قران المشتري زحلا يرجى لـ أبي العلاء المعري

قِرانُ المُشتَّري زُحَلًا يُرَجّى
لِإيقاظِ النَواظِرِ مِن كَراها

وَهَيهاتَ البَريَّةُ في ضِلالٍ
وَقَد فَطَنَ اللَبيبُ لِما اعتَراها

وَكَم رَأَتِ الفَراقِدُ وَالثُرَيّا
قَبائِلَ ثُمَّ أَضحَت في ثَراها

تَقَضّى الناسُ جيلًا بَعدَ جيلٍ
وَخُلِّفَتِ النُجومُ كَما تَراها

قَراءُ الوَحشِ وَهيَ مُسَوَّماتٌ
بِرَبّاتِ المَعاطِفِ مِن قِراها

وَما ظَلَمَ العَشيرَ وَلا قِراهُ
ظَليمُ المُقفِراتِ وَلا قُراها

إِذا رَجَعَ الحَصيفُ إِلى حِجاهُ
تَهاوَنَ بِالمَذاهِبِ وَازدَراها

فَخُذ مِنها بِما أَدّاهُ لُبٌّ
وَلا يَغمِسكَ جَهلٌ في صَراها

وَهَت أَديانُهُم مِن كُلِّ وَجهٍ
فَهَل عَقلٌ يُشَدُّ بِهِ عُراها

أَتَعلَمُ جارِساتٌ في جِبالٍ
أَراها قَبلَها سَلَفٌ أَراها

بِما فيهِ المَعاشِرُ مِن فَسادٍ
تَوارى في الجَوانِحِ أَو وَراها

قَضاءٌ مِن إِلَهِكَ مُستَمِرٌّ
غَدَت مِنهُ المَعاطِسُ في بُراها

يَحُطُّ إِلى الفَوادِرِ كُلَّ حينٍ
مَنيعاتُ الفَوادِرِ مِن ذَراها

وَما تَبقى الأَراقِمُ في حِماها
وَلا الأُسدُ الضَراغِمُ في شَراها

تَقَدَّمَ صاحِبُ التَوراةِ موسى
وَأَوقَعَ في الخَسارِ مَنِ افتَراها

وَقالَ رِجالُهُ وَحيٌ أَتاهُ
وَقالَ الظالِمونَ بَلِ افتَراها

أَعِبرِيٌّ تَهَوَّكَ في حَديثٍ
فَباعَ المُشكِلاتِ كَما اشتَراها

وَغاياتٌ بُسِطنَ إِلى أُمورٍ
جَراها الآجِرونَ كَما جَراها

أَرى أُمَّ القُرى خُصَّت بِهَجرٍ
وَسارَت نَملُ مَكَّةَ عَن قِراها

وَكَم سَرَتِ الرِفاقُ إِلى صَلاحٍ
فَمارَسَتِ الشَدائِدَ في سُراها

يُوافونَ البَنِيَّةَ كُلَّ عامٍ
لِيُلقوا المُخزِياتِ عَلى قُراها

ضُيوفٌ ما قَراها اللَهُ عَفوًا
وَلَكِن مِن نَوائِبِها قَراها

وَما سَيري إِلى أَحجارِ بَيتٍ
كُؤوسُ الخَمرِ تُشرَبُ في ذَراها

وَلَم تَزَلِ الأَباطِحُ مُنذُ كانَت
يُدَنَّسُ مِن فَواجِرُها بُراها

وَبَينَ يَدَي جَميعِ الناسِ خَطبٌ
لَهُ نَسِيَت مُوَلَّعَةٌ غَراها

مَهالِكُ إِن أَجَزتَ الخَرقَ مِنها
فَأَنتَ سُلَيكُها أَو شَنفَراها

بَدَت كُرَةٌ كَأَنَّ الوَقتَ لاهٍ
بِها عَزَّ المُهَيمِنُ إِذ كَراها

تَبارَكَ مَن أَدارَ بَناتِ نَعشٍ
وَمَن بَرَأَ النَعائِمَ في حَراها

تَمارى القَومُ في الدَعوى وَهَبّوا
إِلى الدُنيا فَكُلُّهُمُ مَراها

وَكَم جَمَعَ النَفائِسَ رَبُّ مالٍ
فَلَمّا جَدَّ مُرتَحِلًا ذَراها

تَظَلُّ عُيونُ هَذا الدَهرِ خُزرًا
تَعُدُّ الماشِياتِ وَخَوزَراها

كَتائِبُ مِنسَراها اللَيلُ يُتلى
بِصُبحٍ يُؤمَنُ مِن سَراها

وَأَدواءٌ ثَوى بُقراطُ مَيتًا
وَجالينوسُ فادَ وَما دَراها

وَما انفَكَّ الزَمانُ بِغَيرِ جُرمٍ
طَوائِفُهُ تُطيعُ مَنِ ادَّراها

أَهَذي الدارُ مُلكٌ لِابنِ أَرضٍ
بِها رامَ المُقامَ أَمِ اكتَراها

عَلى كُرهٍ تَيَمَّمَها فَأَلقى
بِها رَحلًا وَعَن سُخطٍ شَراها

وَما بَرِحَ الوَجيفُ عَلى المَطايا
وَتِلكَ نُفوسُنا حَتّى بَراها

إِذا ما حُرَّةٌ هُرِيَت وَسيفَت
فَمَن سافَ الإِماءَ وَمَن هَراها

وَنَحنُ كَأَنَّنا هَملٌ بِجَدبٍ
عُراةٌ لا نُمَكِّنُ مَن عَراها

شَبابُكَ مِثلَ جِنحِ اللَيلِ فَانظُر
أَعادَ إِلى الشَبيبَةِ مَن سَراها

وَما نالَ الهَجينُ مِنَ المعالي
إِذا خَطَبَ الكَريمَةَ وَاستَراها

أَنَرهَبُ هَذِهِ الغَبراءَ نارًا
تُطَبِّقُ مِثلَ ما تَهوي سَراها

فَإِنَّ اللَهَ غَيرُ مَلومِ فِعلٍ
إِذا أَورى الوَقودَ عَلى وَراها

إرسال تعليق

0 تعليقات