لم أر عيرا جمة الدؤوب لـ أبي تمام

لَم أَرَ عيرًا جَمَّةَ الدُؤوبِ
تُواصِلُ التَهجيرَ بِالتَأويبِ

أَبعَدَ مِن أَينٍ وَمِن لَغوبِ
مِنها غَداةَ الشارِقِ المَهضوبِ

نَجائِبًا وَلَيسَ مِن نَجيبِ
شَبّابَةَ الأَعناقِ بِالعُجوبِ

كَاللَيلِ أَو كَاللوبِ أَو كَالنوبِ
مُنقادَةً لِعارِضٍ غِربيبِ

كَالشيعَةِ التَفَّت عَلى النَقيبِ
آخِذَةً بِطاعَةِ الجَنوبِ

ناقِضَةً لِمَرَرِ الخُطوبِ
تَكُفُّ غَربَ الزَمَنِ العَصيبِ

مَحّاءَةً لِلأَزمَةِ اللَزوبِ
مَحوَ استِلامِ الرُكنِ لِلذُنوبِ

لَمّا بَدَت لِلأَرضِ مِن قَريبِ
تَشَوَّفَت لِوَبلِها السَكوبِ

تَشَوُّفَ المَريضِ لِلطَبيبِ
وَطَرَبَ المُحِبِّ لِلحَبيبِ

وَفَرحَةَ الأَديبِ بِالأَديبِ
وَخَيَّمَت صادِقَةَ الشُؤبوبِ

فَقامَ فيها الرَعدُ كَالخَطيبِ
وَحَنَّتِ الريحُ حَنينَ النيبِ

وَالشَمسُ ذاتُ حاجِبٍ مَحجوبِ
قَد غَرَّبَت مِن غَيرِ ما غُروبِ

وَالأَرضُ في رِدائِها القَشيبِ
في زاهِرٍ مِن نَبتِها رَطيبِ

بَعدَ اشتِهابِ الثَلجِ وَالضَريبِ
كَالكَهلِ بَعدَ السِنّ وَالتَحنيبِ

تَبَدَّلَ الشَبابَ بِالمَشيبِ
كَم آنَسَت مِن جانِبٍ غَريبِ

وَفَتَّقَت مِن مِذنَبٍ يَعبوبِ
وَغَلَبَت مِن الثَرى المَغلوبِ

وَنَفَّسَت عَن بارِضٍ مَكروبِ
وَسَكَّنَت مِن نافِرِ الجَنوبِ

وَأَقنَعَت مِن بَلَدٍ رَغيبِ
يَحفَظُ عَهدَ الغَيثِ بِالمَغيبِ

لَذيذَةَ الريقِ مَعَ الصَبيبِ
كَأَنَّما تَهمي عَلى القُلوبِ

إرسال تعليق

0 تعليقات