الغدر فينا طباع لا ترى أحدا لـ أبي العلاء المعري

الغَدرُ فينا طِباعٌ لا تَرى أَحَدًا
وَفاءُهُ لَكَ خَيرٌ مِن تَوافيهِ

أَينَ الَّذي هُوَ صافٍ لا يُقالُ لَهُ
لَو أَنَّهُ كانَ أَو لَولا كَذا فيهِ

وَتِلكَ أَوصافُ مَن لَيسَت جِبِلَّتُهُ
جِبِلَّةَ الإِنسِ بَل كُلٌّ يُنافيهِ

وَلَو عَلِمناهُ سِرنا طالِبينَ لَهُ
لَعَلَّنا بِشِفا عَمرٍ نُوافيهِ

وَالدَهرُ يُفقِدُ يَومًا بِهِ كَدَرٌ
وَيَعوزُ الخِلَّ باديهِ كَخافيهِ

وَقَلَّما تُسعِفُ الدُنيا بِلا تَعَبٍ
وَالدُرُّ يُعدَمُ فَوقَ الماءِ طافيهِ

وَمَن أَطالَ خِلاجًا في مَوَدَّتِهِ
فَهَجرُهُ لَكَ خَيرٌ مِن تَلافيهِ

وَرُبَّ أَسلافِ قَومٍ شَأنُهُم خَلَفٌ
وَالشِعرُ يُؤتي كَثيرًا مِن قَوافيهِ

نَعى الطَبيبُ إِلى مُضنىً حُشاشَتَهُ
مَهلًا طَبيبُ فَإِنَّ اللَهَ شافيهِ

عَجِبتُ لِلمالِكِ القِنطارَ مِن ذَهَبٍ
يَبغي الزِيادَةَ وَالقيراطُ كافيهِ

وَكَثرَةُ المالِ ساقَت لِلفَتى أَشَرًا
كَالذَيلِ عَثَّرَ عِندَ المَشيِ ضافيهِ

لَقَد عَرَفتُكَ عَصرًا موقِدًا لَهَبًا
مِنَ الشَبيبَةِ لَم تَنضَب أَنافيهِ

وَالشَيخُ يُحزِنُ مَن في الشَرخِ يَعهَدُهُ
كَأَنَّهُ الرَبعُ هاجَ الشَوقَ عافيهِ

وَمَسكَنُ الروحِ في الجُثمانِ أَسقَمَهُ
وَبَينُها عَنهُ سُقمٍ يُعافيهِ

وَما يُحِسُّ إِذا ما عادَ مُتَّصِلًا
بِالتُربِ تَسفيهِ في الهابي سَوافيهِ

فَما يُبالي أَديمٌ وَهيَ جانِبُهُ
وَلا يُراعُ إِذا حُدَّت أَشافيهِ

وَحَبَّذا الأَرضُ قَفرًا لا يَحُلُّ بِها
ضِدٌّ تُعاديهِ أَو خِلمٌ تُصافيهِ

وَما حَمِدتُ كَبيرًا في تَحَدَّ بِهِ
وَلا عَذَلتُ صَغيرًا في تَجافيهِ

جَنى أَبٌ وَضَعَ ابنًا لِلرَدى غَرَضًا
إِن عَقَّ فَهوَ عَلى جُرمٍ يُكافيهِ

إرسال تعليق

0 تعليقات