تنازع في الدنيا سواك وما له لـ أبي العلاء المعري

تُنازِعُ في الدُنِّيا سِواكَ وَما لَهُ
وَلا لَكَ شَيءٌ بِالحَقيقَةِ فيها

وَلَكِنَّها مِلكٌ لِرَبٍّ مُقَدِّرٍ
يُعيرُ جَنوبَ الأَرضِ مُرتَدِ فيها

وَلَم تُحظَ في ذاكَ النِزاعِ بِطائِلٍ
مِنَ الأَمرِ إِلّا أَن تُعَدَّ سَفيها

أَيا نَفسِ لا تَعظُم عَلَيكِ خُطوبُها
فَمُتَفِقوها مِثلُ مُختَلِفيها

وُصِفتِ لِقَومٍ رَحمَةً أَزَلِيَّةً
وَلم تُدرِكي بِالقَولِ أَن تَصفيها

تَداعَوا إِلى النَزرِ القَليلِ فَجالَدوا
عَلَيهِ وَخَلّوها لِمُغتَرِفيها

وَما أُمُّ صِلٍ أَو حَليلَةُ ضَيغَمٍ
بِأَظلَمَ مِن دُنياكِ فَاعتَرِفيها

تُلاقي الوُفودَ القادِميها بِفَرحَةٍ
وَتَبكي عَلى آثارِ مُنصَرِفيها

وَلَم يَتَوازَن في القِياسِ نَعيمُها
وَسَيِّئَةٌ أَودَت بِمُقتَرِفيها

وَأَرزاقُها تَغشى أَناسًا بِفَترَةٍ
وَتَقصُرُ حينًا دونَ مُكتَرِفيها

وَما هِيَ إِلّا شاكَةٌ لَيسَ عِندَها
وَجَدِّك إِرطابٌ لِمُختَرِفيها

فَنالَت عَلى الخَضراءِ شُربَ كُميتَها
وَغالَت عَلى الغَبراءِ مُعتَسِفيها

كَما نُبِذَت لِلوَحشِ وَالطَيرِ رازِمٌ
فَأَلفَت شُرورًا بَينَ مُختَطِفيها

تَناءَت عَنِ الإِنصافِ مَن ضيمَ لَم يَجِد
سَبيلًا إِلى غاياتِ مُنتَصِفيها

فَأَطبِق فَمًا عَنها وَكَفًّا وَمُقلَةً
وَقُل لِغَوِيِّ القَومِ فاكَ لَفيها

كَأَنَّ الَّتي في الكَأسِ يَطفو حَبابُها
سِمامُ حُبابٍ بَينَ مُرتَشِفيها

تُتابِعُ أَجزاءَ الزَمانِ لَطائِفًا
وَتُلحِقُ تَفريقًا بِمُؤتَلِفيها

إرسال تعليق

0 تعليقات