سل الدمع عن عيني وعن جسدي المضنى لـ علي بن الجهم

سَلِ الدَمعَ عَن عَيني وَعَن جَسَدي المُضنى
وَهَل لَقِيَت عَينايَ بَعدَكُمُ غُمضا

وَأَينَ الهَوى مِنّي وَقَد عَضَّتِ النَوى
عَلى كَبِدي الحَرّى بِأَنيابِها عَضّا

تَكُدُّ بِنا بَرًّا وَبَحرًا تَعَسُّفًا
وَتورِدُنا أَرضًا وَتُصدِرُنا أَرضا

فَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ تَضَعضَعَت
وَبِالماءِ لَم يَعذُب وَبِالنَجمِ لانقَضّا

سَأَخلَعُ ثَوبَ اللَهوِ بَعدَ أَحِبَّتي
وَأَرفُضُ طيبَ العَيشِ بَعدَهُمُ رَفضا

كَفى حَزَنًا أَنَّ الخُطوبَ سَعَت بِنا
وَأَنَّ بَناتِ الدَهرِ تَركُضُنا رَكضا

وَأَنِّيَ وَقفٌ بَينَ بَثٍّ وَلَوعَةٍ
فَلا فَرَحٌ يُرجى وَلا أَجَلٌ يُقضى

أَقولُ وَقَد عيلَ اصطِباري مِنَ النَوى
وَأَصبَحَ دَمعُ العَينِ لِلشَّوقِ مُرفَضّا

كَما قالَ قَيسٌ حينَ ضاقَ مِنَ الهَوى
فَلَم يَستَطِع في الحُبِّ بَسطًا وَلا قَبضا

كَأَنَّ بِلادَ اللَهِ حَلقَةُ خاتَمٍ
عَلَيَّ فَما تَزدادُ طولًا وَلا عَرضا

وَأَنّى أَرى بِالقَيرَوانِ أَحِبَّتي
وَأَعتاضُ مِن ضَنكٍ مُنيتُ بِهِ خَفضا

وَيَجمَعُنا دَهرٌ سَعى بِفُراقِنا
وَيَرجِعُ غُصنٌ ناعِمٌ قَد ذَوى غَضّا

إِلى اللَهِ أَشكو كُربَتي وَتَغَرُّبي
وَما رابَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَما مَضّا

بِحَبلِ أَبي مَروانَ أَعلَقتُ عُروَتي
وَحَسبِيَ إِعلاقي صَريحَ العُلا مَحضا

كَريمٌ حَوى فَخرَ الأَنامِ وُجودَهُم
يَرى الحَمدَ غُنمًا وَاستِدامَتَهُ فَرضا

كَفانا مِنَ الآمالِ مُعضِلَ أَمرِها
فَلا كاشِحٌ يَرجو لِإِبرامِهِ نَقضا

تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلًا
تَهَلُّلَ بَدرِ التِمِّ بَل وَجهُهُ أَوضا

فَتىً ما يُبالي مَن دَنا مِن فِنائِهِ
أَيَسخَطُ تَصريفُ الحُوادِثِ أَم يَرضى

أَياديكَ قَد حَمَّت وَعَمَّت مَعاشِرًا
مِنَ الناسِ يَتلو بَعضُها أَبَدًا بَعضا

إرسال تعليق

0 تعليقات