سيدي أنت عمدتي فاحتملني لـ لسان الدين بن الخطيب

سَيِّدِي أَنْتَ عُمْدَتِي فَاحْتَمِلْنِي
وَتَغَمَّدْ بالْفَضْلِ مِنْكَ جَفَائِي

مُبْتَلىً أَنْتَ بالْبَرابر وَالغُزِّ
وَأَهْلِ الجِبَالِ والْصَّحْرَاءِ

وَذَوِي أَيْنَقٍ وَاَهْلٍ حَمِير
وَرِجَالٍ وَصِبْيَةٍ وَنِسَاءِ

وَبَوَادٍ يَجْري لَكَ الجِلْفُ مِنْهُمْ
بِكِسَاءٍ طَوْرًا وَدُونَ كِسَاءِ

تَرْفَعُ الصَّوْتَ إِنْ مَرَرْتَ عَلَيْهِمْ
كَالْكَرَاكِيِّ أَوْ بَنَاتِ الْمَاءِ

وَإذَا مَا اعْتَذَرْتَ لَمْ يَقْبَلُوا الأَعْ
ذَارَ خُصَّ القَبُولُ بِالعُقَلاَءِ

وَشُيُوخٍ بِيْضِ اللِّحَى خَضَبُوا الأَرْ
جُلَ مِثْلَ الحَمَامِ بِالْحِنَّاءِ

وسُعَاةٍ ذَوِي اجْتِدَاءٍ وَإِلْحَا
فٍ شَدِيْدٍ يَأْتُونَ بَعْدَ العِشَاءِ

وَأَفَارِيدَ يَسْرُدُونَ دَوِيًّا
كَدَوِيِّ الرَّحَى قَلِيلِ الغَنَاءِ

يَكْتُبُ الشَّخْصُ مِنْهُمُ أَلْفَ حَوْلٍ
وَهْوَ لاَ يَسْتَبِينُ شَكْلَ الْهِجَاءِ

غَيْرَ ذَالٍ تُرَدُّ إلًا وَطَاءٍ
جُعِلَتْ نَائِبًَا مَنَابَ الظَّاءِ

وَحبِيسٍ كَلاَمُهُمْ يُشْبِهُ الخَط
طاف عِنْدَ انْفِجَارِ خَيْطِ الضِّيَاءِ

وَتُيُوسٍ مِنْ أَرْضِ أَنْدَلُسٍ قَدْ
قَصَدُوا عَنْ ضَرُورَةٍ وَجَلاَءِ

كَانَ مِنْهُمْ مَرْزَبَةٌ وَسِوَاهُ
وَهْوَ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الظُّرَفَاءِ

وَذَوُو كُدْيَةٍ وَقَوْمٌ أُسَارَى
عَبَرُوا الْبَحْرَ رَغْبَةً فِي الفِدَاءِ

أوْقَحُ القَوْمِ ضَجَّتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ
نَبَذُوا كُلَّ حِشْمَةٍ وَحَيَاءِ

وَسِعَ الْكُلَّ مِنْكَ خُلْقٌ جَمِيلٌ
وَجَنَابٌ لِلْفَضْلِ رَحْبُ الفِنَاءِ

وَتَوَلَّوْا عَلَى انْفِرَادٍ يَبُثُّو
نَ وَقَدْ أُسْعِفُوا حَمِيدَ الثَّنَاءِ

مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ سِوَاكَ عَلَى الْ
خِدْمَةِ بُورِكْتَ أَوْ علَى الثُّقَلاَءِ

إنَّمَا أَنْتَ لِلْبَرِيَّةِ كَهْفٌ
وَمَلاذٌ فِي شِدَّةٍ وَرَخَاءِ

أَيْنَ ثِقْلِي إِذَا فُرِضْت ثَقِيلًا
وَكَثِيرَ الْجَفَاءِ مِنْ هَؤُلاءِ

وَمُقَامِي نَزْرٌ وَأَصْرِفُ وَجْهِي
لِسَلاَ حَيْثُ مَعْدِنُ الحُمَقَاءِ

فَأَعِنِّي وَاْصْرِف لِتَجْدِيدِ مَا أَص
دَرْتَ وَجْهَ الأَمَاجِدِ الحُسَبَاءِ

وَأَعِدْنِي لِخَلْوَتِي عَنْ قَرِيبٍ
لاَ تُعَذِّبْ قَلْبي بِطُولِ الثَّوَاءِ

خَالِصًا عِنْدَ كُلِّ سِرٍّ وَجَهْرٍ
لَكَ حُبِّي وَمِدْحَتِي وَدُعَائي

أَنْتَ أَنْقَذْتَهُ وَلَيْسَ لَهُ إِل
لاكَ فِي كُلِّ غَايَةٍ وَابْتِدَاءِ

خَتَمَ اللهُ بِالْرِّضَى يَا ابْنَ رِضْوَا
نٍ لَكَ العُمْرَ بَعْدَ طُولِ البَقَاءِ

إرسال تعليق

0 تعليقات