قليل إلى غير اكتساب العلى نهضي لـ صفي الدين الحلي

قَليلٌ إِلى غَيرِ اكتِسابِ العُلى نَهضي
وَمُستَبعَدٌ في غَيرِ ذَيلِ التُقى رَكضي

فَكَيفَ وَلي عَزمٌ إِذا ما امتَطَيتُه
تَيَقَّنتُ أَنَّ الأَرضَ أَجمَعَ في قَبضي

وَمالِيَ لا أَغشى الجِبالَ بِمِثلِها
مِنَ العَزمِ وَالأَنضاءِ في وَعرِها أُنضي

عَلى أَنَّ لي عَزمًا إِذا رُمتُ مَطلَبًا
رَأَيتُ السَما أَدنى إِلَيَّ مِنَ الأَرضِ

أَبَت هِمَّتي لي أَن أَذُلَّ لَنا كِثٍ
عَرى العَهدِ أَو أَرضى مِن الوِرد بِالبَرضِ

وَأُصبِحُ في قَيدِ الهَوانِ مُكَبَّلًا
لَدى عُصبَةٍ تُدمي الأَنامِلَ بِالعَضِّ

وَلَكِنَّني أَرضى المَنونَ وَلَم أَكُن
أَغُضُّ عَلى وَقعِ المَذَلَّةِ أَو أُغضي

أَقي النَفسَ بِالأَموالِ حَيثُ إِذا وَقَت
كُنوزُ اللُهى نَفسي وَقيتُ بِها عِرضي

وَلا أَختَشي إِن مَسَّني وَقعُ حادِثٍ
فَتِلكَ يَدٌ جَسَّ الزَمانُ بِها نَبضي

فَواعَجَبا يَسعى إِلى مِنَنِ العِدى
لِيُدرِكَ كُلّي مَن يُقَصِّرُ عَن بَعضي

وَيَقصِدُني مَن لَو تَمَثَّلَ شَخصُهُ
بِعَينِ قَذىً ما عاقَ جَفني عَنِ الغَمض

نَصَبتُ لَهُم صَدرَ الجَوادِ مُحارِبًا
لِأَرفَعَ ذِكري عِندَما طَلَبوا خَفضي

إِذا ما تَقَلَّدتُ الحُسامَ لِغارَةٍ
وَلَم تُرضِهِ يَومَ الوَغى فَلِمَن تُرضي

سَأَلبَسُ جِلبابَ الظَلامِ مُنَكِّبًا
مَرابِضَ أَرضٍ طالَ في غابِها رَبضي

فَإِن أَحيَ أَدرَكتُ المُرامَ وَإِن أَمُت
فَلِلَّهِ ميراثُ السَمَواتِ وَالأَرضِ

صَبِرنا عَليهِم وَاقتَضَبنا بِثارِنا
وَنَصبِرُ أَيضًا لِلجَميعِ وَنَستَقضي

غَزاهُم لِساني بَعدَ غَزوِ يَدي لَهُم
فَلا عَجَبٌ أَن يَستَمِروا عَلى بُغضي

فَإِن أَمِنوا كَفّي فَما أَمِنوا فَمي
وَإِن ثَلِموا حَدّي فَما ثَلِموا عِرضي

وَإِن قَصَّروا عَن طولِ طَولِهِمُ يَدي
فَما أَمِنوا في عَرضِ عِرضِهِمُ رَكضي

تَقولُ رِجالي حينَ أَصبَحتُ ناجِيًا
سَليمًا وَصَحبي في إِسارٍ وَفي قَبضِ

حَمِدتُ إِلَهي بَعدَ عُروَةَ إِذ نَجا
خَراشٌ وَبَعضُ الشَرِّ أَهوَنُ مِن بَعضِ

وَأَصبَحتُ في مُلكٍ مُفاضٍ وَنِعمَةٍ
مَنيعًا وَطَرفُ الدَهرِ عَنِّيَ في غَضِّ

لَدى مَلِكٍ فاقَ المُلوكَ بِفَضلِهِ
وَطالَهُمُ طَولَ السَماءِ عَلى الأَرضِ

هُوَ المَلِكُ المَنصورُ غازي ابنُ أُرتُقٍ
أَخو النائِلِ الفَيّاضِ وَالكَرَمِ المَحضِ

مَليكٌ يَرى كَسبَ النُضارِ نَوافِلًا
بِعَينٍ تَرى بَذلَ الهِباتِ مِنَ الفَرضِ

حَباني بِما لَم يوفِ جُهدي بِشُكرِهِ
وَأَنجَدَني وَالدَهرُ يَجهَدُ في رَفضي

فَبُعدًا لِأَمنٍ صَدَّني عَن جِنابِهِ
وَيا حَبَّذا خَوفٌ إِلى قَصدِهِ يُفضي

إرسال تعليق

0 تعليقات