طال ليلي أراقب التنويرا لـ عدي بن زيد العبادي

طالَ لَيلي أُراقِبُ التنويرا
أَرقُبُ الصُّبحَ بالصَّباحِ بَصِيرا

إثرَ لَيلَى تَحَمَّلَت ثُمَّ بانَت
لَم تُعَرِّج ولَم تُواجِر أَمِيرا

طارَ صَبري فلم يُلاَمُ صَبري
حِينَ عانَ على الجمَال الخُدورا

وعَدَتني ومَنَّتِ الخُلدَ مِنها
قَد تُواتيكَ أو تَجيءَ يَسيرا

وإذا الوَصلُ لَم يُواتِيكَ إلاَّ
نَكَدًا أو مُقَلَّلًا مَخفُورا

أو كَمَاءِ المثمُودِ بعدَ جِمَامٍ
زَرِمِ الدَّمعِ لا يَؤُوبُ نَزُورا

شَطَّ وَصلُ الَّذي تُرِيدينَ مِنيِّ
وصَغيرُ الأُمورِ يَجني الكَبيرا

قَد أَرانا وأَهلَنا بحَفيرٍ
نَحسَبُ الدَّهرَ والسِّنينَ شُهُورا

فأَمِنَّا وغَرَّنا ذاكَ حتَّى
راَعَنا الدَّهرُ قد أتانا مُغيرا

إنَّ للِدهَّهرِ صَوَلةً فاحذَرَنها
لا تَبِيتَنَّ قد أَمِنتَ الُّدهُورا

قد يَنامُ الفَتَى صَحيحًا فَيَردَى
ولقَد باتَ آمنًا مَسرورا

إنَّما الدَّهرُ لَيِّنٌ ونَطُوحٌ
يَتُركُ العَظمَ واهِيًا مَكسورا

فاسأَلِ النَّاسَ أَينَ آلُ قُبَيسٍ
طَحطَحَ الدَّهرُ قَبلَهُم سابُورا

خَطِفتَهُ مَنِيَّةٌ فَتَرَدَّى
وَهوَ في ذاكَ يَأمُلُ التَّعميرا

ولقَد كانَ ذا جُنُودٍ وتاجٍ
تَرهَبُ الأُسدُ صَولَهُ والزَّئيرا

وبَنُو الأَصفَرِ الكِرامِ مُلُو
كُ الرُّومِ لَم يَبقَ منهُمُ مَذكورا

فادعُ نَفسًا لرُشدها قَبلَ هُلك
إنَّما الهُلكُ أن تَزُورَ القُبورا

لا تَنَاَمَنَّ كُلَّ يَومِكَ جَهلًا
وتَذَكَّر وحادِثِ التَّذكيرا

واكسِبِ النَّفسَ في البَراءَةِ عُذرًا
وجَوازًا يُيَسِّرُ التَّعسيرا

أَيُّهَا المُبتَغي سَبِيلَ نَجَاةٍ
أَشعِرِ البِرَّ في الفُؤادِ ضَميرا

إنَّ يَومَيكَ يُوشكُ اليَومَ فاعلَم
أَيُّ يَومَيكَ منهُما منهُما أن يَدورا

لا أَرى الَموتَ يَسبِقُ الَموتَ شَيئًا
نَغَّصَ الَموتُ ذا الغنَى والفَقيرا

يُدركُ الآبِدَ الغَرُورَ ويُر
دي الطَّيرَ في النَّيقِ يَنتئَين الوُكُورا

أَينَ أَينَ الفِرارُ مِمَّا سَيَأتي
لا أَرَى طائرًا نَجَا أن يَطيرا

أَيُّهَا النَّائِمُ الُمغَفَّلُ أَبِصر
أن تَكُونَ المُضَلَّلَ الَمغرورا

ودَعَِ النَّفسَ عَن هَواها حِفاظًا
أن تَكُونَ الُمبَادَرَ المَبدورا

أَينَ آباؤُنا ونَحنُ نُرَجِّي
بَعدَ آبائنَا الخُلُودَ غُرورا

وَالمَنايا مَعَ الغُدُوِّ رَواحٌ
كُلَّ يَومٍ نَرَى لَهُنَّ عَقيرا

كَم تَرَى اليَوَم مِن صَحيحٍ يُمَشِّي
وغَدا حَشوَ ريِطةٍ مَقبورا

وصَريعٍ مُضَرَّجٍ بِدماءٍ
أَجَزرَتهُ قَنَا الُحرُوبِ النُّسورا

شَدَّتِ الَحربُ شَدَّةً فَحَشَتهُ
لَهذَمًا ذا سَفَاسِقٍ مَطرورا

فامشِ قَصدًا إذا مَشَيتَ وأَبصِر
إنَّ في القَصدِ مَنهَجًا وجُسُورا

إنَّ في القَصدِ لاِبنِ آدَمَ خَيرًا
وسَبيلًا عَلَى الضَّعيفِ يَسيرا

إرسال تعليق

0 تعليقات