إن عهدا لو تعلمان ذميما لـ أبي تمام

إِنَّ عَهدًا لَو تَعلَمانِ ذَميما
أَن تَناما عَن لَيلَتي أَو تُنيما

كُنتُ أَرعى البُدورَ حَتّى إِذا ما
فارَقوني أَمسَيتُ أَرعى النُجوما

قَد مَرَرنا بِالدارِ وَهيَ خَلاءٌ
وَبَكَينا طُلولَها وَالرُسوما

وَسَأَلنا رُبوعَها فَانصَرَفنا
بِسَقامٍ وَما سَأَلنا حَكيما

أَصبَحَت رَوضَةُ الشَبابِ هَشيمًا
وَغَدَت ريحُهُ البَليلُ سَموما

شُعلَةٌ في المَفارِقِ استَودَعَتني
في صَميمِ الفُؤادِ ثُكلًا صَميما

تَستَثيرُ الهُمومُ ما اكتَنَّ مِنها
صُعُدًا وَهيَ تَستَثيرُ الهُموما

غُرَّةٌ بُهمَةٌ أَلا إِنَّما كُن
تُ أَغَرًّا أَيّامَ كُنتُ بَهيما

دِقَّةٌ في الحَياةِ تُدعى جَلالًا
مِثلَما سُمِّيَ اللَديغُ سَليما

حَلَّمَتني زَعَمتُم وَأَراني
قَبلَ هَذا التَحليمِ كُنتُ حَليما

مَن رَأى بارِقًا سَرى صامِتِيًّا
جادَ نَجدًا سُهولَها وَالحُزوما

يوسُفِيًّا مُحَمَّدِيًّا حَفِيًّا
بِذَليلِ الثَرى رَؤوفًا رَحيما

فَسَقى طَيِّئًا وَكَلبًا وَدودا
نَ وَقَيسًا وَوائِلًا وَتَميما

لَن يَنالَ العُلى خُصوصًا مِنَ الفِت
يانِ مَن لَم يَكُن نَداهُ عُموما

نَشَأَت مِن يَمينِهِ نَفَحاتٌ
ما عَلَيها أَلّا تَكونَ غُيوما

أَلبَسَت نَجدًا الصَنائِعَ لا شي
حًا وَلا جَنبَةً وَلا قَيصوما

كَرُمَت راحَتاهُ في أَزَماتٍ
كانَ صَوبُ الغَمامِ فيها لَئيما

لا رُزَيناهُ ما أَلَذَّ إِذا هُزَّ
وَأَندى كَفًّا وَأَكرَمَ خيما

وَجَّهَ العيسَ وَهيَ عيسٌ إِلى اللَ
هِ فَآلَت مِثلَ القِسِيِّ حَطيم

وَأَحَقُّ الأَقوامِ أَن يَقضِيَ الدَي
نَ ثُمَّ لَمّا عَلاهُ صارَ أَديما

لَم يُحَدِّث نَفسًا بِمَكَّةَ حَتّى
جازَتِ الكَهفَ خَيلُهُ وَالرَقيما

حَرَمُ الدينِ زارَهُ بَعدَ أَن لَم
يُبقِ لِلكُفرِ وَالضَلالِ حَريما

حينَ عَفّى مَقامَ إِبليسَ سامَي
بِالمَطايا مَقامَ إِبراهيما

حَطَمَ الشِركَ حَطمَةً ذَكَّرَتهُ
في دُجى اللَيلِ زَمزَمًا وَالحَطيما

فاضَ فَيضَ الأَتِيِّ حَتّى غَدا المَو
سِمُ مِن فَضلِ سَيبِهِ مَوسوما

قَد بَلَونا أَبا سَعيدٍ حَديثًا
وَبَلَونا أَبا سَعيدٍ قَديما

وَوَرَدناهُ ساحِلًا وَقَليبًا
وَرَعَيناهُ بارِضًا وَجَميما

فَعَلِمنا أَن لَيسَ إِلّا بِشِقِّ الن
نَفسِ صارَ الكَريمُ يُدعى كَريما

طَلَبُ المَجدِ يورِثُ المَرءَ خَبلًا
وَهُمومًا تُقَضقِضُ الحَيزوما

فَتَراهُ وَهوَ الخَلِيُّ شَجِيًّا
وَتَراهُ وَهوَ الصَحيحُ سَقيما

تَجِدُ المَجدَ في البَرِيَّةِ مَنثو
رًا وَتَلقاهُ عِندَهُ مَنظوما

تَيَّمَتهُ العُلى فَلَيسَ يَعُدُّ ال
بُؤسَ بُؤسًا وَلا النَعيمَ نَعيما

وَتُؤامُ النَدى يُري الكَرَمَ الفا
رِدَ في أَكثَرِ المَواطِنِ لوما

كُلَّما زُرتُهُ وَجَدتُ لَدَيهِ
نَسَبًا ظاعِنًا وَمَجدًا مُقيما

أَجدَرُ الناسِ أَن يُرى وَهوَ مَغبو
نٌ وَهَيهاتَ أَن يُرى مَظلوما

كُلُّ حالٍ تَلقاهُ فيها وَلَكِن
لَيسَ يُلقى في حالَةٍ مَذموما

وَإِذا كانَ عارِضُ المَوتِ سَحًّا
خَضِلًا بِالرَدى أَجَشَّ هَزيما

في ضِرامٍ مِنَ الوَغى وَاشتِعالٍ
تَحسَبُ الجَوَّ مِنهُما مَهموما

وَاكتَسَت ضُمَّرُ الجِيادِ المَذاكي
مِن لِباسِ الهَيجا دَمًا وَحَميما

في مَكَرٍّ تَلوكُها الحَربُ فيهِ
وَهيَ مُقَوَّرَةٌ تَلوكُ الشَكيما

قُمتَ فيها بِحُجَّةِ اللَهِ لَمّا
أَن جَعَلتَ السُيوفَ عَنكَ خُصوما

فَتَحَ اللَهُ في اللِواءَ لَكَ الخا
فِقِ يَومَ الإِثنَينِ فَتحًا عَظيما

حَوَّمَتهُ ريحُ الجَنوبِ وَلَن يُح
مَدَ صَيدُ الشاهينَ حَتّى يَحوما

في عَذاةٍ مَهضوبَةٍ كانَ فيها
ناضِرُ الرَوضِ لِلسَحابِ نَديما

لُيِّنَت مُزنُها فَكانَت رِهامًا
وَسَجَت ريحُها فَكانَت نَسيما

نِعمَةُ اللَهِ فيكَ لا أَسأَلُ اللَ
هَ إِلَيها نُعمى سِوى أَن تَدوما

وَلَو أَنّي فَعَلتُ كُنتُ كَمَن يَس
أَلُهُ وَهوَ قائِمٌ أَن يَقوما

إرسال تعليق

0 تعليقات