ الأوثَانِ

كَلاَّ وَلاَ نُخلِيهِ مِن أوصَافِهِ
إنَّ المعَطِّلَ عَابِدُ البُهتَانِ

مَن مَثَّلَ اللهَ العَظِيمَ بِخَلقِهِ
فَهوَ النَّسِيبُ لِمُشرِكٍ نَصرَانِي

أو عَطَّلَ الرَّحمَن مِن أوصَافِهِ
فَهُوَ الكَفُورُ وَلَيسَ ذَا إيمَانِ

هَذَا وَمِن تَوحِيدِهم إثبَاتُ أو
صَلى الكَمَالِ لرَبِّنَا الرَّحمَنِ

كَعُلُوِّهِ سُبحَانَهُ فَوقَ السَّمَ
وَاتِ العُلَى بَل فَوقَ كُلِّ مَكَانِ

فَهوَ العَلِيُّ بِذَاتِهِ سُبحَانَهُ
إذ يَستَحِيلُ خِلاَفُ ذَا ببَيَانِ

وَهُوَ الَّذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى
قَد قَامَ بِالتَّدبِيرِ للأكوَانِ

حَيٌّ مُرِيدٌ قَادِرٌ مُتَكَلِّمٌ
ذُو رَحمَةٍ وَإرَادَةٍ وَحَنَانِ

هُوَ أولٌ هو آخِرٌ هُو ظَاهِرٌ
هُو بَاطِنٌ هِي أربعٌ بوِزَانِ

مَا قَبلَهُ شَيءٌ كَذَا مَا بَعدَه
شَيءٌ تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

مَا فَوقَهُ شَيءٌ كَذَا مَا دُونَه
شَيءٌ وَذَا تَفسِيرُ ذِي البُرهَانِ

فَانظُر إلَى تَفسِيرِهِ بِتَدَبُّرٍ
وَتَبَصُّرٍ وَتَعَقُّلٍ لِمَعَانِ

وَانظُر إلَى مَا فِيهِ مِن أنوَاعِ مَع
رِفَةٍ لخَالِقِنَا العَظِيمِ الشَّانِ

وَهُوَ العَلِيُّ فَكُلُّ أنوَاعِ العُلُوِّ
لَهُ فَثَابِتَةٌ بِلاَ نُكرَانِ

وَهُوَ العَظِيمُ بِكُلِّ مَعنَآ يُوجِبُ التَّ
عظِيمَ لاَ يُحصِيهِ مِن إنسَانِ

وَهُوَ الجَلِيلُ فكُلُّ أوصَافِ الجَلاَ
لِ لَهُ مُحَقَّقَةٌ بِلاَ بُطلاَنِ

وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيفَ لاَ
وَجَمَالُ سَائِرِ هَذِهِ الأكوَانِ

مِن بَعضِ آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَا
أولَى وأجدَرُ عِندَ ذِي العِرفَانِ

فَجمَالُهُ بِالذَّاتِ وَالأوصَافِ وَال
أفعَالِ والأسمَاءِ بِالبُرهَانِ

لاَ شَيءَ يُشبِهُ ذَاتَهُ وَصِفَاتِهِ
سُبحَانَهُ عَن إفكِ ذِي البُهتَانِ

وَهُوَ المَجِيدُ صِفَاتُهُ أوصَافُ تَع
ظِيمٍ فَشَأنُ الوَصفِ أعظَمُ شَانِ

وَهُوَ السَّمِيعُ يَرى وَيسمَعُ كُلَّ مَا
فِي الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلاَنِ

وَلِكُلِّ صَوتٍ مِنهُ سَمعٌ حَاضِرٌ
فَالسِّرُّ وَالإعلاَنُ مُستَوِيَانِ

وَالسَّمعُ مِنهُ وَاسِعُ الأصوَاتِ لاَ
يَخفَى عَلَيهِ بَعِيدُهَا وَالدَّانِي

وَيرَى مَجَارِي القُوتِ فِي أعضَائِها
وَيَرَى عُرُوقَ بَيَاضِهَا بِعِيَانِ

وَيَرَى خِيَانَاتِ العُيَونِ بِلَحظِهَا
وَيَرى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ

وَهُوَ العَلِيمُ أحَاطَ عِلمًا بِالذِي
فِي الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلاَنِ

وَبِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ سُبحَانَهُ
فَهوَ المُحِيطُ وَلَيسَ ذَا نِسيَانِ

وَكَذَاكَ يَعلَمُ مَا يَكُونُ غَدًا وَمَا
قَد كَانَ وَالمَوجُودَ فِي ذَا الآنِ

وَكَذَاكَ أمرٌ لَم يَكُن لَو كَان كَي
فَ يَكُونُ ذَاكَ الأمر ذَا إمكَانِ

وَهُوَ الحَمِيدُ فَكُلُّ حَمدٍ وَاقِعٌ
أو كَانَ مَفرُوضًا مَدَى الأزمَانِ

مَلأ الوُجُودَ جَمِيعَهُ وَنَظِيرَهُ
مِن غَيرِ مَا عَدٍّ وَلاَ حُسبَانِ

هُوَ أهلُهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ
كُلُّ المَحَامِدِ وَصفُ ذِي الإِحسَانِ

وَهُوَ المُكَلِّمُ عَبدَهُ مُوسَى بِتَك
لِيمِ الخِطَابِ وَقَبلَهُ الأبَوَانِ

كَلِمَاتُهُ جَلَّت عَنِ الإِحصَاءِ وَالتَّ
عدَادِ بَل عَن حَصرِ ذِي الحُسبَانِ

لَو أنَّ أشجَارَ البِلاَدِ جَمِيعَا ال
أقلاَمُ تَكتُبُهَا بكُلِّ بَنَانِ

وَالبَحرَ تُلقَى فِيهِ سَبعَةُ أبحُرٍ
لِكِتَابِةِ الكَلِمَاتِ كُلَّ زَمَانِ

نَفِدَت وَلَم تَنفَد بِهَا كَلِمَاتُهُ
َليسَ الكَلاَمُ مِنَ الإِلَهِ بِفَانِ

وَهُوَ القَدِيرُ وَليسَ يُعجِزُهُ إذَا
مَا رَامَ شَيئًا قَطُّ ذُو سُلطَانِ

وَهُوَ القَوِيُّ لَهُ القُوَى جَمعًا تَعَا
لَى رَبُ ذِي الأكوَانِ والأزمانِ

وَهُوَ الغَنِيُّ بِذَاتِهَِ فَغِنَاهُ ذَا
تِيٌّ لَهُ كَالجُودِ وَالإِحسَانِ

وَهُوَ العَزِيزُ فَلَن يُرَامَ جَنَابُهُ
أنَّى يُرَامُ جَنَابُ ذِي السُّلطَانِ

وَهُوَ العَزِيزُ بِقُوَّةٍ هِيَ وَصفُهُ
فَالعِزُّ حِينَئِذٍ ثَلاَثُ مَعَانِ

وَهِيَ التِي كَمُلَت لَهُ سُبحَانَهُ
مِن كُلِّ وَجهٍ عَادِمِ النُّقصَانِ

وَهُوَ الحَكِيمُ وَذَاكَ مِن أوصَافِهِ
نَوعَانِ أيضًا مَا هُمَا عَدمَانِ

حُكمٌ وَإحكَامٌ فَكُلٌّ مِنهُمَا
نَوعَانِ أيضًا ثَابِتًا البُرهَانِ

وَالحُكمُ شَرعِيٌّ وَكَونِيٌّ وَلاَ
يَتَلاَزَمَانِ وَمَا هُمَا سِيَّانِ

بَل ذَاكَ يُوجَدُ دُونَ هَذَا مُفرَدًا
وَالعَكسُ أيضًا ثُمَّ يَجتَمِعَانِ

لَن يَخلُو المَربُوبُ مِن إحدَاهُمَا
أو مِنهُمَا بَل لَيسَ يَنتَفِيَانِ

لَكِنَّما الشَّرعِيُّ مَحبُوبٌ لَهُ
أبَدًا وَلَن يَخلُو مِنَ الأكوَانِ

هُوَ أمرهُ الدِّينِيُّ جَاءَت رُسلُهُ
بِقِيَامِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

لَكِنَّمَا الكَونِيُّ فَهوَ قَضَاؤهُ
فِي خَلقِهِ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ

هَوَ كُلُّهُ حَقٌّ وَعَدلٌ ذُو رِضَى
وَالشَّانُ فِي المَقضِيِّ كُلَّ الشَّانِ

فَلِذَاكَ نَرضَى بِالقَضَاءِ ونَسخط ال
مَقضِيِّ مضا الأمرَانِ مُتَّحدَانِ

فالله يَرضَى بِالقَضَاءِ ويَسخطُ ال
مَقضِيِّ مَا الأمرَانِ مُتَّحِدَانِ

فَقَضَاؤُهُ وصِفَةٌ بِهِ قَامَت وَمَا ال
مَقضِيُّ إلاَّ صَنعَةُ الإِنسَانِ

وَالكَونُ مَحبُوبٌ وَمَبغُوضٌ لَهُ
وَكِلاَهُمَا بِمَشِيئَةِ الرَّحمَنِ

هَذَا البَيَانُ يُزِيلُ لَبسًا طَالَمَا
هَلَكَت عَلَيهِ النَّاسُ كُلَّ زَمَانِ

وَيَحِلُّ مَا قَد عَقَّدُوا بِأصُولِهِم
وَبُحُوثِهِم فَافهَمهُ فَهمَ بَيَانِ

مَن وَافقَ الكَونِيَّ وَافقَ سُخطهُ
إذ لَم يوافِق طَاعَةَ الدَّيَّانِ

فَلِذَاكَ لاَ يَعدُوهُ ذَمٌّ أو فَوَا
تُ الحَمدش مَع أجرٍ ومَع رِضوَانِ

وَمُوَافِقُ الدِّينِيِّ لاَ يَعدُوهُ أج
رٌ بَل لَهُ عِندَ الصَّوَابِ اثنَانِ

والحِكمَةُ العُليَا عَلَى نَوعَينِ أي
ضًا حُصِّلا بِقَوَاطِعَ البُرهَانِ

إحدَاهُمَا فِي خَلقِهِ سُبحَانَهُ
نَوعَانِ أيضًا لَيسَ يَفتَرقَانِ

إحكَامُ هَذَا الخَلقِ إذ إيجَادُهُ
فِي غَايَةِ الإِحكَامِ وَالإتقَانِ

وَصُدُورُهُ مِن أجلِ غَايَاتٍ لَهُ
وَلَهُ عَلَيهَا حَمدُ كُلِّ لِسَانِ

وَالحِكمَةُ الأخرَى فَحِكمَةُ شَرعِهِ
أيضًا وَفِيهضا ذَانِكَ الوَصفَانِ

غَايَاتُهَا اللاَّتِي حُمِدنَ وَكَونُهَا
فِي غَايَةِ الإِتقَانِ وَالإحسَانِ

وَهُوَ الحَييُّ فَلَيسَ يَفضَحُ عَبدَهُ
عِندَ التَّجاهُرِ مِنهُ بِالعِصيَانِ

لَكِنَّهُ يُلقِي عَلَيهِ سَترَهُ
فَهُوَ السَّتِيرُ وَصَاحِبُ الغُفرَانِ

وَهُوَ الحَلِيمُ فَلاَ يُعَاجِلُ عَبدَهُ
بِعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِن عِصيَتمِ

وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفوُهُ وَسِعَ الوَرَى
لَولاَهُ غَارَ الأرضُ بِالسُّكَّانِ

وَهُوَ الصَّبُورُ عَلَى أذَى أعدَائِهِ
شَتَمُوهُ بَل نَسَبُوهُ لِلبُهتَانِ

قَالُوا لَهُ وَلَدٌ وَلَيسَ يُعِيدُنَا
شَتمًا وَتَكذِيبًا مِنَ الإِنسَانِ

هَذَا وَذَاكَ بسَمعِهِ وَبِعِلمِهِ
لَو شَاءَ عَاجَلَهُم بِكُلِّ هَوَانِ

لَكِن يُعَافِيهِم وَيَرزُقُهُم وَهُم
يُؤذُونَهُ بالشِّركِ وَالكُفرَانِ

وَهُوَ الرَّقِيبُ عَلَ الخَوَاطِرِ وَاللَّوَا
حِظِ كَيفَ بِالأفعَالِ بِالأركَانِ

وَهُوَ الحفِيظُ عَليهِمُ وَهُوَ الكَفِي
لُ بِحِفظِهِم مِن كُلِّ أمرٍ عَانِ

وَهُوَ اللَّطِيفُ بِعَبدِهِ وَلِعَبدِهِ
وَاللُّطفُ فِي أوصَافِهِ نَوعَانِ

إدرَاكُ أسرَارِ الأُمورِ بِخبرَةٍ
وَاللُّطفُ عِندَ مَواقِعِ الإِحسَانِ

فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبدِي لُطفَهُ
وَالعَبدُ فِي الغَفَلاَتِ عن ذَا الشَّانِ

وَهُوَ الرَّفِيقُ يُحِبُّ أهلَ الرِّفقِ بَل
يُعطِيهُمُ بِالرِّفقِ فَوقَ أمَانِ

وَهُوَ القَرِيبُ وَقُربُهُ المُختَصُّ بِالدَّ
اعِي وَعابِدِهِ عَلَى الإِيمَانِ

وَهُوَ المُجِيبُ يَقُولُ مَن يَدعُو أجِب
هُ أنَا المُجِيبُ لِكُلِّ مَن نَادَانِي

وَهُوَ الجَوادُ فَجُودُهُ عَمَّ الوُجُو
دَ جَمِيعَهُ بِالفَضلِ وَالإحسَانِ

وَهُوَ الجَوَادُ فَلاَ يُخَيِّبُ سَائِلًا
وَلَو أنَّهُ مِن أمَّةِ الكُفرَانِ

وَهُوَ المُغِيثُ لِكُلِّ مَخلُوقَاتِهِ
وَكَذَا يُجيبُ إغَاثَةَ اللَّهفَانِ

وَهُوَ الوَدُودُ يحِبُّهُم وَيُحِبُّهُ
أحبَابُهُ وَالفَضلُ للمَنَّانِ

وَهُوَ الذِي جَعَلَ المَحَبَّةَ فِي قُلُو
بِهِمُ وَجَازَاهُم بِحُبٍّ ثَانِ

هَذَا هُوَ الإحسَانُ حَقًّا لاَ مُعَا
وَضَةً وَلاَ لِتَوَقُّعِ الشُّكرَانِ

لَكِن يُحبُّ شُكُورَهم وَشَكُورَهُم
لاَ لاحتِياجٍ مِنهُ للشُّكرَانِ

وَهُوض الشًّكُورُ فَلَن يُضَيِّعَ سَعيَهُم
لَكِن يُضَاعِفُهُ بِلا حُسبَانِ

مَا لِلعِبَادِ عَلَيهِ حَقٌّ وَاجِبٌ
هُوَ أوجَبَ الأجرَ العَظِيمَ الشَّانِ

كَلاَّ وَلاَ عَمَلٌ لَدَيهِ ضَائِعٌ
إن كَانَ بِالإِخلاَصِ وَالإِحسَانِ

إن عُذِّبُوا فَبعَدلِهِ أو نُعِّمُوا
فَبِفَضلِهِ وَالحَمدُ لِلمَنَّانِ

وَهُوَ الغَفُورُ فَلَو أُتِي بِقُرَابِهَا
مِن غَيرِ شِركٍ بَل مِنَ العِصيَانِ

لأتَاهُ بِالغُفرَانِ مِلءَ قُرَابِهَا
سُبحَانَهُ هُوَ وَاسِعُ الغُفرَانِ

وَكَذَلِكَ التَّوَّابُ مِن أوصَافِهِ
وَالتَّوبُ فِي أوصَافِهِ نَوعَانِ

إذنٌ بتَوبَةِ عَبدِهِ وَقَبُولِهَا
بَعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المَنَّانِ

وَهُوَ الإِلَهُ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الَّذِي
صَمَدَت إلَيهِ الخلقُ بِالإِذعَانِ

الكَامِلُ الأوصَافِ مِن كُلِّ الوُجُو
هِ كَمَالُهُ مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

وَكَذِلِكَ القَهَّارُ مِن أوصَافِهِ
فَالخَلقُ مَقهُورُونَ بِالسُّلطَانِ

لَو لَم يَكُن حَيًّا عَزِيزًا قَادِرًا
مَا كَانَ مِن قَهرٍ وَلاَ سُلطَانِ

وَكَذَلِكَ الجَبَّارُ مِن أوصَافِهِ
وَالجَبرُ فِي أوصَافِهِ قِسمَانِ

جَبرُ الضَّعِيفِ وَكُلِّ قَلبٍ قَد غَدَا
ذَا كَسرَةٍ فَالجَبرُ مِنهُ دَانِ

وَالثَّانِي جَبرُ القَهرِ بِالعِزِّ الذِي
لاَ يَنبَغِي لِسِوَاهُ مِن إنسَانِ

وَلَهُ مُسَمَّى ثَالِثٌ وَهُوَ العُلُوُّ
فَليسَ يَدنُو مِنهُ مِن إنسَانِ

مِن قَولِهُم جَبَّارَةٌ لِلنَّخلَةِ ال
عُليَا التِي فَاتَت لِكُلِّ بَنَانِ

وَهُوَ الحَسِيبُ كِفَايَةً وَحِمَايَةً
وَالحَسبُ كَافِي العَبدِ كُلَّ أوَانِ

وَهُوَ الرَّشِيدُ فَقُولُهُ وَفِعَالُهُ
رُشدٌ وَرَبُّكَ مُرشِدُ الحَيرَانِ

وَكِلاهُمَا حَقٌّ فَهذَا وَصفُهَُ
وَالفِعلُ لِلإرشَادِ ذَاكَ الثَّانِي

وَالعَدلُ مِن أوصَافِهِ فِي فِعلِهِ
وَمَقَالِهِ وَالحُكمِ بِالمِيزَانِ

فَعلَى الصِّرَاط المُستَقِيمِ إلَهُنَا
قَولًا وَفِعلًا ذَاكِ فِي القُرآنِ

هَذَا وَمِن أوصَافِهِ القُدُّوس ذُو التَّ
نزِيهِ بِالتَّعظِيمِ للرَّحمَنِ

وَهُوَ السَّلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ سَالِمٌ
مِن كُلِّ تَمثِيلٍ ومِن نُقصَانِ

وَالبِرُّ مِن أوصَافِهِ سُبحَانَهُ
هُوَ كَثرَةُ الخَيرَاتِ وَالإحسَانِ

صَدَرَت عَنِ البَرِّ الذِي هُوَ وَصفُهُ
فَالبِرُّ حِينَئِذٍ لَهُ نَوعَانِ

وَصف وَفِعلٌ فَهوَ بَرٌّ مُحسِنٌ
مُولِي الجَمِيل وَدَائِمُ الإِحسَانِ

وَكَذَلِكَ الوَهَّابُ مِن أسمَائِهِ
فَانظُر مَوَاهِبَهُ مَدَى الأزمَانِ

أهلُ السَّمَوَاتِ العُلَى والأرضِ عَن
تِلكَ المَوَاهِبِ لَيسَ يَنفَكَّانِ

وَكَذَلِكَ الفَتَّاحُ مِن أسمَائِهِ
وَالفَتحُ فِي أوصَافِهِ أمران

فَتحٌ بِحُكمٍ وَهوُ بشَرعُ لألَهِنَا
وَالفَتحُ بِالأقدَارِ فَتحٌ ثَانِ

وَالرَّبُّ فَتَّاحٌ بِذَينِ كِلَيهِمَا
عَدلًا وَإحسَانًا مِن الرَّحمَنِ

وَكَذَلِكَ الرَّزَّاقُ مِنَ أسمَائِهِ
وَالرِّزقُ مِن أفعَالِهِ نَوعَانِ

رِزقٌ عَلَى يَدِ عَبدِهِ وَرَسُولِهِ
نَوعَانِ أيضًا ذَانِ مَعرُوفَانِ

رِزقُ القُلُوبِ العِلم وَالإِيمَانَ وَالرِّ
زقُ المُعَدُّ لِهَذِهش الأبدَانِ

هَذَا هُوَ الرِّزقُ الحَلاَلُ وَربُّنَا
رَزَّاقُهُ وَالفَضلُ لِلمَنَّانِ

وَالثَّانِي سَوقُ القُوتِ للأعضَاءِ فِي
تِلكَ المَجَارِي سَوقَهُ بِوِزَانِ

هَذَان يَكُونُ مِنَ الحَلاَلِ كَمَا يَكُو
نُ مِنَ الحَرَام كِلاَهُمَا

وَاللهُ رَازِقُهُ بِهَذَا الاعتَبا
رِ وَلَيسَ بِالإِطلاَقِ دُونَ بَيَانِ

هَذَا وَمِن أوصَافِهِ القَيُّومُ وَال
قَيُّومُ فِي أوصَافِهِ أمَرَانِ

إحدَاهُمَا القَيُّومُ قَامِ بِنَفسِهِ
وَالكَونُ قَامَ بِهِ هُمَا الأمرَانِ

فَالأوَّلُ استِغنَاؤهُ عَن غَيرِهِ
وَالفَقرُ مِن كُلٍّ إلَيهِ الثَّانِي

وَالوَصفُ بِالقَيومِ ذُو شَأنٍ عَظِيمٍ هَ
كذَا مَوصُوفُهُ أيضًا عَظِيمُ الشَّانِ

وَالحَيُّ يَتلُوهُ فأوصَافُ الكَمَا
لِ هُمَا لأفقِ سَمَائِهَا قُطبَانِ

فَالحَيُّ وَالقَيُّومُ لَن تَتَخَلَّفَ ال
أوصَافُ أصلًا عَنهُمَا بِبَيَانِ

هُوَ قَابِضٌ هُوَ بَاسِطٌ هُوَ خَافِضٌ
هُوَ رَافِعٌ بِالعَدلِ وَالمِيزَانِ

وهو المُعزُّ لأهلِ طَاعَتِهِ وذَا
عِزٌّ حَقِيقِيٌّ بِلاَ بُطلاَنِ

وَهُوَ المُذِلُّ لِمَن يَشَاءُ بِذِلَّةِ الدَّ
ارَينِ ذُل شَقَا وَذُلُّ هَوَانِ

هُوَ مَانِعٌ مُعطٍ فَهَذَا فَضلُهُ
وَالمَنعُ عينُ العَدلِ لِلمَنَّانِ

يُعطِي بِرحمَتِهِ وَيَمنَعُ مَا يَشَا
ءُ بِحِكمَةٍ وَاللهُ ذُو سُلطَانِ

وَالنُّورُ مِن أسمَائِهِ أيضًا وَمِن
أوصَافِهِ سُبحَانَ ذِي البُرهَانِ

قَالَ ابنُ مَسعُودٍ كَلاَمًا قَد حَكَا
هُ الدَّارِمِي عَنهُ بِلاَ نُكرَانِ

مَا عِندَهُ لَيلُ يَكُونُ وَلاَ نَهَا
رٌ قُلتُ تَحتَ الفَلكِ يُوجَدُ ذَانِ

نُورُ السَّمَوَاتِ العُلَى مِن نُورِهِ
وَالأرضِ كَيفَ النَّجمُ وَالقَمرَانِ

مِن نُورِ وَجهِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَكَذَا حَكَاهُ الحافِظُ الطَّبَرَانِي

فَبِهِ استَنَارَ العَرشُ وَالكُرسِيُّ مَع
سَبعِ الطِّبَاقِ وَسَائِرِ الأكوَانِ

وَكِتَابُهُ نُوؤٌ كَذَلِكَ شَرعُهُ
نُورٌ كَذَا المَبعُوثُ بِالفُرقَانِ

وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ فِي قَلبِ الفَتَى
نُورٌ عَلَى نُورٍ مَعَ القُرآنِ

وَحِجَابُهُ نُورٌ فَلَو كُشِفَ الحِجَا
بُ لأحرَقَ السُّبُحَاتُ للأكوَانِ

وإذَا أتَى للفَصلِ يُشرِقُ نُورُهُ
فِي الأرضِ يَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

وَكَذَاك دَارُ الرَّبِّ جَنَّاتُ العُلَى
نُورٌ تَلألأَ لَيسَ ذَا بُطلاَنِ

وَالنُّورُ ذُو نَوعَينِ مَخلُوقٌ وَوَص
فٌ مَا هُمَا وَألله مُتَّحِدَانِ

وَكَذَلِكَ المَخلُوقُ ذُو نَوعَينِ مَح
سُوسٌ وَمَعقُولٌ هُمَا شَيئَانِ

احذَر تَزِلَّ فَتَحتَ رِجلِكَ هُوَّةٌ
كَم قَد هَوَى فِيهَا عَلَى الأزمَانِ

مِن عَابِدٍ بِالجَهلِ زَلَّت رِجلُهُ
فَهَوَى إلَى قَعرِ الحَضِيضِ الدَّانِي

لاَحَت لَهُ أنوَارُ آثارِ العِبَا
دَةِ ظَنَّهَا الأنوارَ للرَّحمَنِ

فَأتَى بِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَبَلِيَّةٍ
مَا شِئتَ مِن شَطحٍ وَمِن هَذَيَانِ

وَكَذَا الحُلُولِيُّ الذِي هُوَ خِدنُهُ
مِن هَهُنَا حَقًّا هُمَا أخَوَانِ

وَيُقَابِلُ الرَّجلَينِ ذُو التَّعطِيلِ وَال
حُجُبِ الكَثِيفَةِ ما هُما سِيَّانِ

ذَا فِي كَثَافَةِ طَبعِهِ وَظَلاَمِهِ
وَبِظُلمَةِ التَّعطِيلِ هَذَا الثَّانِي

وَالنُّورُ مَحجُوبٌ فَلاَ هَذَا وَلاَ
هَذَا لَهُ مِن ظُلمَةٍ يَريَانِ

وَهُوَ المَقَدِّمُ وَالمؤخِّرُ ذَانِكَ الصِّ
فَتَانِ لِلأفعَالِ تَابِعَتَانِ

وَهُمضا صِفَاتُ الذَّاتِ أيضًا إذ هُمَا
بِالذَّاتِ لاَ بِالغَيرِ قَائِمَتَانِ

ولِذَاكَ قَد غَلَط المقسِّمُ حِينَ ظَنَّ
صِفَاتِهِ نَوعَينِ مُختَلِفَانِ

إن لَم يُرِد هَذَا وَلَكِنَ قَد أرَا
دَ قِيَامَهَا بِالفِعلِ ذِي الإِمكَانِ

وَالفِعلُ وَالمَفعولُ شَيءٌ وَاحِدٌ
عِندَ المقَسِّمِ مَا هُمَا شَيئَانِ

فَلِذَاكَ وَصفُ الفِعلِ لَيسَ لَدَيهِ إلاَّ
نِسبَةٌ عَدَمِيةٌ بِبَيَانِ

فَجَمِيعُ أسمَاءِ الفِعَالِ لَدَيهِ لَي
سَت قَطُّ ثَابِتَةٌ ذَوَاتِ مَعَانِ

مَوجُودَةٌ لَكِن أمُورٌ كُلُّهَا
نِسَبٌ تُرَى عَدَمِيَّةَ الوجدَانِ

هَذَا هُوَ التَّعطِيلُ للأفعَالِ كَالتَّ
عطِيلِ للأوصَافِ بِالمِيزَانِ

فَالحَقُّ أنَّ الوَصفَ لَيسَ بِمَورد التَّ
قسِيمِ هَذَا مُقتَضَى البُرهَانِ

بَل مَورِدُ التَّقسِيمِ مَا قَد قَامَ بِالذَّ
اتِ التِي للوَاحِدِ الرَّحمَنِ

فَهُمَا إذًا نَوعَانِ أوصَافٌ وَأف
عَألٌ فَهذِي قِسمَةُ التِّبيَانِ

فَالوَصفُ بالأفعَالِ يَستَدعِي قِيَا
مَ الفِعلِ بِالمَوصًوفِ بِالبُرهَانِ

كَالوَصفِ بِالمعنَى سِوَى الأفعالِ مَا
إن بَينَ ذَينِكَ قَطُّ مِن فُرقَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ أنَّهُم رَدُّوا عَلَى
مَن أثبَتَ الأسمَاءَ دُونَ مَعَانِ

قَامَت بِمَن هِيَ وَصفُهُ هَذَا مُحَا
لٌ غَيرُ مَعقُولٍ لِذِي الأذهَانِ

وَأتَوا إلَى الأوصَافِ بِاسمِ الفِعلِ قَا
لُوا لَم تَقُم بِالوَاحِدِ الدَّيَّانِ

فانظُر إلَيهِم أبطَلُوا الأصلَ الذِي
رَدُّوا بِهِ أقوَالَهُم بِوزَانِ

إن كَانَ هَذَا مُمكِنًا فكَذَاكَ قَو
لُ خُصُومِكُم أيضًا فَذُو إمكَانِ

وَالوَصفُ بِالتَّقدِيمِ وَالتأخِيرِ كَو
نِيٌّ وَدِينِيٌّ هُمَا نَوعَانِ

وَكِلاَهُمَا أمرٌ حَقِيقيٌّ وَنِسبِيٌّ
وَلاَ يَخفَى المثَال عَلَى أولِي بالأذهَانِ

واللهِ قَدَّرَ ذَاكَ أجمَعَهُ بِإح
كَامٍ وإتقَانٍ مِنَ الرَّحمَنِ

هَذَا وَمِن أسمَائِهِ مَا لَيسَ يُف
رَدُ بَل يُقُالُ إذَا أتَى بِقِرَانِ

وَهِيَ التِي تُدعَى بِمِزدَوجَاتِهَا
إفرَادُهَا خَطَرٌ عَلَى الإِنسَانِ

إذ ذَاك مُوهِمُ نَوعِ نَقصٍ جَلَّ رَبُّ
العَرشِ عَن عَيبٍ وَعَن نُقصَانِ

كالمَانِعِ المعطِي وَالكضارِّ الذِي
هُوَ نَافِع وكَمَالُهُ الأمرَانِ

وَنظَيرُ هَذَا القَابِضُ المَقرُونُ بِاس
مِ البَاسطِ اللَّفظَانِ مُقتَرِنَانِ

وَكَذَا المُعِزُّ مَعَ المُذِلُّ وَخَافِضٌ
مَعَ رَافِعٍ لفظَانِ مُزدَوَجَانِ

وَحَدِيثُ إفرَادِ إسمِ مُنتَقِمٍ فَمَو
قُوفٌ كَمَا قَد قَالَ ذُو العِرفَانِ

مَا جَاءَ فِي القُرآنِ غَيرَ مُقَيَّدٍ
بِالمُجرِمينَ وَجَا بذُو نَوعَانِ

وَدَلاَلَةُ الأسمَاءِ أنوَاعٌ ثَلاَ
ثٌ كُلُّهَا مَعلُومَةٌ بِبَيَانِ

دَلَّت مُطَابَقَةً كَذَاكَ تَضَمُّنًا
وَكَذَا التِزَامًا وَاضِحَ البُرهَانِ

أمَّا مُطَابَقَةُ الدَّلاَلَةِ فَهيَ أنَّ
الإِسمَ يُفهَمُ مِنهُ مَفهُومَانِ

ذَاتث الإِلهِ وَذَلِكَ الوَصفُ الذِي
يُشتَقُّ مِنهُ الإِسمُ بِالمِيزَانِ

لَكِن دَلالَتُهُ عَلَى إحدَاهُمَا
بِتَضَمُّنٍ فَافهَمهُ فَهمَ بَيَانِ

وَكَذَا دَلالَتُهُ عَلَى الصِّفَةِ التِي
مَا اشتُقَّ مِنهَا فالتِزَامٌ دَانِ

وَإذَا أرَدتَ لِذَا مِثَالًا بَيِّنًا
فَمِثَالُ ذَلِكَ لَفظَة الرَّحمَنِ

ذَاتُ الإِلَهِ وَرَحمَةٌ مَدلُولُهَا
فَهُمَا لِهَذَا اللَّفظَِ مَدلُولاَنِ

إحدَاهُمَا بَعضٌ لِذَا المَوضُوعِ فَه
يَ تَضَمُّنٌ ذَا وَاضِحُ التِّبيَانِ

لَكِنَّ وَصفَ الحَيِّ لاَزِمُ ذَلِك ال
مَعنَى لُزُومَ العِلمِ للِرَّحمَنِ

فَلِذَا دَلاَلَتُهُ عَلَيهِ بِالتِزَا
مٍ بَيِّنٍ وَالحَقُّ ذُو تِبيَانِ

أسمَاؤهُ أوصَافُ مَدحٍ كُلُّهَا
مُشتَقَّةٌ قَد حُمِّلَت لِمَعَانِ

إيَّاكَ وَالإِلحَادَ فِيهَا إنَّهُ
كُفرٌ مَعَاذَ الله مِن كُفرَانِ

وَحَقِيقَةُ الإِلحَادِ فِيهَا المَيلُ بال
إشرَاكِ وَالتَّعطِيلِ وَالنُّكرَانِ

فَالمُلحِدُونَ إذًا ثَلاَثُ طَوَائِفٍ
فعَلَيهِمُ غَضَبٌ من الرَّحمَنِ

المُشرِكُونَ لأنَّهُم سَمَّوا بِهَا
أوثَانَهُم قَالُوا إلهٌ ثَانِ

هُم شَبَّهُوا المَخلُوقَ بِالخَلاَّقِ عَك
سَ مُشَبِّهِ الخَلاَّقِ بِالإِنسَانِ

وَكَذَاكَ أهلُ الإِتِّحَادِ فَإنَّهُم
إخوَانُهُم مِن أقرَبِ الإِخوَانِ

أعطَوُا الوُجُودَ جَمِيعَهُ أسمَاءَهُ
إذ كَانَ عَينَ اللهِ ذِي السُّلطَانِ

وَالمُشرِكُونَ أقَلُّ شِركًا مِنهُمُ
هُم خَصَّصُوا ذَا الإسمَ بِالأوثَانِ

وَلِذَاكَ كَانُوا أهلَ شِركٍ عِندَهُم
لَو عَمَّمُوا مَا كَانَ مِن كُفرَانِ

وَالمُلحِدُ الثَّانِي فَذُو التَّعطِيلِ إذ
يَنفِي حَقَائِقَهَا بِلاَ بُرهَانِ

مَا ثَمَّ غَيرُ الإِسمِ أوَّلَهُ بِمَا
يَنفِي الحَقِيقَةَ نَفيَ ذِي بُطلاَنِ

فَالقَصدُ دَفعُ النَّصِّ عَن مَعنَى الحَقِي
قَةِ فَاجتَهِد فِيهِ بِلَفظِ بَيَانِ

عَطِّل وَحَرِّف ثُمَّ أوِّل وَانفِهَا
واقذِف بِتَجسِيمٍ وَبِالكُفرَانِ

لِلمُثبِتِينَ حَقَائِقَ الأسمَاءِ وَال
أوصَافِ بِالأخبَارِ وَالقُرآنِ

فَإذَا هُمُ احتَجُّوا عَلَيكَ فَقَل لَهُم
هَذَا مَجَازٌ وَهوَ وَضعٌ ثَانِ

فَإِذَا غُلِبتَ علَى المَجَازِ فَقُل لَهُم
لاَ يُستَفاَدُ حَقِيقَةُ الإيقَانِ

أنَّى وَتِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ
عُزِلَت عَنِ الإيقَانِ مُنذُ زَمَانِ

فإذَا تَضَافَرَتِ الأدِلَّةُ كَثرَةً
وَغُلِبتَ عَن تَقرِيرِ ذَا بِبَيَانِ

فَعَلَيكَ حِينَئِذٍ بِقَانُونَ وَضَع
نَاهُ لِدَفعِ أدِلَّةِ القُرآنِ

وَلِكُلِّ نَصٍّ لَيسَ يَقبَلُ أن يُؤوَّ
لَ بِالمَجَازِ وَلاَ بِمَعنَىً ثَانِ

قُل عَارَضَ المَنقُولَ مَعقُولٌ وَمَا ال
أمرَانِ عِندَ العَقلِ يَتَّفِقَانِ

مَا ثَمَّ إلاَّ وَاحِدٌ مِن أربَعِ
مُتَقَابِلاَتٍ كُلُّهَأ بِوِزَانِ

إعمَالُ ذَينِ وعَكسُهُ أو تُلغِي ال
مَعلُولَ مَا هَذَا بِذِي إمكَانِ

العَقلُ أصلُ النَّقلِ وَهوَ أبُوهُ إن
تُبطِلهُ يَبطُل فَرعُهُ التَّحتَانِي

فَتَعيَّنَ الإِعمَالُ للمَعقُولِ وَال
إلغَاءُ للمَنقُولِ ذِي البُرهَانِ

إعمَالُهُ يُفضِي إلَى إلغَائِهِ
فَاهجُرهُ هَجرَ التَّركِ وَالنِّسيَانِ

وَاللهِ لَم نَكذِب عَلَيهِم إنَّنَا
وَهُمُ لَدَى الرَّحمَنِ مُختَصِمَانِ

وَهُنَاكَ يُجزَى المُلحِدُونَ وَمَن نَفى ال
إلحَادَ يُجزَى ثَمَّ بِالغفرَانِ

فَاصبِر قَليلًا إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ
يَا مُثبِتَ الأوصَافِ لِلرَّحمَنِ

فَلَسَوفَ تَجنِي أجرَ صَبرِكَ حِينَ يَج
نِي الغَيرُ وِزرَ الإِثمِ وَالعُدوَانِ

فَاللهُ سَائِلُنَا وَسَائِلُهُم عَن ال
إثبَاتِ وَالتَّعطِيلِ بَعدَ زَمَانِ

فَأعِدَّ حِينَئِذٍ جَوَابًا كَافِيًا
عِندَ السُّؤالِ يَكُونُ ذَا تِبيَانِ

هَذَا وَثَالِثُهُم فَنَافِيهَا وَنَا
فِي مَا تَدُلُّ عَلَيهِ بِالبُهتَانِ

ذَا جَاحِدُ الرَّحمَنِ رَأسًا لَم يُقِرَّ
بِخَالِقٍ أبَدًا وَلاَ رَحمَنِ

هَذَا هُوَ الإلحَادُ فَاحذَرهُ لَعَلَّ
الله أن يُنجِيكَ مِن نِيرَانِ

وَتَفُوزَ بِالزُّلفَى لَدَيهِ وَجَنَّةِ ال
مَأوَى مَعَ كَالأموَاتِ فِي الحَيَّانِ

لاَ تُوحِشَنَّكَ غُربَةٌ بَينَ الوَرَى
فَالنَّاسُ كَالأموَاتِ فِي الحَيَّانِ

أو مَا عَلِمتَ بأنَّ أهلَ السُّنَّةِ ال
غُرَبَاءُ حَقًّا كُلِّ زَمَانِ

قُل لِي مَتَى سَلِمَ الرَّسُولُ وَصَحبُهُ
وَالتَّابِعُونَ لَهُم عَلَى الإِحسَانِ

مِن جَاهِلٍ وَمُعَانِدٍ وَمَنَافِقٍ
وَمُحَارِبٍ بِالبَغيِ وَالطُّغيَانِ

وَتَظُنُّ أنَّكَ وَارثٌ لَهُم وَمَا
ذُقتَ الأذى فِي نُصرَةِ الرَّحمَنِ

كَلاَّ وَلاَ جَاهَدتَ حَقَّ جِهَادِهِ
فِي اللهِ لاَ بِيَدٍ وَلاَ بِلِسَانِ

مَنَّتكَ وَاللهِ المُحَالَ النَّفسُ فَاس
تَحدِث سِوى ذَا الرَّأيِ وَالحُسبَانِ

لَو كُنتَ وَارِثَهُ لآذَاكَ الألَى
وَرِثُوا عَدَاهُ بِسَائِرِ الألوَانِ

هَذَا وَثَانِي نَوعَي التَّوحِيدِ تَو
حِيدُ العِبَادَةِ مِنكَ لِلرَّحمَنِ

أن لاَ تَكُونَ لِغَيرِهِ عَبدًا وَلاَ
تَعبُد بِغَيرِ شَرِيعَةِ الإِيمَانِ

فَتقُومَ بِالإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ وَال
إحسَانِ فِي سِرِّ وَفِي إعلاَنِ

وَالصِّدقُ وَالإِخلاَصُ رُكنَا ذَلكَ التَّ
وحيدِ كَالرُّكنَينِ للبنيَانِ

وَحَقِيقَةُ الإخلاَصِ تَوحِيدُ المُرَا
دِ فَلاَ يُزَاحِمُهُ مُرَادٌ ثَانِ

لَكِن مُرَادُ العَبدِ يَبقَى وَاحِدًا
مَا فِيهِ تَفرِيقٌ لَدَى الإِنسَانِ

إن كَانَ رَبُّكَ وَاحِدًا سُبحَانَهُ
فَاخصُصهُ بِالتَّوحِيدِ مَع إحسَانِ

أو كَانَ رَبُّكَ وَاحِدًا أنشَاكَ لَم
يَشرَكهُ إذ أنشَاكَ رَبٌّ ثَانِ

فَكَذَاكَ أيضًا وَحدَهُ فَاعبُدهُ لاَ
تَعبُد سِوَاهُ يَا أخَا العِرفَانِ

وَالصِدقُ تَوحِيدُ الإرَادَةِ وَهوَ بَذ
لُ الجَهدِ لاَ كَسَلًا وَلاَ مُتَوَانِ

وَالسُّنَّةُ المُثلَى لِسَالِكِهَا فَتَو
حِيدُ الطَّرِيقِ الأعظَمِ السُّلطَانِ

فَلِوَاحِدٍ كُن وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ
أعنِي سَبِيلَ الحَقِّ وَالإِيمَانِ

هَذِي ثَلاَثٌ مُسعِدَاتٌ لِلَّذِي
قَد نَالَهَا وَالفَضلُ لِلمَنَّانِ

فَإذَا هِيَ اجتَمَعَت لِنَفسٍ حُرَّةٍ
بَلَغَت مِنَ العَليَاءِ كُلَّ مَكَانِ

لله قَلبٌ شَامَ هَاتِيكَ البُرُو
قَ مِنَ الخِيَامِ فَهَمَّ بِالطَّيرَانِ

لَولاَ التَّعَلَّلُ بِالرَّجَاءِ تَصَدَّعَت
أعشَارُهُ كَتَصَدُّعِ البُنيَانِ

وَتَرَاهُ يَبسُطُهُ الرَّجَاءُ فَيَنثَنِي
مُتَمَايلًا كَتَمَايُلِ النَّشوَانِ

وَيعُودُ يَقبِضُهُ الإِيَاسُ لِكَونِهِ
مُتَخَلِّفًا عَن رُفقَةِ الإِحسَانِ

فَتَرَاهُ بَينَ القَبضِ وَالبَسطِ اللَّذَا
نِ هُمَا لأفقِ سَمَائِهِ قُطبَانِ

وَبَدَا لَهُ سَعدُ السُّعُودِ فَصَارَ مَس
رَاهُ عَلَيهِ لاَ عَلَى الدَّبَرَانِ

لله ذَيَّاكَ الفَرِيقُ فَإنَّهُم
خُصُّوا بِخَالِصَةٍ مِنَ الرَّحمَنِ

شُدَّت رَكَائِبُهُم إلَى مَعبُودِهِم
وَرَسُولِهِ يَا خَيبَةَ الكَسلاَنِ

وَالشِّركُ فَاحذَرهُ فَشِركٌ ظَاهِرٌ
ذَا القِسمُ لَيسَ بِقَابِل الغُفرَانِ

وَهُوَ اتِّخَاذُ النِّدِّ للرَّحمَنِ أيًّا كَا
نَ مِن حَجَرٍ وَمِن إنسَانِ

يَدعُوهُ أو يَرجُوهُ ثُمَّ يَخَافُهُ
وَيُحِبُّهُ كَمَحَبَّةِ الدَّيَّانِ

وَاللهِ مَا سَاوَوهُمُ بِاللهِ فِي
خَلقِ وَلاَ رِزقٍ وَلا إحسَانِ

فَالله عِندَهُم هُوَ الخَلاَّقُ والرَّ
زَّاقُ مُولِي الفَضلِ وَالإحسَانِ

لَكِنَّهُم سَاوَوهُمُ باللهِ فِي
حُبِّ وَتَعظِيمٍ وَفِي إيمَانِ

جَعَلُوا مَحَبَّتَهُم مَعَ الرَّحمَنِ مَا
جَعَلُوا المَحَبَّةَ قَطُّ للرَّحمَنِ

لَو كَانَ حُبُّهُمُ لأجلِ الله مَا
عَادَوا أحِبَّتَهُ عَلَى الإِيمَانِ

وَلَمَا أحَبُّوا سُخطَهُ وَتَجَنَّبُوا
مَحبُوبَهُ وَمَواقِعُ الرِّضَوَانِ

شَرطُ المَحَبَّةِ أن تَوَافِقَ مِن تُحِبُّ
عَلَى مَحَبَّتِهِ بِلاَ عِصيَانِ

فَإذا ادَّعَيتَ لَهُ المَحَبَّة مَع خِلاَ
فِكَ مَا يُحِبُّ فَأنتَ ذُو بُهتَانِ

أتُحِبُّ أعدَاءَ الحَبِيبِ وَتَدَّعِي
حُبًّا لَهُ مَا ذَاكَ فِي إمكَانِ

وَكَذَا تُعَادِي جَاهِدًا أحبَابَهُ
أينَ المَحَبَّةُ يَا أخَا الشَّيطَانِ

لَيسَ العِبَادَةُ غَيرَ تَوحِيدِ المَحَبَّ
ةِ مَع خُضُوعِ القَلبِ وَالأركَانِ

وَألحُبُّ نَفسُ وِفَاقِهِ فِيمَا يًحِبُّ
وَبُغضُ مَا لاَ يَرتَضِي بِجَنَانِ

وَوِفَاقُهُ نَفسُ اتِّبَاعِكِ أمرَهُ
وَالقَصدُ وَجهُ الله ذِي الإِحسَانِ

هَذَا هُوَ الإِحسَانُ شَرطٌ فِي قَبُو
لِ السَّعيِ فَافهَمهُ مِنَ القُرآنِ

وَالإِتِّبَاعُ بِدُونِ شَرعِ رَسُولِهِ
عَينُ المُحَالِ وَأبطَلُ البُطلاَنِ

فَإذَا نَبَذتَ كِتَابَهُ وَرَسُولَهُ
وَتَبِعتَ أمرَ النَّفسِ وَالشَّيطَانِ

وَتَخِذتَ أندَادًا تُحِبُّهُمُ كَحُبِّ
اللهِ كُنتَ مُجَانِبَ الإِيمَانِ

وَلَقَد رَأينَا مِن فَرِيقٍ يَدَّعِي ال
إسلاَمَ شِركًا ظَاهِرَ التِّبيَانِ

جَعَلُوا لَهُ شُرَكَاءَ وَالوهُم وَسَوَّ
وهُم بِهِ فِي الحُبِّ لاَ السُّلطَانِ

وَاللهِ مَا سَاوَوهُم بِاللهِ بَل
زَادُوا لَهُم حُبًّا بِلاَ كِتمَانِ

وَالله مَا غَضِبُوا إذا انتُهِكَت مَحَا
رِمُ رَبِّهِم فِي السِّرِّ وَالإِعلاَنِ

حَتَّى إذَا مَا قِيلَ الوَثَنِ الَّذٍي
يَدعُونَهُ مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

فَأجَارَكَ الرَّحمَنُ مِن غَضَبٍ وَمِن
حَربٍ وَمِن شَتمٍ وَمِن عُدوَانٍ

وَأجَارَكَ الرَّحمَنُ مِن ضَربٍ وَتَع
زِيرٍ وَمِن سَبٍّ وَمِن سَجَّانِ

وَاللهِ لَو عَطَّلتَ كُلَّ صِفَاتِهِ
مَا قَابَلُوكَ بِبَعضِ ذَا العُدوَانِ

وَاللهِ لَو خَالَفتَ نَصَّ رَسُولِهِ
نَصًّا صَرِيحًا وَاضِحَ التِّبيَانِ

وَتَبِعتَ قَولَ شُيُوخِهِم أو غَيرِهِم
كُنتَ المُحَقِّقَ صَاحِبَ العِرفَانِ

حَتَّى إذَا خَالَفتَ آراءَ الرِّجَا
لِ لِسُنَّةِ المَبعُوثِ بِالقُرآنِ

نَادَو عَلَيكَ بِبِدعَةٍ وَضَلاَلَةٍ
قَالُوا وَفِي تَكفِيرِهِ قَولاَنِ

قَالُوا تَنَقَّصتَ الكِبَارَ وَسَائِرَ ال
عُلَمَاءِ بَل جَاهَرتَ بِالبُهتَانِ

هَذَا وَلَم نَسلُبهُمُ حَقًّا لَهُم
لِيَكُونَ ذَا كَذِبٍ وَذَا كِتمَانِ

لَم يَغضَبُوا بَل كَانَ ذَلِكَ عِندَهُم
عَينَ الصَّوَابِ وَمُقتضَى الإحسَانِ

وَالأمرُ وَالله العَظِيمِ يَزِيدُ فَو
قَ الوَصفِ لاَ يَخفَى عَلَى العًميَان

وَإذَا ذَكَرتَ الله تَوحِيدًا رَأي
تَ وُجُوهَهُم مَكسُوفَةَ الألوَانِ

بَل يَنظُرُونَ إلَيكَ شَزرًا مِثلَ مَا
نَظَرَ التُّيُوسُ إِلَى عَصَا الجُوبَانِ

وَإِذَا ذَكَرتَ بِمِدحَةٍ شُرَكَاءَهُم
يَتَبَاشَرُونَ تَبَاشُرَ الفَرحَانِ

وَالله مَا شَمُّوا رَوَائِحَ دِينِهِ
يَا زَكمَةً أعيَت طِبِيبَ زَمَانِ

يَا مَن يُشِبُّ الحَربَ جَهلًا مَا لَكُم
بِقِتَالِ حِزبِ الله قَطُّ يَدَان

أنَّى يُقَاوِمُ جَندَكُم لِجُنُودِهِم
وَهُم الهُدَاةُ وَعَسكَرُ القُرآنِ

وَجَنُودَكُم مَا بَينَ كَذَّابٍ وَدَجَّا
لٍ وَمُحتَالٍ وَذِي بُهتَانِ

مِن كُلِّ أرعَنَ يَدَّعِي المَعقُولَ وَه
وَ مُجَانِبٌ لِلعَقلِ وَالإِيمَانِ

أو كُلِّ مُبتَدعٍ وَجَهمِيٍّ غَدَا
فِي قَلبِهِ حَرَجٌ مِنَ القُرآنِ

أو كُلِّ مَن قَد دَانَ شُيُوخٍ أه
لِ الإِعتِزَالِ البَيِّنَ البُطلاَنِ

أو قَائِلٍ بِاتِّحَادِ وَإنَّهُ
عَينُ الإِلَهِ وَمَا هُنَا شَيئَانِ

أو مَن غَدَا فِي دِينِهِ مَتَحَيِّرًا
أتبَاعُ كُلِّ مَلَدَّدٍ حَيرَانِ

وَجُنُودُهُم جِبرِيلُ مَع مِيكَالَ مَع
بَاقي المَلاَئِكِ نَاصِرِي القُرآنِ

وجَمِيعُ رُسلِ الله مِن نُوحٍ إلَى
خَيرِ الوَرَى المَبعُوثِ مِن عَدنَانِ

فَالقَلبُ خَمسَتُهُم أولُو العَزمِ الأُلَى
فِي سُورَةِ الشُّورَى أتَوا بِبَيَانِ

فِي أوَّلِ الأحزَابِ أيضًا ذِكرُهُم
هُم خَيرُ خَلقِ الله مِن إنسَانِ

وَلِوَاؤهُم بِيَدِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ
وَالكُلُّ تَحتَ لِوَاءِ ذِي الفُرقَانِ

وَجَمِيعُ أصحَابِ الرَّسُولِ عِصَابَةُ ال
إسلاَمِ أهلُ العِلمِ وَالإِيمَانِ

وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإحسَانٍ عَلَى
طَبَقَاتِهِم فِي سَائِرِ الأزمَانِ

أهلُ الحَدِيثِ جَمِيعُهُم وَأئِمَّةُ ال
فَتوَى وَأهلُ حَقَائِقِ العِرفَانِ

العَارِفُونَ بِرَبِّهِم وَنَبِيِّهِم
ومَرَاتِبِ الأعمَالِ فِي الرُّجحَانِ

صُوفِيةٌ سُنِّيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ
لَيسُوا أولِي شَطحٍ وَلاَ هَذَيَانِ

هَذَا كَلاَمُهُم لَدَينَا حَاضِرٌ
مِن غَيرِ مَا كَذِبٍ وَلاَ كِتمَانِ

فَاقبَل حَوالَةَ مَن أحَالَ علَيهِمُ
هُم أملِيَاؤهُم أولُو إمكَانِ

فَغذَا بَعَثنَا غَارَةً مِن أخرَيَا
تِ العَسكَرِ المَنصُورِ بِالقُرآنِ

طَحَنتُكُمُ طَحنَ الرَّحَى للحَبِّ حَتَّ
ى صِرتُم كَالبَعرِ فِي القِيعَانِ

أنَّى يُقَاوِمُ ذَا العَسَاكِرَ طَمطَمٌ
أو تَنكَلُوشَا أو أخُو اليُونَانِ

أعنِي أرِسطُو عَابِدَ الأوثَانِ أو
ذَاك الكَفُورَ مُعَلِّمَ الألحَانِ

ذَاكَ المُعَلِّمُ أولًا لِلحَرفِ وَالثَّا
نِي لِصَوتٍ بِئسَتِ العِلمَانِ

هَذَا أسَاسُ الفِسقِ وَالحَرفُ الذِي
وَضَعُوا أسَاسُ الكُفرِ والهَذَيَانِ

أو ذَلِكَ المَخدُوعُ حَامِلُ رَايَةِ ال
الحَادِ ذَاكَ خَلِيفَةُ الشَّيطَانِ

أعنِي ابنَ سِينَا ذَلِكَ المَحلُولَ مِن
أديَانِ أهلِ الأرضِ ذَا الكُفرَانِ

وَكَذَا نَصِيرَ الشِّركِ فِي أتبَاعِهِ
أعدَاءِ رُسلِ اللهِ وَالإِيمَانِ

نَصَرُوا الضَّلاَلَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِم
وَغَزَوا جُيُوشَ الدِّينِ وَالقُرآنِ

فَجَرَى عَلَى الإِسلاَمِ مِنهُم مِحنَةٌ
لَم تَجرِ قَطُّ بِسَالِفِ الأزمَانِ

أو جَعدٌ أو جَهمٌ وَأتبَاعٌ لَهُم
هُم أمَّةُ التَّعطِيلِ وَالبُهتَانِ

أو حَفصُ أو بِشرٌ أو النَّطَّامُ ذَا
كَ مُقَدَّمُ الفُسَّاقِ وَالمُجَّانِ

وَالجَعفَرَانِ كَذَاكَ شَيطَانٌ وَيُد
عَى الطَّاقَ لاَ حُيِّيتَ مِن شَيطَانِ

وَكَذَلِكَ الشَّحَّامُ وَالعَلاَّفُ النَّ
جَّارُ أهلُ الجَهلِ بِالقُرآنِ

وَالله مَا فِي القَومِ شَخصٌ رَافِعٌ
بِالوَحيِ رَأسًا بَل بِرَأيِ فُلاَنِ

وَخِيَارُ عَسكَرِكُم فَذَاكَ الأشعَرِيُّ
القَرمُ ذَاكَ مُقَدَّمُ الفُرسَانِ

لَكِنَّكُم وَاللهِ مَا أنتُم عَلَى
إثبَاتِهِ وَالحَقُّ ذُو بُرهَانِ

هُوَ قَالَ إنَّ اللهَ فَوقَ العَرشِ وَاس
تَولَى مَقَالَةُ كُلِّ ذِي بُهتَانِ

فِي كُتبِهِ طُرًّا وَقَرَّرَ قَولَ ذِي ال
إثبَاتِ تَقرِيرًا عَظِيمَ الشَّانِ

لَكِنَّكُم أكفَرتُمُوهُ وَقُلتُمُ
مَن قَالَ هَذَا فَهوَ ذُو كُفرَانِ

فَخِيَارُ عَسكَرِكُم فَأنتُم مِنهُمُ
بُرَاءُ إذ قَرُبُوا مِنَ الإِيمَانِ

هَذِي العَسَاكِرُ قَد تَلاقَت جَهرَةً
وَدَنا القِتَالُ وَصِيحَ بِالأقرَانِ

صُفُّوا الجُيُوشَ وَعَبِّئُوهَا وَأبرُزُوا
لِلحَربِ وَاقتَربُوا مِنَ الفُرسَانِ

فَهُمُ إلَى لُقيَاكُمُ بِالشَّوقِ كَي
يُوفُوا بِنَذرِهِمُ مِنَ القُربَانِ

وَلَهُم إلَيكُم شَوقُ ذِي قُرمٍ فَمَا
يَشفِيهِ غَيرُ مَوَائِدِ اللُّحمَانِ

تَبًّا لَكُم لَو تَعقِلُونَ لَكُنتُمُ
خَلفَ الخُدُورِ كَأضعَفِ النِّسوَانِ

مِن أينَ أنتُم وَالحَدِيثُ وَأهلُهُ
وَالوَحيُ وَالمَعقُولُ بِالبُرهَانِ

مَا عِندَكُم إلاَّ الدَّعَاوِي وَالشَّكَا
وِي أو شَهَادَاتٌ عَلَى البُهتَانِ

هَذَا الذِي وَاللهِ نِلنَا مِنكُمُ
فِي الحَربِ إذ يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ

وَالله مَا جِئتُم بَِقَالَ اللهُ أو
قَالَ الرَّسُولُ وَنَحنُ فِي المَيدَانِ

إلاَّ بِجَعجَعَةٍ وَفَرقَعَةٍ وَغَمغَمَةٍ
وَقَعقَعَةٍ بِكُلِّ شِنَانِ

وَيَحِقُّ ذَاكَ لَكُم وَأنتُم أهلُهُ
أنتُم بِحَاصِلِكُم أولُو عِرفَانِ

وَبِحَقِّكُم تَحمُوا مَنَاصِبَكُم وَأن
تَحمُوا مَآكِلَكُم بِكُلِّ سِنَانِ

وَبِحَقِّنَا نَحمِي الهُدَى وَنَذُبُّ عَن
سُنَنِ الرَّسُولِ وَمُقتَضَى القُرآنِ

قَبحَ الإِلَهُ مَنَاصِبًا وَمَآكِلًا
قَامَت عَلَى العُدوَانِ وَالطُّغيَانِ

وَاللهِ لَو جئتُم بِقَالَ اللهُ أو
قَالَ الرَّسُولُ كَفِعلِ ذِي الإِيمَانِ

كُنَّا لَكُم شَاوِيشَ تَعظِيمٍ وَإج
لاَلٍ كَشَاوِيشٍ لِذِي سُلطَانِ

لَكِن هَجَرتُم ذَا وَجِئتُم بِدعَةً
وَأرَدتُمُ التَّعظِيمَ بِالبُهتَانِ

العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ
قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ

مَا العِلمُ نَصبَكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً
بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فَلاَنِ

كَلاَّ وَلاَ جَحدَ الصِّفَاتِ لِرَبِّنَا
فِي قَالَبِ التَّنزِيهِ وَالسُّبحَانِ

كَلاَّ وَالَ نَفيَ العُلُوِّ لِفَاطِرِ ال
أكوَانِ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

كَلاَّ وَلاَ عَزلَ النُّصُوصِ وَأنَّهَا
لَيسَت تُفَيدُ حَقَائِقَ الإِيمَانِ

إذ لاَ تُفِيدُكُمُ يقِينًا لاَ وَلاَ
علمًا فقد عُزِلَت عن الإِيقَانِ

وَالعِلمُ عِندَكُمُ يُنَالُ بِغَيرِهَا
بِزُبَالَةِ الأفكَارِ وَالأذهَانِ

سَمَّيتُمُوهُ قَوَاطِعًا عَقلِيَّةً
وَهيَ الظَّوَاهِرَ حَامِلاَتِ مَعَانِ

كَلاَّ وَلاَ التَّأوِيلَ وَالتَّبدِيلَ وَالتَّ
حرِيفَ لِلوحيَينِ بِالبُهتَانِ

كَلاَّ وَلاَ الإِشكَالَ وَالتَّشكِيك وَال
وَقفَ الذِي مَا فِيه مِن عِرفَانِ

هَذِي عًُلُومُكُمُ التَي مِن أجلِهَا
عَادَيتُمُونَا يَا أولِي العِرفَانِ

يَا قَومُ صَالَحتُمُ نًفَاةَ الذَّاتِ وَال
أوصَافِ صُلحًا مُوجِبًا لأمَانِ

وَأغَرتُمُ وَهنًا عَلَيهِم غَارَةً
قَعقَعتُم فِيهَا لَهُم بِشِنَانِ

مَا كَانَ فِيهَا مِن قَتِيلٍ مِنهُمُ
كَلاَّ وَلاَ فِيهَا لَهُم بِشِنَانِ

وَلَطَفتُمُ فِي القَولِ أو صَانَعتُمُ
وَأتَيتُمُ فِي بَحثِكُم بِدِهَانِ

وَجَلَستُمُ مَعَهُم مَجَالِسَكُم مَعَ ال
أُستَاذِ بِالآدابِ وَالمِيزَانِ

وَضَرَعتُمُ لِلقَومِ كُلَّ ضَرَاعَةٍ
حَتَّى أعَارُوكُم سِلاَحَ الجَانِي

فَغَزَرتُمُ بِسِلاحِهِم لِعَسَاكِرِ ال
إثبَاتِ وَالآثَارِ وَالقُرآنِ

وَلأجلِ ذَا صَانَعتُمُوهُم عِندَ حَر
بِكُمُ لَهُم بِاللُّطفِ وَالإذعَانِ

وَلأَجلِ ذَا كُنتُم مَخَانِيثًا لَهُم
لَم تَنفَتِح مِنكُم لَهُم عَينَانِ

حَذَرًا مِن استِرجَاعِهِم لِسِلاَحِهِم
فَتُرَونَ بَعدَ السَّلبِ كَالنِّسوَان

وَبَحَثتُمُ مَعَ صَاحِبِ الإِثبَاتِ بِالتَّ
كفِيرِ وَالتَّضلِيلِ وَالعُدوَانِ

وَقَلَبتُمُ ظَهرَ المِجَنِّ لَهُ وَأج
لَبتُم عَلَيهِ بِعَسكَرِ الشَّيطَانِ

وَاللهِ هَذِي رِيبَةٌ لاَ يَختَفِي
مَضمُونُهَا إلاَّ عَلَى الثِّيرَانِ

هَذَا وَبَينَهُمَا أشَدُّ تَفَاوُتٍ
فِئَتَانِ فِي الرَّحمَنِ مُختَصِمَانِ

هَذَا نَفَى ذَاتَ الإِلهِ وَوَصفَهُ
نَفيًا صَرِيحًا لَيسَ بِالكِتمَانِ

لَكِن ذَا وَصَفَ الإِلَهَ بِكُلِّ أو
صَافِ الكَمَالِ المُطلَقِ الرَّبَّانِي

وَنَفَى النَّقَائِصَ وَالعُيَوبَ كَنَفيِهِ التَّ
شبِيهَ لِلرَّحمَنِ بِالإِنسَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ كَانَ حَربُكُمُ لَهُ
بِالحَدِّ دُونَ مُعَطِّلِ الرَّحمَنِ

قُلنَا نَعَم هَذَا المُجَسِّمُ كَافِرٌ
أفَكَانَ ذَلِكض كَامِلَ الإِيمَانِ

لاَ تَنطَفِي نِيرَانُ غَيظِكُم عَلَى
هَذَا المُجسِّمِ يَا أولِي النِّيرَانِ

فَالله يُوقِدُهَا وَيُصلِي حَرَّهَا
يَوم الحِسَابِ مُحَرِّفَ القُرآنِ

يَا قَومَنَا لَقَد ارتَكَبتُم خُطَّةً
لَم يَرتَكِبهَا قَطُّ ذُو عِرفَانِ

وَأعَنتُمُ أعدَاءَكُم بِوفَاقِكُم
لَهُمُ عَلَى شَيءٍ مِنَ البُطلاَنِ

أخَذُوا نَوَاصِيَكُم بِهَا وَلِحَاكُمُ
فَغَدَت تُجَرُّ بِذلَّةٍ وَهَوَانِ

قُلتُم بِقَولِهِمُ وَرُمتُم كَسرَهُم
أنَّى وَقَد غَلَقُوا لَكُم بِرِهَانِ

وَكَسَرتُمُ البَابَ الَّذِي مِن خَلفِهِ
أعدَاءُ رُسلِ الله وَالإِيمَانِ

فَأتَى عَدُوٌّ مَا لَكُم بِقِتَالِهِم
وَبِحَربِهِم أبَدَ الزَّمَانِ يَدَانِ

فَغَدَوتُمُ أسرَى لَهُم بِحِبَالِهِم
أيدِيكُمُ شُدَّت إلَى الأذقَانِ

حَمَلُوا علَيكُم كاسِّبَاعِ استَقبلت
حُمرًا مُعقرةً ذَوِي أرسَانِ

صَالُوا عليكُم بالذي صُلتُم بِهِ
أنتُم علينا صَولَةَ الفُرسَانِ

لولا تَحَيُّزكُم إلَينَا كُنتُمُ
وَسطَ العَرِين مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

لَكِن بِنَا استَنصَرتُمُ وَبِقَولِنَا
صُلتُم عَلَيهِم صَولَةَ الشُّجعَانِ

وَلَّيتُمُ الإِثبَاتَ إذ صُلتُم بِهِ
وَعَزَلتُمُ التَّعطِيلَ عَزلَ مُهَانِ

وَأتَيتُمُ تَغزُونَنَا بِسَرِيَّةٍ
مِن عَسكَرِ التَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

مَن ذَا بِحَقِّ اللهِ أجهَلُ مِنكُمُ
وَأحَقُّنَا بِالجَهلِ وَالعُدوَانِ

تَاللهِ مَا يَدرِي الفَتَى بِمُصَابِهِ
وَالقَلبُ تَحتَ الخَتمِ وَالخُذلاَنِ

وَإِذَا أرَدتَ تَرَى مَصَارِعَ من خَلاَ
مِن أمَّةِ التَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

وَتَرَاهُمُ أسرَى حَقِيرٌ شَأنُهُم
أيدِيهُم غُلَّت إلَى الأذقَانِ

وَتَرَاهُمُ تَحتض الرِّمَاحِ دَرِيئَةً
مَا فِيهِمُ مِن فَارِسٍ طَعَّانِ

وَتَرَاهُمُ تَحتَ السُّيُوفِ تَنُوشُهُم
مِن عَن شَمَائِلِهِم وَعَن أيمَانِ

وَتَرَاهُمُ انسَلَخُوا مِنَ الوَحيَين وَال
عَقلِ الصَّحِيحِ وَمُقتضَى القُرآنِ

وَتَرَاهُمُ وَاللهِ ضُحكَةَ سَاخِرٍ
وَلَطَالَمَا سَخِرُوا مِنَ الإِيمَانِ

قَد أوحِشَت مِنهُم رُبُوعٌ زَادَهَا ال
جَبَّارُ إيحَاشًا مَدَى الأزمَانَِ

وَخَلَت دِيَارُهُمُ وَشُتِّتَ شَملُهُم
مَا فِيهُمُ رَجَلانِ مُجتَمِعَانِ

قَد عَطَّلَ الرَّحمَنُ أفئِدَةً لَهُم
مِن كُلِّ مَعرِفَةٍ وَمِن إيمَانِ

إذ عَطَّلُوا الرَّحمَنَ من أوصافِهِ
وَالعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمَنِ

بَل عَطَّلُوهُ عَنِ الكَلاَمِ وَعَن صِفَا
تِ كَمَالِهِ بِالجَهلِ وَالبُهتَانِ

فَاقرَأ تَصَانِيفَ الإِمَامِ حَقِيقَةً
شَيخِ الوُجُودِ العَالِمِ الرَّبَّانِي

أعنِي أبَا العَبَّاسِ أحمَدَ ذَلِكَ ال
بَحرَ المُحِيطَ بِسَائِرِ الخِلج