أعيدي النوح معولة أعيدي لـ أبي تمام

أَعيدي النَوحَ مُعوِلَةً أَعيدي
وَزيدي مِن بُكائِكِ ثُمَّ زيدي

وَقومي حاسِرًا في حاسِراتٍ
خَوامِشَ لِلنُحورِ وَلِلخُدودِ

هُوَ الخَطبُ الَّذي ابتَدَعَ الرَزايا
وَقالَ لِأَعيُنِ الثَقَلَينِ جودي

أَلا رُزِئَت خُراسانَ فَتاها
غَداةَ ثَوى عُمَيرُ بنُ الوَليدِ

أَلا رُزِئتَ بِمَسؤولٍ مُنيلٍ
أَلا رُزِئتَ بِمِتلافٍ مُفيدِ

أَلا إِنَّ النَدى وَالجودَ حَلّا
بِحَيثُ حَلَلتَ مِن حُفَرِ الصَعيدِ

بِنَفسي أَنتَ مِن مَلِكٍ رَمَتهُ
مَنِيَّتُهُ بِسَهمِ رَدىً سَديدِ

تَجَلَّت غَمرَةُ الهَيجاءِ عَنهُ
خَضيبَ الوَجهِ مِن دَمِهِ الجَسيدِ

فَيا بَحرَ المَنونِ ذَهَبتَ مِنهُ
بِبَحرِ الجودِ في السَنَةِ الصَلودِ

وَيا أَسَدَ المَنونِ فَرستَ مِنهُ
غَداةَ فَرَستَهُ أَسَدَ الأُسودِ

أَبِالبَطَلِ النَجيدِ فَرَستَ مِنهُ
نَعَم وَبِقاتِلِ البَطَلِ النَجيدِ

تَراءى لِلطِعانِ وَقَد تَراءَت
وُجوهُ المَوتِ مِن حُمرٍ وَسودِ

فَلَم يَكُنِ المُقَنَّعَ فيهِ رَأسًا
خَلا أَن قَد تَقَنَّعَ بِالحَديدِ

فَيا لَكَ وَقعَةً جَلَلًا أَعارَت
أَسىً وَصَبابَةً جَلَدَ الجَليدِ

وَيا لَكَ ساحَةً أَهدَت غَليلًا
إِلى أَكبادِنا أَبَدَ الأَبيدِ

وَإِنَّ أَميرَنا لَم يَألُ نُصحًا
وَعَدلًا في الرَعايا وَالجُنودِ

أَفاضَ نَوالُ راحَتِهِ لَدَيهِم
وَسامَحَ بِالطَريفِ وَبِالتَليدِ

وَأَصحَرَ دونَهُم لِلمَوتِ حَتّى
سَقاهُ المَوتُ مِن مَقِرٍ هَبيدِ

وَما ظَفِروا بِهِ حَتّى قَراهُم
قَشاعِمَ أَنسُرٍ وَضِباعَ بيدِ

بِطَعنٍ في نُحورِهِمُ مَريدٌ
وَضَربٍ في رُؤوسِهِمُ عَنيدِ

فَيا يَومَ الثُلاثاءِ اصطَبَحنا
غَداةً مِنكَ هائِلَةَ الوُرودِ

وَيا يَومَ الثُلاثاءِ اعتُمِدنا
بِفَقدٍ فيكَ لِلسَنَدِ العَميدِ

فَكَم أَسخَنتَ مِنّا مِن عُيونٍ
وَكَم أَعثَرتَ فينا مِن جُدودِ

فَما زُجِرَت طُيورُكَ عَن سَنيحٍ
وَلا طَلَعَت نُجومُكَ بِالسُعودِ

أَلا يا أَيُّها المَلِكُ المُرَدّى
رِداءَ المَوتِ في جَدَثٍ خَديدِ

حَضَرتُ فَناءَ بابِكَ فَاعتَراني
شَجىً بَينَ المُخَنَّقِ وَالوَريدِ

رَأَيتُ بِهِ مَطايا مُهمَلاتٍ
وَأَفراسًا صَوافِنَ بِالوَصيدِ

وَكُنَّ عَتادَ إِمّا فَكِّ عانٍ
وَإِمّا قَتلِ طاغِيَةٍ عَنودِ

رَأَيتُ مُؤمِليكَ غَدَت عَلَيهِم
عَوادٍ أَصعَدَتهُم في كُؤودِ

وَأَضحَت عِندَ غَيرِكَ في هُبوطٍ
حُظوظٌ كُنَّ عِندَكَ في صُعودِ

وَكُلُّهُمُ أَعَدَّ اليَأسَ وَقفًا
عَلَيكَ وَنَصَّ راحِلَةَ القُعودِ

وَأَصبَحَتِ الوُفودُ إِلَيكَ وَقفًا
عَلى أَلّا مُفادَ لِمُستَفيدِ

لَقَد سَخَنَت عُيونُ الجودِ لَمّا
نَوَيتَ وَأُقصِدَت غُرَرُ القَصيدِ

إرسال تعليق

0 تعليقات