كنجمة في السماء كوعل في الغابة لـ رياض الصالح الحسين

أمامي الكثير لأعطيه
وخلفي الكثير للمقابر
أمامي النهر ورائحة الصباح والأغاني
البشر الرائعون والسفر والعدالة
وخلفي الكثير الكثير
من الكهنة والتماثيل والمذابح
وها أنذا أمشي وأمشي
بين هزائمي الصغيرة وانتصاراتي الكبرى
وها أنذا أمشي وأمشي
متألقًا كنجمة في السماء
وحُرًّا كوعل في الغابة
لي وطن أحبه وأصدقاء طيّبون
بنطال وحذاء وكتب ورغبات
ووقت قليل للرقص والجنون والقنبلة
لقد بدأت أتعلم كيف أبتسم وأقول وداعًا
وبدأت أتعلم كيف أتألم
بعيدًا عن الضجيج والعواصف
أما الكلمة الجميلة، الجميلة
التي تشبه طائرًا أبيض
والتي تشبه شجرة في صحراء
فلقد اكتشفتها متأخرًا قليلًا
مثلما تكتشف السفينة اتجاهها
ومثلما يكتشف الطفل أصابعه وعينيه
لذلك أمشي وأمشي وأمشي
فأمامي الكثير لأعطيه
وخلفي الكثير للمقابر
ولذلك أمشي وأمشي وأمشي
ولا أنتظر أن ينتهي طريقي
هذه صخرة وهاتان عينان
هذا قمر وتلك أوزة
وثمة أشياء كثيرة لم أكن أراها:
أيدي الأمهات
أكياس الطحين
وطلاب المدارس
إنّني أفتح عيني كنبع صغير
وأتحرك برشاقة الرعاة
فلقد بدأت أعلم
-وربما متأخرًا قليلًا-
أن آلاف الحروب وملايين الجرائم
لم تستطع منع القطة من المواء عندما تجوع
والوردة من أن تتفتح
والمطر من أن ينهمر بغزارة...
لذلك أمشي وأمشي وأمشي
متألقًا كنجمة في السماء
وحُرًّا كوعل في الغابة
وعندما أصل إلى البيت
وحيدًا أو عاشقًا
مرحًا أو حزينًا
أعترف لنفسي بأخطائي القليلة
وأنتظر:
عشب الطريق
هدير القطارات
وعمال المصانع
ولون السماء في الصباح الباكر
الباكر
الباكر

إرسال تعليق

0 تعليقات