رَحمةٌ يا أبا بصيرَ وَنُعمَى
أَذِنَ اللَّهُ أن تُحَلَّ وتُحْمَى
جاءك الغوثُ فانطلقتَ حثيثًا
سِرْ طليقًا كفاكَ حَبْسًا وَهَمّا
أنت أفلتَّ من حَبائِلِ قومٍ
ذُقْتَ منهم أذىً كثيرًا وَظُلما
جَعَلُوا الحقَّ خَصمَهُم مِن غَبَاءٍ
وغَبِيٌّ من يجعل الحقَّ خَصما
جِئتَ دَارَ النبيِّ فادخُلْ وَسَلِّمْ
وَارْعَ حقَّ المقامِ رُوحًا وجسْما
كَم تَمنّيتَ أن ترى لك حصنًا
فَتَأمَّلْ حُصونَ ربِّكَ شُمَّا
وَارْضَ حُكمَ الرسولِ إنّكَ مَرْدُو
دٌ ومَنْ مِثْلُهُ قضاءً وحُكما
ذَا خُنَيْسٌ وذا كتابُ ابنِ عَوْفٍ
فَالْزَمِ الصَّبْرَ أصبحَ الأمرُ حَتما
سألا العهدَ عِندَ أكرمِ مَسْؤُو
لٍ فأعطاهما وَفَاءً وَحِلما
انقلبْ يا أبا بَصيرَ فليسَ ال
دينُ دينُ الهُدَاةِ غَدْرًا وإثما
حَسْبُكَ اللَّهُ إنّهُ لَكَ عَوْنٌ
وسيكفيكَ كلَّ خطبٍ ألمَّا
هو مولى المستضعفينَ ينجّي
همْ إذا ما طَغَى البَلاءُ وطَمَّا
عاد يُخفي لصاحِبَيْهِ مِنَ الشن
آنِ ما يَملأُ الجوانِحَ سُمَّا
وشَفَاهَا بذِي الحُلَيْفَةِ نَفْسًا
أوشكَتْ أن تزولَ هَمًّا وغَمّا
نظر السيفَ في يَدَيْ أحدِ الخَصْ
مَيْنِ يُبدي من المنيّةِ وَسْما
وَهْوَ يُطْرِيهِ في غُرورٍ وَيَسْقِي
هِ نُفُوسَ الكُماةِ ظَنًّا وَزَعْما
قال بل أعطنيهِ أَنْظُرْهُ إنّي
بسجايا السُّيوفِ أكثرُ علما
ثم غشَّاهُ ضربةً عَلَّمَتْهُ
كيف يخشى الهِزبرَ مَن كان شهما
جاء يصطاده غُروًا فأردا
هُ وكان الغُرورُ شرًّا وَشُؤما
صدَّ عنه رَفيقُهُ وتولَّى
يتوقَّى قَضاءَهُ أن يَحُمّا
طار يهفو كالسّهمِ يَمضِي بعيدًا
وهو أنأَى مَدَىً وأبعد مَرْمَى
طَلَبَ السّيف نفسَهُ وَهْيَ وَلْهَى
لو تذوقُ الردَى لما مَرَّ طَعْما
كذب الوهمُ ما الحياةُ سِوَى الأم
نِ وشرُّ الأمورِ ما كان وَهْما
وَقَعَ الطّائِرُ المُسِفُّ على النَّس
رِ الذي يملأُ السماواتِ عَزْما
الرسول الذي تَدينُ له الأر
ضُ وتهفو إليه حَرْبًا وسِلما
قال إنّي لهالِكٌ فأَجِرْنِي
لا تَدَعْنِي لبعضِ صحبِكَ غُنْما
رُدَّ عنّي أبا بصيرٍ فحسبي
ما جناهُ عليَّ صَدْعًا وكَلْما
جَرَّعَ الحتفَ صاحبي وانبرى يط
لبُ قَتلِي لِيُتْبِعَ الجُرمَ جُرما
إنّه جاءَ راكضًا يحملُ السَّي
فَ فهب لي دَمِي لَكَ الشّكرُ جَمَّا
عَفَّ عنه وقال ما ثَمَّ شَيءٌ
يا نَبِيَّ الهُدَى أرى الأمرَ تَمّا
صَدَقَ العَهدُ وانقَضَى الردُّ فانظرْ
ما تَرَى فاقضِهِ سَدادًا وَحَزْما
قال فاذْهبْ فقد بَرِئْتَ وظُلمٌ
أن يُلامَ البريءُ أو أن يُذَمّا
لك ما شِئْتَ أن تَحُلَّ من الأر
ضِ سِوَى أرضِ يثربٍ أو تَؤُمّا
فتولَّى إلى مكانِ يَزيدُ ال
كفرَ والكافِرينَ خَسْفًا وَرَغْما
كلُّ مالٍ تُقِلُّ عِيرُ قُريشٍ
بين عينيهِ ظاهرٌ ليس يُكْمَى
إنّه الأرقمُ الأصَمُّ تَداعَتْ
فارتمتْ حوله الأراقمُ صُمّا
مُؤمِنٌ حلَّ في العراءِ مَحَلًّا
جَمَعَ المؤمنينَ فيهِ وَضَمَّا
أقبلوا يَنسلون مِن كلِّ أَوبٍ
يَطلبونَ المَصَالَ قَرْمَا فقرما
لمَّ ذو العرشِ شَملهم بعد صَدْعٍ
وَخَلِيْقٌ بشَملِهِم أن يُلَمَّا
يا أبا جندلٍ عليك سلامٌ
جِئتَ بالخيلِ تَرجُمُ الأرضَ رَجْما
اغتَفِرْ ما جَنَى أبوك سُهَيْلٌ
يومَ يطغَى عليك ضَربًا ولَطْما
إنّما الصابِرونَ أوفى نَصيبًا
يا أبا جَندلٍ وأَوفرُ قِسْما
أعملوا القتلَ والنِّهابَ وَرَدُّوا
كلَّ غُنمٍ أصابه القومُ غُرْما
غارةٌ بعد غارةٍ تأكلُ الما
لَ وتَطوي الرجالَ خَضْمًا وَقَضْما
زُلزِلُوا من أبي بَصيرٍ بخطبٍ
بالغٍ صَدْعُهُ أبَى أن يُرَمّا
مِخذَمٌ قاطعٌ ومِسْعَرُ حربٍ
جَرَّبتْهُ البِيضُ القواطِعُ قِدْما
ضاقتِ السُّبْلُ والفجاجُ عليهم
واستحالَ الفضاءُ سَدًّا ورَدْما
عادَ رَتْقًَا كأنّه سدُّ يأجو
جَ ومأجوجَ ما ترى فيه ثَلْما
جأروا يشتكون وادَّكروا الأر
حامَ يستشفعون جُبْنًا ولُؤْمَا
واستمدّوا الحنانَ من أعظمِ النّا
سِ حَنانًا وأقربِ الرُّسْلِ رُحْما
قال ذُو أمرِهِم أَغِثْنا ولا تَعْ
نَفْ علينا إنّ القلوبَ لَتَعْمَى
أفْسَدَ العهدُ أمرَنَا فَعَرفْنا
هُ وماذا لنا إذا الأمرُ غُمّا
قد تركنا لك الرجالَ فأمسِكْ
كلَّ من شِئتَ مِنهُمُ أن تُذِمّا
حَسْبُنا السّلْمُ يا مُحمدُ إن تَبْ
سُطْ علينا ظلاله فَنِعِمّا
بدَّدَ الضُرَّ والأذى بكتابٍ
نَظَمَ البِرَّ والمُروءةَ نظما
لم يَدَعْهُ أبو بَصيرٍ وَرَامِي ال
موتِ يُلقي عليهِ سَهْمًا فسهما
جادَ بالنّفسِ وهو في يدِهِ يَت
لُوهُ ما أعظَمَ المقامَ وأسمى
آخرُ الزادِ إن أردنا له اسمًا
وأراهُ أجلُّ من أنْ يُسَمَّى
قال أَقْبِلْ وَفَرِّقِ النّاسَ وليع
فوا فحسبُ الطُّغَاةِ قَمْعًا وَوَقْما
رَجَعَ القومُ راشدينَ ومن أر
شَدُ مِمَّنْ رَمَى الضلالَ فَأَصْمَى
وأبو جندلٍ يؤمُّ رسولَ الل
هِ في رُفْقَةٍ إلى اللهِ تُنْمَى
كوكبُ الحقِّ والهدى يَتَلَقَّى
من ذويهِ الهُداةِ نَجمًا فنجما
طَلَعُوا والزمانُ أسوَدُ داجٍ
فجلوا من ظلامِهِ مَا ادْلَهَمَّا
وَرَمَوْا بالشُّعاعِ مقتلَ دِينٍ
ردَّ وجهَ الحياةِ أغْبَرَ جَهْما
اعْرِفِ الحقَّ لا تَرُعْكَ الدَّعاوى
فالمروآتُ والمناقبُ ثَمَّا
أيُّ مجدٍ في الأرضِ أو أيُّ فضلٍ
لم يكونوا له أساسًا وَجِذْما
إن في حِكمَةِ الرسولِ لَذِكْرَى
للبيبٍ أصابَ عَقْلًا وفهما
هَدمَ الله ما بنى العهدُ من آ
مالِ قومٍ يبغونَ للدينِ هَدْما
كم رأوا من مَشَاهِدِ الوهمِ فيه
مَشهدًا رائعَ التهاويلِ فخما
لاَ يَغُرَّنَّهم من الغيثِ وَكفٌ
إنّه السيلُ مُوشِكٌ أن يَعُمَّا
هِمَّةٌ من هُدَى الرسولِ وَلُودٌ
تُورِثُ الشِّرْكَ والضَلالَةَ عُقْما
لم تزل تَضرِبُ الطواغيتَ حَتَّى
جَرَّعَتْها الرُزأَيْنِ ثُكْلًا وَيُتْما
إنّ للحقِّ بعدَ لينٍ وضعفٍ
قُوَّةً تَحسمُ الأباطيلَ حَسْما
0 تعليقات