سلم على الربع من سلمى بذي سلم لـ أبي تمام

سَلِّم عَلى الرَبعِ مِن سَلمى بِذي سَلَمِ
عَلَيهِ وَسمٌ مِنَ الأَيّامِ وَالقِدَمِ

ما دامَ عَيشٌ لَبِسناهُ بِساكِنِهِ
لَدنًا وَلَو أَنَّ عَيشًا دامَ لَم يَدُمِ

يا مَنزِلًا أَعنَقَت فيهِ الجَنوبُ عَلى
رَسمٍ مُحيلٍ وَشِعبٍ غَيرِ مُلتَئِمِ

هَرِمتَ بَعدِيَ وَالرَبعُ الَّذي أَفَلَت
مِنهُ بُدورُكَ مَعذورٌ عَلى الهَرَمِ

عَهدي بِمَغناكَ حُسّانَ المَعالِمِ مِن
حُسّانَةِ الوَردِ وَالبَردِيِّ وَالعَنَمِ

بَيضاءُ كانَ لَها مِن غَيرِنا حَرَمٌ
فَلَم نَكُن نَستَحِلُّ الصَيدَ في الحَرَمِ

كانَت لَنا صَنَمًا نَحنو عَلَيهِ وَلَم
نَسجُد كَما سَجَدَ الأَفشينُ لِلصَنَمِ

زارَ الخَيالُ لَها لا بَل أَزارَكَهُ
فِكرٌ إِذا نامَ فِكرُ الخَلقِ لَم يَنَمِ

ظَبيٌ تَقَنَّصتُهُ لَمّا نَصَبتُ لَهُ
في آخِرِ اللَيلِ أَشراكًا مِنَ الحُلُمِ

ثُمَّ اغتَدى وَبِنا مِن ذِكرِهِ سَقَمٌ
باقٍ وَإِن كانَ مَشغولًا عَنِ السَقَمِ

اليَومَ يُسليكَ عَن طَيفٍ أَلَمَّ وَعَن
بِلى الرُسومِ بَلاءُ الأَينُقِ الرَسُمِ

مِنَ القِلاصِ اللَواتي في حَقائِبِها
بِضاعَةٌ غَيرُ مُزجاةٍ مِنَ الكَلِمِ

إِذا بَلغنَ أَبا كُلثومٍ اتَّصَلَت
تِلكَ المُنى وَأَخَذنَ الحاجَ مِن أَمَمِ

بَنى بِهِ اللَهُ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ
لِوائِلِ سورَ عِزٍّ غَيرَ مُنهَدِمِ

رَأَتهُ في المَهدِ عَتّابٌ فَقالَ لَها
ذَوو الفِراسَةِ هَذا صَفوَةُ الكَرَمِ

خُذوا هَنيئًا مَريئًا يا بَني جُشَمٍ
مِنهُ أَمانَينِ مِن خَوفٍ وَمِن عَدَمِ

فَجاءَ وَالنَسَبُ الوَضّاحُ جاءَ بِهِ
كَأَنَّهُ بُهمَةٌ فيهِم مِنَ البُهَمِ

طِعانُ عَمرِو كُلثومٍ وَنائِلُهُ
حَذوَ السُيورِ الَّتي قُدَّت مِنَ الأَدَمِ

لَو كانَ يَملِكُ عَمرٌو مِثلَهُ شَبَهًا
مِن صُلبِهِ لَم يَجِد لِلمَوتِ مِن أَلَمِ

بَنانُهُ خُلُجٌ تَجري وَغَيرَتُهُ
سِترٌ مِنَ اللَهِ مَمدودٌ عَلى الحُرَمِ

نالَ الجَزيرَةَ إِمحالٌ فَقُلتُ لَهُم
شيموا نَداهُ إِذا ما البَرقُ لَم يُشَمِ

فَما الرَبيعُ عَلى أُنسِ البِلادِ بِهِ
أَشَدَّ خُضرَةَ عودٍ مِنهُ في القُحَمِ

وَلا أَرى ديمَةً أَمحى لِمَسغَبَةٍ
مِنهُ عَلى أَنَّ ذِكرًا طارَ لِلدِيَمِ

لِتَغلِبٍ سُؤدَدٌ طابَت مَنابِتُهُ
في مُنتَهى قُلَلٍ وَمِنها وَفي قِمَمِ

مَجدٌ رَعى تَلَعاتِ الدَهرِ وَهوَ فَتىً
حَتّى غَدا الدَهرُ يَمشي مِشيَةَ الهَرِمِ

بَناهُ جودٌ وَبَأسٌ صادِقٌ وَمَتى
تُبنَ العُلى بِسِوى هَذَينِ تَنهَدِمِ

وَقفٌ عَلى آلِ سَعدٍ إِنَّ أَيدِيَهُم
سَمٌّ لِمُستَكبِرٍ شُهدٌ لِمُؤتَدِمِ

لا جارُهُم لِلرَزايا في جِوارِهِم
وَلا عُهودُهُمُ مَذمومَةَ الذِمَمِ

أَصفَوا مُلوكَ بَني العَبّاسِ كُلَّهُمُ
ذَخيرَةً ذَخَروها عَن بَني الحَكَمِ

مَهلًا بَني مالِكٍ لا تَجلُبُنَّ إِلى
حَيِّ الأَراقِمِ دُؤلولَ ابنَةِ الرَقِمِ

فَأَيُّ حِقدٍ أَثَرتُم مِن مَكامِنِهِ
وَأَيُّ عَوصاءَ جَشَّمتُم بَني جُشَمِ

لَم يَألُكُم مالِكٌ صَفحًا وَمَغفِرَةً
لَو كانَ يَنفُخُ قَينُ الحَيِّ في فَحَمِ

لا بِالمُعاوِدِ وَلغًا في دِمائِكُمُ
وَلا إِلى لَحمِ خَلقٍ مِنكُمُ قَرِمِ

أَخرَجتُموهُ بِكُرهٍ مِن شَجِيَّتِهِ
وَالنارُ قَد تُنتَضى مِن ناضِرِ السَلَمِ

أَوطَأتُموهُ عَلى جَمرِ العُقوقِ وَلَو
لَم يُحرَجِ اللَيثُ لَم يَبرَح مِنَ الأَجَمِ

قُذِعتُمُ فَمَشَيتُم مَشيَةً أُمَمًا
كَذاكَ يَحسُنُ مَشيُ الخَيلِ في اللُجُمِ

إِذ لا مُعَوَّلَ إِلّا كُلُّ مُعتَدِلٍ
أَصَمَّ يُبرِئُ أَقوامًا مِنَ الصَمَمِ

مِنَ الرُدَينِيَّةِ اللاتي إِذا عَسَلَت
تُشِمُّ بَوَّ صَغارِ الأَنفِ ذا الشَمَمِ

إِن أَجرَمَت لَم تَنَصَّل مِن جَرائِمِها
وَإِن أَساءَت إِلى الأَقوامِ لَم تُلَمِ

كانَ الزَمانُ بِكُم كَلبًا فَغادَرَكُم
بِالسَيفِ وَالدَهرُ فيكُم أَشهُرُ الحُرُمِ

أَمِن عَمىً نَزَلَ الناسُ الرُبا فَنَجَوا
وَأَنتُم نَصبُ سَيلِ الفِتنَةِ العَرِمِ

أَم ذاكَ مِن هِمَمٍ جاشَت فَكَم ضَعَةٍ
أَدّى إِلَيها عُلُوُّ القَومِ في الهِمَمِ

تَنبونَ عَنهُ وَتُعطَونَ القِيادَ إِذا
كَلبٌ عَوى وَسطَكُم مِن أَكلُبِ العَجَمِ

قَدِ انثَنى بِالمَنايا في أَسِنَّتِهِ
وَقَد أَقامَ حَياراكُم عَلى اللَقَمِ

جَذلانَ مِن ظَفَرٍ حَرّانَ إِن رَجَعَت
مَخضوبَةً مِنكُم أَظفارُهُ بِدَمِ

دينٌ يُكَفكِفُ مِنهُ كُلَّ بائِقَةٍ
وَرَحمَةٌ رَفرَفَت مِنهُ عَلى الرَحِمِ

لَولا مُناشَدَةُ القُربى لَغادَرَكُم
حَصائِدَ المُرهَفَينِ السَيفِ وَالقَلَمِ

لَأَصبَحَت كَالأَثافي السُفعِ أَوجُهُكُم
سودًا مِنَ العارِ لا سودًا مِنَ الحُمَمِ

لا تَجعَلوا البَغيَ ظَهرًا إِنَّهُ جَمَلٌ
مِنَ القَطيعَةِ يَرعى وادِيَ النِقَمِ

نَظَرتُ في السِيَرِ الأولى خَلَت فَإِذا
أَيّامُهُ أَكَلَت باكورَةَ الأُمَمِ

أَفنى جَديسًا وَطَمسًا كُلَّها وَسَطا
بِأَنجُمِ الدَهرِ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ

أَردى كُلَيبًا وَهَمّامًا وَهاجَ بِهِ
يَومُ الذَنائِبِ وَالتَحلاقِ لِلِمَمِ

سَقى شُرَحبيلَ مِن سَمِّ الذُعافِ عَلى
أَيديكُمُ غَيرَ رِعديدٍ وَلا بَرِمِ

بَزَّ التَحِيَّةَ مِن لَخمٍ فَلا مَلِكٌ
مُتَوَّجٌ في عَماماتٍ وَلا عَمَمِ

يا عَثرَةً ما وُقيتُم شَرَّ مَصرَعِها
وَذَلَّةُ الرَأيِ تُنسي ذَلَّةَ القَدَمِ

حينَ استَوى المُلكُ وَاتَّزَت مَضارِبُهُ
في دَولَةِ الأُسدِ لا في دَولَةِ الخَدَمِ

طائِيَّةٌ لا أَبوها كانَ مُهتَضِما
وَلا مَضى بَعلُها لَحمًا عَلى وَضَمِ

لا توقِظوا الشَرَّ مِن قَومٍ فَقَد غَنِيَت
دِيارُكُم وَهيَ تُدعى مَوطِنَ النِعَمِ

هَذا ابنُ خالِكُمُ يُهدي نَصيحَتَهُ
مَن يُتَّهَم فَهوَ فيكُم غَيرُ مُتَّهَمِ

إرسال تعليق

0 تعليقات