سلوا بعد تسآل الورى عنكم عني لـ صفي الدين الحلي

سَلوا بَعدَ تَسآلِ الوَرى عَنكُمُ عَنّي
فَقَد شاهَدوا ما لَم يَرَوا مِنكُمُ مِنّي

رَأوني أُراعي مِنكُمُ العَهدَ لي بِكُم
وَأَحسَنَ ظَنًّا مِنكُمُ بي بِكُم ظَنّي

وَقَد كُنتُ جَمَّ الخَوفِ مِن جَورِ بُعدِكُم
فَقَد نِلتُ لَمّا نالَني جَورُكُم أَمني

خَطَبتُ بِغالي النَفسِ وَالمالِ وُدَّكُم
فَقَد عَزَّ حَتّى باتَ في القَلبِ وَالذِهنِ

وَلَمّا رَأَيتُ العِزَّ قَد عَزَّ عِندَكُم
وَلا صَبرَ لي بَينَ المَنِيَّةِ وَالمَنِّ

ثَنَيتُ عِناني مَع ثَنائي عَلَيكُمُ
فَأَصبَحتُ وَالثاني العِنانَ هُوَ المُثني

وَلَيسَ أَنيسي في الدُجى غَيرُ صارِمٍ
رَقيقِ شِفارِ الحَدِّ مُعتَدِلِ المَتنِ

كَأَنَّ دَبيبَ النَملِ في جونِ مَتنِهِ
وَلَم يَرَ قَومٌ نَجلَ مازِنَ في المُزنِ

وَطَرفٍ كَأَنَّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ
فَيُسرِعُ طَورًا في المِراحِ وَيَستَأني

أَميلُ بِهِ بِالسَهلِ مُرتَفِقًا بِهِ
فَيُحزِنُهُ إِلّا التَوَقُّلَ في الحَزنِ

وَما زالَ عِلمي يَقتَفيني إِلى العُلى
فَيَسبُقُ حَتّى جاهَدَ الأَكلَ بِالأُذنِ

وَزُرتُ مُلوكًا كُنتُ أَسمَعُ وَصفَهُم
فَيُنهِضُني شَوقي وَيُقعِدُني أَمني

فَلَمّا تَلاقَينا وَقَد بَرِحَ الجَفا
رَأَت مُقلَتي أَضعافَ ما سَمِعَت أُذني

خَطَبتُ بِوُدّي عِندَهُم لاهِباتِهِم
فَأَصبَحتُ بِالعِزِّ المُمَنَّعِ في حِصنِ

إِذا ما رَأَوني هَكَذا قيلَ هاكَ ذا
وَلَو شاهَدوني راغِبًا رَغِبوا عَنّي

إِذا ما أَقَمتُ الوَزنَ في نَظمِ وَصفِهِم
تَجودُ يَداهُم بِالنُضارِ بِلا وَزنِ

تُعَيِّرُني الأَعداءُ بِالبَينِ عَنهُمُ
وَما كانَ حُكمُ الدَهرِ بِالبَينِ عَن إِذني

وَتَزعُمُ أَنَّ الشِعرَ أَحنى فَضائِلي
وَتُنكِرُ أَفعالي وَقَد عَلِمَت أَنّي

وَقَد شاهَدَت نَثري وَنَظمِيَ في الوَغى
لِهامِ العِدى وَالنَحرِ بِالضَربِ وَالطَعنِ

وَإِن كانَ لَفظي يَخرُقُ الحُجبَ وَقعُهُ
وَيَدخُلُ أُذنَ السامِعينَ بِلا إِذنِ

وَرُبَّ جَسيمٍ مِنهُمُ فَإِذا أَتى
بِنُطقٍ حَمَدتُ الصَمتَ مِن مَنطِقِ اللُكنِ

وَمُستَقبَحٍ حَتّى خَبَرتُ خِلالَهُ
فَأَيقَنَ قَلبي أَنَّهُ يوسُفُ الحُسنِ

فَإِن حَسَدوا فَضلي وَعابوا مَحاسِني
وَذَلِكَ لِلتَقصيرِ عَنها وَلِلضِغنِ

وَتِلكَ لَعَمري كَالنُجومِ زَواهِرٌ
تُقِرُّ بِها الحُسّادُ رَغمًا عَلى غَبنِ

مَحاسِنُ لي مِن إِرثِ آلِ مَحاسِنٍ
وَهَل ثَمَرٌ إِلّا عَلى قَدَرِ الغُصنِ

أَظَلُ وَأُمسي راقِدَ الجارِ ساهِرًا
سَوامِيَ في خَوفٍ وَجارِيَ في أَمنِ

كَأَنَّ كَرى عَينَيَّ سَيفُ ابنِ حَمزَةٍ
إِذا استُلَّ يَومًا لا يَعودُ إِلى الجَفنِ

فَتىً لَم تَزَل أَقلامُهُ وَبَنانُهُ
إِذا نابَ جَدبٌ نائِباتٍ عَنِ المُزنِ

وَلَو خَطَّ صَرفُ الدَهرِ طِرسًا لِقَصدِهِ
لَخَطَّ عَلى العُنوانِ مِن عَبدِهِ القِنِّ

فَتىً جَلَّ يَومًا أَن يُعِدَّ بِظالِمٍ
لِغَيرِ العِدى وَالمالِ وَالخَيلِ وَالبُدنِ

وَلا عُدَّ يَومًا في الأَنامِ بِغاصِبٍ
سِوى بَأسِ عَمروٍ وَالسَماحَةِ مِن مَعنِ

وَلا قيلَ يَومًا أَنَّهُ غَيرُ عالِمٍ
بِغَيرِ عُيوبِ الجارِ وَاللَومِ وَالجُبنِ

أَعادَ الأَعادي في الحُروبِ تَجارِبًا
جِبالًا غَدَت مِن عاصِفِ المَوتِ كَالعِهنِ

فَإِن فَلَّتِ الأَيّامُ في الحَربِ حَدَّهُ
فَما زالَتِ الأَيّامُ في أَهلِها تَجني

وَإِن أَكسَبَتني بِالخُطوبِ تَجارِبًا
فَقَد وَهَبَت أَضعافَ ما أَخَذَت مِنّي

إرسال تعليق

0 تعليقات