كنا نغار على العواتق أن ترى لـ عدي بن ربيعة (الزير سالم)

كُنّا نَغارُ عَلى العَواتِقِ أَن تَرى
بِالأَمسِ خارِجَةً عَنِ الأَوطانِ

فَخَرَجنَ حينَ ثَوى كُلَيبٌ حُسَّرًا
مُستَيقِناتٍ بَعدَهُ بِهَوانِ

فَتَرى الكَواعِبَ كَالظِباءِ عَواطِلًا
إِذ حانَ مَصرَعُهُ مِنَ الأَكفانِ

يَخمِشنَ مِن أَدَمِ الوُجوهِ حَواسِرًا
مِن بَعدِهِ وَيَعِدنَ بِالأَزمانِ

مُتَسَلِّباتٍ نُكدَهُنَّ وَقَد وَرى
أَجوافَهُنَّ بِحُرقَةٍ وَرَواني

وَيَقُلنَ مَن لِلمُستَضيقِ إِذا دَعا
أَم مَن لِخَضبِ عَوالي المُرّانِ

أَم لِاتِّسارٍ بِالجزورِ إِذا غَدا
ريحٌ يُقَطِّعُ مَعقِدَ الأَشطانِ

أَم مَن لِاسباقِ الدِياتِ وَجَمعِها
وَلِفادِحاتِ نَوائِبِ الحِدثانِ

كانَ الذَحيرَةَ لِلزَّمانِ فَقَد أَتى
فَقدانُهُ وَأَخَلَّ رُكنَ مَكاني

يا لَهفَ نَفسي مِن زَمانٍ فاجِعٍ
أَلقى عَلَيَّ بِكَلكَلٍ وَجِرانِ

بِمُصيبَةٍ لا تُستَقالُ جَليلَةٍ
غَلَبَت عَزاءَ القَومِ وَالنِسوانِ

هَدَّت حُصونًا كُنَّ قَبلُ مَلاوِذًا
لِذَوي الكُهولِ مَعًا وَلِلشُّبانِ

أَضحَت وَأَضحى سورُها مِن بَعدِهِ
مُتَهَدِّمَ الأَركانِ وَالبُنيانِ

فَابكينَ سَيِّدَ قَومِهِ وَاندُبنَهُ
شُدَّت عَلَيهِ قَباطِيَ الأَكفانِ

وَابكينَ للأَيتامِ لَمّا أَقحَطوا
وَابكينَ عِندَ تَخاذُلِ الجيرانِ

وَابكينَ مَصرَعَ جيدِهِ مُتَزَمِّلًا
بِدِمائِهِ فَلَذاكَ ما أَبكاني

فَلَأَترُكَنَّ بِهِ قَبائِلَ تَغلِبٍ
قَتلى بِكُلِّ قَرارَةٍ وَمَكانِ

قَتلى تُعاوِرَها النُسورُ أَكُفَّها
يَنهَشنَها وَحَواجِلُ الغُربانِ

إرسال تعليق

0 تعليقات