لصومك شهر الصوم يكسى من الفجر
ملابس لم تخلع على ليلة القدر
يفضل يوم واحد لك صمته
على الف عام للبرية لا شهر
تفرغ شهر الصوم يجهد نفسه
على حفظ ما تملى عليه من البر
فما استوعبت حفظا أياديك صحفه
أياديك لا تحصى بعد ولا حصر
توخيت فيه فعل كل مثوبة
فراح بما أودعته مثقل الظهر
وكنت له شغلا عن الخق شاغلا
فما خط في أعمال غيرك من سطر
ولا غرو أن يليه شأنك عنهم
فقد شغل الشيء الكثير عن النزر
لئن ضاع سعي الخلق في جنب سعيه
كما ضاع في بحر رذاذ من القطر
فقد قبل الله الجميع لأجله
وحط من الخلق العظيم من الوزر
شغلت بتقوى الله نفسا زكية
تحن سجاياها إلى الحمد والأجر
وقدمت خيرًا لا تقدم مثله
وقابلت فضل الله بالحمد والشكر
وما استولت الدنيا عليك وقد حوت
يمينك ما فيها من النفع والضر
فلليك حي بالصلاة وبالدعا
وكثرة ما يتلى عليك من الذكر
وصبحك في صوم وعلم وطاعة
وذلك عند الله من أعظم الأجر
وحلقة علم يسقط الطير فوقها
منزهة الأرجا عن اللغو والهجر
بها ظل أهل العلم حولك عكفا
كما عكفت زهر النجوم على البدر
وما بك من حاج اليهم وكم بهم
هنالك من حاج إليك ومن فقر
أتوك بعلم أنت اعلمهم به
وأدرى بما فيه من الخير والشر
فكانوا وهم حوليك مقدار نعمة
من الله جلت أن تقابل بالكفر
إذا نظر الإِنسان من هو دونه
درى ما لفضل الله فيه من القدر
ولو توزن الدنيا جميعا وأهلها
بظفرك ما وافوا قلامًا من الظفر
فأنت لرب العرش فينا خليفة
وجودك فينا كالحليفة للقطر
جزيت جزاء المحسنين عن الورى
واأت بهم أحفى من الوالد البر
إذا أحسنوا احسنت فيهم ومن أسى
جررت عليه ذيلي العفو والستر
ومن كان إسمعيل مالك أمره
فقد بات معه في أمان من الدهر
فتى لا يبالي حين يبعث عزمه
أفي تلف الأعدا أغار أم الوفر
سجية نفس ما مشت مشى ريبة
ولا خلطت في سعيها العرف بالنكر
إذا ما اجتلينا من محياه طلعة
رأينا مياه الجود في وجهه تجرى
فقد أضحت الآمال تلقاء بابه
كراديس من شفع معد ومن وتر
فمن كان منهم آملًا قدر همه
فهمي عل مقدار جودك لا قدرى
0 تعليقات