عسى وطن يدنو بهم ولعلما لـ أبي تمام

عَسى وَطَنٌ يَدنو بِهِم وَلَعَلَّما
وَأَن تُعتِبَ الأَيّامُ فيهِم فَرُبَّما

لَهُم مَنزِلٌ قَد كانَ بِالبيضِ كَالمَها
فَصيحُ المَغاني ثُمَّ أَصبَحَ أَعجَما

وَرَدَّ عُيونَ الناظِرينَ مُهانَةً
وَقَد كانَ مِمّا يَرجِعُ الطَرفُ مُكرَما

تَبَدَّلَ غاشيهِ بِريمٍ مُسَلِّمٍ
تَرَدّى رِداءَ الحُسنِ طَيفًا مُسَلِّما

وَمِن وَشيِ خَدٍّ لَم يُنَمنَم فِرِندُهُ
مَعالِمَ يُذكِرنَ الكِتابَ المُنَمنَما

وَبِالحُليِّ إِن قامَت تَرَنَّمَ فَوقَها
حَمامًا إِذا لاقى حَمامًا تَرَنَّما

وَبِالخَدلَةِ الساقِ المُخَدَّمَةِ الشَوى
قَلائِصَ يَتبَعنَ العَبَنّى المُخَدَّما

سَوارٍ إِذا قاتَلنَ مُمتَنِعَ الفَلا
جَعَلنَ الشِعارَينِ الجَديلَ وَشَدقَما

إِلى حائِطِ الثَغرِ الَّذي يورِدُ القَنا
مِنَ الثُغرَةِ الرَيّا القَليبَ المُهَدَّما

بِسابِغِ مَعروفِ الأَميرِ مُحَمَّدٍ
حَدا هَجَماتِ المالِ مَن كانَ مُصرِما

وَحَطَّ النَدى في الصامِتِيّينَ رَحلَهُ
وَكانَ زَمانًا في عَدِيِّ بنِ أَخزَما

يَرى العَلقَمَ المَأدومَ بِالعِزِّ أَريَةً
يَمانِيَةً وَالأَريَ بِالضَيمِ عَلقَما

إِذا فَرَشوهُ النَصفَ ماتَت شَذاتُهُ
وَإِن رَتَعوا في ظُلمِهِ كانَ أَظلَما

لَقَد أَصبَحَ الثَغرانِ في الدينِ بَعدَما
رَأَوا سَرعانَ الذُلِّ فَذًّا وَتَوءَما

وَكُنتَ لِناشيهِم أَبًا وَلِكَهلِهِم
أَخًا وَلِذي التَقويسِ وَالكَبرَةِ ابنَما

وَمَن كانَ بِالبيضِ الكَواعِبِ مُغرَمًا
فَمازِلتَ بِالبيضِ القَواضِبِ مُغرَما

وَمَن تَيَّمَت سُمرُ الحِسانِ وَأُدمُها
فَمازِلتَ بِالسُمرِ العَوالي مُتَيَّما

جَدَعتَ لَهُم أَنفَ الضَلالِ بِوَقعَةٍ
تَخَرَّمتَ في غَمّائِها مَن تَخَرَّما

لَئِن كانَ أَمسى في عَقَرقُسَ أَجدَعا
لَمِن قَبلُ ما أَمسى بِمَيمَذَ أَخرَما

ثَلِمتَهُم بِالمَشرَفِيِّ وَقَلَّما
تَثَلَّمَ عِزُّ القَومِ إِلّا تَهَدَّما

قَطَعتَ بَنانَ الكُفرِ مِنهُم بِمَيمَذٍ
وَأَتبَعتَها بِالرومِ كَفًّا وَمِعصَما

وَكَم جَبَلٍ بِالبَذِّ مِنهُم هَدَدتَهُ
وَغاوٍ غَوى حَلَّمتَهُ لَو تَحَلَّما

وَمُقتَبَلٍ حَلَّت سُيوفُكَ رَأسَهُ
ثَغامًا وَلَولا وَقعُها كانَ عِظلِما

فَلَمّا أَبَت أَحكامَهُ الشَيبَةُ اغتَدى
قَناكَ لَمّا قَد ضَيَّعَ الشَيبُ مُحكَما

إِذا كُنتَ لِلأَلوى الأَصَمِّ مُقَوِّمًا
فَأَورِد وَريدَيهِ الأَصَمَّ المُقَوَّما

وَلَمّا التَقى البِشرانِ أَنقَعَ بِشرُنا
لِبِشرِهِم حَوضًا مِنَ الصَبرِ مُفعَما

وَساعَدَهُ تَحتَ البَياتِ فَوارِسٌ
تَخالُهُمُ في فَحمَةِ اللَيلِ أَنجُما

وَقَد نَثَرَتهُم رَوعَةٌ ثُمَّ أَحدَقوا
بِهِ مِثلَما أَلَّفتَ عِقدًا مُنَظَّما

بِسافِرِ حُرِّ الوَجهِ لَو رامَ سَوءَةً
لَكانَ بِجِلبابِ الدُجى مُتَلَثِّما

مَثَلتَ لَهُ تَحتَ الظَلامِ بِصورَةٍ
عَلى البُعدِ أَقنَتهُ الحَياءَ فَصَمَّما

كَيوسُفَ لَمّا أَن رَأى أَمرَ رَبِّهِ
وَقَد هَمَّ أَن يَعرَورِيَ الذَنبَ أَحجَما

وَقَد قالَ إِمّا أَن أُغادَرَ بَعدَها
عَظيمًا وَإِمّا أَن أُغادَرَ أَعظُما

وَنِعمَ الصَريخُ المُستَجاشُ مُحَمَّدٌ
إِذا حَنَّ نَوءٌ لِلمَنايا وَأَرزَما

أَشاحَ بِفِتيانِ الصَباحِ فَأَكرَهوا
صُدورَ القَنا الخَطِّيِّ حَتّى تَحَطَّما

هُوَ افتَرَعَ الفَتحَ الَّذي سارَ مُعرِقًا
وَأَنجَدَ في عُلوِ البِلادِ وَأَتهَما

لَهُ وَقعَةٌ كانَت سَدىً فَأَنَرتَها
بِأُخرى وَخَيرُ النَصرِ ما كانَ مُلحَما

هُما طَرَفا الدَهرِ الَّذي كانَ عَهدُنا
بِأَوَّلِهِ غُفلًا فَقَد صارَ مُعلَما

لَقَد أَذكَرانا بَأسَ عَمرٍو وَمُسهَرٍ
وَما كانَ مِن إِسفِندِياذَ وَرُستَما

رَأى الرومُ صُبحًا أَنَّها هِيَ إِذ رَأَوا
غَداةَ التَقى الزَحفانِ أَنَّهُما هُما

هِزبَرا غَريفٍ شَدَّ مِن أَبهَرَيهِما
وَمَتنَيهِما قُربُ المُزَعفَرِ مِنهُما

فَأُعطيتَ يَومًا لَو تَمَنَّيتَ مِثلَهُ
لَأَعجَزَ رَيعانَ المُنى وَالتَوَهُّما

لَحِقتَهُما في ساعَةٍ لَو تَأَخَّرَت
لَقَد زَجَرَ الإِسلامُ طائِرَ أَشأَما

فَلَو صَحَّ قَولُ الجَعفَرِيَّةِ في الَّذي
تَنُصُّ مِنَ الإِلهامِ خِلناكَ مُلهَما

فَإِن يَكُ نَصرانِيًّا النَهرُ آلِسٌ
فَقَد وَجَدوا وادي عَقَرقُسَ مُسلِما

بِهِ سُبِتوا في السَبتِ بِالبيضِ وَالقَنا
سُباتًا ثَوَوا مِنهُ إِلى الحَشرِ نُوَّما

فَلَو لَم يُقَصِّر بِالعَروبَةِ لَم يَزَل
لَنا عُمُرَ الأَيّامِ عيدًا وَمَوسِما

وَما ذَكَرَ الدَهرُ العَبوسُ بِأَنَّهُ
لَهُ ابنٌ كَيَومِ السَبتِ إِلّا تَبَسَّما

وَلَم يَبقَ في أَرضِ البَقَلّارَ طائِرٌ
وَلا سَبعٌ إِلّا وَقَد باتَ مولِما

وَلا رَفَعوا في ذَلِكَ اليَومِ إِثلِبًا
وَلا حَجَرًا إِلّا وَرَأَوا تَحتَهُ دَما

رُموا بِابنِ حَربٍ سَلَّ فيهِم سُيوفَهُ
فَكانَت لَنا عُرسًا وَلِلشِركِ مَأتَما

أَفَظُّ بَني حَوّاءَ قَلبًا عَلَيهِمُ
وَلَم يَقسُ مِنهُ القَلبُ إِلّا لِيُرحَما

إِذا أَجرَموا قَنّا القَنا مِن دِمائِهِم
وَإِن لَم يَجِد جُرمًا عَلَيهِم تَجَرَّما

هُوَ اللَيثُ لَيثُ الغابِ بَأسًا وَنَجدَةً
وَإِن كانَ أَحيا مِنهُ وَجهًا وَأَكرَما

أَشَدُّ ازدِلافًا بَينَ دِرعَينِ مُقبِلًا
وَأَحسَنُ وَجهًا بَينَ بُردَينِ مُحرِما

جَديرٌ إِذا ما الخَطبُ طالَ فَلَم تُنَل
ذُؤابَتُهُ أَن يَجعَلَ السَيفَ سُلَّما

كَريمٌ إِذا زُرناهُ لَم يَقتَصِر بِنا
عَلى الكَرَمِ المَولودِ أَو يَتَكَرَّما

تَجَشَّمَ حَملَ الفادِحاتِ وَقَلَّما
أُقيمَت صُدورُ المَجدِ إِلّا تَجَشُّما

وَكُنتُ أَخا الإِعدامِ لَسنا لِعِلَّةٍ
فَكَم بِكَ بَعدَ العُدمِ أَغنَيتُ مُعدِما

وَإِذ أَنا مَمنونٌ عَلَيَّ وَمُنعَمٌ
فَأَصبَحتُ مِن خَضراءِ نُعماكَ مُنعِما

وَمَن خَدَمَ الأَقوامَ يَرجو نَوالَهُم
فَإِنّي لَم أَخدِمكَ إِلّا لِأُخدَما

إرسال تعليق

0 تعليقات