أيها الراقد أهديك السلام
بخشوع وانكسار واحترام
من سويداء فؤاد في اضطرام
يتلظى بدموع في انسجام
منذ أدرجت وحيدًا في الرغام
لفديناك لو استطعنا فداء
وشفينا لو من الموت شفاء
ما لنا في رزئك الدهر عزاء
ليت شعري أو نحظى باللقاء
في حمى الرحمن في دار المقام
هذه الدنيا الخؤون كسراب
إن مشى الصادي اليه للشراب
وجد الله فوفاه الحساب
فاهنأ الآن بقرب وثواب
غانمًا أجر صلاة وصيام
كنت تقضي الليل والناس رقود
بين ذكر وركوع وسجود
عالمًا أنك بالتقوى تسود
واثقًا من أن في الأخرى الخلود
وكريم مثلك ليس يضام
سرنا أنك في النوم نراك
مشرقًا من شرفة القصر سناك
لم تزل أنت كما كان علاك
كيف أفلتَّ سليما من ثراك
آه لو صح لنا هذا المنام
بيتك السادر في حرز حريز
فهو يرعاه كرام الانجليز
قد أجازونا كما كنت تجيز
لم تزل أنت على الناس عزيز
فرعى الرحمن من يرعى الزمام
هذه الدنيا وما فيها عبث
همنا أكل وشرب لحدث
ثم ننحال رفاة من جدث
وإذا المرء مدى الدهر مكث
فهو بالموت كمن عمر عام
هبك يا صاحب قد نلت النجوم
أو تبقى لك أو أنت تدوم
هبك اخفقت فأضناك الوجوم
أتلوم الناس أم من ستلوم
والقضاء ليس يصغي لملام
إن يكن هذا رثاء لأبي
فهو في الأصل رثاء شعبي
لرجال ولعصر ذهبي
مَتَّ للنفس بألفي سبب
وأبي صار له مسك الختام
قد نآى عن ملكه خاوي الوفاض
فبماذا يا ترى عنه استعاض
عفوك اللهم ربي لا اعتراض
إنما سيف مقاديرك ماض
وهو مشهور علينا في ظلام
فلقد قيل حلال وحرام
وجنان قد أعدت وضرام
ويلذ الموت إن أدنى المرام
أصدقونا أيها الناس الكلام
أو هل باح بما لاقى عصام
هذه الروح من الجسم سراج
فإذا راحت غدى كالرمس داج
والردى ليس لنا منه علاج
وهو قفر هائج شر هياج
ومصير الناس ظن وكلام
هذه الأرض بما فيها تدار
وهي كالفلك ستهوي لقرار
أو ما يتلو الصعود الانحدار
فاستعدوا إنما أين الفرار
ويلنا من هول ذاك الاصطدام
إخفضي الصوت فما يجدي الصراخ
وفضاء الله مبثوث فخاخ
إسمها الأسباب والعالم شاخ
كل مقذوف إليه إن أناخ
ضج من هول بلاياه العظام
حاز من تبكين عزًا وشرف
ومن الدنيا كما شاء اغترف
ثم عنها صد طوعًا واعتكف
ونآى إذ هاتف الأخرى هتف
وبقينا نحن في شر مقام
كان للعافين بحرًا من صلاة
ولمن لاذ من الدهر نجاة
ويلنا الآن وقد صار رفاة
من لنا عند اشتداد الأزمات
وهي كالجحفل تترى في زحام
قلت لو كان لي القول يتاح
غير أني عاجز أرجو السماح
فأنا كالنسر مقصوص الجناح
أثخنته من يد الدهر جراح
فهو في أسر شجون وسقام
دالت الدولة والدنيا دول
تخفض العالي وتعلي من سفل
وجنون فيه يسعى من عقل
حبها والسم في هذا العسل
أيها الوارد في الورد الحمام
زمن راح وقد جاء زمن
طائش كالعير من غير رسن
قالب عمدا لنا ظهر المجن
نحن إن لم نحظ بالعز فمن
لا على الدنيا ومن فيها السلام
0 تعليقات