مارسيلين العصر النيتروني لـ رياض الصالح الحسين

في عصر الحب البلاستيكي والقلوب البلاستيكية
ثمة قطارات تذهب بالجنود إلى الموت في الأعياد
وثمة مهرجون يبكون على أنفسهم سرًّا
ويُضحكون الآخرين على الحلبة
في عصر المدافئ الغازية والاختناق بالغاز
أشم أصابع حبيبتي
وأشرب ذكرياتها البليدة
هذه الفتاة تثرثر كثيرًا عن الحقول
وتجمع صور الأطفال
كهاوية طوابع محترفة
حتى أنها لا تستطيع أن تقتنع
بأن الأمهات سيكففن عن الإنجاب
لأننا نعيش في العصر النيتروني
إننا نعيش في العصر النيتروني
عصر القبلات السريعة في الشوارع
والإندحار الفادح في الشوارع أيضًا
إننا نعيش عصرنا الضاري
عصر الجواسيس الذين يقدمون لك القهوة
مع المورفين
عصر الطائرات التي تطعم البشر القنابل
والألعاب
إنه عصرنا النيتروني
عصر الأحذية المثقوبة والكلابات
عصر التعب البطيء
من الساعة (صفر) حتى الساعة الخامسة والعشرين
ومن عصرنا النيتروني
عصرنا ما قبل الأخير
ندعوكم: تعالوا..
أيها البرجوازيون التعساء
تعالوا وشاركونا النحيب والسجون والأغاني
وهنالك قيد واحد وهناك أغانٍ تترية
وهنالك أسرّة بعدد العشاق
وتوابيت بعدد اللصوص
وهنا.. هنا
رجل معتم وامرأة معتمة وسبعة عيدان من الكبريت
عود كبريت واحد يكفي:
لإضاءة شمعة
أم لتفجير مدينة؟
عود كبريت واحد يكفي:
لتحضير كأسين من الشاي
أم لتحضير محرقة للملحدين؟
عود كبريت واحد يكفي:
لتنظيف الأسنان
أم لإخفاء معالم جثة مغتصبة؟
وهنا.. هنا
حتى الموتى يمكن أن يتألموا
وحتى الموتى يمكن أن يتقنوا الرقص
وحتى الموتى يمكن أن يتلوثوا
إننا ملوّثون للغاية
ملوّثون بالحروب وملوّثون بالمجاعات
نحن الموتى الموسميون:
شراييننا محقونة بالضجيج ومقابرها
محقونة بالدخان.
نحن العشاق الموسميون:
قلوبنا ملطخة بالأرق وليالينا ملطخة بالآهات
نحن العمال الموسميون:
مرهقون دائمًا وليس أبدًا
مرهقون منذ الأهرامات وحتى جوهرة
بوكاسا الفريدة
في عصر الرؤوس المفلطحة
ومصانع الحب التكنيكي
وأرغفة الجوع الفاتك
في زمننا الحقيقي الاسطوري هذا
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
لا من القبور ولا من المحيطات
لا من الكتب ولا من الجدران
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
وبأيدينا كل شيء..
بأيدينا القمصان الملطخة بالزيوت والطين
بأيدينا مساحيق الـ د. د. ت
شفرات الناسيت الحادة
انتظارنا العادل ودساتيركم البارعة
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
لسنا أشرارًا ولا مهذبين
لا نحب العنف ولا نكره الطيور
وأجسادنا تفوح دائمًا برائحة المعادن واليانسون
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
بشرفاتنا وأيامنا التي تتساقط كالذباب
بزمننا المعطوب
ببيوتنا المعطوبة
بأجسادنا المعطوبة
بأحلامنا المعطوبة وفاكهتنا المعطوبة
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
نحن مواطنو العصر النيتروني
عصر الرؤوس المزروعة بالألغام
والقلوب الطافحة بالأغاني
إنه عصرنا النيتروني
عصر المساطر والمراثي والدبابات
إنه عصرنا النيتروني
عصر الشجر النووي والعصافير النازية
والإذاعات وعصر المواعيد الفتية:
مع المدافن نهار السبت
مع الحزن نهار الأحد
مع الخنازير نهار الاثنين
مع الجنون نهار الثلاثاء
مع الرشيشات نهار الأربعاء
ومع الموت الوسيم
إنه عصر المواعيد الفتية الخائفة في جميع الليالي
وفي جميع الليالي
في جميع الليالي
لكِ موعد مع قلبي.

إرسال تعليق

0 تعليقات