لذبيحةِ الغُفران يَنبُوعُ الفِدَى
وضحيَّة القُربانِ ضَحوَة والعِشا
خُرُّوا إلى الأَذقانِ يا كُلَّ الوَرَى
واهدُوا السُجودَ مع الملائك والقُوَى
فهيَ السُجودُ الأَعظَمُ الأَسمَى لِعظم
جَلالهِ والمقتضيهِ من الوَلا
وهُوَ المُعادِلُ عدلَهُ ممَّا تَقا
ضاهُ الوَفاءُ عن الخطيَّة واقتَضَى
خُبزٌ بهِ جَسَدُ المسيح مُحجَّبٌ
خمرٌ بهِ دَمُهُ الكريمُ قد اختَبَى
قُوتُ النفوس وقُوَّةُ الأرواحِ في
خُبزٍ وخمرٍ جَلَّ عن فَهمٍ ذكا
خُبز الحيوةِ من اغتَذَى منهُ اغتَدَى
في صَفو عيشٍ لن يُلِمَّ بهِ قَذَى
هُوَ خُبزُنا اليوميُّ قُوتُ حَياتِنا
بل كُفؤُها وسَواهُ ليسَ بهِ اكتِفا
عُربُونُ مجدِ اللَهِ مَن قد حازَهُ
حازَ التَمَلُّكَ في السَماواتِ العُلَى
شَجَرُ الحيوةِ برَوض جَنَّةِ بِيعةِ اللَه
الَّتي ما مات مَن منها اجتَنَى
لو أَنَّ آدَمَ نالَ منها لم يكن
نالَ المَنا يومًا بهِ عَدِمَ المُنَى
كلَّا ولا حوّاءُ أَغوَتهُ بما
أَلقَى إليها الصَلُّ فيما قد طَغَى
هو لَذَّةُ الأَرواحِ يُخبَرُ بالنُهَى
من ذي التُقَى وسِواهُ يُخبَرُ باللَها
هذا هو المَنُّ السماويُّ الذي
نقتاتُ منهُ بِتيهِنا في ذي الفَلا
مَنٌّ بهِ السَلوَى فمالَك تَطلُبُ ال
سَلوَى التي تَمنِيكَ يومًا بالمَنا
مَنٌّ حَوَى من كل طَعمٍ فائقٍ
ما أَشعَرَت فيهِ سِوَى أهل التُقَى
فيهِ يذوقُ المرءُ آلاءَ البَقا
لا مَطعَمَ البَلوَى ولا داءَ البِلَى
لو حاملُ النورِ احتَسَى من كأسِها
ما كانَ نحو العُمق بالكِبر انهَوَى
لو ذاقَها نُوحٌ لما هَزَأَ ابنُهُ
فيهِ ولُوطُ لَما جَنَى ما قد جَنَى
لو أَن سُلَيمانُ الحكيمُ حَظِي بها
ما هامَ قلبًا بالجَمال ولا غَوَى
لو أَنَّ مفؤُدًا سُقِي من خمرها
لشُفِي ومَوؤُدًا لقامَ من الثَرَى
تِرياقُ أَنفُسِنا المجرَّبُ تنتفي
منهُ سُمُومُ خَطائها دونَ الرُقَى
والبلسمُ المُختارُ للكَلم الذي
كُلِمَت بحدًّ ذُنُوبها لا بالمُدَى
ودَوَاؤُنا الشافي لداءِ نُفُوسِنا
ما شفَّها من إِثمها أَلَمُ الدَوَى
هذا دينارانِ فُندُق بِيعةِ اللَهِ
التي بهما اغتَنَت أَغنَى الغِنَى
وبها جريح لصوص مأثمهِ الذي
قد انفقت بهما عليهِ لأَن بَرا
ذَر طِبَّ بُركُلُسٍ وبُقراطٍ فذا
نَبت وذلك مَعدِنٌ خِلصُ البَرَى
واختَرُ نَباتَ الآبِ والبِكر التي
وَلَدتهُ بَرًّا وهو باري مَن بَرَى
إضُّ الحيوة لك حيٍّ مَعدِنُ ال
بُرءِ الذي فيهِ الشِفاءُ من الضَنَى
يا مَولِدَ الأَزَليِّ من آبٍ بلا
أُمٍ وبالزَمَنيّ من أُمٍّ بلا
فهو الوحيدُ القرن ينصل كل سمٍّ
مهلِكٍ ويَذُودُ أنواعَ الأَذَى
بل حيَّةٌ يَشفَى السليم بها إذا
ما إِن سُقِي من كأسها خمرَ الدُمَى
فهو الطبيبُ وليسِ يعجزُ أمرهُ
ما أَكبَرَتهُ بل تَحامَتهُ الإِسا
كم أبكمٍ قد حَلَّ عَقدَ لِسانهِ
بل اكمهٍ أَجلَى عَماهُ بلا جِلا
ولكم اصمٍّ صار ذا سَمعٍ وكم
من ميِّتٍ أَحيَى ومن داءٍ شَفَى
يا راحةً قُدسيَّةً بل راحةً
أبديَّةً في حَسوِها فَقدُ العَنَا
يا كَرمةً رَوَّى كرائِمَ كَرمِها
دَمُها فأَنبَتَتِ العَذارَى بالرَوا
يا زيتَ اليَشَعَ النبيِّ لكلل آ
نيةٍ خَلَت من حُبِّ دُنياها ملا
من قد تحدَّرَ فوقَ مَيتِ نُفوسنا
مُتَصاغرًا فأَقامَها غِبَّ الرَدَى
ودقيقُ تلك الصارفيَّةِ لم يشحَّ
وفي دَوامِ الجَدب منهُ يُغتَذَى
وكُساءُ باعاز الذي التَمَسَتهُ را
عوثُ الكنيسة فاكتَسَت خَيرَ الكُسَى
وَتَخِذتَها عِرسًا وأَنتَ عَرُوسُها
فأَتَت بنسلٍ منك بالنُعمَى ربا
ووِشاحُ ايليَّا الذي أَبقى لأَليَشَعَ
النبيِّ غَداةَ أُصعِدَ وارتَقى
وغِذاؤُهُ المَلَكيُّ إِذ أَسرى بهِ
حتى رُبى حوريب لم يألُ السُرَى
يا قوسَ عَهدِ اللَهِ من أَمِنَت بهِ ال
أَرواحُ من سَخَطٍ وفازت بالرِضَى
والخاتَمُ الماحي صُكوكَ خَطائنا
عن رأفةٍ فَتقَ النُفوسِ بها رَفا
بَعَشائِهِ السِر تالي رَخصِهِ
من رُسلِهِ الأَقَدامَ رمزًا للنَقا
وتسوُّمًا بالطُهرِ للسِرِّ الذي
فيه يَميحُ مَنِ استَحقَّ لهُ الأَلَى
وبِحال ما فاءَ اتَّكا مُتَسربِلًا
ما كانَ من أثوابهِ عنهُ نَضا
أوصاهُمُ بالإِتِّضاع برَسمِهِ
أَن يَرحَضوا اقدامَ بعضهمِ كما
ولقد تَناوَلَ بَينَهم في الحال خبزًا
شاكرًا ومُباركًا ثُمَّت تَلا
كَلِماتُ فيهِ الجوهريةُ ما بها
لا ما عَداها في الذبيحةِ يُحتَوى
فخُذُوا كُلُو اذا إِنَّه جَسَدي الذي
يُعطَى لكم أبدًا لَمغفَرة الخَطا
ثُمَّت تَناوَلَ كأسَ خمرٍ قائلًا
فخُذوا اشرَبُوا كلٌّ بإِيمانٍ صَفا
هذا دَمِي العهدُ الجديدُ وإِنَّهُ
لَيُراقُ عنكم بل جميع بَنِي الوَرَى
هذا اصنَعوهُ لأَجل ذِكرِي مانحًا
لهُم بهِ سُلطانَ كَهنوتٍ سَما
لِيُقدِّسوا ذا السِرَّ سِرَّ خَلاصِنا
مُتَعاقبًا ما عاقَبَ الليلُ الضَحَى
ويُوزِّعوهُ على الأَنامِ المُؤمنينَ الأَبرياءِ
ومَن عَنِ الذَنبِ انثَنَى
من مَشرِقِ الآفاقِ حتى غَربِها
أبدًا تُقدَّسُ ذي الذبيحةُ في المَلا
فاستَأثَروهُ بالمحبَّة إِنَّهُ
سِرُّ المحبَّة حاسمًا داءَ القِلَى
سِرٌّ سَرِيٌ فائقُ الأَسرارِ لم
تُحِطِ الملائكُ آيَ مُعجِزِ ما حَوَى
ظَهَرَت لنا طُرُقُ الخَلاصِ بهِ وقد
كانت مُنَيذَ الدهر مُبهَمةَ الضوى
مرموزُ كلّ ذبيحةٍ وضحيَّةٍ
رَمَزتهُ وانتَسَخَت ومُوجِبُها انتَفَى
كانت لهُ ظِلًّا واذ ذَرَّت لنا
شمسُ الحقيقةِ زال والرَسمُ امَّحَى
كَمَلَت رُسومُ الأَنبِياءِ بهِ وما
أعناهُ شرعٌ قد تسوف وانبرى
هذي الذبيحةُ عينُ هاتيك التي
كَمَلَت على عُود الصليبِ بلا امتِرا
بل إِنَّمَا تَذكارُها ودَوامُها
وتَكَرُّرَ استِمرارِها طُولَ المَدَى
حازت مِن استحقاق تلكَ منِ الفِدَى
ثَمَنًا فتَفدِي النفسَ من عدلٍ قَضَى
فاكرِم بخيطٍ أَحمَرٍ حُفِظَت بهِ
راحابُ إذ وَضَعَتهُ في أَعلَى الكُوَى
نادتهُ صَيفور الكنيسة أنتَ لي
خَتَنٌ بخير دمٍ ذَوَى عنها القَضا
خُبزٌ وخمرٌ عاد بالتقديسِ
خيرَ ذبيحةٍ تَحوِي يسوعَ كما ارتَضَى
فترى بهِ خُبزًا ولا خُبزًا كذا
خمرًا ولا خمرًا بهِ اللَهُ اختَبَى
فاللمسُ لمسُ العيس لكن صوتهُ
هو صوتُ يعقوبَ المحجَّبِ في الخِبا
هل مُنكِرٌ فعلَ الاله بذاتهِ
ما كانَ فاعلَهُ بمُوسَى والعَصا
فعَصاهُ صارت حيَّةً فتَلَّقفَت
حيَّاتِ فِرعَونَ الذي بغيًا طَغَى
وبها أَحالَ مِياهَ مِصرَ إلى دمٍ
أَفتُنكِرَن هذي الإِحالةَ ههُنا
ومُكثِّرُ الخُبزاتِ خَمسًا أَشبَعَت
للخمسةِ الآلافِ في تِلكَ الفَلا
أَفَعاجِزٌ عن أَن يُكثِّرَ جِسمَهُ
في كُلِّ أَين ما تَقدَّسَ او إِنا
فيسوعُ باللاهوتِ والناسوتِ في
هذي الذبيحةِ وهو عينٌ لا يُرَى
متجلببًا أَعراضَها ومُحِّولًا
إِسنادَها عن مُعجِزٍ يعلو الحِجَى
ما مَسنَدُ الأَعراض إِلَّا آيةٌ
فيها احتَوَى ومَكانَ جوهرها ثَوَى
قامت بهِ في ذلك الجَسَدِ الذي
هُوَ صُفوةُ الكَونَينِ أَفضلُ مُصطَفَى
بوُجودِهِ الرُوحّي في كلٍّ مِن ال
أَجزاءِ موجودًا بلا شكٍّ وَلا
ومِثالُهُ المِرآةُ إِمَّا حُطِّمَت
في كُلِّ جُزءٍ ما تُقابلُهُ تَرَى
في كل جُزءٍ كلُّهُ كالرُوح في
كُلِّ من الأَجزاءِ في جِسمٍ نَما
فارمُق بنُقطٍ هَندَسيٍّ شاملٍ
كلَّ الخُطوطِ وفيهِ أَجمَعَها احتَوَى
كَمِيَّةٌ حُصِرَت وليسَ بمُنكَرٍ
في رملةٍ أَن يَحصُرَ اللَهُ الدُنَى
فالعينُ تَقبَلُ أَعظَمَ الأَشباحِ في
إِنسانِها من غير ضِيقٍ أو عَنا
أَثَّت قواعدُ عِلمِ آرِسطُو كذا
أَركانُ عالَمِنا وما عنها عَنَى
سِرٌّ يفوقُ غرابةً جِدًّا على
سِرِّ التَجَسُّد والبَيانُ لهُ بدا
في ذلكَ اللاهوتِ بالناسوتِ مُحتَجِبٌ
وذا فكِلاهما فيهِ انضَوَى
في ذاكَ بالأَحشاءِ مستترٌ وذا
بملاءِ أَعراضٍ تَحجَّبَ واختَفَى
في ذاكَ ذو أَينٍ يحوطُ بهِ وفي
هذا بآلافٍ وفي أَدنَى البَرَى
في ذاكَ مَغذُوٌ وفي هذا لنا
غاذٍ غِذاءً ليس يعروهُ طَوَى
في ذاك ربٌ أَدخَلَ الإِنسانَ في
أَحشائهِ وبذا فيَدخُلُ في الحَشَى
في ذاكَ صار اللَهُ لحمًا وَهوَ في
هذا يُحِيلُ إليهِ لحمًا ذا بِلَى
في ذاك مُتَّحِدٌ بطبعٍ واحدٍ
فَذًّا وذا في كُلِّ مَن منهُ اغتَذَى
في ذاك حتَّى الموتِ ما بَرِحَ الأَسَى
منهُ وفي ذا آسيًا رُوحَ الأسا
في ذاك حَوَّلَ ماءَ قانا خمرةً
وهُنا أَحالَ إلى دمٍ خمرًا زكا
في ذاك كانَ مؤلَّمًا وبذا ترا
هُ مُنَّعمًا نُعمَى تَجِلُّ عَنِ الشَقا
في ذاك يا أَبَتاهُ لِم غادرتَني
وهنا فمُجتَمَعَ التعازي والهَنا
ووجُودُهُ في ذا جِسميٌّ وفي
ذا السِرِّ رُوحيٌّ ولا شَكٌّ بذا
وهو المُقدِّس والمُقدَّسُ وحدَهُ
والقابلُ المُعطِي لنا خيرَ العَطا
بل كاهنُ اللَهِ العليِّ على المَدَى
مَلِكُ السَلام بسِلمِهِ زالَ الوَغَى
هذا مسيحُ اللَهِ منمسحٌ
بدُهن الرُوحِ ليسَ بدُهن قرنٍ كالأُلَى
مَلِكًا نبيًّا كاهنًا فثلاثةٌ
جُمِعَت بهِ جمعًا تَفرَّدَ بالبَها
فيهِ انعَفَى كَهَنُوتُ لاوِيَ وانقَضَى
والرسمُ زالَ بذِي الحقيقةِ وانتهَى
فهو الذي بِلسانِ حالٍ قالَ لِل
آبِ المَقُولِ من النبيِّ بما نَحا
ما إِن سُرِرتَ بمُحرَقاتِ الناسِ من
أَجلِ الخطيَّة بل نَبَذتَ بها الرِضَى
فلُحُومُ ثِيرانٍ ونَضحُ دمٍ
وشحمُ الكَبشِ لم تَطلُبهُ من أَيدِي الوَرَى
بل إنَّما هَيأتَ لي جَسَدًا كما
جاءَ النَباءُ فقلتُ طوعًا هانَذا
في رأسِ مُصحَفِكَ الشريفِ مُحرَّرٌ
عِنّي ومن اجلي وبي اتَّضحَ النَبا
فهوِيتُ صُنعَ مشيئَةٍ لكَ طائعًا
وتَمامَ ناموسٍ بأَحشائي أَنتدَى
هذا هو العِجلُ المُسمَّنُ والمُعَدُّ
لِجائعٍ قد كانَ اضواهُ الضَوَى
هذا الذي نَسَخَ الرُسومَ جميعَها
وبهِ تَلاشَى فِصحُ مُوسَى وانزَوَى
هذا هُوَ الفَصحُ الذي جُزنا بهِ
من مِصرِ ظُلمتنا إلى نُور الأَيا
هذا هُوَ الفِصحُ الذي اندَكَّت بهِ
دُكَكُ المَوابذِ وانعَفَت تلك البَنَى
هذا هُو الفِصحُ الذي انطفأَت بهِ
نِيرانُ فارسَ واختَفَى ذاك اللَظَى
هذا هُوَ الحَمَلُ الذبيحُ رآهُ يو
حنَّا مع الأَبكار في تِلكَ الذِرَى
قد طهَّروا أَثوابَهم بدِمائِهِ
طُهرًا وَضِيًا لا بأَمواهِ الأَضا
هذا الذي مَن يَلتَطِخ بدِمائهِ
يَسلَم من المَلكِ المُبِيد ويفتدى
من قلبهِ المطعونِ فاضَ دمٌ وما
ءٌ ريُّ أَفئِدةِ الأَنامِ من الصَدَى
ما زال منفتحَ الجِراحِ لوالجٍ
من ثَقبِ سُورٍ مانعٍ ضُرَّ العِدَى
موسى برمز اللَهِ عايَنَ جَنبَهُ ال
مطعونَ حين أراهُ ثَقبًا في الصَفا
يا صخرَ إسرائيلَ يَتبَعهُ بنبع
مياهه من ضرب موسى بالعصا
ما أَنتَ غيرُ يسوعَ مطعونَ الفؤَا
دِ بحربةٍ يومًا أَفاضَ دَمًا وَما
قلبٌ بهِ جمرُ المَحَّبةِ مُوقَدٌ
ابدًا ذَكاهُ مُخمِدٌ حَرَّ الصِلا
يا غَيهبًَا أَحيَى بنيهِ بموتهِ
حُبًّا لَهُم وحَباهُم خيرَ البَقا
ما كانَ إِسحقُ المَسُوقُ لذبحِهِ
إِلَّا لِرَسمِكَ إذ لهُ الكَبشُ افتدَى
مَن لي بأَن أَفنَى بحُبِّ وجُودِهِ
بذخيرةٍ مَن حازَها فقدِ اغتنَى
إِنّي لَراضٍ أَن أَمُوتَ بحُبِّهِ
وتُذِيبَني نارُ المَحَبَّةِ والجَوَى
أَلقَى العَذابَ بحُبّهِ عَذبًا وما
قد مَرَّ من مُرّ الحيوةِ بهِ حَلا
نَشَرَ الحيوةَ بنَشرِ رِيحِ كِبائِهِ
ما النَدُّ ما الرَيحانُ ما ريحُ الصَبا
من بعدِ ما نَشِقَ الإلهُ أَرِيجَها
أَبَى أَن يغرّق ارضهُ من بعدما
نهرُ المحبَّة خاض حزقيَّالُ في
يَعبُوبهِ فاراعهُ بحرٌ طَي
ما خيرُ ملتذٍ سِوَى خُبزِ التُقَى
ما نشأَةُ الأَرواح إلَّا ذا الطِلا
ما حُسنُ مأدُبةٍ يَجِلُّ ثَناؤُها
ووليمةٍ حَفَلَى سِوَى هذا الغِذا
فوليمةُ الحَمَل الذبيح تهيَّأَت
والعُرسُ داعيهِ لكلٍّ قد دَعا
مَزَجَت بكأسٍ خمرها وتوقَّلَت
تدعو إليها الناسَ في أَعلَى الذُرَى
من كانَ عَطشانَ الفؤَاد لِيأتِيَن
نحوي ويَشرَب خيرَ مشروبٍ صَفا
إِيتوا اشتَرُوا خُبزًا وخمرًا من سِوَى
ثَمَنٍ ولا وَرِقٍ ولا تشكوا الخَوَى
ثُمَّ استَقُوا خمرًا وماءً من ينا
بيع المخلِّصِ فَهوَ أَعذَبُ مُستقَى
وكُلوا مَرِيًّا واشرَبوا ثُمَّ اسكَروا
من خمرةٍ ان أَسكَرَت عقلًا صَحا
فمَنِ اغتذَى بي عادَ نحوي جائعًا
ومَنِ استَقاني زادَ بي ابدًا صَدَى
وحقيقةُ الخُبزِ الذي أُعطِيكُمُو
هُ بذي الحيوةِ فإِنَّهُ جسدي أَنا
ذُوقوا انظُروا ما أطيَبَ الربَّ الذي
يُعطِي لكم قُوتًا يَقِي شَرَّ الرَدَى
وبِيَ استَنِيروا كُلُّكُم ووجُوِهُكم
لا تَخزَ وابتَدِروا إلى نور الهُدَى
مَن للملائكِ ان ينالوا نَيلَكم
بل يُكبِرونَ حِباءَ محبوبٍ حَبا
رَبٌّ تُنعِّمُهُ بأَبناءِ الوَرَى
ان الشقاءَ لَمِن تنعمهُ ابى
طُوبَى لَمِن وافَى اليها مُسرِعًا
والويلُ للمرءِ الذي عنها وَنَى
ان العَشاءَ لمُستَعَدٌّ فاقبِلوا
واعشُوا إلى نار العَشا قبل العِشا
مَن كانَ ليسَ لهُ ثِيابُ العُرسِ لا
يقرُب فيَلبَسَ ثوبَ عارٍ يُزدَرَى
يا خاطئًا ومُدَنَّسًا لا تَقرُبَن
منهُ فهذا القربُ يُكسِبُكَ النَوَى
يا مَن تَقرَّبَ وَهوَ أَبعَدُ بالخَطا
مَه إِنَّ ذا التقريبَ من زَلَلِ الخُطَى
لا يقترب منهُ الغريبُ لِأَنَّهُ
خُبزُ البَنِينَ فَليسَ يُدفَعُ للسُوَى
لا تُلقِ جوهرةً لخِنزيرٍ ولا ال
أَقداسَ للكلب البذيِّ اخي البَذا
هذا غَناءُ الأَتقِياءِ وللسُوَى
جُوعٌ إلى أَبدِ الأَبيِدِ بلا انتِها
وكذاكَ نُورُ الأَتقِياءِ ودُونَهم
نارٌ عليهِم دُونَها نارُ الغَضَى
ولجَمرةٌ لَمَست بتلكَ الكلبتين
شِفاهَ آشعيا النبيِّ كما رَوَى
رَمزٌ على جسدِ المسيحِ لأَنَّهُ
جمرٌ يُنقِّي النفسَ بل يجلو الصَدا
فاعجَب لقابلهِ الهشيمِ لِأَنَّهُ
عُلَّيقةٌ لم يُفنِها حَرُّ اللَظَى
زُوفا الطَهارةِ تَنضِحُ الأَرواحَ من
وَضَرٍ وتُنقِيها كثلجٍ مُنتقَى
فتنظَّفوا يا قابليهِ لكونِهِ
سِيماهُ يَهوَى مَن بطُهرٍ قد سما
وتطهَّروا يا حامليهِ لِأَنَّهُ
عَرشُ الطَهارةِ ضِمنَهُ اللَهُ استوَى
دَنياكَ تَحمِلُها ثَلاثُ أصابعٍ
منهُ ويُحمَلُ بالاَكُفِّ ويُجتلَى
خُبزُ الوُجوهِ فما يَسُوغُ لِآكلٍ
إلَّا الذي بطَهارةٍ حَفِظَ الإِنا
تابوتُ قُدسِ اللَه حازَ بهِ اتِّحا
دًا جوهريًّا غيرَ مُنفَكّ العُرَى
وحِجابُ قُدس القُدس محتجبٌ بهِ ال
لاهوتُ حَجبًا فائقًا طَورَ النُهَى
بل هيكلُ اللاهوت حلَّ بِمِلئِهِ
فيهِ وكلّ كمالهِ شِبهَ النَدَى
مِرآةُ مجدِ الآبِ صُورةُ ذاتِهِ
وقُنُومِهِ وشُعاعهِ الباهي السَنَى
هَتَفَت لتَنشَقَّ الغُيومُ وتَمطُرَ ال
صِدِّيقَ أرواحٌ تَوَلَّاها الظَما
ودعا جميع الأَنبياءِ لربِّهم
مُتَوقِعينَ بكُلِّ دهرٍ أَن أَتَى
قد أَرسَلَ الحَمَلَ المُسلَّطَ في جميع
الأَرضِ مَن بيَدَيهِ قد دُفِعَ القَضا
حَمَلٌ لهُ حَمَلَ العَطايا والهَدا
يا سُجَّدًا فُرسٌ وعُربٌ مَع سَبا
قد جاءَ مكتوبًا عليهِ بفَخذِهِ
مَلِكُ المُلوكِ وربُّ أَربابِ الوَلا
هذا الأمينُ الصادقُ الحقُّ الذي
هو كِلمة الآب الوحيدُ المُجتَبى
خَشفُ الطَلا يَرعَى بسَوسَانِ النَقا
والزَنبَقُ الغَضُّ النقيُّ لهُ كَلا
وَعِلُ الرُبَى مَن ليسَ يَرتَعُ في الرُبَى
لكِن مَراتعُهُ الترائبُ والحَشَى
وحبيبُ أَنفُسِنا الذي بجَمالهِ
يَسبِي العُقولَ وكم فؤَادٍ قد سَبَى
يَرعَى بريَعِ مَريعِ أَنقاءِ الرُبَى
فرَعاك ربُّ العَرشِ من راعٍ رَعَى
أَهوَى الذي في حُسنهِ أَبهَى الورى
وتَلَذُّ لي فيهِ الصَبابةُ والهَوَى
صَبَتِ النفوسُ اليهِ حتى إِنَّها
خَلَعَت هياكلَها بجَرعاءِ الحِمَى
اصبو إذا هبَّت جَنُوبٌ او صَبًا
فمُذُ الصِبا قلبي بهِ صَبٌّ صَبا
فمنيَّتي فيهِ قُصارَى مُنيتي
إِن مُتُّ حُبًّا فيهِ بُلِّغتُ المُنَى
وودِدتُ آلامَ السُهادِ بهِ فقد
جافَت جُفوني طيبَ لَذَّات الكَرَى
يا لاحيًا فيهِ أَلَحَّ متيَّمًا
قُل يا لَحاكَ اللَهُ من لاحٍ لَحَى
سَل هل سلا قلبٌ سلاهُ بحُبِّهِ
أَنَّى السلوُّ ولو سلاهُ لَما سلا
فِردَوسُنا العقليُّ في أَفنانِهِ
أَزهَى فُنُونَ الفضلِ إِن فضلٌ زَها
والرَوضةُ الغَنَّاءُ إِنَّ ثِمارَها
نِعمَ الخلاصُ تَضمَّنَت خيرَ الجَنَى
ورِباطُ مرٍّ غيرُ مُرٍّ طَعمهُ
ووَثاقُ عهدٍ غيرُ مُنفصِمِ العُرَى
وادي السرورِ وروضةُ الأَفراح بل
هُوَ سَلوةُ الأَفراح في وادي البُكا
ما العُودُ إِن أَهدَى الشَذا وإِن شدا
بأَلَذَّ من أَنفاسِهِ كَلَّا ولا
يا سيِّدًا فاق الفَواقَ بحسنهِ
حتى استُمِيلت نحوَهُ كلُّ الدُمَى
ها أنتَ مَغناطيسُ أَنفُسِنا التي
تصبو إلى رُؤياكَ يا ذا المُشتهَى
تبغيكَ فاجذُبها وَراءَكَ تَسعَ في
نَفحات طيبِكَ حيث يَهديها الشَذا
أَسرَت فسُرَّت واستَسَرَّ سِرارُها
بسَرِيِّ سَرٍّ في سرائِرِها سَرَى
اذ كُنتَ انت لها سريرًا مُزهِرًا
لهُجودِها ليلًا إذا ليلٌ دَجا
رَقَدَت بفَرطِ الحُبِّ لكن أَنبأَت
بلِسانِ حالٍ عن نَباها ما نَبا
إنِّي لَنائمةٌ وقلبي ساهرٌ في
حُب مَن أَهوَى وطَرفي ما غَفا
فشِمالهُ من تحتِ راسي واليمينُ
عليَّ قد عُطِفَت فيا لكِ من يَدَى
لو أَن رأَى يعقوبُ حُسنَكَ لم يَهِم
بجَمال راحيلٍ ولا فيهِ اعتنَى
بل لو رَأى شَمشُون وجهَكَ ما ابتُلِي
في أَسرِ داليلا وأَبلاهُ العَمَى
من هَدمهِ بابَ المدينةِ كان رمزًا
للجَحِيمِ غَداةَ قُمتَ وقد خَلا
وقُواهُ في شَعَر بهامتِهِ عَنَي
لاهوتَ هامِكَ إذ بهِ حُزتَ القُوَى
فهَفَت لك الأَحلامُ وانشَدَهَت بك الأَفهامُ
من باهي نُعوتِكَ والكُنَى
ما يوسُفُ الحُسنِ البديعُ جَمالُهُ
بإِزاءِ حُسنِكَ غيرُ ليلٍ قد سَجا
فالبدرُ أَنتَ لك المَلائكُ هالةٌ
عَقَدَت عليكَ نِطاقُ سُجٍ بالرُنا
والشمسُ تلمعُ في سَماءِ نَقاوةٍ
زوت الطُفاوةَ عن سَناها فانجلَى
يا ثالثَ القَمَرَينِ بل يا مُبدِعَ ال
قَمَرَينِ مع ما لا نَراهُ وما نَرَى
بِكَ تُلجَمُ الشَهَواتُ عنك تُؤمَّلُ ال
بَرَكاتُ منكَ يُسَالُ خيرٌ يُشتَهى
بك تُبلَغُ الآمالُ عِندَكَ تُوضَعُ ال
أَحمالُ منكَ يَنالُ راجٍ ما ارتجَى
بك تُقدَعُ الأَهواءُ بُرؤُكَ يَحسِمُ ال
لأَواءَ فيك مَنالُ فضلٍ يُبتغَى
بك تُكشَف الغُمَّى ويَنزاحُ الأَذَى
بك تُملَكُ النُعمَى وتَنجابُ الدُجَى
بك تُطلَقُ الأَسرَى ويُكتَبُ عِتقُهُم
بِكَ تَرتَقِي الأَرواحُ في أَعلَى الذُرَى
لَكَ تَنحَنِي الأَعناقُ منك يؤَمَّلُ ال
إِعناقُ من سِجِّينِ خَصمٍ قد عَتا
لك تَعبُدُ الآفاقُ بل تَتَعبَّدُ ال
أَعماقُ كُلٌّ تحتَ رِفعتِكَ انحنَى
لك تخضعُ الأَفلاكُ صاغرةً ونَحوَكَ
تَسجُدُ الأَملاكُ أَسفَلَ والعُلَى
لك تَحمَدُ الأَكوانُ بل يعنو لكَ ال
مَلَوانِ مِمَّن شاءَ طوعًا أو أَبَى
بك تُغفَر الأَوزارُ فيك تُمحَّصُ ال
أَفكارُ أنتَ اللَهُ أَكرَمُ مَن عَفا
بك يُجتنى الإِحسانُ فيك يفوزُ بال
غُفرانِ جانٍ تائبٌ عمَّا جَنَى
يعنو لك الثَقَلانِ طُرًّا خُضَّعًا
ما منهمُ الَّا لِعزِّكَ قد عَنا
يا مشتهي آكامِكَ الأَبَديَّةِ ال
فادي يسوعُ المُبتغَى والمشتَهى
في موتك المُحيِي جَزَيتَ العدلَ عنَّا
جِزيةً عُظمَى تفوقُ على الجَزا
وشَرَيتَنا من لعنةِ الناموسِ في
دَمِكَ الكريمِ فكانَ بذلًا لا شِرا
مُوسى العظيمُ القاتلُ المصريَّ وال
مستنقِذُ العبريَّ منهُ وما اعتدَى
أَي إِبن آدمَ قاتلًا بصليبهِ ال
مِصريَّ إِبليسا واسراهُ استَبَى
لَكَ ينبغي التسبيجُ في صِهيَونَ
بِيعَتِكَ الَّتِي تَبغيكَ أَفضَلَ مُبتَغَى
لَكَ بِالوَفا تُوفَى النُذورُ بقُدس أو
رَشلِيمَ عِرسِكَ والوَفاءُ لَمِن وَفى
هَيَّأتَ لي بإِزاءِ أَوجُهِ مُحزِنيَّ
أَسَرَّ مائِدةٍ طَوايَ بها انطَوَى
جاءَتنيَ الخيراتُ قَاطِبةً بها
فسُررتُ في ما فيهِ فَقري قد سَرَى
وحَسِبتُ أَلوِيةَ الملوكِ بدُونِها
والجوهرَ المكنونَ في قِيَم البَرَى
اللَه يَرعاني فليسَ يعوزُني
شيءٌ سِواهُ وإنَّهُ حَسبي كَفَى
والمَلكُ أَدخَلَني خِزانةَ خمرهِ
وعليَّ رَتَّبَ حُبَّهُ دُونَ السُوَى
إنِّي ضعيفٌ في المحبَّة فاشدُدُو
ني بالزُهور بُحبِّ ذَيَّاكَ الفَتَى
لِلهِ كأسٌ أَسكَرَتني خمرُها
كالصِرفِ وامتَزَجَت بعقلي والقُوَى
أَفهذِهِ كأسُ الخَلاصِ نَعَم وها
إِنِّي لَأَقبَلُها قَبُولًا يُرتَضَى
ولقد سَمِعتُ بأُذنِ قلبي صوتَهُ
لانَت لهُ أَعضايَ لمَّا أَن شَدا
ضَعني بُنَيَّ على فؤَادِك مِختَمًا
وكخاتمٍ بيديك حتى المنتهى
0 تعليقات