قبيح بمن ضاقت عن الأرض أرضه لـ صفي الدين الحلي

قَبيحٌ بِمَن ضاقَت عَنِ الأَرضِ أَرضُهُ
وَطولُ الفَلا رَحبٌ لَدَيهِ وَعَرضُهُ

وَلَم يُبلِ سِربالَ الدُجى فيهِ رَكضُهُ
إِذا المَرءُ لَم يَدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ

فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
إِذا المَرءُ لَم يَحجُب عَنِ العَينِ نَومَها

وَيُغلي مِنَ النَفسِ النَفيسَةِ سَومَها
أُضيعَ وَلَم تَأمَن مَعاليهِ لَومَها

وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ

وَعُصبَةِ غَدرٍ أَرغَمَتها جَدودُنا
فَباتَت وَمِنها ضِدُّنا وَحَسودُنا

إِذا عَجِزَت عَن فِعلِ كَيدٍ يَكيدُنا
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا

فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
رَفَعنا عَلى هامِ السَماكِ مَحَلَّنا

فَلا مَلِكٌ إِلّا تَفَيّأَ ظِلَّنا
فَقَد خافَ جَيشُ الأَكثَرينَ أَقَلَّنا

وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ

يُوازي الجِبالَ الراسِياتِ وَقارُنا
وَتُبنى عَلى هامِ المَجَرَّةِ دارُنا

وَيَأمَنُ مِن صَرفِ الزَمانِ جِوارُنا
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا

عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
وَلَمّا حَلَلنا الشامَ تَمَّت أُمورُهُ

لَنا وَحَبانا مَلكُهُ وَأَميرُهُ
وَبِالنَيرَبِ الأَعلى الَّذي عَزَّ طورُهُ

لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نِجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهوَ كَليلُ

يُريكَ الثَرَيّا مِن خِلالِ شِعابِهِ
وَتُحدِقُ شُهبُ الأُفقِ حَولَ هِضابِهِ

وَيَعثُرُ خَطوُ السُحبِ دونَ ارتِكابِهِ
رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ

إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ
وَقَصرٍ عَلى الشَقراءِ قَد فاضَ نَهرُهُ

وَفاقَ عَلى فَخرِ الكَواكِبِ فَخرُهُ
وَقَد شاعَ ما بَينَ البَرِيَّةِ شُكرُهُ

هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ
يَعُزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ

إِذا ما غَضِبنا في رِضى المَجدِ غَضبَةً
لِنُدرِكَ ثَأرًا أَو لِنَبلُغَ رُتبَةً

نَزيدُ غَداةَ الكَرِّ في المَوتِ رَغبَةً
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً

إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ
أَبادَت مُلاقاةُ الحُروبِ رِجالَنا

وَعاشَ الأَعادي حينَ مَلّوا قِتالَنا
لَأَنّا إِذا رامَ العُداةُ نِزالَنا

يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ

فَمِنّا مُعيدُ اللَيثِ في قَبضِ كَفِّهِ
وَمورِدُهُ في أَسرِهِ كَأسَ حَتفِهِ

وَمِنّا مُبيدُ الأَلفِ في يَومِ زَحفِهِ
وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ

وَلا ضَلَّ يَومًا حَيثُ كانَ قَتيلُ
إِذا خافَ ضَيمًا جارُنا وَجَليسُنا

فَمِن دونِهِ أَموالُنا وَرُؤوسُنا
وَإِن أَجَّجَت نارَ الوَقائِعِ شوسُنا

تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ

جَنى نَفعَنا الأَعداءُ طَورًا وَضَرَّنا
فَما كانَ أَحلانا لَهُم وَأَمَرَّنا

وَمُذ خَطَبوا قِدمًا صَفانا وَبِرَّنا
صَفَونا وَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا

إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
لَقَد وَفَتِ العَلياءُ في المَجدِ قِسطَنا

وَما خالَفَت في مَنشَأِ الأَصلِ شَرطَنا
فَمُذ حاوَلَت في ساحَةِ العِزِّ هَبطَنا

عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ

تُقِرُّ لَنا الأَعداءُ عِندَ انتِسابِنا
وَتَخشى خُطوبُ الدَهرِ فَصلَ خِطابِنا

لَقَد بالَغَت أَيدي العُلى في انتِخابِنا
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا

كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
نُغيثُ بَني الدُنيا وَنَحمِلُ هَولَهُم

كَما يَومُنا في العِزِّ يَعدِلُ حَولَهُم
نَطولُ أُناسًا تَحسُدُ السُحبُ طَولَهُم

وَنُنكِرُ إِن شَيئًا عَلى الناسِ قَولَهُم
وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ

لِأَشياخِنا سَعيٌ بِهِ المُلكَ أَيَّدوا
وَمِن سَعيِنا بَيتُ العَلاءِ مُشَيَّدُ

فَلا زالَ مِنّا في الدَسوتِ مُؤَيَّدُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدُ

قَؤولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعولُ
سَبَقنا إِلى شَأوِ العُلى كُلَّ سابِقِ

وَعَمَّ عَطانا كُلَّ راجٍ وَوامِقِ
فَكَم قَد خَبَت في المَحلِ نارُ مُنافِقِ

وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقِ
وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ

عَلَونا مَكانَ النَجمِ دونَ عُلُوِّنا
وَسامَ العُداةَ الحَسفَ فَرطُ سُمُوِّنا

فَماذا يَسُرُّ الضِدَّ في يَومِ سَوَّنا
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا

لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ
لَنا يَومَ حَربِ الخارِجِيِّ وَتَغلِبٍ

وَقائِعُ فَلَّت لِلظُبى كُلَّ مَضرِبِ
فَأَحسابُنا مِن بَعدِ فِهرٍ وَيَعرُبِ

وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبِ
بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ

أَبَدنا الأَعادي حينَ ساءَ فِعالُها
فَعادَ عَلَيها كَيدُها وَنِكالُها

وَبيضٌ جَلا ليلَ العَجاجِ صِقالُها
مَعَوَّدَةٌ أَلا تُسَلَّ نِصالُها

فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ
هُم هَوَّنوا في قَدرِ مَن لَم يُهِنهُمُ

وَخانوا غَداةَ السِلمِ مَن لَم يَخُنهُمُ
فَإِن شِئتِ خُبرَ الحالِ مِنّا وَمِنهُم

سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ
فَليسَ سَواءً عالِمٌ وَجُهولُ

لَئِن ثَلَمَ الأَعداءُ عِرضي بِسَومِهِم
فَكَم حَلِموا بي في الكَرى عِندَ نَومِهِم

وَإِن أَصبَحوا قُطبًا لِأَبناءِ قَومِهِم
فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قُطبٌ لِقَومِهِم

تَدورُ رَحاهَم حَولَهُم وَتَجولُ

إرسال تعليق

0 تعليقات